JustPaste.it

http://s02.justpaste.it/files/justpaste/d271/a10641173/0027-small.gif

 

( رمضان شامي)

خطبة مقترحة لاستقبال رمضان بعنوان:

( رمضان شامي)

إعداد /محبكم:عبدالله المحيسني..

 

الحمد لله الذي جعل الصيام جُنّة، وسبباً موصلاً للجنة، ورياضة للنفوس المطمئنة.

والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين .. أما بعد ..

إلى من حباه الله، واختصه بأن جعله من أهل الشام، أو ممن يسكن الشام .. هذه الأرض الطيبة التي دعا لها خير الأنام، محمدٌ عليه الصلاة والسلام، ودعا لساكنيها، فقال: (اللهم بارك في شامنا وفي يمننا)، وقال: (إن الله تكفل بالشام وأهله).

أخي الكريم..

إن روعة استقبال أي ضيف، وشدة الاهتمام بالتجهيزات التي تسبق قدومه، والحذر من الوقوع في أي تقصير وحدوث أية مشكلة تكدر صفو الفرح وكرم الضيافة.. كل إنما يكون بحسب الأهمية والمقام الذي يتمتع به ذلك الضيف المنتظر والزائر القادم..

وإنني سأحدثك في هذا المقام عن زائر كريم وضيف رفيع المستوى سيدخل عليك، واقترب قدومه إليك..

سأحدثك عن ضيف إذا قدم؛ فُتِّحت لأجله أبواب السماواتُ كلها!

ارفع رأسك الآن، وانظر إلى السماء ما أعظمها! لأجل هذا الضيف تتفتح .. كلها!.

إذا دخل هذا الضيف؛ أبواب الجنة التي نتمنى أنا وأنت أن نكون من ساكنيها؛ تتفتح لأجله!. بل هناك شيء آخر طالما نخشاه: إنه نار جهنم، وموضع سخط الله وعذابه، فبمجرد دخول هذا الضيف تُغلق أبوابها كلها!.

بل وأزيدك : إن هذا الضيف بمجرد أن يدخل عليك؛ يُكَبَّل أشد أعداؤك، ويربط بالسلاسل، إنه الشيطان الرجيم ..

فيا سبحان الله! ما أعظم مكانة هذا الضيف وما أنفَس قيمته! كل هذه التغيرات الكونية العظيمة تحدث عند قدومه!

لا بد أخي أنك قد أدركت من هو هذا الضيف .. نعم؛ إنه شهر رمضان ..

سبحان الله! ما أجملك يا رمضان! ما أعذبك يا رمضان! ما أحلى أيامك ودقائقك وثوانيك يا رمضان!

فاسأل الله بصدق أن يبلّغك رمضان، وإذا بلغته فلتقل: شكراً لك ربي على أن بلغتنا رمضان، واختصصتني بذلك من بين كثير من عبادك ..، فكم من عبادٍ لله من مات قبل رمضان بيوم أو يومين، أو شهر أو شهرين..

والسؤال الآن: كيف استقبلت رمضان؟

هل استقبلت رمضان استقبالاً يليق به؟ هل استعددتَ لهذا الضيف العظيم؟ أم استقبلته كما تستقبل سائر الأيام؟ فلم يتغير منك ولا فيك شيء حتى الآن..

إن رمضان شهر عظيم، فيحتاج منك لاستقبال عظيم يليق بعظمته.

إن استقبال رمضان لا يكون بأن يذهب الوالد إلى الأسواق؛ ليشتري أصناف الطعام والمأكولات والمشروبات! .. لا .. ليس كذلك.

استقبال رمضان لا يكون بتجهيز، وتهيئة الدش، وتفعيل القنوات الماجنة!! .. لا وربي .. إن كنت هكذا، فأنت لم تستقبل رمضان، بل استقبلت الشر وصنائع الشيطان.

إن كنتَ هكذا؛ فإنك تكون قد رفست رمضان برجلك، وقلت: إليك عني، اذهب عني أنت وبركاتك يا رمضان.. نعم، هذا لسان الحال، وإن لم يكن لسان المقال!.

فأعيذك بالله أخي أن تكون ممن يرفس رمضان برجله، إنك إن كنت كذلك .. فاعلم أن الشيطان قد استحوذ عليك، وتملكك، وسيطر عليك وعلى عقلك وقلبك –وحاشاك-..

