JustPaste.it

السيف الرباني

بنقض أصول السلفية

التي مثلها الشيخ الألباني

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي أكمل لنا ديننا وأتم علينا نعمته ورضي لنا الإسلام دينا وأمرنا أن نستهديه صراطه المستقيم صراط الذين أنعم عليهم غير المغضوب عليهم اليهود ولا الضالين النصارى

واشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أرسله بالدين القيم والملة الحنيفية وجعله على شريعة من الأمر أمره باتباعها وأمره بأن يقول هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليما كثيرا(1)

أما بعد :

إن آفة الشبهات والشهوات ما فتئت تعصف بالقلوب والتي أساسها عدم السلوك الصحيح للآخرة طلبا للعلو والفساد مصداقا لقوله تعالى: تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَاداً وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ (القصص :83), وما زال هذا الدين في نقص منذ لحوق الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام بالرفيق الأعلى إلى أن دخله التحريف من قبل من ينتسبون إلى العلم من العلماء والمشايخ الذين قلبوا حقائق الدين فجعلوا الكفر إيمانا والإيمان بدعة وخاصة منذ أن دب الوهن في دولة الخلافة الإسلامية وزاد هذا الأمر في زمانٍ عُدِمَ فيه وجود سلطان الإسلام الذي يضرب على يد كل محرف للدين فاشرأبت أعناق المبتدعين واتُخِذُوا جسرا لهدم الدين من قبل أعداءه - سواء كانوا من جلدتنا أو من غيرنا- سواء بجهل لحقيقة ما يراد منهم أو بعلم.

وأشد هؤلاء من يدّعون تمسكهم بالأدلة الشرعية ففتنتهم أعظم فلا بد من بيان ما هم فيه من الابتداع نصرة لدين الله تعالى ولئن نلقى الله تعالى فجارا ناصرين لدينه خير من أن نلقاه محرفين لدينه غير ذابين عنه.

فمن أعظم فتن العصر فتنة الألباني الذي بدعوته ومنهجه قلب الأصول الشرعية وجعل الإسلام كالمنخل لا يقي من ريح ولا شمس وتفرد بمذهب خاص وضع قواعده وأصوله ظاهره القولي التمسك بالكتاب والسنة وحقيقته مشاقة الله ورسوله واتباع غير سبيل المؤمنين وهذه حقيقة وليست مجرد افتراء أو اتهام وهو ما سنبينه من خلال المنهج الذي سلكه فغالب مؤلفات الألباني في تخريج السنن والآثار التي ندر أن يتركها محدثوا الأمة وحفاظها دون بيان الصحيح منها والضعيف- فهم الأقرب إلى رواة الحديث والأعلم بعلله- ونحن تبع ومقلدون لهم سواء في المقدمات2 أو النتائج3 فكل من جاء بعدهم عالة عليهم ومن بحارهم يغترف والمنة لله ولرسوله ثم لهم وليس لأحد بعدهم فضل, وما من أحد من العصور المتأخرة إلا ومقلد لهم والألباني لا يمكن بحال أن يخرج عن هذا فهو مقلد لهم ولكنه عندما أراد أن يتفرد وقع في كثير من الأخطاء والتناقضات فهو حسب أصول هذا العلم ليس من الحفاظ ولا من المحدثين , وأما ما استقل به من المؤلفات غير الحديثية والتي بينت حقيقة مذهبه فإن فيها من المخالفات التي بنى أحكامه فيها من غير نظر ومنهج صحيح فأثبت فيها أنه ليس من أهل الفقه والفتوى ولقد نصحه أحد الفضلاء عام اربعة عشر وأربعمائة وألف أن يستنكف عن الفتوى ويجلس في بيته يستغفر ربه فإن للفقه رجاله4, روى الحافظ الرامهرمزي في كتابه " المحدث الفاصل بين الراوي والواعي " (ص560) بسنده عن أنس بن سيرين قال : " أتيت الكوفة فرأيت فيها أربعة آلاف يطلبون الحديث وأربع مئة قد فقهوا " . انتهى... قال الحافظ الخطيب البغدادي في " الفقيه والمتفقه " (81:2) : " وليعلم أن الإكثار من كتب الحديث وروايته لا يصير بها الرجل فقيها إنما يتفقه باستنباط معانيه وإنعام التفكر فيه أ.هـ5

لم أكن قبل هذا معنيا بالرد على الألباني وأتباعه حيث تصدى كثير من أهل العلم وطلبته للرد عليهم وإن كنت متابعا لبعضها وكان جل همي وعملي هو الدعوة إلى الإسلام الذي جاءت به الرسل عليهم الصلاة والسلام لأن الخلل في الأمة هو إتخاذ آلهة -معبودين- من دون الله تعالى أوثانا وبشرا وهذه الدعوة تتضمن بيان الإنحرافات سواء في الجماعات أو في الدعاة .

قد يسأل سائل لماذا الآن وقد أفضى الألباني إلى ما قدّم ؟

الجواب: لقد أطلعت قدرا على مؤلف له بعنوان فتنة التكفير فهالني ما فيه من الجراءة على دين الله تعالى فعزمت على قراءة مؤلفاته غير الحديثية فوجدت فيها المنهجية الساذجة بالتعامل مع الأدلة الشرعية والتمييع والتدليس واتباع الهوى بالنسبة لشيخ يدعي المنهج السلفي الصحيح لبيان حقيقة منهجه والرد عليه نصرة لدين الله تعالى ونفي ما نسب له مما ليس فيه وتنبيها لمن يقلد الألباني , وسأذكر خمس مسائل وقواعد أسس عليها مذهبه تعتبر أصل لما عداها:

الأصل الأول:عدم القول والأخذ بتفسير القرآن بالقرآن مجردا

يقول الألباني: وعليه فمن البدهي أن المرء كلما كان عالما بالسنة كان أحرى بفهم القرآن واستنباط الأحكام منه ممن هو جاهل بها فكيف بمن هو غير معتد بها ولا ملتفت إليها أصلا؟ ولذلك كان من القواعد المتفق عليها بين أهل العلم : أن يفسر القرآن بالقرآن والسنة ثم بأقوال الصحابة . . إلخ , ومن ذلك يتبين لنا ضلال علماء الكلام قديما وحديثا ومخالفتهم للسلف رضي الله عنهم في عقائدهم فضلا عن أحكامهم وهو بعدهم عن السنة والمعرفة بها6 وتحكيمهم عقولهم وأهواءهم في آيات الصفات وغيرها .أ.هـ7.

ويقول أيضا: وكيف يتكلم في أصول الدين من لا يتلقاه من الكتاب والسنة وإنما يتلقاه من قول فلان ؟ وإذا زعم أنه يأخذه من كتاب الله . لا يتلقى تفسير كتاب الله من أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم ولا ينظر فيها ولا فيما قاله الصحابة والتابعون لهم بإحسان أ.هـ8.

ويقول أيضا: لم نقل كما هو شائع لدى كثير من أهل العلم : يفسر القرآن بالقرآن إن لم يكن ثمة سنة9 ثم بالسنة لما سيأتي بيانه في آخر هذه الرسالة عند الكلام على حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه أ.هـ10

فأصل مذهب الألباني كما يصرح أنه لا يمكن فهم القرآن إلا بالقرآن والسنة معا ولا يقول حسب قوله بما هو شائع لدى كثير من أهل العلم بتفسير القرآن بالقرآن ثم بالسنة فهو يضع شرطا عجز عنه ويعجز عنه ويطالب به غيره وكان من المخالفين له لعدم إمكانه فقد قرر هذا الأصل بناء على مقدمة قال فيها: وظيفة السنة في القرآن:تعلمون جميعا أن الله تبارك وتعالى اصطفى محمدا صلى الله عليه وسلم بنبوته واختصه برسالته فأنزل عليه كتابه القرآن الكريم وأمره فيه في جملة ما أمره به أن يبينه للناس فقال تعالى : وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم(النحل:44). والذي أراه أن هذا البيان المذكور في هذه الآية الكريمة يشتمل على نوعين من البيان :

الأول : بيان اللفظ ونظمه وهو تبليغ القرآن وعدم كتمانه وأداؤه إلى الأمة كما أنزله الله تبارك وتعالى على قلبه صلى الله عليه وسلم . وهو المراد بقوله تعالى:يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك(المائدة:67), وقد قالت السيدة عائشة رضي الله عنها في حديث لها:ومن حدثكم أن محمدا كتم شيئا أمر بتبليغه فقد أعظم على الله الفرية . ثم تلت الآية المذكورة[ أخرجه الشيخان].وفي رواية لمسلم:لو كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كاتما شيئا أمر بتبليغه لكتم قوله تعالى: وإذ تقول للذي أنعم الله عليه وأنعمت عليه أمسك عليك زوجك واتق الله وتخفي في نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه (الأحزاب:37)"

والآخر : بيان معنى اللفظ أو الجملة أو الآية الذي تحتاج الأمة إلى بيانه وأكثر ما يكون ذلك في الآيات المجملة أو العامة أو المطلقة فتأتي السنة فتوضح المجمل وتخصص العام وتقيد المطلق . وذلك يكون بقوله صلى الله عليه وسلم كما يكون بفعله وإقراره أ.هـ11.

فقد استدل بقوله تعالى : بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (النحل:44), وبقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (المائدة:67), فأين السنة التي تقرر ما أصله بأنه لا يمكن فهم القرآن كله إلا مقرونا بالسنة وأنه لا يجوز تفسير القرآن بالقرآن وفهمه , لقد خالف الألباني في ذلك كتاب الله تعالى وسنة نبيه عليه الصلاة والسلام وصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وإجماع الأمة.

أما مخالفة الألباني لكتاب الله تعالى:

اعتبر الألباني قوله تعالى: وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (النحل:44), عاما بحق القرآن كله فهو أستدل بما حسبه عموم للآية فأين هو من الآيات التالية والتي تدل على العموم أيضا بأن القرآن فيه بيان كل شيء وهي:

  • قوله تعالى: وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُم مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ (الأنعام:38), فالله تعالى يبين أن الكتاب فيه بيان كل شيء فليس ثمة تفريط فمعنى ذلك أن ما ورد في الكتاب مما أشكل فهمه فإن فيه بيان له.

  • قوله تعالى: أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (العنكبوت:51) فالله تعالى يبين أن القرآن فيه كفاية وينكر على من لم يقر بهذا ويفقهه.

  • قوله تعالى:وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً عَلَيْهِم مِّنْ أَنفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيداً عَلَى هَؤُلاء وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ (النحل:89), فالله تعالى يبين بنص صريح أن الكتاب نزل تبيانا لكل شي.

وعليه فالألباني ضرب القرآن بعضه ببعض وعارض بآية بيان النبي آيات بيان القرآن وهذه نتيجة طبيعية لمن تكلم في كتاب الله تعالى بغير علم مخالفا إجماع الأمة فالذي لم يعلمه الألباني أن بيان القرآن والبيان النبوي يتضمنه قوله تعالى: هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الألْبَابِ (آل عمران:7), فالله تعالى يبين:

  1. أن القرآن مشتمل على محكم ومتشابه فالمحكم هو الواضح البين الذي لا يحتاج إلى ما يوضحه من القرآن فضلا عن السنة وهن أم الكتاب والمتشابه هو الذي أشكل فهمه ويحتاج إلى ما يوضحه .

  2. كون الكتاب فيه أمهات وهو المحكم فمعنى ذلك أن قسيمه وهو المتشابه يرد إلى المحكم لفهمه.

  3. أن هناك من المتشابه ما لا يمكن فهمه من قبل الراسخين في العلم – فضلا عن غيرهم – استأثر الله تعالى بعلمه ويفوض علمه إلى الله تعالى ومثل هذا كيف يكون في السنة ما يوضحه.

  4. أن آية بيان النبي صلى الله عليه وسلم ليست مطلقة وإنما مقيدة بالتفصيلات كما أن آيات بيان القرآن مقيدة ببيان التوحيد مجملا ومفصلا وبيان القواعد والأصول العامة لكيفية عبادة الله تعالى.

  5. وأما الآيات التي تأمر بتدبر القرآن والذي منه رد القرآن إلى القرآن لبيان مشكله وبيان معانيه ومقاصده فكثيرة منها:

  • قوله تعالى:أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً (النساء:82).

  • وقوله تعالى: أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا) (محمد : 24 ).

  • وقوله تعالى:كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ) (ص : 29 ).

أما مخالفة الألباني للسنة النبوية الشريفة:

  1. قال الألباني ما نصه: ففي استدلال السيدة حفصة رضي الله عنها بآية الورود دليل على أنها فهمت (الورود) بمعنى الدخول وأنه عام لجميع الناس الصالح والطالح منهم ولذلك أشكل عليها نفي النبي صلى الله عليه وسلم دخول النار في حق أصحاب الشجرة فأزال صلى الله عليه وسلم إشكالها بأن ذكرها بتمام الآية : ثم ننجي الذين اتقوا () ففيه أنه صلى الله عليه وسلم أقرها على فهمها المذكورأ.هـ12

قلت:أ- أنظر كيف ينقل الألباني تفسير الرسول عليه السلام لحفصة القرآن بالقرآن وهو ما ينكره.

ب- أنظر إلى هذا الفهم القاصر فالنبي صلى الله عليه وسلم أقرها على أن الورود يأتي بمعنى الدخول وأنكر عليها تقييد المعنى بهذا فقط - وهذا ما فهمه الألباني- فالورود له معنى آخر.

ت- يقول الألباني: فاستفدنا من الإقرار المذكور حكما لولاه لم نهتد إلى وجه الصواب في الآية وهو أن الورود فيها بمعنى الدخول وأنه لجميع الناس ولكنها بالنسبة للصالحين لا تضرهم بل تكون عليهم بردا وسلاما كما كانت على إبراهيم أ.هـ13.

إن ما فهمه الألباني وأراد أن يلزم به غيره باطل فالورود هنا ليس بمعنى الدخول وهذا بتفسير القرآن بالقرآن فإن لفظ الورود جاء في القرآن على معنيين والقرينة تحدد المقصود:

الأول : الدخول بدليل قوله تعالى: لَوْ كَانَ هَؤُلَاء آلِهَةً مَّا وَرَدُوهَا وَكُلٌّ فِيهَا خَالِدُونَ (الأنبياء: 99).

الثاني : المرور عليها بدليل قوله تعالى: وَلَمَّا وَرَدَ مَاء مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاء وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ(القصص:23).

فوجه الصواب استفدناه من قول الله تعالى بأن المعنى في قوله : وإن منكم إلاواردها() أي: وإن منكم إلا سيمر على جهنم ولا يعني من مر عليها أنه سيدخلها.

ت- أما مسألة إقرار النبي صلى الله عليه وسلم التي يدندن حولها ولم يبين ضابطها ولم يعلم حقيقتها فأين أقر النبي صلى الله عليه وسلم حفصة رضي الله عنها على فهمها بأنه صحيح بل العكس تماما فهو قد بين لها أن فهمها خاطيء واستدل بتمام الآية وهذا وجه الإستدلال وليس ما فهمه الألباني.

2- عن أبي هريرة رضي الله عنه وزيد بن خالد الجهني رضي الله عنهما قالا: : جاء أعرابي فقال يا رسول الله اقض بيننا بكتاب الله فقام خصمه فقال صدق اقض بيننا بكتاب الله فقال الأعرابي إن ابني كان عسيفا على هذا فزنى بامرأته فقالوا لي على ابنك الرجم ففديت ابني منه بمائة من الغنم ووليدة ثم سألت أهل العلم فقالوا إنما على ابنك جلد مائة وتغريب عام فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لأقضين بينكما بكتاب الله أما الوليدة والغنم فرد عليك وعلى ابنك جلد مائة وتغريب عام وأما أنت يا أنيس - لرجل - فاغد على امرأة هذا فارجمها ) . فغدا عليها أنيس فرجمها أ.هـ صحيح البخاري 2 / 959.

قلت: وهذا إقرار من الرسول عليه الصلاة والسلام على طلب حكم الله تعالى غير مقرون بالسنة ولم يقل له إن القرآن لا يمكن فهم احكامه إلا ببيان من السنة لأن المقام يقتضيه.

3- عن طلحة قال سألت عبد الله ابن أبي أوفى رضي الله عنهما: أوصى النبي صلى الله عليه وسلم ؟ فقال لا فقلت كيف كتب على الناس وصية أو أمروا بها ؟ قال أوصى بكتاب الله أ.هـ صحيح البخاري.

قلت: وهنا أيضا لم يوص عليه الصلاة والسلام بفهم كتاب الله تعالى مقرونا بالسنة.

4- عن يحيى بن حصين عن جدته أم الحصين قال سمعتها تقول: حججت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حجة الوداع فرأيته حين رمى جمرة العقبة وانصرف وهو على راحلته ومعه بلال وأسامة أحدهما يقود به راحلته والآخر رافع ثوبه على رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم من الشمس قالت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم قولا كثيرا ثم سمعته يقول: إن أمر عليكم عبد مجدع ( حسبتها قالت ) أسود يقودكم بكتاب الله تعالى فاسمعوا له وأطيعوا أ.هـ صحيح مسلم.

قلت: وهنا لم ينص عليه الصلاة والسلام أن قيادة الأمة بالقرآن- كل القرآن - لا يمكن إلا مقرونا بالسنة.

5- عن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما فينا خطيبا بماء يدعى خما بين مكة والمدينة فحمد الله وأثنى عليه ووعظ وذكر ثم قال أما بعد ألا أيها الناس فإنما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب وأنا تارك فيكم ثقلين أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به فحث على كتاب الله ورغب فيه ثم قال وأهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي..الحديث أ.هـ صحيح مسلم.فهذه وصيته عليه الصلاة والسلام التي تحض على التمسك بكتاب الله تعالى ولم يقيدها بما فهمه الألباني."

6- عن حذيفة قال : قلت : يا رسول الله هل بعد هذا الخير الذي نحن فيه من شر نحذره ؟ قال : يا حذيفة عليك بكتاب الله فتعلمه واتبع ما فيه خيرا لك أ.هـ صحيح بن حبان1/ 323 حديث صحيح.

قلت: لم يأمر الرسول عليه الصلاة والسلام حذيفة رضي الله عنه ويشترط عليه بان القرآن لا يمكن تعلمه إلا مقرونا بالسنة لأن الحال يقتضيه فهو يتحدث عن وقت الفتن التي يكون الإنسان أحوج ما يكون لسبل النجاة فهذا على خلاف ما أصله الألباني.

7- وعن يحيى بن ميمون الحضرمي أن أبا موسى الغافقي سمع عقبة بن عامر الجهني يحدث على المنبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أحاديث فقال أبو موسى : إن صاحبكم هذا لحافظ أو هالك إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان آخر ما عهد إلينا أن قال : عليكم بكتاب الله وسترجعون إلى قوم يحبون الحديث عني فمن قال علي ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النار ومن حفظ شيئا فليحدث به أ.هـ رواه أحمد والبزار والطبراني في الكبير ورجاله ثقات مجمع الزوائد1/365.

قلت: وهنا أيضا لم يقيد الرسول عليه الصلاة والسلام فهم القرآن بالسنة على طريقة الألباني وإنما تدل على أن التمسك بالقرآن وتعلمه أولاً ولا يكون ذلك إلا برد بعضه إلى بعض لفهم معانيه ومقاصده وأنه مقدم على السنة بخلاف ما أصله الألباني .

أما مخالفة الألباني للصحابة رضي الله عنهم :

1- عن جويرية بن قدامة قال : حججت فأتيت المدينة العام الذي أصيب فيه عمر قال فخطب فقال إني رأيت كأن ديكا نقرني نقرة أو نقرتين شعبة الشاك فكان من أمره أنه طعن فأذن للناس عليه فكان أول من دخل عليه أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من أهل المدينة ثم أهل الشام ثم أذن لأهل العراق فدخلت فيمن دخل قال وكان كلما دخل عليه قوم أثنوا عليه وبكوا قال فلما دخلنا عليه قال وقد عصب بطنه بعمامة سوداء والدم يسيل قال فقلنا اوصنا قال وما سأله الوصية غيرنا فقال عليكم بكتاب الله فإنكم لن تضلوا ما اتبعتموه أ.هـ ( صحيح) فضائل الصحابة 1/316.

قلت: فعمر رضي الله عنه لم يقيد فهم القرآن بالسنة على طربقة الألباني.

2- عن شريح : أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كتب إليه إذا جاءك أمر في كتاب الله عز وجل فاقض به ولا يلفتنك عنه الرجال فإن أتاك ما ليس في كتاب الله فأنظر سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فاقض بها فإن جاءك ما ليس في كتاب الله ولم يكن فيه سنة من رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنظر ما اجتمع عليه الناس فخذ به فإن جاءك ما ليس في كتاب الله ولم يكن فيه سنة من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يتكلم فيه أحد قبلك فاختر أي الأمرين شئت إن شئت أن تجتهد برأيك ثم تقدم فتقدم وإن شئت أن تأخر فتأخر ولا أرى التأخر إلا خيرا لك أ.هـ(صحيح) سنن البيهقي الكبرى10/115.وهذا نص صريح على ما أنكره الألباني علما بأن الألباني صحح هذا الاثر في المجتبى من السنن بتحقيق عبد الفتاح أبو غدة والأحاديث مذيلة بأحكام الألباني عليها 8 /231 حديث رقم 5399.

3- عن عبد الله بن مسعود رض الله عنه قال : من عرض له قضاء فليقض بما في كتاب الله فإن جاءه أمر ليس في كتاب الله عز وجل فليقض بما قضى به النبي صلى الله عليه وسلم فإن جاءه أمر ليس في كتاب الله عز وجل ولم يقض به نبيه صلى الله عليه وسلم فليقض بما قاله الصالحون فإن جاءه أمر ليس في كتاب الله ولم يقضي به نبيه صلى الله عليه وسلم ولم يقضي به الصالحون فليجتهد رأيه فإن لم يحسن فليقر ولا يستحي.أ.هـ هذا حديث صحيح الإسناد و لم يخرجاه و القاسم هو ابن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود.

تعليق الذهبي في التلخيص صحيح , المستدرك 4/106 .المعجم الكبير 9/187.مصنف بن أبي شيبة 4/544, سنن البيهقي10/115, سنن الدارمي1/71, وصححه الألباني في المجتبى من السنن بتحقيق عبد الفتاح أبو غدة الأحاديث مذيلة بأحكام الألباني عليها 8 /230 حديث رقم 5397و5398.

