JustPaste.it

بسم الله الرحمن الرحيم

 

مجموعة البُشْرَيات
قِسْمُ التَّفْرِيغِ وَالنَّشْرِ


تفريغ خطبة

حركة الحياة

 

للشيخ: أبي قتادة عمر بن محمود

 

من سلسلة دروس الشيخ أبي قتادة القديمة

/files/justpaste/d250/a9988381/1443673838723.png

 

إن الحمد لله نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا؛ من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلله فلا هادي له؛ وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، وصفيه وخليله؛ بلغ الرسالة وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده، حتى أتاه اليقين؛ وتركنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على المحجة البيضاء، والطريق الواضح؛ ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها إلا هالك، ولا يتنكبها إلا ضال؛ أما بعد:

من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعصِ الله ورسوله فقد ضل ضلالًا بعيدًا.

أيها الإخوة الأحبة! العالم كما ترون صار قريةً صغيرة؛ ما من خبرٍ يحدث في الوجود، سواءٌ كان في أدغال بلادٍ نائية، أو في صحراء بلادٍ خطرة، فإن إنسانًا من أقاصي تلك البلاد يسمع به، في لحظةٍ سريعة، وفي وقتٍ ضيق؛ فالعالم قد تصاغر، كما أن الوقت قد تضاءل، فمن جهة قلة بركته، ومن جهة كثرة أشغاله؛ بمعنى أن الإنسان كانت حاجاته -بالنسبة إلى ما يعيش- كانت حاجاته قليلة؛ فطعامه بين يديه ميسور، يقطفه من الشجرة، أو يذبح عنزته فيأكلها ويرتاح، وكذلك لباسه ميسور، أو أنه قليل ميسور؛ أو أنه قليل، ويسلم بأنه قليل.

فلما تشابكت الحياة وضاقت؛ هذا التحول الذي ترونه في هذا الكون، يوجب على المسلم أن يتغير في فهمه لدينه، على اعتبار أن الوقت قد تغير؟ الشيطان في كل يومٍ تتفتق عقليته الخبيثة في شرح مناهج بدعيةٍ للناس، والشيطان ولا شك أنه ذكي؛ فتلك الخبرة الطويلة التي يحملها، بالنظر إلى مسيرة الأنبياء، الشيطان -أي إبليس- قد عاشر الأنبياء ورآهم وسمع منهم، وأبصر حكمة الحكماء، وتجارب الأمم واختلاف الناس، ورأى عقولهم.

فهو صاحب خبرةٍ كبيرة في إخراج معالمه، والدين الحق والدين الصحيح؛ هو الذي يغطي جميع هذه الأبواب، هو الذي يغطي جميع أبواب الشيطان؛ لأن الصراع الحقيقي الذي علينا أن نتذكره في كل وقت في هذه الحياة؛ أن الصراع هو -في حقيقة الأمر- بين الشيطان وبين الرحمن؛ أي بين جند الشيطان وبين فكره وعقله ورجله وبين جند الرحمن؛ هذه هي طبيعة المعركة، ونحسبها في النهاية في غايتها، أن ياخذ الشيطان الكمية الكبرى من بني الإنسان معه إلى جهنم.

ورحمة الله -عز وجل- أنه بنى جنته، وجعلها مثواه لعباده الصالحين؛ فتلك هي المعركة، هذا هو واقعها، هذه هي حقيقتها، وتلك هي نهايتها؛ جند الله -عز وجل- إلى جنته، إلى المأوى الذي وعد الله -عز وجل- به عباده، وجند الشيطان إلى جهنم، الذي سيخطب فيهم -عليه من الله ما يستحق، ونعوذ بالله منه- سيخطب فيه خطبة البراءة من أتباعه، وسيقول لهم: {مَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ}؛ ثم يقول كلامًا آخر، أنه بريءٌ منهم ولا يعرفهم، ويفر منهم كما فر من أصحابه وجنده يوم معركة بدر؛ فإنه قام فيهم فريقًا يدعوهم إلى القتال: {فَلَمَّا تَرَاءَتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ}.

ما دور المسلم؟ ما مهمة المسلم في هذا الأمر؟ هل السياق القرآني في قصص الأنبياء هو للمتعة؟ هل السياق القرآني لقصص الأنبياء في الدعوة إلى الله هو للمتعة فقط؟ الله -عز وجل- ساق لنا قصص الأنبياء؛ من أجل أن نعتبرها على اختلاف الأحوال، وعلى اختلاف الأزمان؛ فهناك النبي الذي اجتهد جهده؛ ونحن نتكلم عن نبي، وعندما نقول أنه نبي، إنما نقول أنه مزكى من قبل الله، لأن منهجه هو منهجٌ مزكى من قبل الوحي (مسدَّد)، فلا حاجة للمراجعة فيه من قِبَل عقولنا.

