بسم الله الرحمن الرحيم
لماذا جعلت للأعداء سبيلا على إخوانك (حسبنا الله ونعم الوكيل). ( مِن رد الشيخ الزرقاوي على المقدسي )
لِمَن لا يعلَم مَن هو أبو محمد المقدسي وما هو سبب عداءه الشديد ل #دولة_الخلافة , بل وجَعْلَها الجهة الوحيدة التي يعاديها منذ أن بَذّرَ الشيخ أبو مُصعَب الزرقاوي تقبّله الله بذرتها الاولى في #بلاد_الرافدين سوف أُعيد نشر مناصحته للشيخ أبو مصعب الزرقاوي , ورد الشيخ تقبّله الله عليه والذي كشف حقيقته وأنه شخص مغرور مُصاب بداء العَظَمَة . وأنه يريد أن يعبده كُل مَن قرأ على يديه أو تعلّم مِنه كلمة !!!
وهل توقّف المقدسي بعد رد الشيخ عليه ؟ لا , بل خرج على قناة الجزيرة وكرر قيئه على الشيخ مغلّفاً إياه بلباس النصح والمحبّة .
ثم زاد حقده يوم تم إعلان دولة الإسلام في العراق والشام ثم دولة الخلافة , وصب جام غضبه عليها وأخذ يعيد نشر كل كذبة ضدها على أنّها حقيقة ثابتة , وتعامى عن ردود دولة الإسلام وطلبة العلم عليها
وأصبح يظهر على الفضائيات محللاً المنهج السلفي حاله حال أي كاره له حاصراً السلفية به وحده ولا أحد غيره ناقداً لدولة الإسلام صامتاً عن عمالة جيش الإسلام وأحرار الشام وسرقات جبهة النصرة وكفريات وعمالة الجيش الحر وقتاله لدولة الإسلام مع الصليبيين وملاحدة الأكراد
وآخر ما فعله الحاقد المغرور هو نشره لمقطع لا يستطيع صاحب عقل فضلاً عن دين إلا أن يُنكِر صحّته أو على الأقل يُطالِب صاحب الإدّعاء بالدليل على ما يقول , خصوصاً وأن ظاهر الشخص المتكلّم في المقطع وقميصه الضيّق يجعل جرح شهادته مُقدَّماً على قبولها , فهكذا لبس لا يلبسه صاحب خُلُق ودين .
ويكفيني ردود مُشاهدي المقطع عليه في اليوتيوب نفسه , ثم توضيح بعض الإخوة والأخوات للأكاذيب الموجودة في المقطع على تويتر
عموماً
سأترككم مع الرسائل والردود واللقاءات , وأترك لكم بعد الله الحكم على حال أبو محمد المقدسي لتعرفوا سبب ما خرج وما سيخرج من جوفه ضد #دولة_الخلافة
الزرقاوي؛ مناصرة ومناصحة
آمال وآلام
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على قائد المجاهدين وعلى آله وأصحابه الغر الميامين .. وبعد :
فقد لقيت أبا مصعب لأول مرة في بيشاور لقاءاً عابراً في بيت الأخ أبي الوليد الأنصاري حفظه الله .. وكان ذلك في أوائل التسعينيات ولم أكن أعرفه من قبل فقد كان قدومي للأردن حديثا ، ثم لما عاد من أفغانستان زارني في بيتي يتشوق لنصرة التوحيد والدعوة إلى الله ؛ وكان أبو الوليد هو الذي أعطاه عنواني في الأردن ونصحه بالاتصال بي إن أراد العمل لدين الله في الأردن ، كان هذا قبل قرابة الأربعة عشر عاماً ..
فتعاونا سوياً في هذا المجال ورتبت دروساً في مناطق شتى من البلد ، وقمنا بطباعة بعض كتاباتي ونشرها بين الناس ، وبدأ الشباب بالالتفاف حول هذه الدعوة وتداولوا كتاباتها ورسائلها ، وتنبهت الأجهزة الأمنية لذلك فداهمت منازلنا في أوقات متفاوتة وبدأت عملية المطاردة والاعتقال ، فاعتقلنا تباعاً ومكثنا في زنازن دائرة المخابرات فترات أقلها ستة شهور ، كانت بالنسبة لأكثرنا التجربة الأولى في وجه أعداء الله في هذا البلد ، فاخترت الصدع بعقيدتي وعدم الأخذ بالتقية فواجهتهم وصارحتهم بكفرهم وكفر أسيادهم وطواغيتهم في الزنازين ومكاتب التحقيق ابتداء ، وبعد ذلك في المحاكم والسجون ، جنباً إلى جنب مع أبي مصعب وطائفة من الشباب ممن تأثروا بدعوتي وكتاباتي .
وكان أن نُقلنا من الزنازن الانفرادية إلى السجون العامة لبدء المحاكمات ، فعزلوني - كوني صنفت المتهم الأول - في سجن في شمال البلاد ، ووضع أبو مصعب كونه كان المتهم الثاني في سجن في وسطها ، ووضع باقي إخواننا جميعاً في سجن في جنوبها .. ثم كان أن جمعونا بعد أشهر في سجن الجنوب ( سجن سواقة ) ، واختارني الإخوة للإمارة ، فمكثت أميراً على كره مني قرابة السنة ، رأيت أنها مشغلة لي ، وآثرت التفرغ لطلب العلم والكتابة والتدريس ، خصوصاً وأن نوعية تلك المجموعة من الشباب التي كانت تشاركنا الحبس والبلاء كانت من حديثي العهد بالدعوة وأحوج ما يكونوا إلى العلم والفهم والفقه .. فاتخذت قراراً - بعد أن أقنعت عموم الشباب - اخترت فيه بنفسي أن أترك الإمارة وأن أستخلف أبا مصعب عليها ، وليس الأمر كما حاول بعض الكتّاب السخفاء إظهاره على أنه كان خصومة أو نزاعاً على الإمارة ! وكأنها كانت إمارة دولة ! فقد كانت إمارة سجن قاصرة محدودة لتصريف أمور الإخوة والتأليف بينهم وترتيب أحوالهم وتوحيد سياسة التعامل مع إدارة السجن .. ولم يكن يتجاوز عدد أفراد تلك الإمارة في أقصى حد بلغوه الثلاثين . وكانوا في غالب مدة سجننا لا يتعدون نصف هذا العدد .. وعندما وليته أمر الإمارة لم أتخل عنه بل وقفت إلى جنبه في وجه أعداء الله وتوليت أمر خطابة الجمعة والأعياد وتدريس الشباب ، ولم أكن أبخل عليه بالمشورة والوقوف في صفه في وجه بعض المخالفين له أو الشاذين الطاعنين في إمرته ، ولم آل جهداً في بذل المعونة والنصح له ، فهذا كان ما اشترطه علي يوم قبل أن يخلفني في الإمارة ..
ووقف هو إلى جنبي في الدعوة إلى الله صادعاً محتسباً متحمساً لكل ما أكتب في نصرة التوحيد والبراءة من الشرك والتنديد ، ولم يكن بيننا أي خلاف في الاعتقاد أو التأصيل الشرعي فقد كان يصدر عن ذات المشكاة التي أصدر عنها ويحب كتاباتي ويفرح بها وينصرها ويدعو من يعرف من الشباب في السجن وخارجه إلى نسخها وقراءتها ونشرها وتوزيعها ..
مضت فترة المحاكمات بفضل الله طيبة نجحنا في توظيفها بتوفيق الله في إظهار دعوتنا وإعلان تكفيرنا للنظام وبراءتنا من قوانينه ، فكنا نعلن ذلك صراحة في قفص المحكمة أمام الصحافيين وغيرهم من الحضور من خلال خطب نصدع بها وكلمات نعلنها ، وأعددت لائحة اتهام خاطبت بها رئيس المحكمة وطواغيته ودولته ؛ سلمتها له يوم أن سألني :
أمذنب أم لا ؟
فأجبته أنا وإخواني بقولنا : أنتم المذنبون ؛ عطلتم شرع الله وحكمتم بغير ما أنزل الله وواليتم اليهود وحاربتم المجاهدين والموحدين .. وبينت له في لائحة اتهامه هو ونظامه التي سميتها ( محاكمة محكمة أمن الدولة وقضاتها إلى شرع الله ) بينت له بعض الأدلة على كفره وكفر نظامه وصرحت ببراءتي أنا وإخواني من محاكمهم وقوانينهم وطواغيتهم ودولتهم .. وكان أبو مصعب وسائر إخواننا المتهمين بالقضية حاضرين مشاركين في ذلك كله ، تقر أعينهم به وترتفع معنوياتهم له ، ويستشعرون بركات هذا البلاء على دعوتنا وتسعدهم الثمرات التي كنا نقطفها كل يوم في حبسنا الذي أراد أعداء الله من خلاله كتم هذه الدعوة وإخراسها ، فانقلب السحر على الساحر ، وصار السجن والمحاكمات بفضل الله وتوفيقه منبراً وأداة لنشر الدعوة وإعلانها وإظهارها ، وانقلبت المحنة إلى منحة ..
( وأرادوا به كيدا فجعلناهم الأخسرين )
كانت أياماً مباركة اشتغلنا فيها بطلب العلم والدعوة إلى الله في السجن بين العساكر والضباط والمسئولين الذين كانوا يزورون السجن في بعض الأحيان ، ومع سائر النزلاء والمسجونين الذين كانوا يتداولون ما أكتب وينسخونه ، ويصلون معنا ويحضرون خطب الجمعة والأعياد التي كنت غالباً ما أتولاها ، ويسر الله لي فكتبت خلال فترة سجني الكثير من الكتابات والمؤلفات التي أثمرت بفضل الله تعالى هذا الخير المبثوث هنا وهناك ، أسأل الله تعالى الإخلاص والقبول وحسن الختام ..
وشعر النظام بخطر انتشار هذه الدعوة بين عموم السجناء وخطر نفوذها من وراء القضبان إلى خارج السجن وانتشار كتاباتي وطباعتها وأنا لا زلت أرسف في قيودي ، فحاولوا عزلنا أولا عن سائر السجناء فضيقوا عليهم ومنعوهم من الصلاة معنا وعوقب كل من يتصل بنا أو حتى يسلم علينا ، ثم عزلونا عنهم كلياً في مهاجع مخصصة لنا لا يدخلها علينا أحد ، ثم قاموا بتنقيلنا بين سجون مختلفة مخصصة لنا ، كان آخرها سجن الجفر الصحراوي الحدودي الذي حاولوا فيه عزلنا عن العالم كله ، ولم يفلحوا في ذلك ؛ فقد كانوا في كل مرة يقربوننا ويسهلون اتصالنا بطائفة من إخواننا ؛ كما حصل حين نقلونا إلى سجن السلط فقد سهّلوا على إخواننا من شباب السلط زيارتنا بعد أن كانوا يتجشمون المسافة إلى سجن سواقة ، فسهّل ذلك الانتقال اتصالنا بهم ، وحين نقلونا إلى سجن الجفر قربونا إلى مدينة معان وسهّلوا علينا الاتصال بإخواننا هناك والتعرف بأناس جدد من أهالي معان .. وهكذا كلما سدوا باباً فتح الله لنا أبواباً .. هذا غير ما كان الله ييسره لنا في كل سجن جديد من وسائل إخراج الرسائل والمؤلفات وإدخال بعض الكتب والمراجع التي تتيسر لنا .. ( ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين ) وهكذا حالنا معهم دوما هم يضيقون والله يوسع وهم لا يشعرون ..
وكما هو جار بفضل الله معي إلى الساعة ؛ فإنهم يودعونني السجن كل مدة سنة أو سنتين بغير جريرة إلا إظهاري لديني وتوحيدي ودعوتي التي من أهم أركانها إعلاني تكفير الطواغيت وبراءتي منهم ومن أسيادهم والتحريض على ذلك ، وانحيازي ونصرتي للمجاهدين المقارعين لأسيادهم الأمريكان في كل مكان .. هذه هي جريمتي التي أسجن عليها بين الحين والحين ..
يفعلون ذلك ظناً منهم أن السجن سيوهن هذه الدعوة أو سيطفئ وهجها ، وما دروا – لغبائهم – أن السجن والبلاء لا يزيدها إلا توهجاً وانتشاراً ، وقد جعله الله سبحانه محطات استفادة وإفادة لإخواني في السجن وخارجه ، وفتح لنا فيه فتوحات لو يعلمها أعداء الله ما سجنونا للحظة ، فالحمد لله على كرمه وإنعامه ..
( يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون )
* * *
ثم فرج الله عنا بمنه وكرمه ، فآثرت أنا البقاء في البلد لمتابعة ورعاية الدعوة التي بدأناها ، وكلي أمل أن أنقلها غرباً عبر النهر فلي هناك آمال وطموحات ..
