JustPaste.it

وكذلك نفصل الآيات ولتستبين سبيل المجرمين

الحمد لله رب العالمين الهادي إلى سواء السبيل والصلاة والسلام على من أدى الأمانة للعالمين وبعد:
قال تعالى
: ومن أعرض عن ذكري فان له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى() قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى () إن النجاة يوم العرض الأكبر متوقفة على إتباع كتاب الله تعالى والذي فقهه منة رب العالمين قال تعالى: بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم وما يجحد بآياتنا إلا الظالمون () وجعل الشقاء على من أعرض عنه فجعل جزاءهم: وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا وان تدعهم إلى الهدى فلن يهتدوا إذا أبدا ().

أولا: قال تعالى: وكذلك نفصل الآيات ولتستبين سبيل المجرمين ()

يقول الله تعالى وكما بينا ما تقدم بيانه من الحجج والدلائل على طريق الهداية والرشاد وذم المجادلة والعناد كذلك نفصل الآيات أي التي يحتاج المخاطبون إلى بيانها ولتستبين سبيل المجرمين أي ولتظهر طريق المجرمين المخالفين للرسل وقرئ وليستبين سبيل المجرمين أي وليستبين يا محمد أو يا مخاطب سبيل المجرمين أ.هـ ابن كثير 2/137
القول في تأويل قوله تعالى وكذلك نفصل الآيات ولتستبين سبيل المجرمين
: يعني تعالى ذكره بقوله وكذلك نفصل الآيات وكما فصلنا لك في هذه السورة من ابتدائها وفاتحها يا محمد إلى هذا الموضع حجتنا على المشركين من عبدة الأوثان وأدلتنا وميزناها لك وبيناها كذلك نفصل لك أعلامنا وأدلتنا في كل حق ينكره أهل الباطل من سائر أهل الملل غيرهم فنبينها لك حتى تبين حقه من باطله وصحيحه من سقيمه واختلفت القراء في قراءة قوله ولتستبين سبيل المجرمين 000 وأولى القراءتين بالصواب عندي في السبيل الرفع لأن الله تعالى ذكره فصل آياته في كتابه وتنزيله ليتبين الحق بها من الباطل جميع من خوطب بها لا بعض دون أ.هـ الطبري 7/209
فصل
: وقوله تعالى كتاب أحكمت آياته ثم فصلت فقد فصله بعد إحكامه بخلاف من تكلم لم يحكمه وقد يكون في الكلام المحكم ما لم يبينه لغيره فهو سبحانه أحكم كتابه ثم فصله وبينه لعباده كما قال وكذلك نفصل الآيات ولتستبين سبيل المجرمين وقال ولقد جئناهم بكتاب فصلناه على علم هدى ورحمة لقوم يؤمنون فهو سبحانه بينه وأنزله على عباده بعلم ليس كمن يتكلم بلا علم أ.هـ دقائق التفسير 2/226
وأما المفصل والموصول فإن الله عز وجل يقول ولقد وصلنا لهم القول لعلهم يتذكرون ففصل الكلمة من الكلمة إذا انفردت كل واحدة منهما بمعنى هو المعنى الذي في الأخرى وكان لا يتم المعنى إلا بتواصلهما جميعا فهو موصل ومفصل من هذه الجهة وهو كله مفصل من معنى آخر إن الله جل ذكره بينه كله وهو قوله تعالى وفصلناه تفصيلا وقال عز من قائل أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير وقال وقد فصل لكم ما حرم عليكم وكل شيء فصلناه تفصيلا وقال عز وجل وكذلك نفصل الآيات لعلهم يتذكرون وكذلك نفصل الآيات لقوم يعلمون قد فصلنا الآيات لقوم يفقهون وكذلك نفصل الآيات ولتستبين سبيل المجرمين فأنزل الله جل ثناؤه كتابه بلسان العرب ليفهموا معاني ما أراد فيما أمر به ونهى عنه ووصف به نفسه ووعده ووعيده وجميع ما نزله فقال عز من قائل بلسان عربي مبين أ
.هـ فهم القرآن 493ثانيا:ل استبان الأمر وتبين واستبنته وتبينه والمعنى ومثل ذلك التفصيل البين نفصل آيات القرآن ونلخصها في صفة أحوال المجرمين من هو مطبوع على قلبه ومن يرجى إسلامه ولتستوضح سبيلهم فتعامل كلا منهم بما يجب أن يعامل به أ.هـ النسفي3/325
ثانيا: عاقبة المجرمين:
1-
قال تعالى
: إن المجرمين في عذاب جهنم خالدون ()لا يفتر عنهم وهم فيه مبلسون ()وما ظلمناهم ولكن كانوا هم الظالمين() ونادوا يا مالك ليقض علينا ربك قال إنكم ماكثون ().
إذا فهو الخلود في جهنم وهم من قال الله فيهم: إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون لو كان هؤلاء آلهة ما وردوها وكل فيها خالدون ().

