JustPaste.it

بســـــــــــم الله الرحمن الرحيم

( فإن أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود )

الإســـــــــــــــــــلام هو الدين الذي بعث الله سبحانه وتعالى به الأنبياء وبموجبه يحاسب الخلق إما إلى الجنة وإما إلى النار لقوله عز وجل: إن الدين عند الله الإسلام () ومن لا يأت بالإسلام فلا حظ له عند الله تعالى لقوله عز وجل: و من يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين () وهو وصية الله تعالى الى عباده قال تعالى: يا أيها الذين أمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون().

فما هو الإسلام كما يريده الله تعالى ؟ الجواب: الإسلام يقوم على ركنين:

الأول: إعلان وهو قول لا إله إلا الله أي:لا أؤله(أعبد) في حياتي إلا الله تعالى.

الثاني: الترجمة العملية لهذا الإعلان وهو قوله تعالى: ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت فمنهم من هدى الله ومنهم من حقت عليه الضلالة فسيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين (), وهذا نفس قوله تعالى: لا تجعل مع الله إلها آخر فتقعد مذموما مخذولا () وهو نفس قوله تعالى: وقال الله لا تتخذوا الهين اثنين إنما هو اله واحد فإياي فاتقون() وهو نفس قوله تعالى: اعبدوا الله ما لكم من إله غيره أفلا تتقون() فالإسلام يدور على فهم أربع كلمات: العبادة( اعبدوا) و الله ( المعبود بحق ) و اجتنبوا, و الطاغوت( المعبود من دون الله تعالى).

أولا: العبــــــــــــــــــــادة هـــــي :

1- الدعــــــــاء: دليل ذلك قوله تعالى: وأعتزلكم وما تدعون من دون الله وادعوا ربي عسى ألا أكون بدعاء ربي شقيا() فلما أعتزلهم وما يعبدون من دون الله وهبنا له إسحاق وكلا جعلنا نبيا() وقوله تعالى: فلا تدع مع الله إلها آخر فتكون من المعذبين() والآيات كثيرة, والدعاء هو الدين وله ثلاث معان وكيفيات هي:

1- السؤال والاستغاثة قال تعالى: هنالك دعا زكريا ربه قال رب هب لي من لدنك ذرية طيبة إنك سميع الدعاء () وقال تعالى: ادعوا ربكم تضرعا وخفية إنه لا يحب المعتدين(). والآيات كثيرة.

2- الطاعة, قال تعالى: ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها وادعوه خوفا وطمعا إن رحمة الله قريب من المحسنين(), وقوله تعالى: قل ما يعبأ بكم ربي لولا دعاؤكم فقد كذبتم فسوف يكون لزاما()وقوله: وقال ربكم أدعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين() فإن من معان الأمر أيضا الدعاء قال تعالى: إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا وأولئك هم المفلحون().

3- التسمية بالأسماء الحسنى: قال تعالى: ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها الآية.

2- الحكــــــم: قال تعالى: يا صاحبي السجن أأرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار ما تعبدون من دونه إلا أسماء سميتموها انتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان إن الحكم إلا لله أمر ألا تعبدوا إلا إياه ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون () وقوله تعالى: ما لهم من دونه من ولي ولا يشرك في حكمه أحدا() مرادف لقوله تعالى: فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا(), والحكم هو الدين ويتعلق به ثلاثة أمور:

1- تشريع الأحكام التكليفية والوضعية قال تعالى: أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون().

2- الحكم بالأحكام( تكليفية أو وضعية): وأن أحكم بينهم بما أنزل الله الآية.

3- التحاكم إلى الحاكم: قال تعالى: فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم الآية .

3- الـــــــولاء: قال تعالى: والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفا الآية فبين تعالى أن اتخاذ الأولياء عبادة, والولاء هو الدين وله أربعة معان وكيفيات:

1- الطــاعة: قال تعالى: يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا الذين كفروا يردوكم على أعقابكم فتنقلبوا خاسرين () بل الله مولاكم وهو خير الناصرين().

