JustPaste.it

ا.د لطف الله خوجة 

‏ما خرجت يوما إلى مكان عام: سوق، أو مطار، مستشفى.. إلا ورجعت أحمل كآبة وألما!

‏مما أرى من كشف البنات للوجه، بعلم ودراية أوليائهن، حتى صارت الزينة الباطنة ظاهرة، فما نهين عنه أبدينه، فلم يعد للمحارم على الأجانب تميز.

‏فما الذي حملهم على النزول من الأعلى للأدنى، أهو جهل بالحكم، أم شبهة، أم إكراه، أم رعونه وخفة، أم هوى وشهوة، وإيثار للعاجلة على الآخرة؟

‏فأما من جهل الحكم فسبيله العلم، فالنص على التغطية محكمة؛ فقد أمر الله أزواج النبي بالإدناء؛ لستر سائر الجسد، وإذا كن أمرن بهذا، فسواهن أولى.

‏فهذا حكم الآية:(يدنين عليهن من جلابيبهن). قال ابن عباس في هذا: أمر الله نساء المؤمنين إذا خرجن من بيوتهن:أن يغطين وجوههن، ويبدين عينا واحدة.

‏وبتفسير ابن عباس سار عامة المفسرين، فهذا نص صريح على تغطية الوجه، يوافقه في المذهب ابن مسعود؛ فقد فسر آية الزينة: (ولا يبدين زينتهن إلا ..

‏إلا ما ظهر منها). قال: الثياب. أي الذي يجوز إبداؤه، ليس الوجه. قال أهل العربية في الإدناء: هو تغطية الرأس والوجه. جاء عن الزمخشري وابن حيان.

‏وعلى هذا اتفاق المسلمين العملي قرونا إلى ما قبل الاستعمار، فلم يكن النساء يخرجن سافرات، حكى ذلك: الجويني، والغزالي، وابن حجر، وابن حيان.

‏فلم يدخل على الأمة هذا السفور الفاضح إلا من الاحتلال الكافر للبلاد، حيث أولى مهامه: نزع الحجاب، وإخراج المسلمة من خدرها؛ للفساد كفساد أوربا.

‏‏أما الشبهة، فتأتي من ملبس؛ يحتج بالمتشابه، أو يتتبع الخلاف دون تمييز، لكن ثمة قال بالكشف وقصده الصلاة لا خارجها، وآخر عنى القواعد لا الشابة.

‏فبدّ فهم قول العالم على وجهه، فمجوز الكشف عنى به: في الصلاة، والقواعد. أما الشابة فمتفق على وجوب تغطيتها الوجه، لو لم يكن للعورة، فللفتنة.

‏يبقى أن هناك من أجاز مطلقا، وهذا لا يكاد يعرف إلا في المعاصرين، أما المتقدمون فلم يجيزوا كشفا بإطلاق، بل من مذهبه الكشف يحرمه على الشابة.

‏فالمعاصر الذي أجاز الكشف مطلقا خالف وابتدع قولا غير معروف عند الأولين، إلا أن يكون خفيا، ولا ينبغي تتبع خفايا الأقوال وغرائبها كرخص الفقهاء.

‏وقد شبه هؤلاء أخرى؛ لما زعموا أن الكشف قول جمهور، وليس كذلك، بل الجمهور على التغطية، فهو النص عن ابن مسعود وابن عباس، وأما عن غيرهما فمحتمل.

‏وهو مذهب أحمد، والشافعي، ولمالك نصوص ظاهرة في التغطية، وأما أبو حنيفة وصاحباه فبالكشف، لكن في الأحناف من يقول بالتغطية مطلقا، وفي الشابة.

‏ثم كيف يشتبه على فطن أمر كهذا؟
هل ثبوت الفتنة بوجه المرأة يحتاج لبيان؟
وإذا طلب خطبة المرأة فبأي شيء يبتدئ نظره، وهل وقع غرام إلا بالوجه!

‏وقد وصف المرأة بالفتنة، وأمر باتقائها، فكيف يصح عقلا: الإذن لها بكشف مجمع الفتنة بغير ضرورة لازمة، وكيف يأمر بغض البصر حينئذ، أليس هو من ..

‏من قبيل قول القائل:
ألقاه في اليم مكتوفا وقال له
إياك إياك أن تبتل بالماء
فهل هذا إلا تكليف بما لايطاق: أن يبيح لها الكشف، وعلى الرجال الغض؟

‏وقد عرف من نهج الشارع: أنه إذا نهى عن شيء، وأمر باتقائه: أن يمنع الذرائع إليه. وأعظم ذريعة للمرأة والفتنة بها: رؤية مجمع حسنها، والخلطة بها.

‏فما كان للشرع أن يتناقض في أحكامه، إنما هي العقول التي نقصت عن الكمال، فلم تفهم عن الله ورسوله مراده، فلا مصلحة ولا ضرورة من استدامة الكشف.

