JustPaste.it

http://s02.justpaste.it/files/justpaste/d248/a9924639/0027-small.gif

bi1hv2_small.jpg

 

الصفة السابعة/ الشجاعة:

يقول تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلا تُوَلُّوهُمْ الأَدْبَارَ*وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلاَّ مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنْ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ". [ الأنفال، 15 ]
ويقول تعالى: "الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا". [ النساء، 76 ]
الشجاعة في اللغة: القوة والجرأة، شدَّة القلب عند البأس، رباطة الجأش.
وفي الاصطلاح: هيئة حاصلة للقوة الغضبية بين التهور والجبن، بها يقدم على أمور ينبغي أن يقدم عليها.
الشجاعة خُلُقٌ يعتضد بالإيمان الراسخ واليقين الصادق؛ فهذان من يدفعانه بقوة إلى أعلى درجاته: قال تعالى: "قال رجلان من الذين يخافون أنعم الله عليهما ادخلوا عليهم الباب فإذا دخلتموه فإنكم غالبون وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين". [ المائدة، 23 ]، ولو تأملنا الآية لوجدنا في ثناياها ذلك المعنى.
إن من المميزات التي لا بد من توافرها في القائد المسلم: الشجاعة، ولو أردنا أن نتأمَّل في معنى الشجاعة المطلوبة في ذلك القائد، لوجدنا أن لها معانٍ رائعة حريٌّ بنا أن نتدبَّرها بل ونتلذذ بها؛ فالشجاعة هي الإقدام في المعارك وغيرها، والجرأة في الحق، والحزم المصاحب لعدم المبالاة بلومِ لائم، على أن يكون جميع ذلك تحت ضابطَين؛ أولهما: أن يكون في سبيل الله عز وجل، وثانيهما: أن يُحَدَّ بحدود ""العلم"" لا الجهل وهوى النفس! وهذا الضابط الثاني لا بُدَّ من الاهتمام به جيِّدًا، فإن ما يحصل في أيامنا من التجرؤ في سفكِ الدماء بغير الحق وغيره مما لا يخفى على أحد قد أساء والله للجهاد والمجاهدين ومن يعملون لإقامة الخلافة الراشدة، فأولئك الجهلاء قد أساؤوا إلى الإسلام من حيث يعلمون أو لا يعلمون! وهنا أمرٌ لا بد من الإشارة إليه، وهو أن الشجاعة لا تكون دائمًا في الشدة كما قد يتبادر دائمًا إلى الأذهان؛ فالعفو عن المسيء، سواء كان عدوًّا غير مسلم أم غير ذلك -على أن يكون ذلك في موضعه- من الشجاعة بل واليقين بمعية الله ونصره وتأييده؛ ولنأخذ لذلك مثلًا: أميرٌ مسلم، أمكن اللهُ تعالى جندَه -في معركة ما- من أسر من له مكانة في قومه، فأصبح أمر ذلك العدوّ إليه، فإذا بالعدو يستسمح من ذلك الأمير ويعده في حال فكاك أسره على عدم إعانة أحد عليه .... فلو تعمَّق أحد جهلاء عصرنا بالموقف ذاك لاستبعد أمر العفو والفكاك بحُجَّة " الغدر"، فبالله عليكم، من هو في أعينكم أشد شجاعةٍ وصلابةٍ؟ ذلك الذي كانت شجاعته ممزوجة برحمته -التي لم ينسها حتى وهو يقاتل أعداء الله؛ فهو لم ينس الهدف من قتال الناس والذي أرسِل من أجله رسوله!- وبعلمه وفقهه التام بالدين وسيرة رسوله (صلى الله عليه وسلم) في مثل هذه المواقف ومن بعده صحابته وآل بيته (رضوان الله تعالى عليهم)، نعم هو استجاب لهذا طلبه ودافَع ما قد يتبادر إلى الأذهان في مثل هذه الحالة من خشية الغدر، وما كان ذلك إلا احتسابًا في سبيل الله وثقة تامة بالله تعالى وبمعيته بل وبتأييده إن كان ذلك العدو ينوي الغدر حقًّا ما دام قد جمع تلك الأمور من كونه يعمل على بصيرة من دينه وكونه لا يبتغي بذلك سوى وجه الله تعالى وإعطاء الصورة الحسنة للإسلام؛ فهو يدرك إدراكًا جازمًا أن الله هو الفاعل وهو المدبِّر وهو الناصر وهو البصير بعدوِّه المحيط به، أمره أن يسلك طريقةً معيَّنة لهدفٍ سامٍ ثم أمَره أن يتوكل عليه فهو ناصره حتمًا، قال تعالى: "وإن يريدوا أن يخدعوك فإن حسبك الله هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين" [ الأنفال، 62 ]، فهل هذا أشدُّ شجاعةً في نظركم وأكبر في أعينكم وأحب إلى قلوبكم وأجدر بالاحترام أم ذلك القائد الذي لا يأخذ إلا بالظنة فيقتل بحجة التنبه واليقظة وما درى أن الأحكام لا تؤخذ بالظنة فهلا شقَّ عن قلبه ليرى هل صدق أم ينوي الغدر! وهل يجني بقتله سوى مخالفة ما جاء به الرسول الرحيم (صلى الله عليه وسلم) وتشويه صورة الإسلام وتنفير الناس عنه؟ والله لا أرى ذلك سوى ضعفًا في إيمانه وقلةً في توكله ويقينه واتصاله مع الله. لذلك فإني أيها الأخوة أشدِّدُ على أن تختاروا قائدًا متصفًا بكل ذلك كي لا تسيئوا إلى دينكم وأنتم لا تعلمون. وأقول لكم: فليكن ولاؤكم لله ورسوله لا الأشخاص والمسميات، لا تُخْدَعوا بالشعارات واصبروا حتى يخرج إليكم من ترضون منه صدقه وحسن أتباعه لرسول الله (صلى الله عليه وسلم)، لا تحملنكم الحماسة وشدة البلاء الذي يصيب المسلمين أن تلحقوا بأيٍّ كان! يرفع شعار الدين والدين منه براء! تفقهوا في دينكم، ولا تفتنوا أنفسكم ولا تخذلوا دينكم وأنتم تظنون أنكم تنصروه. وأقول للقادة: اتقوا الله في ديننا وليكن قدوتكم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الذي كان يحب الرفق،كما قالت أمنا عائشة (رضي الله عنها): (ما خير رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أمرين إلا أخذ أيسرهما ما لم يكن إثما، فإن كان إثما كان أبعد الناس منه" رواه البخاري ومسلم )، وقالت رضي الله عنها: ( ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده شيئا قط، ولا امرأة ولا خادما، إلا أن يجاهد في سبيل الله، وما نيل منه شيء قط فينتقم من صاحبه إلا أن ينتهك شيء من محارم الله فينتقم لله عز وجل" رواه مسلم ، فكان (صلوات ربي وسلامه عليه) شجاعًا شديدًا في الموطن الذي ينبغي أن يكون كذلك، رحيمًا رفيقًا لينًا في الموطن الذي لا يستوجب الشدة، فاتعظوا وتدبروا.

