JustPaste.it

 

تفاصيل زيارة الشيخ أ.د. حاكم المطيري للشيخ ناصر العمر

مقتطف من صوارم الأقلام 13

زرت الرياض آخر سنة 2009م أو مطلع سنة 2010م - فأنا هنا أنقل من ذاكرتي لا من مذكراتي ففيها التواريخ بدقة - فأتاني د أحمد حيث أقيم وجاء بوليمة الفطور معه وأكرمنا، ثم أخذ يتحدث بعفوية وصدق..

فقال: يا د. حاكم اشتريت نسخا من الحرية ومن التحرير وتفاجأت مما فيهما وكيف للأسف حارب بعض مشايخنا هذه الكتب قبل الاطلاع عليها ومناقشة ما فيها، وقد أجابت فعلا عن أزمة المشروع السياسي الذي نحتاجه... الخ
وقال أيضا: وقد جئت بنسخة معي للشيخ ناصر العمر من كتاب (تحرير الإنسان) وأريد منك كتابة إهداء له عليها، وسأرتب لقاء بينكما خلال يومين!
فقلت: على الرحب والسعة!
واتصل بعدها د أحمد وقد رتب اللقاء، وقال الشيخ يدعوك على العشاء...


فزرت الشيخ ناصر العمر حفظه الله في بيته برفقة د أحمد - وكانت هذه أول زيارة لي للشيخ ناصر، وأول لقاء بيني وبينه وآخر لقاء، وليس كما يروجه حساب (ويكيلكس السرورية) عن تعاوننا في العراق وسوريا واللقاءات بيننا، فكل ما ذكره أكاذيب وأوهام جملة وتفصيلا - فأحسن الشيخ وأبناؤه الكرام الاستقبال، ولم يكن في المجلس معنا إلا د أحمد وأبناء الشيخ ناصر، وبدأ الحديث عن المنطقة وأوضاعها..

فقال لي الشيخ ناصر: ما هي قراءتكم د حاكم لمستقبل المنطقة؟

فتحدثت نحو نصف ساعة أو يزيد، وكان الشيخ ناصر حسن الاستماع والإنصات...

وكان مما قلته وأتذكره: كما ترون فقد انتهى المشهد السياسي اليوم إلى فريقين لا ثالث لهما يتصارعان على المنطقة وعلى الأمة وشعوبها: المشروع الأمريكي الغربي الصليبي وتصطف خلفه الأنظمة العربية الوظيفية وما تسمى دول الاعتدال، والمشروع الإيراني الصفوي الطائفي وتصطف خلفه ما تسمى دول وقوى الممانعة، وليس للأمة مشروع ولا دولة!


وحسب قراءتنا التغيير قادم والثورة قادمة، ولا يمكن مواجهة تداعيات الاحتلال الأمريكي للعراق وحليفه الصفوي الإيراني في ظل هذه الأنظمة الوظيفية التي فرطت في وحدة المنطقة، وفرطت في أمنها وأمن شعوبها وسيادتها واستقلالها وهويتها، فلم يبق إلا الأمة وشعوبها لتتحمل مسئولياتها فالرهان عليها في مواجهة هذه التحولات التاريخية ... الخ


ونرجو ألا يقف المشايخ والدعاة الموقف الخطأ في خندق الأنظمة ضد ثورة الأمة وشعوبها، كما يقع من كثير منهم في كل مرة، ليتم توظيفهم من حيث لا يعلمون في غير مشروعهم، وإنما لتكريس واقع دويلات وظيفية صنعها سايكس بيكو وهو الذي يقوم بحمايتها!