أخي.. إن رمضان هو موسمنا العظيم -نحن المسلمين- به نتقرب إلى ربنا، وفيه تعكف قلوبنا عليه سبحانه.. إن رمضان توزع فيه صكوك الغفران .. أتدرون ما هي صكوك الغفران؟

هي صكوك العتق من النيران، من الكريم المنان، وليس من أحد من بني الإنسان..

يقول النبي صلى الله عليه وسلم : (في كل ليلة من رمضان لله عتقاء من النار يعتقهم الله برحمته)، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم : (في كل يوم من أيام رمضان: لله عند الفطر: عتقاء من النار) ..

سبحان الله .. ما أعظم هذا الفضل العظيم! يعني في كل يوم، بعد أن تنتهي الليلة: تُرفع أسماء من أهل الأرض إلى السماء .. فلان بن فلان، وفلانة بنت فلان: كُتبت أسماؤهم في عليين، يأتون يوم القيامة لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، يقال لهم: أنتم عتقاء الله من نار جهنم.. فيا لسعده ويا لهنائه ويا لحظّه من ارتفع اسمه إلى الله في شهر رمضان..

هناك قصة لرمضان، قد لا تعرفها، تأملها معي ..

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لربه: يا ربي إن الأمم السابقة -أمة نوح وموسى وعيسى- كانت أعمارهم ما بين الثلاثمائة والتسعمائة، وهذا يعطيهم فرصة أن يتعبدوا أكثر من أمتي التي أعمارها ما بين الستين والسبعين، فعوض الله أمة محمد صلى الله عليه وسلم بشهر رمضان؛ ليزدادوا به، ويلحقوا به الأمم السابقة.

تخيل: في رمضان ليلة واحدة .. خير من عبادة ألف شهر!.

كأنما تعبدت الله ثمانين سنة .. تكسب هذا الأجر في ليلة واحدة، هي ليلة القدر.

نعم أخي: إن رمضان هو شهر مغفرة الذنوب، هو شهر الفوز، شهر العتق من النار، وإن أشدنا خسارة من يدخل عليه رمضان، ويخرج، ولم يسجل اسمه من عتقاء الله من النار! ولم يسجل اسمه فيمن وجبت له الجنة!.

لن أطيل عليكم, ولكن .. اعلموا: أن أشد الشهور على الشيطان هو شهر رمضان؛ لأنه يرى عباد الله وهم يأخذون براءات من النار، تؤدي إلى أنهم يدخلون الجنة.

وإن الشيطان في رمضان يُكبَّل ويصفّد، فلا يستطيع أن يضلَّ الناس، ولكن نوّاب الشيطان ووكلاءه يقومون بالمهمة؛ ليسرقوا فضل رمضان، ويغتالوا الأجور والحسنات في رمضان، ويشغلوا الناس بتفاهات وبلا شيء عن رب الأرض والسماوات الذي بيده ملكوت شيء.

أتدون من هم هؤلاء الوكلاء للشيطان الذين ينوبون عنه؟

إنهم أصحاب القنوات الفضائية الذين يبذلون جهوداً هائلة؛ ليبثوا الأفلام والمسلسلات الماجنة الهابطة التي تسخر من الدين، وتشوه الصالحين، وتبث الغناء والرقص والفجور والعري والغرام والفساد؛ لينشغل قلبك بغير الله تعالى، ويضيع الأجر، وتبعد عن الجنة.

ثم متى يضعون هذه البرامج؟ يضعونها بعد الإفطار؛ كأنهم يقولون: سنضيع عليك ما اكتسبته من حسنات صيامك، ويمنعونك من صلاة التراويح، وإعمار ليل رمضان بالتقرب إلى ربك العظيم الكريم، الذي يصب الرحمات والبركات والخيرات صباً في هذا الشهر الكريم.

يا سبحان الله! قومنا في غفلة عن هذا شديدة!.

أتدري أن أصحاب القنوات الفضائية ال (إم بي سي) وأخواتها، و(روتانا) وأخواتها، وغيرها من قنوات الشر والفحش والمجون، التي تسعى لأن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا، تعمل قبل رمضان بستة أشهر تعد برامج رمضان؛ لأجل أن تبث سمومها، وشرها، ولينشغل الناس باللهو واللغو والباطل عن ربهم وخالقهم، ويملئون قلوبهم بتفاهات وضلالات وسخف، بدلاً عن امتلائها بكلام الله، وعظمته، ومحبته، ومحبة رسوله صلى الله عليه وسلم.