والآن وبعد ذكر ما رأيت حتمية الإشارة إليه من ضابط الشجاعة، أُعَرِّجُ على وصف مبهر من زاويةٍ أخرى لشجاعة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الذي كان له أعظم الحظ بل وأتمَّه من ذلك الخُلُق، كيف لا وهو سيد ولد آدم، كان صحابته رضي الله عنهم إذا حمي الوطيس في القتال احتموا به صلوات ربي وسلامه عليه، كان اقرب الناس للعدو، ثابت الخطى، يثبت صحابته، ويشد من آزرهم، ويرفع معنوياتهم، لا يهمه كثرة عدوه، ولا كثرة عدته،وهو ما قد زرعه في صحابته رضي الله عنهم. وإذا أردت أن اذكر مواقفه جميعها (صلى الله عليه وسلم) لاحتجت إلى مجلدات، ولكني استشهد هنا بموقفين اثنين من مواقفه (عليه الصلاة والسلام) للتذكر:
روى أنس (رضي الله عنه) أن أهل المدينة فزعوا ذات ليلة فانطلق ناس قبل الصوت، فتلقاهم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) راجعًا وقد سبقهم إلى الصوت وهو على فرس لأبي طلحة بن عري، في عنقه السيف وهو يقول: ( لم تراعوا لم تراعوا). رواه البخاري ومسلم
روى أبو إِسْحَاقَ، قَالَ: سَمِعْتُ البَرَاءَ، وَسَأَلَهُ رَجُلٌ أَكُنْتُمْ فَرَرْتُمْ يَا أَبَا عُمَارَةَ يَوْمَ حُنَيْنٍ؟ قَالَ: لاَ وَاللَّهِ، مَا وَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَكِنَّهُ خَرَجَ شُبَّانُ أَصْحَابِهِ، وَأَخِفَّاؤُهُمْ حُسَّرًا لَيْسَ بِسِلاَحٍ، فَأَتَوْا قَوْمًا رُمَاةً، جَمْعَ هَوَازِنَ، وَبَنِي نَصْرٍ، مَا يَكَادُ يَسْقُطُ لَهُمْ سَهْمٌ، فَرَشَقُوهُمْ رَشْقًا مَا يَكَادُونَ يُخْطِئُونَ، فَأَقْبَلُوا هُنَالِكَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ عَلَى بَغْلَتِهِ البَيْضَاءِ، وَابْنُ عَمِّهِ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ الحَارِثِ بْنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ يَقُودُ بِهِ، فَنَزَلَ وَاسْتَنْصَرَ، ثُمَّ قَالَ: «أَنَا النَّبِيُّ لاَ كَذِبْ، أَنَا ابْنُ عَبْدِ المُطَّلِبْ» ، ثُمَّ صَفَّ أَصْحَابَهُ. رواه البخاري

