JustPaste.it

استنفار همم الناس للجهاد في سبيل الله

الحمد لله الذي شرع الجهادَ لتكون كلمة الله هي العليا، وفضَّل المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما،  وأَشهد أن لا إله إلا الله العزيز الجبار، وأشهد أن محمدًا عبدُه ورسوله، بلَّغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حقَّ جهاده، صلى الله عليه، وعلى آله، وأصحابه، الذين آمنوا به وعزَّروه ونصروه، واتبعوا النور الذي أُنزل معه، والذين هاجروا وجاهدوا في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم؛ أقدموا حين أحجم الناس، وآمنوا حين كفر الناس، وأنفقوا حين بخل الناس، فأقام الله بهم المعوج، ورفع بهم لواء الحق، وبعد:

أيها الإخوة المؤمنون، يقول الله تعالى آمرا لنا: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصَارَ اللَّهِ ﴾، ويقول سبحانه: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ﴾ فيا من يريد أن ينصره الله وأن يثبته على دينه كن من أنصار الله، كن من أنصار الدين وحماة العقيدة، كن من المجاهدين في سبيل الله. 

إن الجهاد فريضة على هذه الأمة كما هو فريضة على من قبلها من الأمم، يقول سبحانه:﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾.

بل اسمعوا أيها الإخوة إلى قول الله في المنافقين المثبّطين والمعوّقين عن الجهاد في غزوة الأحزاب [الخندق]: ﴿قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذًا لَا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلًا * قُلْ مَنْ ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُمْ مِنَ اللَّهِ إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوءًا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ رَحْمَةً وَلَا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا ...﴾ الآيات.

ولا ينبغي أن يكون أولياء الشيطان أكثر جُرأةً وإقداماً من أولياء الرحمن: ﴿الَّذِينَ آمَنُواْ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُواْ أوليَاء الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفاً﴾، وعن جَابِر بْنَ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنه قال: سَمِعْتُ النَّبِيَّ يَقُولُ: «لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي يُقَاتِلُونَ عَلَى الْحَقِّ ظَاهِرِينَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» رواه مسلم

أيها المسلمون اعلموا أن الجهاد خير لنا في الدنيا والآخرة، قال الله تعالى: ﴿قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلاَّ إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ﴾، إما النصر والعيش بكرامة وعزة، وإما الشهادة والجنة، فالجهاد في سبيل الله هو التجارة الرابحة مع الله فأبشروا: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ... ﴾.

وما أكثر الآيات الكريمات في كتاب الله والتي تحث على الجهاد، وما كثرتها إلا دلالة واضحة على فضل هذه الشعيرة العظيمة في دين الله، وهذه الأحاديث الصحاح في الترغيب في الجهاد وبيان فضائله ومناقب أهله، عن سيد المجاهدين

فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ، فَقَالَ: دُلَّنِي عَلَى عَمَلٍ يَعْدِلُ الجِهَادَ؟ قَالَ: «لاَ أَجِدُهُ، هَلْ تَسْتَطِيعُ إِذَا خَرَجَ المُجَاهِدُ أَنْ تَدْخُلَ مَسْجِدَكَ فَتَقُومَ وَلاَ تَفْتُرَ، وَتَصُومَ وَلاَ تُفْطِرَ؟! » رواه البخاري

وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: كنا مع رسول الله في غزوة تبوك فقال لي: « أَلَا أَدُلُّكَ عَلَى رَأْسِ الْأَمْرِ وَعَمُودِهِ وَذُرْوَةِ سَنَامِهِ؟ رَأْسُ الْأَمْرِ: الْإِسْلَامُ، وَعَمُودُهُ: الصَّلَاةُ، وَذُرْوَةُ سَنَامِهِ: الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ » رواه الترمذي وصححه الألباني

 وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ قال: «من مات ولم يغزُ، ولم يُحدِّثْ به نَفْسَهُ، مات على شُعْبَة من النفاق» رواه مسلم

وعَنْ سَهْلِ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قال: «رِبَاطُ يَوْمٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ خَيْرٌ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا عَلَيْهَا , وَالرَّوْحَةُ يَرُوحُهَا الْعَبْدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْغَدْوَةُ خَيْرٌ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا» متفق عليه

 وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ قال: «مَا مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ أَحَدٌ يَسُرُّهُ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الدُّنْيَا وَلَهُ عَشَرَةُ أَمْثَالِهَا إِلَّا الشَّهِيدَ، فَإِنَّهُ وَدَّ لَوْ أَنَّهُ رُدَّ إِلَى الدُّنْيَا فَقُتِلَ شَهِيدًا عَشْرَ مَرَّاتٍ لِمَا يَرَى مِنَ الْفَضْلِ» متفق عليه.  وعَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ الْكِنْدِيِّ قَالَ: قَالَ : « إِنَّ لِلشَّهِيدِ عِنْدَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يُغْفَرَ لَهُ فِي أَوَّلِ دَفْعَةٍ مِنْ دَمِهِ، وَيَرَى مَقْعَدَهُ مِنَ الْجَنَّةِ، وَيُحَلَّى حُلَّةَ الْإِيمَانِ، وَيُجَارَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، وَيَأْمَنَ مِنَ الْفَزَعِ الْأَكْبَرِ ، وَيُوضَعَ عَلَى رَأْسِهِ تَاجُ الْوَقَارِ الْيَاقُوتَةُ مِنْهُ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا، وَيُزَوَّجَ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ زَوْجَةً مِنَ الْحُورِ الْعِينِ، وَيُشَفَّعَ فِي سَبْعِينَ إِنْسَانًا مِنْ أَقَارِبِهِ » رواه أحمد وصححه الألباني

فيا أيها المسلمون لنكن جميعا من المجاهدين في سبيل الله، يقول الله سبحانه: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ ...﴾ الآيات.

وليكن جهادنا لإعلاء كلمة الله، روى البخاري ومسلم عَنْ أَبِي مُوسَى الأشعري رضي الله عنه قَالَ: قال رَسُولُ اللَّهِ : «مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ».

اللهم لك الحمد أن يسرت لنا أسباب الجهاد، اللهم ارزقنا الجهاد في سبيلك مخلصين لك، وصلى الله وسلم على محمد وآله وصحبه أجمعين..