JustPaste.it

حكم التجسس وموالاة النظام الكافر:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فإن من نواقض الإسلام الخطيرة، ومبطلاته الكبيرة، موالاة الكفار من دون المؤمنين، ومناصرتهم ومعاونتهم على أهل الإسلام، وهذا كفر صريح، سواء كان أولئك الكفار يهوداً أو نصارى أو مجوساً أو مشركين أو نُصيريين أو مرتدين.

ولقد حذر الله في كتابه العظيم من موالاة الكافرين عموما فقال: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَن تَجْعَلُواْ لِلّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا مُّبِينًا﴾.

وقال سبحانه: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ * فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ ﴾.

إن موالاة الكفار خيانة لله ولرسوله وللمؤمنين، وهي من صفات المنافقين كما قال الله عنهم في كتابه: ﴿تَرَى كَثِيرًا مِّنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنفُسُهُمْ أَن سَخِطَ اللّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ*وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِالله والنَّبِيِّ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاء وَلَـكِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ﴾، وقال تعالى: ﴿بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا*الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِندَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ العِزَّةَ لِلّهِ جَمِيعًا﴾.

وإن من موالاة الكافرين: التجسس لهم على المسلمين، وهذا من أعظم أنواع المناصرة للكفار؛ لأنهم بذلك يصلون إلى ما لا تستطيع أن تصل إليه جيوشهم أو تقنياتهم، ورب خبر واحد ينقله جاسوس لهم تحدث به من النكاية في المسلمين ما لا تُحدثه الآلاف المؤلفة من جُنودهم المجندة، وقد ذهب بعض أهل العلماء إلى وجوب قتل الجاسوس إذا ترتب على تجسسه ضررٌ على المسلمين، وجعلوه في حكم المحارب، قال الإمام الذهبي رحمه الله في كتابه الكبائر:" إذا ترتب على فعل الجاسوس وهنٌ على الإسلام وأهله، وقتلٌ، أو سبيٌ، أو نهبٌ، فهذا ممن سعى في الأرض فساداً وأهلك الحرث والنسل فيتعين قتلُه "، فالحذر الحذر من موالاة أعداء الله بالتجسس لهم، لا توال الكافر ولو كان قريبك أو جارك، قال الله تعالى: ﴿لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾، فالمؤمن لا يوالي الكافر ولو كان أباه أو ولده أو أخاه أو قريبه أو من قبيلته، وقد قتل أبو عبيدة بن الجراح رضي الله عنه أباه الكافر في غزوة بدر، كان يحيد عنه وكان أبوه يتعرض له، فتقدم إليه فقتله في سبيل إعلاء كلمة الله، وأوثق عرى الإيمان الحب في الله والبغض في الله، تُحب المؤمن في الله ولو كان بعيدا من نسبك وبلدك، وتُبغض الكافر في الله ولو كان أقرب الناس إليك.

أيها الأخوة الكرام: يجب أن نفرق بين موالاة الكفار المحاربين وبين التعايش مع الكفار غير المحاربين، فلا حرج على المسلم في العمل عند الكفار غير المحاربين في كل عمل مباح، وإنما يحرم العمل مع الكفار المحاربين في أي مجال فيه أدنى إعانةٍ لهم في حربهم على المسلمين.

فيا أيها المسلمون: لا يجوز لكم أن تعملوا مع هذا النظام الكافر المحارب لله ولرسوله وللمؤمنين، كيف تعمل معه وتعينه على ظلمه وفساده وسفكه للدماء وانتهاكه للأعراض؟! 

كيف تتعاون مع من أهلك الحرث والنسل وسعى في الأرض فسادا والله لا يحب الفساد؟! 

يقول الله تعالى: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾، ويقول سبحانه: ﴿وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ﴾ وقال تعالى: ﴿ومن يتولهم منكم فإنه منهم﴾". 

أيها المسلمون إن الكافرين يوالي بعضهم بعضا، وينصر بعضهم بعضا في حرب الإسلام والمسلمين، ونحن أحق منهم بأن يوالي بعضنا بعضا، فإن لم نفعل فاسمعوا ما قال الله محذرا لنا: ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ ﴾.

اللهم اهدنا لموالاة أوليائك ومعاداة أعدائك، اللهم اجعلنا من أنصارك وممن يحب المجاهدين في سبيلك، اللهم مكن لعبادك الصالحين، واجعلهم من الذين إن مكنتهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر، ولله عاقبة الأمور.