وهنا لا بد من ذكر شجاعة الغرس الذي غرسه رسولنا الكريم (صلى الله عليه وسلم) صحابته (رضوان الله تعالى عليهم) وعلماء الأمة، وأبدأ بــــ:

- ربعي بن عامر رضي الله عنه:
أرسل سعد رضي الله عنه قبل القادسية ربعي بن عامر إلى رستم قائد الجيوش الفارسية وأميرهم فدخل عليه وقد زينوا مجلسه بالنمارق المذهبة والزرابى الحرير وأظهر اليواقيت واللآلئ الثمينة، والزينة العظيمة وعليه تاجه وغير ذلك من الأمتعة الثمينة وقد جلس على سرير من ذهب ودخل ربعى بثياب صفيقة وسيف وترس وفرس قصيرة ولم يزل راكبها حتى داس بها على طرف البساط ثم نزل وربطها ببعض تلك الوسائد وأقبل وعليه سلاحه ودرعه وبيضه على رأسه فقالوا له ضع سلاحك، فقال إني لم آتكم وإنما جئتكم حين دعوتموني، فإن تركتموني هكذا وإلا رجعت، فقال رستم ائذنوا له فأقبل يتوكأ على رمحه فوق النمارق، فخرق عامتها فقالوا له ما جاء بكم؟ فقال: الله ابتعثنا لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة الله .. ومن ضيق الدنيا إلى سعتها .. ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام، فأرسلنا بدينه إلى خلقه لندعوهم إليه فمن قبل ذلك قبلنا منه ورجعنا عنه ومن أبى قاتلناه أبداً" البداية والنهاية لابن كثير
فهذه الشجاعة التي لم يهب بها الجاه ولا السلطان ولا الجيوش ذات القوة ولكنها شجاعة وقوة الحق المطلق المؤيد من الله