‏ذكر بعضهم: أن مصلحة الكشف بادية في الابتياع والشهادة. وهو باطل، فلا الشهادة ولا البيع مستديم، فكيف يستدل بغير المستديم على جواز مستديم؟!

‏عن الإكراه؛ وهو اضطرار بعض للكشف مسايرة للمحيط، من عائلة، أو قرابة، أو مجتمع. خشية من تسلط، وضعفا عن مقاومة؛ إذ هذا حكم المتسيد المستبد!

‏وهذا في الناس كثير، فلو تركوا وشأنهم لما فعلوه، لكنهم في حالة إكراه، لا يجدون بدا من الانصياع، وإلا خسروا منافع ليسوا في غنى عنها.

‏‏في هذه الحالة، يجب على هذا: أن يعرف ما دينه فيتبعه، ويعصي من يأمره بسخط الله، فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، والكشف للشابة معصية باتفاق.

‏والمؤمن قوي بربه، وهذا موضع امتحان، فإذا ضاده أحد على أمر الله، فرضاه أولى، فهو المهيمن الجبار، من أرضاه في سخط الناس، رضي عنه وأرضى الناس.

‏والمرأة صاحبة الشأن، هي التي تشقى أو تسعد، فليس آمرها بنزع الحجاب لها بنافع، ولا من عذاب عنها بدافع، ولايمحو عنها إثما اعتذارها بسلطة الولي.

‏فمهما احتمل وليها، فهي للبلاء والوبال من وراء التحلل من حجاب أحمل، فلا ينبغي أن تتبع في دينها من لا يأمرها بأفضل ما أمر الله، ولو كان قريبا.

‏فلاإكراه إلا على ضعيف في دينه، خائف على دنياه، غير موقر لمولاه، إلا أن يخشى قطيعة رحم؛ يجد من رحمه إغراء بنزع حجاب زوجه، أو تجد ذلك من أهلها

‏في هذه الحالة عليه - وعليها - التمسك والإصرار على رضى الله، مع الصبر والإحسان إليهم، فهذا أمر الله في الأبوين إذا أمرا بالشرك، فما دونه أولى

‏أما الرعونة، فهي خلق الإمعة، يتبع الناس في إحسانهم وإساءتهم، فلاترى له مذهبا سوى أن يكون ذنبا، ويهون عنده العظائم تقليدا لمن سواه، فما أبعده

‏وهذا النوع لا يبالي بحرمه، يستوي عنده الحشمة والتكشف، ميزانه تبع لغيره، فما أشقاه، وأشقى محارمه به، لا كثره الله، لا ترى له حسنة في أهله!

‏وإذا تمادى به هذا الحال السيء، لربما هان عليه هتك عرضه، فدخل في زمرة أهل الدياثة، الذي يرضى في أهل الخبث؛ من زنا ونحوه، فهو به فاسق فاجر.

‏ولا دواء للديوث، إلا ينزع الله روحه فيرديها، أو تنزع منه محارمه، فليس بمأمون عليهم، بل هو عدو لهم كعداوة الشيطان أو أشد، والله يهدي من يشاء.

‏خلاصة القول: أن تدرك المرأة أن الإسلام مستهدف من قبلها؛ قد خطط العدو الصليبي منذ الاستعمار، لنزع غطاء الوجه أولا بدعوى أنه خلاف، ثم الحجاب.

‏فالمرأة محور التغريب، والعلمنة، والأمركة، الذي معناه: سلخنا من ديننا. والبداية كشف الوجه، ثم الاختلاط، ثم الطبيعة الغريزية تأخذ مجرها!

‏فمن مقاوم فتنة المرأة وقد أحاطت به في كل مكان، مجاهد لهواه، صابر عن شهوته، ومن مقتحم للمهالك، طالب للرزايا، وقد كانوا قبل بأمن حين حجابها.

‏وأكثر من يعاني فئة الشباب، وفيهم غريزة ثائرة، وفتنة حاضرة، فهم في عنت إلا أن يعصمهم الله، والفتاة السافرة غافلة لاتدري ما صنعت بقلوبهم.

‏فالمنافقون هم الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا، فهم دعاة السفور والاختلاط، مع علمهم الكامل: أن من وراء ذلك الفاحشة والفساد.

 

مقالات الشيخ السابقة 

الرد على الددو حول تقريره لمذهب السلف في العقيدة 

https://justpaste.it/12ici

نشاة التاويل 

https://t.co/DA0kIJTRsV

نشاة التصوف 

https://justpaste.it/12h75

قصة السنيما 

https://t.co/RFfiKtd13E‎

حسابات الشيخ 

 LMKHOJAH@

 

khojah10@

 

قناة د. لطف الله خوجه


https://t.me/lkhojah