فهناك النبي الذي دعا ربه، دعاه ودعا إلى ربه، قام في الليل طالبًا من الله هداية قومه، وخرج في الناس داعيًا إياهم إلى الله؛ بأسلم طريقة، وأشد حكمة، وأجمل عبارة، دعاهم إلى الله -سبحانه وتعالى- بما يرَّغب به النفوس، دعاهم إلى الجنة، عرفهم بصفات الله -سبحانه وتعالى-؛ ولكن النتيجة: أنه لم يسلم معه أحد، لم يطلع بأحد، وقام النبي ودعا إلى الله -سبحانه وتعالى-، وأخلص في الدعاء، واتبع أسلوب دعوةٍ جديدة، حكيمةً محكمة، فتبعه الرجل، وتبعه الرجلان، أو تبعه الرهط.

الله -عز وجل- حكى لنا قصص هؤلاء الأقوام في القرآن؛ حكاها لنا، انظروا إلى مسيرة ذي القرنين، انظروا إلى مسيرة رجلٍ عظيم: ذو القرنين؛ والذي أعتقده وأميل إليه، أنه خرج من اليمن، أو على الجملة لنقل من جزيرة العرب، وهو رجلٌ صالح، لا وجود في كتب التاريخ لأخلص منه، لا وجود في كتب التاريخ لاسمه، وهو على الحقيقة أنه خرج وظهر قبل كتابة التاريخ؛ ولذلك لم يظهر له اسمٌ في الرُقُم، ولم يظهر له اسمٌ في مخطوطات قديمة، حتى في زمن اليونان.

وزعم بعض أهل التفسير أنه (الاسكندر المقدوني)، هو زعمٌ باطل وخطأٌ كبير؛ لأن الاسكندر رجلٌ وثني، ورجل يوناي ابن زانية، وهو يعبد النجوم، ويؤمن بتعدد الآلهة، كما هي عقيدة اليونان؛ تصور أن ذو القرنين هو (الاسكندر المقدوني)! هذا خطأ. هناك دراسةٌ أخرى تقول أنه رجل من أهل فارس، كما يقول عالم التاريخ الهندي (أبو الكلام أزاد)، وقال أنه (قوران)، وهذا كذلك لا دليل عليه؛ إنما هي احتمالاتٌ وظنون، الله -عز وجل- لم يحكي لنا اسمه، وحكا لنا لقبه، أنه (ذو القرنين) هذا.

خرج ذو القرنين من الجزيرة العربية، وجعل الله له أسباب القوة التي يغزو بها العالم القديم؛ فإنه مشى إلى مغرب الشمس، ومغرب الشمس إنما يقصد به فيما أعتقد، إنما هي البلاد التي تسمى الآن بالبلاد الواصلة؛ أي النرويج، بلجيكا، هولندا، وهذه البلاد كما يقول أهل الدراسة لعلم الأرض؛ يقولون أنها كانت في القديم بلادًا واطية، فإن المطر إذا نزل في الشتاء جعل منها بحيرةً صغيرة، وإذا جفت في وقت الصيف، انتقلت إلى كونها أرضًا سلسة.

{حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ}؛ إذًا هو وصل إليها في وقت الصيف، عين حمئة، الحمئة: أي الماء الذي يختلط بالطين، ولكن الماء أكثر من الطين، ولكنه مختلطٌ بالطين، بلغ هناك: {حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِنْدَهَا قَوْمًا قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ}. انظروا إلى مسيرة ذي القرنين في ذلك الزمان البعيد، كم من الجهود والمشقة التي بذلها في خروجه؟ في إعداده لجيشه؟ في تعبه ونصبه؟ في المشاكل التي تقوم بين الجيش؟ في هذه المصائب العظيمة التي حلت به؟

ربما حل به الشتاء فأفنى بعض جنوده، وربما غزته بعض القبائل السريعة، فقتلت بعض جنوده؛ فإنها مصائبٌ عظيمة، فيها القتل، وفيها الموت، وفيها قلة الطعام. لا بد أن تتصوروا أن رجلًا في الزمان الأول، في قلة الكفاءات وقلة المقدرات، يخرج هذا الخروج من جزيرة العرب، حتى يصل إلى مغرب أوروبا، إلى غرب أوروبا؛ ومع ذلك أن القرآن الكريم لم يحكي لنا شيئًا عن تلك المشاكل العظيمة، وحكى لنا القضية العظمى؛ وهي قضية إيمان أقوام أو كفر أقوام، هذه هي القضية.

{حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِنْدَهَا قَوْمًا قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا}، حركةٌ في وسط القضية، لتنتهي بتلك الكلمات: {إِمّا أَن تُعَذِّبَ وَإِمّا أَن تَتَّخِذَ فيهِم حُسنًا * قالَ أَمّا مَن ظَلَمَ فَسَوفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذابًا نُكرًا * وَأَمّا مَن آمَنَ وَعَمِلَ صالِحًا فَلَهُ جَزاءً الحُسنى}؛ قضية الشريعة من أجل القضية العظمى، ثم حكى لنا. تصور الآن مسيرة ذي القرنين، من مغرب الشمس، الوقت انتهى، إلى مغرب الأرض التي يعرفها العالم القديم، هنا انتهى العالم القديم بالنسبة إليه.

ثم سار قاطعًا هذه القارة الأوروبية، وقاطعًا البلاد الروسية بأكملها، حتى بلغ مطلع الشمس؛ أعتقد أنه وصل وقطع أوروبا وقطع روسيا، ووصل إلى نهاية الصين، إلى الأرض التي تلتقي بها الصين مع روسيا (مطلع الشمس)؛ هناك وصل إلى مطلع الشمس، حركةٌ فيها المشاكل وفيها القضايا التي ذكرناها، بأعلى من المستوى الذي حدث معه؛ من انتقاله من جزيرة العرب إلى مغرب الشمس.

فلما وصل مطلع الشمس، حكى الله -عز وجل- لنا نفس القضية التي حكاها الله -عز وجل- في مغرب الشمس: {حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَىٰ قَوْمٍ لَّمْ نَجْعَل لَّهُم مِّن دُونِهَا سِتْرًا}؛ القارئ في كتب التفسير يصاب بالدهشة إلى ما يقوله المفسرون، هو بشر من البشر، والناس في كل الأرض يستوون في صبغتهم البشرية وهيأتهم، فقال: {لَّمْ نَجْعَل لَّهُم مِّن دُونِهَا سِتْرًا}؛ ليس لهم بيوت، وبعضهم قال: كانت لهم آذان طويلة يلتحفون بها في الليل ويغطون بها، يصورون كذلك الأقوام على صورةٍ غير صحيحة.

والصحيح أنه في تلك المنطقة التي وصل إليها، وصل إلى منطقةٍ، وهي معروفةٌ لديكم الآن؛ إلى منطقةٍ يكون فيها شروق الشمس، ولا تغرب مدةً طويلة، قد تكون ثلاث شهور، أربع شهور، ستة شهور؛ فهذا هو عدم مغيب الشمس عنهم: {حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَىٰ قَوْمٍ لَّمْ نَجْعَل لَّهُم مِّن دُونِهَا سِتْرًا}؛ والستر هنا: الليل، فأنه وصل في الوقت الذي يكون فيه النهار، ولا يأتي فيه الليل شهورًا متطاولة: {عَلَى قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِهَا سِتْرًا * كَذَلِكَ وَقَدْ أَحَطْنَا بِمَا لَدَيْهِ خُبْرًا}، لم يحكي لنا قصته، القضايا العظيمة، لم يقلها في أذهان الناس.

{حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ}؛ لأنه أمرٌ معلق بأمرٍ الآخرة، قد شرحنا فيما سبق، ما هو الربط بين سورة الكهف ويوم الجمعة؟ الربط بين سورة الكهف وبين اليوم الذي تقوم فيه القيامة؟ لأن من قرأ سورة الكهف في كل جمعة، قيض له نور، كان له نور إلى الجمعة التي تليها، وزيادة في ثلاثة أيام.

أردت أن أقول لكم أيها الإخوة هذه القضايا؛ رأيتم حدثًا بشريًا عظيمًا، ولكن لم يأتِ لنا القرآن الكريم إلا بقضية إيمان الناس أو عدم إيمانهم، من هم أساس حركة التاريخ؟ من هم؟ هم الأنبياء، لماذا؟ لأنهم يتكلمون في القضية العظمى، من هم أساس رحمة الله لعباده، أو غضب الله لعباده؟ إنهم أنبياء؛ نبيٌ لا يكون معه أحد، ربما خرج إلى قومه هذا النبي، فدعاهم إلى الله فرجموه من لحظته وقتلوه، وتركوه تتناوشه طيور السماء، وانتهى أمره؛ وربما رجع أهل تلك القرية، التي ظهر فيها النبي، ثم قتل في صباح اليوم، فرجعوا إلى غدائهم، يشربون ويأكلون، وكأنه لم يحدث شيء، لم يحدث شيء!

