JustPaste.it

الرد على بحث الاصابة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا وأحكم آياته وفصله تفصيلا والصلاة والسلام على من كان القرآن خلقه وأكمل الله به الدين تكميلا

إلى طلبة الحق في زمن عز فيه الناصح بالحق المبين لدين الله بالحجة الناصعة المجردة من الهوى.

السلام عليكم وبعد:

لقد كثر القول في دين الله تعالى بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير وعكف الناس على الأقاويل التي لم تستند إلى الدليل والى كتب ما أنزل الله لها من بينة في محكم التنزيل كما قال عليه السلام فيما رواه عنه عبد الله بن عمرو رضي الله عنه: من اقتراب الساعة أن ترفع الأشرار وتوضع الأخيار ويفتح القول ويخزن العمل ويقرأ بالقوم المثناة ليس فيهم أحد ينكرها قيل وما المثناة قال ما اكتتبت سوى كتاب الله عز وجل أ.هـ ويأبى الله تعالى إلا أن يتم نوره قال تعالى: فلولا كان من القرون من قبلكم أولوا بقية ينهون عن الفساد في الأرض إلا قليلا ممن أنجينا منهم واتبع الذين ظلموا ما أترفوا فيه وكانوا مجرمين () وقال عليه الصلاة والسلام: يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله ينفون عنه تحريف الغالين وتأويل الجاهلين وانتحال المبطلين أ.هـ فكان لزاما علينا نصحا لله ولدينه ولرسوله وللعامة أن نبين الحق ونظهره ليدمغ الله به الباطل ومن آخر ما صدر من افتئات على دين الله تعالى كتاب بعنوان ( الإصابة في شرح حديث: من كان آخر كلامه لا إله إلا الله عند الموت دخل الجنة يوما من الدهر وإن أصابه قبل ذلك ما أصابه لــ غسان بدر المصري () يقوم على مقدمات فاسدة باطلة مليء بالحشو وتوجيه للأدلة ولأقوال العلماء توجيها فاسدا ولو أردنا أن نتكلم على ما ورد فيه بالتفصيل لحصل من ذلك سفرا كبيرا ولكن اكتفينا في هذا الرد على أصول مسائله وما بقي تبع لها يفسد بفسادها وما بني على باطل فهو باطل.

المسألة الأولى: التفريق بين مصطلح (عبادة غير الله) و (عبادة من دون الله) مما ترتب عليه أن عبادة غير الله شرك دون شرك وأما عبادة من دون الله فهي شرك اكبر.

1- إن هذا أمر يتعلق بأصل الدين لا يمكن قبول قول أحد إلا بدليل واضح صريح لا يدخل فيه الاجتهاد بل هو مما يظهر للناس عامة لأنه يتعلق بهم جميعا.

2- إن هذا التفريق لم ينص عليه أحد من أهل العلم ولم يتكلموا به وبما يتعلق به من أحكام فضلا عن القرآن والسنة.

3- النصوص الشرعية إما نصوص قرآنية وإما نصوص نبوية وهي الأدلة الشرعية التي يجب الرد إليها في كل تنازع سواء كان في الأصول أو الفروع ولهذا الرد كيفية حسب الأصول والضوابط الشرعية والعلمية التي نص عليها أهل العلم واتفقوا عليها وليس النظر في الأدلة الشرعية متروك للهوى القائم على غير أسس واضحة وضوابط بينة.

والنصوص القرآنية لا يعلم المراد منها إلا بـالرد إلى:

- نصوص قرآنية وهذا هو تفسير القرآن بالقرآن.

- نصوص نبوية وهذا تفسير القرآن بالسنة النبوية.

- اللغة التي نزل بها القرآن لقوله تعالى: وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم....() وقوله تعالى: إنا أنزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون()

- أولا: إن هذا القرآن تنزيل من حكيم حميد لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا ومن إعجاز هذا القرآن الذي نزل لبيان التوحيد كما قال تعالى: كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير () ألا تعبدوا إلا الله إنني لكم منه نذير وبشير() أنّ فيه الرد على كل شبهة إلى قيام الساعة مهما كانت ومهما كان قائلها وهذه الشبه قد نص القرآن على فسادها وبين أنه لا فرق بين مصطلح عبادة غير الله وعبادة من دون الله سواء في الوصف أو الحكم للأدلة التالية:

-1: إن الله تعالى أرسل الرسل وانزل الكتب لدعوة الناس إلى ترك الشرك الأكبر الذي هو عبادة من دون الله ولقد دعا الرسل جميعا إلى هذا الأمر كما أخبر عنهم سبحانه وتعالى بمصطلح غير:

- لقد أرسلنا نوحا إلى قومه فقال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم (59) الأعراف.

وإلى عاد أخاهم هودا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره أفلا تتقون (65) الأعراف.

- وإلى ثمود أخاهم صالحا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره قد جاءتكم بينة من ربكم هذه ناقة الله لكم آية فذروها تأكل في أرض الله ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب أليم (73) الأعراف

- وإلى مدين أخاهم شعيبا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره قد جاءتكم بينة من ربكم فأوفوا الكيل والميزان ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها ذلكم خير لكم إن كنتم مؤمنين (85) الأعراف.

- وورد أيضا في سورة هود الآيات( 50، 61، 84، ) وسورة المؤمنون الآيات( 23، 32). فدعوة الأنبياء إلى عدم عبادة غير الله التي هي اصل التوحيد والتي يترتب عليها الخلود في النيران لأنها الشرك الأكبر.

2-: إن عبادة غير الله تعالى هي التي ذم الله تعالى فاعلها قال تعالى:

- قل أفغير الله تأمروني أعبد أيها الجاهلون ( 64 ) ولقد أوحي إليك والى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين(65) الزمر، فالله عز وجل يبين بنص صريح واضح أن عبادة غير الله هي الشرك الذي أوحى الله عز وجل إلى رسوله والى الأنبياء من قبله باجتنابه وأنه يحبط العمل ويترتب عليه الخسران وهو الخلود في النيران.

3-: بين الله سبحانه وتعالى أن الربوبية والألوهية والأسماء والصفات يجعلها المشركون في غير الله تعالى وأنها هي الشرك الأكبر قال سبحانه:

- قل أغير الله أتخذ وليا فاطر السماوات والأرض وهو يطعم ولا يطعم قل إني أمرت أن أكون أول من أسلم ولا تكونن من المشركين(14) الأنعام.

- أم لهم إله غير الله سبحان الله عما يشركون (43) الطور.

- قل أغير الله أبغي ربا وهو رب كل شيء ولا تكسب كل نفس إلا عليها ولا تزر وازرة وزر أخرى ثم إلى ربكم مرجعكم فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون(164) الأنعام.

- قال أغير الله أبغيكم إلها وهو فضلكم على العالمين(140) الأعراف.

- قل أرأيتم إن جعل الله عليكم الليل سرمدا إلى يوم القيامة من إله غير الله يأتيكم بضياء أفلا تسمعون(71) القصص.

- قل أرأيتم إن جعل الله عليكم النهار سرمدا إلى يوم القيامة من إله غير الله يأتيكم بليل تسكنون فيه أفلا تبصرون(72) القصص.

