JustPaste.it

نقض رسالة تحرير الكلام

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على النبي الأمين

أما بعد:

إلى منتدى أنصار التوحيد الحق.

لقد اطلعت على موضوع تحرير الكلام في مسالة طاعة المشركين لكاتبه المدعو عبد الحق بن حسن آل محمود بمباركة من شيخه عبد الحكم القحطاني بعد اطلاعه عليه فهالني ما فيه من جهل وجرأة بالافتراء والكذب على دين الله تعالى وعلى علماء .

أولا: بالنسبة للعنوان فإن ما أثبتناه بهذه المسألة فيما يتعلق بالطاغوت ومعلوم الفرق بين الطاغوت المعبود من دون الله تعالى وبين المشرك العابد لغير الله تعالى ومعلوم بأن المشركين وردت النصوص الكثيرة في كتاب الله تعالى بالنهي عن طاعتهم وذلك في القرآن المكي وتأكد هذا بالقرآن المدني ، فمكي أصل ومدني يقرره كما هو فكيف جاء عليه التخصيص فهذه معضلة المعضلات ،علما بأن علماء الأمة فسروا طاعة المشركين في الآيات المدنية بأنه: استشارتهم واستنصاحهم ،فما تواترت عليه النصوص هل يصبح التعامل مع مسائله بالاجتهاد ، لا أقول إلا إنا لله وإنا إليه راجعون

ثانيا: يقول صاحب الموضوع ما نصه:الطاعة لغة وشرعا

قوله:الطاعة في لغة العرب: هي الخضوع والانقياد والاستجابة للأمر امتثالًا وقَبولًا للتكليف (1). وهي بهذا المعنى تلتقي مع المعنى الشرعي لعبادة الطاعة ، والتي لا يجوز صرفها لغير الله سبحانه .
فالطاعة شرعًا : هي الخضوع والانقياد والاستجابة لأمر الله تعالى امتثالًا وقَبولًا للتكليف أ.هـ ويقول في الحاشية ما نصه: هذا خلاصة قول اللغويين في تعريف الطاعة ؛ وانظر : «تهذيب اللغة» و«معجم مقاييس اللغة و«لسان العرب» و«تاج العروس» و«المعجم الوسيط» ، وغيرها (مادة : طوع (2) في «مدارج السالكين» (1/575).
(3) «
الفروق اللغوية» (ص221.
(4) «
مجموع الفتاوى» (3/93) .
(5) «
تفسير ابن كثير» (2/159) .
(6) «
الحاكمية في أضواء البيان» (ص43، 55-56) .
(7) «
الدرر السنية» (2/70) .
(8)
وسيأتي توجيه كلام شيخ الإسلام في أواخر هذا البحث . أ.هـ

قلت:

1- هذا كذب وافتراء على علماء الأمة قاطبة وهذا بينته في موضوع الطاعة حقيقتها وضوابطها ولم يذكر أحد منهم أنها الاستجابة للأمر امتثالا وقبولا للتكليف ، وأتحدى صاحب الموضوع أن يثبت هذا القول في أي كتاب من كتب اللغة أو التفسير أو الحديث، بل اجمعوا على أن الطاعة هي امتثال الأمر .

2- قوله أن المعنى اللغوي يلتقي مع المعنى الشرعي جهل وافتراء فمعنى ذلك انه يثبت معنيين منفصلين وبينهما التقاء ومعلوم أن المعنى اللغوي اعم من المعنى الشرعي والمعنى الشرعي يحافظ على أصل المعنى اللغوي ولكن يكون بكيفية معينة وزمان معين مكان معين كمصطلح الحج فمعناه اللغوي هو: القصد ،

لكن معناه الشرعي هو قصد مخصوص في وقت مخصوص إلى مكان مخصوص بكيفية مخصوصة، فالمعنى اللغوي أعمل وأشمل من المعنى اللغوي، فهلا بين لنا من قال بان الطاعة لها معنى لغوي ومعنى شرعي؟

3- قرر صاحب الموضوع معنى الطاعة بناء على المعنى اللغوي ثم يقرر انه نفسه المعنى الشرعي دون أن يسند قوله إلى مصدره فما دام المعنى اللغوي هو نفسه المعنى الشرعي فما الداعي لأن تقول لغوي وشرعي.

4- إن معنى الطاعة لا يمكن ضبطه إلا إذا تم ضبط مفرداته فالطاعة هي : امتثال الأمر :

فالامتثال هو : امتثل أمره أي احتذاه فعل الفعل على الصورة المطلوبة والأمر هو: طلب لفعل على سبيل الإلزام والاستعلاء.

فالإلزام له حكم الوجوب يعني طلب الفعل على سبيل الوجوب فمن طلب الفعل بهذه الصورة فهو فمعناها: اوجب عليك فعل كذا .فان كان ردا إلى شرع صحيح فهو إيمان وإن كان ردا إلى غير شرع صحيح فهو الشرك بالرحمن.

والاستعلاء: هي صفة اعتبارية بمعنى أن طالب الفعل له منزلة أعلى من منزلة المطلوب منه.

