JustPaste.it

 

أنا النَّذيرُ العُرْيانُ؛ فالنَّجاءَ النَّجاء!
رضوان محمود نموس (أبو فراس)

الناطق الرسمي لجبهة الخيانة (جبهة الجولاني)


لا ينتابني أدنى شك أن الطائفة المنصورة هي في الشام بإذن الله, وأسأل الله أن يجعلنا منها ومن الممهدين لدولة الخلافة القادمة إن شاء الله, وأن نكون طليعة مجد الإسلام. إذا حافظنا على النهج الصحيح ولم نبدل أو ننحرف أو تستهوينا الشياطين؛ وأنا على نفس اليقين أو أشد بأن الاستبدال قادم قادم إن بدلنا ويلوح في الأفق البعيد شيء من ذلك أسأل الله العافية فالبدار البدار إلى الإصلاح والاستقامة.
وأعلم يقينًا أن جيوشًا جرارة من الكفار والمرتدين, والضالين والمنافقين, والمتآمرين والانتهازيين, والسمَّاعين والمحسنين الظن بهم يحاولون تأخير مولود حكم الإسلام القادم؛ ولكن الله غالب على أمره, قال تعالى:{وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ } [يوسف: 21]
وقال تعالى:{يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ * هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ} [التوبة:32/ 33]
أخوتي الأحبة إن جيوشًا وطوابيرًا من المرجفين والحاقدين على الإسلام, والخائفين المرتجفين والمدهنين, والراكنين إلى الذين ظلموا, والبله والسمَّاعين, سيخوفونكم من قوى الكفر العالمية, وضرورة مسايرتها, ويطمحون إلى إقناعنا بالدخول في مشاركتهم منهج الخوف والاستسلام والخنوع للقوى العالمية ولو على مراحل؛ ولو من باب الضحك على أمريكا زعيمة محور الشر المتمثل في التحالف الصليبي الصهيوني ومخادعتها كما يزعمون, وهؤلاء إنما يخدعون أنفسهم. فإن لم يستطيعوا فسيراودوننا على الالتقاء معهم في منتصف الطريق, وسيبرز شيوخ التمييع والتضليل؛ المنادون بالوسطية والمصلحة المزعومة والضرورة حسب فهمهم الانهزامي, وتحييد القوى حسب فهمهم الاستسلامي. فعلينا أن لا نأبه لهم ولا نعيرهم سمعا, بل ندعوهم لمراجعة دينهم ولنذكر جميعًا قول الله عز وجل : {إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * وَلَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا يُرِيدُ اللَّهُ أَلَّا يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا فِي الْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ * [آل عمران: 175 - 176] ولنكن كما كان سلفنا الذين وصفهم ربنا عز وجل فقال: {الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ (172) الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ } [آل عمران: 172، 173]
إن سياسة الكفر هي القضاء على الإسلام قال تعالى: {إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِينًا} [النساء: 101] فإذا لم ينجحوا اتبعوا أسلوب التآمر والإدهان: قال تعالى: {فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ (5) بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ (6) إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (7) فَلَا تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ (8) وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ (9) } [القلم: 5 -9]
إن الحركات الإسلامية التي هبت في العصر الحديث لتقاوم هذا الواقع الغريب عن الإسلام؛لم تلق إلا الحرب من الغرب ووكلائه في بلادنا, وكانت آخر وسائل هذه الحرب؛ العمل على حرف هذه الحركات ومراودتها للقاء مع الكفر؛ في أي مرحلة من مراحل الطريق, وسقط من سقط ولا تسأل عمن هلك كيف هلك ولكن اسأل عمن نجا كيف نجا وعادة ما تبدأ رحلة التنازلات بشيء يسير, ثم لا تقف إلا في نهاية السلم, هذا شأن التنازلات في كل مراحل التاريخ, وأسأل الهم أن يتاح لي الفرصة لأحدثكم عن تنازلات الحركات الإسلامية ونتائجها! وخط التنازلات أحادي الاتجاه, فمن يتنازل يفقد إمكانية الرجوع إلى نقطة البداية ولا يمكن استرجاع ما تنازل عنه لأن الأصل أن لا تنازلات في هذا الشأن ومثل المتنازلين كمثل من قالت {أنا أعطيتك الذي ليس يعطى}.
ومن لا يستجيب للتنازلات أمام الكفار؛ يرسلون له السمَّاعين, الذين انخدعوا بإطروحات الكفر فقبلوها, أو يريدون أن يلعبوا على الكفار, أو استنزال الشرفاء لما وقعوا هم فيه؛ ليكونوا سواء في الذل والعار.
وهكذا ظهر السمَّاعون؛ يسمعون قول الكافرين والمنافقين فيرددونه وهم ليسوا كفارًا ولا منافقين, بل هم من المسلمين, يتكلمون بطريقتهم, ويلبسون لباسهم, ويلتحون ويحوقلون وربما يزعمون أنهم مجاهدين....الخ, ولكن بضاعتهم سمعوها من الكفار والمنافقين؛ فهم صدى لهم وليسوا صوتًا مستقلًا, كالببغاوات تردد ما تسمع ويصدق عليهم قول الشاعر:
أثر البهتان فيه **** وانطلى الزور عليه
يا له من ببغاء **** عقـله في أذنيـه
هؤلاء الذين يسوِّقون مشاريع أهل الزيغ والضلال, مشاريع المنهزمين التائهين. مشاريع كفرية بمرجعية إسلامية (زعموا) ويظنون أن وضع هذه العبارة تعفيهم من كل الانحرافات والضلالات, بل ربما مناطات الردة. حيث أصبحت (بمرجعية إسلامية) مكياج ثقيل يُطلب منه أن يخفي كل ما تحته من تشوهات عقدية وشرعية وخُلُقِية.
ومثل هؤلاء يجب أن يناصحوا ويبين لهم إن تعاملهم مع الله جل وعلا؛ فهم إن كانوا يظنون بأنفسهم القدرة على خداع البشر أو ترديد قول الخادعين فتعالى الله عن ذلك, ومن يظن أنه يخدع الله تعالى الله عن ذلك فلقد تردى في هوة لا قرار لها. {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ} [الأنعام: 91]
لذا قرر العلماء أن العبرة في المعاني وليست في المباني, وأن التلاعب بالألفاظ لا يأبه له, فمن يقل مثلًا أن محمدًا صلى الله عليه وسلم كافرًا؛ يقطع رأسه, ولو أراد تأويلها أن رسول صلى الله عليه وسلم كافر بالطاغوت, ومثل ذلك عند هؤلاء يخادعون الناس ويقولون (مشروع أمة) ثم يفسرون ذلك إذا اضطروا إلى مشروع سوريا فقط ترابًا وثوارًا, وأخشى أن يأتي الوقت الذي تختصر فيه الأمة إلى مدينة كذا أو مذا, إن هذا التلاعب للوصول إلى تحسين أطروحات أهل الكفر والردة, الذي يقوم به السمَّاعون ليقدموها عن طريقهم بشكل أطروحة إسلامية؛ فيحسنونها ويقدمونها وكأنهم هم أصحابها, وفي الحقيقة ما هم إلا رسل للمرتدين وفي أحسن الأحوال ببغاوات يرددون أطروحات المنافقين والمرتدين يجعل هؤلاء السمَّاعين جزءً من الحرب على الإسلام.