وآثر أبو مصعب قطع ذلك والسفر إلى أفغانستان ، ولم يكن ذلك ليعجبني خصوصاً مع تحفظاتي آنذاك على الأوضاع هناك ، أما هو فقد كان متحمساً لذلك ويحث كل من يعرف عليه ، وإن يك آلمني العمل على تفريغ الساحة من الشباب الموحد ، فلم يؤلمني صنيع أبي مصعب بقدر ما آلمني صنيع أبي عبد الرحمن - رائد خريسات حين خرج هو الآخر مع طائفة أخرى من إخواننا من شباب السلط إلى أفغانستان فكردستان حيث قضى نحبه هناك هو وطائفة من إخواننا في قتالهم لتحالف الشمال الكردي وذلك بعد أن قطع شوطاً في الدعوة وإنشاء معسكرات تدريب وإعداد ..
آلمني صنيع رائد رحمه الله لأنه كان رائداً أو رأساً في الدعوة إلى الله في بلده وشعلة متوقدة بين الشباب وشوكة وشجى في حلوق أهل البدع .
أما أخونا أبو مصعب فكان يقول لمن يعتب عليه الهجرة من البلد : انه رجل يحب الجهاد ولا صبر له على طلب العلم وتدريسه والدعوة إلى الله ، فاستنفر هو الآخر طائفة من إخواننا معه إلى أفغانستان حيث استفادوا من ظروف البلد ومعسكراتها ..
ولكنها كانت استفادة مكشوفة لمخابرات بلادنا لاختلالات تنظيمية قاتلة كانت تبلغني وأتألم لها وأحاول جاهداً مناصحتهم ما استطعت إلى ذلك سبيلا ..
وبلغني أن أبا مصعب ومن معه من الشباب امتنعوا عن القتال مع الطالبان لما عاينوا أشياء كنت أتحفظ بسبب بعضها على الأوضاع هناك ولا أتحمس للسفر الذي تحمس له غيري ، فعاينت تلك الأشياء بعين البصيرة في وقت مبكر دون أن أتجشم تلك المسافات التي قطعوها كي يعاينوها بعين البصر ، مع أنها أشياء كانت معلومة تتناقلها وكالات الأنباء والصحافة وسمعنا بعضها من خلال جهاز الراديو قبل أن يفرج عنا ، ومع ذلك فقد كان الحماس والخروج من تحت ضغط أعداء الله هو المحفز الذي أعان على غض الطرف عن تلكم الأشياء أولاً ، ولا أدري ما الذي ضخمها وجعلها موانع للقتال في صفهم فيما بعد ، مع أن الأصول تقتضي غير ذلك ..
وكانت تبلغني أخبار الإخوة تباعاً من اعتقال أو تقلب وانتقال أو رجوع إلى الأردن وغير ذلك مما كان يبلغني فأتحسر معه على تبعثر جهد إخواني وتفرقهم وتشتت طاقاتهم في الأقطار بين أفغانستان وكردستان ثم باكستان وإيران فالعراق ..
واعتقال طائفة منهم في الباكستان وطائفة أخرى في إيران وطائفة ثالثة في كردستان والعراق ..
وأتألم على ما آل حالهم إليه بسبب العمل من غير برنامج واضح ، والتنطط من جهة إلى جهة بحسب الظروف وتقلبها لا بحسب استراتيجية واضحة وخطة مسبقة ..
وكنت أتابع تلقف المخابرات في الأردن للعائدين منهم كمصادر غزيرة للمعلومات كانت تغنيهم حقيقة عن تكلف بث العيون والجواسيس هنا وهناك ..
كانوا يتابعون من خلالها التفاصيل الدقيقة لأخبار الشباب بصورة مفصلة في أفغانستان وكردستان وتفاصيل نشاطاتهم ومعسكراتهم ومساكنهم وعناوين إقامتهم وكناهم الجديدة ، ولقد كنت أصدم بهذه المعلومات المفصلة وأتألم لها عندما كنت أواجه بها من المخابرات حين كنت أحاول التمويه على إخواني قدر الإمكان فكنت أعرف من تحقيقاتهم معلومات مفصلة عن الشباب أسمعها لأول مرة ، فإذا تَثَبَّتُ منها بعد الإفراج عني وجدتها كما قيلت لي ، وليس ذلك قطعاً من فطنة أعداء الله ولا من ذكائهم ، وخسئوا من أن يعلموا الغيب ، ولكنه من تهلهل أوضاع الشباب التنظيمية وتفريطهم الأمني القاتل ..
وناصحت بعضهم في أشياء من ذلك ، وراسلتهم ، وكلفني ذلك من أذى أعداء الله وغيرهم ما أحتسبه عند الله ، وتحملته شفقة وحرصاً على إخواني وجهودهم وطاقاتهم أن يتسلط عليها أعداء الله ويحبطوها ، وكنت أتألم من السطحية العجيبة في تعاملهم مع المسائل التنظيمية والعسكرية وضحالة التجارب وتخبطها والتي تسببت بإحباط عدة محاولات لأبي مصعب من العمل التنظيمي الذي سعى في إقامته في الأردن ، وما ترتب على تلك المحاولات ( غير الناجحة ) من جرجرة مجموعات من الشباب إلى السجون في ثلاث محاولات حتى الآن بلغت أحكام بعضهم إلى الإعدام على ( لا شيء ) عملوه ، هذا غير ما غنمه أعداء الله في التجربتين الأخيرتين من أموال طائلة ؛ المسلمون ودعوتهم وجهادهم في أمس الحاجة إليها .. كنت أتابع هذا وأناصح أهله أحياناً ولكن ..
بذلت لهم نصحي بمنعرج اللوى فلم يستبينوا الرشد إلا ضحى الغد
وكنت أتألم لذلك وأتوجع لانتقال الاختلالات التنظيمية والتهلهل الأمني من أفغانستان إلى التجارب المحلية عندنا من خلال اختيارات لأبي مصعب لم تكن موفقة ؛ وذلك باختيار أشخاص يفتقرون إلى أدنى شروط العمل التنظيمي وخبراته ، ورغم وفرة الإمكانات المالية التي كنا نتألم ونصدم بمصادرة أعداء الله لها بعد إحباط كل عمل ؛ فلم يستثمرها المعنيون في عمل مفيد للأمة والجهاد بل ولا حتى في الأخذ بالاحتياطات الأمنية التي تتناسب مع الطموحات والآمال ، وهذه أمور لا أتكلم عنها رجماً بالغيب ؛ فقد عاينتها بنفسي عند إحباط تلك التجارب والأعمال القصيرة وعاينت أحوال أهلها وتفاصيل تخليطهم حين سجنت معهم وكنت قد ناصحتهم بأشياء من قبل كنت غير مطلع على تفاصيلها ولكني كنت أتفرسها وأتوسمها فتقع بعد ذلك كما كنت أتوقع وأتخوف ..
وغالبا ما كنت أجر معهم إلى السجن بسبب تلك المناصحة أو بسبب حيازة أولئك الشباب لكتاباتي أو معرفة بعضهم بي واعترافهم بذلك دون أن يربطني بهم رابط تنظيمي ودون أن يطلعوني على شيء من ذلك ، ولكنني كنت أرى وأتفرس نتائجها بمقدماتها من خلال خبرتي وتجاربي في مجال العمل الدعوي والتنظيمي والتي لم يستفيدوا منها حين ناصحت بعضهم ، نعم استفادوا من كتاباتي وأيضاً من اسمي واستظلوا " بمشيختي " وأشياء أخرى يحزن ذكر تفاصيلها ويؤلم المؤمنين ويقر
أعين أعداء الدين ، ما كنت لأنزعج منها أو أتألم لها لو كان عملهم سديداً كيسا متقناً .. أعرض عن ذكرها هاهنا ..
* * *
بعد سقوط أفغانستان تبعثر الإخوة بين باكستان وإيران واعتقلت طائفة منهم في الباكستان وأخرى في إيران بينما قتل بعضهم في أفغانستان على أيدي تحالف الشمال العميل ، وتوجه أبو مصعب إلى كردستان التي لم تكن يوماً في برنامجه ولم يتوافق مع الشيخ رائد خريسات رحمه الله عليها وكان أبو عبد الرحمن قد استقر به المقام بها مدة وأنشأ معسكرات وأعد وربى هناك رجالا وترك أثراً ظاهراً للعيان ثم قتل هو ومجموعة من إخواننا هناك رحمهم الله وأسكنهم الفردوس الأعلى في مواجهات مع تحالف الشمال الكردي العميل ..
فالتفت طائفة ممن تبقى من هؤلاء الرجال حول أبي مصعب وكان بعضهم قد اكتسب خبرات طيبة في فنون عسكرية كثيرة خصوصاً في مجال المتفجرات .. فكان هؤلاء الشباب عونا وسنداً لأبي مصعب في العراق بعد أن تبعثر أكثر الشباب الذين كانوا معه في أفغانستان ما بين قتيل ومعتقل وطريد بين باكستان وإيران والأردن ..
ثم ما لبث أن لحق به آخرون من الأردن وغيرها ، والتحق به أبو أنس الشامي ففرحت بذلك لمعرفتي بحاجة أبي مصعب الماسة إلى طالب علم يقف إلى جنبه ، وحاجته إلى التذكير والمناصحة مع المناصرة والتأييد على بصيرة وسط هذه الأحوال المعقدة في العراق ووسط الحرب المعلنة عليه وعلى كل مجاهد ، وذلك من الأسباب التي دعتني إلى المبادرة بكتابة هذه الكلمات ..
ولكني رجل بفضل الله قد نجذتني التجارب وعلمتني الأيام والابتلاءات فلا أهجم متحمساً ولا أتكعكع متلكئاً ، وأحافظ على توازني ما استطعت إلى ذلك سبيلا .. الشيء الذي يجعلني أضمّن هذه الكلمات إضافة إلى صريح وقوفي إلى جنب أخي أبي مصعب ضد كل من عاداه وناوأه من الطواغيت وأسيادهم وعلماء السوء وأذنابهم ؛ أضمنها إضافة إلى ذلك مناصحة وتذكيراً لا بد منها له ولغيره من المجاهدين .. فإن أخذ بها فإن ذلك يسعدني ويقر عيني وينعش آمالي .. وإن رفضها وردها فذلك وإن كان يحزنني ويؤلمني إلا أنه واجبي له وللإخوة المجاهدين أكون قد أسديته ..
* * *
وأبدأ ذلك بتأكيد ما ذكرته في هذه الشجون والذكريات ..
* فأبو مصعب الزرقاوي على ما نعتقده من عقيدة أهل السنة والجماعة ، وما ننتهجه في دعوتنا إلى التوحيد من إظهار وإعلان ملة إبراهيم والبراءة من الطواغيت وأنصارهم وتكفيرهم ..
وهو يفرّق كما نفرق بين من نكفرهم من أنصارهم الذين يتولونهم على شركهم أو يظاهرونهم على الموحدين ، وبين غيرهم ممن قد يعينونهم على منكر أو يداهنونهم على باطل لا يصل إلى حد الكفر فلا يكفر أمثال هؤلاء كما لا نكفرهم ، فضلا عن سائر الناس المنتسبين للإسلام ؛ فإن عقيدته وعقيدتنا فيهم هي عقيدة أهل السنة والجماعة لا نكفر مسلماً بذنب غير مكفر ما لم يستحله ، وهو يحرص دوما إن شاء الله على التزام ذلك هو ومن معه من الشباب .
* ومن ثم فأبو مصعب يعتقد ما نعتقده تجاه عوام المنتسبين للإسلام في سائر بلاد المسلمين من العصمة لدمائهم وأعراضهم وأموالهم ، ولا أتخيل بحال أن يتقصد أو يتعمد أن يلحق الأذى بنفس مسلم أو ماله أو عرضه ؛ بل أعرف أنه على الاستعداد لأن يبذل روحه ودمه وماله ومهجته في سبيل نصرة إخوانه المسلمين وإخراجهم من ظلم وظلمات الطواغيت إلى نور وعدل الإسلام .. والأمر ليس كما حاول أعداء الله تصويره كذبا وزوراً في إعلامهم من أنه استهدف آلاف المدنيين في بلده بسلاح كيماوي ..
فذلك كله محض كذب وزور مكشوف لا ينفق ولا يروج على أحد ، دفعهم إليه حقدهم الأسود على كل مجاهد غيور على دينه وأمته ، كما دفعهم إليه إخلاصهم لأوليائهم الأمريكان الذين يتغيظون من كل مجاهد يشمخ بهامته أمام جبروتهم ويأبى الانبطاح لسياساتهم والانسحاق تحت أحذيتهم كما يفعل أذنابهم ..
