JustPaste.it

معنى الطاغوت ورؤس أنواعه وصفة الكفر به


قال الإمام المجدّد محمد بن عبدالوهاب -رحمه الله-:

(اعلم رحمك الله تعالى أن أول ما يفرض على ابن آدم الكفر بالطاغوت والإيمان بالله ، والدليل يقول تعالى: {ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت}.

فأما صفة الكفر بالطاغوت هو أن تعتقد بطلان عبادة غير الله، وتتركها وتبغضها، وتكفر أهلها، وتعاديهم.

وأما معنى الإيمان بالله هو أن تعتقد أنه الله هو الإله المعبود وحده دون من سواه، وتخلص جميع أنواع العبادة كلها لله، وتنفيها عن كل معبود سواه، وتحب أهل الإخلاص وتواليهم، وتبغض أهل الشرك وتعاديهم.

وهذه ملة إبراهيم التي سفه نفسه من رغب عنها، وهذه الأسوة التي أخبرته بها في قوله: {قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا برآء منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا حتى تؤمنوا بالله وحده}.

والطاغوت عام، فكل ما عبد من دون الله، ورضي بالعبادة من معبود أو متبوع أو مطاع في غير طاعة الله ورسوله، فهو طاغوت.

والطواغيت كثيرة ورؤوسهم خمسة:

(الأول): الشيطان الداعي إلى عبادة غير الله، والدليل يقول تعالى: {ألم أعهد إليكم يا بني آدم أن لا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين}.

(الثاني): الحاكم الجائر المغير لأحكام الله تعالى، والدليل قوله تعالى: {ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من أنك تريد أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالا بعيدا}.

(الثالث): الذي يحكم بغير ما أنزل الله، والدليل قوله تعالى: {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون}

[ تنبيه: المراد بالطاغوت الثاني والثالث هو من يحكم بغير ما أنزل الله "بشرط الاعتقاد وليس بمجرد العمل":

قال الإمام المجدّد محمد بن عبدالوهاب: (قال تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} لا ريب أن من لم يعتقد وجوب الحكم به فهو كافر، فمن استحل أن يحكم بما يراه هو عدلا من غير اتباع لما أنزل الله فهو كافر؛ فإنه ما من أمة إلا وتأمر بالحكم بالعدل، وقد يكون العدل في دينها ما رآه كإبراهيم، بل كثير من المنتسبين إلى الإسلام يحكمون بعاداتهم كسوالف البادية، وأمر المطاعين، ويرونه أنه هو الذي يبتغي الحكم به دون الكتاب والسنة، وهذا هو الكفر إذا عرفوا ما أنزل الله فلم يلتزموه، بل استحلوا الحكم بغيره فهم كفار، وإلا كانوا جهالا كما تقدم. وأما من كان ملتزما لحكم الله باطنا وظاهرا، لكن عصى واتبع هواه، فهذا بمنْزلة أمثاله من العصاة. وهذه الآية مما يحتج بها الخوارج على تكفير ولاة الأمر يحكمون بغير ما أنزل الله، ثم يزعمون أن اعتقادهم هو حكم الله، وقد تكلم الناس على ما يطول ذكره هنا، والذي ذكرته يدل عليه سياق الآية.) كتاب مسائل لخصها الشيخ محمد بن عبد الوهاب من كلام ابن تيمية (مطبوع ضمن مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب، الجزء الثاني عشر) (ص: 147 - المسألة 122)

 

وقال رحمه الله في نواقض الإسلام وفيه بيان أن الحاكم بغير ما أنزل الله لا يكفر الا بشرط الإعتقاد:

 (الرابع: من اعتقد أن غير هدي النبي صلى الله عليه وسلم أكمل من هديه، أو أن حكم غيره أحسن من حكمه، كالذين يفضلون حكم الطواغيت، على حكمه، فهو كافر.) الرسائل الشخصية (ص: 213)، الدرر السنية (2/361)

 

