JustPaste.it

http://s02.justpaste.it/files/justpaste/d248/a9924530/0027-small.gif

bi1hv2_small.jpg

 

الصفة الرابعة/ الجود :

قال تعالى: "وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى وَمَا لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى" [ الأعلى: 17، 18، 19].
الجود لغة: مصدر جادَ، من قَوْلك جَاءَت السَّمَاء غذا جَاءَت بمطر غزير، وَالْفرس الْجواد الْكثير الْإِعْطَاء للجري، وَالله تَعَالَى جواد لِكَثْرَة عطائه فِي مَا تَقْتَضِيه الْحكمة.
واصطلاحًا: كَثْرَة الْعَطاء من غير سُؤال، أو بذل ما ينبغي من الخير لِغَيْر عِوَض.

إن الجود من صفات الكُمَّل الذين يختارهم الله تعالى لغاية، فيحبب إليهم البذل ويجعله سجيةَ في نفوسهم، وهؤلاء هم من يمتلكون قلوب من حولهم من الخلق بفعلهم ذاك؛ تلك القلوب التي جُبِلَت على حبِّ من يحسن إليها، لذلك فإن القائد أولى الناس بالاتصاف بتلك الصفة العزيزة في زمن كثر فيه الطمع والخداع.

إن رعاية الأمة تتطلب الكثير من تحمل المسؤولية، فهي تكليف وحمل ثقيل لا تشريف، بذل وعطاء لا أخذ، فعلى القائد أن يراعي ذلك، ويقوم على حاجة رعيته، ويقدمها على حاجته، ويجود بكل إمكاناته في كافة المجالات المعروفة -العلمية والاجتماعية والدعوية والمعيشية والعسكرية...الخ-، ويجعل نصب عينيه قول رسول الله (صلى الله عليه وسلم): "كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته".

وعليه أن يركز على المجال العلمي، فيجود على أهله، ويقوم بفتح المراكز العلمية والمختبرات لينمي قدرات العلماء وطلبة العلم؛ فالأنظمة الوظيفية التي تحكم البلاد العربية والإسلامية في زمننا حاربت العلم وأهله وزجتهم في سجونها، وهو ما دعا العلماء للهجرة إلى الغرب الكافر ليمارسوا تجاربهم العلمية ويباشروا اختراعاتهم التي نحن أحوج الناس إليها.