* وحتى من الناحية الفقهية العملية فأنا أعلم أن الرجل - وإن لم يكن ذلك الطالب المتقدم في العلم – إلا أنه قد أتم حفظ كتاب الله في السجن و يتحرى الحق وهو ضالته يبحث عنه ويتبناه حيث وجده لينصره بالغالي والنفيس ، ولذلك كان دوما يوم كنا في السجن لثقته في عقيدتي وكتاباتي واختياراتي لا يصدر في غالب أمره إلا عن مشورتي واستفتائي حباً لهذه الدعوة وولاء للتوحيد وملة إبراهيم التي ننصرها وندعوا إليها ..
ولذلك ولغيره لم أفاجأ كثيراً حين بلغني أنه سمى جماعته المقاتلة في العراق – دون أدنى تنسيق معي أو مراجعة لي – ( بجماعة التوحيد والجهاد ) وذلك مضاهاةً والتصاقاً بموقعي على الإنترنت المسمى بمنبر التوحيد والجهاد منذ سنين .. فأسأل الله تعالى أن يحمل المسمى بصورته المشرقة كما حمل الاسم ..
* لقد فرحت وانتعشت آمالي بقدر حين علمت بتقريبه لأبي أنس رغم أن الرجل لم يكن يتبنى اختياراتنا بحذافيرها وهي مرونة من أبي مصعب أفرحتني بعد أن كان افتقاره إليها من قبل قد حرمه الاندماج في القاعدة والنزول تحت إمرة الشيخ أسامة حفظه الله تعالى ..
فأرجو أن يكون ذلك منه تصحيحاً لهذا الأمر ووسطية لا حاجة واضطراراً ، فإن من المقرر عند أهل السنة والجماعة جواز القتال والتعاون مع الأمراء الفجار فكيف بما هو دون ذلك مما يسع فيه الاختلاف والاجتهاد ..
* وأعطف على هذا بشيء يقابله وهو أن لا يكون ميزان التقريب والإقصاء على قدر وكمية الولاء والتعلق به أو الموالفة والموافقة وعدم المخالفة والمراجعة .. فهذا ميزان متأرجح مضطرب غير متزن وكم قرب هذا الميزان أناساً جهالا لا يصلحون لكثير من الأعمال والمهمات التي أوكلت إليهم ، وغض الطرف عن شذوذاتهم وانحرافاتهم التي عايناها وصدمنا بها مراراً ..
وأقصى في الوقت نفسه أخياراً أكياساً يعدل الواحد منهم العشيرة والقبيلة فوا أسفاه على عدم الاستفادة منهم .
* إن سذاجة ومحدودية تجربة قيادة مجموعة صغيرة في السجن لا يجوز أن تنتقل بسطحيتها وسذاجتها إلى العمل التنظيمي المسلح ، فقد عاينا الثمن الباهظ لذلك في فقد إخوة أعزة سواء بالقتل أو التأبيد في السجن ، هذا غير الخسائر المادية الطائلة التي أهدرت في تلك التجارب المتعجلة ..
* فصدق النية وحب الدين والورع والإخلاص والعاطفة والحماس كل ذلك لا يكفي وحده لإثراء التجربة والارتقاء بالعمل التنظيمي ، ولا يغني بحال عن الاستعانة بذوي الخبرة والفطنة والتجربة والمعرفة ، فحذار من الاغترار أو الاكتفاء بالتجربة الهزيلة أو القصيرة ، والزهد بخبراتهم لمجرد أن لا يكونوا من أهل الموالفة والموافقة على كل شيء ..
* كما أنني أعرف من أبي مصعب أنه لا يتنازل عن شيء من عقيدته أو توحيده الذي يدين الله به ، ولا يفرّط في شيء منه ولا تأخذه فيه لومة لائم ولا يتضرر في هذا الأمر بضغط أو مخالفة أحد ؛ فأرجو أيضاً وأسأل الله تعالى أن لا يتضرر أيضا في اختياراته الجهادية والقتالية ، بسبب ضغط الأعداء وبسبب بطشهم وإجرامهم .. فيبقى على الجادة في أعماله واختياراته لا يضره من خالفه ولا من خذله فلا يميل إلى إفراط أو تفريط ..
* فما دام لا يكفّر الناس بالعموم ولا يكفرهم بالمعاصي ولله الحمد ، ويعلم أن جمهور الناس في هذه البلاد التي نعيش فيها ينتسبون إلى الإسلام ؛ فيجب عليه مراعاة ذلك في اختياراته القتالية ، ويجب عليه التشدد في التحرز من سفك دماء المسلمين ولو كانوا فجاراً أو عصاة وأن يتنبه إلى الفوارق الظاهرة بين القتال في دار الكفر الأصلية التي جمهور أهلها كفار ، والقتال في دار الكفر الاصطلاحية الحادثة التي جمهور أهلها من المنتسبين للإسلام ومراعاة تلك الفوارق ..
وحذار من التساهل فيما اعتدنا على التشديد فيه من عصمة دماء المسلمين وأموالهم وأعراضهم ولو كانوا عصاة أو فجاراً فإن دماء المعصومين ورطة من الورطات يوم القيامة ..
وقد درسنا ودرّسنا في أبواب الاعتقاد أن استباحة دماء المسلمين خطر عظيم والخطأ في ترك ألف كافر ، أهون من الخطأ في سفك قطرات من دم مسلم واحد ..
فيجب التنبه لهذا وحذار من إغفاله طرفة عين ..
أقول هذا وأؤكد عليه وأنا أسمع وأتابع الفوضى العارمة الحاصلة اليوم في العراق والتي يراد بها تشويه الجهاد وصورته المشرقة من تفجير السيارات أو وضع العبوات الناسفة في طرقات العامة وقذف قذائف الهاون ونحوها في الشوارع والأسواق وغيرها من تجمعات عوام المسلمين فيجب المحافظة على أيدي المجاهدين المتوضئة من أن تتلطخ بشيء من دماء المعصومين ولو كانوا عصاة أو فجاراً وإذا كانت الجماعة المقاتلة نظيفة من ذلك وبمنأى عنه فالواجب عليها إن كانت تحترم جهادها وجهود أتباعها وتحرص على قطف ثمرات من وراء تلك الجهود وذلك الجهاد أن لا ترضى بنسبة شيء من ذلك إليها ، وأن يواكب جهادها دوماً لسان ناضج ناطق يذب عن المجاهدين ويبرئ ساحتهم من هذه الأعمال المشوهة أولاً بأول ..
* ومما يجدر التحذير منه في باب التضرر بالواقع ؛ التورط في اختيار وسائل غير مشروعة أو وسائل وأدوات مخالفة للاختيارات الصحيحة الراجحة عند المجاهد ، أو التوسع بها كردود أفعال على إجرام الطواغيت .. كأن يتجاوز المقاتل الحدود الشرعية بتقصد خطف أو قتل بعض المنتسبين للإسلام بمسوغات غير شرعية كدعاوى العمل عند الكفار أعمالاً لا تصل إلى المناصرة على الكفر أو المظاهرة على المسلمين ..
أو التجاوز والتعدي بتقصد قتل أو خطف من لا يحل قتله من نساء وأطفال بعض الأعداء ، سواء لعصمة أولئك النساء والأطفال بالإسلام ، أو عصمتهم بالأنوثة والطفولة ..
ومثل ذلك التساهل بالأعمال التي يسميها الناس انتحارية ويسميها البعض استشهادية ونسميها نحن بضوابط علمائنا المحققين جهادية ، فلا ينبغي غض الطرف عما اشترطه علماؤنا المحققون من شروط مهمة قد اعتمدوا في تجويزها وقايسوها على مسألة الترس ، ومعلوم ما قرروه لهذه المسألة من ضوابط وقيود لا يجوز التحرّر منها أو التساهل فيها سواء لوفرة من يقدم على تنفيذها ، أو لوفرة المتفجرات من مخلفات النظام البائد أو لظروف البلد المواتية لمثل هذا العمل أو ذاك .. أو غير ذلك من الأسباب .. فمعلوم أنها وسيلة إنما يلجأ إليها المجاهد عند الضرورات فحذار من أن يتوسع فيها وتنقلب إلى وسيلة قتالية تقليدية ، فضلا عن أن تنقلب إلى غاية وهدف ..
* إن دعوة التوحيد وملة إبراهيم التي ندعوا إليها ليست كأي دعوة اصلاحية ؛ ترقيعية ، بل هي دعوة تغييرية استئصالية للطواغيت وشركهم ، حرب على أوليائهم ، تقوم على تجريد الولاء والبراء والحب والبغض والموالاة والمعاداة وهي لهذه الأركان لا تربي بغاثاً أو تخرّج دراويشاً بل تربي صقوراً وتخرج أسوداً وسباعاً إن لم يضبطوا بضوابط الشرع ويربّوا على تعظيم حرمات المسلمين ودمائهم ويقيّدوا بقيود العلم والفقة في السياسة الشرعية لمراعاة أعظم المصالح ومدافعة أعظم المفاسد واختيار أنفع وأصلح الأعمال ومراعاة واقع الأمة وإمكانات أبنائها وطبيعة المرحلة ، أقول ، إن لم يراعى ذلك كله فيهم ، فسيثبون إلى القتال دون ضوابط وسيخرجون على الأمة لا يميزون بين برها وفاجرها ولا يوازنون بين مصالحها ومفاسدها . وتجارب بعض الجماعات المتطرفة المغالية ما زالت ماثلةً للعيان ، فحذار من اجترارها .. فليتذكر كل مجاهد أننا أبناء دين عظيم ؛ جهاده وغاياته ووسائله أنظف وأطهر وأعلى وأجل من أن تضاهي أو تحاكي أعمال عصابات المافيا التي تبرر الغايات عندهم الوسائل ، ولا يزعهم وازع من إيمان أو يضبطهم ضابط من شرع .
* لأن رأس المال قليل شحيح ؛ سواء في المجاهدين المخلصين الناضجين أو في الأموال والإمكانات ؛ فلا يحل لمن يحترم إمكانات المجاهدين ويراعي ظروف الأمة وأحوال المسلمين والدعاة والمجاهدين في شتى أقطار الأرض الأحرار منهم والمعتقلين ، لا يحل له أن يقامر أو يتساهل في هدر تلكم الإمكانات ، فسيسأل عنها بين يدي الله ، كيف وهو موقوف مسئول عن عمره فيما أفناه وشبابه فيما أبلاه وماله فيما أنفقه ، فالسؤال سيكون أشد عن عمر وشباب وأموال المجاهدين والمسلمين إن تولى أمرهم ..
ولذلك يتعين عليه أن لا يختار من الأعمال إلا الأنفع لدين الله والأحظى للمسلمين وعزهم وتمكينهم والأنكى في أعداء الله والأقطع لكفرهم وباطلهم .. ولا مجال للتجريب والمقامرة في دماء المجاهدين وأموال المسلمين ..
* ولذلك فحذار أيضاً من تشتيت دائرة الصراع والخروج بها عن المحتل وأذنابه الموالين له .. وحذار من توسيع تلك الدائرة أيضا فيما لا طائل من ورائه وتضييع جهد المجاهدين بذلك .
- سواء بالتورط بمشاريع غير ناجحة في بلدان خارج نطاق تواجد المجاهدين وإمكاناتهم لا ثمرة آنية منها غير الأعمال الثأرية أو النكائية تذعر الناس بل والعالم كله على المجاهدين وتدفعه إلى المزيد من التألب والتكالب عليهم وتستغل في خلط الأوراق وتشويه المجاهدين ..
- أو باستهداف غير المقاتلين من أبناء الشعب ولو كانوا كفاراً أو من النصارى فضلاً عن التورط في استهداف كنائسهم وأماكن عبادتهم ونحوها..
- أو الإنجرار وراء استهداف عموم الشيعة وحرف المعركة عن المحتل وأذنابه وصرفها إلى مساجد الشيعة ونحوهم مهما كان تاريخهم وعداوتهم لأهل السنة وأذاهم لهم ، فلا يجوز أن يجعلوا جميعاً في كفة واحدة ؛ عوامهم مع خواصهم المحاربين ...وعلى كل حال فإن إعلان الحرب على هذه الطوائف المحسوبة على الإسلام والمسلمين في ظل احتلال صليبي مجرم لا يفرق بين سني وشيعي ليس من السياسة الشرعية في شيء.
- أو ببث التهديدات الجوفاء لدول العالم كافة هنا وهناك الأمر الذي يزيد الحرب على الإسلام توحّداً وعالمية ، ويفقد المجاهدين مصداقيتهم بتكرارها عبثا ..
* ولذلك فلا بد مع الجهاد من خطاب إعلامي واع ناضج يخاطب الناس على قدر عقولهم ويحدثهم بما يعرفون ولا يتبنى شيئا من الأعمال التي لا يستوعبها الناس أو الأعمال غير الناجحة ..