ثم تحدثت عن نجاح الاحتلال في توظيف الأنظمة في فرض وجوده ومشروعه التغريبي مع غياب للمشروع السياسي الإسلامي، مما حول التيار الإسلامي إلى تيار وظيفي يواجه حركات التغيير ويتصدى لها، لا لصالح مشروعه بل لترسيخ الواقع القائم والأنظمة القائمة التي باتت جزءا من الأزمة التي تعيشها الأمة ... الخ


وتحدثت عن مبدأ (آيزنهاور) في أواخر الخمسينيات وكيف نجحت أمريكا والغرب في مواجهة المد الشيوعي والصراع مع الاتحاد السوفيتي - أثناء الحرب الباردة - في العالم العربي والإسلامي من خلال احتواء وتوظيف المد الإسلامي وفتح المجال أمامه لمواجهة الشيوعية كعقيدة وأيديولوجيا، حيث لا تستطيع الأنظمة الوظيفية التي تدور في فلك أمريكا والغرب من المغرب إلى باكستان أن تقوم بهذا الدور، لأنها أنظمة غير عقائدية وبلا هوية، فكان الحل في فتح الطريق أمام التيار الإسلامي [الذي كان يتعرض للقمع منذ الاحتلال البريطاني لمصر، حيث تم اغتيال الإمام حسن البنا وحل الجماعة أيام الحماية البريطانية على مصر، وجاء جمال عبد الناصر وأكمل المهمة، وبعد أن توجه عبد الناصر للاتحاد السوفيتي وبدأ يتبنى الاشتراكية، أدركت أمريكا خطورة الوضع على مصالحها ومصالح الغرب من امتداد النفوذ الروسي في العالم العربي، والذي بدأ يصل إلى الجزيرة والخليج العربي - درة التاج الأمريكي منذ الحرب العالمية الثانية - حيث صار اليمن الجنوبي قاعدة له، وبدأت الثورة الشيوعية في ظفار عمان، ورأت أمريكا أهمية احتواء التيار الإسلامي، فكانت محطات التعاون الرئيسة المغرب والسعودية والخليج وباكستان][1] وبلغ التعاون أوجه أثناء حكم أنور السادات الذي فتح السجون وأخرج الإسلاميين، وفتح الأبواب للتيار الإسلامي، تنفيذا لسياسة أمريكا - وتحقيقا لمبدأ الرئيس الأمريكي آيزنهاور - في مواجهة الشيوعية بالإسلام وبالإسلاميين، وبلغ التعاون أوجه في أفغانستان عسكريا حيث تم هزيمة الاتحاد السوفيتي بالجهاد الأفغاني، وهنا انتهى دور الإسلاميين، حيث رأت أمريكا بعد هزيمة الشيوعية وسقوط الاتحاد السوفيتي وانحسار المد الشيوعي أن الخطر الشيوعي قد زال، وانتهت الحرب الباردة سنة 1990م، وانتهت مهمة التيار الإسلامي، وبدأت أمريكا في عقد التسعينات (مشروع تجفيف منابع التطرف)، وصرحت تاتشر رئيسة وزراء بريطانيا بعد سقوط الاتحاد السوفيتي الروسي سنة 1990م بأن مهمة حلف النيتو لم تنته بعد فهناك ما يزال التطرف الإسلامي في الشرق الأوسط!
وبدأت حملة صليبية جديدة وكانت أول مواجهة في الجزائر مع (جبهة الإنقاذ الإسلامية) - التي اكتسحت الانتخابات بنحو 80% - وذلك بترتيب انقلاب عسكري بدعم فرنسي وخليجي، وكذا تم مواجهة (الجماعة الإسلامية) في مصر طوال عقد التسعينات بدعم أمريكي خليجي لنظام حسني مبارك، ومثله جرى في السعودية بسجن مشايخ الصحوة الإسلامية في الفترة نفسها، وفي الوقت ذاته تم تحييد جماعة الإخوان المسلمين في هذا الصراع وإدخالها العملية السياسية في الجزائر ومصر واليمن والأردن والكويت وتعزيز تحالفها مع النظام السعودي والأنظمة الخليجية الأخرى!
وبعد أن عزمت أمريكا قبيل سنة 2000م على احتلال أفغانستان والعراق لتحل محل الاتحاد السوفيتي في مناطق نفوذه سابقا، شنت حربها على العالم الإسلامي من جديد في حرب وحملة صليبية أخرى - كما صرح جورج بوش لاحقا في حربه لغزو العراق - وبدأت المواجهة من جديد مع التيار الجهادي (القاعدة) الذي تنامى بشكل كبير بعد حرب تحرير أفغانستان - بتهمة مكافحة الإرهاب، ونجحت أمريكا من خلال الأنظمة الوظيفية العربية إلى تحويل العالم العربي إلى سجن كبير، لكل من يرفض الاحتلال والوجود الأمريكي العسكري في المنطقة!
وقد تم للأسف توظيف الشيوخ الذين كانوا بالأمس في السجون - بفتاوى شيوخهم من قبل وبالمبررات نفسها - في هذه الحرب بعد أن احتاجت الأنظمة إليهم وإلى خطابهم القادر على احتواء الشباب بعلميته وعصريته وجاذبيته، فتم إطلاق سراحهم في أواخر التسعينات وفتحت لهم الأبواب من جديد ليواجهوا - من حيث لا يعلمون - حركة جهاد تتنامى ضد أمريكا في المنطقة، ظنا منهم أنهم يواجهون التطرف والغلو، دون إدراك طبيعة الصراع وأبعاده وأدواته وقدرة العدو في كل مرحلة على توظيف هذا الفريق الإسلامي أو ذاك ضد الطرف الآخر!


