JustPaste.it

التوحيد

 الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ولا ند له، ولا ولد له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم تسليما كثيرا، أما بعد:

فأيها الأخوة المسلمون أحب أن أذكركم بأعظم أمر في الإسلام ألا وهو التوحيد الذي هو حق الله على العبيد، وكل نبي بعثه الله بالتوحيد كما قال سبحانه: ﴿وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ﴾، وأعظم ما أمر الله به التوحيد، وأعظم ما نهى عنه الشرك، يقول الله سبحانه: ﴿وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا﴾.

والتوحيد هو إفراد الله بالعبادة، وإخلاص الأعمال له وحده لا شريك له.

إن خطر الوقوع في الشرك ليس كالوقوع في بقية المعاصي، وإن الكبائر مع خطورتها وعظم جُرمها عند الله إلا أنها أخف من أن يقع الإنسان - لا قدر الله-  في عبادة قبر، أو دعاء ولي أو أن يصدق السحرة والمنجمين والمشعوذين، وهذا ليس تهويناً من شأن بقية الكبائر، بقدر ما هو بيان لشدة خطورة الشرك وأنه مُوبِق لصاحبه، فالشـرك أظلم الظلم، وأعظم الإثم، قال الله تعالى: ﴿إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ﴾، وقال سبحانه: ﴿إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ﴾، وقال سبحانه: ﴿إِنَّ اللهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا﴾، ولقد حذر الله كل نبي من الشرك كما قال سبحانه: ﴿وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ * بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ﴾. 

أيها الإخوة الكرام اعلموا أن الشرك نوعان:

 النوع الأول: شرك أكبر، وهو عبادة غير الله معه بصـرف أي نوع من العبادات لغير الله، كدعاء غير الله والذبح لغير الله واعتقاد أن غير الله يتصـرف في الكون مع الله، يقول الله سبحانه: ﴿وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا ﴾.

 والنوع الثاني: شرك أصغر وهو كل وسيلة إلى الشرك الأصغر مثل الحلف بغير الله كالنبي وجاه النبي وقول: وحياتك والحلف بالكعبة والأمانة والرأس والوجه والأولاد وغير ذلك، روى البخاري ومسلم عن عبد الله بن عمر أن النبي قال: «من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت»، وروى أبو داود بسند صحيح عن بريدة رضي الله عنه قال: قال رسول الله : «من حلف بالأمانة فليس منا».

ومن الشـرك الأصغر: الرياء بالأعمال، قال الله تعالى مخبرا عن المنافقين:﴿إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا﴾، وروى أحمد بسند حسن عن محمود بن لَبيد رضي الله عنه أن رسول الله قال: " إن أخوف ما أخاف عليكم الشـرك الأصغر " قالوا: وما الشرك الأصغر يا رسول الله؟ قال: " الرياء، يقول الله عز وجل لهم يوم القيامة إذا جُزِيَ النَّاسُ بأعمالهم: اذهبوا إلى الذين كنتم تراءون في الدنيا فانظروا هل تجدون عندهم جزاء ".

ومن الشرك الأصغر: تعليق التمائم والحروز واعتقاد أنها سبب لدفع البلاء، أما من اعتقد أنها تنفع وتؤثر بذاتها فهذا شرك أكبر، روى أبو داود بسند صحيح عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله يقول: «إن الرقى، والتمائم، والتِّوَلة شرك»، والتولة شيء من السحر تصنعه بعض النساء يتحببن به إلى أزواجهن.

أيها المسلمون إن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصا له وابتُغي به وجهه، فالإخلاص هو طريق الخلاص، فلنحرص أيها الإخوة على الإخلاص في جميع أقوالنا وأعمالنا، فإن الله يقول في كتابه العظيم: ﴿فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا﴾، وروى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله : «قال الله تبارك وتعالى: أنا أغنى الشّركاء عن الشّرك، من عَمِل عملا أشرك فيه معي غيري تركتُه وشركه».

فما أجمل أن تكون أعمالنا خالصةً لله وحده، لا نرجو أحداً ولا نخاف مخلوقاً، بل تبقى القلوب بالله وحده معلقة، والأعمال نحوه متوجّهة، والصدور بتوحيده مُنشرحة..

اللهم ارزقنا الإخلاص في القول والعمل، ونعوذ بك اللهم أن نشرك بك شيئا ونحن نعلم، ونستغفرك لما لا نعلم.