- أفغير الله أبتغي حكما وهو الذي أنزل إليكم الكتاب مفصلا والذين آتيناهم الكتاب يعلمون أنه منزل من ربك بالحق فلا تكونن من الممترين(114) الأنعام.

- يا أيها الناس اذكروا نعمة الله عليكم هل من خالق غير الله يرزقكم من السماء والأرض لا إله إلا هو فأنى تؤفكون(3) فاطر.

-أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا(82) النساء.

4- قال تعالى: قل أندعوا من دون الله.. الآية . ودعاء من دون الله هو عبادة من دون الله وهو معنى غير وقد ورد صريحا في قوله تعالى: قل أرأيتكم إن أتاكم عذاب الله أو أتتكم الساعة أغير الله تدعون إن كنتم صادقين(40) الأنعام.

5- إن التقوى لا تكون لغير الله تعالى ومن فعل ذلك لغير الله تعالى فقد أشرك الشرك الأكبر بدليل قوله تعالى: وله ما في السماوات والأرض وله الدين واصبا أفغير الله تتقون(52) النحل.

6- إن لفظ غير هو الذي نص عليه سبحانه وتعالى في بيان أعظم ذنب وهو الشرك ممثلا في فرعون قال الله سبحانه وتعالى:

- قال لئن اتخذت إلها غيري لأجعلنك من المسجونين ( 29) الشعراء.

- وقال فرعون يا أيها الملأ ما علمت لكم من إله غيري فأوقد لي يا هامان على الطين فاجعل لي صرحا لعلي أطلع إلى إله موسى وإني لأظنه من الكاذبين( 38) القصص.

ثانيا: أما من ناحية الدلالة اللغوية فقد نصت اللغة على أن (غير) و ( من دون) كلاهما بمعنى الآخر لا فرق بينهما هذا ما بينه ونص عليه علماء اللغة رحمهم الله تعالى:

1- قال الاصفهاني: دون: يقال للقاصر عن الشيء: دون، قال بعضهم: هو مقلوب من الدنو، والأدون: الدنيء وقوله تعالى: }لا تتخذوا بطانة من دونكم [آل عمران/ 118]، أي: ممن لم يبلغ منزلته منزلتكم في الديانة، وقيل: في القرابة. وقوله: }ويغفر ما دون ذلك [النساء/48]، أي: ما كان أقل من ذلك، وقيل: ما سوى ذلك، والمعنيان يتلازمان. وقوله تعالى: }أأنت قلت للناس: اتخذوني وأمي إلهين من دون الله [المائدة/116]، أي: غير الله، وقيل: معناه إلهين متوصلا بهما إلى الله. وقوله: }ليس لهم من دونه ولي ولا شفيع [الأنعام/51]، }وما لكم من دون الله من ولي ولا نصير (سورة العنكبوت: آية 22، وفي المطبوعة (وما لهم) وهو تصحيف) أي: ليس لهم من يواليهم من دون أمر الله. وقوله: }قل أندعوا من دون الله ما لا ينفعنا ولا يضرنا [الأنعام/71]، مثله. وقد يغرى بلفظ دون، فيقال: دونك كذا، أي: تناوله، قال القتيبي: يقال: دان يدون دونا: ضعف. المفردات في غريب القرآن 175 (انظر: المجمل 2/341).

وقال أيضا: غير- غير يقال على أوجه:

الأول: أن تكون للنفي المجرد من غير إثبات معنى به، نحو: مررت برجل غير قائم. أي: لا قائم، قال: }ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله [القصص/50]، }وهو في الخصام غير مبين [الزخرف/18].

الثاني: بمعنى (إلا) فيستثنى به، وتوصف به النكرة، نحو: مررت بقوم غير زيد. أي: إلا زيدا، وقال: }ما علمت لكم من إله غيري [القصص/38]، وقال: }ما لكم من إله غيره [الأعراف/59]، }هل من خالق غير الله [فاطر /3].

الثالث: لنفي صورة من غير مادتها. نحو: الماء إذا كان حار غيره إذا كان باردا، وقوله: }كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها [النساء/56].

الرابع: أن يكون ذلك متناولا لذات نحو: }اليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تقولون على الله غير الحق [الأنعام/93]، أي: الباطل، وقوله:}واستكبر هو وجنوده في الأرض بغير الحق [القصص/39]، }أغير الله أبغي ربا [الأنعام/164]، }ويستخلف ربي قوما غيركم [هود/57]، }آئت بقرآن غير هذا [يونس/15].

والتغيير يقال على وجهين:

أحدهما: لتغيير صورة الشيء دون ذاته. يقال: غيرت داري: إذا بنيتها بناء غير الذي كان.

والثاني: لتبديله بغيره. نحو: غيرت غلامي ودابتي: إذا أبدلتهما بغيرهما. نحو: }إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم [الرعد/11].

والفرق بين غيرين ومختلفين أن الغيرين أعم، فإن الغيرين قد يكونان متفقين في الجوهر بخلاف المختلفين، فالجوهران المتحيزان هما غيران وليسا مختلفين، فكل خلافين غيران، وليس كل غيرين خلافين.المفردات في غريب القرآن 368

2- قال الفيروز أبادي: دون ـ دُونَ، بالضم: نَقيضُ فَوْقَ ويكونُ ظَرْفاً، وبمعنى أمامَ، ووراءَ، وفوقَ، ضِدٌّ، وبمعنَى غيرٍ، قيل: ومنه:
ـ "ليس فيما دونَ خَمْسِ أواقٍ صَدَقَةٌ "، أي : في غيرِ خَمْسِ أواقٍ،
ـ قيل: ومنه الحَديثُ: "أجازَ الخُلْعَ دونَ عِقاصِ رأسِها "، أي: بما سِوَى عِقاصِ رأسِها، أو مَعْناهُ: بِكُلِّ شيء حتى بِعِقاصِ رأسِها، وبِمَعْنَى الشَّريفِ، والخَسِيسِ، ضِدٌّ، وبمعْنَى الأَمْرِ والوَعِيدِ،

القاموس المحيط - للفيروز آبادي 1545

وقال أيضا: وغيرُ بمعْنَى: سِوى، وتكونُ بمعنى لا: {فَمَنِ اضْطُرَّ غيرَ باغٍ}، أي: جائعاً لا باغِياً، وبمعنى إلاَّ، وهو اسمٌ مُلازِمٌ للإِضافَةِ في المعنَى أ.هـ القاموس المحيط582 .

 

دون : نقيض فوق وهو تقصير عن الغاية ويكون ظرفا ، والدون: الحقير الخسيس أ.هـ لسان اللسان تهذيب لسان العرب 1/ 432 .

غير : غير من حروف المعاني تكون نعتا وتكون بمعنى لا ... ةقيل : غير بمعنى سوى.. وهي كلمة يوصف بها ويستثنى.... ويكون غير بمعنى ليس أ.هـ لسان اللسان تهذيب لسان العرب 2/288

ثالثا: أما من ناحية علماء التفسير فهذا ما نصوا عليه رحمهم الله:

قال الطبري: وأما معنى قوله من دون الله فإنه سوى الله وبعد الله أ.هـ تفسير الطبري1/483.