- أبو بكر رضي الله عنه:
وان كنت قد أوردت القصة في باب الحزم ولكني أعيدها هنا، فالقصة فيها الكثير من العبر والمواعظ، ويستفاد منها في أكثر من جانب. فقد وقف (رضي الله عنه) صامدًا، صلبًا، قويًّا، واثقًا بمعية الله عز وجل، في حروب المرتدين ومانعي الزكاة، فثبت أركان الدولة وحماها وحافظ عليها من التفكك والانقسام . حتى قال له بعض المسلمين: يا خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم لا طاقة لك بحرب العرب جميعًا.. الزم بيتك، وأغلق بابك، واعبد ربك حتى يأتيك اليقين!! ولكن الرجل البكّاء اللين الرقيق رحيم القلب، ينقلب في لحظة إلى أسد ثائر، يصيح في عمر بن الخطاب:أجبّار في الجاهلية، خوار في الإسلام؟ لقد تم الوحي واكتمل.. أفينقص الدين وأنا حي؟والله لو منعوني عقال بعير كانوا يؤدونه لرسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم عليه.
وعن محمد بن عقيل بن أبي طالب، قال: (خطبنا علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، فقال:أيها النَّاس، أخبروني بأشجع النَّاس، قالوا:لو قلنا أنت يا أمير المؤمنين، فقال: أما إني ما بارزت أحدًا إلا انتصفت منه، ولكن أخبروني بأشجع النَّاس؟ قالوا: لا نعلم، فمن؟قال: أبو بكر الصديق، إنا لما كان يوم بدر جعلنا لرسول الله صلى الله عليه وسلم عريشًا فقلنا: من يكون مع النَّبي صلى الله عليه وسلم لا يهوي إليه أحد من المشركين؟ فوالله ما دنا منا أحد إلا أبو بكر شاهرًا بالسيف على رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا يهوي إليه أحد إلا هوى إليه، وهذا أشجع النَّاس، قال علي: فلقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذته قريش فهذا يجؤه، وهذا يتلتله، وهم يقولون:أنت الذي جعلت الآلهة إلهًا واحدًا، قال: فوالله ما دنا منه إليه أحد إلا أبو بكر، يضرب هذا،ويجأ هذا، ويتلتل هذا، وهو يقول: ويلكم أتقتلون رجلًا أن يقول ربي الله، ثم رفع علي بردة كانت عليه فبكى حتى أخضل لحيته، ثم قال علي: أنشدكم الله، أمؤمن آل فرعون خير أم أبو بكر؟ قال: فسكت القوم، فقال: ألا تجيبوني؟ والله لساعة من أبي بكر خير من ملء الأرض مثل مؤمن آل فرعون، ذاك رجل يكتم إيمانه، وهذا رجل أعلن إيمانه). مسند البزار


- الفاروق رضي الله عنه:
بعد إسلامه مباشرة يُظهر شجاعته وجرأته في رغبته في الصدع بالإسلام ومواجهة المشركين في مكة بعد أن كان المسلمون لا يخرجون للناس إلا سرا، قال: يا رسول الله علام نخفي ديننا ونحن على الحق،وهم على الباطل فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنا قليل وقد رأيت ما لقينا". فقال عمر: والذي بعثك بالحق لا يبقى مجلس جلست فيه بكفر إلا جلست فيه بالإيمان؛ ثم خرج الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الكعبة في صفين من المسلمين في أحدهما حمزة وفي الآخر عمر" القصة اخرجها ابو نعيم وابن عساكر وابن الجوزي. وعندما أراد أن يهاجر أعلن على الملأ من قريش: من شاء أن تثكله أمه، وييتم ولده فليلقني خلف هذا الوادي، فما استطاع أحد أن يتتبَّعه.
قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: (ما زلنا أعزة منذ أسلم عمر). القصة اخرجها ابن عساكر وابن الأثير

 

- ذو النورين عثمان بن عفان رضي الله عنه:
ويعتبر عثمان رضي الله عنه من أشجع الصحابة فقد شهد المشاهد كلها إلى جانب النبي ولم يتأخر عن أي معركة من معارك المسلمين إلا في معركة بدر عندما لزم أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالبقاء إلى جانب رقية بنت النبي صلى الله عليه وسلم رضي الله عنها لمرضها وتظهر قمة شجاعة أمير المؤمنين عثمان رضي الله عنه عندما حوصر في بيته ويرى الموت أمام عينة  ويعرف أنه يستطيع دفع الموت عنة بكلمة واحدة وهى أن يتخلى عن خلافة المسلمين ولكنة يرفض هذا وهو يعرف أنه الموت ينتظره ولا من يدافع عنة وليس حولة حرس واستخبارات  يرفض أن يترك أمر وهو ليس أمر من الله أو تعين من الله  لم يفعل التقية من اجل حياته و خلافته أو من اجل أن يعيش فقط ضرب وجرح قبل موتة ولم يتنازل عن شيء حاصرة العطش والموت في وقت واحد ولم يتنازل  لم يقتل مباشرة بل أعطوه الخيار إما الموت أو ترك الخلافة ولكنة لم ينزع البيعة عن نفسه لم يدع احد أن يدافع عنة  حقن دماء المسلمين وضحى بنفسه رضي الله عنه.