مع ذلك هو القضية العظمى، التي يحكيها لنا القرآن الكريم؛ بسبب أن الأرض قد صغرت، وبسبب أن الأرض قد ملئت بالإعلانات، بأحداث الحياة، أحداث؛ جيوشٌ تتحرك، أساطيلٌ تقوم، انتخاباتٌ يوقد لها النيران، صياح، نعيق يصم الآذان، صورٌ تملأ الأعين، فتشغل القلب والذهن في قضايا؛ مجاعةٌ هنا، فيضان هنا، بركان، قضايا تشغل الناس، وتحرك حتى المسلم؛ وللأسف أنها صارت عند بعض الإخوة ممن نحبهم، دراسة هذا الأمر، ومتابعة هذه القضايا، تسمى عندهم فقه الواقع.

فإنه يعرف حركة السياسة في أمريكا، بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي، ويقرؤها متعمقًا؛ فيستطيع أن يتكلم عنها بخبرةٍ عظيمة، ويتحدث عن خلافات السياسيين في أوروبا وهناك قضايا، ويتابع ويدرس الحركات والقادة ويعرف الأسماء؛ وعندهم تسمى هذه بـ(فقه الواقع)، إلى هنا مع أنها هذه القضايا ليست بالقضايا التي تؤثر في حركة الكون، في غضبٍ إلهي أو رحمةٍ إلهية.

لحظة! انتصر الحمار أم انتصر الثور؛ ما الذي يؤثر؟ لا يؤثر. متى يكون لهذه الحركة تأثيرًا في قضايا الكون؛ عندما يكون في تلك الحركة الإيمانو التوحيد، حينئذٍ ولو كان رجلًا صغيرًا في أعين الناس، تافهًا وهو عند الله عظيم، يتحرك داعيًا إلى الله؛ يقول كلمة: يا قوم اتبعوا رضوان الله، يا قوم اذكركم بأيام الله، حينئذٍ هي القضية العظمى.

رأيتم أيها الأحبة عندما فطس ونفق (رابين)، قامت الدنيا ولم تقعد، وحتى أهل الإسلام ينشغلون سماعًا وتحليلًا، وهم عن قضايا الإسلام وقضايا حركة الكون الحقيقية في غفلةٍ وغفلة؛ في العراق ناسٌ يموتون جوعًا، وفي شماله يقتتل أهل القومية الواحدة، وفي دولةٍ يموت فيها آلاف الأحزاب من القبيلة، بفعل القبيلة الأخرى في أواسط أفريقيا وهكذا؛ ما دورها في حركة الكون في الرضا الإلهي؟ ما دورها في نزول الرحمة أو رفع العذاب؟

دورها إذا وجدت طائفة الإيمان، ولو كان رجلًا واحدًا، دورها في وجود الإيمان مع ضعفه، ولو لم تنصب له التماثيل، ولم يذكر له خبرٌ في نشرات الأخبار والإعلام؛ حينئذٍ تكون هي القضية، وهذا هو تمام فقه الواقع؛ أن تفهم السر في حركة الكون، (السر): وهو قضية الإيمان عندما يكون مصارعًا للشرك؛ إما بالكلمة واللسان، وإما بالرمح والسنان، حينئذٍ هنا القضية، هنا النظر الإلهي، هنا المسالة، هنا يتعلق رضا الرب أو غضب الرب.

أما العالم، فلا بقية له ولا قيمة له عند الله -عز وجل-؛ قال الله -عز وجل- عن هذه الجموع الحاشدة من الأعداد: {إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ}؛ فعندما يعظَّم ما أنزل الله قيمته، وعندما يرفع ويذل ما احتقره الله ولم يلتفت إليه؛ فإنه يصبح في قلب المرء الشك في حكم الله في القضايا.

(فهمي هويدي): رجلٌ ممن يتابع قضايا العالم -لعلكم تعرفونه-، هذا صحفيٌ ومفكرٌ إسلامي، كتب يومًا -وهو ممن يرفع ما أذله الله، ويضع ما عظمه الله- قال: يومًا إني لأعجب! يقول هذا الرجل الذي له الاسم والحضور في مجالس أهل الإسلام، يقول: (إني لأعجب! كيف سيدخل من أضاء العالم جهنم، ويدخل رجلٌ صغيرٌ تافه من بادية الأرض، ولا يأبه له أن يدخل الجنة!) رأيتم!!!

ويقصد بمن أضاء العالم، هو (إديسون) الذي اكتشف المصباح الكهربائي؛ قال: هذا رجل أضاء العالم، نشر النور، نفع الناس؛ إني لأعجب كيف يدخل هذا الرجل جهنم! وهو الذي أفاد البشرية هذه الإفادة، ونفعها هذا النفع؛ ثم يأتي أعرابيٌ، بوالٌ على عقبيه، لا يعرف شيئًا مما يعرفه أصغر تلاميذ إديسون، أو أصغر من سمع باسم إديسون، كيف يدخل الجنة؟!