هؤلاء السمَّاعون المفتونون أينما رأوا شيئًا يلمع ظنوه ذهبًا, وسارعوا إليه دون فحص وتمحيص, دون إحكام لأصول الدين وقواعده. هؤلاء السمَّاعون ذمهم الله تعالى لسلوكهم المشين هذا.
فقال تعالى: (يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ لا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هَادُوا سمَّاعون لِلْكَذِبِ سمَّاعون لِقَوْمٍ آخَرِينَ )( ).وقال الله تعالى: ( لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلا خَبَالا وَلأوْضَعُوا خِلالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سمَّاعون لَهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ )( ).
قال الإمام ابن تيمية: [ ثم قال سمَّاعون للكذب أكَّالون للسحت فذكر أنهم في غذاءي الجسد والقلب يغتذون الحرام, بخلاف من يأكل الحلال ولا يقبل إلا الصدق, وفيه ذم لمن يَرُوجُ عليه الكذب ويقبله أو يؤثره لموافقته هواه, فيدخل فيه قبول المذاهب الفاسدة لأنها كذب لا سيما إذا اقترن بذلك قبولها لأجل العوض عليها سواءً كان العوض من ذي سلطان أو وقف أو فتوح أو هدية أو أجرة أو غير ذلك وهو شبيه بقوله {إِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ } [التوبة: 34].
وأهل البدع وأهل الفجور الذين يصدِّقون بما كُذِبَ به على الله ورسوله وأحكامه والذين يطيعون في معصية الخالق.... لأنه ليس قصدهم قبول الحق وسماعه مطلقا بل يسمعون ما وافق أهواءهم]( ).
وقال: [فكل من تصديق الكذب والطاعة لمن خالف رسول الله من أعظم الذنوب, ولفظ السميع يراد به الإحساس بالصوت ويراد به فهم المعنى ويراد به قبوله, فيقال فلان سمع ما يقول فلان أي يصدقه أو يطيعه ويقبل منه بقوله سمَّاعون للكذب أي مصدقون ... وكذلك سمَّاعون لقوم آخرين لم يأتوك أي مستجيبون لهم مطيعون لهم كما قال في حق المنافقين وفيكم سمَّاعون لهم أي مستجيبون لهم مطيعون لهم ]( ).
وقال: [وفيكم سمَّاعون لهم. بين سبحانه أن المنافقين لو خرجوا في غزوة ما زادوا المؤمنين إلا خبالا ولأوضعوا أي أسرعوا خلالهم أي بينهم يطلبون لهم الفتنة وفي المؤمنين من يقبل منهم وهم السمَّاعون لهم أي يستجيبون لهم.
المراد أنهم سمَّاعون الكذب أي يصدقون به سمَّاعون أي مستجيبون لقوم آخرين مخالفين للرسول وهذه حالة كل من خرج عن الكتاب والسنة فإنه لابد أن يصدق الكذب فيكون من السمَّاعين للكذب ولابد أن يستجيب لغير الله والرسول فيكون سماعا لقوم آخرين لم يتبعوا الرسول وهؤلاء لهم نصيب من قوله تعالى: ( وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَالَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلا يَاوَيْلَتِي لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلانًا خَلِيلا لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلإِنسَانِ خَذُولا )]( ).
وقال ابن كثير:[ وفيكم سمَّاعون لهم أي مطيعون لهم ومستجيبون لحديثهم وكلامهم يستنصحون وإن كانوا لا يعلمون حالهم فيؤدي إلى وقوع شر بين المؤمنين وفساد كبير]( ).
قال ابن القيم: [ سمَّاعون للكذب سمَّاعون لقوم آخرين لم يأتوك يحرفون الكلم من بعد مواضعه مما يدل على أن العبد إذا اعتاد سماع الباطل وقبوله أكسبه ذلك تحريفا للحق عن مواضعه فإنه إذا قبل الباطل أحبه ورضيه فإذا جاء الحق بخلافه رده وكذبه إن قدر على ذلك وإلا حرفه ]( ).
فالملاحظ أنه في كل مرة يقبل السمَّاعون كلام المنافقين والكافرين والثقافات والفلسفات والأطروحات الوافدة ويصنعون ذات أنواط, ويعرضون مكاءهم على المسلمين؛ يحدث ثلم وهدم وردم وخسف في الإسلام, وفي كل مرة يكون كلام السمَّاعين أخطر من كلام المنافقين أو الكفار الأصليين؛ لما يبدو في ظاهرهم من صلاح. فمن أعظم الجنايات على المسلمين جناية السمَّاعين؛ بنقلهم لكلام الطوائف الضالة والكافرة والمرتدة والمبتدعة وفلسفات ونظم الغرب وأطروحات أجهزة المخابرات, ولم يكن لمشاريع الكفر أن تنفذ إلينا إلا عبر السمَّاعين؛ لاعبر طابور المرتدين العلمانيين والليبرالين اللادينيين وأحزابهم؛ وهم الأقل ضررًا لانكشاف أمرهم وظهور سوأتهم ومعرفة حالهم من عموم المسلمين, أما السمَّاعون وهم الأكثر ضررًا الذين تسرب الضلال والكفر من خلالهم, بترديد مقالات الكفر ومحاولة التماس الأوجه لها والاتكاء على بعض المتشابهات, ففتحوا بذلك لمقالات الكفر ومشاريعه طريقًا, وصاروا إلى هلاك الإسلام دليلًا, فظهرت دعوتهم بزيادة ترديدها, واستماع طوابير المغفلين لها, والأخذ والرد, وطرق أسماع من لم يكن عرفها من الخاصة والعامة, حتى تقابلت الشبه في الحجج, وبلغوا من التدقيق في اللجج, فصاروا للكفار أبواقًا, يقبلون ما عندهم ويلمعونه, ولهم يصغى ويسمع, ويرد كتاب الله بحجة المصلحة, وترد سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم, بحجة ظنية الثبوت أو الدلالة, واحتمال الأوجه, والمصلحة والضرورة, وتحييد الخصوم, ومسايرة الحكومات وطمأنة الكفار, في الوقت الذي ترد فيه أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وبحجة أنها آحاد, ويقبل كلام الكفر ويداهن عليه, ويصبح الكفار خلانا وإخوانا بعد أن كانوا في الله أعداء وأضدادا, ويصبح أهل الحق خصومًا وأعداءً. بعد أن كانوا إخوانا.
