بسم الله الرحمن الرحيم
كلمات في رثاء الشيخ القائد أبي الفرج المصري -تقبّله الله-
الحمد لله والصّلاة والسّلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد ؛
يقول الباري جلّ في علاه : {وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قُتِلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ} .
سبحان الذي أنعم على عباده بالجهاد في سبيله في خيرة الله من أرضه ، والحمد له وحده أن وفّقهم لتقديم خيرة فرسانهم وسادتهم وأمرائهم قرابين في سبيل نُصرة دينه وإقامة شرعه وإعلاء كلمته.
وقد منّ الله علينا اليوم ، في ثاني أيّام العام الهجري الجديد ، باصطفاء قائد من خيرة قاداتنا ، وأمير من أنبل أمرائنا ، الشيخ الفاضل والمربّي الحليم والمهاجر المرابط الخلوق ، فضيلة الشيخ أبي الفرج أحمد سلامة مبروك -رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جنّاته- الذي قتل في غارة للطيران الصليبي استهدفت سيارته .
وإني إذ أعزي نفسي وإخواني في جبهة فتح الشام خاصة ، والأمّة الإسلامية عامّة في هذا المُصاب الجلل, فإني لا أقول إلا ما يرضي ربي عز وجل : فإنا لله وإنّا إليه راجعون, اللهمّ أْجُرنا في مصيبتا واخلف لنا خيرا منها .
فيا ربِّ إن حانتْ وفاتي فلا تكنْ * على شَرجعٍ يعلى بخُضرِ المطارِفِ
ولكنَّ قبري بطنُ نسرٍ مَقيلُهُ * بجوِّ السماءِ في نسورٍ عواكفِ
وأُمسي شهيدًا ثاويًا في عصابةٍ * يُصابونَ في فجٍّ مِنَ الأرضِ خائفِ
عصائبُ أشتاتٌ يؤلِّفُ بينهم * تقى الله نزّالون عند التزاحفِ
إذا فارقوا دنياهم فارقوا الأذى * وصاروا إلى ميعادِ ما في المصاحفِ
لقد كان الشيخ –تقبّله الله- قمّة في حسن الخلق ، ومثالا يُحتذى به في الحِلم والأناة ، وأسوة في إحسان الظن بالمسلمين والتواضع لهم والرّفق بهم , وقد كان شديد الحرص –رحمه الله- على وحدة الصفّ ونبذ الفرقة ، وسعى حثيثا في حلّ مشاكل إخوانه وإصلاح ذات بينهم برحابة صدر وابتسامة عريضة لا تكاد تفارقه .
فسلامٌ عليك أيها الشيخ الهادئ الوقور ، نحسبك قد ارتحت الآن من العناء والتعب والنصب ، بعد حياة حافلة بالتضحيات ومسيرة طويلة من البذل والعطاء وحسن البلاء ..
يظنكم الجهال متم وأنتم * زوارقكم في الله ترسو وتبحر
كفى ذكركم أن المحامد والعلى * إذا ما ذكرتم كلها سوف تذكر
رفاقكم من بعدكم لم تلن لهم * قناة ولا سيف ولا لان خنجر
يخوضون بحر الموت لا يرهبونه * ومن لا يخاف الموت لا شيء يذعر
يميتون غيظا خصمهم كل لحظة * مرارا وشر الموت ما يتكرر
سبيلهم وعر وصعب سلوكه * وفيه الضحايا والعقابيل تكثر
سبيل لإحدى الحسنيين سبيلهم * سبيلهم فتح ونصر مؤزر
أو الموت دون الدين والعرض والحمى * ومن مات يسعى للمكارم يعذر
وفي الأخير ، أذكّر نفسي وإخواني بأنّ معركتنا مع أعداء الله طويلة ، وأنّ وقودها الدماء والأشلاء ، ونعم الطريق الذي يُروى بدماء الأحبّة وتسطّر معالمه دماء القادة .. فأبشروا فإنّ نصر الله قادم .. ووالله إنّه للدّم الدّم والهدم الهدم !
رحم الله شيخنا أبا الفرج ، وتقبّله في من عنده من النبيّين والصدّيقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا .
والحمد لله ربّ العالمين ، وصلّ اللهمّ على نبيّنا محمّد وعلى آله وصحبه وسلّم .