JustPaste.it

تربية الأبناء

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد:

فإن من أكبر الأمانات وأعظم المسؤوليات تربية الأبناء، قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ﴾. قال علي رضي الله عنه: أدبوهم وعلموهم.

أيها المسلمون الأولاد أمانة عظيمة لدى الوالدين، لا سيما وقت الصغر، لكونهم ولدوا على الفطرة، ولتأثرهم الكبير بسلوك الوالدين،  وقد أثنى الله على نبيه إسماعيل لحرصه على حث أهله على طاعة الله، فقال: ﴿وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا﴾.

 وذكر الله وصية لقمان لابنه فقال سبحانه: ﴿ وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ﴾ .... ثم قال: ﴿ يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ...﴾ الآيات، وكلها توجيهات تمثل تربية عالية على القيم والآداب والمراقبة لله ومحبته وطاعته.

أيها الآباء .. أيها الأخوة احتسبوا الأجر فيما تبذلونه من جهد أو مال في تربية أولادكم أو إخوانكم الصغار أو أقاربكم، فتربية الصغار على العقيدة الصحيحة وعلى محبة الله وطاعته وتعظيمه عبادة من أجل العبادات، لما يترتب عليها من المنافع الخاصة والعامة.

عودوا أولادكم وإخوانكم على العبادات منذ الصغر ليألفوها ويحبوها: ﴿ وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا ﴾ قال ﷺ: "مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر، وفرقوا بينهم في المضاجع" رواه أبو داود.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "ومن كان عنده صغير أو يتيم فلم يأمره بالصلاة فإنه يعاقب الكبير إذا لم يأمر الصغير، ويُعزر الكبير تعزيرًا بليغًا؛ لأنه عصى الله ورسوله. 

وقال ابن القيم رحمه الله: فمن أهمل تعليم ولده ما ينفعه وتركه سدى فقد أساء غاية الإساءة، وأكثر الأولاد إنما جاء فسادهم من قبل الآباء، وإهمالهم وترك تعليمهم فرائض الدين وسننه، فأضاعوهم صغارًا، فلم ينتفعوا بأنفسهم، ولم ينفعوا آباءهم كبارًا.

أيها المسلمون جنبوا أولادكم المحرمات والمنكرات، وحذروهم منها، واغرسوا بغضها في قلوبهم، وبينوا لهم مفاسدها في الدنيا والآخرة، روى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أخذ الحسن بن علي رضي الله عنه تمرة من تمر الصدقة فجعلها في فيه، فقال النبي ﷺ: "كِخ، كِخ" ليطرحها، ثم قال: "أما شعرتَ أنّا لا نأكل الصدقة؟!".

عوّدوا بناتكم على الحجاب الشرعي، ومروهن باللباس المحتشم، ومن أخطاء بعض الناس أنه يترك ابنته أو أخته تلبس اللباس الضيق أو العاري بحجة أنها صغيرة وهي بنت سبع سنين أو أكثر!! نعم لا بأس أن تنشر شعرها لصغر سنها أما أن تعودها على لباس العري ولباس الفتنة فلا يجوز ذلك، وقد تستمرئ البنت ذلك وتتعود عليه بعد بلوغها ويكون عليك نصيب من إثمها لأنك لم تعودها على العفاف والحياء.

أيها الآباء والأخوة كونوا قدوة حسنة للأبناء، ثم انظروا من يصاحبوا؛ فإن الصاحب ساحب، وجهوهم إلى مصاحبة الأخيار والصالحين، فإن الإنسان على دين خليله.

وما أكثر الصالحين في مدارس تحفيظ القرآن الكريم المنتشرة في المساجد، فألحقوهم بهذه المدارس التي فيها خير الناس، في البخاري قال ﷺ: "خيركم من تعلم القرآن وعلمه".

ويا أيها الآباء احموا أولادكم من وسائل الإعلام السيئة وحددوا لهم ما يشاهدونه في القنوات الفضائية، فما أكثر الفساد في القنوات اليوم، حتى كثيرا من أفلام الكرتون تحتوي على كثير من المخالفات الشرعية في العقيدة والسلوك، وإن من الغش لأولادك أن تترك لهم هذه القنوات، ويجب عليك أن تقوم بحذفها فإن لم تفعل فقد غششتهم، كما روى مسلم في صحيحه أن النبي  ﷺ قال: «ما من عبد يسترعيه الله رعية، يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته، إلا حرم الله عليه الجنة». 

أيها الأب الكريم اعلم أنك مسئول عن أولادك، روى البخاري ومسلم عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما  أن النبي ﷺ  قال: «كلكم راعٍ وكلكم مسئول عن رعيته، والرجل راعٍ على أهل بيته، وهو مسئول عنهم، والمرأة راعية على بيت بعلها وولده، وهي مسئولة عنهم». 

أيها الأب ارفق بأولادك في تعليمهم وتأديبهم ففي صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها أن النبي  ﷺ  قال: "إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه، ولا يُنزع من شيء إلا شانه".

وأكثروا من الدعاء لأولادكم بالصلاح والهداية كما قال تعالى عن المؤمنين: ﴿ وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا ﴾.

اللهم أصلح أولادنا وإخواننا، وهب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين، واجعلنا للمتقين إماما، اللهم اجعلنا من المقيمي الصلاة ومن ذرياتنا ربنا وتقبل دعاء.