وقال أيضا: القول في تأويل قوله تعالى قل أتعبدون من دون الله ما لا يملك لكم ضرا ولا نفعا والله هو السميع العليم.......يقول تعالى ذكره لمحمد صلى الله عليه وسلم قل يا محمد لهؤلاء الكفرة من النصارى الزاعمين أن المسيح ربهم والقائلين إن الله ثالث ثلاثة أتعبدون سوى الله الذي يملك ضركم ونفعكم وهو الذي خلقكم ورزقكم وهو يحييكم ويميتكم شيئا لا يملك لكم شرا ولا نفعا أ.هـ تفسير الطبري6/315.

قال المحلي: وما أنتم بمعجزين في الأرض ولا في السماء وما لكم من دون الله من ولي ولا نصير [وما أنتم بمعجزين] ربكم عن إدراككم [في الأرض ولا في السماء] لو كنتم فيها أي لا تفوتونه [وما لكم من دون الله] غيره [من ولي] يمنعكم منه [ولا نصير] ينصركم من عذابه أ.هـ تفسير الجلالين.

ويوم يحشرهم وما يعبدون من دون الله فيقول أأنتم أضللتم عبادي هؤلاء أم هم ضلوا السبيل [ويوم يحشرهم] بالنون والتحتانية [وما يعبدون من دون الله] أي غيره من الملائكة وعيسى وعزيز والجن [فيقول] تعالى بالتحتانية والنون للمعبودين إثباتا للحجة على العابدين [أأنتم] بتحقيق الهمزتين وإبدال الثانية ألفا وتسهيلها وإدخال ألف بين المسهلة والأخرى وتركه [أضللتم عبادي هؤلاء] أوقعتموهم في الضلال بأمركم إياهم بعبادتكم [أم هم ضلوا السبيل] طريق الحق بأنفسهم أ.هـ تفسير الجلالين

يا أيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له وإن يسلبهم الذباب شيئا لا يستنقذوه منه ضعف الطالب والمطلوب[يا أيها الناس] أي أهل مكة [ضرب مثل فاستمعوا له] وهو [إن الذين تدعون] تعبدون [من دون الله] أي غيره وهم الأصنام [لن يخلقوا ذبابا] اسم جنس واحده ذبابة يقع على المذكر والمؤنث [ولو اجتمعوا له] لخلقه [وإن يسلبهم الذباب شيئا] مما عليهم من الطيب والزعفران الملطخين به [لا يستنقذوه] لا يستردوه [منه] لعجزهم فكيف يعبدون شركاء الله تعالى هذا أمر مستغرب عبر عنه بضرب المثل [ضعف الطالب] العابد [والمطلوب] المعبود.أ.هـ تفسير الجلالين

واتخذوا من دون الله آلهة لعلهم ينصرون [واتخذوا من دون الله] غير الله [آلهة] أصناما يعبدونها [لعلهم ينصرون] يمنعون من عذاب الله تعالى بشفاعة آلهتهم بزعمهم ز أ.هـ تفسير الجلالين.

وقال السيوطي: ويعبدون من دون الله ما لا يملك لهم رزقا من السماوات والأرض شيئا ولا يستطيعون [ويعبدون من دون الله] أي غيره [ما لا يملك لهم رزقا من السماوات] بالمطر [والأرض] بالنبات [شيئا] بدل من رزقا [ولا يستطيعون] يقدرون على شيء وهم الأصنام أ.هـ تفسير الجلالين.

وقال القرطبي: أمن هذا الذي هو جند لكم ينصركم من دون الرحمن إن الكافرون إلا في غرور () أم من هذا الذي هو جند لكم ينصركم من دون الرحمن إن الكافرون إلا في غرور قوله تعالى: [أمن هذا الذي هو جند لكم] قال ابن عباس: حزب ومنعة لكم. [ينصركم من دون الرحمن] فيدفع عنكم ما أراد بكم إن عصيتموه. ولفظ الجند يوحد؛ ولهذا قال: [هذا الذي هو جند لكم] وهو استفهام إنكار؛ أي لا جند لكم يدفع عنكم عذاب الله [من دون الرحمن] أي من سوى الرحمن. [إن الكافرون إلا في غرور] من الشياطين؛ تغرهم بأن لا عذاب ولا حساب. أ.هـ الجامع لأحكام القرآن - تفسير القرطبي - أبو عبد الله محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي.

ومعنى [من دون الله] سوى الله وبعد الله، كما قال أمية بن أبي الصلت:يا نفس ما لك دون الله من واق وما على حدثان الدهر من باق وقراءة الجماعة [ولا نصير] بالخفض عطفا على [ولي] ويجوز [ولا نصير] بالرفع عطفا على الموضع، لأن المعنى ما لكم من دون الله ولي ولا نصير. ا.هـ الجامع لأحكام القرآن - تفسير القرطبي - أبو عبد الله محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي.

قوله تعالى: "وصدها ما كانت تعبد من دون الله " الوقف على "من دون الله " حسن؛ والمعنى: منعها من أن تعبد الله ما كانت تعبد من الشمس والقمر فـ "ما " في موضع رفع. النحاس: المعنى؛ أي صدها عبادتها من دون الله وعبادتها إياها عن أن تعلم ما علمناه عن أن تسلم. ويجوز أن يكون "ما " في موضع نصب، ويكون التقدير: وصدها سليمان عما كانت تعبد من دون الله؛ أي حال بينها وبينه. ويجوز أن يكون المعنى: وصدها الله؛ أي منعها الله عن عبادتها غيره فحذفت "عن " وتعدى الفعل. نظيره: "واختار موسى قومه " "الأعراف: 155 " أي من قومه. الجامع لأحكام القرآن - تفسير القرطبي - أبو عبد الله محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي.

وقال ابن كثير: قوله ( ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة ثم يقول للناس كونوا عبادا لي من دون الله ) ي ما ينبغي لبشر آتاه الله الكتاب والحكم والنبوة أن يقول للناس اعبدوني من دون الله أي مع الله فإذا كان هذا لا يصلح لنبي ولا لمرسل فلأن لا يصلح لأحد من الناس غيرهم بطريق الأولى والأحرى أ.هـ تفسير ابن كثير - أبو الفداء إسماعيل بن كثير

فقد كذبوكم بما تقولون فما تستطيعون صرفا ولا نصرا ومن يظلم منكم نذقه عذابا كبيرا يقول تعالى مخبرا عما يقع يوم القيامة من تقريع الكفار في عبادتهم من عبدوا من دون الله من الملائكة وغيرهم فقال ( ويوم نحشرهم وما يعبدون من دون الله ) أ.هـ تفسير ابن كثير - أبو الفداء إسماعيل بن كثير

وقوله تعالى ( وصدها ما كانت تعبد من دون الله إنها كانت من قوم كافرين ) ذا من تمام كلام سليمان عليه السلام في قول مجاهد وسعيد بن جبير رحمهما الله أي قال سليمان ( أوتينا العلم من قبلها وكنا مسلمين ) هي كانت قد صدها أي منعها من عبادة الله وحده ( ما كانت تعبد من دون الله إنها كانت من قوم كافرين ) هذا الذي قاله مجاهد وسعيد وحسن وقاله ابن جرير أيضا ' 19/168 ' ثم قال ابن جرير ' 19/168 ' ويحتمل أن يكون في قوله ( وصدها ) ضمير يعود إلى سليمان أو إلى الله عز وجل تقديره ومنعها ( ما كانت تعبد من دون الله ) أي صدها عن عبادة غير الله أ.هـ تفسير ابن كثير - أبو الفداء إسماعيل بن كثير.