وما لم يتصدى المسلمون لهذه الظاهرة وينكروا على أصحابها ويأخذوا على أيديهم, ويردوهم بالعلم والدليل ورفض الباطل -وليس بالإدهان والمسايرات والطبطبات؛ التي أصبحت سياسة سائدة- ستنتشر وتستشري أقاويلهم ويعم البلاء ويبدل الدين.
ولو أن البدع حوربت منذ الأيام الأولى لظهورها لانقمعت وارتدت وصار أهلها مقموعين أذلة. ولكنها عندما تُركت؛ حتى استشرت في المجتمع وتمطت بصلبها وأردفت إعجازا وناءت بكلكل، نخرت المجتمع وخرَّبته وأصبح اقتلاعها ليس بالأمر السهل، كالداء يمكن علاجه بأسهل الدواء فإذا غُفل عنه اجتاح الجسد واحتاج إلى عمل جراحي ربما استأصلت معه بعض الأعضاء، وما هذا إلا لعدم القيام بواجب الأمر بالمعروف, والنهي عن المنكر والسكوت عن المنحرفين وتحسين مذهبهم ومن يحسن مذهبهم يكون شريكهم.
قال الإمام ابن تيمية:[ ومثل أئمة البدع من أهل المقالات المخالفة للكتاب والسنة، أو العبادات المخالفة للكتاب والسنة، فإن بيان حالهم وتحذير الأمة منهم واجب باتفاق المسلمين، حتى قيل لأحمد بن حنبل: الرجل يصوم ويصلي ويعتكف, أحبّ إليك، أو يتكلم في أهل البدع ؟ فقال: إذا قام وصلى واعتكف فإنما هو لنفسه، وإذا تكلم في أهل البدع فإنما هو للمسلمين، هذا أفضل.
فبيّن أن نفع هذا عام للمسلمين في دينهم من جنس الجهاد في سبيل الله, إذ إن تطهير سبيل الله ودينه ومنهاجه وشرعته, ودفع بغي هؤلاء وعدوانهم على ذلك واجب على الكفاية باتفاق المسلمين، ولولا من يقيمه الله لدفع ضرر هؤلاء لفسد الدين, وكان فسـاده أعظم من فساد استيلاء العدو من أهل الحرب, فإن هؤلاء إذا استولوا لم يفسدوا القلوب وما فيها من الدين إلا تبعًا, وأما أولئك فهم يفسدون القلوب ابتداءً ]( ).
وقال: [ وأعداء الدين نوعان, الكفار والمنافقون, وقد أمر الله نبيه بجهاد الطائفتين في قوله: (يـَاأَيهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِم) في آيتين من القرآن، فإذا كان أقوام منافقون يبتدعون بدعًا تخالف الكتاب، ويلبّسونها على الناس, ولم تبين للناس فَسدَ أمر الكتاب, وبُدِّل الدين، كما فسد دين أهل الكتاب قبلنا, بما وقع فيه من التبديل, الذي لم ينكر على أهله.
وإذا كان أقوام ليسوا منافقين, لكنهم سمَّاعون للمنافقين، قد التبس عليهم أمرهم, حتى ظنوا قولهم حقًا, وهو مخالف للكتاب، وصاروا دعاة إلى بدع المنافقين، كما قال تعالى: ( لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلا خَبَالا وَلأوْضَعُوا خِلالَكُمْ يَبْغُونَكُمْ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سمَّاعون لَهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ)( ). فلا بدّ أيضًا من بيان حال هؤلاء, بل الفتنة بحال هؤلاء أعظم, فإن فيهم إيمانًا يوجب موالاتهم, وقد دخلوا في بدع من بدع المنافقين التي تفسد الدين, فلا بدّ من التحذير من تلك البدع, وإن اقتضى ذلك ذكرهم وتعيينهم, بل ولو لم يكن قد تلقوا تلك البدع عن منافق, لكن قالوها ظانين أنها هدىً, وأنها خير, وأنها دين, ولو لم تكن كذلك لوجب بيان حالها ]( ).
والعجب أن هؤلاء السمَّاعون يسمعون سحر الطواغيت وأهل الردة فيأتون ليحرفوا الأدلة الشرعية, ويضعوها له ثم يريدون قيادة القافلة نحو سوق الخنا.
فالحذر الحذر من التساهل والحذر الحذر من التنازل, إن قضية العقيدة والدين لا تمر على سوق المساومات ولا تعوج على بازار المزادات ولن يمررها إلا من قال الله عنهم: {وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِبًا وَلَهْوًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَذَكِّرْ بِهِ أَنْ تُبْسَلَ نَفْسٌ بِمَا كَسَبَتْ لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيٌّ وَلَا شَفِيعٌ وَإِنْ تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ لَا يُؤْخَذْ مِنْهَا أُولَئِكَ الَّذِينَ أُبْسِلُوا بِمَا كَسَبُوا لَهُمْ شَرَابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ (70) قُلْ أَنَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُنَا وَلَا يَضُرُّنَا وَنُرَدُّ عَلَى أَعْقَابِنَا بَعْدَ إِذْ هَدَانَا اللَّهُ كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ فِي الْأَرْضِ حَيْرَانَ لَهُ أَصْحَابٌ يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى ائْتِنَا قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ } [الأنعام: 70، 71]
لقد ساوم كفار قريش رسول الله صلى الله عليه وسلم مساومات كان سقفها أعلى من مساومات هؤلاء بكثير جدًا فانظروا رحمكم الله ماذا كان رده صلى الله عليه وسلم.