ولذلك صاحب هذا القول ومن نحى نحوه جعل كل طلب فعل هو بمعنى الأمر ولم يكلف نفسه بالنظر في كتب البيان أن صيغة طلب الفعل وهي( افعل)، لها ثلاث وثلاثون معنى ، وهي على هذا الاعتبار من المحتملات ولا يتم ضبطها إلا بالقرائن الحالية والقولية، ولذلك تجدهم يطلقون على وسوسة الشيطان أمرا أي أنها طلب فعل على سبيل الإلزام .

ويطلقون على طلب الفعل الذي بمعنى الالتماس والذي يكون بين طرفين متساويين في الرتبة أمرا، كما فعلوا فيما يتعلق بشروط الحديبية حيث جعلوا ما طلبه مندوب لمشركين أمرا .

وهكذا عند كل طلب فعل مع العلم أن قولهم هذا ليس مطردا إلا بحق الأنبياء عليهم السلام وأنهم هم المأمورون الملزمون بأوامر المشركين مع أن الله تعالى قال بنص صريح : وما أرسلنا من رسول إلا ليطاع بإذن الله الآية ، أي انه جاء يطلب من الناس على اختلاف منازلهم ملوكا وأمراء بأن يدخلوا تحت طاعته وهذا جاء صريحا في قول الله تعالى حاكيا ذلك عنهم: فاتقوا الله وأطيعون()، لكن حال هؤلاء كما قال تعلى: فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور().

5- ومن الغريب العجيب أن صاحب المقال يقرر ما يلي بقوله:

أ- واعلم أن من أركان التوحيد : اتخاذ الله وحده مُطاعًا ؛ فهو صاحب الأمر والنهي سبحانه.أ.هـ

ب- ومن أخص معاني الولاية : الطاعة أ.هـ

ج- فجعل طاعة الله والرسول شرطًا في صحة الإيمان .
وقد قرن الله طاعته بطاعة رسوله في مواضع كثيرة من كتابه العزيز؛ لأن طاعة الرسول هي طاعة الله أ.هـ .

د- ولأن النبي صلى الله عليه وسلم لا{يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} [النجم: 3-4].
وهاهنا تنبيه مهم؛ وهو أن الفرق بين طاعة الله وطاعة أحدٍ من خلقه كالفرق بين اتخاذ الله وحده وليًّا وموالاة أوليائه ومن لم يعرف هذا الفرق لم يعرف التوحيد من أساسه كما قال ابن القيم (2).
ولذلك كانت الطاعة المطلقة لله، وأما طاعة الرسل فهي بإذن الله أ.هـ

هـ- ويجب الإيمان بأن الله أمر بعبادته وحده لا شريك له، كما خلق الجن والإنس لعبادته، وبذلك أرسل رسله وأنزل كتبه، وعبادته تتضمن كمال الذل والحب له، وذلك يتضمن كمال طاعته أ.هـ

مع كل هذه التقريرات الواضحة إلا أنه هدمها بقوله: حكم اتخاذ المطاع من دون الله :
وضد ذلك : اتخاذ مُطَاعٍ من دون الله: وذلك بالانقياد والخضوع لأمره بقصد الامتثال وقبول التكليف . أي يجعل لغير الله حق الأمر والنهي عليه أ.هـ

فنقول له:

  • أنت تقرر أن المناط هو الطاعة وتقرر أن الحكم إنما هو لمن اتخذ مطاعا من دون الله تعالى فهل معنى اتخذ مطاعا أنه جعل له حق الطاعة ؟ بأي لغة وعلى أي أصل ؟

  • من قال قبلك أن اتخاذ مطاع معناه الانقياد والخضوع بقصد الامتثال وقبول التكليف ؟

  • أنت تقول ما نصه منكرا عليهم: الصنف الثاني : هم المرجئة الغالية ، الذين يحشرون الاعتقاد في كل عمل كفري ، ولا يكفرون من اتخذ من دون الله مطاعًا إلا إذا اعتقد فيه أحقية التحليل والتحريم ، بل لا بد أن يصرح ذلك بلسانه ، ولا يعتدون بالظواهر من أحوال وقرائن أ.هـ

فأنت علقت حكم الكفر على الاعتقاد وفعلت فعلهم لأنك قيدت الامتثال بالقصد وهذا معناه الاعتقاد.

وقيدت قبول التكليف بالقصد وفسرته بإعطاء حق الأمر والنهي يعني من قبل التكليف ولم يكن قاصدا لذلك أي معتقدا( لم يعط حق الأمر والنهي ) فهو ليس بكافر مع انك قررت أن الطاعة تنقسم إلى مكفر وغير مكفر وجعلت المناط المكفر هو قبول التكليف دون الامتثال، ثم إذا كان معنى الطاعة كما تقول من الذي جعل هذا مكفرا وهذا غير مكفر ؟ وهل مسائل الكفر والإيمان خاضعة للاجتهاد أم أنها خاضعة للنص الصريح وخاصة نحن نتكلم في أمر أنت نفسك قررت أنه ركن التوحيد بقولك: واعلم أن من أركان التوحيد : اتخاذ الله وحده مُطاعًا ؛ فهو صاحب الأمر والنهي سبحانه.أ.هـ، فهل ركن التوحيد تركه الله تعالى بلا نص واضح بين وجعله من المتشابهات وخاضعا للأفهام؟!!! فنتحدى صاحب هذا القول أن يأت بنص صريح من الشرع المنزل أو المؤول بما ذهب إليه .