4- عن شقيق ابن سلمة قال خطبنا عبد الله بن مسعود فقال: والله لقد أخذت من في رسول الله صلى الله عليه وسلم بضعا وسبعين سورة والله لقد علم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أني من أعلمهم بكتاب الله وما أنا بخيرهم قال شقيق: فجلست في الحلق أسمع ما يقولون فما سمعت رادا يقول غير ذلك.أخرجه مسلم في فضائل الصحابة باب من فضائل عبد الله بن مسعود وأمه رضي الله عنهما رقم 2462.

قلت: ويقصد رضي الله عنه بقوله أعلمهم أي أفهمهم فلم يقم أحد من الصحابة أو التابعين وأنكر عليه وقال له إن علم القرآن وفهمه لا يكون إلا مقرونا بالسنة .وهذا إجماع من الصحابة والتابعين على فهم القرآن بالقرآن.

5- أخبرنا سعيد حدثنا أبو معاوية حدثنا الأعمش عن مسلم بن صبيح عن قائد بن عباس14 قال : أتي عثمان في امرأة ولدت في ستة أشهر فأمر برجمها فقال ابن عباس : ادنوني منه فأدنوه فقال : إنها تخاصمك بكتاب الله يقول الله عز وجل { والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين} ويقول في آية أخرى { وحمله وفصاله ثلاثون شهرا } فردها عثمان وخلى سبيلها أ.هـ سنن سعيد بن منصور2/66.

قال ابن حجر رحمه الله تعالى: حديث أن عثمان أتى بامرأة ولدت لستة أشهر فتشاور القوم في رجمها فقال ابن عباس أنزل الله (وحمله وفصاله ثلاثون شهرا) والفصال في عامين فكان أقل الحمل ستة أشهر مالك في الموطأ أنه بلغه أن عثمان لكن فيه أن المناظر في ذلك علي لا ابن عباس ورواه ابن وهب بسند صحيح عن عثمان وأن المناظر له ابن عباس وكذا أخرجه إسماعيل القاضي في أحكام القرآن من طريق الأعمش أخبرني صاحب لابن عباس قال تزوجت امرأة فولدت لستة أشهر من يوم تزوجت فأتى بها عثمان فأراد أن يرجمها فقال ابن عباس لعثمان إنها إن تخاصمكم بكتاب الله تخصمكم ورواه الحاكم في المستدرك من حديث أبي حرب بن أبي الأسود عن أبي الأسود عن عمر والمناظر له في ذلك علي بن أبي طالب والله أعلم أ.هـ تلخيص الحبير 3 / 219 .

قلت : فهذا ابن عباس رضي الله عنهما الذي يعتبره الألباني حجة في تفسير القرآن يفسر القرآن بالقرآن ويحتج على عثمان بذلك.

6-أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب أنبأ محمد بن عبد الله بن عبد الحكم أنبأ بن وهب قال سمعت سفيان يحدث عن عبيد الله بن أبي يزيد قال سمعت عبد الله بن عباس رضي الله عنهما : إذا سئل عن شيء هو في كتاب الله قال به وإذا لم يكن في كتاب الله وقاله رسول الله صلى الله عليه وسلم قال به وإن لم يكن في كتاب الله ولم يقله رسول الله صلى الله عليه وسلم وقاله أبو بكر وعمر رضي الله عنهما قال به وإلا اجتهد رأيه أ.هـ15 سنن البيهقي الكبرى10/ 115.وقال البيهقي : والاجتهاد هو القياس وأخرج عن جماعة من الصحابة أنهم اجتهدوا وقاسوا فأخرج عن سفيان حدثني عبد الله بن أبي يزيد قال : سمعت ابن عباس إذا سئل عن الشيء فإن كان في كتاب الله قال به وإن لم يجد وكان في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال به فإن لم يجد وكان عن أبي بكر أو عمر قال به فإن لم يجد اجتهد رأيه انتهى وقال : إسناده صحيح أ.هـ نصب الراية 4/88.فهذا ابن عباس رضي الله عنه من منهجه تفسير القرآن بالقرآن فإن لم يجد فبالسنة.

7- أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن عبدان أنبا أحمد بن عبيد الصفار ثنا إسماعيل بن الفضل ثنا أحمد بن عيسى ثنا بن وهب أخبرني عمرو بن الحارث : أن بكير بن عبد الله أخبره عن يزيد بن أبي حبيب عن مسلمة بن مخلد أنه قام على زيد بن ثابت فقال يا بن عم أكرهنا على القضاء فقال زيد اقض بكتاب الله عز وجل فإن لم يكن في كتاب الله ففي سنة النبي صلى الله عليه وسلم فإن لم يكن في سنة النبي صلى الله عليه وسلم فادع أهل الرأي ثم اجتهد واختر لنفسك ولا حرج .أ.هـ16 سنن البيهقي الكبرى10/ 115

8- عن محمد بن سيرين قال: لم يكن أحد بعد النبي أهيب لما لا يعلم من أبي بكر ولم يكن أحد بعد أبي بكر أهيب لما لا يعلم من عمر وإن أبا بكر نزلت به قضية لم نجد لها في كتاب الله أصلا ولا في السنة أثرا فقال أجتهد رأيي فإن يكن صوابا فمن الله وإن يكن خطأ فمني وأستغفر الله أ.هـ (صحيح) الطبقات الكبرى3 /177 .

قلت أين كان الألباني عن هذه الشواهد وغيرها والتي صحح بعضها وهو كما يقول عنه مريدوه محدث العصر وأقرهم على ذلك ؟.

مخالفة الألباني لمنهج العلماء:

1- قال السيوطي: وأخرج البيهقي عن مالك قال: قال ربيعة أنزل الله كتابه على نبيه صلى الله عليه وسلم وترك فيه موضعا لسنة نبيه صلى الله عليه وسلم وسن كتابه على رسول الله صلى الله عليه وسلم سننا وترك فيها موضعا للرأي وأخرج عن مسروق قال قال عمر رضي الله عنه ترد الناس من الجهالات إلى السنة أ.هـ مفتاح الجنة في الاحتجاج بالسنة1/42.

2- وقال الشهاب بن حجر المكي الشافعي في " خيرات الحسان: ص. 3 : يتعين عليك أن لا تفهم من أقوال العلماء - أي المتأخرين من أهل مذهبه - عن أبي حنيفة وأصحابه أنهم أصحاب الرأي أن مرادهم بذلك تنقيصهم ولا نسبتهم إلى أنهم يقدمون رأيهم على سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا على قول أصحابه لأنهم برآء من ذلك ثم بسط ما كان عليه أبو حنيفة وأصحابه في الفقه من الأخذ بكتاب الله ثم بسنة رسوله ثم بأقوال الصحابة ردا على من توهم خلاف ذلك أ.هـ نصب الراية1/ 19.

3- قال الزركشي: مسألة في أن أحسن طرق التفسير أن يفسر القرآن بالقرآن: قيل17 أحسن طريق التفسير ان يفسر القرآن بالقرآن فما اجمل في مكان فقد فصل في موضع آخر وما اختصر في مكان فإنه قد بسط في آخر فإن اعياك ذلك فعليك بالسنة فإنها شارحة للقرآن وموضحه له قال تعالى: وما أنزلنا عليك الكتاب الا لتبين لهم الذي اختلفوا فيه وهدى ورحمة لقوم يؤمنون() ولهذا قال صلى الله عليه وسلم الا اني اوتيت القرآن ومثله معه يعني السنة فإن لم يوجد في السنة يرجع الى اقوال الصحابة فإنهم ادرى بذلك لما شاهدوه من القرائن ولما اعطاهم الله من الفهم العجيب فإن لم يوجد ذلك يرجع الى النظر والاستباط بالشرط السابق أ.هـ البرهان في علوم القرآن 2 / 175-176.

4- قال ابن تيمية: فإن قال قائل فما أحسن طرق التفسير فالجواب ان اصح الطرق فى ذلك أن يفسر القرآن بالقرآن فما أجمل فى مكان فانه قد فسر فى موضع آخر وما اختصر من مكان فقد بسط فى موضع آخر فان أعياك ذلك فعليك بالسنة فانها شارحة للقرآن وموضحة له .. والغرض انك تطلب تفسير القرآن منه فان لم تجده فمن السنة كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمعاذ حين بعثه الى اليمن بم تحكم قال بكتاب الله قال فان لم تجد قال بسنة رسول الله قال فان لم تجد قال أجتهد رأيى قال فضرب رسول الله فى صدره وقال الحمد لله الذى وفق رسول الله لما يرضى رسول الله وهذا الحديث فى المساند والسنن باسناد جيد, وحينئذ اذا لم نجد التفسير فى القرآن ولا فى السنة رجعنا فى ذلك الى أقوال الصحابة فانهم أدرى بذلك لما شاهدوه من القرآن والأحوال التى اختصوا بها ولما لهم من الفهم التام والعلم الصحيح والعمل الصالح لا سيما علماؤهم وكبراؤهم كالأئمة الأربعة الخلفاء الراشدين والأئمة المهديين مثل عبدالله بن مسعود أ.هـ الفتاوى 13/ 363 -364.

5- قال ابن القيم : وتفسير القرآن بالقرآن من أبلغ التفاسير أ.هـ التبيان في أقسام القرآن 1/ 111.

6- قال ابن قدامة المقدسي :فصل : وإذا حدثت حادثة نظر في كتاب الله وإلا نظر في سنة رسول الله فإن لم يجدها نظر في القياس فألحقها بأشبه الأشياء بها أ.هـ الشرح الكبير 11/ 447.

7- قال ابن كثير: فإن قال قائل : فما أحسن طرق التفسير ؟ فالجواب : إن أصح الطرق في ذلك أن يفسر القرآن بالقرآن فما أجمل في مكان فإنه قد فسر في موضع آخر وما اختصر في مكان فقد بسط في موضع آخر فإن أعياك ذلك فعليك بالسنة فإنها شارحة للقرآن وموضحة له أ.هـ التفسير 1/93.

فالنتيجة أن قول الألباني اشتمل على التناقض والافتراء على علماء الأمة والابتداع ومخالفة الإجماع :

- أما التناقض فهو قوله ما نصه : لذلك كان من القواعد المتفق عليها بين أهل العلم : أن يفسر القرآن بالقرآن والسنة ثم بأقوال الصحابة أ.هـ18 المناقض لقوله ما نصه: لم نقل كما هو شائع لدى كثير من أهل العلم : يفسر القرآن بالقرآن إن لم يكن ثمة سنة ثم بالسنة لما سيأتي بيانه في آخر هذه الرسالة عند الكلام على حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه أ.هـ19 فكيف يكون اتفاق بين أهل العلم على قاعدته المبتدعة مع إقراره بمخالفتها من كثير من أهل العلم كما هو شائع20.ثم كيف ينكر تفسير القرآن بالقرآن إذا لم يكن ثمة سنة على قوله فبأي شيء نفسر القرآن إذن وهذه من أقواله التي لا تقوم على قاعدة مستقيمة مستوية لذوي الحجى.

- وأما الافتراء على علماء الأمة فهو قوله: لذلك كان من القواعد المتفق عليها بين أهل العلم : أن يفسر القرآن بالقرآن والسنة ثم بأقوال الصحابة أ.هـ21 فإن علماء الامة متفقون على خلاف ما يقوله كما ثبت .

- وأما الابتداع فهو إقراره بأنه لا يقول بأن تفسير القرآن يكون بالقرآن فإن لم يجد فالبسنة فإن لم يجد فبأقوال الصحابة كما هو متفق عليه بالإجماع عند علماء الأمة.

أما قول الألباني: وقبل أن أنهي كلمتي هذه أرى أنه لا بد لي من أن ألفت انتباه الإخوة الحاضرين إلى حديث مشهور قلما يخلو منه كتاب من كتب أصول الفقه لضعفه من حيث إسناده ولتعارضه مع ما انتهينا إليه في هذه الكلمة من عدم جواز التفريق في التشريع بين الكتاب والسنة ووجوب الأخذ بهما معا ألا وهو حديث معاذ بن جبل - رضي الله عنه - أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له حين أرسله إلى اليمن بم تحكم ؟ قال : بكتاب الله قال : " فإن لم تجد ؟ " قال : بسنة رسول الله قال : " فإن لم تجد ؟ قال: أجتهد رأيي ولا آلو . قال: الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله لما يحب رسول الله.

أما ضعف إسناده فلا مجال لبيانه22 الآن وقد بينت ذلك بيانا شافيا ربما لم أسبق إليه في السلسلة السابقة الذكر، وحسبي الآن أن أذكر أن أمير المؤمنين في الحديث الإمام البخاري رحمه الله تعالى قال فيه : ( حديث منكر ) . وبعد هذا يجوز لي أن أشرع في بيان التعارض الذي أشرت إليه فأقول: إن حديث معاذ هذا يضع للحاكم منهجا في الحكم على ثلاث مراحل لا يجوز أن يبحث عن الحكم في الرأي إلا بعد أن لا يجده في السنة ولا في السنة إلا بعد أن لا يجده في القرآن . وهو بالنسبة للرأي منهج صحيح لدى كافة العلماء وكذلك قالوا إذا ورد الأثر بطل النظر. ولكنه بالنسبة للسنة ليس صحيحا لأن السنة حاكمة على كتاب الله ومبينة له فيجب أن يبحث عن الحكم في السنة ولو ظن وجوده في الكتاب لما ذكرنا فليست السنة مع القرآن كالرأي مع السنة كلا ثم كلا بل يجب اعتبار الكتاب والسنة مصدرا واحدا لا فصل بينهما أبدا كما أشار إلى ذلك قوله صلى الله عليه وسلم : " ألا إني أتيت القرآن ومثله معه " يعني السنة وقوله : " لن يتفرقا حتى يردا علي الحوض. فالتصنيف المذكور بينهما غير صحيح لأنه يقتضي التفريق بينهما وهذا باطل لما سبق بيانه , فهذا هو الذي أردت أن أنبه إليه فإن أصبت فمن الله , وإن أخطأت فمن نفسي والله تعالى أسأل أن يعصمنا وإياكم من الزلل ومن كل ما لا يرضيه . وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين أ.هـ23 "

قلت :

1- أما تضيعفه لحديث معاذ فلا يسلم له به لأن جهابذة العلماء وحفاظهم حكموا على تحسينه فإن لم يكن لسنده فبتقويته بالشواهد وقد صدق عندما قال أنه ضعفه بطريقة لم يسبق إليها وذلك بمخالفة أهل العلم .

  • قال ابن تيمية: وهذا الحديث فى المساند والسنن باسناد جيد أ.هـ مجموع الفتاوى 13/ 364.

  • قال ابن كثير : وهذا الحديث في المسند والسنن بإسناد جيد كما هو مقرر في موضعه أ.هـالتفسير1/4

  • قال محمد شمس الحق العظيم آبادي: قلت لكن الحديث له شواهد24 موقوفة عن عمر بن الخطاب وابن مسعود وزيد بن ثابت وابن عباس وقد أخرجها البيهقي25 في سننه عقب تخريجه لهذا الحديث تقوية له كذا في مرقاة الصعود أ.هـ عون المعبود 9 /369.

  • قال ابو العلا محمد عبد الرحمن بن عبد الرحيم المباركفوري : وهذا الحديث وإن تكلم فيه بعض أهل العلم بما هو معروف26 فالحق أنه من قسم الحسن لغيره وهو معمول به وقد أوضحت هذا في بحث مستقل أ.هـ تحفة الأحوذي 7/367.

  • قال الشوكاني: وهو حديث صالح للاحتجاج به كما أوضحنا ذلك في بحث مفرد أ.هـ فتح القدير3/325 .

  • قال إبراهيم بن علي بن يوسف الفيروزآبادي: فإن قيل هذا من أخبار الآحاد فلا يجوز أن يثبت به أصل من الأصول , قيل:هو وإن كان من أخبار الآحاد إلا أن الأمة تلقته بالقبول فبعضهم يعمل به وبعضهم يتأوله فهو كالخبر المتواتر27 أ.هـ التبصرة1/425.

  • قال عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي : قالوا هذا الحديث يرويه الحارث بن عمرو عن رجال من أهل حمص والحارث والرجال مجهولون قاله الترمذي , ثم إن هذا الحديث ليس بصريح في القياس إذ يحتمل أنه يجتهد في تحقيق المناط قلنا: قد رواه عبادة بن نسي عن عبدالرحمن بن غنم عن معاذ ثم هذا الحديث تلقته الأمة بالقبول فلا يضره كونه مرسلا أ.هـ روضة الناظر 1/286.

- قال ابن القيم: فهذا حديث وإن كان عن غير مسمين فهم أصحاب معاذ فلا يضره ذلك لأنه يدل على شهرة الحديث وأن الذي حدث به الحارث بن عمرو عن جماعة من أصحاب معاذ لا واحد منهم وهذا أبلغ في الشهرة من أن يكون عن واحد منهم لو سمي كيف وشهرة أصحاب معاذ بالعلم والدين والفضل والصدق بالمحل الذي لا يخفى ولا يعرف في أصحابه متهم ولا كذاب ولا مجروح بل أصحابه من أفاضل المسلمين وخيارهم لا يشك أهل العلم بالنقل في ذلك كيف وشعبة حامل لواء هذا الحديث وقد قال بعض أئمة الحديث إذا رأيت شعبة في إسناد حديث فاشدد يديك به قال أبو بكر الخطيب : وقد قيل إن عبادة بن نسى رواه عن عبد الرحمن بن غنم عن معاذ وهذا إسناد متصل ورجاله معروفون بالثقة على أن أهل العلم قد نقلوه واحتجوا به فوقفنا بذلك على صحته عندهم كما وقفنا على صحة قول رسول الله صلى الله عليه وسلم:لا وصية لوارث وقوله في البحر هو الطهور ماؤه الحل ميتته, وقوله: إذا اختلف المتبايعان في الثمن والسلعة قائمة تحالفا وترادا البيع وقوله: الدية على العاقلة, وإن كانت هذه الأحاديث لا تثبت من جهة الإسناد ولكن لما تلقتها الكافة عن الكافة غنوا بصحتها عندهم عن طلب الإسناد لها فكذلك حديث معاذ لما احتجوا به جميعا غنوا عن طلب الإسناد له أ.هـ إعلام الموقعين1/202-203 .

- قال ابن حجر: وقد أخرجه الخطيب في كتاب الفقيه والمتفقه من رواية عبد الرحمن بن غنم عن معاذ بن جبل فلو كان الإسناد إلى عبد الرحمن ثابتا لكان كافيا في صحة الحديث وقد استند أبو العباس بن القاص في صحته إلى تلقي أئمة الفقه والاجتهاد له بالقبول قال وهذا القدر مغن عن مجرد الرواية وهو نظير أخذهم بحديث لا وصية لوارث مع كون راويه إسماعيل بن عياش أ.هـ تلخيص الحبير 4/183.

فهذا الحديث حسب الصناعة الحديثية من حيث رواياته وموقوفات الصحابة والرواية التي ذكرها ابن حزم في الإحكام عن علي بن أبي طالب28يرتقي الحديث إلى درجة القبول كما قرر ذلك أهل العلم.

2- إن الحديث على فرض ضعف سنده يعتبر صحيحا من جهتين:

الأولى:بدلالة تأييد السنة له بما رواه ابن عمر رضي الله عنه: إن الله تعالى لا يجمع أمتي على ضلالة و يد الله على الجماعة أ.هـ والألباني حسن هذا الحديث في الجامع الصغير وزياداته رقم 2729, فالعلماء أجمعوا على قبوله حتى المضعفين له لم يردوه وعلى هذا فيكون الألباني قد حكم على نفسه بمخالفة الإجماع.

الثانية: أن معناه صحيح وهذا المعنى الصحيح دلت عليه أدلة أخرى صحيحة بالإضافة إلى إجماع العمل عليه عند السلف قال ابن الجوزي: هذا حديث لا يصح وان كان الفقهاء كلهم يذكرونه في كتبهم ويعتمدون عليه ولعمري ان كان معناه صحيحا أ.هـ العلل المتناهية 2/ 758. وهذا الأمر أقره الألباني بنفسه فقد قال في حديث: لاتعجلوا بالبلية قبل نزولها.. الحديث, ما نصه:( ضعيف) ولكن العمل عليه عند السلف فقد صح عن مسروق قال : سألت أبي بن كعب عن شيء فقال أكان هذا قلت لا قال : فأجمنا حتى يكون فإذا كان اجتهدنا لك رأينا أ.هـ29 , فهذا الحديث لم يثبت متصلا مرفوعا وهو ضعيف وثبت موقوفا كحديث معاذ فكيف حكم الألباني على حديث لا تعجلوا بالبلية .. بأن العمل عليه عند السلف ولم يحكم على حديث معاذ كذلك ؟ مع أنه يقول أعلاه ما نصه: ألفت انتباه الإخوة الحاضرين إلى حديث مشهور قلما يخلو منه كتاب من كتب أصول الفقه أ.هـ أليس هذا إقرار منه بأن حديث معاذ قد أجمعت الأمة على قبوله في حال ضعف إسناده من كل وجه ؟, أنظر قول الألباني ما نصه: ثم قال ابن تيمية رحمه الله تعالى ( ص352): وفي مثل هذا ينتفع برواية المجهول والسيئ الحفظ وبالحديث المرسل ونحو ذلك ولهذا كان أهل العلم يكتبون مثل هذه الأحاديث ويقولون : إنه يصلح للشواهد والاعتبار ما لا يصلح لغيره...إلى قوله: ثم ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية مثالا للمرسل الذي تقوى بجريان العمل به وهو حديث الحسن بن محمد ابن الحنفية قال: كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مجوس هجر يعرض عليهم الإسلام فمن أسلم قبل منه ومن أبي ضربت عليه الجزية على أن لا تؤكل لهم ذبيحة ولا تنكح لهم امرأة أخرجه عبد الرزاق وابن أبي شيبة والطحاوي في " المشكل " (2/415 - 416) والبيهقي (9/192 و 284 - 285) وقال: هذا مرسل وإجماع المسلمين عليه يؤكده: وقال ابن تيمية (32/188-189) وقد عمل بهذا المرسل عوام أهل العلم والمرسل في أحد قولي العلماء حجة:كمذهب أبي حنيفة ومالك وأحمد في إحدى الروايتين عنه وفي الآخر : هو حجة إذا عضده قول جمهور أهل العلم وظاهر القرآن أو أرسل من وجه آخر وهذا قول الشافعي فمثل هذا المرسل حجة باتفاق العلماء أ.هـ30, ألا ينطبق قوله هذا على حديث معاذ أيضا ومع ذلك خالفه, فعلى مذهبه فإن الحديث صحيح فيكون قد رده بلا حجة ولا برهان.