قال:[ثُمّ إنّ أَشْرَافَ قُرَيْشٍ مِنْ كُلّ قَبِيلَةٍ - كَمَا حَدّثَنِي بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَعَنْ عِكْرِمَةَ مَوْلَى ابْنِ عَبّاسٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: اجْتَمَعَ عُتْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ، وَشَيْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ، وَأَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ، وَالنّضْرُ بْنُ الْحَارِثِ، أَخُو بَنِي عَبْدِ الدّارِ، وَأَبُو الْبَخْتَرِيّ بْنُ هِشَامٍ وَالْأَسْوَدُ بْنُ الْمُطّلِبِ بْنِ أَسَدٍ، وَزَمَعَةُ بْنُ الْأَسْوَدِ، وَالْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، وَأَبُو جَهْلِ بْنُ هِشَامٍ - لَعَنَهُ اللهُ - وَعَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي أُمَيّةَ، وَالْعَاصُ بْنُ وَائِلٍ، وَنَبِيهٌ وَمُنَبّهٌ ابْنَا الْحَجّاجِ السّهْمِيّانِ، وَأُمَيّةُ بْنُ خَلَفٍ، أَوْ مَنْ اجْتَمَعَ مِنْهُمْ. قَالَ اجْتَمَعُوا بَعْدَ غُرُوبِ الشّمْسِ عِنْدَ ظَهْرِ الْكَعْبَةِ، ثُمّ قَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضِ ابْعَثُوا إلَى مُحَمّدٍ فَكَلّمُوهُ وَخَاصِمُوهُ حَتّى تُعْذَرُوا فِيهِ فَبَعَثُوا إلَيْهِ إنّ أَشْرَافَ قَوْمِك قَدْ اجْتَمَعُوا لَك لِيُكَلّمُوك، فَأْتِهِمْ فَجَاءَهُمْ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَرِيعًا، وَهُوَ يَظُنّ أَنْ قَدْ بَدَا لَهُمْ فِيمَا كَلّمَهُمْ فِيهِ بَدَاءٌ وَكَانَ عَلَيْهِمْ حَرِيصًا يُحِبّ رُشْدَهُمْ وَيَعِزّ عَلَيْهِ عَنَتُهُمْ حَتّى جَلَسَ إلَيْهِمْ فَقَالُوا لَهُ يَا مُحَمّدُ إنّا قَدْ بَعَثْنَا إلَيْك; لِنُكَلّمَك، ... فَإِنْ كُنْت إنّمَا جِئْت بِهَذَا الْحَدِيثِ تَطْلُبُ بِهِ مَالًا جَمَعْنَا لَك مِنْ أَمْوَالِنَا حَتّى تَكُونَ أَكْثَرَنَا مَالًا، وَإِنْ كُنْت إنّمَا تَطْلُبُ بِهِ الشّرَفَ فِينَا، فَنَحْنُ نُسَوّدُك عَلَيْنَا، وَإِنْ كُنْت تُرِيدُ بِهِ مُلْكًا مَلّكْنَاك عَلَيْنَا، وَإِنْ كَانَ هَذَا الّذِي يَأْتِيَك رَئِيّا تَرَاهُ قَدْ غَلَبَ عَلَيْك وَكَانُوا يُسَمّونَ التّابِعَ مِنْ الْجِنّ رَئِيّا فَرُبّمَا كَانَ ذَلِكَ بَذَلْنَا لَك أَمْوَالَنَا فِي طَلَبِ الطّبّ لَك حَتّى نُبْرِئَك مِنْهُ أَوْ نُعْذَرَ فِيك، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "مَا بِي مَا تَقُولُونَ، مَا جِئْت بِمَا جِئْتُكُمْ بِهِ أَطْلُبُ أَمْوَالَكُمْ وَلَا الشّرَفَ فِيكُمْ وَلَا الْمُلْكَ عَلَيْكُمْ. وَلَكِنّ اللهَ بَعَثَنِي إلَيْكُمْ رَسُولًا، وَأَنْزَلَ عَلَيّ كِتَابًا، وَأَمَرَنِي أَنْ أَكُونَ لَكُمْ بَشِيرًا وَنَذِيرًا، فَبَلّغْتُكُمْ رِسَالَاتِ رَبّي، وَنَصَحْت لَكُمْ فَإِنْ تَقْبَلُوا مِنّي مَا جِئْتُكُمْ بِهِ فَهُوَ حَظّكُمْ فِي الدّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَإِنْ تَرُدّوهُ عَلَيّ أَصْبِرُ لِأَمْرِ اللهِ حَتّى يَحْكُمَ اللهُ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ" أَوْ كَمَا قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ( ).
[ثم إن قريشا مشوا إلى أبي طالب تارة أخرى فكلموه، ...فبعث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له: يا بن أخي إن قومك قد جاءوني فقالوا: كذا وكذا، للذي قالوا له، وآذوني قبل، فأبق علي وعلى نفسك، ولا تحملني من الأمر ما لا أطيق أنا ولا أنت، واكفف عن قومك ما يكرهون من قولك هذا الذي فرق بيننا وبينهم، فظن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قد بدا لعمه فيه بداء، وأنه خاذله ومسلمه؛ وضعف عن نصرته والقيام معه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا عم لو وضعت الشمس في يميني والقمر في يساري ما تركت الأمر حتى يظهره الله أو أهلك في طلبه]( )،
ولقد أراد الله أن الله أن تقوم سوق الجهاد في الشام فنفر من نفر وتخاذل من تخاذل وتولى يوم الزحف من تولى وثبت من ثبت وانزلق من انزلق فاتقوا الله في دين الله واتقوا الله في أمة محمد صلى الله عليه وسلم واعلموا أن سلم التنازلات يبدأ بدرجة صغيرة جدًا ثم لا ينتهي إلا وقد حلق الدين نعوذ بالله من ذلك.
فسيروا على بركة الله متبعين غير مبتدعين, مسترشدين بالهدي المبين, وحي رب العالمين, وسنة سيد المرسلين, ورافضين وساوس الشياطين والمضلين, ويحفظكم الله إنه القادر على ذلك والناصر المعين. هذا إذا كنا نؤمن الإيمان الحقيقي العملي, ونصدق الله تعالى فيما يقول, دون أن يرتابنا أي شك أو أدنى وساوس؛ لأن الذين يصدقون الله يطمئنون لوعده, ويثقون بنصره, ولا يقولون: (صحيح ولكن). بل يكون نصب أعينهم قوله تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا } [الأحزاب: 36] وقوله تعالى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا } [النساء: 65] أما السمَّاعون فشعارهم (صحيح ولكن) نصدق وعد الله ولكن من أين نأتي بالمال والسلاح؟ وكيف نعادي أمريكا ؟!!! وكيف نعادي أنظمة الردة ؟!! والمال عندهم؛ ويجهل هؤلاء المساكين أن أمريكا وكل العالم وجميع الخلائق بيد الله {وَاللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لَا يَقْضُونَ بِشَيْءٍ إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [غافر: 20] {وَاللَّهُ يَحْكُمُ لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ} [الرعد: 41] {قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ مَا لَا يُبْدُونَ لَكَ} [آل عمران: 154] إن هذا شأن من لا يصدق الله بقوله ووعده.