2-وقال تعالى: إنه من يأت ربه مجرما فان له جهنم لا يموت فيها ولا يحيى ().

3-وقال تعالى: هذه جهنم التي يكذب بها المجرمون يطوفون بينها وبين حميم آن ()

4- وقال تعالى:إن المجرمين في ضلال وسعر () يوم يسحبون في النارعلى وجوههم ذوقوا مس سقر ()
5-
وقال تعالى: سيصيب الذين أجرموا صغار عند الله وعذاب شديد بما كانوا يمكرون () 6- قال تعالى: وترى المجرمين يومئذ مقرنين في الأصفاد () سرابيلهم من قطران وتغشى وجوههم النار ليجزي كل نفس بما كسبت إن الله سريع الحساب ().

ثالثا: أحوال المجرمين وصفاتهم يوم الحساب

قال تعالى: يعرف المجرمون بسيماهم فيؤخذ بالنواصي والأقدام ().

1- قال تعالى: ولو ترى إذ المجرمون ناكسوا رؤوسهم عند ربهم ربنا أبصرنا وسمعنا فارجعنا نعمل صالحا إنا موقنون ()

2- قال تعالى: ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين مما فيه ويقولون يا ويلتنا مال هذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها () ووجدوا ما عملوا حاضرا ولا يظلم ربك أحدا () فيا من أطلقتم لألسنتكم العنان وأفتيتم بعبادة الأوثان وطاعة وإتباع أولياء الشيطان ماذا أنتم قائلون لربكم.

3- قال تعالى: ورأى المجرمون النار فظنوا أنهم مواقعوها ولم يجدوا عنها مصرفا ()

4- قال تعالى:يود المجرم لو يفتدي من عذاب يومئذ ببنيه وصاحبته وأخيه () وفصيلته التي تؤويه () ومن في الأرض جميعا ثم ينجيه ()

5- قال تعالى: ويوم تقوم الساعة يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة كذلك كانوا يؤفكون ().
6-
قال تعالى
: ويوم تقوم الساعة يبلس المجرمون ()ولم يكن لهم من شركائهم شفعاء وكانوا بشركائهم كافرين ()

7- قال تعالى: ولا يسئل عن ذنوبهم المجرمون ()
رابعا: قال تعالى: وامتازوا اليوم أيها المجرمون () الم أعهد إليكم يا بني آدم ألا تعبدوا الشيطان انه لكم عدو مبين () وان اعبدوني هذا صراط مستقيم ()

1- قال تعالى:يوم يرون الملائكة لا بشرى يومئذ للمجرمين ()

2- وقال تعالى: يوم ينفخ في الصور ونحشر المجرمين إلى جهنم زرقا () يتخافتون بينهم إن لبثتم إلا عشرا () نحن أعلم بما يقولون إذ يقول أمثلهم طريقة إن لبثتم إلا يوما ()
خامسا: من هم المجرمون ؟
1-
قال تعالى
: فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو كذب بآياته انه لا يفلح المجرمون ()

2- قال تعالى: إن نعف عن طائفة منكم نعذب طائفة بأنهم كانوا مجرمين ()

3- قال تعالى: واتبع الذين ظلموا ما أترفوا فيه وكانوا مجرمين ()

4- وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا من المجرمين () وفسرها بقوله: وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا ولو شاء ربك ما فعلوه فذرهم وما يفترون 5- وقال تعالى: إنا كذلك نفعل بالمجرمين () إنهم كانوا إذا قيل لهم لا اله إلا الله يستكبرون ()

6- وقال تعالى: أفلم تكن آياتي تتلى عليكم فاستكبرتم وكنتم مجرمين ()