3- لم يكن الألباني أمينا في نقل قول البخاري حيث قال ما نصه : وحسبي الآن أن أذكر أن أمير المؤمنين في الحديث الإمام البخاري رحمه الله تعالى قال فيه : ( حديث منكر ) أ.هـ31 , بينما عبارة البخاري هي ما نصه: الحارث بن عمرو بن أخي المغيرة بن شعبة الثقفي عن أصحاب معاذ عن معاذ روى عنه أبو عون ولا يصح ولا يعرف إلا بهذا مرسل أ.هـ التاريخ الكبير 2/277. فشتان بين كونه لا يصح متصلا وأنه مرسل تابعي مجهول32 وبين كونه منكرا علما بأن الألباني حكم على الحديث بالضعف في ثلاثة مواضع : مشكاة المصابيح حديث رقم 3737, وضعيف أبي داود حديث رقم770 , وضعيف الترمذي1350.

4- قول الألباني ما نصه: وهو بالنسبة للرأي منهج صحيح لدى كافة العلماء, وكذلك قالوا إذا ورد الأثر بطل النظر. ولكنه بالنسبة للسنة ليس صحيحا لأن السنة حاكمة على كتاب الله ومبينة له فيجب أن يبحث عن الحكم في السنة ولو ظن وجوده في الكتاب لما ذكرنا فليست السنة مع القرآن كالرأي مع السنة أ.هـ

فهذا القول عليه الملاحظات التالية:

أ- العلماء لم يأخذوا بهذا القول بناء على الرأي فهذا كلام باطل فهو منهج صحيح بحسب الأصول والقواعد الشرعية كما سبق بيانه, ثم أين الأثر الذي يبطله؟ وما هذا إلا رمي للكلام على عواهنه.

ب- الألباني قد فهم من عبارة (السنة حاكمة على القرآن) على أنه لا يقبل قول في القرآن ولو بتفسير القرآن ما لم يكن مقرونا بالسنة وهذا قول ما جاء به أحد من المسلمين ولا يعرف له قائل سوى الألباني فهو قول مبتدع كما سيأتي توضيحه في المنقول عن الشاطبي والأمر ليس كما فهمه علما بأن هذه الجملة ليست قرآنا ولا سنة وما ذكره لا يعني هذا, فكلامه مردود حسب شرطه.

ت- حكم الألباني بوجوب البحث في السنة ولو عند ظن وجوده في القرآن حكم بلا دليل وقيد عليل لأن وجوده في الكتاب يغني عن البحث في السنة إذ أن الرد إلى الشرع والوصول إلى الحق وهو شرط الإيمان- الرد إلى الله والرسول – هو المقصود وأيهما حصل فهو المراد, وقوله ما قال به أحد من أهل العلم.

ث- الرأي المقصود ليس الرأي المجرد بلا ضوابط بل بالرد إلى القرآن أو السنة واستنباط الحكم إما بدلالة المنطوق أو المفهوم فإذا لم يوجد استنبط الحكم بالرد إلى الأصول القواعد الشرعية فليس هناك رأي مجرد ولم يخرج الرأي في هذه الحالة عن القرآن والسنة لكن هذا القول بناء على قوة الدليل فدليل القرآن أقوى من السنة والسنة أقوى من الإستدلال بالقياس وهذا ما لم يفهمه الألباني.

5- على أية أصول استند الألباني بقوله: بل يجب اعتبار الكتاب والسنة مصدرا واحدا لا فصل بينهما أبدا كما أشار إلى ذلك قوله صلى الله عليه وسلم : " ألا إني أتيت القرآن ومثله معه " يعني السنة وقوله : " لن يتفرقا حتى يردا علي الحوض, فالتصنيف المذكور بينهما غير صحيح لأنه يقتضي التفريق بينهما وهذا باطل لما سبق بيانه أ.هـ33 "

قلت: فهل مراد الرسول عليه الصلاة والسلام بالمثلية أنها من كل وجه؟ كلا وألف كلا فهذا يعلمه من عنده مسحة علم فبناء على المثلية التي يقررها الألباني فهل يجوز لنا أن نقول أن الحديث معجز أو نقرأ به في الصلاة أو نقول السنة هي كلام الله تعالى؟ فهذا لا يحتاج إلى تحقيق نظر فالجواب بدهي أن المثلية مقيدة بالقبول والتسليم والعمل فأمر الرسول عليه الصلاة والسلام كأمر الله تعالى وتحريم الرسول عليه الصلاة والسلام كتحريم الله تعالى وخبر الرسول عليه الصلاة والسلام كخبر الله تعالى ولكن كلام الرسول عليه الصلاة والسلام ليس ككلام الله تعالى لأن القرآن قطعي الثبوت غير قابل للرد والطعن والسنة ظنية الثبوت قابلة للرد والطعن ثم من أين جاء الإقتضاء بان القول بتفسير القرآن يكون أولا بالقرآن ثم بالسنة ثم بأقوال الصحابة يعمل على التفريق بينهما مطلقا كما ادعى الألباني ذلك؟!.

وإليك كلاما أصوليا للعلامة الشاطبي ردا على ما أثاره الألباني ما نصه:

المسألة الثانية: رتبة السنة التأخر عن الكتاب في الاعتبار والدليل على ذلك أمور:

أحدها: أن الكتاب مقطوع به والسنة مظنونة والقطع فيها إنما يصح في الجملة لا في التفصيل بخلاف الكتاب فإنه مقطوع به في الجملة والتفصيل والمقطوع به مقدم على المظنون فلزم من ذلك تقديم الكتاب على السنة.

والثاني: أن السنة إما بيان للكتاب أو زيادة على ذلك فإن كان بيانا فهو ثان على المبين في الاعتبار إذ يلزم من سقوط المبين سقوط البيان ولا يلزم من سقوط البيان سقوط المبين وما شأنه هذا فهو أولى في التقدم وإن لم يكن بيانا فلا يعتبر إلا بعد أن لا يوجد في الكتاب وذلك دليل على تقدم اعتبار الكتاب.

والثالث: ما دل على ذلك من الأخبار والآثار كحديث معاذ بم تحكم قال بكتاب الله قال فإن لم تجد قال بسنة رسول الله قال فإن لم تجد قال أجتهد رأيي الحديث وعن عمر بن الخطاب أنه كتب إلى شريح : إذا أتاك أمر فاقض بما في كتاب الله فإن أتاك ما ليس في كتاب الله فاقض بما سن فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ وفي رواية عنه:إذا وجدت شيئا في كتاب الله فاقض فيه ولا تلتفت إلى غيره وقد بين معنى هذا في رواية أخرى أنه قال له:انظر ما تبين لك في كتاب الله فلا تسأل عنه أحدا وما لم يتبين لك في كتاب الله فاتبع فيه سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومثل هذا عن ابن مسعود :من عرض له منكم قضاء فليقض بما في كتاب الله فإن جاءه ما ليس في كتاب الله فليقض بما قضى به نبيه صلى الله عليه وسلم الحديث وعن ابن عباس أنه كان إذا عن سئل عن شيء فإن كان في كتاب الله قال به وإن لم يكن في كتاب الله وكان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال به وهو كثير في كلام السلف والعلماء وما فرق به الحنفية بين الفرض والواجب راجع إلى تقدم اعتبار الكتاب على اعتبار السنة وأن اعتبار الكتاب أقوى من اعتبار السنة وقد لا يخالف غيرهم في معنى تلك التفرقة والمقطوع به في المسألة أن السنة ليست كالكتاب في مراتب الاعتبار فإن قيل هذا مخالف لما عليه المحققون.

أما أولا: فإن السنة عند العلماء قاضية على الكتاب وليس الكتاب بقاض على السنة لأن الكتاب يكون محتملا لأمرين فأكثر فتأتي السنة بتعيين أحدهما فيرجع إلى السنة ويترك مقتضى الكتاب وأيضا فقد يكون ظاهر الكتاب أمرا فتأتي السنة فتخرجه عن ظاهره وهذا دليل على تقديم السنة فتخرجه عن ظاهره وهذا دليل على تقديم السنة وحسبك أنها تقيد مطلقة وتخص عمومه وتحمله على غير ظاهرة حسبما هو مذكور في الأصول فالقرآن آت بقطع كل سارق فخصت السنة من ذلك سارق النصاب المحرز وأتى بأخذ الزكاة من جميع الأموال ظاهرا فخصته بأموال مخصوصة وقال تعالى وأحل لكم ما وراء ذلكم فأخرجت من ذلك نكاح المرأة على عمتها أو خالتها فكل هذا ترك لظواهر الكتاب وتقديم للسنة عليه ومثل ذلك لا يحصى كثرة.

وأما ثانيا: فإن الكتاب والسنة إذا تعارضا فاختلف أهل الأصول هل يقدم الكتاب على السنة أم بالعكس أم هما متعارضان وقد تكلم الناس في حديث معاذ ورأوا أنه على خلاف الدليل فإن كل ما في الكتاب لا يقدم على كل السنة فإن الأخبار المتواترة لا تضعف في الدلالة عن أدلة الكتاب وأخبار الآحاد في محل الاجتهاد مع ظواهر الكتاب ولذلك وقع الخلاف وتأولوا التقديم في الحديث على معنى البداية بالأسهل الأقرب وهو الكتاب فإذا كان الأمر على هذا فلا وجه لإطلاق القول بتقديم الكتاب بل المتبع الدليل.

فالجواب: أن قضاء السنة على الكتاب ليس بمعنى تقديمها عليه واطراح الكتاب بل أن ذلك المعبر في السنة هو المراد في الكتاب فكأن السنة بمنـزلة التفسير والشرح لمعاني أحكام الكتاب ودل على ذلك قوله تعالى: لتبين للناس ما نزل إليهم () فإذا حصل بيان قوله تعالى: والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما() بأن القطع من الكوع وأن المسروق نصاب فأكثر من حرز مثله فذلك هو المعنى المراد من الآية لا أن نقول إن السنة اثبتت هذه الأحكام دون الكتاب كما إذا بين لنا مالك أو غيره من المفسرين معنى آية أو حديث فعملنا بمقتضاه فلا يصح لنا أن نقول إنا عملنا بقول المفسر الفلاني دون أن نقول عملنا بقول الله أو قول رسوله عليه الصلاة والسلام وهكذا سائر ما بينته السنة من كتاب الله تعالى فمعنى كون السنة قاضية على الكتاب أنها مبينة له فلا يوقف مع إجماله احتماله وقد بينت المقصود منه لا أنها مقدمة عليه.

وأما خلاف الأصوليين في التعارض فقد مر في أول كتاب الأدلة أن خبر الواحد إذا استند إلى قاعدة مقطوع بها فهو في العمل مقبول وإلا فالتوقف وكونه مستندا إلى مقطوع به راجع إلى أنه جزئي تحت معنى قرآني كلي وتبين معنى هذا الكلام هنالك فإذا عرضنا هذا الموضع على تلك القاعدة وجدنا المعارضة في الآية والخبر معارضة أصلين قرآنيين فيرجع إلى ذلك وخرج عن معارضة كتاب مع سنة وعند ذلك لا يصح وقوع هذا التعارض إلا من تعارض قطعيين وأما إن لم يستند الخبر إلى قاعدة قطعية فلا بد من تقديم القرآن على الخبر بإطلاق.وأيضا فإن ما ذكر من تواتر الأخبار إنما غالبه فرض أمر جائز ولعلك لا تجد في الأخبار النبوية ما يقضى بتواتره إلى زمان الواقعة فالبحث المذكور في المسألة بحث في غير واقع أو في نادر الوقوع ولا كبير جدوى فيه والله أعلم أ.هـ الموافقات 4/7-11.

فبنفي الألباني تفسير القرآن بالقرآن واشتراطه أن يكون مقرونا بالسنة وهو ما يعتبر شرطا تعجيزيا فقد نفى تخصيص القرآن لعموم القرآن ونفى تقييد القرآن لمطلق القرآن ونفى بيان القرآن لمجمل القرآن ونفى رد المدني إلى المكي ونفى رد المتأخر إلى المتقدم ونفى الناسخ والمنسوخ وفي ذلك إبطال لعلوم القرآن التي هي أشرف العلوم واسقاط لحجية القرآن في الإستدلال وتقديم للسنة على القرآن وهذا باطل باجماع المسلمين عالمهم وعامهم.

وانظر إلى قوله: ومما تقدم يتبين لنا أيها الإخوة أهمية السنة في التشريع الإسلامي فإننا إذا أعدنا النظر في الأمثلة المذكورة فضلا عن غيرها مما لم نذكر نتيقن أنه لا سبيل إلى فهم القرآن الكريم فهما إلا مقرونا بالسنة أ.هـ34, المناقض لقوله ما نصه: ضرورة السنة لفهم القرآن وأمثلة على ذلك أ.هـ35 فكون السنة مهمة في التشريع الإسلامي وضرورية لفهم القرآن مسّلم به ولكن لا تعني أن القرآن لا يفسر بالقرآن وأنه غير مقدم على التفسير بالسنة وأنه ينظر إليه أولا لأن القرآن كلام الله تعالى ومراده ومقصوده وأولى من يعلم مراد الله تعالى هو الله سبحانه ولهذا كان تفسير كلام الله تعالى بكلام الله تعالى أولى وأدق فهو تفسير للمعجز بالمعجز وأولى من تفسير المعجز بجوامع الكلم وهو صفة كلامه عليه الصلاة والسلام وما ذكره من أمثلة لا تدل على ما ذهب إليه من أن كل القرآن لا يفسر إلا مقرونا بالسنة بل منها أدلة صريحة على تقديم تفسير القرآن بالقرآن كالمثال الذي ذكره ص7 وهو: قوله تعالى : ( الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون ) [ الأنعام : 82 ] فقد فهم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قوله:(بظلم) على عمومه الذي يشمل كل ظلم ولو كان صغيرا ولذلك استشكلوا الآية فقالوا : يا رسول الله أينا لم يلبس أيمانه بظلم ؟ فقال صلى الله عليه وسلم: ليس بذلك إنما هو الشرك ألا تسمعوا إلى قول لقمان :(إن الشرك لظلم عظيم(لقمان : 13)؟ أخرجه الشيخان وغيرهما أ.هـ36 فالرسول عليه السلام بين لهم ما استشكل عليهم من القرآن بالقرآن37 بقوله: ليس بذلك أ.هـ أي: أن الآية ليس على ما ذهبتم إليه لأن سياقها متعلق بمحاجة إبراهيم عليه السلام لقومه على شركهم لأن الظلم في القرآن ورد على معنيين المخرج من الملة والذنب دون الشرك ولا يعرف المراد إلا بالقرائن, والقرينة فيما استدلوا به هو سياق الآيات قبلها.

وأما المثال الذي ذكره ص8 وهو: قوله تعالى: وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا[ النساء:101] فظاهر هذه الآية يقتضي أن قصر الصلاة في السفر مشروط له الخوف ولذلك سأل بعض الصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: ما بالنا نقصر وقد أمنا ؟ قال : صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته أ.هـ رواه مسلم أ.هـ38

قلت: قوله عليه السلام ليس تفسيرا للآية لأن الآية محكمة وهي ثبوت القصر في حال الخوف ولكن القصر حال الأمان حكم آخر لا علاقة له بالآية والرسول عليه السلام أقرهم على أخذهم بظاهر الآية غير مقرون بالسنة ولم ينكر عليهم والصحابة رضي الله عنهم كانو يقصرون في غير الخوف اقتداءً بالنبي عليه الصلاة والسلام وإنما أرادوا أن يعلموا الحكمة من ذلك فلم يقل لهم عليه الصلاة والسلام إن هذا تفسير للقرآن بالسنة وإنما قال صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته.

وهناك عجيبة من عجائبه وما أكثرها وهي أن له تصنيف بعنوان : الحديث حجة بنفسه. فسبحان الله العظيم القرآن كلام الله المعجز ليس حجة بنفسه عند الألباني وأما السنة التي هي كلام البشر وإن كانت جوامع الكلم حجة بنفسها!!!

لقد كانت نتيجة هذه البدعة عند الألباني أن جعلته يضرب كتاب الله تعالى بعضه ببعض والخروج عن القواعد الأصوليه والحديثية في الإستدلال والتناقض ومخالفة قواعده التي يؤصلها وهذه بعض الأمثلة:

أولا: قوله :عدم كفاية اللغة لفهم القرآن ومما سبق يبدو واضحا أنه لا مجال لأحد مهما كان عالما باللغة العربية وآدابها أن يفهم القرآن الكريم دون الاستعانة على ذلك بسنة النبي صلى الله عليه وسلم القولية والفعلية فإنه لم يكن أعلم في اللغة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم الذين نزل القرآن بلغتهم ولم تكن قد شابتها لوثة العجمة والعامية واللحن ومع ذلك فإنهم غلطوا في فهم الآيات السابقة حين اعتمدوا على لغتهم فقط أ.هـ39.

1- أما عدم كفاية اللغة لفهم القرآن على إطلاقه فغير صحيح لأن القرآن نزل بلسان عربي لقوله تعالى: إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (يوسف:2), فالله تعالى يبين بأن سبب الفهم – لعلكم تعقلون أي :لعلكم تفهمون- كونه باللغة العربية لغة المخاطَبين ولذلك جعل الله تعالى اللغة حجة فقال: وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآناً أَعْجَمِيّاً لَّقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ (فصلت:44), وقوله تعالى: وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِّسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَـذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُّبِينٌ (النحل:103), ولم تقتصر حجة اللغة على الفهم فقط بل تعدت إلى تحصيل الإيمان قال تعالى: وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْراً (طه:113), فثبت أن اللغة مستقلة عن السنة كطريق لفهم القرآن بنص كتاب الله تعالى وأن قول الألباني: لا مجال لأحد مهما كان عالما باللغة العربية وآدابها أن يفهم القرآن الكريم دون الاستعانة على ذلك بسنة النبي صلى الله عليه وسلم القولية والفعلية أ.هـ غير صحيح على إطلاقه ومخالف لقول الله تعالى, قال الطبري رحمه الله تعالى: حدثنا محمد بن بشار قال : حدثنا مؤمل قال : حدثنا سفيان عن أبي الزناد قال : قال ابن عباس : التفسير على أربعة أوجه : وجه تعرفه العرب من كلامها وتفسير لا يعذر أحد بجهالته وتفسير يعلمه العلماء وتفسير لا يعلمه إلا الله تعالى ذكره أ.هـ 40تفسير الطبري 1/56.وهذا لا يعرف له مخالف ووقع عليه اجماع الأمة.

قال الشوكاني رحمه الله تعالى: وهذا معلوم من لغة العرب التي هي المرجع في تفسير كلام الله سبحانه أ.هـ فتح القدير1/295.أنظر إلى قوله : المرجع في تفسير كلام الله سبحانه أ.هـ وهذا تمتليء به كتب التفسير أعني التفسير باللغة ولا حاجة للدلالة عليه إلا لقوم لا يعرفون اللغة العربية وأن القرآن نزل بها.

2- الألباني يخالف قاعدته ويستدل باللغة وحدها دون ما اشترطه مع أنه يقول أن الصحابة عندما اعتمدوا على لغتهم غلطوا فهو إذن أعلم من الصحابة ولغته أقوى من لغتهم يقول الألباني في كتابه التوسل ص10ما نصه: معنى الوسيلة في القرآن:إن ما قدمته من بيان معنى التوسل هو المعروف في اللغة ولم يخالف فيه أحد وبه فسر السلف الصالح وأئمة التفسير الآيتين الكريمتين اللتين وردت فيهما لفظة(الوسيلة) أ.هـ ومع ذلك خالف أيضا شرطه بتفسير القرآن بالقرآن والسنة , وما ذكره من أحاديث الوسيلة لا علاقة له بمعناها في القرآن كما صرح هو بذلك, كما أنه اعتمد على اللغة وحدها في فهم القرآن وخالف شرطه أنظر:

أ- قوله: وما كان للدكتور أن يقع في هذا الخطأ لو كان يفقه معنى الاستشفاع في اللغة ورغبة في تنوير القراء وإفادتهم نورد بعض ما ذكرته كتب اللغة في بيان معنى الشفاعة والاستشفاع أ.هـ التوسل 153.

ب- قوله : قال أهل اللغة : سميت العورة لقبح ظهورها ولغض البصر عنها مأخوذة من العور وهو النقص والعيب والقبح ومنه عور العين والكلمة أ.هـ الثمر المستطاب1/254.

ت- قوله : ومن ادعى أن المراد بذلك القلب فقد خص الآية بدعواه بلا برهان والأصل في اللغة التي بها نزل القرآن أن الثياب هي الملبوسة والمتوطأة ولا ينقل عن ذلك إلى القلب والعرض إلا بدليل أ.هـ الثمر المستطاب1/326.

ث: قوله: فقد جاء في " النهاية " و " اللسان " وغيرها من كتب اللغة : " الظن : الشك يعرض لك في الشيء فتحققه وتحكم عليه فهذا هو الظن الذي نعاه الله تعالى على المشركين ومما يؤيد ذلك قوله تعالى فيهم : إن يتبعون إلا الظن وإن هم إلا يخرصون ()41فجعل الظن هو الخرص الذي هو مجرد الحزر والتخمين أ.هـ الحديث حجة في نفسه1/75.

ج- قوله : وعلى هذا كتب اللغة قاطبة ليس في شيء منها ذكر للوجه البتة أ.هـ الرد المفحم ص10.

ح- قوله : ولهذا أكثر ما نبه شيخ الإسلاوم ابن تيمية وتلميذه ابن القيم رحمهم الله على ذلك وأمروا في تفسير الألفاظ الشرعية بالرجوع إلى اللغة لا العرف وهذا في الحقيقة أصل لما يسمونه اليوم بالدراسة التاريخية للألفاظ أ.هـ تحذير الساجد ص45.والأمثلة كثيرة جدا في كتبه فليراجعها من شاء .