ولنسأل أنفسنا هذا السؤال ونجب بصراحة مطلقة ونبني أفعالنا على ما نعتقد أنه الحق.
هل إيماننا بكلام الله مطلق أم فيه شك وريبة؟!
وهل نصدق الله تعالى فيما يقول أم نقول صحيح ولكن.
يقول تعالى: {وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ} [آل عمران: 126]
وقال تعالى: {وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } [الأنفال: 10]
وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} [محمد: 7]
وقال تعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [النور: 55]
فإذا كنا نصدق الله تعالى في قوله فلماذا لا نطلب النصر منه؟ ولماذا لا ننصره بقولنا وفعلنا, والتزامنا بما شرع, والطاعة لما به أمر, والانتهاء عما عنه زجر؟.
ولماذا نذهب لنتسول النصر من الذين ينفذون أجندة أنظمة الردة, ومن ورائهم من الأمم الكفرية, من الناتو, من أمريكا, من أوربا, من المرتدين؟.
والله قال: {إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِينًا } [النساء: 101]
وقال تعالى: { وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ} [هود: 113]
وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ} [آل عمران: 118] ثم نريد أن نلتمس النصر ممن يلتمس النصر عند الكفار والمرتدين فكيف يقوم من يؤمن بالله ويصدقه حقيقة؟! بالركون إلى حلفاء المرتدين ولماذا نركن إليهم؟ لماذا نقربهم؟ لماذا نتحالف معهم؟ أليس هذا إشعار بأن تصديقنا لكلام الله ينتابه الخلل؟!!.
وهل من يطلب مساعدتهم يؤمن بصدق الله وحتمية قوله تعالى؟!
ثم قال تعالى: {الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا} [النساء: 139]
وقال تعالى: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا } [فاطر: 10]
وقال تعالى: { وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ} [المنافقون: 8]
ثم يذهب أقوام يلتمسون العز والتمكين من قوى الأرض الكافرة فهل هؤلاء يصدقون الله حقيقة؟ ويؤمنون به حقيقة؟ ويقرؤون القرآن على أنه كلام الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه؟!!!
فالسمَّاعون يزعمون أنهم يريدون الإصلاح ويسعون للفلاح, وهم يلمزون المؤمنين المجاهدين بأنهم متسرعون لا يملكون حكمتهم, وأنهم تكفيريون لا يتحلون باعتدالهم وموادتهم للكفار, ويشكلون الوجه الآخر لدولة الخوارج بينما يشكلون هم الوجه الآخر للتقدمية والانفتاح والديمقراطية والدولة المدنية الحديثة ورابط المواطنة إلى آخر هذا المكاء والتصدية.
تجارتهم مع المشركين بائرة وصفقتهم مع المرتدين خاسرة وخطاهم إلى الحق عاثرة حائرة خائرة .
وإني ذاكر بعض أوصافهم في هذه الأَعصار ليكون المؤمن على بينة من أمرهم. وإن كان ليس من الضروري أن يحوي كل فصيل منهم جميع هذه الصفات.
1- يحسّنون ويروّجون مبادئ الكفار كالمواطنة وحقوق الإنسان والحفاظ على الأقليات.
2- يتملقون لجماعات الردة ويدعون أن المجاهدين يظلمونهم.
3- يدعون المجاهدين والمرتدين للتحاكم عندهم وكأن الطرفان متساويان.
4- يعلنون قبول الكفار قادة للأمصار ويتعاونون معهم ويرحبون بهم ويستجيبون لأمرهم.
5- يؤمنون ويكرسون الحدود التي صنعها الصليبيون وأحفاد القرود.
6- يغمزون ويلمزون المجاهدين ويتحالفون مع كل متردية ونطيحة وطائفة ردة ويؤونهم إليهم خشية أن تطالهم أيدي المجاهدين.
7- يتهمون أهل الإيمان بالغلو والتشدد وعدم الإحسان ويفتون بعدم جواز الجهاد معهم.
8- يصفون المائعين المنهزمين بالوسطيين المعتدلين.
9- يعلنون الولاء للشرعة الدولية.
10- يتحالفون مع أعداء الجهاد والمتمولين من أهل الكفر والعناد.
11- يستنصرون ويستعينون بالكافرين والمرتدين.
12- يتعامون عن جرائم المرتدين والكفار وينقبون عن زلات المجاهدين الأخيار.
13- عيون عمياء وآذان صماء وألسنة بكماء عن الكفرة وأهل الردة الأعداء, وألسنة حداد على أهل الإيمان والجهاد.
14- ينبذون المجاهدين بسيئ الألقاب فيقولون عنهم: الوجه الآخر لدولة الخوارج, وفئة الضلال والإرهاب. وهم أجدر بوصف الضلال, وأبعد عن الحق وصدق المقال.
15- يعلنون براءتهم من السلفية الجهادية !!!!!!.
16- يصفون المجاهدين بالخوارج والغلاة والمفسدين ويبصبصون بأذيالهم أمام المرتدين.
17- يسمون الطواغيت ولاة أمور وذلك كذب وتضليل وزور.
18- ينهون عن أن يعم الجهاد عامة المسلمين ويفسرون الأمة بأنها سوريا فقط!!!! والتراب السوري !!! والقطر السوري!!!
19- إن هلك كافر أو طاغوت أسرعوا بالعزاء وذرفوا عليه الدموع. ويؤيدونهم بحروبهم التي ليست جهادًا في سبيل الله.
20- ينعتون المجاهدين بالتكفيريين لأنهم يكفرون الصليبيين واليهود والزنادقة والمرتدين.
21- يرحبون بالتعاون مع دول الكفر والردة.
22- يعتمدون وينادون بالإقليمية الضيقة .فكأن سايكس بيكو عندهم لها قدسيتها.
23- ينادون بدولة العدل والقانون والحرية لأنهم يستحيون من الإسلام.
24- يسعون لتحقيق الأمن إلى سائر طوائف الكفر والردة والزندقة لعلهم يرضون عنهم ويرضى عنهم رأس الكفر.
25- يعلنون عن احترامهم لمواثيق حقوق الإنسان.
26- يستحييون من اسم الجهاد ويستبدلونه بالثورة والثورية والعمل الثوري.
27- يلتزمون بأنهم لن يمتلكوا أويحاولوا امتلاك أسلحة دمار شامل تطمينًا لإسرائيل.
28- يعلنون أن عملهم محصورًا داخل الأراضي السورية طمأنة ليهود.