أرأيتم كيف يصبح المعيار؟! أرأيتم شيخًا أو قاضيًا أو مفكرًا، لو اتصل به في التيلفون رجلٌ مسلمٌ عادي، يعبد الله، يوحد الله، وهو لا يعرف إلا من قبل زوجته وأبنائه وبعض صحبه؛ اتصل به أو سلم عليه في طريقه، كيف ينظر إليه؟ ولو أنه اتصل به أحد طواغيت البشر الكبار، لقام وما قعد؛ بسبب ماذا أيها الإخوة؟! بسبب اختلال الميزان؛ وعندما ينظر المرء إلى القضية التي لا يقيم الله لها بالًا، ولا يرفع لها رأسًا وشأنًا، تصبح القضية العظمى عند أهل الإسلام، وقضية المسلم الموحد لا يأبه لها؛ بسبب هذا الاختلال، يفرز الكثير من المصائب.

ضربت لكم مثلين، ولكن سأضرب لكم مثلًا تسمعونه؛ إن عامة أولئك المفكرين، الذين انقلبت موازينهم في الحكم على أحداث الكون، وعلى حركة الحياة؛ لا يهتمون بأن تقام دولةٌ إسلامية في بلدٍ أو قرية، لا يقيم لها شأنًا؛ ويهتمون أشد الاهتمام بأن تسلم دولةٌ عظمى! لو قيل له: أسلم بريطاني، فانظر إلى حفاوته بالبريطاني المسلم! ونعوذ بالله أن نحتقر أي جنسية باعتبار خلق الانسان، فإنها عصبية، وإنما نذل ما أذله الله، ونضع ما وضعه الله من الكفر؛ أما باعتبار شخص الرجل وقوميته، فلا يمدح المرء ولا يهان.

لو أسلم البريطاني أمام هذا الشيخ، فكيف ستكون حفاوته به! لكن لو قيل له أنه أسلم هندي، أو قيل له: أسلم فقير، فكيف سيكون شأنه؟ لم ينظر في شأنه ولم يهتم، بل ربما قال كما يقول العوام: إن هذا لم يزد المسلمين، ولم يقلل النصارى! ولكنه حين يسلم هذا المعظم في ذهنه، فإنه يقام له ويقعد؛ ولذلك ترونهم يبذلون مئات الآلاف، بل الملايين من الأموال؛ من أجل الدعوة في بلاد الغرب، أو من أجل فهمٍ مثل فهم حياة الغرب! وإنه إذا طلب منهم دينار؛ للدعوة إلى الله في بلاد المسلمين، يبخلون بها ولا يهتمون بها، وهم يرجون أشد الرجاء، بأن تسلم هذه البلاد!

وانظروا إلى النظر الإلهي؛ في الفرق بين نظرهم، والفرق بين نظر الله -عز وجل-؛ بين حكمة الله، وبين عدلهم وإجبارهم عن النظر؛ الله -عز وجل- أقام الإسلام في أوضع منطقة بالنسبة إلى الامبراطوريتين، فارس والروم؛ لم يكن فيها نبيًا، بل أقامها في جزيرة صحراء، وأقامها في مكة، وأقامها برجلٍ يتيم! فانظروا إلى تقدير الله وحكمته، وإلى تدبيرهم في طلب من يريدون، ممن يحمل الإسلام؛ الاهتمام بالمثقف دون الاهتمام بالعامي.

رسول الله -صلى الله عليه وسلم- دعا –انقطع الصوت- وانظروا، أيدعوه إلى الله، فيسلم الفتى بعد أن نظر إلى والده، فاستأذنه فأذن له؛ فيخرج الرسول -صلى الله عليه وسلم- فرحًا، أن هدى الله به هذه النفس، وأخرجها من النار إلى الجنة؛ تلك هي القضية، الإيمان: هو القيمة العظمى في حركة الحياة؛ أما أن يأكل الناس، أن يشرب الناس، أن يموت الناس، هذه القضايا تبعية، ولكن القضية الأولى: أأسلم الناس؟ أآمنوا؟ أوحدوا الله؟ أعبدوه؟ أم أنهم كفروا وأشركوا؟ تلك هي القضية.

المعارك والأحداث وحركة الحياة، من غير الإيمان لا قيمة لها، أردت أن أقولها لكم؛ لأن المسلم في هذا العصر، يعيش وهو لا يعرف شيئًا عن أخبار أهل الإسلام؛ لو سألته عن بقعة فيها حركة لأهل الإيمان، فيها ابتلاء، فيها سجن مؤمن، فيها ابتلاء داعية، فيها استشهاد مجاهد، لما اهتم لها المسلم، لما انتبه لها؛ ولكنه يقيم الدنيا ويقعدها، إذا رأى القضايا التي تملأ الصحف والإعلام، وهي عند الله لا قيمة لها، فانتبهوا إلى ما يسمى بـ(فقه الواقع).