وبعد هذا كله يقول: وعليه فلا يجوز أن يقتصر المسلمون عامة والدعاة خاصة في فهم الكتاب والسنة على الوسائل المعروفة للفهم كمعرفة اللغة العربية والناسخ والمنسوخ وغير ذلك بل لا بد من أن يرجع قبل ذلك كله إلى ما كان عليه أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم لأنهم - كما تبين من آثارهم ومن سيرتهم - أنهم كانوا أخلص لله عز وجل في العبادة وأفقه منا في الكتاب والسنة إلى غير ذلك من الخصال الحميدة التي تخلقوا بها وتأدبوا بآدابه أ.هـ42, ثم يناقض نفسه بقوله: والكتاب والسنة لا يمكن فهمهما - وكذلك ما تفرع عنهما - ألا بطريق معرفة اللغة العربية وآدابها معرفة دقيقة فإن كان لدى طالب العلم نقص في معرفة اللغة العربية فإن مما يساعده في استدراك ذلك النقص الرجوع إلى فهم من قبله من الأئمة والعلماء وبخاصة أهل القرون الثلاثة المشهود لهم بالخيرية أ.هـ43 ثم يأتي بعجيبة تناقض تناقضاته فيجعل فقه اللغة من فروض الكفاية بقوله ما نصه: من أنواع ( الفقه) الواجبة: ومما يجب التنبيه عليه في هذا المقام أن أنواع الفقه المطلوبة من جملة المسلمين ليست فقط ذلك الفقه المذهبي الذي يعرفونه ويتلقنونه أو هذا (الفقه) الذي تنبه إليه ونبه عليه بعض شباب الدعاة حيث إن أنواع الفقه الواجب على المسلمين القيام بها ولو كفائيا عل الأقل أكبر من ذلك كله وأوسع دائرة منه فمن ذلك مثلا:(فقه الكتاب) و(فقه السنة) و( فقه اللغة) و(فقه السنن الكونية) و (فقه الخلاف) ونحو ذلك مما يشبهه وهذه الأنواع من الفقه بعمومها لا تقل أهمية عن نوعي الفقه المشار إليهما قبل سواء منها الفقه المعروف أم ( فقه الواقع ) الذي نحن بصدد إيضاح القول فيه أ.هـ44

ثانيا: إضطرابه ومعارضته للقرآن بما يخالف ما أصّله بأن القرآن لا يفهم إلا مقرونا بالسنة .

1- أما مخالفته لما أصله بأنه لا يقول بتفسير القرآن بالقرآن وإنما مقرونا بالسنة

فقد فسر القرآن بالقرآن وذلك قوله مستدلا على أن المعبودين الذين لا يسمعون إنما هم الأموات وليس ذوات الأصنام ما نصه: قلت(الألباني) : ومما يؤيد أن المقصود بقوله في الآية المتقدمة (لا يسمعوا دعاءكم)إنما هم المعبودون من دون الله أنفسهم وليست ذوات الأصنام تمام الآية:{ ويوم القيامة يكفرون بشرككم} أ.هـ45, ثم استدل على أن المعبودين الذين يبعثون هم الأموات وليست الأصنام بقوله : والأصنام لا تبعث لأنها جمادات غير مكلفة كما هو معلوم بخلاف العابدين والمعبودين فإنهم جميعا محشورون قال تعالى :{ ويوم يحشرهم وما يعبدون من دون الله فيقول : ءأنتم أضللتم عبادي هؤلاء أم هم ضلوا السبيل قالوا سبحانك ما كان ينبغي لنا أن نتخذ من دونك من أولياء ولكن متعتهم وآباءهم حتى نسوا الذكر وكانوا قوما بورا}. الفرقان:17 - 18) وقال : ويوم يحشرهم جميعا ثم يقول للملائكة أهؤلاء إياكم كانوا يعبدون قالوا: سبحانك أنت ولينا من دونهم بل كانوا يعبدون الجن أكثرهم بهم مؤمنون() سبأ:40 - 41) وهذا كقوله تعالى: وإذا قال الله: يا عيسى ابن مريم ءأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله ؟ قال: سبحانك ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق ()المائدة :116), وخير ما فسر به القرآن إنما هو القرآن والسنة وليس فيهما - فيما أعلم - ما يدل على أن الله يحشر الجمادات أيضا فوجب الوقوف عند هذه الآية الصريحة فيما ذكرنا أ.هـ46

فقوله: وخير ما فسر به القرآن إنما هو القرآن والسنة أ.هـ فكون تفسير القرآن بالقرآن والسنة هو الأفضل لا جدال في ذلك ولكن الالباني لا يقصد بالخيرية ذلك وإنما قيد تفسير القرآن بالقرآن مقرونا بالسنة كما صرح بذلك فأين الدليل من السنة على ما ذهب إليه ؟,وأين السنة التي فسر بها ما سبق ؟ وما قرره فيه هدم للشريعة لأن كثيرا بل مئات الآيات لم يرد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها شيء ومن ناحية أخرى ففي هذا تقديم للظن المجهول على القطعي المعلوم لأن القرآن مجموع في سفر واحد وفي متناول الجميع بينما السنة متفرقة في كتب شتى وليست في متناول الجميع وفي هذا تكليف بما لا يطاق والله تعالى يقول: لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا (البقرة:286), وكذلك فإن الأصل العمل بالمعلوم من الظاهر والعام والمطلق حتى يأتي ما يخصصه أو يقيده إلى غير ذلك وعلى طريقة الألباني لو وجد المخصص والمقيد والمبين من كتاب الله تعالى لكتاب الله تعالى فلا يؤخذ به حتى يرد من السنة ما يؤيده وكفى بهذا بطلانا بإجماع الأمة.47

ثم يأتي بصاعقة تحرق ما بناه وأصّله وذلك قوله: إن من المتفق عليه بين المسلمين الأولين كافة أن السنة النبوية - على صاحبها أفضل الصلاة والسلام- هي المرجع الثاني والأخير في الشرع الإسلامي في كل نواحي الحياة من أمور غيبية اعتقادية - أو أحكام عملية أو سياسية أو تربوية أ.هـ 48, فهو هنا يقر أنها المرجع الثاني وبما أنها الثاني فالأول هو القرآن وحسب الأولية فإن تفسير القرآن بالقرآن مقدم على تفسير القرآن بالسنة,ويضرب بالقول المنسوب لابن عباس كفر دون كفر عرض الحائط فلماذا يستدل به إذن ما دام أن السنة هي المرجع الثاني والأخير ومعلوم أن قول الصحابي ليس سنة لأن السنة هو ما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.ألم يعلم الألباني أن العلماء اختلفوا في قول الصحابي (من السنة) هل هو مرفوع أم لا؟ وعجائبه لا حصر لها.

2- أما معارضة الألباني للقرآن ففي ثلاث مسائل من أصول الدين في قوله السابق هي:

الأولى: أن المعبودات من الجمادات داخلة في عموم قوله تعالى:لا يسمعوا دعاءكم (), والألباني ينفي ذلك بقوله ما نصه: وقد يقول قائل : إن هذا الذي بينته قوي متين ولكنه يخالف ما جرى عليه كثير من المفسرين في تفسير آية سورة ( فاطر ) وما في معناها من الآيات الأخرى فقالوا : إن المراد بها الأصنام نفسها ....ولكنه لا ينفي أن يكون لهم قول آخر يتماشى مع ما حققته فقال القرطبي (14/336) عقب التعليل المذكور آنفا وتبعه الشوكاني (4/333) وغيره ..إلى قوله: وهو أولى من تفسيرهما السابق لأنه مدعم بالآيات المتقدمة بخلاف تفسيرهما المشار إليه فإنه يستلزم القول بحشر الأصنام ذاتها وهذا مع أنه لا دليل عليه فإنه يخالف الآيات المشار إليها أ.هـ49

قلت:

  1. لم يلتزم الأصل الذي قرره وهو فهم القرآن بالقرآن مقرونا بالسنة فخالف مذهبه فلم يذكر دليلا واحدا من السنة, ففسر القرآن بالقرآن .

  2. قيد أحد القولين ورجحه بمجرد الرأي وتقليدا بلا دليل وهذا ما ينكره على الآخرين مع أن القولين صحيحين وهذا من اختلاف التنوع.

  3. من الأدلة على أن الأصنام يدعوها عابدوها مع أنها لا تسمعهم بخلاف ما يعتقده الألباني:

أ- قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ () أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا قُلِ ادْعُواْ شُرَكَاءكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ فَلاَ تُنظِرُونِ (الأعراف : 194, 195 ), فأثبت الله تعالى أنهم يدعون عباد أمثالهم وهؤلاء العباد هم الجمادات لأنها لا أرجل لها ولا أيد ولا أسماع ولا أبصار.

ب- قوله تعالى: وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَكُمْ وَلا أَنفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ() وَإِن تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَى لاَ يَسْمَعُواْ وَتَرَاهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ (الأعراف:197-198), فالذي لا يستطيع نصر نفسه ولا يبصر هو الجماد. فثبت عدم صحة مذهب الألباني وبطلان قوله وأنه يضرب الآيات بعضها ببعض وينكر وجودها(الآيات القرآنية) بناء على الظن وذلك في قوله: فإنه يستلزم القول بحشر الأصنام ذاتها وهذا مع أنه لا دليل عليه50 فإنه يخالف الآيات المشار إليها أ.هـ51 وبذلك يسقط استدلاله بهذا على أن الأموات لا يسمعون

الثانية: أن الجمادات المعبودة تحشر يوم القيامة خلافا لمذهب الألباني , بدليل:

1- قوله تعالى: إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنتُمْ لَهَا وَارِدُونَ (الأنبياء : 98 ) , وهذا عموم لكل معبود وخرج منه بالدليل والإجماع المعبودين من الصالحين لأن هؤلاء يدخلون الجنة بعبادتهم لله تعالى وحده ولا يضرهم من عبدهم.

2- قوله تعالى: وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ فَيَقُولُ أَأَنتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَؤُلَاء أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيل (الفرقان:17), فعموم الآية هو المحكم, كما أن أصل استعمال (ما) في اللغة إنما هو لغير العاقل ولأن الألباني لا يقول بالتفسير اللغوي عندما يخالف رأيه أعرض عن هذا ولكن علماء السلف فسروا ( وما يعبدون) بالأصنام وغيرهم وبينوا أن استخدام (ما) إنما هو تغليبا.

وفي ظلال الجنة للألباني ما نصه: عن أبي سعيد الخدري قال: سألنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلنا: يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة قال: هل تضارون في القمر ليلة البدر ليس دونه سحاب قال: قلنا لا قال :فهل تضارون في الشمس ليس دونها سحاب قال قلنا لا قال فإنكم ترون ربكم كذلك يوم القيامة قال فيقال من كان يعبد شيئا فليتبعه فتبع الذين كانوا يعبدون الشمس الشمس فيتساقطون في النار ويتبع الذين كانوا يعبدون القمر القمر فيتساقطون في النار ويتبع الذين كانوا يعبدون الأوثان الأوثان والأصنام الأصنام وكل من يعبد من دون الله شيئا فيتساقطون في النار.. الى قوله: إسناده جيد وهو على شرط مسلم وقد أخرجه كما يأتي: والحديث أخرجه ابن خزيمة والمصنف كما يأتي من طريق هشام بن سعد حدثنا يزيد ابن أسلم به وأخرجه مسلم حدثني سويد بن سعيد قال حدثني حفص بن ميسرة عن زيد بن أسلم به وساقه بطوله وتابعه عنده سعيد بن أبي هلال عن زيد بن أسلم به أ.هـ1/342,فهذا دليل واضح صريح من السنة يثبت فيه أن الاصنام والجمادات المعبودة تحشر يوم القيامة وتدخل جهنم فأين الألباني محدث العصر عن هذا ؟! فهو يثبت هنا ما يخالف مذهبه ولا يدري بذلك.

الثالثة : زعم الألباني أن الأصنام والجمادات غير معبودة لذاتها وإنما المعبود هو ما ترمز إليه فقط قال ما نصه: فوضع الصنم إنما كان في الأصل على شكل معبود غائب فجعلوا الصنم على شكله وهيأته وصورته ليكون نائبا منابه وقائما مقامه وإلا فمن المعلوم أن عاقلا لا ينحت خشبة أو حجرا بيده ثم يعتقد أنه إلهه ومعبوده.قلت ( الألباني) : ومما يؤيد أن المقصود بقوله في الآية المتقدمة (لا يسمعوا دعاءكم) إنما هم المعبودون من دون الله أنفسهم وليست ذوات الأصنام تمام الآية :{ويوم القيامة يكفرون بشرككم} أ.هـ52

فما ذهب اليه الألباني ليس بصحيح فإن الأصنام والجمادات معبودة من قبل من وضعها ومن الأدلة على ذلك:

1- قوله تعالى: وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَاماً آلِهَةً إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِين (الأنعام :74).

2- قوله تعالى: إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنكَ شَيْئاً (مريم:42).

.(وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَـذَا الْبَلَدَ آمِناً وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَ (إبراهيم : 35 :3- قوله

ِ4- قوله تعالى: إنَّمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ أَوْثَاناً وَتَخْلُقُونَ إِفْكاً إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقاً فَابْتَغُوا عِندَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (العنكبوت:17), مع أنه ذكر في صحيح السيرة ما نصه: فقال له جعفر : أيها الملك كنا قوما على الشرك نعبد الأوثان ونأكل الميتة ونسيء الجوار يستحل المحارم بعضنا من بعض في سفك الدماء وغيرها لا نحلل شيئا ولا نحرمه فبعث الله إلينا نبيا من أنفسنا نعرف وفاءه وصدقه وأمانته فدعانا إلى أن نعبد الله وحده لا شريك له ونصل الأرحام ونحمي الجوار ونصلي لله عز وجل ونصوم له ولا نعبد غيره . وقال زياد عن ابن اسحاق : فدعانا إلى الله لنوحده ونعبده ونخلع ما كنا نعبد نحن وآباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان وأمرنا بصدق الحديث أ.هـ 53. فهو يصحح أن المشركين كانوا يعبدون ذوات الأصنام وهذا في السنة ثم ينفيه من القرآن. ومع ذلك يناقض الألباني نفسه في نفس الموضع بما يخالف مذهبه على مذهبه ما نصه: قلت( الألباني) : فهذه الآية صريحة في نفي السمع عن أولئك الذي كان المشركون يدعونهم من دون الله تعالى وهم موتى الأولياء والصالحين الذين كان المشركون يمثلونهم في تماثيل وأصنام لهم يعبدونهم فيها وليس لذاتها كما يدل على ذلك آية سورة ( نوح ) عن قومه :{وقالوا : لا تذرن آلهتكم ولا تذرن ودا ولا سواعا ولا يغوث ولا يعوق ونسرا} ففي التفسير المأثور عن ابن عباس وغيره من السلف : أن هؤلاء الخمسة أسماء رجال صالحين من قوم نوح فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم : أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون أنصابا وسموها بأسمائهم ففعلوا فلم تعبد حتى إذا هلك أولئك وتنسخ العلم ( أي علم تلك الصور بخصوصها ) عبدت . رواه البخاري وغيره أ.هـ54

فانظر إلى قول ابن عباس رضي الله عنه-وهو حجة في التفسير عتد الألباني- أن الأنصاب التي وضعوها لم تعبد في باديء الأمر فلما هلك من وضعها عبدها الذين من بعدهم ما نصه: فلم تعبد حتى إذا هلك أولئك وتنسخ العلم عبدت أ.هـ

فالظاهر أن الألباني لم يقرأ كتاب الله تعالى ولذلك لم يعلم أن هذا من ملة إبراهيم عليه السلام فهو يقول ما نصه: وخير ما فسر به القرآن إنما هو القرآن والسنة وليس فيهما55 - فيما أعلم - ما يدل على أن الله يحشر الجمادات أيضا فوجب الوقوف عند هذه الآية الصريحة فيما ذكرنا أ.هـ56.

فانظر إلى قوله في القرآن بمجرد الرأي المذموم مخالفا للنصوص الشرعية ما نصه: فمن المعلوم أن عاقلا لا ينحت خشبة أو حجرا بيده ثم يعتقد أنه إلهه ومعبوده أ.هـ57 فهو يعارض كلام الله تعالى بمجرد الظن, قال سبحانه وتعالى: أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً (الفرقان:44) , والآيات التي تصف المشركين بأنهم لا يعقلون كثيرة وهذا دليل آخر على أن الألباني لم يقرأ كتاب الله تعالى ويتفقه به.

الأصل الثاني: الكفر الاعتقادي والكفر العملي وأن الكفر المخرج من الإسلام هو الكفر الإعتقادي فقط.

يقول الألباني: يبدو لي جليا أن ابن القيم رحمه الله بعد بحثه القيم في التفريق بين الكفر العملي و الكفر الاعتقادي وأن المسلم لا يخرج من الملة بكفر عملي لم يستطع أن يحكم للفريق المكفر بترك الصلاة مع الأدلة الكثيرة التي ساقها لهم لأنها كلها لا تدل على الكفر العملي أ.هـ 58.

ويقول أيضا: فقتال المسلم للمسلم بغي واعتداء وفسق وكفر ولكن هذا يعني أن الكفر قد يكون كفرا عمليا وقد يكون كفرا اعتقاديا.. إلى قوله: وخلاصة القول : إن قوله صلى الله عليه و سلم : وقتاله كفر ()لا يعني - مطلقا - الخروج عن الملة والأحاديث في هذا كثيرة جدا فهي - جميعا - حجة دامغة على أولئك الذين يقفون عند فهمهم القاصر للآية السابقة ويلتزمون تفسيرها بالكفر الاعتقادي فحسبنا الآن هذا الحديث لأنه دليل قاطع على أن قتال المسلم لأخيه المسلم هو كفر بمعنى الكفر العملي وليس الكفر الاعتقادي أ.هـ 59.

قلت:

أولا: إن مسألة الكفر هي أصل الدين وما بعث الله تعالى الأنبياء وأنزل الكتب إلا لبيان حقيقته والتحذير منه وسد كل باب يؤدي إليه فهو من المحكمات وأم الكتاب فهو غير خاضع للإجتهاد بل هو الأمر المجمع عليه والخلل فيه معناه فتح أبواب الإلحاد والزندقة وجعل الكفر إيمانا وبذلك فتح الدعوة إلى جهنم بإسم الإيمان.

2- إن الإبتداع في الدين يكون باستحداث أقوال كما هو باستحداث أفعال لم ترد في القرآن ولا في السنة ولا عند السلف في القرون الخيرة ولذلك أمر تعالى باجتناب الألفاظ الصحيحة التي قد تحتمل معنى مخالفا للشرع قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقُولُواْ رَاعِنَا وَقُولُواْ انظُرْنَا وَاسْمَعُوا ْوَلِلكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ (البقرة:104), فراعنا تحتمل المراعاة وتحتمل الرعونة ولذلك نهى سبحانه وتعالى عن هذا اللفظ سدا للذريعة من نسبة شيء إلى الدين قد يفضي إلى محذور يقول ابن تيمية رحمه الله تعالى في الفتاوى الكبرى كتاب إقامة الدليل على إبطال التحليل ما نصه: الوجه إن الله سبحانه ورسوله سد الذرائع المفضية إلى المحارم بأن حرمها ونهى عنها.... أما شواهد هذه القاعدة فأكثر من أن تحصر فنذكر منها ما حضر... إلى قوله:الثاني والعشرون : إنه سبحانه منع المسلمين من أن يقولوا للنبي صلى الله عليه وسلم راعنا مع قصدهم الصالح لئلا تتخذه اليهود ذريعة إلى سبه صلى الله عليه وسلم ولئلا يشتبه بهم ولئلا يخاطب بلفظ يحتمل معنى فاسدا أ.هـ وذكر ثلاثين دليلا عليها

والرسول عليه الصلاة والسلام نهى عن إطلاق ألفاظ وتسميات على الأمور الشرعية غير التي ذكرها الله سبحانه وتعالى قال عليه الصلاة والسلام : يشرب ناس من أمتي الخمر يسمونها بغير اسمها أ.هـ(صحيح) رواه الإمام أحمد وأهل السنن, كما نهى عن تسمية العشاء بالعتمة ولذلك كان من التحريف تغيير المصطلحات الشرعية التي نص عليها الله سبحانه وتعالى في كتابه أو نص عليها رسوله عليه الصلاة والسلام قال تعالى: وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقاً يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُم بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ(آل عمران:78), فنسبة شيء إلى الشرع لم يرد عليه نص في القرآن والسنة هو افتراء الكذب على الله تعالى وعلى رسوله عليه الصلاة والسلام , قال ابن تيمية رحمه الله تعالى ما نصه: ومما يجب معرفته أن الأسماء والألفاظ التي تعلق بها الأحكام الشرعية من الأمر والنهي والتحليل والتحريم والاستحباب والكراهة والمدح والذم والثواب والعقاب والموالاة والمعاداة هي الألفاظ الموجودة في كتاب الله تعالى وسنة رسوله ومعاني تلك الألفاظ وذلك مثل لفظ الإيمان والإخلاص والعبادة والكفر والشرك والهدى والضلال والرشاد والغي والعبادة والتوكل والشكر والصبر والنبوة والرسالة والتوكيل ونحو ذلك أ.هـ الرد على البكري2/706, وقال: وبالجملة فمعلوم أن الألفاظ نوعان لفظ ورد فى الكتاب والسنة او الاجماع فهذا اللفظ يجب القول بموجبه سواء فهمنا معناه أو لم نفهمه لأن الرسول لا يقول الا حقا والأمة لا تجتمع على ضلالة, والثانى لفظ لم يرد به دليل شرعى كهذه الالفاظ التى تنازع فيها أهل الكلام والفلسفة أ.هـ الفتاوى5/298.

وبين رحمه الله تعالى ما يتعلق باللفظ الشرعي فقال: ومن أنفع الأمور فى معرفة دلالة الألفاظ مطلقا وخصوصا ألفاظ الكتاب والسنة وبه تزول شبهات كثيرة كثر فيها نزاع الناس أ.هـ مجموع الفتاوى 7/169, وقال: والأصل في هذا الباب أن الألفاظ نوعان نوع مذكور في كتاب الله وسنة رسوله وكلام أهل الإجماع فهذا يجب اعتبار معناه وتعليق الحكم به أ.هـ درء التعارض1/ 140, وقال أيضا: والتعبير عن حقائق الايمان بعبارات القرآن أولى من التعبير عنها بغيرها فان ألفاظ القرآن يجب الايمان بها وهي تنزيل من حكيم حميد والأمة متفقة عليها ويجب الاقرار بمضمونها قبل أن تفهم وفيها من الحكم والمعاني مالا تنقضي عجائبه أ.هـ النبوات1/235

وقال أيضا: فأما الألفاظ التي لم توجد في كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ولا تعلق لها بشيء من ذلك إلا إذا تبين أن معانيها موافقة لمعاني ألفاظ الكتاب والسنة أ.هـ الرد على البكري2/ 706.