وينأى بنفسه وقيادته عما يُستبشع أو يشوه صورة الجهاد وينفّر عنها خصوصاً مع انتشار الجهل وقلة العلم وعدم إحاطة الناس بما عند خواص المجاهدين من اختيارات فقهية فرعية .. فمراعاة ذلك من الفقه في الدين الذي من أهمله ولم يرفع به رأساً فوت على الجهاد والمجاهدين خيراً عظيماً ، وبما جرّ عليهم من المفاسد ما الله به عليم ، وسيرة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم في هذا الباب وهديه شاف كاف فليتأمل ..
* حذار من تقزيم الجهاد وتحجيمه في القتال النكائي وحسب ، أو اختزاله في ردود الأفعال الثأرية فقط ، وفصمه أو فصله عن مبناه العام الذي يبني الأمة ويعمل على تمكينها ، وذلك بالانشغال بالوسائل وقلبها إلى أهداف ، أو بعزله عن أهل الخبرة والتجربة أو فصمه عن الدعوة ومخاصمته لأهلها .
* العراق بإجرام صدام وحزبه تأخرت فيه الصحوة الإسلامية واستؤصلت في مراحل شتى ؛ فأحسن ما يقدم المجاهدون لهذا البلد المنكوب إن لم تتيسر الآمال الكبيرة التي دونها ما دونها ؛ أقول إن أحسن ما يقدم له من خلال جهاد نقي صافٍ واختيارات موفقة وخطاب إعلامي واع وناضج راشد ؛ أن يربي ويخرج من خلاله طائفة من أبناء البلد والعشائر تحمل راية التوحيد وتجاهد من حولها .. فأهل مكة كما يقال أدرى بشعابها ..
وأبناء البلد عند عموم الناس أولى بالتصدر لأمورها والحديث عن همومها والبروز لتحمل مسؤولياتها .. وعدم التفات المجاهدين إلى هذا الأمر وعدم اعتبارهم له وعدم اهتمامهم بموازين القوى في البلد وطبيعتها وطبيعة أهلها ووضع الغريب عنها أولا وآخراً وإغفال ذلك يعد إهمالاً لسنن الواقع ، وإعراضاً عن تجارب إخواننا المجاهدين في شتى البلاد ..
* ولذلك قلت مراراً لا بد من تصدير العراقيين في واجهة المقاومة ولا بد من اختيار قيادة إسلامية عراقية راشدة تعرف هموم الشعب العراقي وتعرف كيف تخاطبه بخطاب واع ناضج يجعلها منارة للناس يلتفون من حولها ، وتتجنب كل ما يشوهها من أعمال مرجوحة أو اختيارات منفرة أو مفضولة ..
هذا إذا كان المجاهدون هناك يتطلعون إلى ثمرة تمكين لجهادهم ولو على المدى البعيد .. أسأل الله تعالى أن ينصر جنده ويمكن لعباده ..
* * *
أخيراً .. قد قمت في سجني هذه المرة بكتابة ( وقفات حول ثمرات الجهاد بين الجهل في الشرع والجهل في الواقع ) ضمنتها خلاصة نصحي للدعاة والمجاهدين ، أتمنى وأدعو الله أن يستفيد منها كل مجاهد ، وأن لا يفسد استفادته منها بتتبع من يقصد الشيخ بكذا أو من يريد بكذا ..
فالأمر أعظم من تتبع هذا ، ولم أجعل يوما من همي الاشتغال في الطعن بأهل الإسلام فضلا عن الطعن في المجاهدين الذين نحسب فيهم الصدق والإخلاص ، ومن يتدبر تلك الوقفات يرى أن كلامي فيها عام متشعب ذو شجون يتناول كثيراً من البلدان والميادين والتجارب ولا يتركز كله على شخص واحد بعينه ..
بل يتناول أحداثاً وتجارب مرت بالشباب أو بالمجاهدين هنا وهناك أو طفت على السطح ولفتت أنظار الناس ؛ أدليت فيها بدلوي نصحاً لإخواني المجاهدين وحرصاً على جهدهم وجهادهم أن يكون في أشرق صورة وأحسن حال، وهذا من أعظم النصرة لهم بل هو لو فقهوا أعظم من نصرهم بالنفس والمال ، وقد قيل: (نفاذ الرأي في الحرب أنفذ من الطعن والضرب)..
أما هذه الورقات فهي وإن كنت أرجو النفع فيها لكل من يقرأها ؛ إلا أنها جاءت مناصرة ومناصحة لأخي أبي مصعب حفظه الله تعالى وسدد على طريق الحق خطاه ..
ووفقه ومن معه لنصرة التوحيد والدين الحق ، وجعلهم وإيانا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ..
( ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز )
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين
وكتب / أبو محمد المقدسي
سجن قفقفا – جمادى الثاني 1425
--------------------------
وهُنا رد الشيخ أبو مُصعَب الزرقاوي تقبّله الله على ما خرج من جوف أبو محمد المقدسي
بَيَانٌ وَتَوضِيحٌ لمَا أَثَارَهُ الشَّيخُ المَقدِسِيُّ – بِقَلَمِ الشَيخ أَبِيْ مُصْعبٍ الزّرْقَاوِي (رَحِمَهُ الله)
_______________
بَيَانٌ وَتَوضِيحٌ لمَا أَثَارَهُ الشَّيخُ المَقدِسِيُّ
فِي لِقَائِهِ مَعَ قَنَاةِ الجَزِيرَةِ
6 جمادى الثاني 1426 هـ
12 يوليو/تموز 2005 م
بِقَلَمِ الشَيخ
أَبِيْ مُصْعبٍ الزّرْقَاوِي (رَحِمَهُ الله)
الحمدُ للهِ معزِّ الإسلامِ بنصره، ومُذلِّ الشركِ بقهره، ومصرِّف الأمور بأمره، ومستدرجِ الكافرين بمكره، الذي قدّر الأيام دولاً بعدله، والصلاةُ والسلام على من أعلى اللهُ منارَ الإسلامِ بسيفِه.
أمَّا بعد؛
فإن الله سبحانه وتعالى يبتلي عباده على مر الأيام والليالي بأنواع المحن والابتلاءات، فتنة لهم واختبارًا، وتمحيصًا لهم وامتحانًا، قال تعالى: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُم} [محمد:31]، وفي (صحيح مسلم) قال الله -سبحانه وتعالى- للنبي صلى الله عليه وسلم: (إنَّما بعثتُك لأبتليَك، وأبتليَ بك).
وها هي صورة من صور الابتلاء تتجدد على أرض الرافدين، بعد أن غزاها عباد الصليب، يرومون فتنة العباد، والسيطرة على البلاد، في أكبر حملة صليبية عرفها التاريخ المعاصر.
وقد أكرمنا الله سبحانه وتعالى فسلكنا طريق الجهاد في سبيله، نصرة لدينه، وإعلاء لكلمته، فرمانا الناس عن قوس واحدة، فصوَّبوا تجاهنا سهامهم، وسلَّطوا علينا ألسنتهم، تشويهًا لدعوتنا وجهادنا، وتنفيرًا للخلق مِنَّا.
فمضينا وحادينا قولُ النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يضرهم من خذلهم، ولا من خالفهم).
وكان مما يؤنس وحشتنا في دربنا، ويخفف عنا غربتنا في طريقنا، أن منتقدينا هم من أولي المناهج الفاسدة، والمذاهب الباطلة.
وقد أكرم الله عباده المجاهدين، وأوليائه الصادقين، ففتح عليهم في معركة الأحزاب معركةِ الفلوجة الأولى، فأَذَلَّ عدوهم، وردَّهم على أعقابهم خاسرين.
وبينما هم يتفيؤون ظلال هذا الفتح المبين، ويعيشون أيامه؛ إذا بهم بما يعكر عليهم صَفْوَه، ويذهب حلاوته، إنَّه سهم جديد مُصَوَّب إلى نحورهم، ولكنه هذه المرة ليس من كنانة من وصفتُ حالهم من قَبْلُ، بل هو من رجل محسوب على هذا المنهج، ومن أهل العلم، ذلكم كان مقالاً للشيخ أبي محمد المقدسي حفظه الله بعنوان: (الزرقاوي آمال وآلام، مناصرة ومناصحة)
وظلم ذوي القربى أشد مضاضة *** على المرء من وقع الحسام المهند
وإن أنسى، فلا أنسى بكاء الشيخ أبي أنس -رحمه الله- عندما رأى الحزن باديًا على قسمات وجهي بعد قراءتي لهذه المناصحة لما فيها من تجنٍّ، وعدم تثبت، وقلب للحقائق!
فواساني وقال: يا فلان، إن الله يدافع عن الذين آمنوا.
ولا أبيح سرًّا إن قلت؛ إني كنت أظن أن الأمر لا يعدو أن يكون كبوة من فارس، يوشك أن يقوم منها، وأن المسألة ستقف عند هذا الحد؛ لكن الشيخ المقدسي حفظه الله شفعها بـ(وقفات مع ثمرات الجهاد)، ثم أَكَّد ذلك كُلَّه في مقابلته مع (قناة الجزيرة) مع تصريحه بأنه يتكلم بمحض إرادته، وليس ثَمَّ من يجبره على مقاله.
فرأيت أن الأمر بدأ يتعدى حدود النصح والمناصرة، وأن هذا النصح فقد طريقه ومسالكه الشرعية، وبدأت له أبعاد أخرى، لا سيما في هذا الوقت الخطير، الذي أصبح انكسار شوكة جيش عباد الصليب واضحًا لكل ذي عينين، فرأيت لزامًا عليَّ أن أوضح بعض الحقائق، وأصحح بعض المغالطات، التي وردت في المناصحة، واللقاء مع (قناة الجزيرة)، دون استيعاب مني لكل ما ورد فيهما، فذاك يحتاج إلى تسويد صفحات وصفحات، (وما لا يدرك كُلُّه لا يترك جُلُّه)، أسأل الله أن يسددني، وأن يقيني حظوظ نفسي.
فأقول وبالله توفيقي وعليه اعتمادي؛
أولاً: سيكون كلامي منصبًّا على توضيح بعض الحقائق مما له علاقة بمنهج جهادنا في العراق وما يَمُتُّ إليه بصلة، وسأعرض عما ورد في مناصحة الشيخ حفظه الله فيما يتعلق بعلاقتي معه وما جرى بيني وبينه في غابر الأيام، مما أراه لا يخدم ما نحن بصدده، ولما فيه من منفعة لأعداء الدين.
ثانياً: ذكر الشيخُ حفظه الله في مطلع مناصحته أنه حاول جاهداً قبل نشرها إيصال أشياء كثيرة من محتواها إليَّ، فلم يتمكَّن من ذلك -على حدِّ قوله- فاضطر لنشرها، ولو سلَّمنا له بذلك، فما المبرر لإعادة ذكر هذا الكلام مرة أخرى في المقابلة مع الجزيرة، إذا كان مقصوده إبلاغ النصيحة، وقد تَمَّ له ذلك من قَبْلُ في رسالته، ولماذا في هذا الوقت بالذات، مما لا يصب إلا في مصلحة الصليبين، وأذنابهم من المرتدين.
ثالثاً: ذكر الشيخُ حفظه الله أني كنت ممن استفاد منه، واستظل بمشيخته، وأني كنت لا أصدر إلا عن رأيه، ولا أقول إلا بقوله واختياره؛ فأقول:
لا شك أنَّ الشيخَ أبا محمد حفظه الله له فضل كبير وعظيم على العبد الفقير، فهو أحد من تلقيت عنه التوحيد وتفاصيله، وكنت أعتقد كثيرًا مما كان يعتقده أبو محمد، ولكن لا بد أن يُعلم أن متابعتي له إنما هو لاعتقادي بأن ما يطرحه ويكتبه في رسائله هو موافق للكتاب والسنة، وليس هو مجرد تقليد أعمى، ولو كان الأمر كذلك لكان تقليدنا لمن هو أكبر منه قدرًا، وأرفع منه علمًا أولى بنا، فأصل دعوتنا اتباع الكتاب والسنة، ومن ثَمَّ الأخذ بقول من وافقهما، وطرح ونبذ قول كل من خالفهما.
فكما أني استفدت من الشيخ أبي محمد -جزاه الله خيرًا- فقد استفدت من علماء آخرين؛ وهذا لا يعني أن ألتزم بكل ما يقوله المقدسي، والعلم ليس حكرًا عليه وحده، وما كل ما يقوله المقدسي صحيح ويجب اتباعه؛ ولا سيما في الأمور الاجتهادية والنوازل الحادثة.
