JustPaste.it

هذان خصمان اختصموا فى ربهم

القرآنيون و البخاريون


آحمد صبحي منصور في الإثنين 27 اغسطس 2007

بسم الله الرحمن الرحيم
د. أحمد صبحى منصور
البخاريون والقرآنيون :
هذان خصمان إختصموا فى ربهم
أولا:
البخاريون هم من يتبعون سنة البخارى وغيره من أئمة ما يعرف بالسنة والحديث ، والقرآنيون هم من يتبعون سنة الله عز وجل ورسوله الكريم المنصوص عليها فى القرآن الكريم . وقد أعلن البخاريون خصومتهم للقرآنيين حين بدأ القرآنيون رحلة الاصلاح للمسلمين بالاحتكام للقرآن الكريم فى كل ما جاء به البخارى وغيره من تشريعات ما أنزل الله تعالى بها من سلطان وأقاويل تسىء للرسول محمد عليه السلام. ولأن البخاريين هم الأكثر قوة ونفوذا فقد جعلوا من أنفسهم الخصم والحكم والقاض والمشرع والجلاد فى نفس الوقت. شحذوا كل قوتهم ضد مجموعة أفراد لا تملك سوى القلم والحجة القرآنية والمعرفة بالتراث . الغريب أنهم فى ظلمهم وافتراهم يعتمدون على أسم الله سبحانه وتعالى ويحتكرون لأنفسهم صفة المهتدين ويبررون بهذا ظلمهم .
ماذا يقول رب العزة جل وعلا عن هذه الخصومة بين فريقين كلا منهما يزعم أنه مؤمن بالله تعالى ؟
ماذا يقول رب العزة عن خصمين كلاهما يختصم الأخر ( فى الله ) ؟
يقول تعالى " هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِّن نَّارٍ يُصَبُّ مِن فَوْقِ رُؤُوسِهِمُ الْحَمِيمُ يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ وَلَهُم مَّقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ كُلَّمَا أَرَادُوا أَن يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ " ( الحج 19 :24)
وفى نظرة سريعة للآيات الكريمة يتضح أن الله تعالى قد قسم إختلافات البشر العقائدية وخصوماتهم الدينية إلى قسمين فقط ، لكل منهما عقيدة فى الله تعالى تختلف عن الأخر ، فقال " هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ " ولأنهما خصمان فلا يصح أن يكون أحدهما قاضيا أو حكما على الأخر بل لا بد أن يكون القاضى هو صاحب الشأن وموضوع الخصومة ، أى هو الله تعالى الذى سيفصل بين الخصمين يوم القيامة ، حيث سيحكم جل وعلا من هو على حق فى عقيدته فى الله تعالى ، ومن هو على باطل.
والحق تم توضيحه مقدما فى القرآن الكريم ، وأمر الله تعالى المؤمنين بالاحتكام للقرآن الكريم فى كل ما يتوارثونه من ثوابت وكل ما وجدوا عليه آباءهم ليتم تنظيف قلوبهم وعقائدهم وتدينهم الواقعى من كل عوامل التعرية و ووساوس الشيطان وأكاذيب الأسلاف . إن لم يحدث الاحتكام وإن لم تتم المراجعة و التنقية فإنه بغض النظر عن الشعارات والزعم بالتمسك بالاسلام سيكون المسلمون يوم القيام ضمن بقية البشر منقسمين الى خصمين ، وسيكون أحد الخصمين خالدا فى الجنة والأخر خالدا فى النار . وهذا ما دخلت فيه الأية الكريمة مباشرة فتتصف معاناتهم القادمة من العذاب الأبدى ، ثم بعدها تتحدث عن الخصم الأخر وخلوده فى النعيم الأبدى.
ثانيا :
تقسيم البشر إلى فريقين يوم القيامة يسرى على البخاريين والقرآنيين .
فماذا يتصور كل منهم رب العزة ؟! وكيف اختصموا فى ربهم ؟! .
خصومة البخاريين والقرآنيين فى الله تعالى تمتد من العقيدة إلى العبادات والمعاملات .
وهذا موضوع شرحه يطول ، ونوجزه قدر الإمكان فى الآتى:-
الخصومة العقيدية :-
• ذات الله تعالى
• يؤمن القرآنيون بأن الله تعالى واحد لا شريك له ولم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد ..