7- وقال تعالى: إن الذين كذبوا بآياتنا واستكبروا عنها لا تفتح لهم أبواب السماء ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط وكذلك نجزي المجرمين ()

8- وقال تعالى: إلا أصحاب اليمين في جنات يتساءلون () عن المجرمين ما سلككم في سقر قالوا لم نك من المصلين ولم نك نطعم المسكين وكنا نخوض مع الخائضين وكنا نكذب بيوم الدين ()

9- وقال تعالى: إن الذين أجرموا كانوا من الذين آمنوا يضحكون () وإذا مروا بهم يتغامزون () وإذا انقلبوا إلى أهلهم انقلبوا فكهين () وإذا رأوهم قالوا إن هؤلاء لضالون ()وما أرسلوا عليهم حافظين () فاليوم الذين آمنوا نمن الكفار يضحكون ()

10- قال تعالى: قال رب بما أنعمت علي فلن أكون ظهيرا للمجرمين () قال تعالى: ومن أظلم ممن افترى على الله كذب أو قال أوحي إلي ولم يوح إليه شيء ومن قال سأنزل مثل ما أنزل الله ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسطوا أيديهم أخرجوا أنفسكم اليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تقولون على الله غير الحق وكنتم عن آياته تستكبرون ()
سادسا: هل هؤلاء المجرمون هم السادة والكبراء فقط أو من كان كارها للدين ؟
1
- قال تعالى: إن المجرمين في عذاب جهنم خالدون () 00000الى قوله: لقد جئناكم بالحق ولكن أكثركم للحق كارهون () فإذن كان أكثر المجرمين كارهون للحق فمعنى ذلك أن البقية لم يكونوا كارهين للحق بل يحبونه.
2-
وقال تعالى
:وكذلك جعلنا في كل قرية أكابر مجرميها ليمكروا فيها وما يمكرون إلا بأنفسهم وما يشعرون () فالله تعالى يقول: قل سيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المجرمين () وهؤلاء كانوا السادة والضعفاء أي الأتباع ووصفهم الله تعالى بأنهم جميعا مجرمون فإذا كان فيها مجرمون أكابر فهناك أيضا مجرمون أصاغر.
3-
قال تعالى
: وقال الذين كفروا لن نؤمن بهذا القرآن ولا بالذي بين يديه ولو ترى إذ الظالمون موقوفون عند ربهم يرجع بعضهم إلى بعض القول يقول الذين استضعفوا للذين استكبروا لولا أنتم لكنا مؤمنين () (قال الذين استكبروا للذين استضعفوا أنحن صددناكم عن الهدى بعد إذ جاءكم بل كنتم مجرمين () (وقال الذين استضعفوا بل مكر الليل والنهار إذ تأمروننا أن نكفر بالله ونجعل له أندادا وأسروا الندامة لما رأوا العذاب وجعلنا الأغلال في أعناق الذين كفروا هل يجزون إلا ما كانوا يعملون () فهؤلاء صنف آخر من المجرمين يدافع عنهم كثير من الجهلة ممن جعل الله على قلوبهم أكنة أن يفقهوا القرآن وجعلوا الاستضعاف عذر لفعل الكفر ولكن ( تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا () الذي حمد نفسه بقوله: الحمد لله الذي انزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا ().
وهذا الكفر الذي جهلوه هو
: طاعة تشريعات المجرمين وإتباعها والتحاكم إليها والعمل بها مما قد بيناه بالأدلة المحكمة الثابتة. أم يظن الجهلة أن الكفر الذي أمروهم به هو الصلاة لهم أو الصيام لهم أو غير ذلك والله ما يدل هذا إلا على عدم العلم بـ لا اله إلا الله وبمعنى العبادة والكفر فلا حول ولا قوة إلا بالله.
ولذلك قال تعالى
: إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها فأولئك مأواهم جهنم وساءت مصيرا () فالله تعالى لم يعذرهم بفعل الكفر بحجة الاستضعاف وكبتهم بان بين لهم أنكم بدلا من أن تكفروا بفعل الكفر بسبب الاستضعاف كان بإمكانكم أن تتخلصوا من هذه الحالة فأرض الله واسعة: يا عبادي الذين آمنوا إن ارضي واسعة فإياي فاعبدون () حتى لا تحتجوا بها.