لقد كان صلى الله عليه وسلم أجود الناس قبل البعثة، فقد جاء في وصف خديجة رضي الله عنها له (عليه الصلاة والسلام) عند نزول الوحي: "إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَحْمِلُ الْكَلَّ وَتُكْسِبُ الْمَعْدُومَ، وَتَقْرِي الضَّيْفَ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ". رواه البخاري
وأما بعد البعثة فإن التعبير ليعجز عن وصف جوده (عليه الصلاة والسلام) وهو النبي الخاتم، قال ابن عباس (رضي الله عنهما): "كَانَ رَسُولُ اللهِ (صلى الله عليه وسلم ) أَجْوَدَ النَّاسِ، وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ، وَكَانَ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ، فَيُدَارِسُهُ الْقُرْآنَ، فَلَرَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) أَجْوَدُ بِالْخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ". رواه البخاري
كان (عليه الصلاة والسلام) لا يرد مسألة أحد كما روى سهل بن سعد (رضي الله عنه) قال: جاءت امرأةٌ إلى النبي  (صلى الله عليه وسلم) بِبُرْدَةٍ، فقالت: يا رسول الله، أكسوك هذه. فأخذها النبي (صلى الله عليه وسلم) محتاجًا إليها فَلَبِسَهَا، فرآها عليه رجلٌ من الصحابة، فقال: يا رسول الله، ما أحسن هذه، فَاكْسُنِيهَا. فقال: "نَعَمْ". فلمَّا قام النبي (صلى الله عليه وسلم) لاَمَهُ أصحابه، قالوا: ما أحسنْتَ حين رأيتَ النبي (صلى الله عليه وسلم) أخذها محتاجًا إليها ثم سألتَه إيَّاها، وقد عرفتَ أنَّه لا يُسْأَلُ شيئًا فيمنعه. فقال: رَجَوْتُ بَرَكَتَهَا حين لبسها النبي (( صلى الله عليه وسلم)؛ لعلِّي أُكَفَّن فيها" . رواه البخاري، و عن أنس (رضي الله عنه) قال: مَا سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) عَلَى الإِسْلاَمِ شَيْئًا إِلاَّ أَعْطَاهُ. قَالَ: فَجَاءَهُ رَجُلٌ فَأَعْطَاهُ غَنَمًا بَيْنَ جَبَلَيْنِ، فَرَجَعَ إِلَى قَوْمِهِ، فَقَالَ: يَا قَوْمِ، أَسْلِمُوا؛ فَإِنَّ مُحَمَّدًا يُعْطِي عَطَاءً لاَ يَخْشَى الْفَاقَةَ). رواه مسلم
وكان (صلى الله عليه وسلم) يعطي قبل السؤال، ويسعد بذلك أيما سعادة؛ كان (صلى الله عليه وسلم) يقول: "مَا يَسُرُّنِي أَنَّ عِنْدِي مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا، تَمْضِي عَلَيَّ ثَالِثَةٌ وَعِنْدِي مِنْهُ دِينَارٌ إِلاَّ شَيْئًا أَرْصُدُهُ لِدَيْنٍ، إِلاَّ أَنْ أَقُولَ بِهِ فِي عِبَادِ اللهِ: هَكَذَا، وَهَكَذَا، وَهَكَذَا. عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ وَمِنْ خَلْفِهِ). رواه البخاري
وعَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: «غَزَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَزْوَةَ الْفَتْحِ، فَتْحِ مَكَّةَ، ثُمَّ خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَنْ مَعَهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَاقْتَتَلُوا بِحُنَيْنٍ، فَنَصَرَ اللهُ دِينَهُ وَالْمُسْلِمِينَ وَأَعْطَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَئِذٍ صَفْوَانَ بْنَ أُمَيَّةَ مِائَةً مِنَ النَّعَمِ ثُمَّ مِائَةً ثُمَّ مِائَةً» قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، أَنَّ صَفْوَانَ قَالَ: «وَاللهِ لَقَدْ أَعْطَانِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَعْطَانِي، وَإِنَّهُ لَأَبْغَضُ النَّاسِ إِلَيَّ، فَمَا بَرِحَ يُعْطِينِي حَتَّى إِنَّهُ لَأَحَبُّ النَّاسِ إِلَيَّ". رواه مسلم
ومن صور كرمه (صلى الله عليه وسلم) أن الرُّبَيِّع بنت مُعَوِّذ ابن عفراء -رضي الله عنها- قالت: أتيت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بِقِنَاعٍ من رُطَبٌ، وَأَجْرٍ من قثَّاءٍ زُغْبٍ، فأعطاني ملء كفه حليًّا. أو قالت: ذهبًا. وَقَالَ: "تَحَلَّيْ بِهَذَا" رواه الطبراني في المعجم الكبير". وجاءه (صلى الله عليه وسلم) مالُ البحرين -وكان أكثر ما أُتي به رسول الله (صلى الله عليه وسلم)- فقال (صلى الله عليه وسلم): "انْثُرُوهُ فِي الْمَسْجِدِ". رواه البخاري
وكان صلى الله عليه وسلم يحث أصحابه والأمة من بعدهم على الجود، قال صلى الله عليه وسلم: "مَا مِنْ يَوْمٍ يُصْبِحُ الْعِبَادُ فِيهِ إِلاَّ مَلَكَانِ يَنْزِلاَنِ، فَيَقُولُ أَحَدُهُمَا: اللَّهُمَّ أَعْطِ مُنْفِقًا خَلَفًا. وَيَقُولُ الآخَرُ: اللَّهُمَّ أَعْطِ مُمْسِكًا تَلَفًا". رواه البخاري ومسلم

 

ونورد من جود الصحابة (رضوان الله عليهم) بعض المواقف:

- أبو بكر الصديق (رضي الله عنه): الذي ما حاز من الفضائل رجل بعد الانبياء كما حازها هو، قال شيخ الإسلام ابن تيمية : أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ أَفْضَلُ الأَوْلِيَاءِ الْمُتَوَكِّلِينَ بَعْدَ الأَنْبِيَاءِ, وَقَدْ أَخْرَجَ مَالَهُ كُلَّهُ، وَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا تَرَكْتَ لأَهْلِك؟ قَالَ: تَرَكْتُ لَهُمْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ. وَمَعَ هَذَا فَمَا كَانَ يَأْخُذُ مَنْ أَحَدٍ شَيْئًا لا صَدَقَةً وَلا فُتُوحًا وَلا نَذْرًا، بَلْ إنَّمَا كَانَ يَعِيشُ مِنْ كَسْبِهِ. بِخِلافِ مَنْ يَدَّعِي التَّوَكُّلَ وَيُخْرِجُ مَالَهُ كُلَّهُ ظَانًّا أَنَّهُ يَقْتَدِي بِالصِّدِّيقِ؛ وَهُوَ يَأْخُذُ مِنْ النَّاسِ إمَّا بِمَسْأَلَةِ وَإِمَّا بِغَيْرِ مَسْأَلَةٍ، فَإِنَّ هَذِهِ لَيْسَتْ حَالَ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ. وقد نزل فيه رضي الله عنه قوله تعالى: "وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى"، قال ابن الجوزي: أجمعوا على أنها نزلت في أبي بكر. وعن أبي هريرة – رضي الله عنه- قال: قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم: ما نفعني مال قط ما نفعني مال أبي بكر، فبكى أبو بكر وقال : هل أنا ومالي إلا لك يا رسول الله. رواه أحمد في مسنده، وقال شعيب أرنؤوط إسناده صحيح على شرط الشيخين، ورواه ابن حبان في صحيحه