والبخاريون يؤمنون ظاهريا بهذا ولكن عقائدهم التراثية والواقعية تتناقض مع الأيمان بالله تعالى وحده لا شريك له . البخاريون يؤمنون بأن محمدا عليه السلام مخلوق من نور الله ويرون حديثا يقول : (أول من خلق الله نور نبيك يا جابر ) .ويؤمنون بأن النور المحمدى المقتبس من نور الله تعالى قد استوى فى نبوة محمد قبل خلق آدم . ويروون حديثا يقول: ( كنت نبيا وأدم بين الماء والطين وكنت نبيا وأدم لا ماء ولا طين ) هى نفس العقيدة القائلة بأن المسيح ابن الله ولكن مع تحوير لفظى ، جعلوا به محمدا نسخة من نور الله. وهذا ما ينكره القرآنيون الذين يؤمنون بأن الله تعالى لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد.
• وفى صفات الله تعالى
• يؤمن القرآنيون بأن الأسماء الحسنى لا تكون إلا لله تعالى وحده ولا يشاركه فيها ـ على الحقيقة ـ أحد من الخلق .ويكتفى القرآنيون بوصف محمد عليه السلام بأنه خاتم النبيين بينما يصفه البخاريون بأوصاف الهية وأسماء حسنى مثل " نور عرش الله " كما لو كان عرش الرحمن مظلما فأضاءه نور محمد ، ومثل سيد الكونين.. الخ ...
• يؤمن القرآنيون بأنه لا يعلم الغيب إلا الله تعالى " قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ ": النمل 65 " ولكن الله تعالى قد يعطى بعض الأنبياء العلم ببعض الغيب ليكون آية على نبوتهم كما حدث بالنسبة ليوسف عليه السلام " قَالَ لاَ يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ إِلاَّ نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَن يَأْتِيكُمَا ذَلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي ربى: يوسف 37 " وعيسى عليه السلام " وَأُنَبِّئُكُم بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ " : آل عمران 49". وبعض الأنبياء لم يعطه الله تعالى علم الغيب فأعلن ذلك مثل نوح عليه السلام " وَلاَ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَآئِنُ اللّهِ وَلاَ أَعْلَمُ الْغَيْبَ " : هود 31" ومثل خاتم النبيين محمد ،عليهم جميعا السلام ـ الذى أمره الله تعالى أن يعلن أكثر من مرة أنه لا يغلم الغيب " قُل لاَّ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَآئِنُ اللّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ َّ : الأنعام 50 " ، " قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلاَ ضَرًّا إِلاَّ مَا شَاء اللّهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ ":َ الأعراف 188" ، " قُلْ مَا كُنتُ بِدْعًا مِّنْ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ": الأحقاف 9 " ، " قُلْ إِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ مَّا تُوعَدُونَ أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّي أَمَدًا. عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِن رَّسُولٍ": الجن28ـ ".
• ولكن البخاريين فى تأليههم للنبى محمد أسندوا إليه علم الغيب وملأوا أسفارهم وتراثهم أحاديث له فى الغيبيات وما سيحدث فى الدنيا وما سيحدث فى الأخرة .

• ومن تلك الأساطير الغيبية أسندوا له التحكم فى يوم الدين ، أى أن الله تعالى يأمر بإدخال أحد من البشر إلى النار فيتدخل محمد ويتشفع فيه ويستطيع بنفوذه أن يجعل الله تعالى يبدل القول ، أى يصبح محمد هو مالك يوم الدين الحقيقى وليس الله تعالى ، لأنهم جعلوا محمدا صاحب الكلمة الأخيرة التى لا معقب لها .
وينكر القرآنيون أسطورة شفاعة البشر التى تتناقض مع 150 أية قرآنية ، وتتنافى مع عدالة الله تعالى يوم القيامة. ويرى القرآنيون طبقا لما جاء فى القرآن أن الشفاعة المسموح بها هى شفاعة الملائكة الذين يحملون عمل الشخص المؤمن ويشهدون لصالحه بعد إذن الله تعالى ورضاه" يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُم مِّنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ الأنبياء 28" " وَكَم مِّن مَّلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِن بَعْدِ أَن يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَن يَشَاء وَيَرْضَى : النجم 26" ،" وَلَا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَن شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ : الزخرف 86 " .