فالخسران كل الخسران في ترك هؤلاء اللصوص (لصوص الدين والخير والأجر) في بيته يسرقون أجره وأجر أهله، ويشغلون قلبه وفكره، وقلب وفكر أهله.

أيها الأخ الحبيب.. إني لك محب وناصح.. إن كنت تريد نصيحتي .. فالآن حين ترجع إلى أهلك اذهب إلى جهاز البث، وانزعه من بيتك، أو افصل أسلاكه ..

أو احظر جميع القنوات ما عدا القنوات التي تبث أخبار الشام، والتي تنفعك وتنفع أهلك، وما أشبهها من القنوات التي تزيدك قرباً من الله تعالى، وترى أن ذمتك بريئة يوم تقف بين يديه، وأنت أدرى بنفسك، استفت قلبك وإن أفتاك الناس، واعمل ما يقع عند ربك موقع الرضى والقبول، وفقك الله لما يُحب ويرضى، وأخذ بنواصينا جميعاً للبر والتقوى.

الخطبة الثانية:

ختاماً أيها الأحبة..

هذه بعض الوصايا التي أوصي بها نفسي وإياكم علَّنا أن نكون ممن فاز في رمضان:

• الوصية الأولى: رمضان شهر القرآن:
قراءة القرآن من أعظم ما يتقرب به إلى الله، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يقال لقارئ القرآن: اقرأ وارتق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا، فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها)، وقال صلى الله عليه وسلم: (اقرأوا القرآن، فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه)، والحرف منه بعشر حسنات، فكيف في شهر رمضان الذي تضاعف فيه الحسنات.. وأعظم شيء، وأهم شيء كان يفعله النبي صلى الله عليه وسلم في رمضان ويحرص عليه: هو قراءة القرآن فقد (كان يأتيه جبريل في شهر رمضان فيدارسه القرآن)، ويلي ذلك الصدقة، فقد (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان)، وكان السلف والعلماء إذا جاء شهر رمضان، يتركون العلم، ويتفرغون لقراءة القرآن، حتى قال بعضهم: (إنما هما شيئان: القرآن والصدقة).

• الوصية الثانية: رمضان شهر الجهاد في سبيل الله:
فإن كنت من المجاهدين في سبيل الله: فهنيئاً لك، فافرح أخي لأنك قد جمعت بين الأجرين: أجر الصيام، وأجر الجهاد، و(من صام يوماً في سبيل الله باعد الله بين وجهه وبين النار سبعين خريفاً)، فإن كنت من المجاهدين؛ فافرح بما حباك الله من الأجر والفضل العظيم. وإن لم تكن من المجاهدين: فكن مع المجاهدين، وكن من أنصارهم، وخذ من مالك -ولو مبلغاً يسيراً-، واشترِ به -ولو طلقات-، واذهب إلى خطوط الرباط، وأعطها المجاهدين، فإن هذا يجعلك منهم.

اجعل زوجتك تهيء إفطاراً، واذهب إلى نقاط الرباط، وأعطهم هذا الإفطار ..، أَعِنْ المجاهدين وساعدهم بما تستطيع.

• الوصية الثالثة : شهر رمضان: شهر التراويح
لا تفرط في صلاة التراويح، فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (من قام رمضان إيماناً واحتساباً: غُفر له ما تقدم من ذنبه)، وقال: (من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة) صلاة التراويح اليوم لا تأخذ من وقتك أكثر من نصف ساعة، تصليها.. الله يعطيك أجر قيام ليلة كاملة، أي: كأنك صليت من بعد العشاء إلى الفجر، فلا تضيع مثل هذا الأجر العظيم.

• الوصية الرابعة: اربط أبناءك بالقرآن والخير:
تعاهد أبناءك وتابعهم في قراءة القرآن؛ خاصة في هذا الشهر؛ شهر القرآن، واجعل لهم جوائز لمن يختم القرآن أكثر من مرة، وجوائز لمن يحرص على فعل الطاعات، والتفنن في هذا المجال بابه واسع، وكثير من الآباء عنده من الحكمة والخير ما يغنيه عن تذكيرنا.

• الوصية الخامسة: الله الله في الدعاء في رمضان:
رمضان شهر الدعاء .. اغتنم قبيل الإفطار، فهي فترة لا يرد فيها الدعاء، واغتنم لحظات قيام الليل والتراويح، وغيرها، وأكثر فيها من دعاء الله سبحانه وتعالى، لك ولأهلك وأولادك، ووالديك وأرحامك، ومن لهم حق عليك، ولجميع المؤمنين.