فهو رحمه الله تعالى يبين أنه يجب معرفة الألفاظ والمصطلحات الشرعية الواردة في الكتاب والسنة وتعليق الأحكام عليها وجعلها الأصل الذي ترد إليه الألفاظ وأما مالم يرد في الشرع فيتوقف فيه حتى يفصح القائل عن مراده منه فإن وافق الشرع قبل – وهذا مشروط بعدم وروده في كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم – وإن لم يوافق الشرع رد في وجه صاحبه قال رحمه الله تعالى: وأما الألفاظ التى ليست فى الكتاب والسنة ولا اتفق السلف على نفيها أو إثباتها فهذه ليس على أحد أن يوافق من نفاها أو أثبتها حتى يستفسر عن مراده فان أراد بها معنى يوافق خبر الرسول أقر به وان أراد بها معنى يخالف خبر الرسول أنكره أ.هـ مجموع الفتاوى 12/114, وبين رحمه الله تعالى كيفية التعامل مع الألفاظ التي لم ترد في القرآن والسنة بقوله: ثم التعبير عن تلك المعانى ان كان فى ألفاظه اشتباه او اجمال عبر بغيرها او بين مراده بها بحيث يحصل تعريف الحق بالوجه الشرعي فان كثيرا من نزاع الناس سببه ألفاظ مجملة مبتدعة ومعان مشتبهة حتى تجد الرجلين يتخاصمان ويتعاديان على اطلاق ألفاظ ونفيها ولو سئل كل منهما عن معنى ما قاله لم يتصوره فضلا عن أن يعرف دليله ولو عرف دليله لم يلزم أن من خالفه يكون مخطئا بل يكون فى قوله نوع من الصواب وقد يكون هذا مصيبا من وجه وهذا مصيبا من وجه وقد يكون الصواب فى قول ثالث أ.هـ مجموع الفتاوى12/114.

هذه مقدمة كان لزاما علي أن أبينها لأنها المدخل إلى بيان ما أصله الألباني فاللفظ الذي أطلقه وبنى عليه مذهبه هو الكفر الإعتقادي والكفر العملي وجعل الكفر الاعتقادي هو المخرج من الملة فقط فمما سبق نعلم يقينا أن هذه الألفاظ لم ترد في كتاب الله تعالى ولا في سنة الرسول عليه الصلاة والسلام بل ولا عند السلف بدءا من الصحابة رضي الله عنهم إلى زمن ابن القيم رحمه الله تعالى ومن ذكره فمن باب التفصيل وليس من باب نفي الخروج من الملة بالكفر العملي.

فأما الأدلة من كتاب الله تعالى التي أطلقت دخول النار والخلود فيها على من كفر ومات على كفره ولم تقيده بالاعتقاد منها:

  1. قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَمَاتُواْ وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَن يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِم مِّلْءُ الأرْضِ ذَهَباً وَلَوِ افْتَدَى بِهِ أُوْلَـئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ وَمَا لَهُم مِّن نَّاصِرِينَ(آل عمران:91).

  2. قوله تعلى: وَكَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ أَصْحَابُ النَّارِ(غافر:6).

  3. قوله تعالى: وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُم مِّنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ (فاطر:36).

  4. قوله تعالى:وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا رَبَّنَا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلَّانَا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا لِيَكُونَا مِنَ الْأَسْفَلِينَ (فصلت:29).

  5. قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللّهِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ(البقرة: 161).

  6. قوله تعالى: اللّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّوُرِ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ أَوْلِيَآؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (البقرة:257).

  7. قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَن تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلاَدُهُم مِّنَ اللّهِ شَيْئاً وَأُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ(آل عمران:116).

فإن قيل بأن هذه الآيات محمولة على من لم يؤمن وبقي على كفره قلنا لهم لا فرق فالله تعالى أيضا أطلق لفظ الكفر غير مقيد على من آمن ثم كفر بدليل:

  1. قوله تعالى: كَيْفَ يَهْدِي اللّهُ قَوْماً كَفَرُواْ بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُواْ أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (آل عمران:86).

  2. قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ازْدَادُواْ كُفْراً لَّن تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الضَّآلُّونَ (آل عمران : 90).

  3. قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ ثُمَّ كَفَرُواْ ثُمَّ آمَنُواْ ثُمَّ كَفَرُواْ ثُمَّ ازْدَادُواْ كُفْراً لَّمْ يَكُنِ اللّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلاَ لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلاً (النساء : 137).

  4. قوله تعالى:(لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ (المائدة : 78).

  5. قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوَاْ إِن تُطِيعُواْ فَرِيقاً مِّنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ يَرُدُّوكُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ (آل عمران :100).

  6. قوله تعالى: يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكْفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُواْ الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ(آل عمران : 106).

  7. قوله تعالى:لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِن نَّعْفُ عَن طَآئِفَةٍ مِّنكُمْ نُعَذِّبْ طَآئِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُواْ مُجْرِمِينَ (التوبة : 66).

فإن قيل بأن الكفر قبل الإيمان ليس كالكفر بعد الإيمان قلنا لا فرق عند الله تعالى بدليل:

  1. قوله تعالى: وَدُّواْ لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُواْ فَتَكُونُونَ سَوَاء فَلاَ تَتَّخِذُواْ مِنْهُمْ أَوْلِيَاء حَتَّىَ يُهَاجِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدتَّمُوهُمْ وَلاَ تَتَّخِذُواْ مِنْهُمْ وَلِيّاً وَلاَ نَصِيراً (النساء:89).

  2. قوله تعالى: (وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُواْ وَاصْفَحُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرا (البقرة :109).

وأما الأدلة من السنة :

1- عن أنس بن مالك رضي الله عنه: أن رهطا من عكل ثمانية قدموا على النبي صلى الله عليه وسلم فاجتووا المدينة فقالوا يا رسول الله ابغنا رسلا قال ( ما أجد لكم إلا أن تلحقوا بالذود ) . فانطلقوا فشربوا من أبوالها وألبانها حتى صحوا وسمنوا وقتلوا الراعي واستاقوا الذود وكفروا بعد إسلامهم فأتى الصريخ النبي صلى الله عليه وسلم فبعث الطلب فما ترجل النهار حتى أتي بهم فقطه أيديهم وأرجلهم ثم أمر بمسامير فأحميت فكحلهم بها وطرحهم بالحرة يستسقون فما يسقون حتى ماتو أ.هـ صحيح البخاري.

قلت: فالرسول عليه الصلاة والسلام أقام عليهم الحد ولم يسألهم هل كنتم مستحلين بقلوبكم أم غير مستحلين.

2- عن ابن عباس رضي الله عنهما قال :هم أهل الكتاب جزؤوه أجزاء فآمنوا ببعضه وكفروا ببعضه يعني قول الله تعالى ( الذين جعلوا القرآن عضين) أ.هـ صحيح البخاري.

قلت: فهذا ابن عباس رضي الله عنه لم يقيده بكفر الاعتقاد بل أطلقه وابن عباس حجة60 عند الألباني.

3- عن ابن شهاب أخبرني عامر بن سعد عن أبيه سعد أنه أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم رهطا وأنا جالس فيهم قال: فترك رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم رجلا لم يعطه وهو أعجبهم إلي فقمت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فساورته فقلت يا رسول الله مالك عن فلان ؟ فوالله إني لأراه مؤمنا قال أو مسلما فسكت قليلا ثم غلبني ما أعلم منه فقلت يا رسول الله مالك عن فلان ؟ فوالله إني لأراه مؤمنا قال أو مسلما فسكت قليلا ثم غلبني ما أعلم منه فقلت يا رسول الله مالك عن فلان ؟ فوالله إني لأراه مؤمنا قال أو مسلما قال إني لأعطي الرجل وغيره أحب إلي منه خشية أن يكب في النار على وجهه أ.هـ صحيح مسلم.وقوله: يكب في النار على وجهه أ.هـ أي: بكفره.

قلت :لم يقيد عليه الصلاة والسلام هنا دخول النار بكفر الاعتقاد.

5-عن مسلم بن أبي بكرة قال سمعت أبي يحدث: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " ينـزل ناس من أمتي بغائط يسمونه البصرة عند نهر يقال له دجلة يكون عليه جسر يكثر أهلها وتكون من أمصار المهاجرين " قال ابن يحيى قال أبو معمر " وتكون من أمصار المسلمين فإذا كان في آخر الزمان جاء بنو قنطوراء عراض الوجوه صغار الأعين حتى ينـزلوا على شط النهر فيتفرق أهلها ثلاث فرق فرقة يأخذون أذناب البقر والبرية وهلكوا وفرقة يأخذون لأنفسهم وكفروا وفرقة يجعلون ذراريهم خلف ظهورهم ويقاتلونهم وهم الشهداء أ.هـ رواه أبو داوود وحسنه الألباني رقم الحديث 4306 مع أن فيه سعيد بن جهمان قال فيه البخاري حديثه فيه عجائب وقال أبو حاتم: لا يحتج به وتكلم فيه آخرون ووثقه آخرون.

قلت: فالرسول عليه الصلاة والسلام في الفرقة التي يأخذون لأنفسهم وكفروا ولم يقيد كفرهم بالاعتقاد.

6- عن ابن عباس قال : كان رجل من الأنصار أسلم ثم ارتد ولحق بالشرك ثم تندم فأرسل إلى قومه سلوا لي رسول الله صلى الله عليه وسلم هل لي من توبة فجاء قومه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا إن فلانا قد ندم وإنه أمرنا أن نسألك هل له من توبة فنـزلت { كيف يهدي الله قوما كفروا بعد إيمانهم } إلى قوله { غفور رحيم } فأرسل إليه فأسلم أ.هـ سنن النسائي7/ 107, وقال عنه الألباني صحيح .

قلت: وجه الاستدلال أن الرسول عليه الصلاة والسلام لم يستفصل هل كان كفره كفر اعتقاد أم كفر عمل فثبت أن هذا التقسيم باطل من حيث ترتب الخروج من الملة.

7- عن عدى بن حاتم قال : أتيت عمر بن الخطاب رضي الله عنه في أناس من قومي فجعل يفرض للرجل من طيئ في ألفين ويعرض عنى قال فاستقبلته فأعرض عنى ثم أتيته من حيال وجهه فأعرض عنى قال فقلت يا أمير المؤمنين أتعرفني قال فضحك حتى استلقى لقفاه ثم قال نعم والله انى لأعرفك آمنت إذ كفروا وأقبلت إذ أدبروا ووفيت إذ غدروا وان أول صدقة بيضت وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ووجوه أصحابه صدقة على جئت بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم أخذ يعتذر ثم قال إنما فرضت لقوم أجحفت بهم الفاقة وهم سادة عشائرهم لما ينوبهم من الحقوق أ.هـ صحيح مسند أحمد بن حنبل1/45.

قلت: لم يقيد عمر بن الخطاب كفر من كفر- ويقصد الردة زمن أبي بكر رضي الله عنهم – بالاعتقاد وهذا اجماع من الصحابة على أن الكفر لا يقيد بالاعتقاد .

8-عن أنس بن مالك أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال : يجاء بالكافر يوم القيامة فيقال له أرأيت لو كان لك ملء الأرض ذهبا أكنت مفتديا به فيقول نعم يا رب قال فيقال لقد سئلت أيسر من ذلك فذلك قوله عز وجل { إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهبا ولو افتدى به أ.هـ (صحيح ) مسند أحمد بن حنبل رقم 13312.

قلت:الرسول عليه السلام لم يقل يجاء بالكافر الذي كفر كفرا اعتقاديا فأطلق الكفر ولم يقيده.

9- عن عقبة بن عامر : ان رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى على قتلى أحد بعد ثمان سنين كالمودع للأحياء والأموات ثم طلع المنبر فقال اني فرطكم وأنا عليكم شهيد وان موعدكم الحوض وأني لأنظر إليه ولست أخشى عليكم ان تشركوا أو قال تكفروا ولكن الدنيا ان تنافسوا فيها أ.هـ (صحيح) مسند أحمد بن حنبل4/154. حديث رقم 17438.

قلت: لم يقيد الرسول عليه الصلاة والسلام الكفر هنا بالكفر الاعتقادي.

9- عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : سأل أهل مكة رسول الله صلى الله عليه و سلم أن يجعل لهم الصفا ذهبا و أن تنحى عنهم الجبال فيزرعوا فيها فقال الله عز و جل : إن شئت آتيناهم ما سألوا فإن كفروا أهلكوا كما أهلكت من قبلهم و إن شئت أن أستأني بهم لعلنا نستحي منهم فأنزل الله هذه : { وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون وآتينا ثمود الناقة مبصرة } أ.هـ المستدرك2/394, قال الذهبي صحيح.

قلت: لو كان الكفر على تفسيم الألباني شرعيا لاستفصل عليه الصلاة والسلام هل يعذبهم إذا كفروا كفرا اعتقاديا أو عمليا لأنه أرسل رحمة للعالمين وعدم الاستفصال في حكاية الحال مع قيام الاحتمال ينـزل منـزلة العموم في المقال كما هو معلوم في الأصول.

مما سبق من قول الله تعالى وقول رسوله عليه الصلاة والسلام يثبت يقينا أنه لم يرد تقييد الكفر بالكفر الإعتقادي وإنما الكفر مطلق كما أن ما سبق من الإطلاق دليل قاطع ونص صريح بعدم صحة وصف الذنوب ما دون الكفر بالكفر الأصغر, وعليه كان قول الألباني: من هنا جاء هذا التفصيل الدقيق الذي تولى بيانه وشرحه الإمام - بحق - شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وتولى ذلك من بعده تلميذه البار ابن قيم الجوزية إذ لهما الفضل في التنبيه والدندنة على تقسيم الكفر إلى ذلك التقسيم الذي رفع رايته ترجمان القرآن بتلك الكلمة الجامعة الموجزة فابن تيمية يرحمه الله وتلميذه وصاحبه ابن قيم الجوزية : يدندنان دائما حول ضرورة التفريق بين الكفر الاعتقادي والكفر العملي وإلا وقع المسلم من حيث لا يدري في فتنة الخروج عن جماعة المسلمين التي وقع فيها الخوارج قديما وبعض أذنابهم حديثا أ.هـ61, باطل بطلانا لا يلحقه التصحيح.

وأما ما نسبه إلى شيخ الإسلام بن تيمية وابن القيم عليهم رحمة الله تعالى محض افتراء فهذه كتب ابن تيمية تملأ الأسواق لا يوجد فيها إطلاقا هذا التقسيم البدعي كيف وهو رحمه الله تعالى كما ثبت فيما نقلته عنه من أشد الناس تقيدا بألفاظ الكتاب والسنة وبعدا عن استحداث ألفاظ بديلة عن الألفاظ الشرعية وإليك بعض أقواله في رد مذهب الألباني وإبطال ما نسبه إليه:

  1. قال رحمه الله تعالى: فإن قيل فقد قال تعالى: ولكن من شرح بالكفر صدرا () قيل وهذا موافق لأولها فانه من كفر من غير إكراه فقد شرح بالكفر صدرا والا ناقض أول الآية آخرها ولو كان المراد بمن كفر هو الشارح صدره وذلك يكون بلا اكراه لم يستثن المكره فقط بل كان يجب أن يستثنى المكره وغير المكره إذا لم يشرح صدره واذا تكلم بكلمة الكفر طوعا فقد شرح بها صدرا وهى كفر وقد دل على ذلك قوله تعالى:يحذر المنافقون ان تنـزل عليهم سورة تنبئهم بما فى قلوبهم قل استهزؤا أن الله مخرج ما تحذرون ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم إن نعف عن طائفة منكم نعذب طائفة بأنهم كانوا مجرمين() فقد أخبر أنهم كفروا بعد إيمانهم مع قولهم إنا تكلمنا بالكفر من غير اعتقاد له بل كنا نخوض ونلعب وبين أن الإستهزاء بآيات الله كفر ولا يكون هذا إلا ممن شرح صدره بهذا الكلام ولو كان الإيمان فى قلبه منعه أن يتكلم بهذا الكلام والقرآن يبين أن إيمان القلب يستلزم العمل الظاهر بحسبه كقوله تعالى ويقولون آمنا بالله وبالرسول وأطعنا ثم يتولى فريق منهم من بعد ذلك وما أولئك بالمؤمنين وإذا دعوا الى الله ورسوله ليحكم بينهم إذا فريق منهم معرضون وان يكن لهم الحق يأتوا اليه مذعنين الى قوله إنما كان قول المؤمنين اذا دعوا الى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا وأولئك هم المفلحون فنفى الإيمان عمن تولى عن طاعة الرسول وأخبر أن المؤمنين إذا دعوا الى الله ورسوله ليحكم بينهم سمعوا وأطاعوا فبين أن هذا من لوازم الإيمان أ.هـ مجموع الفتاوى7/ 220-221.

أنظر إلى قوله: واذا تكلم بكلمة الكفر طوعا فقد شرح بها صدرا وهى كفر أ.هـ

وقوله: فقد أخبر أنهم كفروا بعد إيمانهم مع قولهم إنا تكلمنا بالكفر من غير اعتقاد له أ.هـ

2- وقال أيضا: و أيضا فإنه سبحانه إستثني المكره من الكفار ولو كان الكفر لا يكون إلا بتكذيب القلب وجهله لم يستثن منه المكره لأن الإكراه على ذلك ممتنع فعلم أن التكلم بالكفر كفر لا فى حال الإكراه وقوله تعالى ولكن من شرح بالكفر صدرا أي لإستحبابه الدنيا على الآخرة ومنه قول النبى يصبح الرجل مؤمنا ويمسى كافرا ويمسى مؤمنا ويصبح كافرا يبيع دينه بعرض من الدنيا والآية نزلت فى عمار بن ياسر وبلال بن رباح وأمثالهما من المؤمنين أ.هـ مجموع الفتاوى7/560

أنظر إلى قوله: ولو كان الكفر لا يكون إلا بتكذيب القلب وجهله لم يستثن منه المكره لأن الإكراه على ذلك ممتنع فعلم أن التكلم بالكفر كفر لا فى حال الإكراه أ.هـ

3- وقال أيضا: فمن قال بلسانه كلمة الكفر من غير حاجة عامدا لها عالما بأنها كلمة كفر فإنه يكفر بذلك ظاهرا وباطنا ولأنا لا نجوز أن يقال : إنه في الباطن يجوز أن يكون مؤمنا ومن قال ذلك فقد مرق من الإسلام قال سبحانه : { من كفر بالله من بعد إيمانه ـ إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ولكن من شرح بالكفر صدرا ـ فعليهم غضب من الله و لهم عذاب عظيم }(النحل:106) ومعلوم أنه لم يرد بالكفر هنا اعتقاد القلب فقط لأن ذلك لا يكره الرجل عليه وهو قد استثنى من أكره ولم يرد من قال واعتقد لأنه استثنى المكره وهو لا يكره على العقد والقول وإنما يكره على القول فقط فعلم أنه أراد من تكلم بكلمة الكفر فعليه غضب من الله وله عذاب عظيم وأنه كافر بذلك إلا من أكره وهو مطمئن بالإيمان ولكن من شرح بالكفر صدرا من المكرهين فإنه كافر أيضا فصار من تكلم بالكفر كافرا إلا من أكره فقال بلسانه كلمة الكفر وقلبه مطمئن بالإيمان وقال تعالى في حق المستهزئين : { لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم } [ التوبة : 66 ]فبين أنهم كفار بالقول مع أنهم لم يعتقدوا صحته وهذا باب واسع والفقه فيه ما تقدم من أن التصديق بالقلب يمنع إرادة التكلم وإرادة فعل فيه استهانة واستخفاف كما أنه يوجب المحبة و التعظيم واقتضاؤه وجود هذا وعدم هذا أمر جرت به سنة الله في مخلوقاته كاقتضاء إدراك الموافق للذة و إدراك المخالف للألم فإذا عدم المعلول كان مستلزما لعدم العلة وإذا وجد الضد كان مستلزما لعدم الضد الآخر فالكلام والفعل المتضمن للاستخلاف والاستهانة مستلزم لعدم التصديق النافع ولعدم الانقياد والاستسلام فلذلك كان كفرا أ.هـ الصارم المسلول1/523.

أمعن ودقق النظر فيما تحته خط من قول شيخ الإسلام في رد ادعاءات الألباني ومذهبه, فبعد هذا البيان الواضح الجلي يثبت بما لا يدع مجالا للشك بأن مذهب الألباني بدعي باطل ليس عليه أثارة من علم وهو مردود عليه وأن ما نسبه لشيخ الإسلام محض افتراء وكذب وتدليس.

وأما ما ذكره عن ابن القيم رحمه الله تعالى بقوله: يبدو لي جليا أن ابن القيم رحمه الله بعد بحثه القيم في التفريق بين الكفر العملي و الكفر الاعتقادي وأن المسلم لا يخرج من الملة بكفر عملي لم يستطع أن يحكم للفريق المكفر بترك الصلاة مع الأدلة الكثيرة التي ساقها لهم لأنها كلها لا تدل على الكفر العملي أ.هـ62

قلت:

  1. إن الأصول التي قررها الألباني كلها مبنية على الظن والرأي المجرد فهو هنا يقول :يبدو لي جليا أ.هـ فهذا رأيه في تفسير كلام ابن القيم وغيره يرى غير ذلك فقوله ليس تشريع منـزل.

  2. إن ابن القيم لم يبحث أصلا مسألة التفريق بين الكفر العملي والكفر الاعتقادي ولا يقول بتاتا بأن الكفر المخرج من الملة هو الكفرالاعتقادي فقط فهذا تدليس وتلبيس من الألباني وافتراء وإليك كلام ابن القيم رحمه الله تعالى علما بأنه يتكلم عن مسألة كفر تارك الصلاة خصوصا ومعلوم النـزاع في هذه المسألة قال رحمه الله تعالى ما نصه: فصل في نوعي الكفر وها هنا أصل آخر وهو أن الكفر نوعان كفر عمل وكفر جحود وعناد

الجحود أن يكفر بما علم أن الرسول جاء به من عند الله جحودا وعنادا من اسماء الرب وصفاته وأفعاله وأحكامه وهذا الكفر يضاد الإيمان من كل وجه وأما كفر العمل فينقسم إلى ما يضاد الإيمان وإلى ما لا يضاده فالسجود للصنم والاستهانة بالمصحف وقتل النبي وسبه يضاد الإيمان وأما الحكم بغير ما أنزل الله وترك الصلاة فهو من الكفر العملي قطعا ولا يمكن أن ينفي عنه اسم الكفر بعد أن اطلقه الله ورسوله عليه فالحاكم بغير ما انزل الله كافر وتارك الصلاة كافر بنص رسول الله ولكن هو كفر عمل لا كفر اعتقاد ومن الممتنع أن يسمي الله سبحانه الحاكم بغير ما انزل الله كافرا ويسمى رسول الله تارك الصلاة كافرا ولا يطلق عليهما اسم كافر وقد نفى رسول الله الإيمان عن الزاني والسارق وشارب الخمر وعمن لا يأمن جاره بوائقه وإذا نفي عنه اسم الإيمان فهو كافر من جهة العمل وانتفى عنه كفر الجحود والاعتقاد أ.هـ63.