• ويؤمن القرآنيون بأن العصمة المطلقة من الوقوع فى الخطأ لا تكون إلا لله تعالى وحده، ولذا يقال عنه عز وجل " سبحانه وتعالى ". ويؤمن القرآنيون بأن كل البشر يقعون فى الأخطاء ، ومع أن الأنبياء هم صفوة البشر إلا أنهم يقعون فى الأخطاء وتقتصر عصمتهم فقط فى تبليغ الرسالة – الوحى الألهى – الذى يتعهدهم بالنصح والتوجيه والتقويم " مَّا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَّفْسِكَ وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً وَكَفَى بِاللّهِ شَهِيدًا : النساء 79" ، " قُلْ إِن ضَلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَى نَفْسِي وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ سبأ 50 " .
أما البخاريون فإن الغلاة منهم يتجاهلون 150 تتحدث عن أخطاء الأنبياء ويسندون لخاتم النبيين العصمة المطلقة لإستكمال ملامح تأليه مع الله تعالى .!!
• يؤمن القرآنيون بأن الله تعالى وحده هو الحى الذى لا يموت " وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ : الفرقان 58" وهو جل وعلا الحى الذى لا ينام " اللّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ البقرة 255" وأن ما عداه تعالى سيفنى ويهلك " كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ : القصص 88"،" كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ " الرحمن27:26". ويؤمن القرآنيون أن كل نفس ذائقة الموت وهذا يشمل الأنبياء جميعا " وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِّن قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِن مِّتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ: الأنبياء 35:34 " وحين كان خاتم النبيين حيا يعيش فى مكة قال له ربه جل وعلا : " إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ: الزمر 30". .
ولكن البخاريين يؤمنون بأن محمدا حى فى قبره ، وتعرض عليه أعمال أمته ، ولذلك يزورون قبره يتوسلون به وهم واثقون أنه يسمعهم وأنه يراجع أعمالهم ليشفع لهم ... أى يسندون له حياة أبدية لتكمل له ملامح الألوهية .
1. ويؤمن القرآنيون بكل الكتب السماوية التى أخبر عنها القرآن الكريم وبكل الأنبياء ورسل الله جل وعلا ، وإيمانهم ليس بشخص النبى وإنما بالكتاب الذى نزل عليه ، ويسرى هذا على القرآن الكريم ، إذ يؤمن القرآنيون بالوحى القرآنى الذى نزل على محمد وليس بشخص محمد البشرى تنفيذا لقوله تعالى " وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ " محمد 2 " وقوله تعالى (قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا ) ( الكهف 110) ولكن البخارييين يؤمنون بشخص محمد ، فيتحول إيمانهم بالشخص مستقلا عن الوحى نوعا من التأليه لذلك الشخص. ولذلك تراهم يجعلون سيرته الشخصية دينا ، كما يتبركون بكل ما ينسبونه اليه من أحاديث .
• ولأن إيمانهم هو بالكتاب السماوى الذى نزل على محمد وكل الأنبياء ولأنهم لا يؤلهون النبى محمدا فإن القرآنيين لا يجرءون على تفضيل خاتم الأنبياء على من سبقة من الأنبياء، أى لا يفرقون بين الرسل تمسكا يقوله تعالى " آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا " : البقرة 285" . القرآنيون يقولون " سمعنا وأطعنا " ولكن البخاريون يقولون " سمعنا وعصينا" . البخاريون جعلوا النبى محمدا سيد الأنبياء وأشرف المرسلين وجعلوه فى أحاديثهم (خير ولد آدم ولا فخر) ، وجعلوه مفضلا على الأنبياء بسبع خصال منها الشفاعة، وهذا أيضا من ملامح تأليههم للنبى محمد وجعله إلها مع الله .
• إن النهى عن التفريق بين الأنبياء تكرر فى القرآن الكريم (البقرة 136 ) ( آل عمران 84) (النساء 150 : 152 )
الخصومة فى الشريعة الإلهية
فى العبادات
1. لأن البخارييين جعلوا النبى محمدا عليه السلام إلها مع الله فى عقيدتهم فقد جعلوه شريكا لله تعالى فى عبادتهم ، فإلى جانب الصلوات الخمس المفروضة التى يتوجه بها المؤمن لله تعالى نجد البخارييين يصلون صلوات السنن لمحمد ، بل إنهم غيروا التشهد فى الصلاة فبدلا من تلاوة لآية التشهد "شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ قَآئِمَاً بِالْقِسْطِ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ آل عمران 18" نجدهم قد اخترعوا التحيات ليجعلوا محمدا شريكا لله تعالى فى الصلاة، وبدلا من أن تكون الصلاة لذكر الله تعالى وحده (إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي ) ( طه 14)أصبحت صلواتهم الخمس لذكر الله ولذكر محمد معه .