29- يطلبون من أمريكا أن تستعملهم ولا يخشون من الله أن يستبدلهم, فمن تستعمله أمريكا لن يستعمله الله حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا رَوْحُ بْنُ الْقَاسِمِ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَعْقُوبَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " قَالَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنِ الشِّرْكِ، مَنْ عَمِلَ عَمَلًا أَشْرَكَ فِيهِ مَعِي غَيْرِي، تَرَكْتُهُ وَشِرْكَهُ "( ).
هذه بعض صفاتهم والخطب أطم والمصيبة أعم والله المستعان على ما يصفون.
بعد هذا لابد أن ننظر بعين البصيرة والفحص والتمحيص إلى السمَّاعين الذين سمعوا من المنافقين والكافرين عن ضرر ارتباط بعض المجاهدين بقاعدة الجهاد العالمي يريدون تفكيكه وتفريقه!!! وأتوك يهرعون ويرددون كلام أهل الكفر والنفاق وقام يردد معهم أفراد لا خلاق لهم ممن ينتسبون لأهل الجهاد إما عن غباءٍ أو غوايةٍ أو عمالةٍ أو هوىً أو غير ذلك من مسالك الشيطان ويراودون المجاهدين على شروط صيغت في محفل إبليس ثم وضع لها المكياج المناسب وقدمها للسمَّاعين لترويجها.وكان مما طلبوا تنفيذًا لرغبة الشيطان ووكلائه:
1- فك الارتباط بالقاعدة
2- أن يكون العمل محصورًا بالسوريين وإبعاد المهاجرين.
3- رفضهم التنكر للمواثيق التي أصدروها سابقًا في خدمة الشيطان ووكلائه.
ولنناقش هذه الطلبات من عدة زوايا:
آ- من الطالب الحقيقي لهذه الشروط؟!
هل هذا طلب السمَّاعين أم طلب أجهزة مخابرات الأنظمة المرتدة ومن ورائهم الذين يتعامل معهم السمَّاعون.
من المواثيق التي أعلنها السمَّاعون سابقًا والذي أعلنوا أخيرا أنهم ما يزالون يتمسكون بها ويرفضون التراجع عنها والتي صدر بناء على توجيهات من تركيا وقطر بناءً على طلب غربي كما اعترف بهذا السمَّاعون أنفسهم بحضور عدد من قيادات المجاهدين وكان العبد الفقير منهم يتضح أن بيانات السمَّاعين وطلباتهم ما هي إلا تنفيذًا لأمر دول الردة ومن وراء هذه الدول من مراكز الكفر والماسونية العالمية.
فطلبات السمَّاعين هذه إذن هي طلب أهل الردة وتنفيذه هو طاعة للمرتدين وسيرًا بركابهم فهل يقبل بهذا من لامس الإيمان قلبه أو ذاق يومًا ما طعم طاعة الله؟ !!.
ب- هل هذا الطلب ينسجم مع الشريعة أم يتصادم معها؟!.
1- لا شك أنه يتصادم من أوجه أولها تشرذم الجهاد وليس وحدة الصف فهؤلاء الذين يرونه وحدة صف لا يعدو نظرهم عن نظر الدجاج وينظرون إلى سوريا على أنها العالم وينسون أو يتناسون أن الانفكاك عن القاعدة تفرق وتشرذم وطعن للجهاد العالمي بظهره وخدمة كبرى لأمريكا - زعيمة محور الشر المتمثل في التحالف الصليبي الصهيوني- مجانية.ومخالفة لأمر الله بالوحدة والمقاتلة صفًا فإذا أراد السمَّاعون وحدة الصف فليتحدوا مع القاعدة ولا يطلبوا الانفكاك عنها ثم يتحدون مع أصحاب الموك وأتباع أمريكا وجنود إبليس وكل من تتنزل عليه الشياطين.
2- الموافقة على شروط السمَّاعين يعني فيما يعنيه إقرارهم بل مشاركتهم في علاقتهم وتلقيهم التعليمات من دول الردة وهذا مناط.
3- الموافقة على شروط السمَّاعين يعني فيما يعنيه إقرارهم على الاستعانة بالكفار وهذا لا يجوز شرعًا
4- الموافقة على شروط السمَّاعين يعني فيما يعنيه إقرارهم على حصر الجهاد على التراب السوري ورسالة طمأنةً ليهود وهذا لا يجوز شرعا وإقليمية نتنة.
5- الموافقة على شروط السمَّاعين يعني فيما يعنيه إقرارهم على حماية طوائف الزندقة والردة وهذا مناط.
6- وبقية ما في مواثيقهم من طامات. من العمل على إقامة دولة العدل والحرية والقانون وما إلى ذلك من ضلالات لا تخفى على صاحب لب حتى ولو كان أميًا في الشريعة.
ج - من الوجهة السياسية.
1- في صالح من يصب فك الارتباط بقاعدة الجهاد؟!.
لا يشك كل من كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد أن فك الارتباط يصب في مصلحة أمريكا زعيمة محور الشر المتمثل في التحالف الصليبي الصهيوني وإسرائيل وحكومة النصيريين, ولا يشك أيضا كل عاقل أن سورنة الجهاد في سوريا عودة إلى سايكس بيكو وإرضاءً للكفر وإغاظةً للمسلمين وتبنيًا للجاهلية المنتنة, وطعنة للجهاد وللأخوة المهاجرين الذين جاؤوا لنصرة هذا الدين والتخلي عنهم, وهذا يتنافي مع الدين والمروءة والرجولة والشهامة وكل القيم الفاضلة, ويتناسب طردًا مع الخسة واللؤم والغدر والنذالة والخيانة.
2- فك الارتباط هو إعلان عن وفاة القاعدة دون عزاء ودون احترام للميت بل طعنه بعد موته والتمثيل بجسمانه.
3- فك الارتباط هو إعلان نصر أمريكا على القاعدة والسير بركابها.
4- فك الارتباط يعني وفاة السلفية الجهادية وهذا ما تسعى إليه أنظمة الردة التي أوكلت هذه المهمة للسمَّاعين.
5- فك الارتباط هو طعنة لكل فروع القاعدة في العالم وتشجيعهم على العودة إلى الإقليمية. بل إلى المنطقوية والحارات والتي تنطبق على حال بعض القيادات في سوريا.
6- هناك أفراد قليلون جدًا من الجبهة يوافقون السمَّاعين فينطبق عليها وصف الخيانة بكل أنواعها وما يترتب عليها.
د- من الناحية الواقعية
ماذا ستجني الجبهة من الموافقة على طروحات السمَّاعين؟!.
1- ستجني السير في طريق له اتجاه واحد هو اتجاه التنازلات التي لا نهاية لها إلا في مستنقع الفشل والوهم ونهاية الجبهة.
2- فهي تتفق مع حليف قراره بيد أنظمة الردة.