وقال تعالى: وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون () قالوا إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين () قالوا بل لم تكونوا مؤمنين () وما كان لنا عليكم سلطان بل كنتم قوما طاغين () فحق علينا قول ربنا إنا لذائقون فأغويناكم إنا كنا غاوين () فإنهم في العذاب مشتركون () إنا كذلك نفعل بالمجرمين () فهؤلاء العوام الذين يحتجون عنهم دعاة الضلال بأنهم لا حول لهم ولا قوة وأنهم مقهورون.فالله تعالى ينفي هذا الاحتجاج ويجعل خضوعهم لهذا الأمر نتيجة عدم إيمانهم والمفسرون فسروا قوله ( عن اليمين ) بعدة تفاسير كلها صحيحة موافقة لعموم النص الذي لم يأت دليل على تخصيصه: قال ابن منظور: و اليمين القوة والقدرة ومنه قول الشماخ:

رأيت عرابة الأوسي يسمو إلى الخيرات منقطع القرين إذا ما راية رفعت لمجد تلقاها عرابة باليمين

أي: بالقوة. وفي التنزيل العزيز: لأخذنا منه باليمين. قال الزجاج أي بالقدرة وقيل باليد اليمنى و اليمين المنزلة الأصمعي: هو عندنا باليمين أي بمنزلة حسنة قال وقوله تلقاها عرابة باليمين قيل أراد باليد اليمنى وقيل أراد بالقوة والحق وقوله عز وجل:إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين قال الزجاج:هذا قول الكفار للذين أضلوهم أي كنتم تخدعوننا بأقوى الأسباب فكنتم تأتوننا من قبل الدين فتروننا أن الدين والحق ما تضلوننا به وتزينون لنا ضلالتنا كأنه أراد تأتوننا عن المأتى السهل وقيل معناه كنتم تأتوننا من قبل الشهوة لأن اليمين موضع الكبد والكبد مظنة الشهوة والإرادة ألا ترى أن القلب لا شيء له من ذلك لأنه من ناحية الشمال وكذلك قيل في قوله تعالى: ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم () قيل في قوله وعن أيمانهم:من قبل دينهم وقال بعضهم لآتينهم من بين أيديهم أي لأغوينهم حتى يكذبوا بما تقدم من أمور الأمم السالفة ومن خلفهم :حتى يكذبوا بأمر البعث وعن أيمانهم وعن شمائلهم، لأضلنهم بما يعملون لأمر الكسب حتى يقال فيه ذلك بما كسبت يداك وإن كانت اليدان لم تجنيا شيئا لأن اليدين الأصل في التصرف فجعلتا مثلا لجميع ما عمل بغيرهما وأما قوله تعالى:فراغ عليهم ضربا باليمين () ففيه أقاويل أحدها بيمينه وقيل بالقوة وقيل بيمينه التي حلف حين قال وتالله لأكيدن أصنامكم بعد أن تولوا مدبرين أ.هـ لسان العرب 13/462 وقال البيضاوي في تفسيره: قالوا إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين عن أقوى الوجوه وأيمنها أو عن الدين أو عن الخير كأنكم تنفعوننا نفع السانح فتبعناكم وهلكنا مستعار من يمين الإنسان الذي هو أقوى الجانبين وأشرفهما وأنفعهما ولذلك سمي يمينا وتيمن بالسانح أو عن القوة والقهر فتقسروننا على الضلال أو على الحلف فإنهم كانوا يحلفون لهم إنهم على الحق: قالوا بل لم تكونوا مؤمنين وما كان لنا عليكم من سلطان بل كنتم قوما طاغين أجابهم الرؤساء:

أولا:بمنع إضلالهم بأنهم كانوا ضالين في أنفسهم .