2. وجعلوا محمدا أيضا شريكا فى آذان الصلاة وشريكا فى شهادة الإسلام المكتوبة على كل مسجد ، متجاهلين قوله تعالى "وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا الجن 18".
3. وبدلا من أن يكون الحج لله تعالى فى بيته الحرام ، فقد أضافوا الحج لقبر الرسول فى مكة وجعلوا المدينة حرما ثانيا مع أنه لا يوجد فى الإسلام إلا حرم واحد فقط هو الكعبة ، يحجون الى القبر المنسوب للنبى فى المدينة بحيث انهم يعتقدون ان الحج للكعبة لا يتم و لا يقبل إلا بالحج للقبر المقدس عندهم ، وقد جعلوا له طقوسا وشعائر ما أنزل الله تعالى بها من سلطان ، ولم يعرفها عصر النبى محمد عليه السلام ، فلم يحدث أن حج لقبر النبى بعد موته أحد من الصحابة ، ولا يقول عاقل أن الحج فى حياة النبى محمد كان يشمل زيارة قبر النبى .أى أنه إختراع زوره البخاريون فى دينهم لتقديس النبى محمدا وتأليهه بعد موته .
4 ـ وطبقا لما جاء فى القرآن الكريم فإن الله تعالى يصلى على النبى هو وملائكته وقد أمر المؤمنين بالصلاة على النبى والتسليم بما جاء فى القرآن الكريم " إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ." الأحزاب 56 ". وهو نفس الحل بالنسبة للمؤمنين ، فالله تعالى وملائكته يصلون على المؤمنين "إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا : الأحزاب 43" والله تعالى أمر النبى أن يصلى على المؤمنين "وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاَتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ:التوبة 103" .أذن هو تساوى بين المؤمنين والنبى ، فالله تعالى وملائكته يصلون على النبى وعلى المؤمنين والله تعالى أمر النبى بالصلاة على المؤمنين وأمر المؤمنين بالصلاة على النبى .
والصلاة هنا تعنى الصلة ، وهى القرآن الكريم الذى يخرج به الناس من الظلمات إلى النور . وتلاوة القرآن هى تلك الصلة التى تربط بينك اليوم وبين النبى محمد عليه السلام لأنك تقرأ وتتلفظ ما كان يقرؤه ويتلفظ به محمد عليه السلام ، ولأنك تتمسك بما كان محمد يتمسك به فى حياته " فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ الزخرف 44:43".
أما السلام على النبى محمد فذلك مأمور به ضمن السلام على كل الأنبياء والرسل "وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ الصافات 181" ، "قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ : النمل 59".
ولكن البخارييين حولوا الصلاة على النبى إلى عبادة وتقديس له متجاهلين الآيات الكريمة السابقة ، فمن الخطأ عندهم ذكر إسم محمد بدون المسارعة بالصلاة عليه ، بل إنهم فى تطرفهم فى تطبيق تلك العبادة تناسوا عبادة أخرى مماثلة وهى بالفعل مفروضه عليهم وهى تسبيح الله تعالى ، فالمفروض أنه عند ذكر لفظ الجلالة " الله " أن يرد المؤمن بتسبيح الله تعالى وحمده وإجلاله جل وعلا ، ولكن الذى يحدث هو العكس ؛ فعندما يخطب أحدهم- مثلا – فيذكر أسم الله تعالى فلا نجد أحد يستجيب بالتسبيح لله تعالى وحمده ، فإذا ذكر اسم النبى محمد سارع الجميع بالصلاة عليه والتسليم فى خشوع وخنوع . أى أنهم فى عبادتهم للنبى محمد يفضلونه على عبادتهم لله تعالى .
هذا مع أن فريضة التسبيح مأمور بها فى القرآن الكريم ولها أوقات محددة " فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَاء اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى طه130 " ، " فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ السُّجُودِ : ق 40:39"، " وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ :الطور 49:48" . هذه الفريضة تناساها البخاريون لتطرفهم فى عبادة النبى محمد.