3- وهي تتفق مع حليف حليفًا لأنظمة مرتدة وجماعات ردة وينادي علنًا وبكل صفاقة بما يطلب منه من قبل الكفار والمرتدين.
4- أن هذه الجماعة التي بهذه المواصفات تسوق الجبهة إلى معسكر العمالة وإذا رفضت الجبهة أن تشارك السمَّاعين عمالتهم لا تستطيع العودة إلى المربع الأول وتكون حكمت على نفسها بالنهاية.
5- إذا قررت الجبهة الموافقة على مقترحات السمَّاعين سيعني تخلي غالب المهاجرين وطائفة كبيرة من الأنصار عن الجبهة.
6- إذا وافقت الجبهة على مقترح السمَّاعين سيصدق الناس قول الدولة في قيادات الجبهة أنهم قوم غدر وخيانة ركبوا موجة البغدادي حتى تمكنوا ثم غدروا به وركبوا موجة القاعدة حين كاد طوفان الدولة أن يسحقهم ثم غدروا بها وهكذا دواليك وبهذا يوجه السمَّاعون ومن ورائهم الضربة الفنية القاضية للجبهة لأنها تكون قد أحرقت كل المراكب من خلفها.
7- إذا وافقت الجبهة على مقترح السمَّاعين سيذهب قسم كبير من الجبهة إلى الفصائل الأخرى كأجناد الأقصى وجيش المهاجرين وربما يعتزل قسما آخر فتكون الجبهة تمزقت بين الدولة وجيش المهاجرين والأجناد وقسم يعتزل وقسم يذهب مع السماعين وقسم يبقى في الجبهة وتكون الجبه بذلك قد نحرت نفسها بنفسها.
8- عندها سيتحكم السمَّاعون ومن ورائهم من دول الردة في من بقي من الجبهة ويصبح من بقي من الجبهة أمام أمرين إما الرضا بمربع العمالة والسير في طريق الذل, أو الانتهاء القسري.
9- ربما يفكر بعض فهلوية الجبهة ولاعبي السيرك بأن إمكاناتهم عالية جدًا ويستطيعون اللعب على السمَّاعين واستيعابهم ولكن أقول إن هذا التفكير يشبه إلى حد بعيد حال الأخوان عندما يريدون الضحك على أمريكا فالسمَّاعون ليسوا هم اللاعب الذي أمام الجبهة إنما هم عروس في مسرح العرائس تحركه الخيوط التي في يد أمريكا زعيمة محور الشر المتمثل في التحالف الصليبي الصهيوني ومن يسير بركبها من قوى أنظمة الردة والموساد وجميع القوى الكافرة التي أعلنت الحرب على الإسلام وأنا أعلم أن رأي هؤلاء الفهلوية غير ذلك وما زالوا يحسنون الظن بالسمَّاعين ويؤسفني جدًا أن أقول أن هؤلاء وهم قلة قليلة جدًا ولله الحمد هم في وهم بعيد يسرحون في شعاب الباطل ويتوهون في سراديب الضلال.
10- السمَّاعون أعلنوا ولازالوا أنهم لن يتخلوا عن الدعم القادم إليهم من دول الردة فعندما تتحد الجبهة معهم ستكون وإياهم جسمًا واحدًا وسيسري عليها ما يسري عليهم من قبول الاستعانة بالكفار والخضوع لشروطهم وهذا يتنافى مع الدين.
11- إذا فك السمَّاعون الوحدة مع الجبهة لسبب ما فماذا تصنع الجبهة بعد الخسائر التي تكون قد منيت بها وبعد حرق مراكبها؟؟!!!!!!.
وباختصار شديد إن السمَّاعين كمثل فتاة فقدت عذريتها عندما أقامت العلاقات المحرمة مع أنظمة الردة ومن ورائها وتغتاظ من كل من حافظت على شرفها وعفتها وكرامتها ومبادئها ودينها وبدلًا من أن تتوب وتعود إلى الله تريد توريط العفيفات ليكنَّ معها سواء في الرذيلة. قال الله تعالى: {وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً فَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِيَاءَ حَتَّى يُهَاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ } [النساء: 89] ولا يذهبن أحد أنني أكفر السمَّاعين. معاذ الله؛ نعم بعض قياداتهم الخبيثة وقعوا في الكفر والردة والغالبية الساحقة بين جاهل ومغرر به.
هناك بعض القلويات تقول: ماذا قدمت لنا القاعدة؟! فأقول ليست القضية مادية؛ وماذا قدمت؟! وأضيف أن وجود الجبهة حاليًا يعود الفضل فيه بعد الله للقاعدة, وإلا كان البغدادي ودولته الخارجية قد اكتسحت الجبهة, وأتت عليها من القواعد وكانت الآن أثرًا بعد عين وجزءً من التاريخ وليست من الحاضر.
فالقضية قضية دين ومبادئ, وقضية منهج وليست مزادًا من يدفع أكثر, والذي يفكر بهذه الطريقة يغالط نفسه ومبادئه إن كان له مبادئ ويدلل على انحطاط في التفكير تدفعنا لأن نعزيه بنفسه.
وبعض أصحاب القلويات يقول إلى أين تذهب ساحة الجهاد ويتوقع صدامًا عسكريًا مع السمَّاعين إذا لم نقدم على هذه الخطوة.
وأقول نعم الوضع خطير ووضع الساحة صعب والأصعب منه الإقدام على هذه الخطوة أما قضية الصدام مع السمَّاعين فأقول فيه أسأل الله أن لا نصل وأن يهيئ للسمَّاعين من يعود بهم إلى الحق مع أن الأمر خطير.
والحل يجب دراسة وضع السمَّاعين بدقة دون غلو أو تقصير, دراسة علمية عملية حقيقية بعيدًا عن سياسة الأحلام الوردية والطبطبة وحسن الظن الساذج, أو الغلو والإسراف أو عدم المبالاة, فإن رجعوا عما هم عليه من ضلال وأصبح يجوز التعاون معهم ننشئ تعاونًا عسكريًا سياسيًا؛ دون الاندماج القاتل. وإن كان لا يجوز لا نفعل, ونلتزم بحدود ما أمر الله.
وأنا أسأل سؤال أتمنى الإجابة عليه بعيدًا عن العواطف والتعامل معه بموضوعية مطلقة وعلمية مطلقة.
ما هو الفرق بين جماعة السمًّاعين وحزم وجمال معروف مع العلم أنهم آووا جماعة حزم ومعروف إبان صدامنا معهم؟!!
ما هو الفرق بين جماعة السمًّاعين والزنكي وزهران علوش مع العلم أن السمًّاعين مرتبطين بحلف مع علوش ويسعون لحلف مع الزنكي وأمثالهم؟!!