- عثمان (رضي الله عنه): الذي جهز جيش العسرة واشترى بئر رومة ووسع المسجد من حُرِّ ماله، عن ثمامة بن حزن القشيري قال: "شهدت الدار يوم أصيب عثمان رضي الله عنه فاطلع عليهم اطلاعة فقال ادعوا لي صاحبيكم اللذين ألباكم علي فدعيا له فقال نشدتكما الله أتعلمان أن رسول الله صلى الله عليه و سلم لما قدم المدينة ضاق المسجد بأهله فقال من يشتري هذه البقعة من خالص ماله فيكون فيها كالمسلمين وله خير منها في الجنة فاشتريتها من خالص مالي فجعلتها بين المسلمين وأنتم تمنعوني أن أصلي فيه ركعتين ثم قال أنشدكم الله أتعلمون أن رسول الله صلى الله عليه و سلم لما قدم المدينة لم يكن فيها بئر يستعذب منه إلا رومة فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم من يشتريها من خالص ماله فيكون دلوه فيها كدلي المسلمين وله خير منها في الجنة فاشتريتها من خالص مالي فأنتم تمنعوني ان أشرب منها ثم قال هل تعلمون أني صاحب جيش العسرة قالوا اللهم نعم" رواه أحمد في مسنده، وقال شعيب الأرنؤوط: إسناده حسن ،وعن عبد الرحمن بن سمرة قال: جاء عثمان إلى النبي صلى الله عليه و سلم بألف دينار قال الحسن بن واقع وكان في موضع آخر من كتابي في كمه حين جهز جيش العسرة فينثرها في حجره قال عبد الرحمن فرأيت النبي صلى الله عليه و سلم يقلبنا في حجره ويقول ما ضر عثمان ما عمل بعد اليوم مرتين . رواه الترمذي في سننه وقال حديث حسن غريب من هذا الوجه، وقال الألباني حسن، ورواه الحاكم في المستدرك

- أبو طلحة (رضي الله عنه): الذي جاد بأحب أمواله إليه، عن أَنَس بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قال: كَانَ أَبُو طَلْحَةَ أَكْثَرَ الأَنْصَارِ بِالْمَدِينَةِ مَالًا مِنْ نَخْلٍ، وَكَانَ أَحَبُّ أَمْوَالِهِ إِلَيْهِ بَيْرُحَاءَ، وَكَانَتْ مُسْتَقْبِلَةَ المَسْجِدِ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْخُلُهَا وَيَشْرَبُ مِنْ مَاءٍ فِيهَا طَيِّبٍ، قَالَ أَنَسٌ: فَلَمَّا أُنْزِلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: "لَنْ تَنَالُوا البِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ".[آل عمران: 92] قَامَ أَبُو طَلْحَةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَقُولُ: "لَنْ تَنَالُوا البِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ". وَإِنَّ أَحَبَّ أَمْوَالِي إِلَيَّ بَيْرُحَاءَ، وَإِنَّهَا صَدَقَةٌ لِلَّهِ، أَرْجُو بِرَّهَا وَذُخْرَهَا عِنْدَ اللَّهِ، فَضَعْهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ حَيْثُ أَرَاكَ اللَّهُ، قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «بَخٍ، ذَلِكَ مَالٌ رَابِحٌ، ذَلِكَ مَالٌ رَابِحٌ، وَقَدْ سَمِعْتُ مَا قُلْتَ، وَإِنِّي أَرَى أَنْ تَجْعَلَهَا فِي الأَقْرَبِينَ» فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ: أَفْعَلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَسَمَهَا أَبُو طَلْحَةَ فِي أَقَارِبِهِ وَبَنِي عَمِّهِ. رواه البخاري ومسلم

وكثيرة هي صور الجود في حياة الصحابة (رضي الله عنهم) فمن أراد الاستزادة فليرجع إلى كتب السير.