فى المعاملات :-
يؤمن القرآنيون أن الله تعالى أرسل محمدا بالقرآن ليكون رحمة للعالمين وليس لإرهاب العالمين " وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ : الأنبياء 107" ومن خلال أكثر من ألف أيه قرآنية يؤمن القرآنيون ان الله تعالى قرر تمام الحرية للبشر فى العقيدة وأن مرجعهم إليه جل وعلا يوم القيامة ليحكم بينهم فيما هم فيه مختلفون . كما يؤمن القرآنيون بأن السلام هو الأصل فى الأسلام ، وأن الحرب فى الأسلام لمجرد الدفاع عن النفس وليس للهجوم ،وأن من يعتدى ويظلم يكون كافرا بسلوكه وفق تشريعات القرآن الكريم والقيم الأسلامية العليا من العدل والأحسان والرحمة والعفو والمغفرة والتيسير والصبر ..
ولكن البخارييين يجعلون الله تعالى خلاف ذلك ، فيزعمون أن الله تعالى أمر الرسول عليه السلام أن يقاتل الناس حتى يرغمهم أن يدخلوا فى الأسلام وأنه جل وعلا أباح للمسلمين استحلال دماء غير المسلمين وأموالهم وسبى نسائهم وأولادهم وفرض الجزية عليهم بعد إحتلال أوطانهم ..
وهذا فارق هائل بين رؤية القرآنيين لله تعالى وعقيدة البخاريين فى الله تعالى. وتلك العقيدة البخارية طبقها المسلمون قبل البخارى وبعده ، ولكن البخارى هو أشهر من قام بتشريعها حين زور آحاديث ونسبها للنبى محمد عليه السلام فأصبحت دينا يناقض دين الأسلام الحقيقى الذى نزل فى القرآن الكريم والذى طبقه خاتم المرسلين عليهم جميعا السلام .
وأخيرا
1 ـ تلك العقيدة البخارية لا تقتصر على تأليه النبى محمد ولكن تؤله أيضا العلماء والأئمة والأولياء.
2 ـ تلك العقيدة البخارية تنظر لله تعالى على أنه إله منزوع السلطات لا يملك التحكم فى الدنيا ولا فى الاخرة ، وعلى أنه إله دموى يأمر بالعدوان وقتل المسالمين ، وتجعل له شركاء فى الالوهية يقومون عنه بالسلطة و يحوزون دونه بالصلاة و العبادة و التقديس و التمجيد .
3 ـ ومن أجل تلك العقيدة البخارية يتعرض القرآنيون للأضطهاد والأذى والتعذيب لأن القرآنيين :
*يؤمنون بالله تعالى وحده وليا وشفيعا " اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ مَا لَكُم مِّن دُونِهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا شَفِيعٍ أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ : السجدة 4 "
*ولأنهم يؤمنون أن الله تعالى له تمام السيطرة على الخلق (مَّا مِن دَآبَّةٍ إِلاَّ هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا ) ( هود 56) وأنه جل وعلا لا يشرك فى حكمه أحدا (مَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا) (الكهف 26) وأن له تعالى وحده الخلق والأمر (أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ) (الأعراف54 )
*ولأنهم يؤمنون أن الله تعالى أنزل القرآن تاما " وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلاً لاَّ مُبَدِّلِ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ " الأنعام 115" ، كاملا مكتملا " الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا المائدة 3" مبينا واضحا " الَرَ تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَقُرْآنٍ مُّبِينٍ: الحجر 1" ولا يحتاج إلى تفسير خارجى " وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا ."الفرقان 33 " .
4ـ ومع ما يتعرض له القرآنيون من البخارييين إلا أن القرآنيين ـ طبقا لأوامر الله عز وجل ـ يعفون ويصفحون انتظارا ليوم الخصومة أمام الله تعالى " وَإِنَّ السَّاعَةَ لآتِيَةٌ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ ." الحجر 85 " ،" وَقِيلِهِ يَارَبِّ إِنَّ هَؤُلَاء قَوْمٌ لَّا يُؤْمِنُونَ فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلَامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ ." الزخرف 88 : 89 "
ويتنظر القرآنيون مجىء يوم الفصل ليحكم الله تعالى بينهم وبين البخارييين فيما هم فيه يختصمون " وَقُل لِّلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ اعْمَلُواْ عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنَّا عَامِلُونَ وَانتَظِرُوا إِنَّا مُنتَظِرُونَ : هود 122:121"
5 ـ ويتمنى القرآنيون أن يتوب البخاريون المعاصرون وألا يسيروا على نهج البخاريين السابقين ..
وأملا فى التوبة والاصلاح ندعوهم الى قراءة الآيات العشر الأخيرة من سورة يونس.