ونسأل صاحب هذا القول كيف نعلم أن من امتثل أمر الطاغوت - مع انه لم يذكر مسألة طاعة الطاغوت لأنه يعلم يقينا أن هذه المسألة ليست واردة عند العلماء ليس لأنهم يجهلونها بل لأنها من المسلمات- أو المشرك أو قبل تكليفهم انه قصد إعطاءهم حق الأمر والنهي عليه ؟ أظن أن هذه من المعضلات وأتمنى أن لا يحيد عن هذا السؤال لنزداد علما بمذهبه.

- من أطاع الرسول عليه السلام حسب قولك أن معنى الطاعة امتثال وقبول تكليف فيكون قد أطاع الله وهذا قولك بنصه، فمن امتثل أمر الطاغوت يكون أطاع من؟ هل أطاع الله تعالى؟ ومن قبل لتكليف دون قصد من الطاغوت يكون أطاع من؟ علما بأن لفظ الطاعة ورد في النصوص الشرعية مطلقا ولم يأت ما يقيده من خلال نص شرعي ( ول الله تعالى أو قول رسوله عليه الصلاة والسلام ) ومعلوم لأدنى طلبة تحصيلا فضلا عن العلماء أنه لا يقيد النص المطلق ولا يخصص النص العام ولا يبين مجمله قول كائن من كان سواء كان صحابيا أو تابعيا فضلا عن غيرهم.

ثالثا: قوله: قال تعالى :{وَلاَ تَأْكُلُواْ مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَآئِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ }[الأنعام:121] .
وبعض المفسرين يقول: إن المقصود من أطاع المشركين في تحليل الميتة ، ولكن آخرين يقولون : إن المقصود من أطاع المشركين في أكل الميتة ، قال الحافظ ابن كثير: «قال السدي : إن المشركين قالوا للمسلمين : كيف تزعمون أنكم تتبعون مرضاة الله ، فما قتل فلا تأكلونه ، وما ذبحتم أنتم تأكلونه ؟ فقال الله تعالى : { وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ } في أكل الميتة { إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ } وهكذا قاله مجاهد ، والضحاك ، وغير واحد من علماء السلف»(أ.هـ

أقول: اتقوا الله عباد الله في أنفسكم أولا وفيمن تضلونهم بغير علم يقرأ أحدكم كتابا في التوحيد فيظن نفسه قد جمع علم الأولين والآخرين دون رواية ودراية.

  1. لقد جعل صاحب هذا القول هذه الآية أساسا في ضبط معنى الطاعة بزعمه مع أن الآية لم تنص صراحة على ما ذهب إليه.

  2. لقد ذكر صاحب هذا القول معنيين لم يدرك حقيقتهما فهو ظن انه اختلاف فهم بين العلماء بقوله: وهذا هو الصواب إذا حملنا الطاعة على معناها اللغوي السابق : وهو الانقياد والخضوع والاستجابة للأمر امتثالًا وقَبولًا للتكليف ، بل هذا الحمل متعين ؛ لأن القرآن نزل بلسان عربي مبين أ.هـ

- أما مسألة أن الطاعة معناها اللغوي ما ذهب إليه فهذا افتراء على الله تعالى وعلى علماء الأمة قاطبة فلم يقل احد بقوله مطلقا.

- ونسأله أين المعنى الشرعي للطاعة ومن قال علماء الأمة فضلا عن الوحيين أن الطاعة لها معنى شرعي مستل ومعنى لغوي ، ولماذا يتكئ على المعنى اللغوي -الذي قرره دون دليل- دون المعنى الشرعي اوليس المعنى الشرعي مقدم على المعنى اللغوي في حال وجوده.

فالذي لم يدركه صاحبنا أن هذين القولين للعلماء من اختلاف التنوع وهو حمل الكلام على حقيقته لأن معنى الإتباع يشمل الطاعة بينما الطاعة لا تشمل الإتباع فالمقرر هو أن كل طاعة إتباع وليس كل إتباع طاعة ، فلما لم يدرك حقيقة هذا فجهله ذهب إلى الباب الأوسع والأسهل للخروج مما هو فيه وهو الابتداع مع انه يقرر هذا نقلا عن العلماء لكن دون إدراك لحقيقة ما ينقله حيث جعل عنوانا خاصا في بحثه وسماه العلاقة بين الطاعة والإتباع وختم البحث بعكس القاعدة فقال ما نصه: فهذا نص صريح بأن الإتباع هناك هو الطاعة هنا ، وهذا الترادف بين الإتباع والطاعة ، جاء في غير ما موضع من الكتاب العزيز أ.هـ

فهو هنا أخطا في أمرين:

الأول: أنه جعل الإتباع طاعة فعكس القاعدة فالطاعة إتباع وليس الإتباع طاعة.

الثاني: أنه جعلها من المترادفات بمعنى أن كل لفظ يدل على الآخر وأن لهما نفس المعنى وهذا غير صحيح فهو يقول ما نصه: ولهذا أتى الإتباع في مقابلة المعصية كما في قوله تعالى : {قَالَ نُوحٌ رَّبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَاتَّبَعُوا مَن لَّمْ يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ إِلَّا خَسَاراً }[نوح:21] ولا يقابل المعصية إلا الطاعة ، فجاء لفظ «الإتباع» هاهنا مرادفا للفظ «الطاعة أ.هـ فلفظ الإتباع لم يأت مقابلا للطاعة بل جاء متضمنا لها ولذلك يقال أطاع القرآن بمعنى أطاع الله تعالى ولا يقال اتبع القرآن بمعنى اتبع الله تعالى.