ليس أن تحفظ كثرة الأسماء، وأحداث الحياة، وحركة الناس، بغير وجود هاتين الفرقتين والصراع بينهما؛ وجود طائفة الإيمان، وهي تصارع طائفة الكفر؛ لوط -عليه السلام-، ما قيمته بالنسبة إلى شخوص الحياة في يومه؟ قرية سدوم صغيرة، ولكن الله -عز وجل- يحكي أمرها في القرآن، ويبين صاحبها لوط؛ هي القضية: النبي يأتي وليس معه رجل، لكنه نبي، لكن الله -عز وجل- يجري بسببه حركة الحياة.

وحتى تفهموا إلى ما أرمي من كلمة (حركة الحياة)؛ عليكم بقصة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وقد رجع من الطائف، عندما استئذنه، رجع من الطائف يبكي؛ نزل عليه جبريل، قال: (يا أخي يا محمد، هذا أخي معي ملك الجبال؛ مره فليطبق عليهم الأخشبين)[1]؛ أي على كفار قريش، الأخشبين: جبلي مكة. لأن قريش هي سبب الفساد، وسبب إخراجه إلى الطائف، وإصابته بالبلاء.

انظروا كان لإشارةٍ نبوية، بدعاء من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، كافيًا أن تتحرك الجبال، وتذهب قرية، فلا يصبح لها وجود، ولا يبقى لها ذر، بِم؟ بدعاء نبيٍ معه فتى؛ وهو زيد ابن حارثة، فتى فقط، لوحدهما في الصحراء، ليس بينهما جموع، وليس أمامهما الآلاف تسمع خطب، وليس وراءهما المسيرات التي تقتضي بإشارة واحدٍ منهما، ذات اليمين وذات الشمال؛ ورجل هكذا لوحده مع عبد، وقبل قليل كان صغار القوم وعبيدهم وإمائهم ونسائهم وفتيانهم يرجمونهم بالحجارة؛ وبعد قليل بحركة شفتين تتحرك الجبال!

فتلك حركة الكون، المربوطة بالرجل المؤمن؛ ربِ {أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانتَصِرْ}، حركة رجلٍ واحد، شفتي نبي يقول ربِ {أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانتَصِرْ}، فماذا يفعل الرب؟ ينزل الماء ويتفجر من الأرض، {وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا}، والسماء؛ قال -صلى الله عليه وسلم-[2]: الماء طغى الماء؛ فما طغى الماء إلا في يوم فيضان نوح، ميكائيل -عليه السلام- ما من قطرة تنزل من السماء إلا بأمره؛ ولكن يوم الطوفان فاض الماء، فلم يستطع ميكائيل أن يضبط نزوله، بماذا؟ بحركة رجل.

والصحيح، فتفصيل ذلك يطول، أن الله لم يهلك كل الأرض؛ لا لم يهلك كل الأرض كما يقول أهل التفسير وبعضهم، وأظنه أهلك القرية، والظاهر أنها جزيرة؛ من أجل ذلك طلب الله -عز وجل- منه، أن يحمل من كل صنفٍ زوجين؛ لأنها جزيرة بعيدة، فلو كانت في بقية الأرض لما كان لهذا ضرورة؛ فانظروا إلى هذا الأمر إخوتي وتنبهوا له! لا تغرنكم الأسماء ولا الشعارات ولا الكثرة، ولكن انظروا! يوجد الإيمان في هذه المعركة؟ الإسلام موجود؟ هل له وجود؟ أم ليس له وجود؟

إن كان له وجودٌ، فتلك هي القضية؛ قلت الأعداد أم كثرت، وإن لم يكن له وجود، فلا قيمة لها؛ فلا تغرنكم الأحداث ولا تشغلنكم؛ إنما معارك فارس والروم كانت تقوم بينهما، فيقتتلان ويموت الآلاف، والله -عز وجل- يربي نبيه وأتباعه في قريةٍ؛ وبعد أن يخرج: انظروا المعارك طاحنة بين تلك الدول، ونحن لم نعرف في تلك الفترة إلا صراع فارس والروم، وطبعًا إن صراع أقاصي الأرض من الصينيين وغيرهم معارك كثيرة ولا شك، وقطعًا أن الصراع بين قبائل إفريقيا شديد ولا شك، معارك! وقائمة!