وثانيا بأنهم ما أجبروهم على الكفر إذ لم يكن لهم عليهم تسلط وإنما جنحوا إليه لأنهم كانوا قوما مختارين الطغيان فحق علينا قول ربنا إنا لذائقون فأغويناكم إنا كنا غاوين ثم بينوا أن ضلال الفريقين ووقوعهم في العذاب كان أمرا مقضيا لا محيص لهم عنه وإن غاية ما فعلوا بهم أنهم دعوهم إلى الغي لأنهم كانوا على الغي فأحبوا أن يكونوا مثلهم وفيه إيماء بأن غوايتهم في الحقيقة ليست من قبلهم إذ لو كان كل غواية لإغواء غاو فمن أغواهم فإنهم فإن الأتباع والمتبوعين يومئذ في العذاب مشتركون كما كانوا مشتركين في الغواية إنا كذلك مثل ذلك الفعل نفعل بالمجرمين بالمشركين لقوله تعالى إنهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون أي عن كلمة التوحيد أو على من يدعوهم إليه أ.هـ5/10.
هـ15/74 وقال وأقبل بعضهم على بعض يعني الرؤساء والأتباع يتساءلون يتخاصمون ويقال لا يتساءلون فسقطت لا النحاس وإنما غلط الجاهل باللغة فتوهم أن هذا من قوله فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون إنما هو لا يتساءلون بالأرحام فيقول أحدهم أسألك بالرحم الذي بيني وبينك لما نفعتني أو أسقطت لي حقا لك علي أو وهبت لي حسنة وهذا بين لأن قبله فلا أنساب بينهم أي ليس ينتفعون بالأنساب التي بينهم كما جاء في الحديث:إن الرجل ليسر بأن له على أبيه أو على ابنه حق فيأخذه منه لأنها الحسنات والسيئات وفي حديث آخر رحم الله امرئ كان لأخيه عنده مظلمة من مال أو عرض فأتاه فاستحله قبل أن يطالبه به فيأخذ من حسناته فإن لم تكن له حسنات زيد عليه من سيئات المطالب و يتساءلون هاهنا إنما هو أن يسأل بعضهم بعضا ويوبخه في أنه أضله أو فتح له بابا من المعصية يبين ذلك أن بعده إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين قال مجاهد هو قول الكفار للشياطين قتادة هو قول الإنس للجن وقيل هو من قول الأتباع للمتبوعين دليله قوله تعالى ولو ترى إذ الظالمون موقوفون عند ربهم يرجع بعضهم إلى بعض القول الآية قال سعيد :عن قتادة أي تأتوننا عن طريق الخير وتصدوننا عنها وعن ابن عباس نحو منه وقيل :تأتوننا عن اليمين التي نحبها ونتفاءل بها لتغرونا بذلك من جهة النصح والعرب تتفاءل بما جاء عن اليمين وتسميه السانح وقيل:تأتوننا عن اليمين تأتوننا مجيء من إذا حلف لنا صدقناه وقيل تأتوننا من قبل الدين فتهونون علينا أمر الشريعة وتنفروننا عنها قلت وهذا القول حسن جدا لأن من جهة الدين يكون الخير والشر واليمين بمعنى الدين أي كنتم تزينون لنا الضلالة وقيل اليمين بمعنى القوة أي تمنعوننا بقوة وغلبة وقهر قال الله تعالى :فراغ عليهم ضربا باليمين أي بالقوة وقوة الرجل في يمينه وقال الشاعر إذا ما راية رفعت لمجد تلقاها عرابة باليمين أي بالقوة والقدرة وهذا قول ابن عباس وقال مجاهد: تأتوننا عن اليمين أي من قبل الحق أنه معكم وكله متقارب المعنى قالوا بل لم تكونوا مؤمنين قال قتادة :هذا قول الشياطين لهم وقيل من قول الرؤساء أي لم تكونوا مؤمنين قط حتى ننقلكم منه إلى الكفر بل كنتم على الكفر فأقمتم عليه للإلف والعادة وما كان لنا عليكم من سلطان أي من حجة في ترك الحق بل كنتم قوما طاغين أي ضالين متجاوزين الحد فحق علينا قول ربنا هو أيضا من قول المتبوعين أي وجب علينا وعليكم قول ربنا فكلنا ذائقوا العذاب كما كتب الله وأخبر على ألسنة الرسل لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين وهذا موافق للحديث إن الله جل وعز كتب للنار أهلا وللجنة أهلا لا يزاد فيهم ولا ينقص منهم فأغويناكم أي زينا لكم ما كنتم عليه من الكفر إنا كنا غاوين بالوسوسة والاستدعاء ثم قال خبرا عنهم فإنهم في العذاب مشتركون الضال والمضل إنا كذلك أي مثل هذا الفعل نفعل بالمجرمين أي المشركين إنهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون أ.هـ15/74 وقال أيضا: ولذلك قال إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين أي من قبل الطاعة فاليمين هو موضع العدل من المسلم والشمال هو موضع الجور ألا ترى أنه بايع الله بيمينه يوم الميثاق فالبيعة باليمين فلذلك يعطى كتابه غدا بيمينه لأنه وفي بالبيعة ويعطى الناكث للبيعة الهارب برقبته من الله بشماله لأن الجور هناك فقوله فراغ عليهم ضربا باليمين أي بذلك العدل الذي كان بايع الله عليه يوم الميثاق أ.هـ 15/94