أنظر إلى قول ابن القيم الصريح الذي يناقض ما أصله الألباني ما نصه: وأما كفر العمل فينقسم إلى ما يضاد الإيمان وإلى ما لا يضاده أ.هـ فانتقض غزل الألباني أنكاثا لأنه يقول بأن الكفر الذي يضاد الإيمان هو الكفر الاعتقادي فقط.

  1. ابن القيم رحمه الله تعالى يقر بأن هناك كفر عملي وأن ما أطلق عليه الله تعالى ورسوله عليه الصلاة والسلام أنه كافر فمن الممتنع عنده أن لا يطلق عليه كافر ولكن كونه مخرج من الملة أو غير مخرج فهذه مسألة أخرى سلك فيها العلماء مسلكين الحكم عليها بناء على أنها تدخل في عبادة غير الله تعالى أو أنها تدخل في باب تأويل العمل.

  2. يقر الألباني أن الأحاديث التي وردت متعلقة بالكفر العملي ولكن كون هذا الكفر مخرج من الملة أو غير مخرج من الملة وكيف نتعامل مع هذه النصوص فهذا ما لم يفقهه الألباني كما سأبينه في موضعه إن شاء الله تعالى.

  3. إن الله تعالى قد حكم على الكفار بالكفر وجعل النار مأواهم خالدين فيها بناء على كفر العمل بنص واضح صريح وليس بموجب الاستحلال أو الإعتقاد القلبي بدليل:

أ - قوله تعالى:هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِن قَبْلُ قَدْ جَاءتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ فَهَل لَّنَا مِن شُفَعَاء فَيَشْفَعُواْ لَنَا أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ قَدْ خَسِرُواْ أَنفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ (الأعراف:53).

ب - وقوله تعالى: وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُم مِّنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ (36) وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُم مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ وَجَاءكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِن نَّصِيرٍ) (فاطر:37).

ت- وقوله تعالى: هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (المطففين:36).

فأين الكفر الاعتقادي أليس هذا تحريف للدين وقول على الله تعالى بلا علم ولا هدى ولا كتاب منير.

الأصل الثالث: الكفر الأكبر والكفر الأصغر.

  1. عندما نتكلم في الشرع لا بد من الاستناد إلى الأدلة الشرعية من قول الله تعالى وقول رسوله عليه الصلاة والسلام وأن نعلم معهود الخطاب في قول الله تعالى وقول رسوله عليه الصلاة والسلام وأن نرد المراد من اللفظ إلى معهود الخطاب بحسب المتكلم فإذا كان قول الله تعالى نرده إلى معهود الخطاب في كتاب الله تعالى وهذا هو تفسير القرآن بالقرآن الذي حاول الألباني نفيه لأن فيه هدم لمذهبه واختياراته الفقهية وإذا كان قول الرسول عليه الصلاة والسلام نرد الخطاب إلى معهود خطاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.

  2. ورد لفظ الكفر بجميع تصريفاته اللغوية في كتاب الله تعالى في أكثر من ثمان وعشرين وأربعمائة آية ما يقارب الألف لفظ, ولم يرد منها لفظ واحد يحتمل معنيين من حيث الكفر الأصغر أو الأكبر فكل الألفاظ التي وردت هي بمعنى الكفر الأكبر المخرج من الملة المستوجب الخلود في النار, فثبت أنه لا يوجد في معهود خطاب الله تعالى كفر بمعنى الكفر الأصغر.

  3. أما لفظ الكفر في الخطاب النبوي فيجب أن نرده إلى معهود الخطاب في كتاب الله تعالى حتى لا نعارض القرآن بالسنة والصحابة رضي الله عنهم لم يعهدوا من الخطاب الشرعي النبوي إلا الكفر الأكبر بدليل ما رواه ابن عباس رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم : أريت النار فإذا أكثر أهلها النساء يكفرن. قيل أيكفرن بالله64 ؟ قال: يكفرن العشير ويكفرن الإحسان لو أحسنت إلى إحداعن الدهر ثم رأت منك شيئا قالت ما رأيت منك خير قط أ.هـ صحيح البخاري.

قلت: فالرسول عليه الصلاة والسلام أقرهم على فهمهم65 بأن معنى الكفر في خطابه هو الكفر بالله وهو المخرج من الملة وعندما قالوا : يكفرن بالله , بين لهم أنهن يكفرن العشير ولو كان لفظ الكفر في الخطاب النبوي يحتمل الكفر الأكبر والكفر الأصغر لبين لهم ذلك صلى الله عليه وسلم لأن هذه أهم مسائل الدين فلا يمكن أن يتركها صلى الله عليه وسلم للإجتهاد دون بيان وهو ما جاء إلا لدعوة الناس للخروج من الكفر إلى الإيمان وأُذَّكر بالقاعدة الأصولية: ترك الاستفصال في حكاية الحال مع قيام الاحتمال ينـزل منـزلة العموم في المقال.

فلفظ الكفر في الخطاب الشرعي- قرآن وسنة- هو الأكبر لأن الكفر حكم وليس وصف فهو ليس من الألفاظ المجملة إذ أن الحكم لا يحتمل أكثر من معنى- فافهم ذلك يزول الإشكال- بخلاف الفسق والظلم اللذين هما وصف للفعل وليس حكم ولذلك وردت من الألفاظ المجملة التي تحتمل حكمين بحسب القرينة للنص سواء قرينة من ذات النص أو من خارجه , وأما بخصوص لفظ الشرك فهو كلفظ الكفر تماما سواء بسواء وليس كما قال الألباني ما نصه: بينما لفظة الكفر في لغة الكتاب والسنة لا تعني - دائما - هذا الذي يدندنون حوله ويسلطون هذا الفهم الخاطئ المغلوط عليه فشأن لفظة (الكافرون) من حيث إنها لا تدل على معنى واحد - هو ذاته شأن اللفظين الآخرين (الظالمون) و (الفاسقون), فكما أن من وصف أنه ظالم أو فاسق لا يلزم بالضرورة ارتداده عن دينه فكذلك من وصف بأنه كافر66 سواء بسواء.وهذا التنوع 67في معنى اللفظ الواحد هو الذي تدل عليه اللغة ثم الشرع الذي جاء بلغة العرب - لغة القرآن الكريم, فمن أجل ذلك كان الواجب على كل من يتصدى لإصدار الأحكام على المسلمين - سواء كانوا حكاما أم محكومين - أن يكون على علم واسع بالكتاب والسنة وعلى ضوء منهج السلف الصالح أ.هـ68

قلت: إن الألباني من أكثر الذين يقولون بأفواههم بلزوم اتباع السلف والإستدلال على الاقوال والأفعال بالأدلة الشرعية ولكنه لم يورد دليلا واحدا على أصوله التي بنى مذهبه عليها وقوله هذا فيه :

  1. افتراء وقول على الله تعالى بغير علم فلفظة الكفر ليست كلفظة الفسق والظلم.

  2. افتراء وقول على الله بغير علم من أن لفظ الكفر ورد في كتاب الله تعالى ويحتمل حكمين وما ذاك إلا لأنه لم يقرأ كتاب الله تعالى ولم يتفقه به.

  3. أنه قاس قياسا فاسدا بلا دليل وهو قياس الظلم والفسق على الكفر وهو قياس الوصف على الحكم فالفسق والظلم وصف للفعل والكفر حكم الفعل.

  4. أنه يدعي بأن ما يقوله إنما هو ما كان عليه السلف فمن كان معارضا لكتاب الله تعالى فكيف يكون على منهج السلف؟.

  5. أنه يدعي بأنه على إطلاع واسع للكتاب والسنة وقد ثبت مما سبق أنه يجهل أصولا أثبتها الله تعالى في كتابه.

وهنا يرد السؤال التالي: لقد ورد لفظ الكفر في أحاديث كثيرة ومن العلماء من قال بأنها كفر أصغر فماذا تقول؟

أقول: ننظر في مورد هذا اللفظ ومتعلقه فإذا كان متعلقا بمسائل التأليه والربوبية ( عبادة غير الله تعالى - الطاغوت - وقد تم تفصيل ذلك في كتاب( الكلمة الباقية منهاج الأمة في المواجهة) أي :تأليه غير الله تعالى أو عدم تأليه الله تعالى) -كان كفرا أكبر بمجرد القول أو العمل لأن من عبد غير الله تعالى بأي مظهر من مظاهر العبادة فقد كفر كفرا أكبر , وإن كان يتعلق بقضية غير متعلقة بالطاغوت - من مسائل تفصيلات الشريعة -نبقي اللفظ على ظاهره ونؤول العمل بحيث يكون كفرا ثم ننظر في حال الفاعل هل يدخل في التأويل أم لا فإن دخل فيه حكمنا عليه بالكفر وإن لم يدخل فيه حكمنا عليه بأنه ارتكب معصية ليتوافق التأويل مع إثبات النص والعمل ولا نضرب الأدلة الشرعية بعضها ببعض وهذا هو مسلك العلماء رحمهم الله تعالى والمثال يوضح المقال وسأذكر الأمثلة التي ذكرها الألباني في مقالته التي بعنوان فتنة التكفير وأبين حقيقتها:

  1. قوله ما نصه: ثم إن كلمة ( الكفر ) ذكرت في كثير من النصوص القرآنية والحديثية ولا يمكن أن تحمل - فيها جميعا - على أنها تساوي الخروج من الملة من ذلك مثلا الحديث المعروف في الصحيحين عن عبدالله بن مسعود رضي الله تعالى عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :سباب المسلم فسوق وقتاله كفر. فالكفر هنا هو المعصية التي هي الخروج عن الطاعة ولكن الرسول عليه الصلاة والسلام - وهو أفصح الناس بيانا - بالغ في الزجر قائلا:وقتاله كفر . ومن ناحية أخرى هل يمكن لنا أن نفسر الفقرة الأولى من هذا الحديث - سباب المسلم فسوق - على معنى الفسق المذكور في اللفظ الثالث ضمن الآية السابقة : ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون()؟ أ.هـ69.

قلت:

  1. لقد ذكرنا بالدليل والأصول الشرعية أن الكفر حكم ولا يمكن أن يحتمل معنيين شأن الأحكام كلها كما أن الألباني ذكر أمثلة من السنة ولم يذكر مثالا واحدا من القرآن وما ذلك إلا لأنه لم يتفقه بكتاب الله تعالى.

  2. إن الرسول عليه الصلاة والسلام أوتي جوامع الكلم فلا يمكن بحال أن نقبل أن يتهم بأنه يهذ الكلام هذّا فكلامه لبيان الحقائق والأحكام الشرعية فأين الدليل على أنه يقصد من لفظة الكفر الزجر70 أليس هذا قول بمجرد الرأي وهو ما يصرح الألباني قولا بعدم شرعيته - وهو أول المخالفين- ولكنه عندما عجز عن فهم الخطاب الشرعي لجأ إلى التأويل بمجرد الرأي تأويلا71 مخالفا للشرع , ولو كان الكفر بمعنى الأصغر لما كان هناك فرق بين لفظة الفسوق والكفر في الخطاب الشرعي قال تعالى: وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُوْلَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ (الحجرات: 7), فالله تعالى يبين أن هناك كفرا وأن هناك فسوقا وأن هناك عصيان فاجتماع لفظ الكفر مع الفسوق يعطي لكل منهما حكما مغايرا للآخر.

  3. قول الألباني: فالكفر هنا هو المعصية التي هي الخروج عن الطاعة أ.هـ لم يخرج من المسألة لأن الخروج (مع تحفظي على هذا اللفظ) عن الطاعة تعني الكفر المخرج من الملة وتعني المعصية دون الكفر فأين الدليل على أن الخروج من الطاعة هنا هي المعصية دون الكفر المخرج من الملة فهو فسر الماء بعد الجهد بالماء ووقع فيما هرب منه فمعنى الحديث عنده يصبح: سباب المسلم فسوق وقتاله فسوق وهذا البناء اللغوي ننـزه عنه من أوتي جوامع الكلم صلى الله عليه وسلم.

  4. يأبى الألباني إلا أن يثبت أنه لا في العير ولا في النفير فقوله: ومن ناحية أخرى هل يمكن لنا أن نفسر الفقرة الأولى من هذا الحديث:سباب المسلم فسوق- على معنى الفسق المذكور في اللفظ الثالث ضمن الآية السابقة : ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون()؟ أ.هـ فيه أمران لا يصدران عن طالب علم هما:

الأول: أنه جعل متعلق الفسوق في الحديث كمتعلق الفسق في الآية وهذا باطل لأن الفسوق في الحديث متعلق بالفعل وهو السباب والفسق في الآية متعلق بالفاعل.

الثاني: أنه جعل سباب المسلم في الحديث كالحكم بغير ما أنزل الله تعالى في الآية وهذا قياس فاسد.

  1. إن المخاطب في الحديث هم المسلمون فأما سب المسلم للمسلم فهو فسوق وأما قتاله فيكون كفرا إذا قوتل لإسلامه فمن قاتل المسلم لأنه مسلم فهذا هو الكفر فنحن أوّلنا الفعل إبقاءً على النص ولم نؤول النص من أجل الفعل, وإذا قاتل المسلم المسلم على دنيا أو متأولا فلا يشمله الحديث وإنما لم نحكم بكفره لأن قتاله بهذه الصورة ليس عبادة لغير الله تعالى ولا تنقيصا لألوهية الله تعالى, فلا بد من الدقة في التعامل مع النصوص الشرعية ومن حقق المسألة وجدها كذلك, فإن قيل فماذا عن قول الله تعالى: وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِن فَاءتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (الحجرات:9), وهل هي تفسير للحديث؟ الجواب: لا إطلاقا فهي تتحدث عن قضية أخرى فتحريم قتل المؤمن مستفاد من نصوص أخرى ولم يحكم بالكفر على فاعله وإنما هذه الآية تعالج قضية القتال بين المسلمين كجماعات وهذه حالة تحدث في المجتمعات وتسبب خللا في الأمة لا بد من حلها بالطريق الشرعي سواء كانوا متأولين أو عاصين.

  2. إن من أبسط قواعد البحث العلمي أن يصار إلى استنباط المسائل الشرعية وإلحاقها بنظائرها فمن أراد أن يبحث في مسألة السباب فيستدل بالنصوص المتعلقة بالسباب ومن أراد أن يبحث في مسألة قتل المسلم وقتاله فيستدل بالنصوص المتعلقة بالقتل والقتال وهكذا أما أن يستدل بما شاء من النصوص على ما يشاء كحال من يستدل على مسألة الحكم بالنصوص المتعلقة بسباب المسلم أو الربا أو غير ذلك فهذا الجهل بعينه ودليل على أنه لا يفقه الأصول الشرعية في الإستدلال.

ب- قول الألباني ما نصه: ولنرجع إلى الآية : ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون () فما المراد بالكفر فيها ؟ هل هو الخروج عن الملة ؟ أو أنه غير ذلك ؟ فأقول : لا بد من الدقة في فهم هذه الآية فإنها قد تعني الكفر العملي وهو الخروج بالأعمال عن بعض أحكام الإسلام ويساعدنا في هذا الفهم حبر الأمة وترجمان القرآن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما الذي أجمع المسلمون جميعا - إلا من كان من تلك الفرق الضالة - على أنه إمام فريد في التفسير, فكأنه طرق سمعه يومئذ ما نسمعه اليوم تماما من أن هناك أناسا يفهمون هذه الآية فهما سطحيا من غير تفصيل فقال رضي الله عنه : ليس الكفر الذي تذهبون إليه وإنه ليس كفرا ينقل عن الملة وهو كفر دون كفر, ولعله يعني بذلك الخوارج الذين خرجوا على أمير المؤمنين علي رضي الله عنه ثم كان من عواقب ذلك أنهم سفكوا دماء المؤمنين وفعلوا فيهم ما لم يفعلوا بالمشركين : فقال : ليس الأمر كما قالوا أو كما ظنوا وإنما هو كفر دون كفر.هذا الجواب المختصر الواضح من ترجمان القرآن في تفسير هذه الآية هو الحكم الذي لا يمكن أن يفهم سواه من النصوص التي أشرت إليها قبل أ.هـ72

قلت:

  1. يدعي الألباني أنه لا بد من الدقة في فهم هذه الآية ولكنه كعادته اول من يخالف قوله فالدقة تقتضي النظر في مجموع الآية, وبدقته أضاع حقيقة المسألة وأثبت مسألة أخرى فهذه الآية في البحث العلمي تشتمل على عدة مسائل وليست مسألة واحدة هي:

الأولى: هل الحكم من مسائل الألوهية وأنها عبادة- بمعنى آخر هل هي من مسائل أصل الدين والتوحيد- وما معناه ؟

الثانية: بما أن النص هو آية من كتاب الله تعالى فيجب أن يبحث في:

  1. هل لفظ الكفر في كتاب الله تعالى من الألفاظ المجملة ويأتي بمعنى المخرج من الملة وغير المخرج من الملة والأدلة على ذلك ؟.

  2. ما هي حقيقة الكفر؟

  3. هل الكفر حكم أم فعل؟

فهذه هي الدقة في بحث النصوص الشرعية ومن الدقة أيضا التفريق بين إطلاق الحكم على الفعل أو إطلاقه على الفاعل فمثلا قوله عليه الصلاة والسلام: من أتى عرافا أو كاهنا فسأله فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم أ.هـ73 ليس كقوله عليه الصلاة والسلام:سباب المسلم فسوق وقتاله كفر أ.هـ فالكفر في من أتى عرافا فسأله74 وصدقه على الفاعل لأن تصديق العراف تصديق بأمر غيبي والغيب لا يعلمه إلا الله فمناط الحكم متعلق بمسائل الألوهية فهنا لا مجال ولا مسوغ للتأويل لا للفعل ولا للنص بينما الكفر في القتال متعلق بالفعل وليس الفاعل وهنا ننظر إلى الفعل فلما وجدناه يحتمل للكفر وغيره أولنا الفعل بحيث يكون كفرا بمعنى كيف يكون قتال المسلم كفرا ؟ فنثبت المعنى على هذه الحالة لأنه إثبات للنص وأما إذا كان قتال المسلم ليس بكفر كان الدليل عليه من نص آخر لا علاقة له بهذا النص لأن هذا النص يتحدث عن الكفر فيجب أن يكون دليله من نص آخر مثلا بمثل وهكذا فافهم هذا يزول به إشكال كبير .

فهكذا تكون الدقة وهو ما لم يتطرق إليه الألباني بتاتا وجعل المسألة هي هل ورد لفظ الكفر في النصوص النبوية وعند السلف بمعنى غير المخرج من الملة ؟ فهذا هو التحريف بعينه.

فمن هو الذي فهم الآية فهما سطحيا على قوله؟ فالألباني هو الذي لم يفهم الآية لا سطحيا ولا تعمقا ولا بحثها بحثا علميا وما هو إلا مقلد لقول مأثور عن السلف خالف كل القواعد الحديثية لتصحيحه لا يدري مورده ومتعلقه مبني على الظن الذي هو أطذب الحديث ولا يغني من الحق شيئا بدليل قوله ما نصه: فكأنه طرق سمعه ... ولعله يعني بذلك الخوارج الذين خرجوا على أمير المؤمنين علي رضي الله عنه أ.هـ ونستطيع أن نقول أيضا أنه لم يطرق سمعه ما ادعاه الألباني ولعله يعني بذلك غيرهم فيسقط بذلك نعته المستدلين بظاهر الآية أنهم من الخوارج وبذلك يسقط استدلاله بالدليل الذي استدل به كونه لا يدري مناطه فبما أنه لا يدري سبب هذا القول وعلته فكيف يفتي به؟!!.

  1. أما مسألة الحكم هل هي من مسائل أصل الدين أم لا ؟

لقد وردت عشرات الآيات المتعلقة بالحكم فجعلها الألباني وراء ظهره وتعلق بأثر لا يقدم ولا يؤخر بحقيقة المسألة فالحكم :

    1. من توحيد الألوهية بدليل قوله تعالى: أَفَغَيْرَ اللّهِ أَبْتَغِي حَكَماً وَهُوَ الَّذِي أَنَزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلاً وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِّن رَّبِّكَ بِالْحَقِّ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ (الأنعام:114), وقوله تعالى: مَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَآؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ(يوسف: 40).

    2. ومن توحيد الربوبية بدليل قوله تعالى:اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إِلَـهاً وَاحِداً لاَّ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ(التوبة:31), وبتفسير رسول الله صلى الله عليه وسلم بالرواية التالية: وقد جاء عدي بن حاتم إلى النبي ( ص ) وكان قد دان بالنصرانية قبل الإسلام فلما سمع النبي ( ص ) يقرا هذه الآية { اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله والمسيح ابن مريم وما أمروا إلا ليعبدوا إلها واحدا لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون } قال يا رسول الله إنهم لم يعبدوهم فقال بلى إنهم حرموا عليهم الحلال وأحلوا لهم الحرام فاتبعوهم فذلك عبادتهم إياهم الترمذي وغيره وحسنه وفي رواية أن النبي عليه السلام قال تفسيرا لهذه الآية أما إنهم لم يكونوا يعبدونهم ولكنهم كانوا إذا أحلوا لهم شيئا استحلوه وإذا حرموا عليهم شيئا حرموه أ.هـ وحسنه الألباني في غاية المرام1/19.

    3. ومن توحيد الأسماء والصفات بدليل قوله تعالى: فَاصْبِرُوا حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَنَا وهُوَ خَيْرُ الحَاكِمِينَ (الأعراف:87), وقوله تعالى: أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الحَاكِمِينَ (التين:8).

فقوله تعالى مثلا : إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّه ِ(), كالقول: إن الصلاة إلا لله وكالقول: إن التوسل إلا بالله وكالقول: إن الدعاء إلا لله سواء بسواء وإلا ما الفرق بين هذا وذاك؟ ولا فرق.

  1. أما بخصوص القول المأثور عن السلف فإنه لم يصح بالقواعد الحديثية إسناده إلى ابن عباس وبما أنه أثر عن السلف فعند النظر فيه يظهر ما يلي:

  1. أن هذا القول فتوى لحادثة حدثت زمن السلف وليس تفسيرا للآية لأن التفسير هو إظهار المعنى المعقول كما نص على ذلك علماء اللغة والتفسير فلا يوجد في القول المأثور ما يتعلق بمعنى الحكم أو معنى الكفر وإنما هو تقييد للكفر, وتقييد الأحكام لا يجوز مطلقا لأنها ليست من الألفاظ المجملة بل من المحكمة والمحكم مأخوذ من الحكم وليس بمتشابه والتقييد لا يكون إلا للمتشابه.