2- الإتبـاع: قال تعالى: اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء قليلا ما تذكرون().

3- النـصرة: قال تعالى: وما كان لهم من أولياء ينصرونهم من دون الله ومن يضلل الله فما له من سبيل () وقال تعالى: واتخذوا من دون الله آلهة لعلهم ينصرون() وقال تعالى: يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم ().

4- المحـبة: ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله والذين آمنوا اشد حبا لله.. إلى قوله تعالى: إذ تبرا الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب وتقطعن بهم الأسباب() وقال تعالى: قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله الآية .

ثانيا: الله سبحانه وتعالى,وقد عرف نفسه في آيات كثيرة منها قوله تعالى: هو الله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة هو الرحمن الرحيم () هو الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر سبحان الله عما يشركون() هو الله الخالق الباريء المصور له الأسماء الحسنى يسبح له ما في السموات والأرض وهو العزيز الحكيم().

ثالثا: الاجتناب ( اجتنبوا): وهذا بينه سبحانه وتعالى من خلال ردود الأقوام على دعوة رسلهم لما قالت لهم : اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت () فما هو رد الأقوام كما بين سبحانه وتعالى ؟ الجواب :

- قوم نوح عليه السلام: وقالوا لا تذرن آلهتكم ولا تذرن ودا ولا سواعا ولا يغوث ويعوق ونسرا().

- قوم هود عليه السلام : قالوا يا هود ما جئتنا ببينة وما نحن بتاركي آلهتنا عن قولك وما نحن لك بمؤمنين() وقال تعالى: قالوا أجئتنا لنعبد الله وحده ونذر ما كان يعبد آباؤنا

- قوم صالح عليه السلام كما أخبر عز وجل بقوله: قالوا يا صالح قد كنت فينا مرجوا قبل هذا أتنهانا أن نعبد ما يعبد آباؤنا وإننا لفي شك مما تدعونا إليه مريب().

- قوم شعيب عليه السلام كما أخبر عز وجل بقوله: قالوا يا شعيب أصلاتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء إنك لأنت الحليم الرشيد ().

- فرعون وقومه كما أخبر عز وجل بقوله: وقال الملأ من قوم فرعون أتذر موسى وقومه ليفسدوا في الأرض ويذرك وآلهتك قال سنقتل أبناءهم ونستحيي نساءهم وإنا فوقهم قاهرون().

- العرب قوم محمد عليه الصلاة والسلام كما أخبر الله تعالى بقوله: إنهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون () ويقولون أئنا لتاركوا آلهتنا لشاعر مجنون().

فالاجتناب الترك وقد ورد باللفظين المترادفين, نترك ونذر وهو النفي.

رابعا: الطاغوت ( المعبود من دون الله ), وهو:

1- طاغوت يعقل( جن أو إنس) المعبود من دون الله تعالى وهو راض.

2- طاغوت لا يعقل ( جماد أو نبات أو حيوان) المعبود من دون الله ولا اعتبار للرضا.

والطاغوت عموما ينقسم إلى ثلاثة أقسام بحسب مظاهر العبادة:

أ- طاغوت دعــاء( سؤال واستغاثة وطاعة وتسمية) وهو ما يطلق عليه التنسك أو النسك أو التقرب : قال تعالى: إن الذين تدعون من دون الله عباد أمثالكم فادعوهم فليستجيبوا لكم إن كنتم صادقين().

ب- طاغوت حكــم: قال تعالى: ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت الآية.

ت- طاغوت ولاء: قال تعالى: الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات () وقال تعالى: الذين آمنوا يقاتلون في سبيل الله والذين كفروا يقاتلون في سبيل الطاغوت فقاتلوا أولياء الشيطان إن كيد الشيطان كان ضعيفا().

ولذلك بين سبحانه وتعالى العبادة بعدم اتخاذ غيره بالدعاء والحكم والولاء بقوله:

1- قل أغير الله ابغي ربا وهو رب كل شيء الآية.