• الوصية السادسة: رمضان شهر العفو، والتصافح، والتسامح:
النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (من كظم غيظاً وهو قادر على أن ينفذه: دعاه الله يوم القيامة حتى يخيره من الحور العين ما شاء).

فاغتنم شهر رمضان، واعفُ عمن أساء إليك، وعمن ظلمك، فاذهب إليه، وقل له: عفوت عنك لأجل الله رب العالمين.

واعلم أن الجزاء من جنس العمل، وكما تدين تُدان، فمن عفا، عفا الله عنه، ومن تجاوز، تجاوز الله عنه، ومن صفح، صفح الله عنه: (وإن تعفوا وتصفحوا وتغفروا فإن الله غفور رحيم)..

• الوصية السابعة: رمضان شهر التواصل:
انظر إلى أقاربك، وأرحامك .. زُرهم، تعاهدهم، تواصل معهم، ادعُهم إلى مائدة الإفطار، فإن صلة الرحم من أعظم الأجور، ففي الصحيحين عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الرحم معلقة بالعرش تقول: من وصلني وصله الله، ومن قطعني قطعه الله). قال أبو هريرة: اقرؤوا إن شئتم: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ}.

• الوصية الثامنة: رمضان شهر الصدقة والإحسان:
ينادي منادٍ كل يوم في رمضان: يا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر .. فكن ممن يبتغي الخير في رمضان .. انظر إلى أسر الشهداء، انظر إلى أطفال الشهداء، انظر إلى النازحين، انظر إلى من هُدّمت بيوتهم، أنظر إلى جيرانك، تكفّل بأسرة في رمضان، اجتهد في إطعام الناس ما استطعت في رمضان.

• الوصية التاسعة: رمضان شهر العلم والتعليم:
ابعث أبناءك؛ وإن استطعت؛ فأذهب بنفسك إلى حلقات تحفيظ القرآن ومعاهده –وهي منتشرة اليوم في أرض الشام، ولله الحمد والمنة- والتحِق بها؛ لتجعل لك جزءاً من وقتك في حفظ وقراءة القرآن، فهذا شهر كان نبيك عليه الصلاة والسلام يتدارس فيه القرآن مع جبريل عليه السلام.

• الوصية الأخيرة : رمضان شهر الرباط: والرباط رباطان: رباط أمام الأعداء .. بأن تذهب إلى منافذ الأعداء، وترابط هناك حراسةً للمسلمين، وتظل يوماً فأكثر ترابط، وتحفظ حدود المسلمين، وأجر هذا عند الله عظيم، فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (رباط ليلة في سبيل الله خير من قيام ليلة القدر عند الحجر الأسود)، إلا أن هذا الرباط لا يستطيعه إلا المجاهد في سبيل الله. والرباط الآخر يستطيعه كل أحد، ألا وهو: انتظار الصلاة بعد الصلاة، فلا تفرط في هذا في رمضان، يعني: أن تصلي الظهر، وتظل تقرأ القرآن حتى صلاة العصر، ولا تخرج من المسجد، أو بين المغرب والعشاء، أو نحو ذلك، ففي الحديث الصحيح قال عليه الصلاة والسلام: (ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات؟ قالوا: بلى يا رسول الله. قال: إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخُطى إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم الرباط، فذلكم الرباط، فذلكم الرباط). فالله الله في الرباط، يا من وفقك الله لإدراك هذا الشهر العظيم الكريم، اشكر نعمة الله عليك، وبادر بالطاعات تنزل من ربك البركات إليك، وفقني الله وإياك لما يُرضية..
هذا وصلّوا وسلّموا على من أُمرتم بالصلاة والسلام عليه، بقول من لم يزَل قائلاً عليماً: (إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما).. اللهم صل وسلم على خير البرية، وأزكى البشرية، نبيك المصطفى ورسولك المجتبى، وارض عن الأربعة الخلفاء، الأئمة الحنفاء، أولي القدر العلي، والمقام الجلي، أبي بكرٍ وعمر وعثمان وعلي، وعلى سائر الآل والأصحاب، والتابعين لهم بإحسان، وعنّا ووالدينا معهم بفضلك يا ذا الجلال والإكرام...

الرجوع إلى الصفحة الرئيسية

*****

file1.jpeg