وأنا في سيري في طريق الجهاد لا أقدم على أي مسألة إلا وضوابط الشرع أمام ناظري، ولا أتجرأ في مسألة حتى أستشير فيها أهل العلم الصادقين المجاهدين، والله يعلم أن الاتصالات لم تنقطع بيني وبين بعض أهل العلم، ممن يفوق أبا محمد علمًا أستفتيهم في غالب ما يواجهني، وهم الآن مبتلون معتقلون في سجون الطواغيت، ولولا خشية تضررهم بذكر أسمائهم لصرحت بذلك.
وكل من يعرف العبد الفقير، ويعرف الشيخ داخل السجن وخارجه، يعلم علم اليقين أنني كنت أخالفه في كثير من المسائل، وخصوصًا المسائل المتعلقة بالجهاد والعمل الجماعي، وعندما خرجت من السجن وقررت أن أذهب إلى أرض الجهاد لم أستشر أبا محمد حفظه الله؛ بل كنت أرى طريقة أخرى لنصرة هذا الدين تختلف عن الطريقة التي يراها الشيخ المقدسي حفظه الله.
هذا مع حزني وأسفي أن تصدر مثل هذه المقالة من أبي محمد، الذي من أصول دعوته تعبيد الناس إلى الله؛ لا إلى ذواتهم وأشخاصهم… (مشيختي، وظلي، واستفادوا من اسمي، …) [هذه كلمات إستخدمها المقدسي خلال مقابلته مع الجزيرة] والله المستعان.
وهل مَرَّ بكم في الكتاب والسنة، أو في تاريخ سلفنا؛ أن المرء إذا استفاد من شيخ في علم ما؛ أنه يصبح عبدًا له، لا يجوز له أن يخالفه في اجتهاده، أو أن يقول بقول غيره من أهل العلم.
رابعاً: ذكر الشيخُ حفظه الله بأنني اشترطت على الشيخ أسامة بن لادن -حفظه الله- تدريس منهج أبي محمد كشرط للعمل معه.
أقول: هذا الكلام عارٍ عن الصحة تمامًا، فأنا لم أجلس يومًا مع الشيخ أسامة -حفظه الله- بخصوص هذا الشأن.
وأنا أسأل الشيخَ حفظه الله عن قوله: (منهج أبي محمد) أهو منهج تفرد به لم يسبق إليه، أو أنه متبع فيه لغيره من أئمة سلفنا الصالح؟ فإن أجاب بالأول؛ فلا حاجة لنا بمنهجه، فديننا دين اتباع لا دين ابتداع، وفي منهج أسلافنا غُنْيَة عن منهج فلان وفلان، وإن أجاب بالثاني -وهو حَرِيٌّ به- فَعَلام ينسبه إلى نفسه، وهؤلاء مشايخ الجهاد في عصرنا قد دَعَوْا إلى مثل ما كان يدعو إليه أبو محمد، وما سمعنا أحدهم يومًا أنه قال: هذا منهجي!!
ولا ينقضي عجبي كيف يطرح الشيخ مثل هذا الأمر؛ وهو لم يتبين مني، وثَمَّ تساؤلات تؤرقني، لماذا هذا الكلام في هذا الوقت بالغ الحساسية، ولا سيما أني الآن جندي من جنود الشيخ أسامة -حفظه الله-، وما المصلحة، ومن المستفيد من ذكره الآن؟
خامساً: ذكر الشيخُ حفظه الله أني كنت أقلده في عدم جواز العمليات الاستشهادية، وأني قد توسعت فيها الآن في العراق.
أقول: ليس الأمر كما ذكر الشيخ، فأنا كنت أرى عدم جوازها عندما كنت في أفغانستان إبان الغزو الشيوعي لها، إتباعا مني لبعض الفضلاء من هذا العصر، ولم أكن قد لقيت المقدسي بعد، وعندما التقيت به، وافق اعتقادي قوله، ثم عندما خرجنا من السجن، وذهبت إلى أفغانستان مرَّة أخرى، التقيت بالشيخ أبي عبد الله المهاجر، وجرى حديث بيننا في حكم العمليات الاستشهادية، وكان الشيخ يذهب إلى جوازها، وقرأت له بحثًا نفيسًا في هذه المسألة، وسمعت له أشرطة مسجلة في ذلك، فشرح الله صدري لما ذهب إليه، ولم أتبنَّ جوازها فقط؛ بل بتُّ أرى استحبابها، وهذا والله من بركة العلم ولقاء أهله، ورتبت للشيخ المهاجر في معسكر هيرات دورة شرعية مصغرة لمدة عشرة أيام، قام خلالها ببيان حكم هذه العمليات للإخوة، مما كان له أعظم الأثر في نفوسهم.
ثم لماذا ينكر علي الشيخ تغير اجتهادي في حكم هذه العمليات، مع أنه كان يرى أولاً حرمتها، ثم هو الآن يرى جوازها بشروط وضعها، أليس من الإنصاف أنه إذا ذكر ذلك أن يذكر هذا.
روى البخاري تعليقًا، ووصله ابن أبي شيبة عن عمار، قال: (ثلاث من جمعهن جمع الإيمان: الإنصاف من نفسك، والإنفاق من الإقتار، وبذل السلام للعالم).
سادساً: ذكر الشيخُ حفظه الله بأنني سميت (جماعة التوحيد والجهاد) نسبة لموقعه المسمَّى بمنبر التوحيد والجهاد.
أقول: إن كَلِمَتَي: (التوحيد) و(الجهاد) مصطلحان شرعيان، كنا نرددهما ونتغنى بهما دائمًا في سجننا، فعلام ينكر علينا تسمية جماعتنا بهما، وهل هما حكر على أحد بعينه؟
وما ينقضي عجبي كيف يصدر هذا الكلام من مثل أبي محمد حفظه الله، وإن الذاكرة لتعود بي إلى تلك الأيام التي كنا نتذاكر فيها هموم الدعوة وما كنا نلاقيه من بعض أفراخ المرجئة والجهمية؛ كعلي الحلبي وغيره، الذين كانت مهمتهم تصنيف الناس على أساس الموافقة والمخالفة لهم، فمن وافقهم كان سلفيًّا، ومن خالفهم كان بدعيًّا، فكان الشيخ المقدسي -حفظه الله- يردِّد بأن السلفية ليست وكالة خاصة، ولا شركة مساهمة يحتكرها إنسان بعينه، ويحرمها على الآخرين، فما بال الشيخ حفظه الله اليوم يقع فيما كان ينكره بالأمس على الآخرين.
ولو أني شكلت جماعة باسم: (الجماعة السلفية للدعوة والقتال في العراق)، فهل يلزم من ذلك الانتساب للإخوة في الجزائر حفظهم الله؟
إن كثيرًا من علمائنا كانوا يصنفون التصانيف، مع تماثل مسمياتها، وما سمعنا إنكار أحدهم على الآخر، كـ(الزهد) لابن المبارك، وابن أبي عاصم، وأحمد بن حنبل، والبيهقي، و(أحكام القرآن) للجصاص، وابن العربي، و(فتح الباري) لابن رجب الحنبلي، وابن حجر العسقلاني، وغير ذلك كثير.
نعم، يمكن أن تكون محقًّا لو كنا سمَّينا جماعتنا بـ (جماعة التوحيد والجهاد المنبثقة عن منبر التوحيد والجهاد) أو التابعة لمنبر التوحيد والجهاد، أو التابعة للشيخ المقدسي، أو اتخاذ شعار المنبر نفسه، أو نحو ذلك.
والسؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح لدى كل من يسمع هذا الكلام: ما المراد في ذكر هذه المسألة وتكرارها في كل محفل، وما الذي ستسفيده الأمة منها، مع أن جماعة التوحيد والجهاد أصبحت جزءًا من الماضي، وهي الآن منطوية تحت لواء تنظيم القاعدة؟
سابعاً: قال الشيخُ حفظه الله: إنه لا يرى تفجير الكنائس، وقتل المدنيين.
أقول: لا أدري من أين يأخذ الشيخ حفظه الله أخباره، ومن أين يتلقى معلوماته؟ مع العلم أنا قد صرحنا في شريط (وعاد أحفاد ابن العلقمي) بأننا لم نستهدف النصارى وغيرهم من المدنيين، ومما قلناه هناك: (وفي أَرض الرَّافدين طوائفُ عدة، كالصَّابئة، واليزيدييِّن عبدة الشَّيطان، والكَلْدانيين، والآشوريين، ما مددنا أَيدينا بسوء إليهم، ولا صوبنا سهامنا نحوهم، مع أنَّها طوائف لا تَمُتُّ إلى الإسلام بصلة، ولكن لَمْ يظهر لنا أَنَّها شاركت الصَّليبيين في قتالهم للمجاهدين، ولَمْ تلعب الدَّور الخَسيس الذي لعبه الرَّافضة).
ثامناً: تحفظ الشيخُ على قتالنا للروافض، وذهب إلى أن عوَّام الرافضة كعوَّام أهل السنة.
أقول: أما قتالنا للروافض فقد صرَّحنا مرارًا -ولا سيَّما في الشريط الآنف الذكر- أننا لم نبدأهم بقتال، ولا صوَّبنا إليهم النبال، وإنما هم بدؤوا بتصفية كوادر أهل السنة، وتشريدهم، واغتصاب مساجدهم ودورهم، وما جرائم فيلق بدر عنا ببعيد، ناهيك عن تسترهم بلبوس الشرطة والحرس الوثني، ثم من قبل هذا كلِّه ولاؤهم للصليبين، أفيسعنا بعد هذا كله أن نعرض عن قتالهم.
وأما القول بأن عوام الرافضة كعوام أهل السنة، فهذا –والله- من الظلم لعوام أهل السنة، أيستوي من الأصل فيهم التوحيد، مع من الأصل فيهم الاستغاثة بالحسين وبآل البيت، وصنيعهم في كربلاء وغيرها ما عاد يخفى على كل ذي عينين، هذا مع اعتقادهم العصمة في أئمتهم، ونسبة علم الغيب والتصرف في الكون إليهم، وغير ذلك من الشركيات التي لا يعذر أحد بجهلها.
أيستوي من الأصل فيهم الترضي على أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، مع من الأصل فيهم بغض الصحابة؛ بل لعنهم وعلى رأسهم صاحباه: أبو بكر وعمر رضي الله عنهما، واتهام الصديقة عائشة _رضي الله عنها_ بالفاحشة، فلا وربي لا يستويان.
والله ما استويا ولن يتلاقيا *** حتى تشيب مفارق الغربان
ثم إن المطلع على أحوالهم في العراق يعلم علم اليقين أنهم ما عادوا عوامًّا بالمفهوم الذي تريد؛ فقد أضحوا جنودًا للكافر المحتل، وعيونًا على المجاهدين الصادقين، وهل وصل الجعفري والحكيم وغيرهما من الرافضة إلى سدة الحكم إلا بأصوات هؤلاء؟! ومن الظلم أن يؤتى بفتوى ابن تيميه في عصره ثم تنّزل على واقع الرافضة اليوم (من دون النظر إلى الفوارق بين العصرين)، ثم هناك من العلماء من تكلم في كفر الرافضة بأعيانهم كالشيخ حمود العقلاء رحمه الله والشيخ سليمان العلوان والشيخ علي الخضير (فك الله أسرهما) والشيخ أبي عبد لله المهاجر والشيخ الرشود رحمه الله وغيرهم.
تاسعاً: ذكر الشيخُ حفظه الله في لقائه أنه لا يُحَبِّذُ ذهاب الشباب المجاهد إلى العراق؛ لأنها ستكون محرقة لهم، على حدِّ وصفه.
وهذه والله المصيبة الكبرى، أيعقل أن تصدر مثل هذه الفتوى عن مثل أبي محمد.
عن أي محرقة تتكلم أيها الشيخ الفاضل؟
إن المحرقة كل المحرقة في الإعراض عن تنفيذ حكم الله سبحانه وتعالى في النفير إلى ساحات الجهاد، قال تعالى: {انْفِرُواْ خِفَافًا وَثِقَالاً وَجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ} [التوبة:41]
إن المحرقة في التنكب عن القيام بما أجمعت عليه الأمة من وجوب نصرة المسلمين المستضعفين؛ الذين صال عليهم عدوهم، فاستباح ديارهم، وانتهك أعراضهم، قال تعالى: {وَإِنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْر} [الأنفال:72].
إن المحرقة في التقاعس عن استنقاذ أسرى المسلمين من أبي غريب وغوانتناموا وغيرها.
إن المحرقة في التخاذل عن تحرير أخواتنا العفيفات الطاهرات اللاتي ينتهك عرضهن صباح مساء على أيدي الصليبين والروافض الحاقدين، على مرأى ومسمع من العالم.