الله -عز وجل- لا يقيم شأنًا، بل يدير الأمر -سبحانه وتعالى- في فتنةٍ؛ الواحد نبيه -عليه الصلاة والسلام- يدعو في قرية (أم القرى)، قرية يدعو فيها إلى الله، فيتبعه الرجل والرجلان، حتى أنه -صلى الله عليه وسلم- دعا إلى الله في مكة، وهاجر وبنى دولة في المدينة المنورة؛ وبعد سنين، بعد صلح الحديبية، يقول (هرقل) -الزعيم الإمبراطور- الذي لا يهتم إلا بالقضايا العظمى، لا يعرف شيئًا عن أخبار هذا النبي؛ فعندما أرسلت رسالة من قبل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى هرقل؛ يدعوه فيها إلى الله، قال: من هذا؟ ابحثوا لي عن رجلٍ من بني قومه يحدثني عنه، فبحثوا عن رجل؛ فوجدوا أبا سفيان في البلاد، وأحضره وسأله الأسئلة المعروفة في كتاب (بدء الوحي) للإمام البخاري.

بعد أن قامت الدولة، ولا يسمعوا بها؛ مما يدل على أن هؤلاء القوم لا يعرفهم الناس، ولم يشتهروا، ولم ينشغل بهم من ينشغلوا بالقضايا العظمى؛ ولكنهم هم حركة الحياة، هم الذين يقيم الله لهم الشأن في الدنيا والآخرة؛ هذه هي القضية، إن لم تفهموها، وإن لم نفهمها، وإن لم نجعلها مقياسًا وميزانًا للاحتكام إلى الأمور: وهي قضية الإيمان أعظم قضية، قضية التوحيد أعظم قضية، الصراع بين الحق والباطل هي أعظم قضية، ليست القضايا الأخرى؛ فإنه كما قلت لكم: سيختل ميزان الرجل، فيخرج بالأحكام الباطلة.

أسأل الله -عز وجل- أن يوفقني وإياكم لطاعته، وأن يجعلنا من أهل الإيمان والإسلام. أقول قولي هذا وأستغفر الله.

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، الإيمان التوحيد: هو مهمة بعث الأنبياء؛ من أجل الإيمان والتوحيد خلق الله الخلق، خلق الله الدنيا كلها، ليس الأرض فقط، خلق الدنيا كلها بعظمتها وما فيها، ولما ينتهي الإيمان والتوحيد من الأرض، قال -صلى الله عليه وسلم-: (تقوم الساعة وليس على الأرض رجلٌ يقول الله)[3]؛ إذًا الله كلمة التوحيد (لا إله إلا الله) هي التي تعصم دمار الكون، هي التي تمنع دمار الحياة، هي القضية العظمى.

جاع الناس أم أكلوا، لبس الناس أم تعروا؛ هذه قضايا تبعٌ لذلك، الإسلام يقيم لها شأنًا بعد أن يوجد الإيمان، بعد أن يوجد التوحيد، بغير ذلك ليس لها قيمة عند الله -عز وجل-. شاد الناس، بنوا أعظم {أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آَيَةً تَعْبَثُونَ * وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ * وَإِذَا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ}؛ الذي أعتقده أن هؤلاء القوم مكانهم في جنوب الأردن، وهناك آثارٌ تدل على ذلك، كان يأتون، فيما رأيت وفيما سمعت، أنهم كانوا يأتون إلى الجبال، جبل عظيم، جبل يأتون إليه وينحتونه، كما يأتي النحات اليوم إلى قطعة الصلصال الصغيرة فينحتها.

من شدة بأسهم ومن شدة قوتهم، كان قد بلغ من قوة هؤلاء القوم (قوم ثمود)؛ كان من ما بلغ من قوتهم، أن يأتي الرجل إلى أصل النخلة فيخلعها بيده: {وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً}؛ فماذا بقي منهم؟ كيف دمرهم الله؟ لأنهم قتلوا ناقة الله، قوم صالح -عليه السلام- قتلوا ناقة الله، ودمرهم الله، وأخرجهم من شدة الحر من بيوتهم، اعصموا، {أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ}؛ الريع: قال أهل التفسير: هو التجويف في الجبل.

تصوروا أنهم كانوا يبنون بيوتهم تجويفًا في الجبال؛ وقالوا إذا جاءت البلايا، دخلنا في داخل الجبل، في داخل البيت، فكيف سندمر؟! جاءت الريح، نضع الحجر العظيم فلا يدخل علينا؛ فجاء حر شديد أخرجهم من بيوتهم، فنظروا فإذا سحابة قادمة، {قَالُوا هَٰذَا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا}؛ هربوا إليها، لينزل عليهم المطر، فإذا فيها العذاب الشديد، فيها الدمار الإلهي؛ بسبب ماذا؟ القضية هي قضية الإيمان، قضية التوحيد.