والعجيب الغريب وهذا بسبب الجهل لما ينقله ولا يدرك حقيقته انه جعل عنوانا مستقلا بقوله: الفرق بين الطاعة للأمر والموافقة في الأمر أ.هـ فالموافقة في الأمر هنا هي الإتباع فهو يقرر أن هناك فرقا بينهما قرره العلماء وهذا حق فالإتباع قد يكون طاعة وقد لا يكون طاعة لأنه كما تقرر: كل طاعة إتباع وليس كل إتباع طاعة لذلك لم يحسن توجيه كلام أبي الهلال العسكري مع انه واضح جدا على ما قررته وبينته، فجعل الإتباع عبادة دون الطاعة مع أن الطاعة داخلة في الإتباع فإذا كانت الطاعة إتباع فالطاعة عبادة ومن عقيدة أهل السنة والجماعة ما يعلمه الصغير دون الكبير أن الإيمان يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية فالمقرر أن الطاعة إيمان .ثم أنبه على أمر آخر جهله هذا المتقول على دين الله بغير علم مما نقله من كلام أبي هلال العسكري ما نصه: ثم قال أبو الهلال العسكري : «الفرق بين الطاعة وموافقة الإرادة : أن موافقة الإرادة قد تكون طاعة وقد لا تكون طاعة ، وذلك إذا لم تقع موقع الداعي إلى الفعل كنحو إرادتك أن يتصدق زيد بدرهم ، من غير أن يشعر بذلك ، فلا يكون بفعله مُطيعًا لك ولو علمه ففعله من أجل إرادتك كان مُطيعًا لك» (16أ.هـ،

  • فهو هنا يقرر موافقة الإرادة وموافقة الإرادة هي الإتباع والإتباع قد يكون طاعة وقد لا يكون طاعة وهذا ما قرره العسكري فنفي الإتباع لا يعني نفي الطاعة.

  • ثم ما معنى الإرادة ؟ وما علاقة إرادة الداعي إلى الفعل بالفاعل؟فهو يقيد الطاعة بقصد الفاعل وهنا يريد أن يفسر الإرادة بالقصد وهنا القصد للمطاع وليس للمطيع، فعجبا عجبا.

رابعا: ولكن العجيب الغريب بسبب الجهل انه حتى في بحثه لهذه المسألة أصابه الاختلاط بقوله: مثال على الموافقة في الأمر :
أن تشارك المشركين في عمل (بغض النظر عن طبيعة هذا العمل) يتخذه ـ المشركين ـ دينًا وشرعًا مُتَّبعًا لا امتثالًا وانقيادًا لهم ، ولكن فعلت ذلك لمصلحة ظهرت لك ، أو قد تفعل ذلك لهوى وافق رغباتك ؛ فهنا: يكون حكم هذه الموافقة بحسب طبيعة العمل ؛
فإن كان كفرًا = فهو كفر ، بغض النظر عن مشاركة المشركين في الاعتقاد .
وإن كان معصية = فهو معصية، بشرط عدم مشاركة المشركين في اعتقادهم بتحليل الحرام، وإلا يُلحق بالقسم الأول.
وإن كان مباحًا = فهو مباح .
وهذا التقسيم ، لا ينطبق على طاعة المشركين على وجه الامتثال وقبول التكليف ؛ فالحكم حينئذٍ واحد : الشرك والكفر ، حتى لو كان العمل في أصله مباحًا ، وصدر الأمر به من آحاد المشركين ، أي لم يكن على وجه التشريع (17) ؛ لأنه على هذا الوجه : عبادة صرفت لغير الله ، وهو من اتخاذ غير الله وليًّا ...أ.هـ

  1. معنى الأمر في جملة الموافقة في الأمر ليس طلب الفعل على سبيل الإلزام والاستعلاء أو حتى متعلق بطلب الفعل المتعلق بالطاعة وإنما بمعنى الشأن ، ومن هذا قوله تعالى: فاتبعوا أمر فرعون ()، فهنا ليس معناه فاتبعوا طلب فعله لأن هذا لا يستقيم لغة وحاشا أن يكون كلام الله تعالى حشو . فكل كلامه مبني على أساس باطل وهي تفسيره لمعنى الأمر في جملة موافقة الأمر على الطاعة التي هي امتثال الأمر. فهكذا يفعل الجهل بأهله وهذا ما جعله يقول: وهذا التقسيم، لا ينطبق على طاعة المشركين على وجه الامتثال وقبول التكليف؛ فالحكم حينئذٍ واحدا.هـ وكونه يظن أن كلمة أمر في جملة موافقة الأمر معناها متلق بالطاعة قوله: وصدر الأمر به من آحاد المشركين أ.هـ فكفاكم جهلا يا عباد الله وحملا لأوزاركم وأوزار من تضلونهم بغير علم.