- علي ابن أبي طالب رضي الله عنه:
عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه في سياق ذكره ليوم خيبر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: عَنْ سَلَمَةَ، قَالَ: كَانَ عَلِيٌّ قَدْ تَخَلَّفَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي خَيْبَرَ، وَكَانَ بِهِ رَمَدٌ، فَقَالَ: أَنَا أَتَخَلَّفُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَخَرَجَ عَلِيٌّ فَلَحِقَ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا كَانَ مَسَاءُ اللَّيْلَةِ الَّتِي فَتَحَهَا اللَّهُ فِي صَبَاحِهَا، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ، أَوْ لَيَأْخُذَنَّ الرَّايَةَ، غَدًا رَجُلًا يُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، أَوْ قَالَ: يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، يَفْتَحُ اللَّهُ عَلَيْهِ " فَإِذَا نَحْنُ بِعَلِيٍّ وَمَا نَرْجُوهُ، فَقَالُوا: هَذَا عَلِيٌّ فَأَعْطَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّايَةَ", وخرج مرحب فقال: قد علمت خيبر أني مرحب .. شاكي السلاح بطل مجرب إذا الحـــــــــروب أقبلت تلهب. فقال علي (رضي الله عنه): أنا الذي سمتني أمي حيدره .. كليث غابات كريه المنظره أوفيهم بالصاع كيل السندره. قال فضرب رأس مرحب فقتله ثم كان الفتح على يديه. رواه مسلم