الكل يقبض من الخارج, والكل يلتزم بأجندة الخارج, وعندما يتحالف السمًّاعون مع أناس من هؤلاء؛ يدل على أنه لا فروق بينهم.
وعندما يستنكر السمًّاعون فعل الجبهة على جمال وحزم يعني أنهم في المعسكر الآخر.
وعندما يأخذون السلاح من جماعة جمال ويدَّعون أن بينهم بيعة سرية ويحمونهم من الجبهة يعني أنهم في المعسكر الآخر.
نعم هناك فروق يسيرة؛ أن بين السمًّاعين أناس صالحون مخدوعون؛ ولكن قافلة القيادة تسير نحو المنحدر, وهم يتمتمون بكلام غير مفهوم, ثم يذوبون في حوض حمض الجماعة؛ كما ذاب صالحي الأخوان في حوض الحمض ذاته, وكما ذاب الصالحون غيرهم في الجماعات المنحرفة.
إن المعارضات الداخلية والقيادة تسير بعكس الاتجاه؛ لا تفيد شيئًا, ومثل ذلك كراكب في حمص يريد الذهاب إلى دمشق, فركب في محطة الحافلات؛ ولكن الحافلة اتجهت إلى حلب, فاعترض المسكين وتظاهر واستنكر وأدار وجهه باتجاه دمشق وصاح أنا أعترض؛ ولكن في النتيجة وصلت الحافلة إلى حلب, ولم تجّدِ إدارة وجهه ورفضه شيئا.
إن حزم وجمال معروف و السمًّاعين والزنكي وأمثالهم مرتبطون بأجندة خارجية, ويتلقون مساعدات من دول الردة والكفر, والسمًّاعون آووا جماعة جمال وحزم ومنعوهم منا, وكلهم ينفذون ما يملى عليهم, ولكن سيدهم جميعًا لم يطلب من السمًّاعين ما طلبه من حزم وجمال معروف, مثلهم كمثل علماء الطاغوت؛ كفتارو وسيد طنطاوي وعلي جمعة وابن باز وابن عثيمين؛ فما طلبه طاغوت سوريا وطاغوت مصر من المفتين, لم يطلبه طاغوت السعودية ابتداءً, لذا كان شكل علماء السعودية مقبولا أكثر, ولكن لما طلب طاغوت السعودية من علمائها نفذوا المطلوب كما نفذ كفتارو وعلي جمعة وبشكل أكبر؛ بل بشكل أسوأ وأخطر؛ وهذا بالضبط فرق السمًّاعين عن حزم ومعروف, فعندما يطلب منهم الممول سيخضعون وينفذون, هكذا كل الحركات القابضة, هكذا كانت على مدار التاريخ, وهي الآن هكذا, وستبقى هكذا عبيدًا لمن يدفع.
فالموافقة على اقتراحات السمًّاعين ليست مجازفة كبيرة كما وصفها بعض الأخوة, ولا هي لعبة قمار والنزول ب(صلد).
بل هي انتحار حقيقي تقدم عليه الجبهة إن فعلت.
وإزاء هذا لا أملك إلا نصح إخوتي في الجبهة من الأمراء إلى الذي انتسب اليوم {اجعلوا الصعيد في فم كل داع أو مروج لهذا الانتحار ولو كان في بعد الصين } وسأقاتل لمنع إخوتي من الانتحار بكل ما أستطيع من وسائل, والله غالب على أمره.
أسأل الله العظيم, رب العرش العظيم, أن يأخذ بأيدينا إلى ما فيه الخير, وأن يلهمنا رشدنا ويسدد خطانا ويختار لنا الخير حيث كان ويرضنا به.
وأقول ختاما إن الله يطلب منا أن نسير وفق أمره ونهيه, لا وفق أهوائنا, ولا نظن الخير في أهوائنا, ولنتهم أنفسنا ونسر مع الشرع حيث سار, وندور معه حيث دار, وقبل الختام أهدي أحبتي هذه الأبيات:

أحبة قلبي
أحبة قلبي ونبض فؤادي
إلى الحق فامضوا بعزمٍ أبيٍ
ولا تجعلوها تباع وتشرى
فتغيير اسمٍ يليه تباعًا
وأما التنكر للصالحين
أتونا لرفع لواء الجهاد
ونطعنهم كي نراضي اللئام
فلا تعطوا آذانكم خادعين
وأنب ربي من يسمعون
يزين كل طريق غوي
فمن يَدْعُوَنَّ لفك ارتباطٍ
سفير اليهود وحزب الصليب
يراود أهل عفاف وطهر
يسوق إلينا مشاريع كفر
ويظهر حبًا لأرض الشآم
فإن كان يبغي التوحد حقًا
ولا يتعذر خوف الكوافر
ويشهد ميثاقهم أنهم
وضعف يقينٍ ورقة دينٍ
وتدليس قولٍ ونصر بغاةٍ
فشوراهم مثل شورى قصيرٍ
أحبة قلبي ونبض فؤادي
أتستبدلون الذي هو أدنى
أتستبدلون الذي هو أدنى
أتستبدلون الذي هو أدنى
فيا رب خذني إليك سريعًا
وساروا مع الظاعنين بليل
ولا تبقني لحظة كي أراهم
هُدِيتم رشدًا ونهج السداد
وصبرٍ شديدٍ وصونوا المبادي
ولا تنزلوها لسوق المزاد
ضلال المعاني وموت الجياد
فلؤمٌ وغدرٌ وشرٌ ينادي
فننكر معروفهم والأيادي
فما فوق هذا الضلال ازدياد
فليسوا بنصح وأهل وداد
لخبٍ مداجٍ مذر الرماد
ولو كان جمرًا وشوك القتاد
فما هو إلا رسول الأعادي
وأجهزة في قوى الارتداد
ليمضي بهم نحو سوق الفساد
ويرمي بها بين أهل الجهاد
وفيها أناخ بعير السواد
فيلحق ركبًا رفيع العماد
فخشية ربي خير العتاد
تراكيب جهل وقلة زاد
وإرجاء نهجٍ وزيغِ اعتقاد
وفجرٍ تمادى لبعض العتاد
لذباء تدمر يوم التناد
هديتم رشدًا ونهج السداد
بما هو خيرٌ ونبراس هاد
بما هو أمضى وأعلى أياد
برهط أباة وأسد شداد
إذا اختار صحبي طريق الوهاد
وكانوا لهم سلسين القياد
يسيروا بتبديل اسم الجهاد

وصلى اللهم على محمد وعلى أله وصحبه والحمد لله رب العالمين.

***************

********

**

تنسيق الغريب