دون غيري أحكم فيهما وفيما فيهما بما أشاء وآمر فيهما وفيما فيهما بما أشاء وأنهى عما أشاء وأنسخ وأبدل وأغير من أحكامي التي أحكم بها في عبادي بما أشاء إذ أشاء وأقر فيهما ما أشاء.أ.هـ تفسير ابن كثير - أبو الفداء إسماعيل بن كثير.

وقوله ( ومن الشياطين من يغوصون له ) ي في الماء يستخرجون اللآلئ والجواهر وغير ذلك ( ويعملون عملا دون ذلك )أ ي غير ذلك كما قال تعالى ( والشياطين كل بناء وغواص وآخرين مقرنين في الأصفاد ) تفسير ابن كثير - أبو الفداء إسماعيل بن كثير.

وانظر ما نقله عن ابن القيم ص132 ما نصه: فهم كانوا يعبدون الله ويعبدون معه غيره فلم ينتف عنهم الفعل لوقوعه منهم ونفي الوصف لأن من عبد غير الله لم يكن ثابتا على عبادة الله موصوفا بها فتأمل هذه النكتة كيف تجد في طيها أنه لا يوصف بأنه عابد الله .. الى قوله : وأنه وإن عبده وأشرك به غيره فليس عابدا لله ولا عبدا له أ.هـ فسبحان الله ماذا تفعل البدعة بأهلها حيث تعمي البصر والبصيرة فهو ينقل كلاما صريحا لعالم يثبت فيه أن الشرك الاكبر هو عبادة غير الله سبحانه.

فهؤلاء علماء اللغة والتفسير ينصون على أن معنى دون:( غير وسوى وإلا ) التي كلها بمعنى واحد.

وبعد هذا البيان الواضح انظر إلى قوله ص148:الفصل السابع: شبهتهم في تفسير قول الله عز وجل }من دون الله{ بــــ ( غير الله) قلت: لا يقدرون على إثبات ذلك بوجه علمي..... إلى قوله: وأنا على يقين من كون أصحاب هذه الشبه لا يلتزمون بجهلهم لغة القرآن لأنهم اتخذوا الدنية في فهم الوحي بصريح قوله صلى الله عليه وسلم: ( يقراون القرآن لا يتجاوز حناجرهم أ.هـ ثم بدا يضع قواعد ما أنزل الله بها من سلطان بقوله: ثمرة فهمهم معنى (دون) بـ (غير) الخ أ.هـ.

قلت: 1- من هو صاحب الشبهة ؟ أليس هو؟

2-من الذي لا يقدر على إثبات قوله بوجه علمي؟ أليس هو؟ فنحن والحمد لله أثبتناه بوجه شرعي وعلمي ولغوي

3- من هو الجاهل بلغة القرآن أنحن أم هو ؟ أليس هو ؟

4- من الذي أتخذ الدنية في فهم الوحي وصدق عليه قوله عليه السلام (( يقراون القرآن لا يتجاوز حناجرهم ).

ما سبب شبهته ؟ إن ما وقع فيه إنما هو لجهله بلغة القرآن وبلغة العرب وبأقوال العلماء حيث أنه لم يميز بين الدنو بمعنى القرب وبين دون بمعنى غير التي تفيد معنى الانحطاط في الرتبة والحال والانتقاص وهذا ما بينه علماء اللغة رحمهم الله وهذا ما ذكره بنصه ص148: وقال أبو السعود: دون، ومعنى دون: أدنى مكان من شيء يقال هذا دون ذاك إذا كان أحط منه قليل ثم استعير للتفاوت في الأحوال والرتب قيل زيد دون عمرو أي: في الفضل والرتبة ثم اتسع فاستعمل في كل تجاوز حد إلى حد وتخطى حكم إلى حكم من غير ملاحظة انحطاط أحدهما عن الآخر فجرى مجرى أداة الاستثناء أ.هـ فأبو السعود الذي نقل كلامه يقرر:

  1. أن أصل الوضع اللغوي لـ دون هو الانحطاط والانتقاص.

  2. أن هذا اللفظ استعير لبيان التفاوت في الأحوال والرتب.

  3. أن دون أخذت معنى أداة الاستثناء الذي هو معنى غير.

ولذلك فإن علماء اللغة أيضا يميزون بين دون(غير) وبين الدنو ( القرب):

فالفيروزابادي أحد أساطين اللغة العربية صاحب القاموس المحيط ذكر معنى دون في باب النون حرف الدال ص1545 وذكر معنى الدنو في باب الألف المقصورة عند حرف الدال( دنا) ص 1656.

وانظر لسان العرب باب الدال (دون) و(دنا).

وانظر تهذيب لسان العرب (دنا) 1/424، (دون) 1/432. وانظر المفردات في غريب القرآن باب الدال (دنا) ص172, و(دون) ص175.

ومعنى القرب الذي أخذه من كلام العلماء على اسم الله الباطن وجعله مناط العبادة فالبدعة التي اقترفها أن اسم الله الباطن لا يبحث إلا مقترنا باسم الله الظاهر قال الاصفهاني: والظاهر والباطن في صفات الله تعالى لا يقال إلا مزدوجين كالأول والآخر أ.هـ المفردات في غريب القرآن باب بطن ص52. ولذلك لم يرد هذا الاسم إلا في آية واحدة مقترنا بالظاهر قال تعالى: هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم(3) الحديد وأيضا ورد مقترنا بالظاهر في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: اللهم أنت الأول ليس قبلك شيء وأنت الآخر فليس بعدك شيء وأنت الظاهر فليس فوقك شيء وأنت الباطن فليس دونك شيء ().

وقال ابن القيم فيما نقله ص22ما نصه: ولهذا يقرن سبحانه بين هذين الاسمين الدالين على هذين المعنيين اسم العلو الدال على أنه الظاهر لا شيء فوقه واسم العظمة الدال على الاحاطة وأنه لا شيء دونه كما قال تعالى: وهو العلي العظيم() أ.هـ وهذا كله متعلق بالخبر المبين لصفات الله وعظمته وأنه محيط بكل شيء قال ابن القيم رحمه الله فيما نقله في كتابه ص22: وباب هذه المعرفة والتعبد هو معرفة إحاطة الرب سبحانه بالعالم وعظمته وأن العوالم كلها في قبضته وأن السموات السبع والارضين السبع في يده كخردلة في يد العبد قال تعالى: وإذ قلنا لك إن ربك أحاط بالناس(60) الإسراء، وقال: والله من ورائهم محيط (20) البروج.. إلى قوله: وهو تبارك وتعالى كما أنه العلي فوق خلقه بذاته فليس فوقه شيء فهو الباطن بذاته فليس دونه شيء بل ظهر على كل شيء فكان فوقه وبطن فكان أقرب إلى كل شيء من نفسه وهو محيط به حيث لا يحيط الشيء بنفسه وكل شيء في قبضته وليس شيء في قبضة نفسه فهذا أقرب لإحاطة العامة أ.هـ ولهذا كانت هذه الصفات من صفات الذات التي ذكرها الله تعالى ليعرف الخلق بخالقهم وإلههم قال ابن القيم ص23في ما نقله عنه في كتابه ما نصه: ومعنى الظهور يقتضي العلو وظاهر الشيء هو ما علا منه وأحاط بباطنه وبطونه سبحانه إحاطته بكل شيء بحيث يكون أقرب إليه من نفسه وهذا قرب غير قرب المحب من حبيبه هذا لون وهذا لون فمدار هذه الأسماء الأربعة على الإحاطة وهي إحاطتان زمانية ومكانية. أ.هـ .