إن الحجاج بن يوسف الثقفي -وهو من هو في ظلمه وبطشه- بلغه أن امرأة من المسلمين سُبيت بالهند فنادت: يا حجاجاه، فجعل يقول: لبيك لبيك، وأنفق سبعة آلاف ألفِ درهم، حتى افتتح الهند واستنقذ المرأة، وأحسن إليها.
أليس لازم الأخذ بهذا القول هو ترك الجهاد والقعود عنه، وتسليم بلاد المسلمين لعباد الصليب، ليفعلوا بهم ما يشاؤون.
إن النفير إلى ساحات الجهاد لا يقرب أجلاً ولا يباعد رزقًا، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إن روح القدس نفخ في روعي: إنه لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها وأجلها).
وهذا خالد بن الوليد رضي الله عنه شهد ما يربو على مئة غزوة، ثم هو -رضي الله عنه- يموت على فراشه.
ولهذا فإني أنصح المسلمين بالإعراض عن هذه الفتوى التي يرى فيها الشيخ أن نفير شباب الأمة للدفاع عن دينهم، والذود عن حرماتهم وأعراضهم محرقة، مخالفًا بذلك إجماع الأمة في دفع العدو الصائل، وعليكم بعلماء المجاهدين وقادتهم، فهذا الشيخ أسامة بن لادن يرى أنكم على ثغر عظيم، ويقسم أنه لو وجد طريقًا إلى العراق لما تردد في النفير، والشيخ أيمن الظواهري يرى قتالكم فريضة وواجبًا، والشيخ سليمان العلوان، وكذا الشيخ أبو عبدالله المهاجر، والشيخ أبو الليث الليبي، والشيخ عبد الله الرشود رحمه الله، والشيخ يوسف العييري رحمه الله، والشيخ حمد الحميدي وغيرهم، يرون أن الجهاد في العراق من أوجب الواجبات، فمرجعيتنا الكتاب والسنة، فما وافقها اتبعناه وما خالفها رددناه، وإن كان المخالف من أعلم الناس مع حفظنا لقدره وعلمه.
فوالله يا أبا محمد لو وقفت الأمة بأكملها، وقالت: إن الجهاد في العراق محرقة، لما أطعتهم في ذلك إلاّ أن يأتوني بدليلٍ بين، كيف وكتاب الله ينطق بيننا بالحق، قال تعالى: {وَمَا لَكُمْ لاَ تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَـذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيرًا} [النساء:75]
فلسنا -بحمد الله- رافضة، حتى نَصُمَّ آذاننا، ونعميَ أبصارنا، ونتبعَ مرجعيتنا على غير هدى وبصيرة وهل هذه الفتوى؛ ولا سيما في هذا الوقت الذي غدا انكسار الجيش الأمريكي واضحا للعيان؛ إلا وسيلة لإنقاذ بوش ومرتزقته، شعرنا أم لم نشعر، قصدنا أو لم نقصد؟
ولا أجد لرد شبهة الشيخ حفظه الله خيرًا من نقل كلام الشيخ حفظه الله نفسه في مقدمته لكتاب (جؤنة المطيبين) للشيخ أبي قتادة حفظه الله، حيث قال: (فلا يجوز أن نقف حجر عثرة بفتاوى أو أحكام قصيرة النظر، كليلة عن إدراك مقاصد الشريعة ومعرفة واقع المسلمين: فنصد عن كل قتال أو جهاد يقوم في الأرض يدفع فيه الصائل عن المسلمين المستضعفين أو مقدساتهم، بدعوى ما يتخلله من أخطاء أو انحرافات.. فإن كنت يا عبد الله تروم جهادا ربانيا خاليا من تلك الشوائب والشبهات، وتشحّ بنفسك أن تبذلها إلا بمثل هذا الجهاد، فلك هذا، ولا يحل لأحد إنكاره عليك، فما هي إلا نفس واحدة، وليس ثم غيرها لتجرب بذلها هاهنا، ثم هاهنا.. ثم ها هناك..
لكن حذار أن تصدّن غيرك عن جهاد يجيزه بل يوجبه الشرع أحيانا: لمجرد ما فيه من هنات أو أخطاء أو تشوهات.. بل سأذهب بحديثي أبعد من ذلك فأقول: حذار أن تصدّن عن قتال لأعداء الله، ولو كان المقاتلون ممن لا خلاق لهم وليسوا على سبيل المؤمنين..
أوليس الوعي بسبيل المجرمين والنضوج في معرفة واقع المسلمين يقتضي إن لم نشارك؛ أن لا نقف في وجه مثل هذه المواجهات، وأن لا نقف حجر عثرة في مثل هذه الميادين؟؟
ثم ما الدافع الذي يدفع مثل هؤلاء الشباب الأغرار إلى التخذيل والصد عن مثل هذه المواجهات والمدافعات؟ أهو حقا النصح لأهلها؟؟ فإن هذا متأت دون التخذيل عنها، والتهوين من شأنها وشأن الدماء النازفة فيها) انتهى كلامه.
وأخيرًا، عملاً بقول النبي صلى الله عليه وسلم: الدين النصيحة، أقول للشيخ حفظه الله:
إن ما كتبته من المناصرة والمناصحة، هو في الحقيقة ليس من المناصرة في شيء، فقد ذكرتَ أمورًا لا تَمُتُّ إلى المناصحة بشيء؛ من سرد لوقائع ومحطات في تاريخنا الدعوي، بل للأسف لم تكن منصفًا فيها، ولم تتحر الدقة في سردها، واعلم يا أبا محمد أنني قادر على تفنيد كثير من المغالطات التي ذكرتها وبكل قوة، ولكن هذه القوة والشدة والغلظة أدخرها لأعداء هذا الدين لا لإخواني ، وهذا ما أمرنا به ربنا سبحانه وتعالى {مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُم} [الفتح:29]
وأحب أن أبشرك يا أبا محمد بأن عباد الصليب، والعلمانيين، والروافض، والحزب الإسلامي، والجهمية والمرجئة في العراق، يقومون بتوزيع هذه المناصرة على الناس؛ حتى يصدوهم عن اللحوق بركب المجاهدين.
وأعلم يا شيخنا الفاضل أنه بُعيد لقائك مع قناة الجزيرة بات أعداء الله بخير ليلة من العلمانيين وغيرهم من منافقي هذه الأمة، فهذا ذنب آل سلول(العواجي) يصرح مأموراً من أسياده بأن المقدسي قد تراجع وأن المجاهدين سيحصل بينهم انشقاق.
هذا الذي خرج على القنوات يوم مقتل (المقرن رحمه الله ورفع درجته) مناصراً للطواغيت مخاطباً المقرن والشيخ العييري رحمهما الله: بأنكما الآن في دار الحق، فماذا ستقولان لله عندما يسألكما عن النفوس المعصومة التي أُزهقت على أيديكما.
وإذا سُئِلت عن ذلك قلت بأن هؤلاء زوّروا كلامي ولم أكن اقصد ما ذهبوا إليه (كما ذكرت في بيانك الأخير وما حصل من شأن الصحف)
فأقول سامحك الله يا أبا محمد ومتى كانت هذه الصحف والقنوات ممن يروم نصرة الحق وأهله وأنت الذي ممن كان يبصرنا بسبيلها.
فهلاّ انتظرت حتى يأتيك من أخبارنا ما يجلّي لك واقعنا الذي نعيش، ثم بعد ذلك اختر ما شئت من الطرق الشرعية للنصح، فما كان حقا أخذناه وعملنا به، وما كان غير ذلك بينّا لك وجهة نظرنا الشرعية واجتهادنا (حسب واقعنا الذي نعيش) والذي تجهله لبعدك عنه.
واعلم يا شيخنا الفاضل: أن هذا الأمر لا يضرني؛ بقدر ما يضر هذا الجهاد، فإنما أنا رجل من رجالات المسلمين، يوشك أن ينادى عليَّ فألبي، ولكن الحزن كل الحزن على جهاد قائم؛ بادية بركاته لكل ذي عينين، يراد له أن يقوض بنيانه؛ فإن تمَّ لهم ما أرادوا _عياذًا بالله_ كان لك نصيب الأسد من ذلك.
أعيذك بالله أن تتبع خطوات الشيطان فتهلك؛ فاحذر يا شيخنا الفاضل من مكر أعداء الله، واحذر أن يستدرجوك لشق صف المجاهدين.
أما شعرت أيها الشيخ الجليل الاهتمام الملفت للأنظار من الإعلام بشتى وسائله بهذا اللقاء الغير موفق (توقيتا ومضمونا).
ألم يدر بخلدك بان هذه الأبواق المستأجرة لم تسعى يوما لإحقاق حق أو لإزهاق باطل وإنما لتفريق كلمة المسلمين ودس السم بالعسل، لقد خرج علينا المراسل ـ الذي أجرى معك اللقاء ـ في برنامج (ما وراء الخبر) يقول إن الأجهزة الأمنية اتصلت بالشيخ وأنا عنده تطلب منه إجراء مقابلة مع إحدى القنوات الفضائية.
أتدري ما معنى هذا الكلام يا شيخنا الفاضل؟
أما علمت ماذا ستترك هذه المقولة في أذهان المسلمين؟
إعلم أيها الشيخ الجليل؛ أنني قد أشك في نفسي ولكن لست ممن يشك لحظه في دينك، ولكن يا أبا محمد لماذا غفلت عن حديث (صفية).
فعن عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَسْجِدِ وَعِنْدَهُ أَزْوَاجُهُ فَرُحْنَ فَقَالَ لِصَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيٍّ لَا تَعْجَلِي حَتَّى أَنْصَرِفَ مَعَكِ وَكَانَ بَيْتُهَا فِي دَارِ أُسَامَةَ فَخَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَهَا فَلَقِيَهُ رَجُلَانِ مِنْ الْأَنْصَارِ فَنَظَرَا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ أَجَازَا وَقَالَ لَهُمَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَعَالَيَا إِنَّهَا صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيٍّ قَالَا سُبْحَانَ اللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِي مِنْ الْإِنْسَانِ مَجْرَى الدَّمِ وَإِنِّي خَشِيتُ أَنْ يُلْقِيَ فِي أَنْفُسِكُمَا شَيْئًا.
لماذا جعلت للأعداء سبيلا على إخوانك (حسبنا الله ونعم الوكيل).
وقبل الختام لا بد من القول؛ بِأن الشيخ المقدسي حفظه الله ممن يحفظ لهم حقهم وبلاؤهم، وهو ممن يحسن الظن به، وهو أولى الناس بالمعذرة وإقالة العثرة، ولا أظن موحدا في هذا الزمان إلا وللشيخ عليه فضل، فلا يعني إن جانب الصواب في مسألة ما أن يحط من قدره وعلمه وحفظ سابقته وبلائه، ولولا خطورة ما تكلّم به الشيخ، وما سيترتب عليه من آثار سيئة على الجهاد والمجاهدين لم يكن هذا الرد.
أسال الله أن يعفو عنا وعنه، وأن يغفر لنا وله، وأن يختم لنا وله بالحسنى، وألا يجعل لأعدائه علينا وعليه سبيلاً.
وصلى اللهم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أَبُوْ مُصْعَبٍ الزَّرْقَاوِي
أَمِيْرُ تَنْظِيمِ القَاعِدَةِ فِيْ بِلادِ الرَّافِدَيْن
العِرَاقُ – بِلادُ الرَّافِدَيْن
----------------------
بسم الله الرحمن الرحيم
الرد على المقدسي في ظلمه للزرقاوي
بقلم الشيخ المجاهد الأسير… جهاد القشَّة
القائد المداني في معركه الفلوجه
الحمد لله وكفى، والصلاة والسلام على عباده الذين اصطفى، وبعد:
الحمد لله الذي يعز الدين وأهله، ويذل الكفر وأهله، وجعل العاقبة لمن تبع أمره ونهيه، ونصر الدين وأهله رغم أنوف الحاقدين والحاسدين والمنافقين والمرجفين وأصحاب الهوى، وغيرهم ممن لا يعلمهم إلا الله عز وجل.
إخوتي الموحدين:
أكتب والله هذه الكلمات وفي النفس آلام وآلام لا يعلم بها إلا الله، فكم كنت أدعو الله أن لا تصل الأمور إلى هذا الحد، ولكنْ لله الأمر من قبل ومن بعد.
إخوتي في الله:
أكتبُ لكم وأنا واللهِ أعلمُ الناس بالناصح الحريص على نصح إخوانه المجاهدين وعلى رأسهم أبو مصعب الزرقاوي الذي لا تقل معرفتي به عن “المقدسي”.
فأنا عشت معهما سنوات في السجن حتى فُرّج عنهما، وبقيتُ أنا وبعض إخواني والذين ما زال بعضهم فيه حتى الآن …. أسأل الله أن يفرج عنهم.