- خالد بن الوليد رضي الله عنه:
كانت غزوة مؤتة أول غزوة شارك فيها خالد، وقد قتل قادتها الثلاثة : زيد بن حارثة، ثم جعفر بن أبي طالب، ثم عبدالله بن رواحة-رضي الله عنهم-، فسارع إلى الراية (ثابت بن أقرم) فحملها عاليا وتوجه مسرعا إلى خالد قائلا له خذ اللواء يا أبا سليمان ) فلم يجد خالد أن من حقه أخذها فاعتذر قائلا لا، لا آخذ اللواء أنت أحق به، لك سن وقد شهدت بدرا )، فأجابه ثابت خذه فأنت أدرى بالقتال مني، ووالله ما أخذته إلا لك) ثم نادى بالمسلمين أترضون إمرة خالد ؟ قالوا نعم فأخذ الراية خالد وأنقذ جيش المسلمين. يقول خالد قد انقطع في يدي يومَ مؤتة تسعة أسياف، فما بقي في يدي إلا صفيحة لي يمانية" رواه البخاري ، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم- عندما أخبر الصحابة بتلك الغزوة أخذ الراية زيد فأصيب، ثم أخذ الراية جعفر فأصيب، ثم أخذ الراية ابن رواحة فأصيب، وعيناه -صلى الله عليه وسلم- تذرفان، حتى أخذ الراية سيف من سيوف الله، حتى فتح الله عليهم )فسمي خالد من ذلك اليوم سيف الله. رواه البخاري
دوره رضي الله عنه في حروب الردة: شارك في فتح مكة وفي حروب الردة، فقد مضى فأوقع بأهل الردة من بني تميم وغيرهم بالبُطاح ، وقتل مالك بن نويرة ، ثم أوقع بأهل بُزاخَة - وهي المعركة التي كانت بين خالد وطليحة بن خويلد- ، وحرقهم بالنار ، وذلك أنه بلغه عنهم مقالة سيئة ، شتموا النبي -صلى الله عليه وسلم- ، وثبتوا على ردّتهم ، ثم مضى إلى اليمامة ووضع حداً لمسيلمة الكذاب وأعوانه من بني حنيفة.
وكان دور القائد الشجاع يتجلى في معركة اليرموك حين أولى أبو بكر الصديق إمرة جيش المسلمين لخالد بن الوليد ليواجهوا جيش الروم الذي بلغ مائتين وأربعين ألفا ، فوقف خالد بجيش المسلمين خاطباً: إن هذا يوم من أيام الله ، لا ينبغي فيه الفخر ولا البغي ، أخلصوا جهادكم وأريدوا الله بعملكم ، وتعالوا نتعاور الإمارة ، فيكون أحدنا اليوم أميراً والآخر غداً ، والآخر بعد غد ، حتى يتأمر كلكم.
لقد كان حقًّا خطابًا قويًّا استطاع أن يرفع به معنويات جنده، ويشد من أزرهم، ويزرع في قلوبهم تحمل المسؤولية؛ فقد جعل في حسبانهم كون إمارة الجيش ستنتقل لأي منهم ليكونوا على أهبة الاستعداد لمثل هذا التكليف، وهكذا فإن التربية القيادية لأبناء المسلمين وشبابهم مطلوبة منذ نعومة أظفارهم، فهم قادة المستقبل الذين سوف يقومون على أمر الله وإقامة شرعه ونشر دينه.
وقبيل بدء القتال طلب قائد الروم أن يبرز إليه خالد ، فبرز إليه في الفراغ الفاصل بين الجيشين ، فقال (ماهان) قائد الروم: قد علمنا أنه لم يخرجكم من بلادكم إلا الجهد والجوع فإن شئتم أعطيت كل واحد منكم عشرة دنانير وكسوة وطعاما ، وترجعون إلى بلادكم ، وفي العام القادم أبعث إليكم بمثلها !)، أدرك خالد ما في كلمات الرومي من سوء الأدب فردَّ قائلا: إنه لم يخرجنا من بلادنا الجوع كما ذكرت ، ولكننا قوم نشرب الدماء ، وقد علمنا أنه لا دم أشهى ولا أطيب من دم الروم ، فجئنا لذلك.وإن هذا الرد ليشهد بشدة بأس هذا القائد وشجاعته وجرأته على الكفار، إذ إنه لم يهب كثرة عددهم أو عدتهم بل جعلهم هم من يُزَلزَلون بردَّه الشديد الوقع فخارت عزائمهم!وعاد بجواده إلى صفوف الجيش ورفع اللواء عاليا مؤذنا بالقتال الله أكبر ، هبي رياح الجنة! وبسبب تلك القيادة الفذة والثبات الراسخ وشجاعة القائد الحكيم تم النصر بفضل الله تعالى. وحين وصل خبر وفاة أبي بكر رضي الله عنه وتولي الأمر عمر -رضي الله عنه- وأنه ولى القيادة أبا عبيدة بن الجراح (رضي الله عنه) بدلًا منه تجلت شجاعته رضي الله عنه مرة أخرى عندما تنازل عن الإمارة وهو منصور؛ فلم يغتر بنفسه ويقول انا من حقق النصر وأنا أحق بالقيادة، ولكن تنازل في رضا لأنه كان يقاتل لله وحده لا يبغي من وراء ذلك أي أمر من أمور الدنيا، كان يقاتل من اجل أن يعبد الله وحده في الأرض ويحكم بشرعه ! هذه هي شجاعة القادة الذين يلتزمون بأوامر أمرائهم ويطيعونهم في مرضات الله. ومن المؤسف اليوم أن نجد الكثير ممن يدعون أنهم على خطى السلف يعصون أمر الأمير ويشقون جماعة المسلمين بل ويدعون إلى فرقة الأمة وتفريق الجماعة المسلمة من اجل شهوة الإمارة ونسوا أنها سوف تأتي يوم القيامة حسرة وندامة.
إن شجاعة خالد رضي الله عنه كانت فريدة من نوعها عبر التاريخ وان العالم اليوم يدرس خططه العسكرية في الكليات العسكرية.

 