فابن القيم يقرر:

  1. أن هذه الأسماء هي متعلقة بالذات لبيان الاحاطة الزمانية والمكانية.

  2. أن مفهوم القرب الذي يتضمنه غير قرب المحبة وهو قرب خاص ولذلك قال رحمه الله في كتاب المذكور ص22: وأما القرب المذكور في القرآن والسنة فقرب خاص من عابديه وسائليه وداعيه وهو ثمرة التعبد باسمه الباطن قال الله تعالى: ( وإذا سالك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان(186) البقرة، فهذا قربه من داعيه وقال تعالى: ( إن رحمة الله قريب من المحسنين(56) الأعراف فذكر الخبر وهو قريب عن لفظ الرحمة وهي مؤنثة إيذانا بقربه تعالى من المحسنين فكأنه قال إن الله برحمته قريب من المحسنين وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد وأقرب ما يكون الرب من عبده في جوف الليل () فهذا قرب خاص غير قرب الاحاطة وقرب البطون وفي الصحيح من حديث أبي موسى أنهم كانوا مع النبي صلى الله عليه وسلم فارتفعت أصواتهم بالتكبير فقال: أيها الناس أربعوا على أنفسكم لا تدعون أصم ولا غائبا إن الذي تدعونه سميع قريب أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته () فهذا قربه من داعيه وذاكره يعني: فأي حاجة بكم إلى رفع الأصوات وهو لقربه يسمعها وإن خفضت كما يسمعها إذا رفعت فإنه سميع قريب وهذا القرب هو من لوازم المحبة فكلما كان الحب أعظم كان القرب أكثر أ.هـ

وانظر إلى كلام جامع له رحمه الله: وأما التعبد باسمه الباطن فإذا شهدت إحاطته بالعوالم وقرب العبيد منه وظهور البواطن له وبدو السرائر وأنه لا شيء بينه وبينها فعامله بمقتضى هذا الشهود وطهر له سريرتك فإنها عنده علانية وأصلح له غيبك فإنه عنده شهادة وزك له باطنك فإنه عنده ظاهر فانظر كيف كانت هذه الأسماء الأربعة جماع المعرفة بالله وجماع العبودية له ( ما نقله عنه الكاتب ص24)

فالنتيجة أن من استشهد بكلامهم موجها له توجيها فاسدا لا يتكلمون عن قرب واحد وإنما عن قربين: قرب الاحاطة الذي من لوازمه قرب المحبة فجعله قربا واحدا وهذا لعدم فهمه كلامهم.ولذلك عندما يتكلم العلماء عن اسم الله الباطن لا يتكلمون عليه مستقلا وإنما مقترنا باسم الظاهر والأول والآخر ولا يذهبون إلى ما ذهب إليه وقد ذكر الرازي في كتابه شرح أسماء الله الحسنى أربعة وعشرين وجها كلها تتعلق بصفات الذات تنظر من ص225-235.

فالباطن اسم من أسماء الله الحسنى فماذا عن بقية أسمائه وصفاته وكيف يتعامل معها كاسم الحكم والحكيم والعليم إلى آخره ؟

وهل ما ذهب إليه يسميه توحيد الباطنية؟!!!!

وكيف نوحد الله في أسمائه وصفاته الذي أمرنا سبحانه بذلك صريحا بقوله: ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه سيجزون ما كانوا يعملون() وقال تعالى: قل أدعوا الله أو ادعوا الرحمن أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى..الآية وهل يتعلق بها عمل فقط ( اعتقاد )على تحديد معنى منضبط للاعتقاد ؟

وما هو الدعاء وكيف يكون ؟

والله عز وجل علق الفوز والخسارة بالعمل بآيات لا حصر لها كمثل قوله: سيجزون ما كانوا يعملون() وقوله تعالى: أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون () أما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم جنات المأوى نزلا بما كانوا يعملون () وقوله تعالى: والذين كفروا لهم نار جهنم لا يقضى عليهم فيموتوا ولا يخفف عنهم من عذابها كذلك نجزي كل كفور () وهم يصطرخون فيها ربنا أخرجنا نعمل صالحا غير الذي كنا نعمل أولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر وجاءكم النذير فذوقوا فما للظالمين من نصير ()

والتوحيد كما بينه العلماء نوعين لا يقبل من أحد إلا اجتماعهما وهو التوحيد الذي دعت إليه الرسل قال ابن القيم رحمه فيما نقله عنه المذكور: وأما التوحيد الذي دعت إليه رسل الله ونزلت به كتبه فوراء ذلك كله ( التوحيد الذي يدعوا إليه الفلاسفة) وهو نوعان: توحيد في المعرفة والإثبات وتوحيد في المطلب والمقصد.

فالأول: هو حقيقة ذات الرب تعالى وأسمائه وصفاته وأفعاله وعلوه فوق سماواته على عرشه وتكلمه بكتبه وتكليمه لمن شاء من عباده وإثبات عموم قضائه وقدره وحكمه وقد أفصح القرآن عن هذا النوع جد الإفصاح كما في سورة الحديد وسورة طه وآخر سورة الحشر وأول سورة تنزيل السجدة وأول سورة آل عمران وسورة الإخلاص بكمالها وغير ذلك.

النوع الثاني: مثل ما تضمنته سورة ( قل يا أيها الكافرون() وقوله: قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم الآية وأول سورة تنزيل الكتاب وآخرها وأول سورة يونس ووسطها وآخرها وأول سورة الأعراف وآخرها وجملة سورة الأنعام وغالب سور القرآن بل كل سورة في القرآن فهي متضمنة لنوعي التوحيد أ.هـ هذا ما نقله عنه المذكور ص7.

فالتوحيد ينقسم إلى: توحيد الذات بأسمائه وصفاته وهذا متعلق بالجنان وتوحيد متعلق بالأركان وهو الأعمال طلبا وقصدا فهما صنوان لا ينفكان عن بعضهما البعض ومن فصل بينهما فقد ابتدع في الدين ودخل في غلاة المرجئة.وأحكام الاسلام الظاهرة إنما هي بناء على توحيد الأركان الظاهرة وأما ما في الجنان فعلمه عند العليم الديان ففي الدنيا الحكم على الظاهر وفي الآخرة الحكم على الظاهر والباطن معا فمن كان:

  • ظاهره التوحيد وباطنه الكفر فهو منافق في الدرك الأسفل من النار.

  • ومن كان باطنه موحدا وظاهره كفرا كان كافرا مخلدا في جهنم.