2- أفغير الله أبتغي حكما وهو الذي أنزل إليكم الكتاب مفصلا الآية.

3- قل أغير الله أتخذ وليا فاطر السموات والأرض وهو يطعم ولا يطعم الآية.

فالمعبود بحق هو الله تعالى الخالق ولا خالق إلا هو سبحانه وتعالى والمعبود بالباطل ( الطاغوت) هو كل مخلوق ينسب له الحكم والأمر والاستغاثة والإتباع والمحبة والنصرة دون الرد إلى قول الله تعالى وقول رسول الله عليه السلام --- سواء كان يعقل أو لا يعقل وغالب المعبودات التي لا تعقل هي الأوثان وهي الجمادات سواء كانت كما خلقها الله تعالى أو وضعها( صنعها) أو شكلها الإنسان وكل ما يصدر عن الإنسان فهو جماد كما بين تعالى محاجة إبراهيم لقومه: أتعبدون ما تنحتون() وحقيقتها واحدة مهما اختلف شكلها وتغير اسمها فهي: لا تسمع ولا تبصر ولا تضر ولا تنفع ولا تأكل ولا تشرب ولا تمشي ولا تدافع عن نفسها قال تعالى: هل يسمعونكم إذ تدعون () أو ينفعونكم أو يضرون() وقال تعالى : فاسألوهم إن كانوا ينطقون() وقال تعالى: ألا تأكلون() وهي الحجة التي أوتيها إبراهيم عليه السلام على قومه: وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه نرفع درجات من نشاء إن ربك حكيم عليم() ولذلك قال الله تعالى لرسوله عليه السلام محاجا قومه: ألهم أرجل يمشون بها أم لهم أيد يبطشون بها أم لهم أعين يبصرون بها أم لهم آذان يسمعون بها قل ادعوا شركاءكم ثم كيدون فلا تنظرون() ولا يمكن بحال أن تكون الجمادات مما ينسب لها شيء من شرع الله تعالى كما يقال موافق للشرع أو مخالف للشرع إذ كيف يكون للجماد قول -أمر ونهي -وحكم تحريم وإباحة؟ وهل يقول عاقل ذلك ؟ وكيف يكون لجماد تنظيم حياة البشر وهي القاصرة عن تنظيم نفسها إذ لا حياة فيها,والطاغوت على ضربين :

- الطواغيت من غير العقلاء وخاصة الأوثان:الدساتير والقوانين والأوطان الخ , قال تعالى: فاجتنبوا الرجس من الأوثان الآية , وقال تعالى: إنما تعبدون من دون أوثانا وتخلقون إفكا الآية .

- الطواغيت ممن يعقل : وغالبا ما يكونون ممن يحافظون على الطواغيت التي لا تعقل وخاصة الوثنية سواء كانوا بصفة فردية أو مؤسسات أو أنظمة أو من العلماء ( الأحبار والرهبان) الذين يحرفون الأدلة بـتأويل باطل من إباحة الكفر أو تحليل الحرام أو تحريم الحلال.

والطاغوت الوثن طاغوتيته مطلقة وتتعلق بعموم الناس إذ لا تعامل معها إلا من منطلق الطاغوتية , بخلاف الطاغوت البشري فقد تكون طاغوتيته مطلقة ومقيدة وما يكون طاغوتا بحق أناس قد لا يكون طاغوت بحق آخرين وما يكون طاغوتا في حال قد لا يكون طاغوتا في حال آخر وما يكون طاغوتا في وقت قد يكون مسلما في وقت آخر بخلاف الأوثان وهذا قليل من يتطفن له في التعامل مع الأدلة الشرعية التي لا بد من معرفة الحكم أولا ثم معرفة الواقع للزمن والأشخاص.

خامسا: لا إله إلا الله تتضمن النفي والإثبات أي تثبت عبادة الله تعالى وتنفي المعبود من دون الله سبحانه( اجتنابه أي تركه) وعليه فقولنا لا إله إلا الله لا بد أن نقصد منه:

- لا لأي مسئول ومستغاث به ومطاع ومسمى بالأسماء الحسنى إلا الله تعالى.

