رسالة داخلية خاصة من الشيخ أبو البراء حسن صوفان
إلى كوادر وجنود
حركة أحرار الشام الإسلامية
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين أما بعد
أكتب هذه الكلمات حرصا على بقاء جماعة مجاهدة قدمت آلاف الشهداء والجرحى واستجابة لكثيرين طلبوا معرفة موقفي بعد الأحداث الأخيرة علما أنني كنت ممتنعا لمدة طويلة عن إبداء رأيي إلا للشيخ جابر بصفته قائدا للجماعة حرصا على جمع الكلمة ورغبة بعدم التشويش
وبين يدي ما سأكتبه وقطعا للظنون والأوهام أجدد التأكيد على كوني آليت على نفسي أن لا أعود إلى القيادة ما حييت بإذن الله مهما كانت الظروف.
فأقول وبالله الاستعانة :
منذ أن توليت قيادة الحركة وحتى تاريخ عزلي وأنا أدفع باتجاه حل شورى الحركة بشكل كامل لأسباب وموجبات باتت معروفة للجميع مع وضع نظام جديد يتناسب مع المتغيرات الكبرى التي حصلت ويحقق المقصود الشرعي من الشورى ومن تنصيب الأمير وقد قوبل ذلك برفض أعضاء الشورى لهذا الاجراء وتمسكوا بما أسموه نظاما داخليا لا يعرفه ولا يكترث به إلا أشخاص قلائل، مع زعم جميع أفراد الشورى في كل مرة رغبتهم في الاستقالة منها، وعلى مدار عام من قيادتي استقال بعضهم وتشبث أكثر الحرس القديم بمناصبهم، لكن بعد صبر طويل وقطع مرحلة الخطر و إعادة بناء الجماعة بما يسره الله من جهود أبنائها المخلصين وصلتُ مرة أخرى إلى طريق مسدودة مع من تبقى من أعضاء الشورى البالغ عددهم ثمانية أشخاص فآل الأمر الى تلك النهاية التي علمتموها.
وقد كان من أهم إشكالاتي معهم هو حصول التشغيب على مسار قائد الحركة وإعطاء انطباع داخلي وخارجي أن توجهات الحركة ليست على قلب رجل واحد وأنها شركاء متشاكسون لا يمكن أن يجتمعوا على قرار وهذا ما أضر بالجماعة على كافة الأصعدة قديما وحديثا وزرع الشك وعدم الثقة بها، لكن الاشكال الاكبر عندي كان جعل الشورى ملزمة في كثير من المسائل التي يجب ان يكون مردها إلى الأمير مما يجعله واجهة صورية ضعيفة وأدى الى تعطيل كثير من القرارات وتأخير أخرى عن وقتها وضعف المناورة وانعدام المرونة في كثير من الامور التي كانت الجماعة تحتاجها، والانشغال بإرضاء هذا وإقناع ذاك إلى غير ذلك من الترهات بدلا من الهمة والعزم والسرعة في مواجهة التحديات المتسارعة التي كانت الحركة فاشلة دوما في مواكبتها فكان مطلبي هو جعل الشورى ملزمة في الامور المصيرية فقط وترك الصلاحية في باقي الامور للقائد مع التزامه بالاستشارة وتحري الأوفق للجماعة، وقد رفضوا ذلك وأصررت على موقفي بشدة فكان قرارهم بتغيير القائد فوليتهم ما تولوا وحمدت الله أن أنجاني من سجن الامارة بعد أن أنجاني من سجون الطغاة ولم أستجب لأية دعوة تؤدي الى تشظي الجماعة وآثرت السكوت حفاظا على تماسكها وطلبت من عموم الإخوة البقاء في العمل بعد عزم كثيرين منهم على الترك بسبب تغيير القائد لكنني في الوقت نفسه قطعت علاقتي تماما بجماعة الشورى وحصرت علاقتي بشخص الشيخ جابر كونه الشخص الذي حمل عبء الجماعة من بعدي وأكن له التقدير والاحترام وأعنته على كافة إجراءات الاستلام والتسليم في الداخل والخارج وتابعت معه أكثر الملفات الاستراتيجية التي تتعلق بالحركة وبالجبهة الوطنية حتى أن كثيرا من الجهات ظنت أنني لا زلت ضمن شورى الحركة رغم انقطاع علاقتي بهم تماما وقد آثرت الاستمرار في العمل بصمت مع شخص القائد الجديد وحرصت على تجنب ما يشوش على الجماعة مع التركيز على نجاح مشروع الجبهة الوطنية الناشيء وإقامة العلاقات الطيبة مع كافة مكوناتها.