  • ومن كان ظاهره وباطنه توحيدا فهو المؤمن وهما قسمان: موحد ظاهرا وباطنا غير فاسق وموحد ظاهرا وباطنا فاسق فهذا تحت المشيئة وهم عصاة الموحدين وكلاهما في الجنة إما مآلا وإما ابتداء.

المسألة الثانية: عدم فهم كلمة التوحيد مما ترتب على ذلك مع المسالة الأولى أن هدم به الدين وسلك بمن يجيبه طريق الهلاك.

أولا: لقد وضع عنوان الكتاب ما نصه: الإصابة في شرح حديث من كان آخر كلمته لا إله إلا الله عند الموت دخل الجنة يوما من الدهر وإن أصابه قبل ذلك ما أصابه أ.هـ

  1. إن هذا تدليسا وكذبا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن هذا ليس حديثا وإنما هو مركب من روايتين ذكرهما ص3 بقوله: تخريج حديث العنوان:

  • رواه ابن حبان من طريق محمد بن إسماعيل الفارسي قال حدثنا الثوري عن منصور بن المعتمر عن هلال بن يساف عن الأغر أبي مسلم المدني عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لقنوا موتاكم لا إله إلا الله فإنه من كان آخر كلمته لا إله إلا الله عند الموت دخل الجنة يوما من الدهر وإن أصابه قبل ذلك ما أصابه() (2004)، ومحمد بن إسماعيل الفارسي قال ابن حبان في (الثقات9/78) يغرب وفات بيان ذلك أبا إسحاق الحويني في غوث المكدود في تخريج أحاديث منتقى ابن الجار ود (513).

  • ورواه البزار عن أبي كامل حدثنا أبو عوانة عن منصور بن المعتمر عن هلال بن يساف عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من قال: لا إله إلا الله نفعته يوما من دهره يصيبه قبل ذلك ما أصابه() البزار (3) قال عبد السلام علوش في تشنيف الأذان (1/434): إسناده صحيح رجاله رجال الشيخين غير هلال بن يساف فهو من رجال مسلم وانظر تخريجه في السلسلة الصحيحة وإرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل (3/150) ومجموع شرح المهذب للنووي (5/99) وله شواهد في الفتوحات الربانية لابن علان(4/109) أ.هـ.

فهو يقول بمليء فيه نصا: تخريج حديث العنوان ا.هـ وكما ترى فهو ليس بحديث وإنما مركب من روايتين ومن كان عنوان كتابه كذبا فيصدق عليه القول المشهور: المكتوب يعرف من عنوانه.

وانظر إلى تحريفه وكذبه أيضا قال ص18 ما نصه: روى النسائي في التفسير :] قال بنوا إسرائيل :- لو كان إلها لم نخلص إلى ذلك منه أ.هـ فهو ينسب هذا القول إلى بني إسرائيل بينما رواية النسائي تبين أن هذا قول موسى عليه السلام للسامري أنظر السنن الكبرى 6/404 واليك النص عند النسائي: فرجع موسى إلى قومه غضبان أسفا قال لهم ما سمعتم في القرآن ( ما تحته خط من كلام ابن عباس صاحب الرواية) وأخذ برأس أخيه يجره إليه وألقى الألواح من الغضب ثم إنه عذر أخاه بعذره له فانصرف إلى السامري فقال له ما حملك على ما صنعت قال قبضت قبضت من أثر الرسول وفطنت إليها وعميت عليكم فقذفتها وكذلك سولت لي نفسي قال فاذهب فإن لك في الحياة أن تقول لا مساس وإن لك موعدا لن تخلفه وانظر إلى إلهك الذي ظلت عليه عاكفا لنحرقنه ثم لننسفنه في اليم نسفا ولو كان إلها لم نخلص إلى ذلك منه فاستيقن بنوا إسرائيل بالفتنة واغتبط الذين كان رأيهم فيه مثل رأي هارون أ.هـ مع أن هذا ليس من المرفوع إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وقد قال ابن كثير رحمه الله في تفسيره : وكأنه تلقاه ابن عباس رضي الله عنهما مما أبيح نقله من الإسرائيليات عن كعب الأحبار أو غيره والله أعلم وسمعت شيخنا الحافظ أبا الحجاج المزي يقول ذلك أيضا أ.هـ 3/149

  1. أما الرواية الأولى ففيها محمد بن إسماعيل الفارسي قال ابن حيان يغرب وأما الرواية الثانية وإن قال المنذري في الترغيب والترهيب رجاله رجال الصحيح وتابعه على ذلك من بعده فهي رواية ضعيفة للانقطاع بين هلال بن يساف وأبي هريرة رضي الله عنه فإن هلال بن يساف لم يسمع من أبي هريرة رضي الله عنه.

  2. أما ما يدل عليه الحديث فهو ما تقرر بالنصوص الصريحة البينة:

  1. أن قول لا أله إلا الله عند الموت ليست مطلقة وإنما مقيدة بقيود عظيمة:

  1. العمل بها: فهذا فرعون لعنه الله قالها عند الموت كما أخبر سبحانه عنه: آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنوا إسرائيل وأنا من المسلمين() فكان الرد الإلهي: آلآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين(_) فمن لم يعمل بها فهو عامل بالكفر ولا ينفعه قولها عند الموت مصداقا لقوله تعالى: وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن ولا الذين يموتون وهم كفار أولئك أعتدنا لهم عذابا أليما().

  2. العلم بها: قال تعالى: فاعلم أنه لا إله إلا الله... الآية ، وقال عليه الصلاة والسلام : من مات وهو يعلم أنه لا إله إلا الله دخل الجنة ().

  3. الإخلاص بها: قال عليه الصلاة والسلام: أسعد الناس بشفاعتي يوم القيامة من قال لا إله إلا الله خالصا مخلصا من قلبه () أخرجه البخاري. والإخلاص يقتضي العمل. قال:مسلم رحمه الله في صحيحه قال: يا رسول الله بأبي أنت وأمي أبعثت أبا هريرة بنعليك من لقي يشهد أن لا إله إلا الله مستيقنا بها قلبه بشره بالجنة....... الحديث.أ.هـ .

  4. إن ما يدل عليه الحديث هو أن الذي يموت على لا إله إلا الله لا يشرك بالله شيئا كما قال عليه الصلاة والسلام: من لقي الله عز وجل لا يشرك به شيئا دخل الجنة ومن لقيه يشرك به دخل النار ( أخرجه مسلم) فهذا يدخل الجنة وإن دخل النار لان الرسول عليه الصلاة والسلام قال: يخرج من النار من كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان.. الحديث.

فما يريد أن يقوله صاحب الإصابة ولم يكن مصيبا: أن ما حكم الله تعالى عليه وحكم عليه رسوله عليه الصلاة والسلام من الأقوال والأفعال أنه كفر ومات الإنسان عليه فإن مآله إلى الجنة ما لم يستحل أو يعتقد خلافه وهذا ما وجه إليه كل النصوص التي ذكرها.

