JustPaste.it

سم الله الرحمن الرحيم

 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خير خلق الله أجمعين، من وصلت إلينا عنه "عقود السنة"، التي تحقق بها "إتحاف" الأمة بهذه العقيدة العظيمة بفضل الله تعالى ومنّه..

أما بعد ..

فقد أطلعني أخي أبو الوفاء، الشيخ الفاضل المجد الذي أحببناه ولم يكتب لنا اللقاء به، عسى الله أن يجمعنا به في ساحات الجهاد وفي دار كرامته وكل قارئ لهذه السطور ، أطلعني على "إتحاف الأحبة"؛ حباه الله بما أحبه.

وقد أتحفنا بمضيه على طريقة الربانيين الذين يعلمون الناس بالأسهل فالسهل، والذين يحرصون على أن يزيلوا ويرفعوا عن الناس ما يجهلونه أو يخطئون فيه أو في فهمه بأحسن الطرق والوسائل.

فرفع الجهل بالواجبات من أوجب الواجبات، ومن أهم ما ينبغي أن يهتم به المهتمون، ويسعى في دَرَكِه الطالبون، وخاصة في هذا الزمان الذي سادت فيه الثقافات الشيطانية، وسيطرت عبر الوسائل الإعلامية المختلفة على عقول وأفكار كثير من المسلمين.

فكم انتشرت من أفكار وبدع وضلالات حتى صار المعروف منكراً، والمنكر معروفاً، وعند التأمل والنظر إلى مجهودات الصالحين في دفع ورفع تلك الانحرافات نجدها لا تتوازى مع ذلك الكم الهائل الرهيب المتنوع من تلك الضلالات.

ومع هذا، فلا بد من مراغمة الكفار ما استطاع المسلم إلى ذلك سبيلاً، ودفع الضلالات والجهالات، قال ابن القيم – رحمه الله -: (ولا شيء أحب إلى الله من مراغمة وليه لعدوه، وإغاظته له، وقد أشار سبحانه إلى هذه العبودية في مواضع من كتابه، والله يحب من وليه مراغمة عدوِّه وإغاظته، كما قال تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لاَ يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلاَ نَصَبٌ وَلاَ مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلاَ يَطَئُونَ مَوْطِئاً يَغِيظُ الكُفَّارَ وَلاَ يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَّيْلاً إِلاَّ كُتِبَ لَهُم بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ المُحْسِنِينَ} [التوبة: 120]، فمغايظة الكفار غاية محبوبة للرب مطلوبة.

وعلى قدر محبة العبد لربه وموالاته ومعاداته لعدوه يكون نصيبه من هذه المراغمة، ولأجل هذه المراغمة حُمد التبختر بين الصفين) [مدارج السالكين 1/ 226].

وديدن الصدّيقين، والعلماء الصالحين: الاهتمام بالعقيدة، والكتابة فيها، وتقريرها، وتكريرها، وبيان الحق فيها من الباطل، والصواب من الخطأ، والتوحيد من الشرك، والبدعة من السنة، وربط الخلف بالسلف.

ومن تلك المجهودات المحمودة في هذا المجال، ما قام به الشيخ أبو الوفاء -نفع الله به- الذي اختار منظومة الإمام المقرئ أبى عمرو الداني القرطبي الأندلسي، رحمه الله، وغفر له، وتقبل منه، وأسكنه أعالي الجنان .

وقد أجاد الشيخ الكريم في بيان عبارات الناظم، وتقييد بعض الإطلاقات الموهمة بما يناسبها، وذكر ما هو الأولى والأصح فيما يمر عليه مما هو بخلاف ذلك.

ومن مر على المسائل التي يفرعها على تلك الأبيات، وعرضه لاحتمالات الألفاظ، وإقرار الصواب ورد الخطأ؛ عرف أن من يكتب ضليع بما يكتب، متمرس لهذا الفن، وعنده خبرة جيدة في هذا المجال، ولهذا يستحق أن يكون مثله من يكتب شارحاً لمثل هذه الأبيات.

وقد حرص الشارح على أن يورد تحت كل مقولة كلام لإمام من الأئمة؛ ليبين أن ما يأتي به ليس من كيسه، ولم يخترعه هو أو من هو معاصر له؛ عقيدةً لأهل السنة، فتلك أقوالهم الممتدة من قرون، والمتواصلة بنقل الجمع عن الجمع، وبخطوطهم ومخطوطاتهم تنص على تلك المعاني التي زبر جوهرها يراع الكاتب – بحمد الله -.

فنسأل الله تعالى أن ينفع بالكتاب والكاتب، وأن يبارك فيهما، وأن يتقبل منا ومنه، ويجعلنا سبحانه له قاصدين، وبه مستعينين، وإليه راغبين منيبين، وعليه بقلوبنا وقوالبنا مقبلين.

وصلى الله على محمد وعلى آله .. والحمد لله رب العالمين.

________________

وبعد الاعتذار منكم أيها الأفاضل ومن أخي أبي الوفاء، كان لا بد من هذه الملاحظات التي نرى أنها مهمة؛ ليتم النفع للكاتب والقارئ.

وقد راجعنا قرابة ثلث الكتاب، وخرجنا بالملاحظات التالية، ونرجو القياس عليها.

وما لوناه بالأحمر هو قول الشارح.

عيوب الرسالة:

ملاحظات مجملة:

- لم يعرف الكاتب بالناظم مؤلف الأبيات – ولو اختصاراً -

- يظهر أن الناظم أشعري العقيدة، وظهر ذلك في موافقته لهم في سائر آراءهم التي مر عليها.