  2. إن ما فهمه الألباني من أن الكفر المقصود بالآية كفر دون كفر ليس تفسيرا فهذا فهم باطل وإنما تقييد للكفر وهو تقييد لنص قرآني وعلى تعبير أهل العلم نسخ لنص مطلق ومعلوم عند طلاب العلم المبتدئين فضلا عن العلماء 75 أن إجماع الأمة معقود على أنه لا يقيد مطلق النصوص القرآنية ولا يخصص عامها إلا نص قرآني أو نبوي وليس قول صحابي كبيرا كان أو صغيرا أو حتى الخلفاء الراشدون فما ظنك بمن دونهم, والألباني بهذا خالف إجماع الأمة فابن عباس بريء من هذا براءة الذئب من دم يوسف عليه الصلاة والسلام فما استدل به الألباني لا علاقة له بالآية إطلاقا لا تفسيرا ولا تقييدا.

  3. النص الذي أورده الألباني هو: ليس الكفر الذي تذهبون إليه وإنه ليس كفرا ينقل عن الملة وهو كفر دون كفر أ.هـ حقيقته ما يلي:

  1. أن الذي استدل بقوله تعالى: وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ(المائدة :44), ليس ابن عباس على فرض صحة نسبته إليه وإنما القول الذي أورده الألباني رد عليهم.

  2. أنه أثبت صحة دلالة حكم الكفر في الآية بأنه المخرج من الملة فهم قد حكموا على أمر بأنه كفر مخرج من الملة مستدلين بالآية فقال لهم: : ليس الكفر الذي تذهبون إليه أ.هـ فالكفر الأكبر المنفي والذي تدل عليه الآية لا يقع على الفعل الذي استدلوا عليه بالآية فمعنى هذا القول: أن الأمر الذي حكمتم عليه بأنه كفر أكبر بموجب الآية لا ينطبق عليه حكم الآية وإنما حكمه كفر دون كفر.

  3. لا يحق لأحد أن يقول بهذا القول إلا إذا أورد بسند صحيح يبين حقيقة هذا الأمر الذي أستدل عليه بالآية من ناظرهم ابن عباس أو غيره, ودون ذلك خَرْطُ القَتادِ.

  4. قول الألباني: هذا الجواب المختصر الواضح من ترجمان القرآن في تفسير هذه الآية هو الحكم الذي لا يمكن أن يفهم سواه من النصوص التي أشرت إليها قبل أ.هـ

قلت: قوله هذا ليس صحيحا البتة فعن مسروق قال: سألت عبد الله يعني بن مسعود عن السحت فقال: الرشا وسألته عن الجور في الحكم فقال ذلك الكفر.وفي رواية أخرى: قال: سئل عبد الله عن السحت فقال: هي الرشا فقال: في الحكم فقال: عبد الله ذلك الكفر وتلا هذه الآية ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون() .وفي رواية أخرى , قال: سألت بن مسعود عن السحت أهو رشوة في الحكم قال: لا ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون والظالمون والفاسقون ولكن السحت أن يستعينك رجل على مظلمة فيهدي لك فتقبله فذلك السحت أ.هـ سنن البيهقي 10/139, وهذه أسانيد منها الحسن ومنها الصحيح., فهذا ابن مسعود رضي الله عنه الذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم: رضيت لأمتي ما رضي لها ابن أم عبد أ.هـ(صحيح وصححه الالباني في السلسلة الصحيحة رقم1225). وقال الزيلعي رحمه الله تعالى: وبعث عمر رضي الله عنه عبد الله بن مسعود رضي الله عنه إلى الكوفة ليعلم أهلها القرآن ويفقههم في الدين قائلا لهم : " وقد آثرتكم بعبد الله على نفسي " وعبد الله هذا منـزلته في العلم بين الصحابة عظيمة جدا بحيث لا يستغني عن علمه - مثل عمر - في فقهه ويقظته وهو الذي يقول فيه عمر : " كنيف ملئ فقها " وفي رواية " علما " وفيه ورد حديث : " إني رضيت لأمتي ما رضي لها ابن أم عبد " وحديث : " وتمسكوا بعهد ابن مسعود " وحديث : " من أراد أن يقرأ القرآن غضا كما أنزل فليقرأه على قراءة ابن أم عبد " وقال النبي صلوات الله عليه : " خذوا القرآن من أربعة " وذكر ابن مسعود في صدر الأربعة وقال حذيفة رضي الله عنه : " كان أقرب الناس هديا ودلا وسمتا برسول الله صلى الله عليه وسلم ابن مسعود حتى يتوارى منا في بيته ولقد علم المحفظون من أصحاب محمد أن ابن أم عبد هو أقربهم إلى الله زلفى " وحذيفة حذيفة وما ورد في فضل ابن مسعود في - كتب السنة - شيء كثير جدا أ.هـ 76حيث ثبت عنه بأنه قال أنه كفر ولم يقيده, بل صح عن ابن عباس رضي الله عنه أنه لم يقيد الكفر في الآية وأطلقه فعن ابن طاووس عن أبيه قال: سئل ابن عباس عن قوله تعالى: وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُون () قال:"هي كفر"، وفي لفظ: "هي به كفر"، وآخر: "كفى به كُفْره"، رواه عبد الرزاق في تفسيره (1/191) وابن جرير (6/256) ووكيع في أخبار القضاة (1/41) وغيرهم بسند صحيح. وقد صحح الألباني هذا الأثر في تخريجه لكتاب الإيمان لابن تيمية 1/115.

فلو تعارض قول ابن عباس مع قول ابن مسعود رضي الله عنهم فالعلم تقديم قول ابن مسعود رضي الله عنه كيف وقد ثبت موافقة ابن عباس لابن مسعود رضي الله عنهم فالمورد والمصدر واحد.

ومن جانب آخر فمن ناحية قواعد أصول الحديث فإن رواية (هي به كفر) عن ابن عباس مخالفة للرواية التي ذكرها الألباني (ليس الكفر الذي تذهبون إليه وإنه ليس كفرا ينقل عن الملة وهو كفر دون كفر), وعند النظر في الإسنادين فالرواية التي استدل بها الألباني ). (( لا تصح )) في سندها هشام ابن حجير ضعفه ابن معين وأحمد وغيرهما وقد تفرد بها دون سواه فهي منكرة لسببين:

السبب الأول: تفرد هشام بها.

السبب الثاني: مخالفته من هو أوثق منه فقد خالف عبد الله بن طاووس وهو أوثق منه ورواية ابن طاووس جاءت بألفاظ هي: هي كفر، وفي لفظ:هي به كفر، وآخر:كفى به كُفْره، رواه عبد الرزاق في تفسيره (1/191) وابن جرير (6/256) ووكيع في أخبار القضاة (1/41) وغيرهم بسند صحيح وهي مطلقة واضحة لم تقيد بما ذكره ابن حجير بالزيادة0فيتضح أن هذه الرواية أيضاً لا تصح فهي منكرة لا تصلح في الشواهد وهي شاذة لمخالفته من هو أوثق منه.وأين هو من قوله ما نصه: أيها الإخوان الكرام : إن من المتفق عليه بين المسلمين الأولين كافة أن السنة النبوية - على صاحبها أفضل الصلاة والسلام - هي المرجع الثاني والأخير في الشرع الإسلامي في كل نواحي الحياة من أمور غيبية اعتقادية - أو أحكام عملية أو سياسية أو تربوية أ.هـ 77, فعلى قوله هذا فإن قول الصحابة ليس مرجعا في الشرع الإسلامي لأن الأخير ليس بعده شيء, وأين هو قبل ذلك من قول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً (النساء:59)., وهناك أمر وهو أن الروابة التي استدل بها الألباني عبارة عن جمع للروايات في رواية واحدة مما يدل دلالة يقينية أنها مركبة .

  1. يقول الألباني: والأحاديث في هذا كثيرة جدا فهي - جميعا - حجة دامغة على أولئك الذين يقفون عند فهمهم القاصر للآية السابقة ويلتزمون تفسيرها بالكفر الاعتقادي أ.هـ78

فهو يقر من فسرها بالكفر العملي ولكنه ينفي أن تكون كفرا مخرجا من الملة بناء على مذهبه والآية ليس معناها بان الكفر المخرج من الملة لا يكون إلا بالإعتقاد كما أننا نقول بأن هذه الأحاديث الكثيرة التي يدندن عليها ليست تفسيرا للكفر المتعلق بالحكم وإنما لكل حديث مورده حسب الأصول الشرعية فهذه الأحاديث الكثيرة التي ورد فيها لفظ الكفر فإن كثيرا منها بحق أفعال باتفاق المسلمين كافة تحتمل الكفر المخرج من الملة وما دونه وكثير منها لا تحتمل إلا الكفر المخرج من الملة ولا يوجد منها ما يتعلق بما دون المخرج من الملة خصوصا وعليه فإن ما ذكره الألباني يسقط الاستدلال به لأنها تحتمل الأمرين لاتفاق أهل العلم على القاعدة الأصولية: إذا ورد الاحتمال بطل الاستدلال أ.هـ , وعليه فليس قوله أولى من قول غيره لو كان الحكم بغير ما أنزل الله تعالى يحتمل الأمرين,والقول الفصل ما أخرجه البيهقي بسند صحيح عن عبيد الله بن أبي يزيد قال: سمعت عبد الله بن عباس رضي الله عنهما إذا سئل عن شيء هو في كتاب الله قال به وإذا لم يكن في كتاب الله وقاله رسول الله صلى الله عليه وسلم قال به وإن لم يكن في كتاب الله ولم يقله رسول الله صلى الله عليه وسلم وقاله أبو بكر وعمر رضي الله عنهما قال به وإلا اجتهد رأيه أ.هـ سنن البيهقي الكبرى10/ 115.

فهذا هو منهج ابن عباس رضي الله عنه الذي قال عنه الألباني ما نصه: حبر الأمة وترجمان القرآن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما الذي أجمع المسلمون جميعا - إلا من كان من تلك الفرق الضالة - على أنه إمام فريد في التفسير أ.هـ79 فلما رأينا أنه لا يوجد تقييد للكفر لمن حكم في كتاب الله تعالى ولا ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا ورد عن الخليفتين الراشدين أبي بكر وعمر رضي الله عنهما علمنا يقينا أن هذا اجتهاد ولما علمنا رسوخه في العلم وأن التقييد لحكم الله تعالى وحكم رسوله عليه الصلاة والسلام لا يجوز لأحد بعد رسول الله فثبت يقينا أحد أمرين:

الأول: إما أنه لا يمكن أن يصدر عنه وهذا هو الصحيح كما ثبت وثابت.

الثاني: أن ثبوته عن التابعين لا يمكن أن يكون تقييدا للكفر في الآية فإن هذا لا يقول به أحد من أهل الإسلام لأنه قول على الله تعالى بلا علم فيثبت يقينا أن هذا القول فتوى عن أمر لا علاقة له بالحكم بغير ما أنزل اللة تعالى بمعنى: اصدار حكم على قضية ما ثبتت ثبوتا شرعيا بحيث يحكم فيها بحكم مخالف لحكم الله تعالى وحكم رسوله عليه الصلاة والسلام سواء حكما تكليفيا أو شرعيا.

6- يقول الألباني عن أحمد شاكر: وقد أطال النفس في الكلام على إسناد هذا الحديث المحقق أحمد شاكر رحمه الله في تعليقه على المسند... وصححه المعلق عليه المحقق العلامة أحمد شاكر رحمه الله أ.هـ80

فأحمد شاكر عند الألباني محقق علامة وهذا المحقق العلامة يقول ما نصه: وهذه الآثار عن ابن عباس وغيره مما يلعب به المضللون في عصرنا هذا المنتسبين للعلم ومن غيرهم الجرءآء على الدين يجعلونها عذرا وإباحة للقوانين الوثنية التي ضربت على بلاد المسلمين أ.هـ حكم الجاهلية 39.

لقد ظهر بكل وضوح بأن هذا القول ليس تفسيرا للآية فالألباني يجهل معنى التفسير كما مر معنا كما أن هذا القول81 يحتمل أكثر من معنى ويكفي هذا في سقوط الاستدلال به – على اعتبار أنه دليل- حسب القاعدة الأصولية :إذا ورد الاحتمال بطل الاستدلال, وهذا بحق الأدلة الشرعية من قرآن وسنة ثم إن هذا القول بكل المقاييس الشرعية لا يعتبر دليلا لأنه قول صحابي مبهم المناط والحال.

الأصل الرابع : الحكم بناء على ما في القلب

مدار الحكم بالكفر عند الألباني بناء على ما في القلب كما صرح بقوله ما نصه: ومع ذلك فإننا لا نستطيع أن نقول بكفره حتى يعرب عما في قلبه بأنه لا يرى الحكم بما أنزل الله عز وجل فحينئذ فقط نستطيع أن نقول : إنه كافر كفر ردة.وخلاصة الكلام : لا بد من معرفة أن الكفر - كالفسق والظلم - ينقسم إلى قسمين: كفر وفسق وظلم يخرج من الملة وكل ذلك يعود إلى الاستحلال القلبي أ.هـ 82

ويقول أيضا ما نصه: والأحاديث الواردة في هذا المعنى كثيرة جدا أذكر منها حديثا ذا دلالة كبيرة وهو في قصة ذلك الصحابي الذي قاتل أحد المشركين فلما رأى هذا المشرك أنه صار تحت ضربة سيف المسلم الصحابي قال : أشهد أن لا إله إلا الله فما بالاها الصحابي فقتله فلما بلغ خبره النبي صلى الله عليه و سلم أنكر عليه ذلك أشد الإنكار فاعتذر الصحابي بأن المشرك ما قالها إلا خوفا من القتل وكان جوابه صلى الله عليه و سلم : ] هلا شققت عن قلبه ؟ أ.هـ أخرجه البخاري ومسلم من حديث أسامة بن زيد رضي الله عنه إذا الكفر الاعتقادي ليس له علاقة أساسية بمجرد العمل إنما علاقته الكبرى بالقلب أ.هـ83

قلت: أين هذه الأحاديث الكثيرة84 التي يدعيها الألباني ؟ فالحقيقة أنها لا وجود لها إلا في ادعاءات الألباني ودعاويه ولكن سنذكر من الأحاديث الصريحة ما يثبت بطلان مذهبه :

    1. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :إني لم أومر أن أنقب قلوب الناس ولا أشق بطونهم أ.هـ(رواه الشيخان). فهذا حديث صريح واضح كالشمس في أعلى درجات الصحة حسب الأصول الحديثية ينفي فيه الرسول عليه الصلاة والسلام أن يكون الله تعالى قد أمره سواء في كتابه أو الحديث القدسي أن يحكم بناء على ما في القلوب فهذا فيه الكفاية في رد مذهب الألباني من جذوره ومفهوم المخالفة فيه أنه أمره بالحكم بناء على ظاهر الناس أقوالهم وأعمالهم.

    2. حادثة أسامة بن زيد رضي الله عنه قال: بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في سرية فصبحنا الحرقات من جهينة فأدركت رجلا فقال لا إله إلا الله فطعنته فوقع في نفسي من ذلك فذكرته للنبي صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أقال لا إله إلا الله وقتلته ؟ قال قلت يا رسول الله إنما قالها خوفا من السلاح قال أفلا شققت عن قلبه حتى تعلم أقالها أم لا فما زال يكررها علي حتى تمنيت أني أسلمت يومئذ أ.هـ ( صحيح مسلم ) , يظهر منه :

أ- قول الرجل الصريح لا إله إلا الله وهو عمل ظاهر.

ب- الخوف من السلاح – وهو أمر قلبي -.

ت- قوله عليه الصلاة والسلام : أفلا شققت عن قلبه حتى تعلم أقالها أم لا( يعني خوفا من السلاح) أ.هـ.

فالرسول عليه الصلاة والسلام ينكر على أسامة الحكم على الرجل بناء على ما في القلب- وهو أمر ظني محتمل - مقابل الفعل الظاهر الواضح الذي لم يرافقه أو يعقبه فعل أو قول ظاهر يخالفه, ولذلك جاء في رواية ابن ماجة بسند حسن ما نصه: قال: يا رسول الله لو شققت بطنه لكنت أعلم ما في قلبه , قال : فلا أنت قبلت ما تكلم به ولا أنت تعلم ما في قلبه أ.هـ وحسنه الألباني85 في صحيح ابن ماجة حديث رقم3175, علما بأن الألباني في استدلاله بهذا الحديث قد حرف وجه الاستدلال وجعله في الحكم على الأشخاص بناء على الأمور القلبية الباطنة والحديث على خلاف ذلك تماما!!!!.

3- عن عبد الله بن عتبة قال سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: إن أناسا كانوا يؤخذون بالوحي في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن الوحي قد انقطع وإنما نأخذكم الآن بما ظهر لنا من أعمالكم فمن أظهر لنا خيرا أمناه وقربناه وليس إلينا من سريرته شيء الله يحاسبه في سريرته ومن أظهر لنا سوءا لم نأمنه ولم نصدقه وإن قال إن سريرته حسنة أ.هـ صحيح البخاري.

فسنة الخلفاء الراشدين وإجماع صحابة النبي الأمين صلى الله عليه وسلم ورصي الله عنهم أجمعين هي عدم الحكم بناء على الأمور القلبية وما في القلوب لا يعلمه إلا علام الغيوب وقد بوب النووي رحمه الله تعالى في كتابه رياض الصالحين بابا بعنوان :باب إجراء أحكام الناس على الظاهر.أ.هـ

فما في القلوب لا يعلمه إلا علام الغيوب فهو يطالبنا بأن نكون آلهة من دون الله تعالى نعلم الغيب وما في قلوب العباد قال تعالى: قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ (النمل : 65 )86فهو بذلك يشاق الله ورسوله ويتبع غير سبيل المؤمنين وهدي الخلفاء الراشدين المهديين.

الأصل الخامس: الاستحلال العملي

يقول الالباني ما نصه : فكل المعاصي - وبخاصة ما فشا في هذا الزمان من استحلال عملي للربا والزنى وشرب الخمر وغيرها - هي من الكفر العملي فلا يجوز أن نكفر العصاة المتلبسين بشيء من المعاصي لمجرد ارتكابهم لها واستحلالهم إياها عمليا إلا إذا ظهر - يقينا - لنا منهم - يقينا - ما يكشف لنا عما في قرارة نفوسهم أنهم لا يحرمون ما حرم الله ورسوله اعتقادا فإذا عرفنا أنهم وقعوا في هذه المخالفة القلبية حكمنا حينئذ بأنهم كفروا كفر ردة ....إلى قوله: ونحن لا نستطيع أن نعلم ما في قلب الفاسق والفاجر والسارق والزاني والمرابي ومن شابههم إلا إذا عبر عما في قلبه بلسانه أما عمله فينبئ أنه خالف الشرع مخالفة عملية أ.هـ87

قلت: وهذا أصل باطل يقرره الألباني وهو أن الذي يرتكب فعل ذنب قرر الشرع أنه ليس بكفر يقال عنه استحلال عملي وهذا لم يقل به أحد من أهل العلم إطلاقا ويكفي في الرد عليه أنه لا يوجد مثل هذا اللفظ لا في كتب التفسير ولا الحديث ولا الفقه ولا كتب الأصول فهذا محدث وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة, فمن عمل عملا ليس بكفر لا نقول أنه استحله بعمله بل نقول أنه عمل كذا وفعل كذا وأنقل أقوال العلماء ردا على بدعة الألباني كونه من المعلوم يقينا أن قوله هذا لا يوجد لا في قرآن ولا في سنة:

  1. وندين بأن لا نكفر أحدا من أهل القبلة بذنب يرتكبه ما لم يستحله كالزنا والسرقة وشرب الخمرأ.هـ الإبانة - الأشعري1/20.

  2. ولا نذكر أحدا من أصحاب رسول الله إلا بخير ولا نكفر مسلما بذنب من الذنوب وإن كانت كبيرة إذا لم يستحلها ولا نزيل عنه اسم الإيمان ونسميه مؤمنا حقيقة ويجوز ان يكون مؤمنا فاسقا غير كافرأ.هـ الشرح الميسر 1/43.

  3. ويشير الشيخ رحمه الله بهذا الكلام إلى أن الإسلام والإيمان واحد وأن المسلم لا يخرج من الإسلام بارتكاب الذنب ما لم يستحله أ.هـ شرح العقيدة الطحاوية 1/313 .

  4. ولا نكفر أحدا من أهل القبلة بذنب ما لم يستحله أ.هـ أصول الدين1/301 .

فالألباني يخالف إجماع الأمة في أمرين:

الأول: إطلاق الاستحلال على مرتكب الذنب كالربا وشرب الخمر والسرقة ونحوها.

الثاني: التفريق بين الاستحلال العملي والاستحلال القلبي .

ويترتب على ذلك أحد أمرين كلاهما مخالف لإجماع الأمة أيضا:

احدهما: إن كان من قال عنهم بأنهم مستحلون88 عمليا فقد كفروا باجماع الأمة وخالف الألباني ذلك وقال عنهم أنهم ليسوا كفارا.

الثاني: إن كانوا غير مستحلين حقيقة فهو قد وصفهم بأنهم مستحلون وبذلك فهو يكفرهم باجماع الأمة على مذهب أهل الحق.

وخلاصة الأمر في هذه المسائل هو في قصة آدم وإبليس وهو أن الله تعالى قد حكم على إبليس بالكفر الأكبر والخلود في النار كونه أبي بقوله : إِلَّا إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنْ الْكَافِرِينَ (ص:74), فكفر إبليس لا علاقة له بالقلب والإعتقاد بل أن اعتقاده حسب مذهب الألباني سليم بدليل قوله تعالى: قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ (الأعراف:16), فهو يقر بأنه لا رب له إلا الله تعالى, كذلك فإنه لم يحدث فعلا أصلا وإنما أبى89 إيجاد الفعل وكذلك فإن الله تعالى وصف فعل آدم عليه السلام بقوله: وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى (طه :121), فوصفه بالعصيان ولم يقل واستحل آدم بعمله.