  2. ونقول له أنت تتكلم عن العمل المجرد لأنك تقول: طبيعة العمل، في عمل، فملاذا حشرت الاعتقاد ؟ هو لن يجيب لكن نحن نجيب عنه لان كلمة مشاركة تعني المماثلة من كل وجه ظاهرا وهو العمل الظاهر وباطنا وهو الاعتقاد وإلا لا يقال عنه مشاركة.

  3. قوله: أن تشارك المشركين في عمل (بغض النظر عن طبيعة هذا العمل) يتخذه ـ المشركين ـ دينًا وشرعًا مُتَّبعًا لا امتثالًا وانقيادًا لهم أ.هـ غير مفهوم إطلاقا ، حيث تفسير الموافقة بالمشاركة خطأ جسيم لأن المشاركة مفاعلة وهي تعني تمام المماثلة وهي تتضمن الظاهر والباطن.

  4. فعل الشيء لمصلحة أو هوى شيء لا يستحق بحثه والحوار فيه بأن الحكم بناء على نفس الفعل فهنا ليس في الأمر طاعة ولا إتباع ز

  5. اتخاذ ولي من دون الله تعالى ما معناه؟ قال تعالى: أتبعوا ما انزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء قليلا ما تذكرون()

معنى ولي : المطاع والمتبع والمحبوب والمنصور، فمعنى الإتباع كما قرره صاحب الرد انه: ائتم به وحذى حذوه واقتفى أثره أي فعل الشيء كما فعله المتبوع ، فهل يقال هذا بحق الله تعالى ؟ هل نقول اتبع الله تعالى ؟ إلا يعلم صاحب الرد ان هذا كفر بالله العظيم فهل هناك من يفعل كما يفعل الله تعالى.

فمعنى اتخاذ الله ولي: اتخاذه مطاعا ومحبوبا ومنصورا وإتباعا لشرعه.فكما أن الإتباع عبادة كذلك الطاعة عبادة كذلك الحب عبادة كذلك النصرة عبادة فصاحب الرد يجهل معنى الولي.

خامسا: قوله في الحاشية 8: وسيأتي توجيه كلام شيخ الإسلام في أواخر هذا البحث أ.هـ

قلت: عندما جئنا لهذا التوجيه وجدناه تحت فصل بعنوان: استطراد ونصه: استطراد:
وليس كل طاعة عبادة ، ولو كانت كل طاعة عبادة كالاستغاثة ونحوها ، لما جاز الأمر بطاعة أحد من البشر في كتاب الله ؛ فالله سبحانه أمر بطاعة نبيه في آيات كثيرة ، ومعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يستغاث به ؛ لأن الاستغاثة عبادة ، والعبادة لا يجوز صرفها لغير الله ، لا لملك مقرب ولا لنبي مرسل ، وهذا مما يدل على بطلان هذا الإطلاق ؛ فالنبي صلى الله عليه وسلم يُطاع امتثالًا لله سبحانه ؛ لأن الله أمر بطاعة نبيه ؛ لأنه {لا ينطق عن الهوى * إن هو إلا وحي يوحى} فما جاء به من الأمر فهو من عند الله وهو أمر الله في الحقيقة ولذلك قال تعالى : {من يطع الرسول فقد أطاع الله} ، ولذا كانت طاعة النبي صلى الله عليه وسلم على هذا الوجه عبادة لله .
ومما يدل على بطلان هذا الإطلاق أيضًا: قوله تعالى : {وَمَن يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللهَ وَيَتَّقْهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ }[النور:52] قال شيخ الإسلام : «فجعل الطاعة لله والرسول وجعل الخشية والتقوى لله وحده» (18).
وكذلك طاعة أولى الأمر المأمور بها في كتاب الله {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً }[النساء:59].
فما دام ولي الأمر يحكم في رعيته بحكم الله ولا يأمرك بمعصية وجبت طاعته امتثالًا لله وهي بذلك عبادة لله .
وكذلك طاعة الوالدين ..الخ.
فالضابط الجامع المانع : هو الطاعة بقصد الامتثال وقبول التكليف .
فهذا الذي يجعل الطاعة إما عبادة لله وإما عبادة لغير الله.
فمن أطاع ولي الأمر المسلم امتثالا لله فهو عابد لله .
ومن أطاع ولي الأمر المسلم امتثالا لشخصه فهو عابد لغير الله؛ حتى لو أطاعه في أمر مباح بل في واجب شرعي (19).
مثال آخر على بطلان هذا الإطلاق:
من المعلوم أن إبليس ـ وهو رأس الطواغيت ـ يسول للإنسان معصية الله بل يأمره بها ، فمن أطاع الشيطان على وجه الموافقة في الفعل لا على وجه الامتثال وقبول التكليف ، فهو عاصٍ ما دام عقده سليم من استحلال ما حرم الله ، ولا يعتبر بذلك عابدًا للشيطان لأنه أطاعه في تلك المعصية .
فكل ذلك مما يدل على بطلان إطلاق القول بأن كل طاعة عبادة ، وأن من صرفها لغير الله على أي وجه كان فهو مشرك .
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية في إبطال هذا الإطلاق: «فباب الطاعة والتصديق ينقسم إلى مشروع في حق البشر وغير مشروع . وأما العبادة والاستعانة والتأله: فلا حق فيها للبشر بحال»أ.هـ