ونقول له: ما الضابط الشرعي الذي يميز بين الأفعال والأقوال أنها شرك أو غير شرك يخلد صاحبها في النار نريد ضابطا من أدلة شرعية تدل دلالة صريحة بدلالات النصوص الشرعية حسب الأصول الشرعية.وبذلك يسقط الأصل الذي أصله ص127بقوله: الفصل الثاني وجوه الفرق بين (عبد) و(أله) وفق الأدلة السمعية أ.هـ وما أصله من فروق فليس عليه أثارة من علم وإنما هي من كيسه. أنظر الى قول الله تعالى : إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون() فالله تعالى - وليس نحن- قضى أن عابد غير الله والمعبود من غير الله الأوثان وغير الصالحين- في جهنم خالدون وأن هذه العبادة هي التأليه كما بين بالآية التي تليها : لو كان هؤلاء آلهة ما وردوها وكل فيها خالدون () ، فالمعبود مألوه وما سمي الإله إلها إلا لكونه معبودا.

قال الأصفهاني: وإله، جعلوه اسما لكل معبود وكذا الذات وسموا الشمس إلاهة لاتخاذهم إياها معبودا

وأله فلان يأله: عبد ، وقيل تأله فالإله على هذا هو المعبود أ.هـ المفردات في غريب القرآن21.

أله: الإله: الله عز وجل وكل ما اتخذ من دونه معبوداً إلهٌ عند متخذه.. والإلهة والأُلوهة والألوهية : العبادة والتأله: التنسك والتعبد ، والتأليه : التعبيد أ.هـ لسان اللسان تهذيب لسان العرب 1/ 40-41.

وقال الفيروز أبادي : أله إلاهة وألوهة وألوهية : عََبَدَ عبادة .... وأصله إله بمعنى مألوه وكل ما اتخذ معبودا إلهٌ عند متخذه .... والتأله : التعبد والتأليه : التعبيد .أ.هـ القاموس المحيط 1603.

وانظر إلى قوله ص18: وثبتت الأدلة على تسمية معبودات المشركين آلهة في الكتاب والسنة أ.هـ

وقد حاول أن يموه ويحرف الأدلة ويبتر النصوص فنقل قول ابن الأثير في معنى ألّه وأصله من أله يأله إذا تحير ...أ.هـ وكذلك أورد نصوصا وقرر أن الله تعالى وصف معبودات المشركين بالآلهة ما نصه ص18: لم يخبر الله تعالى ولا المسلمون عن المشركين بـ ( إلههم) بل أخبر عنهم بـ ( آلهتهم) أ.هـ

قلت : لا فرق في العبارة وهذا من باب اختلاف العبارات لاختلاف الاعتبارات وقوله هذا افتراء على الله تعالى بل أخبر الله تعالى عن المشركين بإلههم أنظر قوله تعالى :

  • قالوا يا موسى اجعل لنا إلها كما لهم آلهة (138)الاعراف .فهم يطلبون إلها غير الله ولم يطلبوا آلهة

  • قال أغير الله أبغيكم إلها (140) الاعراف. ولم يقل لهم أغير الله أبغيكم آلهة .

  • قال لئن اتخذت إلها غيري لأجعلنك من المسجونين() ولم يخبر الله تعالى بلفظ: لئن اتخذت آلهة .

  • ما علمت لكم من إله غيري() ولم يقل ما علمت لكم من آلهة غيري .

  • فقالوا هذا إلهكم وإله موسى فنسي() فهم قد اقروا بأنه إله لهم ولموسى عليه السلام .

ولكن لفظ آلهة وآلهتهم على اعتبار الأوثان ولفظ الأوثان مؤنث . فماذا بعد الحق إلا الضلال !!!!!!!

فهو يحرف النصوص ليستدل بأن المشركين لم يتخذوا إلها غير الله تعالى وإنما اتخذوا آلهة غير الله تعالى أي ليس هناك إلها غير الله تعالى وهذا ما صرح به قال ما نصه ص18: ثبت أن كلمة الإله اسم اختص به الله سبحانه وحده لا شريك له وثبتت الأدلة على تسمية معبودات المشركين آلهة في الكتاب والسنة وعلى لسان المشركين أ.هـ ثم سرد نصوصا ،وعلى هذا الأصل الذي بنى عليه مذهبه فليس هناك كفار ولا مشركون لأن الله تعالى أرسل رسله بدعوة الناس إلى : اعبدوا الله ما لكم من إله غيره () وقال تعالى: لا تجعل مع الله إلها آخر () وقال تعالى : وقال الله لا تتخذوا إلهين اثنين() وبما أن المشركين لم يتخذوا إلها واتخذوا آلهة فهم محققون لدعوة الله تعالى موحدون والله تعالى يرسل رسله بدعوة الناس إلى شيء غير موجود عندهم فتصبح دعوة الرسل هباء منثورا بدعا من القول وزورا ,

وما يحاول أن ينفيه ولا يصرح به وهو أنه لا يوجد مع الله إلها آخر على الحقيقة قد جعله الله إلها ونقول له : وهذا أيضا ضرب من الهوس فكيف يكون هناك شيء قد جعله الله إلها ثم يرسل رسله بدعوة الناس إلى عدم اتخاذ إله آخر أي: أن الله تعالى يدعوا الناس إلى المستحيل ولو خالفوا دعوة الله تعالى فإن الله تعالى قد جعل حجة عليه فيقول الناس له: يا رب أنت قد جعلته إلها فكيف لا نتخذه إلها . سبحان الله وتعالى علوا كبيرا.

وهو يريد أن يقول أن الإله هو الخالق وبما أنه لا خالق إلا الله تعالى فليس هناك إله غير الله قال ص30 ما نصه: قال شيخ الإسلام : الإله هو المراد لنفسه إن لم يكن ربا امتنع أن يكون معبودا لنفسه ومن لا يكون ربا خالقا ل يكون مدعوا مطلوبا منه مرادا لغيره فلأن ل يكون معبودا مرادا لنفسه من باب الأولى فإثبات الإلهية يوجب إثبات الربوبية ونفي الربوبية يوجب نفي الإلهية إذ الإلهية هي الغاية وهي مستلزمة للبداية كاستلزام العلة الغائية للفاعلية أ.هـ

فمذهبه هو الدعوة إلى عدم اعتقاد خالق غير الله تعالى وهذا أمر متحقق عند المشركين قال تعالى: ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض ليقولن خلقهن العزيز العليم ()

وقال تعالى : ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله () والآيات كثيرة . فما سماه الله تعالى إلها ليس معنى ذلك أنه إله على الحقيقة وإنما إله عند عابده وهذه الشبهة التي أوردته المهالك فمهما أله المكلف غير الله تعالى فهذا لا يجعله إلها على الحقيقة إذ كل مخلوق فهو عبد فقير والشرك هو جعل المخلوق إلها بأن يكون هو مصدر التلقي أو التوجه .

المسألة الثالثة: قال ص49 ما نصه: الفصل الرابع عشر: برهان وجوب التكليف بالتوحيد سمعي لا عقلي سبق أن ذكرت في المقدمة : بالوحي علم النبي صلى الله عليه وسلم كونه نبيا مرسلا بشيرا ونذيرا وكان هديه صلى الله عليه وسلم في إثبات صدق نبوته إقامة البرهان على ذلك بما أقامه الله تعالى بين يديه من الأدلة التي تستحيل على عادة البشر أ.هـ

قلت أنظر إلى تخليطه وصدق عليه قول من قال: سرت مشرقا وسارت مغربة شتان بين مشرق ومغرب

فالتوحيد هو لا إله ألا الله محمد رسول الله ركني الشهادة فعندنا:

ثبوت عبادة الله وحده وهي لا إله إلا الله, وثبوت نبوة الرسول عليه السلام وهي محمد رسول الله.