وهنا استوقفني الشيخ ناصر العمر وأخذ يذكر دوره في الدعوة وما تعرض إليه من سجن هو والمشايخ الآخرون، وحكى لي ما قاله له والده، وما قاله لهم أحد كبار العلماء في مكة وتحذيره لهم من خطورة المواجهة مع الأنظمة ...الخ

وذكر بأنه وجد بعد خروجه من السجن بأن مهمته الرئيسة هي الدعوة والتعليم وتربية الشباب، وأنه يدين الله بالبيعة للملك عبد الله وأن له في عنقه بيعة، ولا يرى الخروج ...الخ
وفطنت أن الشيخ ناصر ظن أني أعرّض به في حديثي وبدوره في مواجهة التيار الجهادي بعد خروجه من السجن! وهو ما لم يخطر لي - ويعلم الله - ببال حين كنت أتحدث بعفوية وصدق!

فتحدث د أحمد، وقال: أرى يا د حاكم بأنك تحمّل المشايخ ما لا يستطيعون وما لا يتحملونه من مسئوليات ليست في قدرتهم ...الخ

فقلت: أنا لا أقول بأنه يجب على الجميع المشاركة في الإصلاح السياسي، فكل ميسر لما خلق له، وفروض الكفايات كثيرة، وإنما أقول خلوا بين الأمة وشعوبها وهذا العدو المحتل وحكوماته الوظيفية، فالثورة قادمة والتغيير قادم، فإما أن يقف الدعاة والشيوخ المصلحون مع الأمة وثورتها، وإلا فليعتزلوها ويدعوها تمضي في طريقها، ولا يعيقوها في كل مرحلة - بدعوى المصالح والمفاسد الموهومة والتحذير من الفتن - لا لصالح مشروع إسلامي وإنما لصالح العدو ومشروعه!

وقلت: لو أن المشايخ حين وقفوا مع هذه الحكومات اشترطوا عليها شروطا تحقق الإصلاح للأمة وشعوبها لكان لمثل هذا التصرف وجه معقول، أما الوقوف بالمجان لتحقيق بعض المصالح الدعوية لهذه الجماعة أو تلك على حساب المصالح الكلية للأمة وشعوبها فهنا الخلل والخطر!
ثم سألني الشيخ ناصر عن إيران ومشروعها وخطورته على المنطقة؟
فقلت: بأن المشروع الإيراني مع خطورته إلا إنه ما كان له أن يحقق تقدما لولا الاحتلال الأمريكي، ولولا الأنظمة العربية الوظيفية التي لا تعبر عن إرادة شعوبها، فالأزمة في ضعف الأمة وغياب مشروعها، لا في قوة إيران ومشروعها الطائفي الصفوي، وفي حال ما تم هزيمة أمريكا فكل من جاء معها على ظهر الدبابة سيخرج بخروجها...

ثم بعد العشاء أهداني الشيخ ناصر العمر مجموعة من إصداراته وأهديته نسخة من كتابي (تحرير الإنسان)، وقال: سأقرؤه قراءة مستفيد…
فقلت: بل اقرأه قراءة ناقد، ويسعدني أي ملحوظة أو إضافة أو استدراك...