وقال العلامة عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن بن محمد بن عبدالوهاب (ت 1293 هـ) :
(يفعل يحرُم إذا كان المستند إلى الشريعة باطلة تخالف الكتاب والسنة ، كأحكام اليونان والإفرنج والتتر ، وقوانينهم التي مصدرها آراؤهم وأهوائهم ، وكذلك البادية وعادتهم الجارية ... فمن استحل الحكم بهذا في الدماء أو غيرها ؛ فهو كافر ، قال تعالى: {وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} ... وهذه الآية ذكر فيها بعض المفسرين: أن الكفر المراد هنا: كفر دون الكفر الأكبر ؛ لأنهم فهموا أنها تحدد من حكم بغير ما أنزل الله ، وهو غير مستحل لذلك ، لكنهم لا يناقشون في عمومها للمستحل ، وأن كفره مخرج عن الملة). "منهاج التأسيس" (ص 71)

وقال العلامة سليمان بن سمحان شارحًا كلام الشيخ عبداللطيف: (يعني أن استحل الحكم بغير ما أنزل الله ورأى أن حكم الطاغوت أحسن من حكم الله ، وأن الحضر لا يعرفون إلا حكم المواريث ، وأن ما هو عليه من السوالف والعادات هو الحق ، فمن اعتقد هذا هو كافر ، وأما من لم يستحل هذا ، ويرى أن حكم الطاغوت باطل ، وأن حكم الله ورسوله هو الحق ، فهذا لا يكفر ولا يخرج من الإسلام) مجموعة الرسائل (3/309). ]

(الرابع): الذي يدعي علم الغيب من دون الله، والدليل قوله تعالى: {عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا إلا من ارتضى من رسول فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدا}. وقال تعالى: {وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو ويعلم ما في البر والبحر وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين}.

(الخامس)
: الذي يعبد من دون الله وهو راض بالعبادة ، والدليل قوله تعالى: {ومن يقل منهم إني إله من دونه فذلك نجزيه جهنم كذلك نجزي الظالمين}.

واعلم أن الإنسان ما يصير مؤمنا بالله إلا بالكفر بالطاغوت ، والدليل يقول تعالى: {فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها والله سميع عليم}.

الرشد دين محمد صلى الله عليه وسلم، والغي دين أبي جهل، والعروة الوثقى شهادة أن لا إله إلا الله، وهي متضمنة للنفي والإثبات؛ تنفي جميع أنواع العبادة عن غير الله تعالى، وتثبت جميع أنواع العبادة كلها لله وحده لا شريك له.) اهـ

مؤلفات الشيخ محمد بن عبدالوهاب 1 / 376-377

مقالات اخرى
1- منهج الامام محمد بن عبدالوهاب في التكفير
وفيه تقرير العذر بالجهل والتأويل
والتفريق بين النوع والعين
والبراءة من منهج الخوارج والمعتزلة
مثل ذلك براءته من تكفير العالم القبوري البوصيري وغيرهم من مشاهير العلماء المتأخرين الواقعين في شرك القبور
وبراءة ابنه العلامة عبدالله من تكفير العالم القبوري الهتيمي واعتبارة من جملة علماء المسلمين وغيرهم من العلماء لمانع التأويل ↓↓
https://kushifalshabahaat.blogspot.com/2019/05/munhijalamam.html

2- اجماع ائمة الدعوة ان الحكم بالقوانين الوضعية كفر دون كفر ↓↓
https://kushifalshabahaat.blogspot.com/2020/09/alqawaninaimataldaewatalnajdia.html

3- منهج السلف في التعامل مع الحكام الذين يحكمون بغير ما أنزل الله، ثم يليه منهج السلف في التعامل مع الحكام الواقعين في نواقض وبدع كفرية كبعض حكام الدولة العباسية المعطلة للصفات (شرك التعطيل) في زمن الإمام أحمد، وحكام دولة المماليك القبورية (شرك الاوثان) المعطلة للصفات (شرك التعطيل) في زمن شيخ الإسلام ابن تيمية، ثم يليه شروط الخروج على الحكّام ↓↓
https://kushifalshabahaat.blogspot.com/2020/09/manhijalsalaf.html