- لا لأي شرع وحكم إلا تشريع وحكم الله تعالى.

- لا لأي منصور ومحبوب إلا الله تعالى ولا إتباع إلا لشرع الله تعالى.

فالمسلم ليس في حياته إلا قول الله تعالى وقول رسوله عليه السلام حكما واتباعا وطاعة وتحاكما ومحبة ونصرة وتشريعا وأولوا الأمر هم القائمون والمحافظون على قول الله تعالى وقول رسوله عليه السلام وليس في حياتهم إلا طاعة الله تعالى وطاعة رسوله عليه السلام وسوى ذلك فهو الكفر والطاغوتية , والمرء على دين من يطيع ويتبع ويتحاكم اليه ويحبه وينصره ومن جعل لغير الله تعالى مع الله تعالى شيئا من ذلك فهو المشرك الكافر فالله يريد ذلك كله خالصا له وهذا معنى قوله تعالى: وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله الآية أي: حتى يكون الدعاء كله( سؤالا واستغاثة وطاعة وتسمية بالأسماء الحسنى) والحكم كله( تشريعا وحكما وتحاكما) والولاء كله ( طاعة واتباعا ومحبة ونصرة) وانظر إلى لفظ كله أي ليس لغيره منه شيء فالدين هوالعبادة وهو الدعاء والولاء والحكم .

قال الأصفهاني رحمه الله تعالى: والدين يقال اعتبارا بمن يقيمه إذ كان معناه الطاعة أ.هـ المفردات في غريب القرآن .472

وقال أيضا: الدين يقال للطاعة والجزاء واستعير للشريعة, والدين الملة لكنه يقال باعتبار الطاعة والانقياد للشريعة قال تعالى: إن الدين عند الله الإسلام() وقال : ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله وهو محسن() أي: طاعة أ.هـ المفردات 175.

قال ابن تيمية رحمه الله تعالى: وحقيقة الشريعة إتباع الرسل والدخول تحت طاعتهم كما أن الخروج عنها خروج عن طاعة الرسل وطاعة الرسل هي دين الله الذي أمر بالقتال عليه, فقال : وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله () .فإنه قد قال : من يطع الرسول قد أطاع الله () والطاعة دين له أ.هـ الفتاوى 19/166-168.

وقال ابو حيان رحمه الله تعالى في تفسيره: وفسرت العبادة في إياك نعبد وإياك نستعين بأنها التذل والخضوع وهو أصل موضوع اللغة أو الطاعة كقوله : لا تعبد الشيطان() , أو التقرب بالطاعة أو الدعاء أ.هـ البحر المحيط .

قال الشوكاني رحمه الله: فادعوه مخلصين له الدين أي:الطاعة والعبادة أ.هـ فتح القدير

قال الشنقيطي رحمه الله على قوله تعالى : وله الدين واصبا ما نصه: الدين هنا الطاعة ومنه سميت أوامر الله ونواهيه دينا أ.هـ أضواء البيان 3/278.

قال ابن تيمية رحمه الله كلاما جامعا صريحا واضحا:الاستسلام لله وحده يتضمن عبادته وحده وطاعته وحده فهذا دين الإسلام الذي لا يقبل الله غيره وذلك إنما يكون أن يطاع في كل وقت بفعل ما أمر به في ذلك الوقت .. إلى قوله: فالدين هو الطاعة والعبادة أ.هـ وقال أيضا: وقال صلى الله عليه وسلم : إنا معاشر الأنبياء ديننا واحد. متفق عليه, وهو الاستسلام لله لا لغيره بأن تكون العبادة والطاعة له والذل وهو حقيقة لا إله إلا الله .أ .هـ الفتاوى 5/184.

قال تعالى: وأنذر الناس يوم يأتيهم العذاب فيقول الذين ظلموا ربنا أخرنا إلى أجل قريب نجب دعوتك ونتبع الرسل ().

( هذا بلاغ للناس ولينذروا به وليعلموا أنما هو إله واحد وليذكر أولوا الألباب)