هذا بعض ما دار من حديث في هذا اللقاء الأول والأخير بيني وبين الشيخ الفاضل ناصر العمر، ولم يحدث بيننا وبينه لا من قبل هذا اللقاء ولا من بعده تعاون أو تفاهم أو تنسيق سواء في موضوع العراق أو سوريا لا ضد القاعدة ولا غيرها، كما يزعم حساب (ويكليكس السرورية) الذي كذب على الأحياء فكيف بالأموات!


وقد ذكر هذا الحساب بأني كنت أحضر لقاءات دورية في دمشق منذ 2005م مع الشيخ ناصر العمر أو من يمثله، للتنسيق لمواجهة القاعدة في العراق!

مع أني لم أذهب لدمشق منذ ذلك التاريخ إلا خمس مرات، الأولى سنة 2008م أثناء الحرب على غزة في وفد لحزب الأمة للإعلان عن وقوفنا مع الشعب الفلسطيني ضد إسرائيل، وزرنا حينها قوى المقاومة الفلسطينية في دمشق وعقدنا مؤتمرا إعلاميا لهذه الزيارة ونشرت قناة الجزيرة وغيرها من وسائل الإعلام خبر الزيارة!

وقد حاولت السلطة في الكويت بعد هذه الزيارة ضرب (حزب الأمة) من خلال بعض الأعضاء في الحزب الذين احتجوا على هذه الزيارة وحذروا من خطورتها وخطورة إشغال الحزب في قضايا خارجية لا شأن لنا بها! 

والزيارة الثانية لدمشق سنة 2009م لحضور مؤتمر حق العودة للشعب الفلسطيني، بدعوة من مؤتمر الأحزاب العربية، وقد تم دعوتي على هامش المؤتمر لحضور حفل عشاء ولقاء مع بشار الأسد لكبار ممثلي الأحزاب والوفود، واعتذرت عن الحضور، وحاول القائمون على المؤتمر إقناعي بكل وسيلة بالحضور فاعتذرت ديانة أن أصافح مثله وهو أحد طغاة العرب، وخرجت بعدها من الفندق إلى المطار لم ألتق أحدا إلا اللقاءات التي جرت في الفندق مع عدد مع ممثلي الوفود الذين رغبوا باللقاء معي في غرفتي وكان منهم رمضان شلح وبعض قيادات حركة الجهاد الإسلامي وبشير نافع ودار حديث طويل..


والزيارة الثالثة كانت سنة 2009م ألقيت فيها ندوة (تحرير الإنسان خطوة على طريق تحرير الأوطان)، التي بثتها قناة الجزيرة بعد ذلك.


والزيارة الرابعة في مطلع سنة 2010م بدعوة من مكتب هيئة علماء المسلمين في العراق بدمشق للمشاركة في مؤتمر (واقع عراق ما بعد الاحتلال)، وشاركت فيها بورقة، ولم ألتق أحدا سوى قيادات الهيئة، وكانت هناك مبادرة شاركت فيها للمصالحة بين فصائل المقاومة العراقية التي أضعفها الاختلاف فيما بينها لرص صفوفها...


والزيارة الخامسة كانت سنة 2010م في وفد مصالحة بطلب من حركة حماس والحركات السلفية في غزة بعد قتل الشيخ موسى عبد اللطيف في جامع ابن تيمية...


أذكر بعض هذه الحقائق التاريخية لتعرف الأمة وشيوخها ودعاتها وكتابها وشبابها كيف يوظف الطغاة - ومن ورائهم الاحتلال الغربي (الصليبيون الجدد) - الجميع من حيث لا يعلمون لترسيخ طغيانهم وفسادهم في الأرض كما جاء في الحديث الصحيح (غير الدجال أخاف عليكم أئمة مضلون)، حيث يمارسون ما يمارسه المسيح الدجال باسم المسيح عيسى بن مريم الذي بعثه الله رحمة وسلاما وهداية في الأرض، ليحولها دجاجلة الأرض وطغاتهم جحيما ونارا وليضلوا الخلق ويطمسوا الحق!

 

صوارم الأقلام في نقض الشبه والأوهام 13

موقع الشيخ أ.د. حاكم المطيري 

DrHAKEM@