ووالله كنتُ آخذاً على نفسي ألا أذكر شيئاً مما حصل معنا في السجن قد يضر بدعوة التوحيد وإن كانت والله أموراً عادية تحصل مع كل الناس ولكن سبحان الله، كنت والله أتحفظ على أمور لا يمكن أن تسوِّل لي نفسي أن أتكلم بها، خاصة أنها ليس من العوام الجهال كما يقول الناصح الشيخ المقدسي فك الله أسره.
ولكن إنصافاً للحق ونصرة للمظلوم وليعلم الناس كافة الحقيقة التي طالما والله كنا لا نريد أن تظهر للملأ حرصاًَ على الشيخ المقدسي وسمعته، واللهُ على ما أقول شهيد.
إخوتي الموحدين:
سأبدأ ردي على شيخنا بتذكيره ببعض الأمور فقط مع سَتْري لشيء كثير مما لا يفيد إلا أعداء الله والملة على عكس صنيع الشيخ مع أبي مصعب حيث لم يتنبه الشيخ إلى ضرر كلامه على وضع الأمة، ولم يَفْطَنَ لهذا الأمر مع العلم أنه ذهب إليه أحد الإخوة إلى السجن قبل أن يكتب هذا النصح المبين وقال له: إذا أردت أن تنصح أبا مصعب الزرقاوي فانصحه بينك وبينه ولا تجعل ذلك موضوعاً لقلمك الذي انحرف عن صدور الطواغيت إلى نحور المجاهدين، ومع ذلك أَصَرَّ شيخنا على النصح أمام الناس أجمعين.
ومن باب التعامل بالمثل ولإحقاق الحق أكتب لك شيخي الفاضل وأنا الذي لم يكن أحد يحبك على وجه الأرض مثلي، فأقول مستذكراً وإياك بعض أحداث السجن من بدايته إلى نهايته.
– لنتذكر سوياً: فترة دخولك إلى سجن “السواقة” كيف كان دخولك إلى السجن، ألم يستقبلك إخوانك في السجن بالتكبير دون تفتيش أو مضايقات لك من قبل الشرطة وهذا بفضل الله ثم إخوانك الذين سبقوك ووطدوا الأمر وسُروا بنقلك إليهم ثم تفاجؤوا منك بعد معاشرتك.
– ولنذكر ما بعد ذلك موضوع الإمارة والتي لم تَدُم فيها أميراً أكثر من أربعة شهور، وليس سنة كما تدعي.
وأظنك شيخي أنك أنت من ترك الإمارة ولكن لعدم استطاعتك تدبير الأمور خاصة أنه دب الخلاف بينك وبين ثلاثة من الإخوة وبدؤوا يتهمونك بالتسيب والخوف من إدارة السجن وكان أحدهم الأمير قبلك وأنت تعرفه جيداً وما زال في السجن والآخر فرج الله عنه، وقد بدأت الأمور تسوء، فخوفاً منك من أن يتنامى الأمر إلى أكثر من ذلك ويتم عزلك عَرَضت على أبي مصعب الإمارة ورَفَض الأمر في البداية ولكن أراد الله بنا خيراً عظيماً ما زالت ثماره تُقْطَف حتى الآن وستبقى إلا أن يشاء الله عز وجل.
فوالله كانت إمارة أخينا الزرقاوي فتحاً عظيماً للدعوة والتوحيد ولعلك تراجع وتستذكر هذا الأمر جيداً، ولو سألتُك لماذا أنت الآن في السجن لست الأمير مع أنك “أبو محمد المقدسي” بينما الأخ الأمير أميّ لا يحسن القراءة وإن كان حافظاً لكتاب الله، فكن شجاعاً وقل الحقيقة يا شيخي فهذا ما أعلمه من سبب تركك الإمارة لا ما ادعيته.
* أما الأمر المهم الذي أريد أن تتذكره معي كيف كان الزرقاوي يعامل إخوانه في السجن وكيف كنت أنت تعاملهم وكيف كانوا يعاملونه ويعاملونك لنتذكر شيخي ذلك معاً.
لنبدأ من الثياب: ألم يكن أبو مصعب إذا أتاه ثوب جديد أو حذاء جديد لا يلبسه حتى يلبسه الإخوة، أَتَذْكُر كيف كان لا يأكل حتى يطعم إخوانه، أتذكر شيخي كيف كان يتذلل لإخوانه، فوالله إني رأيته يُقَبِّل قدم إخوانه وداً لهم، وهو الأمير، بينما كنتَ أنت تأكل وأنت على سريرك إن رآك أحد عزمت عليه، وإن لم يرك أحد لم تفعل؟!
وأذكرك شيخي: كيف كنت تعمل جاهداً على أن لا تُحسَبَ على الإخوة وكنت حريصاً جداً على أن تتميز عن الإخوة وتحاول أن تَنْسِب كل شيء لنفسك، وكنتَ تخفي كثيراً من كتاباتك عن الإخوة والأميرِ، ولا أنسى تلك الكتابات التي تفاجأ بها معك الأمير أبو مصعب وكنتَ تسيء فيها إلى الإخوة وبعد ذلك طالب الإخوة أن يطردوك من التجمع ولكن لم يَرُق له ذلك حرصاً عليك وعلى دعوتنا.
شيخي الفاضل: أتذكر كيف كان أبو مصعب إذا تكلم لم ينسب شيئاً لنفسه، أَتَذْكُر عندما كنا نحقق نصراً في قضية ما في السجن كان يقول: يا إخوة أنا قَوِيٌّ بالله ثم بكم فإدارة السجن لا تخشى شخصاً واحداً بل تخشى هذا التجمع المتداخل والمترابط المطيع للأمير.
أَتَذْكُر كيف كان يتفقد إخوانه في الليل؛ يغطي المكشوف خوفاً عليه من البرد، أتذكر كيف كان ينفق على إخوانه؟
شيخي الفاضل: لننتقل إلى مواقف أخرى أظنك تذكرها أيضاً…لننتقل إلى التعامل:
كان مع السجناء داخل السجن من كافة الاتجاهات سواء قضايا جنائية أو إسلامية أَتَذْكُر شيخي كيف كنتَ حريصاً على علاقتك الشخصية معهم حتى وصلتَ إلى مرحلة لا تُحْسَد عليها .
أتذكر كيف كنتَ تجادل أبا مصعب عنهم، وكيف تقول متعللاً: أنا أريد أن أبلغ دعوتي، أنا صاحب دعوة… أَتَذْكُر هذا أم نسيتَ؟
ويا ليتك كنتَ دَعَوْتَهم، ويا ليتك لم تُرَقِّع لهم باطلهم، ويا ليتك لم تمازحهم وتلعب معهم وتَقُلْ لهم أسرارك، ويا ليتك علوت بنفسك عن دناءتهم، ويا ليتك لم تنزل إلى مستواهم.
أتذكر حين قال أحدهم: “الأنبياء صعاليك”، وعندما قال أحدهم مستهزئاً: صلِّ على “كوم” أنبياء قلتُ لك: تضحك معهم وتلعب وهم يقولون ذلك فكنت تقول لي هذه (قلة أدب فقط) ليس فيها شيء.
ويا ليتَهم حَفِظُوا لك ودك وتزلفك لهم بل كانوا هم أولَ من سَبَّك وطعنوا بك وتَخَلَّوا عنك.
وإن كنت نسيتَ فبوسعك أن تستذكر من الشيخ الكبير صاحب الخلق الحميد مع أنه مبتدع خبيث “صابر المقبل” الذي يكتب في جريدة السبيل الأردنية، وهو من منطقة إربد ويكنى بأبي أشرف، فاسأله عن أخلاق المقدسي، وكذلك رأس البدعة “عطا أبو الرشتة” مسؤول حزب التحرير كان معنا في السجن، والرجل على بدعته رجل صادق فاسأله عن أخلاق المقدسي.
ألا تذكر “شبيلات” كيف كتبتَ له رسالة سميتَها “يا ليث كن ليثاً” ثم أبلغتَه أنت وأبو مصعب الدعوة وكنت جالساً أنت وبعض الإخوة فأمر أبو مصعب بمقاطعته حتى لا يظن نفسه شيئاً كبيراً فلم تستجب لأمر الأمير وبقيت من وراء الظهور تتعامل معه.
أتذكر كيف كنت أنت الوحيد الذي يضحك في وجهه ويسلم عليه وكنا نحن لا نفعل ذلك؟ أتذكر عندما خرج كيف أنه ذمك ولم يمدحك رغم أنك كنت البشوشَ الوديعَ الوحيد معه؟
ألم يقل لمن كان يعيش بينهم من المبتدعة إذ كان هناك: من يخرج من السجن ويبقى ثابتاً على مبدئه هو أبو مصعب ومن معه.
شيخي الفاضل: أتذكر أيضاً كيف كانت الإمارة لها دور عظيم في السجن وكيف تأثر بها الكثير من الداخل والخارج، سواء الإخوة أو الطواغيت وأذنابهم.
حتى أصبح صاحب الكلمة في السجن حتى على جميع السجناء هو الأخ أبو مصعب، وثَبَتَ بخلافك، وكان الأمر مؤثراً حتى على الشرطة وإدارة السجن. أتذكر عندما جاء وزير الداخلية ونحن في الجفر أتذكر عندما قال وزير الداخلية لأبي مصعب “احنا قرايب وأبناء عشيرة” فقال له أبو مصعب: “نحن لسنا قرايب، أنت في صف الطاغوت ونحن في صف الله اترك الطاغوت ونصبح قرايب” وقال له الأخ شيء كثير.
هذا أعلى رتبة ….وزير الداخلية أتى إلى “الجفر” ومعه مدير الشرطة وصحفيون، فلما دخل سلم لم يَرُدَّ أحد بأمر من أبي مصعب، فقال: كيف لا تردون؟ فقال له أبو مصعب -وكان اسمه كذا القاضي- اجلس يا قاضي حتى نكلمك بدعوتنا! فقال: يا خلايلة كيف نجلس وأنتم لا تسلمون…قال أبو مصعب: حكم شرعي لا نرد السلام، لكن اجلس …نريد أن نبلغك دعوتنا. قال: ما نجلس، فقال أبو مصعب له: عندي مطلب واحد -وكانت الأخبار أنه عندما يرجه الملك حسين سيصدر عفو وكان ملكهم ذهب ليتعالج من السرطان-: عندما يرجع حاكمك فلا تقولوا في الجرائد إننا طلبنا العفو… فقال وزير الداخلية: “سيدنا”…فلم يتمالك أبو مصعب نفسه حتى وضع إصبعه في وجهه وقال: “سيدك أنت لا سيدنا”، فهال الجميع جرأته حتى أن صحفياً جعل يكبر: الله أكبر الله أكبر تعجباً من هذه الطريقة الجريئة في مخاطبة وزير داخلية…
ثم تأتي يا شيخ وتقول: سجن وإمارة قاصرة….!
– ولا أظنك شيخي تقصد بأن الإمارة قاصرة بمعنى أن فيها تقصيراً؛ وأنت الآن تعيش بنعمة الإمارة التي وُطِّدَت للإخوة في السجون والحمد لله من أيام أبي مصعب، لا نظنك تقول إنها قاصرة وهي خَرَّجَت مئات الإخوة من الموحدين، وهدى الله بسببها كثيراً من الإخوة الذين كانت قضاياهم سرقات وغيرها وهم الآن من الموحدين الصادعين بالحق فلا أظنك تقول إنها قاصرة وهي للآن قائمة وأنت تعيش في بركاتها وثمراتها.
– يكفي يا شيخ أنك قلت للإخوة وكنت حاضراً بينهم أنا بمنزلة هارون وأبو مصعب بمنزلة موسى، وأنْعِم بمن هو مثل موسى قيادةً.
– ولا أظنك تنسى أنك أقسمت لـ “مصطفى أبو صيام” أنه لا يستطيع أن يَضْبِط الإخوة إلا الزرقاوي، فكيف يقودهم إذا لم تكن عنده خبرة؟!
فعلام لم تذكر هذا لأبي مصعب واكتفيت بتزكية نفسك وإظهارها للناس وكأنك الوحيد من بين السجناء صاحب الريشة؟
أليس أهل السنة -كما تذكر في كتبك- يذكرون ما لهم وما عليهم، وأهل البدع يذكرون ما لهم ويكتمون ما عليهم؟ فعلام أطريت نفسك، واكتفيت لأبي مصعب بالإشارة العابرة ثم انهمرت عليه ذماً طولاً وعرضاً.
وصدقني يا شيخ عندما جاء -وزير الداخلية نفسه- في السنة التي بعدها إلى ذات السجن لم يقبل الدخول على المكان الذي كان فيه الشيخ خوفاً من أبي مصعب فقالوا له: إن أبا مصعب أُفرج عنه من سنة… ومع ذلك لم يَدخل ولله الحمد.