وقال ابن كثير : يذكر تعالى أن الكفار يتلاومون في عرصات القيامة كما يتخاصمون في دركات النار فيقول الضعفاء للذين استكبروا إنا كنا لكم تبعا فهل أنتم مغنون عنا نصيبا من النار قال الذين استكبروا إنا كل فيها إن الله قد حكم بين العباد وقال تعالى: ولو ترى إذا الظالمون موقوفون عند ربهم يرجع بعضهم إلى بعض القول يقول الذين استضعفوا للذين استكبروا لولا أنتم لكنا مؤمنين قال الذين استكبروا للذين استضعفوا أنحن صددناكم عن الهدى بعد إذ جاءكم بل كنتم مجرمين وقال الذين استضعفوا للذين استكبروا بل مكر الليل والنهار إذ تأمروننا أن نكفر بالله ونجعل له أندادا وأسروا الندامة لما رأوا العذاب وجعلنا الأغلال في أعناق الذين كفروا هل يجزون إلا ما كانوا يعملون وهكذا قالوا لهم هاهنا إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين قال الضحاك :عن ابن عباس يقولون كنتم تقهروننا بالقدرة منكم علينا لأنا كنا أذلاء وكنتم أعزاء وقال مجاهد يعني عن الحق والكفار تقوله للشياطين وقال قتادة قالت الإنس للجن إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين قال :من قبل الخير فتنهونا عنه وتبطئونا عنه وقال السدي: تأتوننا من قبل الحق وتزينوا لنا الباطل وتصدونا عن الحق وقال الحسن في قوله تعالى إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين: أي والله يأتيه عند كل خير يريده فيصده عنه وقال ابن زيد معناه تحولون بيننا وبين الخير ورددتمونا عن الإسلام والإيمان والعمل بالخير الذي أمرنا به وقال يزيد الرشك من قبل لا إله إلا الله وقال خصيف: يعنون من قبل ميامنهم وقال عكرمة:إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين قال من حيث نأمنكم وقوله تعالى:قالوا بل لم تكونوا مؤمنين() تقول القادة من الجن والإنس للأتباع ما الأمر كما تزعمون بل كانت قلوبكم منكرة للأيمان قابلة للكفر والعصيان ما كان لنا عليكم من سلطان أي من حجة عن صحة ما دعوناكم إليه بل كنتم قوما طاغين أي بل كان فيكم طغيان ومجاوزة للحق فلهذا استجبتم لنا وتركتم الحق الذي جاءتكم به الأنبياء وأقاموا لكم الحجج على صحة ما جاءوكم به فخالفتموهم فحق علينا قول ربنا إنا لذائقون فأغويناكم إنا كنا غاوين يقول الكبراء للمستضعفين حقت علينا كلمة الله إنا من الأشقياء الذائقين للعذاب يوم القيامة فأغويناكم أي دعوناكم إلى الضلالة إنا كنا غاوين أي فدعوناكم إلى ما نحن فيه فاستجبتم لنا قال الله تبارك وتعالى فإنهم يومئذ في العذاب مشتركون أي الجميع في النار كل بحسبه إنا كذلك نفعل بالمجرمين إنهم كانوا أي في الدار الدنيا إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون أي يستكبرون أن يقولوها كما يقولها المؤمنون قال ابن أبي حاتم حدثنا أبو عبيد الله ابن أخي ابن وهب حدثنا عمي حدثنا الليث عن ابن مسافر يعني عبد الرحمن بن خالد عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فمن قال لا إله إلا الله فقد عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه وحسابه على الله عز وجل وأنزل الله تعالى في كتابه وذكر قوما استكبروا فقال تعالى إنهم كانوا إذا قيل لا إله إلا الله يستكبرون وقال ابن أبي حاتم أيضا حدثنا أبي حدثنا أبو سلمة- موسى بن إسماعيل- حدثنا حماد بن سعيد الجريري عن أبي العلاء قال: يؤتى باليهود يوم القيامة فيقال لهم:ما كنتم تعبدون فيقولون: نعبد الله وعزيرا فيقال لهم: خذوا ذات الشمال ثم يؤتى بالنصارى فيقال لهم ما كنتم تعبدون فيقولون :نعبد الله والمسيح فيقال لهم:خذوا ذات الشمال ثم يؤتى بالمشركين فيقال لهم لا إله إلا الله فيستكبرون ثم يقال لهم لا إله إلا الله فيستكبرون أ.هـ 4/6 وقال الطبري: القول في تأويل قوله تعالى: قالوا إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين قالوا بل لم تكونوا مؤمنين وما كان لنا عليكم من سلطان بل كنتم قوما طاغين(): يقول تعالى ذكره قالت الإنس للجن إنكم أيها الجن كنتم تأتوننا من قبل الدين والحق فتخدعوننا بأقوى الوجوه واليمين القوة والقدرة في كلام العرب ومنه قول الشاعر: إذا ما راية رفعت لمجد تلقاها عرابة باليمين يعني بالقوة والقدرة وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل ذكر من قال ذلك ؟