فهو يتكلم عن ثبوت نبوة الرسول عليه السلام فماذا عن لا إله إلا الله ؟

وما أصّله هنا يناقض ما قرره الشرع بنص محكم وهو قوله تعالى حاكيا حال الذين ماتوا على الشرك ولم يأتوا بالتوحيد: وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير () فعدم استخدام العقل للاستدلال على توحيد الله تعالى أحد الأسباب التي أدت بهم إلى النار وهو الذنب العظيم كما قال تعالى عنهم بعد اعترافهم: فاعترفوا بذنبهم فسحقا لأصحاب السعير ().

والعقل هو سبب هداية أصحاب الكهف قال تعالى: إذ قاموا فقالوا ربنا رب السموات والأرض لن ندعوا من دونه إلها لقد قلنا إذا شططا() فهم يبينون أن هدايتهم كانت بالتفكر في السموات والأرض أي بوساطة العقل ولم يأتهم رسول.وهم حكموا على قومهم بالكفر كونهم لم يستدلوا بما استدلوا به قال تعالى: هؤلاء قومنا اتخذوا من دونه آلهة لولا يأتون عليهم بسلطان بين فمن أظلم ممن أفترى على الله كذبا()

وانظر إلى تحريفه وكأنه لا يدري ماذا يقول ص50 ما نصه: وقد أستدل إبراهيم بأفعاله ( أي الله عز وجل ) المحكمة المتقنة على وحدانيته بطلوع الشمس وغروبها وظهور القمر وغيبته وظهور الكواكب وأفولها ثم قال لئن لم يهدني ربي لأكونن من القوم الضالين() فعلم أن الهداية وقعت بالسمع أ.هـ

فالله تعالى يبين أن إبراهيم عليه السلام حاججهم بالعقل وهو يقول أنه استدل بالسمع سبحان الله !!!!

والله تعالى يقول: والله أخرجكم من بطون أمهاتكم وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون () ويقول أيضا حاثا على الاستدلال بالعقل: إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس وما انزل الله من السماء من ماء فأحبا به الأرض بعد موتها وبث فيها من كل دابة وتصريف الرياح والسحاب المسخر بين السماء والأرض لآيات لقوم يعقلون () والله تعالى يقول: أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا()

المسألة الرابعة: ومن المهلكات عنده والتي بينت حقيقة مذهبه قوله ص 35 ما نصه: الفصل العاشر: صفات الله تعالى من كماله المطلق لا مثل له في صفاته ومنها صفة الحكم.البحث الأول: الحكم بما أنزل الله طاعة والحكم بغيره معصية وجحده ردة ولو كان الحكم بغير الله ما أنزل شركا لم يؤت الله الحكم أحدا من خلقه أ.هـ.

انظر إلى قوله: لو كان الحكم بغير ما أنزل الله شركا لم يؤت الله الحكم أحدا من خلقه أ.هـ وعلى هذا القول:

- أن الحكم بالشرائع المنسوخة وبأحكام الهندوس والبوذيين وكل ملة على وجه الأرض ليس شركا.

  • ونقول له ولو كان عبادة غير الله شركا ما خلق الله أحدا يتخذ معبودا وهذا من مذهب الحلولية والاتحادية أنه ليس هناك ثمة معبود غير الله تعالى . وهذا احتجاج بأفعال الله القدرية فالله عز وجل خلق الحق والباطل وخلق الكفر والإيمان وجعل الأفعال كفرا وفسقا وعصيانا وإيمانا ونحن متعبدين بالشرع وليس بالقدر .

المسألة الخامسة: عدم فهمه لحقيقة تكليف الله تعالى لعباده يقول ص2 ما نصه: إخوة الإيمان بين أيديكم أعظم مسائل الدين وهي ألوهية الله تعالى التي كلفنا الله بها بالوحي العظيم بينا أدلة ثبوتها السمعية وفضائلها وحقوقها ونواقضها وعوارض نواقضها أ.هـ

قلت:1- لا عجب من هذا بعد كل الضلال التي سبق بيانه فانظر إلى مذهبه الذي هو إثبات ألوهية الله تعالى نقول له: إن ما تحاول إثباته قد أثبته المشركون بدون أدلة سمعية قال تعالى: ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض وسخر الشمس والقمر ليقولن الله الآية.

2- إن ما كلف الله به عباده هو إثبات ألوهية الله وحده أي: بعبادته وحده فالفرق بين إثبات ألوهية الله تعالى وإثبات ألوهية الله وحده كالفرق بين الإيمان والكفر.

3- فأي مذهب يتعب أصحابه في إثباته بالاستدلال السمعي قد أثبته المشركون بالفطرة فدعوته دعوة مناقضة للفطرة.

4- قال ص49 ما نصه: الفصل الرابع عشر برهان وجوب التكليف بالتوحيد سمعي لا عقلي أ.هـ

قلت: إن التوحيد عنده هو إثبات ألوهية الله تعالى والتوحيد لا بد فيه من الأدلة السمعية فمعنى ذلك أن من لم يؤله الله تعالى لعدم وجود الرسل غير مؤاخذ.

ونقول له: إن تأليه الله تعالى فطري لا ينفك عنه مكلف.

ولا يقتضي ممن اله الله تعالى أن لا يؤله غيره فتأليه الله سبحانه ليس نهاية المطاف ولكن من لم يؤله غير الله تعالى فإن هذا يقتضي تأليه الله سبحانه

فمذهبه إبطال الشرائع والعقول والأديان فمن كان هذا مذهبه فلا حظ له في العلم والإسلام. فدين الاسلام عنده يقوم على: التفريق بين من عبد غير الله ومن عبد من دون وعلى التفريق بين التأليه والعبادة وعلى عدم تحديد منضبط لـ لا إله إلا الله وعلى عدم اعتبار العقل في الاستدلال على من خلق العقل وتوحيده بالعبادة التي خلق الخلق من أجلها فأي دين هذا والكتاب حقيقة مليء بالعجائب والغرائب والمتناقضات فهو يقرر أصلا وينقضه أنظر مثلا قوله ص 30 ما نصه: فإثبات الإلهية يوجب إثبات الربوبية أ.هـ وبعد ذلك بصفحتين ص 33 يناقض قوله بقوله : الأدلة السمعية على التفريق بين الألوهية والربوبية أ.هـ وغير ذلك الكثير بما ليس له علاقة بـأصول البحث العلمي فكل أصوله مبتدعة تقوم على تحريف الأدلة الشرعية وتوجيه الأقوال بغير حقها قلت ما سبق نصحا له حتى لا يحمل أوزاره وأوزار من يضلهم بغير علم وأن يعود إلى رشده بالرجوع إلى كتاب الله تعالى وسنة نبيه صادقا مخلصا ليحصل على هداية الله تعالى ونصحا لمن اتبعه تقليدا من غير علم ولا هدى ولا كتاب منير.

وسبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت استغفرك وأتوب إليك

اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا إتباعه وارنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على الهاد المبين النذير البشير