قلت:

  1. قوله ليس كل طاعة عبادة أ.هـ قرر علماء الأمة بأن أصل الكفر القياس وأول من قاس إبليس، وقياس إبليس هو قياس الأمر الشرعي على الأمر القدري:

  • فهل إبليس رفض قبول الأمر أم رفض الامتثال ؟ فهو لم يقل لله تعالى : لم أكن لأقبل أمرك ()، فالله تعالى بين بالنص الصريح بقوله: قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ الآية، فالعلة هي عدم السجود وهي امتثال الأمر، لأن قبول التكليف وعدم الامتثال للأمر نقيضان لا يجتمعان بينما امتثال الأمر وعدم قبول التكليف قد يجتمعان، والحكم للظاهر فمن امتثل أمر الله تعالى وأمر رسوله عليه الصلاة والسلام وهو غير قابل له حكمنا عليه بالإيمان لامتثاله الأمر ( طاعته) ، وأما عند الله تعالى فهو كافر .

ومن امتثل أمر الطاغوت وأمر المشرك حكمنا عليه بالكفر بناء على الظاهر لامتثاله الأمر، هذا حكمنا عليه بناء على مذهب أهل السنة والجماعة أن الطاعة إيمان سواء كانت على زعمه قبول أو امتثال للأمر، فبمجرد امتثاله للأمر كفر وهنا أمران:

الأول: هل يعامله الله تعالى بناء على الباطن دون الظاهر فيكون حكم الظاهر الذي هو أساس التعامل في الدنيا ويترتب عليه الولاء والبراء ظني وغير معتبر وهذا هدم لأصل الدين.

الثاني: كون مجرد امتثال الأمرالابتداع.عليه لأنه قسيم الإيمان ولا يعارضه إلا مخذول جاهل ومجرد الامتثال للأمر يعني مطلق الأمر بغض النظر عن حقيقة الفعل فتصبح المسألة هل الكفر هنا كفر أكبر أم اصغر ( معصية)،وليس بناء على حقيقة الفعل من حيث كونه كفر أو معصية أو مباح فليس في المسالة شيء اسمه مباح وهذا إبطال للقاعدة التي قرروها وهي الطاعة في الكفر كفر وفي المعصية معصية وفي المباح مباح ، وتقرير هذا في كتاب الله تعالى أن الشيطان كافر فقال تعالى: إنما يأمركم بالسوء والفحشاء وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون () ، فهو يأمر بالمعصية( السوء والفحشاء) ويأمر بالكفر ( وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون)، فأين أمره بالمباح ؟ فهذا لا يوجد إلا في عقول أهل الابتداع.

  1. قوله: وليس كل طاعة عبادة، ولو كانت كل طاعة عبادة كالاستغاثة ونحوها لما جاز الأمر بطاعة أحد من البشر في كتاب الله؛ أ.هـ

    1. جهل فاضح وعقم في الإدراك وقياس إبليسي.

    2. فنقول له هل كل عبادة طاعة وهل قولنا كل عبادة طاعة وكل طاعة عبادة صحيح أم لا، ؟ نرجو الإجابة على هذا السؤال وعدم الحيدة والهروب، فبناء على ما قرره فتصبح القاعدة عنده هكذا: كل عبادة طاعة وليس كل طاعة عبادة، وهذا هو التناقض بعينه.

فهو هنا بين أمرين أحلاهما علقم :فهل هذه قاعدة عامة بحق مطلق الطاعة كونها امتثالا لأمر الله تعالى وأمر رسوله عليه الصلاة والسلام أو أمر الطاغوت والمشرك، أم قاعدة خاصة بحق امتثال أمر الطاغوت والمشرك فقط ، فإن كانت قاعدة عامة فقط اخرج العمل الذي هو امتثال الأمر من الإيمان، وعلى هذا يصبح المقصود من الطاعة القبول وهو الأمر الباطني كما قرره فمن قال اقبل أوامر الله وأوامر رسوله عليه الصلاة والسلام لكن لن امتثل الأمر فهو عنده مؤمن ومعلوم أن قائل هذا كافر بإجماع أهل السنة والجماعة وإن كانت خاصة فلا يجوز القياس عليها وتصبح ليست قاعدة لأن القواعد المقصود منها العموم والإطلاق.

فهو غارق في الإرجاء لأن عقد الإيمان المجمل هو القبول المجمل وعلى الغيب لأن الإيمان كما قرره الله تعالى: الذين يؤمنون بالغيب () ، ومن الغيب كل أمر سيأمرنا الله به ، والقبول المجمل ليس مجزءا بمعنى لا يحتاج من المؤمن إنشاء قبول جديد لكل أمر يأتي من الله تعالى أو من رسوله عليه الصلاة والسلام ، فافتراض قبول جديد يناقض قول الله تعالى: وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فد ضل ضلالا مبينا()، لأن افتراض قبول جديد يعني إثبات الخيرة للأمر فالقبول حاصل أصلا والمقصود من الأمر ليس القبول وإنما امتثاله أي طاعته.