- فتيان الصحابة وعبد الرحمن بن عوف رضي الله عنهم:
قال عبد الرحمن بن عوف (رضي الله عنه): "إني لفي الصف يوم بدر، إذ التفت فإذا عن يميني وعن يساري فتيان حديثا السن، فكأن يلم آمن بمكانهما، إذ قال لي أحدهما سرًّا من صاحبه: يا عم: أرني أبا جهل، فقلت: يا ابن أخي ما تصنع به؟ قال: عاهدت الله إن رأيته أن أقتله أو أموت دونه؟ وقال لي آخر سرًّا من صاحبه مثله قال: فما سرني أنني بين رجلين مكانهما، فأشرت لهما إليه،فشدا عليه مثل الصقرين، فضرباه حتى قتلاه، وهما ابنا عفراء". رواه البخاري
وهكذا ينبغي أن نربي أبناءنا، أن نجعل حميتهم لدينهم ونبيهم وللمؤمنين، وان نزرع في قلوبهم حب الجهاد في سبيل الله.فهذا من الإعداد الذي أمرنا الله تعالى به حين قال: "وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ" [ الأنفال، 60 ]، و"القوة" في قوله {من قوة}: الرمي، هكذا فسرها رسول الله (صلى الله عليه وسلم)؛ فقد روى مسلم عن عقبة بن عامر رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ، يَقُولُ: "{وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ}، أَلَا إِنَّ الْقُوَّةَ الرَّمْيُ، أَلَا إِنَّ الْقُوَّةَ الرَّمْيُ، أَلَا إِنَّ الْقُوَّةَ الرَّمْيُ". ولا يفهم من قوله صلى الله عليه وسلم هذا تقييد عموم القوة الواردة في الآية، ولكن يُحمل ذلك على إن الرمي أشهر وأعظم هذه القوى. ويأخذ حكم الرمي بالقوس في أيامنا هذه الرمي بغيره من آلات الحرب الحديثة والتي غالبًا ما تحتاج إلى تعاهد وطول معالجة، وهو ما يتطلبه حتمًا الإعداد بصورة عامة كما الرمي بالقوس يحتاج لذلك.وهذاما نفتقده اليوم ونحن أحوج ما نكون إليه، فإن الأمة لن تجد لها مخرجًا مما هي فيه إلا إذا عادت إلى طريقة نبيها صلى الله عليه وسلم وصحابته رضي الله عنهم، أولئك الصحابة الذين لم تأتِ مواقفهم إلا نتاج تربيته صلوات ربي وسلامه عليه فحفظ الله بهم الدين وفتح بهم البلاد.

مواقف من بعض العلماء:
إن الأمة ملأى بالعلماء الشجعان الذين لم يرضوا لأنفسهم سكوتًا على باطل، فوقفوا مواقف كم نحن اليوم بحاجة لمثلها لإزهاق الباطل وإظهار الحق للناس وإخراجهم من الظلمات إلى النور، تلك الظلماتُ التي أدخلهم فيها طواغيت العصر من الحكام المستبدين، ظلماتٌ اشد من ظلمات البحر في ليل شديد الظلمة، فسلخوهم من النور الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم.

ونذكر من هؤلاء العلماء:


- أحمد بن حنبل رحمه الله:
فقد عُذب وسُجن فيما يسمى في التاريخ بفتنة خلق القرآن، ولكنه ثبت على موقفه ولم يتزحزح عنه،وبشجاعته في مواجهة الباطل وثباته كان له الفضل على الأمة اليوم انها ثبتت على العقيدة السليمة جزاه الله عنا خير الجزاء .

- شيخ الاسلام ابن تيمية (رحمه الله):
أداه اجتهاده إلى مخالفة فقهاء عصره في بعض المسائل فوشوابه إلى السلطان فسجنه، فظل يكتب الرسائل في سجنه يؤيد بها مذهبه ويدحض بها حجج معارضيه.

 