وأخيـرا

فكما ترى فإن مذهب الألباني قائم على الابتداع ومخالفة كتاب الله تعالى وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وإجماع الأمة في أهم الأصول فأين هو من قوله ما نصه: وجوب الرد والرجوع عند التنازع والاختلاف في شيء من أمور الدين إلى الله وإلى الرسول صلى الله عليه وسلم أ.هـ90, وينطبق عليه :

1- قوله: ومع الأسف الشديد فإن البعض من الدعاة أو المتحمسين قد يقع في الخروج عن الكتاب والسنة ولكن باسم الكتاب والسنة والسبب في هذا يعود إلى أمرين اثنين :

أحدهما هو : ضحالة العلم, والأمر الآخر - وهو مهم جدا - : أنهم لم يتفقهوا بالقواعد الشرعية والتي هي أساس الدعوة الإسلامية الصحيحة التي يعد كل من خرج عنها من تلك الفرق المنحرفة عن الجماعة التي أثنى عليها رسول الله صلى الله عليه و سلم في غير ما حديث بل والتي ذكرها ربنا عز وجل وبين أن من خرج عنها يكون قد شاق الله ورسوله وذلك في قوله عز وجل: ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا } أ.هـ 91

2- وقوله : فلا نزال نسمع منهم العقائد المخالفة للكتاب والسنة والأعمال المنافية للكتاب والسنة أ.هـ92

فهذه هي حقيقة مذهب الألباني كما يقررها بقوله في كتبه ودروسه الذي ما فتيء أتباعه من وصفه بالإمام والعلامة ومحدث العصر إلى غير ذلك من الألقاب فاتقوا الله في يوم قال الله فيه: يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَن نَّفْسِهَا وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ (النحل : 111), وقوله تعالى: إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُواْ مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُواْ وَرَأَوُاْ الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأَسْبَابُ() وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُواْ لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّؤُواْ مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ (البقرة :166- 167) .

وحال الألباني كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحم الله تعالى جميع علماء المسلمين ما نصه:وطريق أهل الضلال والبدع بالعكس يجعلون الألفاظ التى أحدثوها ومعانيها هي الأصل 93 ويجعلون ما قاله الله ورسوله تبعا لهم فيردونها بالتأويل والتحريف إلى معانيهم ويقولون نحن نفسر القرآن بالعقل واللغة يعنون أنهم يعتقدن معنى بعقلهم ورأيهم ثم يتأولون القرآن عليه بما يمكنهم من التأويلات والتفسيرات المتضمنة لتحريف الكلم عن مواضعه ولهذا قال الإمام أحمد أكثر ما يخطىء الناس من جهة التأويل والقياس وقال يجتنب المتكلم في الفقه هذين الأصلين المجمل والقياس وهذه الطريق يشترك فيها جميع أهل البدع الكبار والصغار أ.هـ مجموع الفتاوى17/355, وقال أيضا: وأهل البدع إنما دخل عليهم الداخل لانهم أعرضوا عن هذه الطريق94 وصاروا يبنون دين الاسلام على مقدمات يظنون صحتها اما فى دلالة الالفاظ وإما فى المعانى المعقولة ولا يتأملون بيان الله ورسوله وكل مقدمات تخالف بيان الله ورسوله فإنها تكون ضلالا ا.هـ مجموع الفتاوى7/288, وقال أيضا: ومما ينبغي أن يعلم أن سبب ضلال النصارى وأمثالهم من الغالية كغالية العباد والشيعة وغيرهم ثلاثة أشياء أحدها الفاظ متشابهة مجملة مشكلة منقولة عن الأنبياء وعدلوا عن الألفاظ الصريحة المحكمة وتمسكوا بها وهم كلما سمعوا لفظا لهم فيه شبهة تمسكوا به وحملوه على مذهبهم وإن لم يكن دليلا على ذلك والألفاظ الصريحة المخالفة لذلك إما أن يفوضوها وإما أن يتأولوها كما يصنع أهل الضلال يتبعون المتشابه من الأدلة العقلية والسمعية ويعدلون عن المحكم الصريح من القسمين أ.هـ الجواب الصحيح2/315.

وحاله أيضا كما: قال الأعمش فإذا اجترأ على الإفتاء أحد الرواة الذين لم يتفقهوا يقع في مهزلة كما نص الرامهرمزي في " الفاصل " وابن الجوزي في " التلبيس " و " أخبار الحمقى " والخطيب في " الفقيه والمتفقه " على نماذج من ذلك أ.هـ نصب الراية1/19.

لقد كان في نيتي تتبع أقوال الألباني الفقهية والحديثية وطريقته في الاستدلال وتفرده ومخالفته للعلماء وبيان ما فيها من تعارض وتناقض وتنقص للعلماء وافتراء عليهم وتدليس وقد بدأت بذلك وبعد أن قطعت شوطا آثرت الإكتفاء ببيان أصول مذهبه وفسادها وباقي مسائله تبع لذلك فما بني على باطل فهو باطل.

وآخر دعوانا إن الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على الرسول الكريم وعلى آله وأزواجه وصحابته ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .

1 - من مقدمة لابن تيمية رحمه الله تعالى

2- وأعني بالمقدمات الحكم على رواة الحديث بالعدالة والجرح

3 - وأعني بالنتائج الحكم على الحديث بالصحة والضعف والنكارة وغيره

4 - لم يقبل الألباني النصيحة حتى آل أمره إلى ما ستتبينه من أقواله يشهد بها على نفسه أنه ليس أهلا للفتوى.

5 - موطأ مالك بتحقيق تقي الدين الندوي , وفيما قاله : وفي هذا ما يدل على أن وظيفة الفقيه شاقة جدا فلا يكثر عدده كثرة عدد النقلة الرواة وإذا كان مثل ( يحيى القطان ) و ( وكيع بن الجراح ) و ( عبدا الرزاق ) و ( يحيى بن معين ) وأضرابهم لم يجرؤوا أن يخوضوا في الاجتهاد والفقه فما أجرأ المدعين للاجتهاد في عصرنا هذا ؟ مع تجهيل السلف بلا حياء ولا خجل نعوذ بالله من الخذلان وإنما أكثرت من هذه الوقائع لأولئك الحفاظ الكبار والمحدثين الأئمة التي تبين منها أن الحفظ شيء والفقه وفهم النصوص شيء آخر لأن عددا من الناس في عصرنا يخيل إليهم أن كثرة الكتب التي تقذف بها المطابع اليوم ووفرة الفهارس التي تصنع لها تجعل ( الإجتهاد ) أمرا ميسورا لمن أراده وهو خيال باطل وتوهم خادع أ.هـ1/11

6 - سبب ضلالهم هو عدم معرفة القرآن وخطابه الشرعي وتفسير القرآن بالقرآن

7-منزلة السنة في الإسلام ص16

8 - منزلة السنة في الإسلام ص 17

9 - لاحظ كيف يقدم تفسير القرآن بالسنة على تفسير القرآن بالقرآن مع أنه أخطأ التعبير عن مقصوده فالصحيح يفسر القرآن بالقرآن فإن لم يكن يفسر بالسنة.

10 - منزلة السنة في الإسلام ص18

11- منزلة السنة في الإسلام ص4

12 - الآيات البينات ص33

13 الآيات البينات 33

14 - هو عبد الله بن السائب المخزومي له ولأبيه صحبة راجع تقريب التهذيب 1/304.

15 - رجال اسناده أئمة ثقات.

16 - رجال اسناده ثقات : أحمد بن عيسى قال ابن حجر: صدوق تكلم فى بعض سماعاته ، قال الخطيب : بلا حجة, إسماعيل بن الفضل قال الخطيب البغدادي: وكان ثقة وذكره الدارقطني فقال لا باس به.. وأحمد بن عبيد الصفار قال الدارقطني: كان ثقة ثبت صنف المسند وجوده. وأبو الحسن علي بن أحمد بن عبدان قال الخطيب البغدادي وكان ثقة, وفي تاريخ جرجان وصفه بالحافظ.

 

17- لا يعني قوله (قيل) أن ذلك صيغة تضعيف فهذا مخصوص بالرواية لأن هذا القول مجمع عليه فتنبه.

18 - منزلة السنة في الإسلام ص16

19 - منزلة السنة في الإسلام ص18

20 - يعني بلا منكر له

21- منزلة السنة في الإسلام ص 16

22 - لماذا لا مجال لبيانه والحال يقتضيه ؟وما ذلك إلا لأنه لا يستطيع ذلك من حفظه وهو لم يعترف يوما بأنه ليس من الحفاظ.

23- منزلة السنة في الإسلام ص 29-30.

24 - قد مر ذكرها وبيان صحتها.

25 - وهو كذلك وقد مر ذكرها في الرد على الألباني.

26 - فالحديث فيه كلام معروف عند العلماء ولم يغفلوه أو يتساهلوا به اتباعا للهوى.

27 -أنظر إلى هذا التوجيه الرائع .

28 - وهي: كتب إلى يوسف بن عبد الله بن عبد البر النمري قال ثنا عبد الوارث بن سفيان ثنا قاسم بن أصبغ ثنا محمد بن عبد السلام الخشني قال ثنا إبراهيم بن أبي الفياض البرقي الشيخ الصالح ثنا سليمان بن بزيغ الإسكندراني ثنا مالك بن أنس عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن سعيد بن المسيب عن علي بن أبي طالب قال: قلت يا رسول الله الأمر ينـزل بنا لم ينـزل فيه قرآن ولم يمض فيه منك سنة قال اجمعوا له العالمين أو قال العابدين من المؤمنين فاجعلوه شورى بينكم ولا تقضوا فيه برأي واحد أ.هـ الإحكام لابن حزم 6 / 201.

29 - السلسلة الضعيفة2/286 رقم الحديث882.ثم ذكر موقوفات الصحابة, فلماذا لم يذكر الألباني موقوفات الصحابة وما يؤيد رواية معاذ كما فعل هنا في حديث لا تعجلوا بالبلية؟!!! ومما ذكره قوله:وروى الدارمي بإسناده الصحيح عن طاوس قال: قال عمر:على المنبر أحرج بالله على رجل سأل عما لم يكن فإن الله بين ما هو كائن أ.هـ قلت: وأنى له الصحة؟ فطاووس لم يدرك عمر رضي الله عنه توفي سنة 106هـ ووفاة عمر سنة 23هـ فبينهما 83 سنة وفي تهذيب الكمال: وكان له(طاووس) يوم مات بضع وسبعون سنة أ.هـ 13/373.فالأثر مرسل قال ابن حجر: طاوس بن كيسان اليماني التابعي المشهور ذكره الكرابيسي في المدلسين وقال أخذ كثيرا من علم بن عباس رضي الله عنهما ثم كان بعد ذلك يرسل عن بن عباس وروى عن عائشة فقال بن معين لا أراه سمع منها وقال أبو داود لا أعلمه سمع منها أ.هـ طبقات المدلسين ص21, وقال في تهذيب التهذيب 5/8: وقال أبو حاتم حديثه عن عثمان مرسل أ.هـ وقال ابو سعيد العلائي: وطاووس عن عمر وعن علي وعن معاذ مرسل رضي الله عنهم أ.هـ جامع التحصيل ص201.

30 -الرد المفحم ص98-99.

31- منزلة السنة في الإسلام ص29 وقال في تعليقه على المسح على الجوربين ص42 ما نصه: وهو منكر مردود عند علماء الحديث مثل حديث معاذ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له : بم تحكم ؟ قال : بكتاب الله قال : فإن لم تجد قال بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم . الحديث . فإنه منكر كما قال إمام الأئمة البخاري رحمه الله تعالى أ.هـ فهو هنا يكرر قوله بأن البخاري قال عنه منكر مع أنه يقول عن المنكر في مصنفه دفاع عن الحديث النبوي ما نصه: منكر الحديث وصف في الرجل يستحق به الترك لحديث أ.هـ فمن من رواة حديث معاذ هكذا وصفه؟, وزاد طامة أخرى أنه حكم عليه أنه مردود أي باطل ولم يكتف بذلك حتى نسب ذلك لعلماء الحديث قاطبة, فكما ترى خالف الألباني كل الأصول الفقهية والحديثية لرد هذا الحديث فهل هكذا يكون الإمام محدث العصر العلامة؟!!!!!

32 - فكون أحد رواته مجهول وباقي رجاله ثقات فمن أين جاءته النكارة ؟ ولذلك لم يحكم عليه عالم بأنه منكر حتى الألباني نفسه فنسب ذلك للبخاري.

33 -منزلة السنة في الإسلام ص30

34- منزلة السنة في الإسلام ص 12.

35 - منزلة السنة في الإسلام ص5.

36 - منزلة السنة في الإسلامص7.

37 - وهذا دليل على أن تفسير القرآن بالقرآن يكون أولا

38 - منزلة السنة في لإسلام ص 8

39 - منزلة السنة في الإسلام ص15

40 - فيه مؤمل بن اسماعيل قال ابن حجر رحمه الله تعالى: صدوق سيء الحفظ وباقي اسناده ثفات وجاء في تهذيب الكمال ما نصه: قال عثمان بن سعيد الدارمي قلت ليحيى بن معين أي شيء حال مؤمل في سفيان فقال هو ثقة أ.هـ وروايته هنا عن سفيان.وابن عباس رضي الله عنه حجة في التفسير عند الألباني فهذا الاثر اقل أحواله أنه حسن رواية وصحيح لتلقي الأمة له بالقبول .

41 - أنظر كيف يفسر الألباني القرآن بالقرآن غير مقرون بالسنة دون التقيد بقاعدته التي أصّلها.

42 - فتنة التكفير ص4 وهنا حكم عجيب منه بعدم جواز الإقتصار على فهم القرآن والسنة بالوسائل المعروفة ويجعل أصل الفهم هم الصحابة مع أنه قال قبل ذلك أن الصحابة غلطوا لما استخدموا لغتهم ثم يقول أن السنة هي المرجع الأخير فانظر إلى هذا التخبط والاضطراب , فليس له أصل ثابت يلتزم به ولكنه الهوى فأينما وجد ما يريده التزم به.

43 - فتنة التكفير ص6, أنظر هنا كبف جعل فهم السلف مساعدا على الفهم فقط ومقيدا بالنقص في وسائل الفهم وقبل ذلك أوجبه.

44 - فقه الواقع ص7

45 - الآيات البينات ص 26

46- الآيات البينات ص 26

47 - فالظاهر والعلم عند الله تعالى أن الألباني يريد ان يعطي نفسه صفة الاجتهاد المطلق والمرجعية المطلقة على اعتبار أنه بظنه قد جمع السنة وعلمها كلها.

48 - الحديث حجة بنفسه ص1

49 -الآيات البينات ص26-28

50 - فهكذا يكون علّامة العصر الإمام المحدث في هذا الزمان

51 -المصدر السابق

52 -الآيات البينات ص24-26

53 - صحيح السيرة النبوية1/174

54 - الآيات البينات ص24

55 - انتبه فهو ينفي وجود أدلة من الكتاب والسنة على هذه المسائل فهذا هو حال محدث العصر العلامة الإمام!!!

56 - الآيات البينات ص26

57 - الآيات البينات ص26

58- حكم تارك الصلاة 1/41

59 - فتنة التكفير 1 / 7

60 - حجة عند الألباني هوى فحيثما ظن وجود مطلوبه عنده قال عنه حجة ولكن إذا ثبت عند ابن عباس رحمه الله تعالى خلاف ما يريده الألباني ويهواه لا يتخذه حجة وهو بذلك مقلد حتى النخاع فإن ابن تيمية رحمه الله تعالى نص على أنه لا يجوز القول بقول عالم ما لم يعلم دليله وهذا عام بحق كل عالم- الصحابة وغيرهم - فليس الحجة إلا في قول الله تعالى وقول رسوله عليه السلام

61- فتنة التكفير ص7

62 - حكم تارك الصلاة 1 / 41 .

63-الصلاة وحكم تاركها1/72

64 -انظر حرص الصحابة رضي الله عنهم على التبين من لفظ الكفر وعدم تركه مبهم محتمل.

65 -والإقرار النبوي من أعظم أصول الاستدلال عند الألباني كما سبق بيان أمثلة عليه ونحن نحاججه بهذا وهو صحيح.

66 - الكفر ليس وصف وإنما حكم فتنبه فإن هذا من المهالك.

67 -هذا ليس تنوع في المعاني وإنما اختلفت العبارات لاختلاف الإعتبارات.

68 - فتنة التكفير ص5

69 - فتنة التكفير ص6

70 - وهذا التعليل مدخل لكل من هب ودب ليقول في كتاب الله تعالى بغير علم بمجرد الهوى والرأي المذموم.

71 - اللجوء إلى التأويل لا يكون إلا بعد انتفاء جميع الاحتمالات الشرعية المانعة للتأويل وهذا من سيما الراسخين في العلم.

72 - فتنة التكفير ص6

73 - رواه اسحاق بن راهوية بسند صحيح وهذا الحديث في مسند الإمام أحمد من رواية ابنه عبد الله بلفظ : من أتى عرافا فصدقه بما يقول لم يقبل له صلاة أربعين يوما أ.هـ معلول بالشذوذ لأنها مخالفة لرواية الإمام مسلم: من أتى عرافا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة أ.هـ فلفظ (فصدقه) مخالف للفظ (فسـأله) فهي شاذة رواية ودراية فمن حيث الرواية رواة مسلم أوثق من عبدالله ابن الإمام أحمد فيكون عبد الله بن أحمد قد خالف من هو أوثق منه كما انها مخالفة لروايات أخر أعلى أسنادا وعن صحابة آخرين كرواية إسحاق بن راهوية ورواية أبي يعلى ورواية بن الجعد التي قيدت السؤال بالتصديق وأما دراية فمن حيث ترتب حكم الكفر فتصديق العراف لا يحتمل إلا حكما واحدا بينما السؤال يحتمل التصديق والتكذيب إلى غير ذلك والحكم إنما يكون بناء على الاحتمال المتيقن ولم يكن مصيبا من صحح هذه الرواية.

74

 

75 - فكيف بعلماء القرون الخيرة وهم من الراسخين في العلم؟!

76 - نصب الراية 1/22

77 - الحديث حجة بنفسه ص1

78 - فتنة التكفير ص7

79 - فتنة التكفير ص6.

80 - إرواء الغليل1/111,123.

81 - القول المنسوب لابن عباس رضي الله عنه والذي استدل به الألباني.

82 - فتنة التكفير ص9

83 - فتنة التكفير ص10

84 - وقد بينت حقيقة ورود لفظ الكفر في القرآن والسنة وكيفية تحقيق مناطها

85 - يبدو أن محدث العصر لا يدري ما يصحح وما يضعف فإن قيل أن الحكم بما في القلب بناء على التصريح باللسان وهو ما صرح به الألباني بقوله ص10(فتنة التكفير) ما نصه: إذا الكفر الاعتقادي ليس له علاقة أساسية بمجرد العمل إنما علاقته الكبرى بالقلب.ونحن لا نستطيع أن نعلم ما في قلب الفاسق والفاجر والسارق والزاني والمرابي . . . ومن شابههم إلا إذا عبر عما في قلبه بلسانه أما عمله فيبنئ أنه خالف الشرع مخالفة عملية أ.هـ قلنا:التصريح باللسان قول والقول عمل ظاهر فيكون الحكم على ما ظهر منه وليس على ما في قلبه وهذا العمل الظاهر وهو التصريح باللسان يحتمل الصدق والكذب فنحتاج إلى أمر آخر لمعرفة ذلك ولا سبيل إلى إلا بأن نشق بطن الذي قاله كما أقر ذلك الرسول عليه الصلاة والسلام بأن معرفة ما في القلب لا تكون إلا بالشق عن البطن ولو شققنا بطنه فكيف نعلم أن هذا في قلبه ؟ وفي هذا دعوة إلى قتل الفاعل وهو ما أراد أن يهرب منه الألباني أو أن يكون عند كل مسلم مستشفى لجراحة القلب لنشق عن قلوب الناس, فثبت يقينا أن الحكم على ما في القلب لا يستطيعه إلا الله تعالى ولو كان هناك من يعلم ما في القلب غير الله تعالى للزم منه أمرين :

الأول : التسلسل وهو أن نشق بطن الذي علمه لنتأكد أن قوله صحيحا وهذا مستحيل.

الثاني: أن يأتي وحي من الله تعالى في كتابه أو من نبيه صلى الله عليه وسلم ويقول أن فلانا يعلم ما في القلوب وهذا الأمر نفاه الله تعالى عن غيره ونفاه الرسول عليه الصلاة والسلام عن نفسه., فحاصل المسألة أن الحكم بناء على الاعتقاد القلبي مستحيل.

86 - فهذه هي حقيقة التصفية التي يدعوا إليها الألباني وهو ما فتئ يدعوا بلسانه إلى تصفية العقيدة مما دخل عليها من الشرك والإبتداع

87 - فتنة التكفير صفحة 10

88 - علما بأن الإستحلال يكون بالقول والعمل ظاهرا وباطنا فالباطن علمه عند الله تعالى والظاهر يكون إما قولا أو عملا بالقرينة المصاحبة له ليخرج عن كونه عملا محضا ومجردا.

89- فمن رفض وأبى إيحاد فعل أمره الله به أو رسوله عليه الصلاة والسلام خرج من الملة إن كان مسلما فهذا لا يكون لأن عقد الإسلام هو الإستجابة لله والرسول وهو السمع والطاعة قال تعالى: إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (النور:51),وعقد الإسلام لمن قبله ودخله إنما هو كما بينه تعالى بقوله: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالاً مُّبِيناً (الأحزاب:36) وهذا بحق تفصيلات الشريعة ومن باب أولى أصل الإسلام وهو: أن يكون الحكم (تشريعا وحكما وتحاكما) كله لله تعالى وأن يكون الولاء(طاعة واتباعا ونصرة ومحبة) كله لله تعالى وأن يكون الدعاء(أمرا وطاعة ولجوءا وتسمية بالأسماء الحسنى) كله لله تعالى فهذا هو مجموع(كل) الدين الذي أمر الله تعالى المؤمنين أن يقاتلوا الناس عليه بقوله تعالى: وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلّه فَإِنِ انتَهَوْاْ فَإِنَّ اللّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (الأنفال:39) , فهذه هي الكلمة التي من قتل وهو يقاتل عنها كان شهيدا مصداقا للحديث النبوي الشريف فعن أبي موسى قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله ما القتال في سبيل الله ؟ فإن أحدنا يقاتل غضبا ويقاتل حمية فرفع إليه رأسه قال وما رفع إليه رأسه إلا أنه كان قائما: فقال: من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله عز وجل.

90 - الحديث حجة بنفسه ص33

91 - فتنة التكفير صفحة 2

92 - فتنة التكفير 13

93 - كل الأصول التي بنى عليها الألباني مذهبه من خلال ألفاظ ومصطلحات أحدثها وابتدعها ما أنزل الله بها من سلطان.

94- وهو قوله: يجب الرجوع فى مسميات هذه الاسماء الى بيان الله ورسوله فإنه شاف كاف بل معانى هذه الأسماء معلومة من حيث الجملة للخاصة والعامة أ.هـ مجموع الفتاوى 7/287.قلت : وهذا البيان ليس على طريقة الألباني.