ج- قوله هذا يدل على أنه جاهل لمعنى العبادة ومن جهل معنى العبادة فهو لا يعلم لا اله إلا الله فالعبادة اسم جامع لكيفيات عبادة متعددة يجمعها شيء مشترك واختلاف صور العبادة لا يعني إخراج صورة منها فالطاعة والاستغاثة صورتان لشيء واحد فالاستغاثة هي في حقيقتها طاعة فالله تعالى أمر أن نستغيث به ففعلنا للاستغاثة طاعة وهي عبادة لأن العبادة الأصل فيها التوقف فلا نعبد الله تعالى إلا بما يحب ويرضى وفعلنا ما يأمرنا به الرسول عليه الصلاة والسلام ( امتثال أمره) عبادة لأنه مما يحبه الله ويرضاه ، فالله تعالى يحب أمورا جعلها لخلقه ففعلنا إياها مع خلقه عبادة لله سبحانه وتعالى وهناك أمور جعلها لنفسه لا يشترك فيها أحد من خلقه هي عبادة ، والاستغاثة والاستعانة المقصودة ليست مطلقة وإنما مقيدة بالتضرع والخفية لأنه يجوز للمسلم أن يستغيث بالمسلم وان يستعين به فيما شرعه الله تعالى .

د- لما جئنا لتوجيهه لكلام ابن تيمية رحمه الله تعالى طبعا كلامه بناء على القاعدة التي قررها وهي انه ليس كل طاعة عبادة ليصل إلى أن الطاعة المقصودة هي قبول التكليف .

فكلام ابن تيمية هو : «فباب الطاعة والتصديق ينقسم إلى مشروع في حق البشر وغير مشروع . وأما العبادة والاستعانة والتأله: فلا حق فيها للبشر بحال» أ.هـ

- هل ابن تيمية يجعل الطاعة امتثال وقبول أم ماذا؟

فلما جئنا الى كلامه رحمه الله تعالى وجدنا أن صاحبنا قد استقطع كلاما لا يدري معناه ومقتضاه وترك القول الفصل عند هذا الإمام المبارك رحمه الله تعالى، فهو نقل كلاما من صفحة 98من الجزء الأول من مجموع الفتاوى ولكن في صفحة 97 يقول ابن تيمية رحمه الله تعالى ما نصه: فَإِنَّ الْإِشْرَاكَ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ أَخْفَى مِنْ دَبِيبِ النَّمْلِ دَعْ جَلِيلَهُ وَهُوَ شِرْكٌ فِي الْعِبَادَةِ وَالتَّأَلُّهِ وَشِرْكٌ فِي الطَّاعَةِ وَالِانْقِيَادِ وَشِرْكٌ فِي الْإِيمَانِ وَالْقَبُولِ أ.هـ فهو يبين :

  1. أن شرك الطاعة والانقياد غير شرك القبول فهذا نوع وهذا نوع وعلى هذا فان الطاعة تختلف عن القبول وليس معنى الطاعة عنده هو القبول فهو يرد هذه البدعة المنكرة فتوجيه كلامه بما يخالف ما قرره كذب وافتراء عليه.

  2. انه يقرر أن الشرك يكون في الطاعة التي هي ليس معناها القبول معلوم أن الشرك لا يكون إلا عبادة غير الله تعالى وعليه فالطاعة عبادة ثم التصديق هل هو عبادة أم لا ؟ فهو رحمه الله تعالى يقرن الطاعة بالتصديق فهل ما ينطبق على الطاعة ينطبق على التصديق أيضا؟ وبهذا يرد ما قرره صاحبنا.

  3. أنه يقرر أن هناكلصاحبنا.ناك تأله وهناك استعانة فماذا يقصد بمعنى العبادة هنا فهل التأله ليس عبادة وهل الاستعاذة ليس عبادة عنده؟ وهذا سؤال نتركه لصاحبنا.

  4. ثم هل كلام ابن تيمية دليل مستقل بحيث نتعامل معه كما نتعامل مع الأدلة الشرعية أم انه كلام بشر يصيب ويخطئ ويجب حمله على النص الشرعي الصريح ؟ هذا حال من اتخذ العلماء أرباب من دون الله تعالى بأن يجعل أقوالهم كقول الله تعالى من حيث التعامل معها فإذا كان قول الله تعال وقول رسوله عليه الصلاة والسلام هي الأدلة الشرعية خاضعة لقواعد الاستدلال من حيث العموم والخصوص والإطلاق والتقييد والمجمل والمفهوم والمنطوق وجعلنا كلام البشر خاضع لنفس القواعد فما الفرق بينهما إذن؟ أليس هذا مساواة للقولين وجعلهما سواء أليس العلماء مجمعون على أن الفرق بين كلام الله تعالى وبين كلام البشر كالفرق بين الله تعالى وبين البشر لان تلك القواعد وضعت للتعامل مع كلام الوحي الذي هو غير مخلوق وكلام البشر مخلوق فالتعامل معهما بنفس الكلام جعل الكلامين إما مخلوق أو غير مخلوق وهذا نترك بيانه لصاحب الرد.

  5. فالعبادة لها ثلاث صور هي الدعاء والحكم والولاء.

فعبادة الدعاء حق خالص لله تعالى لا يشترك احد من خلقه معه فيها وهي:

  • الأسماء والصفات الحسنى فلا نسمي أحدا بأي منها مهما كان.