- العز ابن عبد السلام (رحمه الله):
من مواقفه الشهيرة والتي اصطدم فيها مع الملك أيوب نفسه، أنه لما عاش في مصر اكتشف أن الولايات العامة والإمارة والمناصب الكبرى كلها للمماليك الذين اشتراهم نجم الدين أيوب قبل ذلك، ولذلك فهم في حكم الرقيق والعبيد، ولا يجوز لهم الولاية على الأحرار، فأصدر مباشرة فتواه بعدم جواز ولايتهم لأنهم من العبيد، واشتعلت مصر بغضب الأمراء الذين يتحكمون في كل المناصب الرفيعة، حتى كان نائب السلطان مباشرة من المماليك، وجاءوا إلى الشيخ العز بن عبد السلام، وحاولوا إقناعه بالتخلي عن هذه الفتوى، ثم حاولوا تهديده، ولكنه رفض كل هذا مع إنه قد جاء مصر بعد اضطهاد شديد في دمشق، ولكنه لا يجد في حياته بديلاً عن كلمة الحق، فرفع الأمر إلى الملك أيوب، فاستغرب من كلام الشيخ، ورفضه، وقال إن هذا الأمر ليس من الشؤون المسموح بالكلام فيها، فهنا وجد الشيخ العز بن عبد السلام أن كلامه لا يسمع، فخلع نفسه من منصبه في القضاء، فهو لا يرضى أن يكون صورة مُفتٍ، وهو يعلم أن الله عز وجل سائله عن سكوته كما سيسأله عن كلامه، و هنا ظهرت شجاعة الشيخ العز بن عبد السلام وقرر العالم الورع أن يعزل نفسه من المنصب الرفيع، ومضحياً بالوضع الاجتماعي وبالمال وبالأمان بل وبكل الدنيا..وركب الشيخ العز بن عبد السلام حماره، وأخذ أهله على حمار آخر، وببساطة قرر الخروج من القاهرة بالكلية، والاتجاه إلى إحدى القرى لينعزل فيها إذا كان لا يُسمع لفتواه، ولكن شعب مصر المقدّر لقيمة العلماء رفض ذلك الأمر، وخرج خلف الشيخ العالم الآلاف من علماء مصر ومن صالحيها وتجارها ورجالها، بل خرج النساء والصبيان خلف الشيخ تأييداً له، وإنكاراً على مخالفيه ..ووصلت الأخبار إلى الملك نجم الدين أيوب فأسرع بنفسه خلف الشيخ العز بن عبد السلام واسترضاه، فما قبل إلا أن تنفذ فتواه، وقال له إن أردت أن يتولى هؤلاء الأمراء مناصبهم فلابد أن يباعوا أولاً، ثم يعتقهم الذي يشتريهم، ولما كان ثمن هؤلاء الأمراء قد دفع قبل ذلك من بيت مال المسلمين فلابد أن يرد الثمن إلى بيت مال المسلمين، ووافق الملك أيوب ونزل عند رأي الشيخ الشجاع الذي لم يخشي الله لومة لائم ، وتولى الشيخ العزّ بن عبد السلام بنفسه عملية بيع الأمراء حتى لا يحدث نوع من التلاعب، وبدأ يعرض الأمراء واحداً بعد الآخر في مزاد، ويغالي في ثمنهم، ودخل الشعب في المزاد، حتى إذا ارتفع السعر جداً، دفعه الملك نجم الدين أيوب من ماله الخاص واشترى الأمير، ثم يعتقه بعد ذلك، ووضع المال في بيت مال المسلمين، وهكذا بيع كل الأمراء الذين يتولون أمور الوزارة والإمارة والجيش وغيرها، ومن يومها والشيخ العز بن عبد السلام يعرف "ببائع الأمراء!".).

- سيد قطب (رحمه الله):
حين حاول النظام إثناءه عن رأيه المخالف لجمال عبد الناصر قال قولته الشهيرة: "إن إصبع السبابة الذي يشهد لله بالوحدانية في الصلاة، ليرفض أن يكتب حرفًا يقر به حكم طاغية"، وكم من شيخ وعالم سُجِن في سجون الطواغيت في عصرنا هذا من اجل قولة الحق.

- أسامة بن لادن (رحمه الله):
الذي أصبح مطاردًا ومطلوبًا لملة الكفر والأنظمة الطاغوتية التي تعمل كلاب حراسة عند البيت الأسود، أسأل المولىان يتقبله مع الشهداء.
ولو أردنا أن نكتب عن أولئك الرجال الشجعان الذين سُجنوا وقُتلوا من اجل نصرة دين الله عبر التاريخ فلا اعتقد أننا سوف نحصيهم؛ فهم أكثر من أن يكتبوا في كتب ومجلدات، اسأل الله تعالى أن يجعلنا وإياكم ممن يقومون على أمر الله ويدعون إلى سبيله بالحكمة والموعظة الحسنة.
وأخيرًا أقول: إن المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، والشجاعة صفة لا يتحلى بها إلا الأقوياء الذين يعتزون بدينهم، ولا يجعلون الخور والضعف ديدنهم، ولا يركنون إلى دنيا زائلة. فالشجاعة تنمو وتكبر مع الإنسان مثل النبتة كلما اهتم بها صاحبها ورعاها وأعطاها حقها كلما كبرت معه وعظمت وعظم شأن صاحبها.

 

الصفات المهمة لقيادة الأمة

 جمعهُ ورتبه

الشيخ/ إسماعيل بن عبد الرحيم حميد
"أبو حفص المقدسي " حفظه الله