حدثني محمد بن عمرو قال ثنا أبو عاصم قال ثنا عيسى وحدثني الحارث قال ثنا الحسن قال ثنا ورقاء جميعا عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله تأتوننا عن اليمين قال عن الحق الكفار تقوله للشياطين.

حدثنا بشر قال ثنا يزيد قال ثنا سعيد عن قتادة قالوا إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين قال قالت الإنس للجن إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين قال من قبل الخير فتنهوننا عنه وتبطئوننا عنه.

حدثنا محمد بن الحسين قال ثنا أحمد بن المفضل قال ثنا أسباط عن السدي في قوله إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين قال تأتوننا من قبل الحق تزينون لنا الباطل وتصدوننا عن الحق.

حدثني يونس قال أخبرنا ابن وهب قال: قال ابن زيد في قوله إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين قال: قال ينوا آدم للشياطين الذين كفروا إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين قال تحولون بيننا وبين الخير ورددتمونا عن الإسلام والإيمان والعمل بالخير الذي أمر الله به وقوله قالوا بل لم تكونوا مؤمنين وما كان لنا عليكم من سلطان يقول تعالى ذكره قالت الجن للإنس مجيبة لهم بل لم تكونوا بتوحيد الله مقرين وكنتم للأصنام عابدين وما كان لنا عليكم من سلطان يقول قالوا وما كان لنا عليكم من حجة فنصدكم بها عن الإيمان ونحول بينكم من أجلها وبين إتباع الحق بل كنتم قوما طاغين يقول قالوا لهم بل كنتم أيها المشركون قوما طاغين على الله متعدين إلى ما ليس لكم التعدي إليه من معصية الله وخلاف أمره وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر قال ثنا يزيد قال ثنا سعيد عن قتادة قال قالت لهم الجن بل لم تكونوا مؤمنين حتى بلغ قوما طاغين .

حدثنا محمد بن الحسين قال ثنا أحمد بن المفضل قال ثنا أسباط عن السدي في قوله وما كان لنا عليكم من سلطان قال الحجة وفي قوله بل كنتم قوما طاغين قال كفار ضلال

القول في تأويل قوله تعالى:فحق علينا قول ربنا إنا لذائقون فأغويناكم إنا كنا غاوين فإنهم يومئذ في العذاب مشتركون إنا كذلك نفعل بالمجرمين ()يقول تعالى ذكره فحق علينا قول ربنا فوجب علينا عذاب ربنا إنا لذائقون العذاب نحن وأنتم بما قدمنا من ذنوبنا ومعصيتنا في الدنيا فهذا خبر من الله عن قيل الجن والإنس كما حدثنا بشر قال ثنا يزيد قال ثنا سعيد عن قتادة فحق علينا قول ربنا الآية قال هذا قول الجن وقوله فأغويناكم إنا كنا غاوين يقول فأضللناكم عن سبيل الله والإيمان به إنا كنا ضالين وهذا أيضا خبر من الله عن قيل الجن والإنس قال الله فإنهم يومئذ في العذاب مشتركون يقول فإن الإنس الذين كفروا بالله وأزواجهم وما كانوا يعبدون من دون الله والذين أغووا الإنس من الجن يوم القيامة في العذاب مشتركون جميعا في النار كما اشتركوا في الدنيا في معصية الله