  • السؤال والاستغاثة والاستعانة المقيدة بالتضرع والخفية وهذه لا يشارك الله فيها أحد من خلقه.

  • التقرب والنسك وهي فعل الشعائر التعبدية كالذبح والنذر والصلاة والصيام فهذه لا يشارك الله فيها احد من خلقه ولم يجعل لخلقه فيها شيء.

  • وهناك عبادتان جعل الله تعالى لمن يحب من خلقه وهم الرسل وأولوا حق فيها لأن العبادة تشمل كل حركة في الحياة فهناك تعامل مع الخالق وهناك تعامل مع الخلق فلا نتعامل مع الخالق إلا بما يحب ويرضى فتكون عبادة له وهذه لم يجعل الله تعال لأحد فيها حق ولا نتعامل مع الخلق إلا بما يحب ويرضى فتكون عبادة له فطاعة الله تعالى وهي امتثال أمره عبادة لله تعالى فمن طاعته أنه أمرنا بطاعة أولي الأمر ولو لم يأمرنا بذلك لما أطعناهم لأن الإسلام قائم على العبادة فهناك عبادة فردية وهناك عبادة جماعية وكلها تندرج تحت عبادة الله تعالى ليكون الدين كله لله .

فالحكم عبادة كما قال تعالى: ولا يشرك في حكمه أحدا() ، ولكنه جعل الحكم للرسول عليه السلام ولمن تولى أمور المسلمين من المسلمين فالرسول ما حكم إلا لأن الله تعالى أمره أن يحكم فهنا طاعة والله تعالى حكم بأن يحكم الرسول عليه الصلاة والسلام فهنا حكم .

وكذلك الولاء فقد أمرنا الله تعالى أن نحب رسوله عليه الصلاة والسلام فحبنا له طاعة لله تعالى وهي حب لله تعالى لأنه فعل يحبه الله تعالى ونصرة الرسول عليه الصلاة والسلام نصرة لله تعالى ونصرة المسلمين نصرة لله تعالى لأنه أمرنا أن ننصر لمسلمين وإتباعنا للرسول عليه السلام عبادة لله لأنه فعل يحبه الله تعالى وإتباع سبيل المؤمنين وهو ما اجمعوا عليه عبادة لله تعالى لأنه فعل أمر به ولا يأمر إلا بما يحب .

فهل ينطبق على الحكم والولاء ما ينطبق على الطاعة بحيث تصبح امتثال أمر وقبول وأن المقصود منها القبول كونها مما جعل الله فيها حق مشروع لبعض خلقه.

فالله أمرنا أن نحكم بحكمه فالحكم بحكمه طاعة فهل نقول أن المقصود بالحكم هنا قبول الحكم وأما امتثال الأمر بالحكم غير مقصود؟ وهل نقول انه يجوز التحاكم للطاغوت بشرط عدم قبول حكمه؟

هل يجوز أن نقول يجوز فعل الموالاة للطاغوت دون قبول التكليف منه ؟

فهل طاعة الطاغوت والمشركين مما يحبه الله تعالى لتكون عبادة لله تعالى لان الأمر كما قال ابن تيمية عليه رحمة الله تعالى: ولهذا كان كل من لم يعبد الله وحده فلا بد أنه يكون عابدا لغيره يعبد غيره فيكون مشركا وليس في بني آدم قسم ثالث بل إما موحد أو مشرك أو من خلط هذا بهذا كالمبدلين من أهل الملل النصارى ومن أشبههم من الضلال المنتسبين للإسلام أ.ه الحسنة والسيئة 1\56
انظر إلى قوله أو من خلط هذا بهذا يعني عبادة الله وعبادة غير الله وهذا حال من خلط طاعة الله بطاعة الطاغوت أو ما أباحه الله بإباحة الطاغوت أو أمر الله بأمر الطاغوت فكما أن من قال أنا أحكم بهذا الحكم كونه لا يخالف حكم الله (حكم لا يستند إلى شرع الله )مشرك كذلك من قال أنا أطيع هذا الأمر كونه لا يخالف أمر الله مع أن الأمر يرده إلى غير شرع الله فهو مشرك.

أكتفي بهذا القدر فإنه ما من فقره إلا وتحتاج رد وبيان وفيما ذكرت كفاية لإبطال هذا الهذيان والتخريف والتعالم والقول على الله بغير الحق

سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله أنت أستغفرك وأتوب إليك

والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على النبي الأمين .

حكم اتخاذ المطاع من دون الله :
وضد ذلك : اتخاذ مُطَاعٍ من دون الله: وذلك بالانقياد والخضوع لأمره بقصد الامتثال وقبول التكليف . أي يجعل لغير الله حق الأمر والنهي عليه ، وهو الذي أنكره سبحانه في الآية السابقة {قُلْ أَغَيْرَ اللهِ أَتَّخِذُ وَلِيّاً} وجعل صاحبه مشركا كما في آخر الآية { وَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ المُشْرِكَينَ }.
وهو المقصود في الآيات التي أكفر الله بها من أطاع المشركين ، ولو في أمر واحد ، بغض النظر عن صفة من أصدره ؛ كان طاغوتا أو من آحاد المشركين ، وبغض النظر عن صفة هذا الأمر ؛ كان تشريعًا أو أمرًا عاديًّا