ماذا كان أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ ماذا كانوا يلبسون؟ ماذا كانوا يأكلون؟ لقد مات نبينا -صلى الله عليه وسلم-، وهو أعظم الخلق؛ ودرعه مرهونة عند يهودي، وكان يجوع يومًا ويأكل يومًا، وكان يربط الحجارة على بطنه، ولكنه نبيٌ عظيم. انظروا إلى عظم قضية التوحيد، انظروا إلى عظم قضية المسلم الموحد ووجوده في الأرض!

الله أكبر! إن هذا يصنع الولاء بين المؤمنين، ويصبح المسلم في نظر المسلم أعظم من الدنيا وما فيها؛ يجله، يحترمه، يقدره، يعزه، هذا مسلمٌ، هذا مؤمنٌ في قلبه التوحيد؛ فإذا اختل هذا، انظروا إلى تعظيم المسلم للكافرين، وإلى استصغاره للمسلمين؛ لأن الميزان مختل، لأنه مقلوب ليس بمختل؛ هذه هي القضية، ثم الجنة وما فيها من نعيم، محرمةٌ على من لم يكن في قلبه التوحيد، محرمة؛ في الدنيا والآخرة، الميزان عافيته ورابطته وثقله وعظمه، إنما من وجود الإيمان في القلب، بوجود التوحيد، وأحداث الكون، بوجود الإيمان في طرفي الصراع؛ وغير ذلك لا تهتم له، لا تأبه له.

إن جاءك خبرٌ فنعم، وإن لم يأتِك فلا تنشغل به؛ انشغل بأهل الإسلام، انشغل بدعوتهم إلى الله، انشغل بوقوع الابتلاء عليهم، انشغل بقضاياهم، بالمرأة التي تلتجئ إلى الله -عز وجل- وتتسول، بسبب أن زوجها محبوس، بسبب إيمانه: {وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ}؛ أما برجل مبتلى من أهل الإسلام: اهتم بمعركة فيها الإسلام ضد الطاغوت، ضد الكفر، اهتم بهذا القضية، وإن كانت صغيرة؛ فإنها محط نظر الله -عز وجل-، ومحط حركة الملائكة، ملائكة تنزل وتصعد، جنودٌ ربانيون يعيشونها، فينبغي أن تكون معهم بشعورك واهتمامك وغير ذلك، فهو حديثٌ لا قيمة له، ولا أهمية له.

نسأل الله أن يرحمنا برحمته، وأن يغفر لنا بغفرانه، وأن يلحقنا بالصالحين، ويجعلنا من أتباع سيد المرسلين.

اللهم أمتنا على الإسلام والإيمان والسنة، يا أكرم الأكرمين.

اللهم انصر المجاهدين في سبيلك، في برك وبحرك وجوك؛ اللهم كن معهم، مؤيدًا وناصرًا، يا أكرم الأكرمين.

اللهم كن لإخواننا المساجين ومشايخنا، وأيدهم بتأييدك، وأنزل عليهم شآبيب رحمتك.

اللهم كن لشيخنا عمر عبدالرحمن، ولشيوخنا في الجزيرة؛ الشيخ سفر وسلمان، يا أرحم الراحمين؛ ولبقية المساجين، ولإخواننا المساجين في سجون الأردن، يا أرحم الراحمين .

_______________

[1] كما جاء في رواية البخاري يقول رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: فرفعت رأسي فإذا أنا بسحابة قد أظلتني، فنظرت فإذا فيها جبريل فناداني فقال: إن الله قد سمع قول قومك لك وما ردوا عليك، وقد بعث إليك ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم. فناداني ملك الجبال فسلم علي، ثم قال: يا محمد، فقال ذلك فيما شئت، إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين. فقال النبي –صلى الله عليه وسلم-: (بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئا).

[2] وقال ابن جرير : حدثنا ابن حميد ، حدثنا مهران ، عن أبي سنان سعيد بن سنان ، عن غير واحد ، عن علي بن أبي طالب قال : لم تنزل قطرة من ماء إلا بكيل على يدي ملك ، فلما كان يوم نوح أذن للماء دون الخزان ، فطغى الماء على الخزان فخرج.

[3] فقد روى الإمام أحمد والترمذي وأبو يعلى والحاكم وابن حبان وعدي عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تقوم الساعة حتى لا يقال في الأرض الله الله. وفي لفظ: لا يقال: الله الله. وفي لفظ: لا تقوم الساعة حتى لا يقال لا إله إلا الله. وقد صححه الشيخ الألباني.

 

/files/justpaste/d250/a9988381/oa2cc6.png