حدثني يونس قال أخبرنا ابن وهب قال:قال ابن زيد في قوله فإنهم يومئذ في العذاب مشتركون قال هم والشياطين إنا كذلك نفعل بالمجرمين يقول تعالى ذكره إنا هكذا نفعل بالذين اختاروا معاصي الله في الدنيا على طاعته والكفر به على الإيمان فنذيقهم العذاب الأليم ونجمع بينهم وبين قرنائهم في النار.
القول في تأويل قوله تعالى إنهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون ويقولون أإنا لتاركوا آلهتنا لشاعر مجنون بل جاء بالحق وصدق المرسلين يقول تعالى ذكره وإن هؤلاء المشركين بالله الذين وصف صفتهم في هذه الآيات كانوا في الدنيا إذا قيل لهم قولوا لا إله إلا الله يستكبرون يقول يتعظمون عن قيل ذلك ويتكبرون وترك من الكلام قولوا اكتفاء بدلالة الكلام عليه من ذكره وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل ذكر من قال ذلك:

حدثنا محمد بن الحسين قال ثنا أحمد بن مفضل قال ثنا أسباط عن السدي في قوله إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون قال يعني المشركين خاصة حدثنا بشر قال ثنا يزيد قال ثنا سعيد عن قتادة قوله إنهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون قال:قال عمر بن الخطاب احضروا موتاكم ولقنوهم لا إله إلا الله فإنهم يرون ويسمعون وقوله ويقولون أئنا لتاركوا آلهتنا لشاعر مجنون يقول تعالى ذكره ويقول هؤلاء المشركون من قريش أنترك عبادة آلهتنا لشاعر مجنون يقول لإتباع شاعر مجنون يعنون بذلك نبي الله صلى الله عليه وسلم ونقول لا إله إلا الله كما حدثنا بشر قال ثنا يزيد قال ثنا سعيد عن قتادة ويقولون أئنا لتاركوا آلهتنا لشاعر مجنون يعنون محمدا صلى الله عليه وسلم وقوله بل جاء بالحق وهذا خبر من الله مكذبا للمشركين الذين قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم شاعر مجنون كذبوا ما محمد كما وصفوه به من أنه شاعر مجنون بل هو الله نبي جاء بالحق من عنده وهو القرآن الذي أنزله عليه وصدق المرسلين الذين كانوا من قبله وبمثل الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل أ. هـ32/48-53 وأقول لمن يعتذر عنهم ما حجتكم عند الله تعالى ؟
أما آن لكم أن تفيقوا من غفلتكم،قال تعالى: سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون في الأرض بغير الحق وان يروا كل آية لا يؤمنوا بها وإن يروا سبيل الرشد لا يتخذوه سبيلا وان يروا سبيل الغي يتخذوه سبيلا ذلك بأنهم كذبوا بآيتنا وكانوا عنها غافلين () وأقول لهم قول الله تعالى: أفنجعل المسلمين كالمجرمين () مالكم كيف تحكمون () فهذا نص عام بان الله تعالى لن يجعل الذين يسيرون في سبيل المجرمين مسلمين وينكر عليكم ربكم بحكمكم عليهم بالإسلام وجعلكم إياهم من المسلمين ( فما لكم كيف تحكمون ).
كفاكم صدا عن الحق وعودوا إلى رشدكم تسلموا وإلا فان سنة الله تعالى لا تتبدل ولن تضروا إلا أنفسكم وأنتم أيها الأتباع انتبهوا لأنفسكم حتى لا يأتي عليكم يوم تقولون فيه ( فما لنا من شافعين ولا صديق حميم) قال تعالى: ويريد الله أن يحق الحق بكلماته ويقطع دابر الكافرين () ليحق الحق ويبطل الباطل ولو كره المجرمون () وقال تعالى: إنا من المجرمين منتقمون.

سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين

سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت استغفرك وأتوب إليك