إن المسلمين اليوم غدوا ضحايا لفساد حكامهم، أولئك الذين سلبوهم أبسط حقوقهم من أجل مصالحهم الشخصية بل ومصالح عملائهم من الغرب -فحاربوا المسلمين بتلك الحقوق المسلوبة!-، ووالله إن التعبير ليعجز عن وصف ما أحدثه هؤلاء فيهم من الفقر والعيلة حتى ألجؤوهم إلى قضاء ساعات طويلة يكدحون فيها وينصبون من اجلِ لقمةٍ يتقوون بها على هذه الحياة، فأنسوهم دورهم في بناء أمتهم بل وأوغلوا قلوبهم سخطًا على بلادهم التي عانوا فيها ما عانوا، والتي كان يجب أن يغاروا عليها من أمثالهم، فأشغلوهم بأنفسهم عنها! وإن ذلك كله ليصبُّ في مصلحة من؟! ومن وراء كل ذلك؟! اخرجوا انتم بالنتيجة.. فهل أدركتم إخوتي ماذا يعني جود الحاكم وماذا تعني تضحيته بحاجته من أجل حاجة رعيته؟ وإنه والله ليس بيسير إلا على من يخاف الله ويخشاه، قال صلى الله عليه وسلم (اللهم من وليَ من أمرِ أمتي شيئاً فشقَّ عليهم، فاشقُق عليه، ومن ولي من أمر أمتي شيئاً، فرفق بهم، فارفق به" رواه البخاري ،وعن أبي مريمَ الأَزدِيِّ رضي اللَّه عنه، أَنه قَالَ: سَمِعتُ رسولِ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يقول: «من ولاَّهُ اللَّه شَيئاً مِن أُمورِ المُسلِمينَ فَاحَتجَبَ دُونَ حَاجتهِمِ وخَلَّتِهم وفَقرِهم، احتَجَب اللَّه دُونَ حَاجَتِه وخَلَّتِهِ وفَقرِهِ يومَ القِيامةِ» فَجعَل مُعَاوِيةُ رجُلا على حَوَائجِ الناسِ". رواه أبو داودَ، والترمذي، وابن سعد، والحاكم، والبيهقي، وإسناده صحيح
كم نحن اليوم بحاجة لأمثال علي رضي الله عنه، الذي كان يوجه ولاته على البلاد ويقول لهم: " كونوا في الناس كالنحلة في الطير، إنه ليسفي الطير شيء إلا وهو يستضعفها، ولو يعلم الطير ما في أجوافها من البركة لم يفعلوا ذلك بها، خالطوا الناس بألسنتكم وأجسادكم، وأعينوهم بأعمالكم وقلوبكم، فإن للمرء ما اكتسب، وهو يوم القيامة مع من أحب" رواه الدارمي في سننه، وقال حسين الداراني المحقق إسناده صحيح وهو موقوف على علي (رضي الله عنه) ،وأمثال عمر بن عبد العزيز رحمه الله الذي كان يقول: انثروا القمح على رؤوس الجبال كي لا يقال انه جاع طائر في بلاد المسلمين!

وأخيرًا أقول لكم أيها المسلمون إننا اليوم بحاجة إلى جودكم أنتم، بحاجة إلى أموال أغنيائكم لِتُرَدَّ على "أمتكم" وإلّا فقولوا لي بالله عليكم من يتحمل مسؤوليتها إن لم تكونوا أنتم؟! هل تنتظرون حُكَّامًا أم غربًا ليُمَوِّلَ مشروعَها؟ لا أتكلم فقط عن الفقر الذي أطبق على عامة المسلمين حتى أنساهم وظيفتهم التي خلقهم الله تعالى من أجلها، ولكني أتكلم عن أصل الأمر كله ومادته، تلك الجيوش التي لا زالت تتحرق شوقًا للسير نحو عز أمتكم وانتشالها من هذا الضياع ثم أعياها فقر عدتها! هذا هو الجذر فانشغلوا بسقيه كي يُقِرَّ أعينكم بأشجار أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها، تستأصل كل ما تعانونه من هذه المآسي والآلام. وإني أوصي من أثرت فيه كلماتي بتحري البحث عن تلك الجيوش التي لا تسير إلا على خطى نبيكم (صلى الله عليه وسلم) وصحابته وآل بيته (رضوان الله عنهم)، فإنها أمانة.

الصفات المهمة لقيادة الأمة

 جمعهُ ورتبه

الشيخ/ إسماعيل بن عبد الرحيم حميد
"أبو حفص المقدسي " حفظه الله