- أكثر الشارح من النقولات بطولها مع أن المعنى قد صار واضحاً، وفيها تكرار لنفس الكلام.

- بعض النقولات لا تتناسب مع مثل هذا مختصر، فهناك جوانب فيها اختصار شديد، وفجأة يمدد الكاتب الكلام، ومن ذلك مثلاً في تعريف الوزير وتصاريفه!!. وهذا نصه:

قال الزبيدي{تاج العروس ج14 ص360}:

وَقد قيل لوزير السُّلْطَان {وزيرٌ لِأَنَّهُ} يَزِرُ عَن السُّلطانِ أثقال مَا أُسنِد إِلَيْهِ من تَدبير المملكة، أَي يحمل ذَلِك، وَقد {اسْتَوْزَرَهُ} فتَوَزَّرَ لَهُ. وَقَالَ الجَوْهَرِيّ: {الوَزير:} المُوازِر، كالأَكيل المُواكِل، لأنّه يَحْمِل عَنهُ وِزْرَه، أَي ثِقْلَه. وقد اسْتُوزِرَ فلانٌ فَهُوَ {يُوازِرُ الأميرَ} ويتَوَزَّرُ لَهُ. {ووازَرَه على الْأَمر: أَعَانَهُ وقَوَّاه. هـ

ملاحظات تفصيلية:

- عدم إظهار التفريق بين الإيمان بالقرآن والإيمان ببقية الكتب من حيث أن القرآن يجب الإيمان به جملة وتفصيلاً، بينما الكتب السماوية الأخرى يجب الإيمان بها جملة.

ونحوها من المسائل.

 في قوله:

وبالحديث المسند المروي*** عن الأئمة عن النبي

لم تشيروا إلى ما يلي:

1 – أن الإيمان مطلوب بالحديث الصحيح دون غيره، وهو قرره الناظم في تقييده للحديث بأنه المسند المروي عن الأئمة.

2 – لم تذكروا مراتب الإيمان بين الأحاديث بين ما هو متواتر وما هو آحاد.

وأن ربنا قديم لم يزل***وهو دائم إلى غير أجل

قوله:

وقد ثبت ذكر هذين الاسمين عن النبي صلى الله عليه وسلم مع شرحهما شرحا وافيا كافيا

نرى أن تزاد كلمة (موجزاً) أو (مختصراً) ليتناسب مع الحال، فتكون العبارة: (شرحاً [موجزاً] وافيا كافيا).

ليس له شبه ولا نظير***ولا شريك لا ولا وزير

تحت هذا البيت:

لا ندري ما وجه إدخال هذا الحديث مع تعليقه غير المتناسب مع موضوعه؟!

وعَنْ عُبَادَةَ بن الصامت رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «مَنْ شَهِدَ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَأَنَّ عِيسَى عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ، وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ، وَالجَنَّةُ حَقٌّ، وَالنَّارُ حَقٌّ، أَدْخَلَهُ اللَّهُ الجَنَّةَ عَلَى مَا كَانَ مِنَ العَمَلِ».{البخاري 3435}.

قلت: ولا ينفع الإقرار بأن الله وحده لا شريك له إلا إذا عمل بذلك, لأن التوحيد بالإجماع اعتقاد وقول عمل.

ولا له ند ولا عديل***ولا انتقال لا ولا تحويل

لدينا هنا ملاحظتان:

1 – لم يذكر ما هو الند، وما هو تعريفه، وما الفرق بينه وبين العديل، وما وجه تخصيص الندية فيما يختص به سبحانه؟؟

2 – ذكر العديل بأنه المثل، وكان قد أحسن الكلام على أن الأصح أن يقال ليس له مثيل في البيت الذي قبله، فلم يشر للبيت السابق هناك، ولم يشر هناك للبيت الذي هنا.

هنا جاء تعبير غير مناسب حيث قال:

فلا نقول كما قالت النصارى الكفار أن عيسى ابن الله ...

وكان الأولى إيرادها بصيغة الاستبشاع كما هو في القرآن، وليس بهذه الصيغة التي غلبت في ألفاظ من يردّ على مبتدع ما، مبيناً عقيدة أهل السنة عليها، فكان الأولى أن يقول:

ومن أقبح الأقوال التي خرجت من أفواه بعض البشر: نسبة الولد والصاحبة لله سبحانه وتعالى، فهي عبارات ضاقت بها السماوات والأرض وامتلأت غيظاً وغضباً لما نسب إلى ربها وخالقها سبحانه، ومن ذلك قول النصارى الكفار أن عيسى ابن الله ...

 قوله:

والصمد من الأسماء التي اختلف السلف في تفسيرها لكن ما ذكروه في العموم معناه صحيح.

نأمل إضافة: (كما ذكر العلماء).

 قوله:

ثم بين الناظم أن كلا الفرقتين من الجهمية, والتحقيق أن الجهمية في مسألة القرآن ثلاث فرق.

تعقيب:

لدينا هنا ثلاث ملاحظات:

1 - في التعقيب على قول الناظم بقوله: (والتحقيق) لا يتناسب؛ لأن مثل هذا اللفظ يقال في حال أخطأ صاحب المتن، أو خلط بين عدة أمور، ونحو ذلك.

2 - ومن جهة أخرى فقد أورد أقوال أخرى ليس فيها التحقيق المذكور، بل فيها ما ذكره الناظم.

3 – التوسع الغريب في بيان أقوال الجهمية والنقولات المترادفة في ذلك، والنقل الطويل عن ابن بطة لا يتناسب مع الكتاب.