وقد كنت سلكت مسارا بعد الحرب السابقة التي استمرت خمسة وستين يوما اشتمل على ضرورة ايجاد تفاهم يعين على الاستقرار في ادلب بين الجبهة الوطنية وبين هيئة تحرير الشام وتجنب وقوع حرب أخرى الا ان ذلك للاسف لم يحصل لجملة أسباب ليس هذا مقام تفصيلها ولعله يأتي يوم قريب بعد أن يستقر نبأ الأحداث أذكر فيه شهادتي التي سأقف بها بين يدي الله على جميع مراحل الحركة التي عاينتها بكافة أحداثها وأشخاصها وصوابها وخطئها على نفسي وعلى غيري
وبعد أن وصلت حالة الحركة الى ما نحن عليه الان من المفاجىء جدا ان نرى استمرار التمسك بالمناصب وعدم قابلية الحرس القديم للرحيل والاصرار على أن الامور طبيعية مع انه لا يوجد أي شيء يسير على ما يرام على كافة الاصعدة كما أنه من المثير للعجب تكرار تلك السياسة الرديئة ببقاء الشورى كامنة مختبأة وقت المصائب والمحن ليعاودوا النشاط بسياساتهم الفاشلة المدمرة بمجرد أن تهدأ الأمور وتتاح لهم الفرصة وكأن شيئا لم يكن ومن الأمور البدهية انه بعد تكرار الانتكاسات ومع الاشخاص انفسهم يجب اجراء مراجعة شاملة وتغييرات جوهرية مقنعة للابقاء على وجود الجماعة وهذا ما لم يحصل حتى الان
وقد تدخلت مرارا قبل الحرب الأخيرة وبعدها بما رأيت فيه صيانة لبقاء الثورة وحفظا لوجود الجماعة وحقنا لدماء الجنود لكنني الآن و بعد قيامي باستقراء عميق للوضع وقد تدخلت مرارا قبل الحرب الأخيرة وبعدها بما رأيت فيه صيانة لبقاء الثورة وحفظا لوجود الجماعة وحقنا لدماء الجنود لكنني الآن و بعد قيامي باستقراء عميق للوضع الداخلي والخارجي للحركة أجد أنه لن ينفع بعد اليوم بذل أي جهد في المحافظة على الجماعة إذا استمرت على منوالها السابق وقد طلبت من الشيخ جابر مراراً أن يقوم بخطوات جريئة تحفظ وجود الجماعة وأستمر معه وزيرا ناصحا ومستشارا مؤتمنا وجنديا مطيعا لأني أحسبه على خير لكن ذلك لم يتحقق حتى بعد النكسة الأخيرة لذلك وجدت نفسي مضطرا الى إعلان موقفي وكتابة هذه الكلمات خوفا من أن أكون شاهد زور وأظهر شريكا في انهيار الجماعة وأحمل وزر السكوت وعدم التحذير من مغبة اضاعة فرصة أخيرة محتملة للمحافظة على ما تبقى من جنودها ومقدراتها وإمكاناتها لصالح الثورة والتي تتمثل في الاجراءات التالية :
1- حل الشورى في الجماعة بشكل نهائي مع ضرورة تنحي جميع الشخصيات القديمة واستبدالها بمجلس قيادة جديد مستقل عن الحرس القديم ومصغر مكون من وجوه مقبولة وذات فاعلية على الأرض بشكل يساعد على استمرار الحركة ومشروعها في ضوء الواقع الجديد
2- التركيز على تقوية الجماعة وعسكرتها واستعادة شوكتها وإثبات وجودها في قتال النظام بعيدا عن أية حروب داخلية بعد أن خاضت الحركة ثلاث حروب أنهكتها وحملتها الكثير من التبعات و ابتداء بناء الحركة من جديد بعيدا عن سياسة اللطميات والندب والاستعراضات بعد ان انتهت الامور على هذا النحو
3- مشاركة الحركة في أي نشاط أو مشروع ثوري ذي جدوى يساعد على حماية المحرر وتغطيته على كافة الاصعدة بعد التطورات الأخيرة واستثمار اسم الحركة وإرثها في هذا المجال
إن حركة أحرار الشام الإسلامية مهما نزل بها يجب أن تبقى رقما مهما وفاعلا في هذه الثورة وإن الدعوة إلى ترك الرباط ولزوم البيوت أو الخروج على الاطلاق الى منطقة الغصن هي دعوة خاطئة لا تستند الى شرع ولا الى عقل في ازمنة الصراع الوجودي مع الروس والنظام والايرانيين فإلى من نسلم أهلنا وذرارينا في ادلب بعد ذلك وكيف نرضى ان نعاقب شعبنا وأهلنا اغاظة للهيئة وانتقاما منها مع الاتفاق على مسؤوليتها الكبرى عما وصلنا إليه
وانني ارى لزوم القيام بكل خطوة تعين على استمرار دور الجماعة في حماية المحرر على كافة الاصعدة عسكريا او سياسيا مهما كانت شاقة على نفوسنا وقد وعد الله تعالى بأنه سيحق الحق ويبطل الباطل فليكن ذلك الوعد نصب أعيننا ثم الله خبير بعباده
ولا زالت نيتي منعقدة على التعاون مع جميع كوادر الحركة وجنودها لإعادة بناء جماعة تعتبر مكونا هاما لاستمرار الثورة والدفاع عنها وأرى ذلك ممكنا كما حصل في السابق اذا تحققت تلك الشروط المذكورة وأظل حينها مستشارا وناصحا لهذه الجماعة
أما في حال بقاء الأمور على ما هي عليه وعدم اتخاذ تلك الاجراءات الضرورية
فسوف اضطر بكل أسى وحزن الى الابتعاد عن مشهد الحركة بشكل كامل لأن الجهود ستكون ترقيعا بلا طائل ولا جدوى وسوف أركز على مجالات أخرى لخدمة هذه الثورة بعيدا عن الحركة ولا حول ولا قوة إلا بالله
ولا زلت أرى أن أحرار الشام فيها كثير من الجنود الصادقين والرجال الميامين الذين تحفظ بهم الثغور وينصر بهم الدين وتستمر بهم الثورة وإلى أولئك كتبت كلماتي هذه تبيانا وإعذارا واعتذارا
والحمد لله رب العالمين