أتذكر “أبا المنتصر” الذي اختلفت معه في مهجع /6/ حول سيارتك التي أخذها للعمرة فقَدَّر الله أن وقَعَتْ بيد المخابرات، وحدثت خصومة بينكما حول التقصير وعدمه في هذه المسألة فاختلفتما وتصايحتما حتى غضبتَ غضباً شديداً وثارت ثائرتك ورفعْتَ صوتك كعادتك ثم لم تملك نفسك أن تقول له: “أسأل الله إن كنت كاذباً أن يردك عن دينك”….إنها والله لكبيرة جداً نتوارى من القوم من سوئها وأنت شيخ التوحيد، حتى قال لك بحزن: تسأل الله أن يَرُدَّني عن ديني؟! أما أنا فأسأل الله أن يثبتك على دينك!
إنك لم تنصف أبا مصعب وزكيت نفسك في كتابتك حتى يُخَيَّل للقارئ أنك صاحب الفضل والنعمة وأن غيرك في كل هذا تبع لك، إنك ما أنصفتَ أبا مصعب وذكرت أشياء عن نفسك وكتمت كثيراً من محاسن من تذمه مع أنكما على أقل تقدير شريكان في العمل، وأضرب لك ما يوضح:
ذكرتَ بطولتك أمام محكمة أمن الدولة مدحاً في جرأتك ولم تذكر أن أبا مصعب هو من أمرك أن تخطب أول خطبة وأنت في قفص الاتهام ولم تكن الفكرة عرضت من قبل، فصارت سُنَّة ولله الحمد.
ثم ذكرت عن نفسك ما قلتَه أمامهم ولم تُشِرْ مجردَ إشارة إلى الليلة التي سبقت هذه الحادثة حيث جلستم جميعاًً تتشاورون في العبارات التي سيقولها كلٌّ منكم، وتتقاسمون الأدوار، وكل هذا بأمر أبي مصعب، فلم تَذْكر من مواقف البطولة لإخوانك ما ذكرتَه تيهاً لنفسك، فلماذا كتمت عن الناس أنه كان من دور أبي مصعب إن سأله الظالمون: أمذنبٌ أنت أن يقول: كلا، الذنبُ ذنبُ شعوبها، خانت طريق جهادها، واستسلمَتْ للبغي حتى ساقها جلادُها وذلك في /1989/ م؟
وحين تحدثتَ عن أول عمل بينكما في الدعوة بعد عودته من أفغانستان كتمتَ كثيراً من الحقائق وأظهرتَ الفضلَ لنفسك وحدك، ولم تذكر أنك ما كنت تعرف أحداً حتى أنك صبَّرْتَ أبا بكر الجماعيلي حين كنتما تتكلمان حزينين أن الدعوة في الأردن ليس لها صدى فكنت أنت تُصَبِّر أبا بكر…فلماذا لم تقل مَن الذي عرفك على الإخوة في “إربد والزرقاء والرصيفة” حتى قمت بالحلقات والدروس، ومن عَرَّفك على الشباب في “عمّان” ، وعلى أبي سياف في “معان”، فماذا كنت لولا الله ثم أبو مصعب، ومن الذي ساعدك في نشر الدعوة في كل مكان، ثم بعد سنة قلت لأبي بكر: انظر بعدما صبرنا كيف انتشرت الدعوة؟
ثم تأتي بعد كل هذا وتغمز في أبي مصعب أنه سافر من الأردن لعدم صبره على مشاق الدعوة!!! سبحان الله.
ادعاؤك أنك أنت من كنت تتولى خطب الجمعة غالباً ادعاءٌ غير صحيح بل لم تكن أنت غالباً وإنما كان أبو مصعب يَطلب كل مرة من أخ أن يخطب ليتدرب.
* أما الانضباط والاتزان والحذر الأمني فكيف ادعيت أنك أنت المنضبط غير المتحمس وإخوانك المتحمسون المتهورون؟ كيف تنكر ذلك عليهم وأنت أول من يفعل ذلك، فكيف تفسر وجودك الآن في السجن ولماذا أنت مسجون الآن؟ أليس بسبب ثلة من الشباب في العشرين استجروك لترمي بالسلاح -تدريب- ثم أُسروا فذكروا اسمك فآل أمرك إلى ما آل؟ فأين كان فقهك الأمني والعقلاني عندما ذهبتَ إلى مدينة “المفرق” تتدرب على السلاح مع ثلة شباب ما تجاوزوا العشرين، فكيف تُجَّرِّم إخوانك بنقصٍ هو دَيْدَنُك وحتى هذه اللحظة تتجرع مرارته.
لماذا شيخي لا تذكر هذا الأمر وغيره من الأمور؟ ولماذا لا تقول عن نفسك هنا بأنك قليل الخبرة قليل النضوج، ترمي غيرك، وقد لُدِغْتَ أنت ثلاث مرات ودخلتَ السجن، ولا يُلْدَغ المؤمن من جُحْرٍ مرتين.
– وبأي وجه تتكلم عن الأخطاء التنظيمية وإفشاء الأسرار الأمنية وأنت أكثر واحد ما عندك أسرار حتى أن هذه النقطة يعرفها أكثر الإخوة، بل حصل أن كنتَ في وليمة وأَخَذَتْك المخابرات فذكرتَ كلَّ أسماء الحضور، واستاء منك الحضور، فأين ما تدعيه؟! ثم تأتي لتنظِّر على إخوة الجهاد ولم تعرف وضعهم وأهل مكة -كما قلتَ- أنت أدرى بشعابها.
* أما تشبعك بالبصيرة الثاقبة والحذق المتميز والعمق في تحليل الأمور واستشفاف المجهول فهو تشبع بما لم تُعْطَ فضلاً عن أن ما ذكرتَه مخالف للحقيقة، فمثلاً:
ادعيتَ أمام القراء أنك تعرف وضع طالبان ولم تتجشم أعباء السفر لمعرفة وضعهم، وأنك في السجن قد تبصرتَ بحالهم مع أن الواقع خلاف ذلك!! فقد كنتَ في السجن مع أبي مصعب وكانت أخبار طالبان تأتيكم وكنتم تتعاطفون معها حتى أن الشباب سرى بينهم فكرة الالتحاق بهم بعد الخروج من السجن، فأرسلتَ أنت رسالةً إلى الشيخ “أبو بصير” تستفهمه وتذكر له أن الشباب يتعاطفون معهم ويودون الالتحاق بهم بعد الخروج من السجن، فكان جواب أبي بصير سلبياً عن طالبان ومشجعاً للمكوث في بلاد الشام، فأجلستَ أنت الشباب وأقرأتهم الرسالة… وإن كان أبو بصير يرى طالبان آخر الأمر من الأكابر. لكن الشاهد أنك ادعيت البصيرة وبُعْدَ النظر ولم تذكر حقيقة الأمر.
– أما شيخي نصحُك لأخينا في هذا الوقت وبهذه الطريقة فما أظنه إلا شيئاً قد عشش في صدرك لا تستطيع الخلاص منه إلا بنفثة في وجه أخيك.
أتذكر شيخي كيف أنك حزنتَ وغضبتَ عندما نُقِلْنا من سجن السلط إلى سجن “الجفر” وجاءت القائمة فيها الأسماء من مديرية الأمن العام وكان اسم أبي مصعب أول اسم، ولم يكن اسمك الأول؟
أتذكر عندما كنت أنت وبعض الإخوة في الزنازن، وجاؤوا بك لتحل الأمر فقال الإخوة: نحن كنا مع أمير ولا نطيع سواه، فغضبتَ منه… هذا هو الذي وَقَرَ في صدرك وجعلك تنصح بهذه الطريقة.
أما شيخي قولك: إنك كنت متفرغاً للعلم والدعوة فلا أظنك تخالفني الرأي بأنك أعظم ما علَّمْتَه للإخوة هو فقه المعاريض فكنت سبَّاقاً في هذا المضمار وأذكرك، ببعض منها:
أَتَذْكُر عندما كنتَ تذهب إلى المستشفى بحجة المرض لتقابل زوجتك، وعندما يسألك الإخوة عمن رأيت تقول: رأيتُ الوالدة فيَفْهَم الإخوة أنها “أمك” وتكون أنت تقصد بالوالدة “زوجتك” وتُوَرِّي لأن كل من وَلَدَتْ تسمى والدة! حتى أنك أُحْرِجْت أمام أبي مصعب لأنك وَرَّيْت عليه وهو أمير.
أَتَذْكُر عندما سألك أحد الإخوة: هل قلت هذا، فأجبته: والله ما حكّيت -بتشديد الكاف- للتملص من إلزامه لك وإحراجه.
وأذكرك شيخي: بنظرة الشرطة لك مع أنك كنت (بساماً بشوشاً) معهم وكنت أحياناً تصافحهم، بل أَلَّفْتَ كتاباً بجواز المصافحة ومع ذلك كان أخونا الزرقاوي لا يبتسم بوجوههم أبداً ولا يتكلم معهم إلا باستعلاء… ومع هذا الفارق إلا أنني لم أسمع شرطياً واحداً كان يذم أبا مصعب، بل لعلك تَذْكر ذلك الشرطي الذي أراد أن يُقَبِّل يد أبي مصعب، ولعلك تذكر أنه لم يكن أَحدٌ من “أفراد الشرطة” يحسب لك حساباً وذلك لأنك كنت حريصاً على كسب ود الآخرين ولو على حساب الدعوة. والغريب أنهم لم يكن أحد منهم يوجه لك السؤال عن التوحيد بل كانوا يتوجهون بالسؤال لأبي مصعب!
فوالله أيها الشيخ الجليل أظن أنك خسرت الكثير الكثير، أفلم يَدُرْ في ذهنك أنه قد يطلع على كلامك من كانوا معنا في السجن سواء من الشرطة أو المبتدعة أصحابك، فوالله لكأني بهم إذا رأوا ما كتبت سيسبونك، وأراهم لن يتمالكوا أنفسهم أن لا يردوا عليك، ويَقولون لك: اتق الله! كَبُر مَقْتاً عند الله أن تقولَ ما لا تفعل، اتقِ الله فإنك والله لا تحب إلا نفسك، وإنك والله حاسدٌ لا تُحِبُّ الخير لغيرك.
وأظنك يا أيها الشيخ تعرف جيداً نصحي لك في كثيرٍ من المواقف داخلَ السجن، وتَذْكر عندما قلت لك: إن كتاباتك شيء وأنت شيء آخر، وأذكر والله ذلك الأخ الذي سُجِنَ من أجل كتاباتك، وعندما عاشرك في السجن قال: ليتني قرأت كتبه ولم أره!
لذلك أنصحك شيخي أن تبقى تكتب في الطواغيت وفي مجالك الذي تفهم فيه وإياك أن تدعي شيئاً وتدلي بدلوك فيما ليس لك به شأن، فدع المجاهدين وشأنهم وادعوا الله أن ينصرهم ولا تتدخل بأمور أنت بعيد عنها ليس من كلامك فيها فائدة إلا ما يرضي أعداء الله، فأنت ما قاتلت يوماً في ساحة، وإذا كانت إمارة السجن عندك هينة بسيطة ولم تفلح فيها فأنى لك أن تفلح في ما هو أكبر منها بنظرك؟
فوالله أخي إني لأجد الهمز واللمز في كلامك على بعض الإخوة أصحاب العلم الذين أبوا أن يتخلفوا عن صفوف المجاهدين.
فكان يَحْسُن بك أن تقول أفضل مما قلت لو كنت تريد النصح.
وأخيراً أقول لك: لا تأخذك العزة بالإثم وكن وقافاً واحفظ لأهل الفضل فضلهم.
وتذكر أن الله يرفع من يشاء ويعز من يشاء ويذل من يشاء والعاقبة للمتقين.
وأطلب من جميع الإخوة الذين عرفوا هذين الرجلين أن يتقوا الله ويشهدوا شهادة حق، فوالله إنه من الظلم أن يُتكلم في رجل يجاهد مع إخوانه وقد تكالبت عليهم الأمم وهو الذي ما فتئ يذكر جميل كتاباته وينصح بها مُعْرِضاً عن مخازيه السلوكية رغم معرفته التامة بها.
وما ذكرتُه هنا كافٍ وإن لزم الأمر فسأزيد…أسأل الله أن يغنينا عن هذا
والحمد لله رب العالمين
-----------------------------
وهذا لقاء المقدسي مع قناة الجزيرة
الأمريكية CNN وهنا لقاء نجم الفضائيات مع ال
http://arabic.cnn.com/middleeast/2015/05/26/me-270515-maqdisi-intv-p2
أترككم مع المقدسي لتعرفوه على حقيقته
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته