JustPaste.it

 

 

بيان مجلس البحوث والدارسات الشرعية التابع لدار الإفتاء الليبية حول الأحداث الجارية

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد؛
فقد تابع مجلس البحوث والدراسات الشرعية الأحداث التي وقعت في مدينة سرت في الأيام القليلة الماضية، من استيلاء مجموعاتٍ مسلحة نسبت نفسها إلى تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) على مبانٍ حكومية فيها، سبقها تفجيراتٌ وهجومٌ على فندق كورنثيا بطرابلس، وهجماتٌ على بعض الحقول النفطية، وما ذكر في وسائل الإعلام من قتل المصريين المختطفين منسوب إلى الجماعة نفسها.


وإنَّ المجلس ليدين بشدَّة هذه الأعمالَ الإرهابية التخريبية، التي ليس لها غرض إلاَّ إظهارُ بلادنا بالمظهر الخارج عن السيطرة، وإعطاءُ الذريعة للتدخل الأجنبي فيها، خاصةً بعد ما صدر عن بعض رموز النظام السابق المقيمين في مصر من تأييدهم لهذه المجموعات والإشادة بها، وما حصل اليوم بمدينة درنة من قصف عشوائي آثم للمدنيين.


وإذ يعزي المجلس أهالي المغدورين في مدينة درنة، ليدعو المواطنين جميعاً، والثوار خصوصاً، إلى تفويت الفرصة على من يكيدون للبلد من السياسيين المغامرين، ويدعوهم ألاَّ يغتروا بشعارات هذه الجماعات المتطرفة التي تُسمِّي نفسها الدولة الإسلامية؛ فإنَّ أعمالها بعيدةٌ كلَّ البعد عن الإسلام وإن تسمَّت باسمه، لما تضمَّنَه مسلكها من أصول فاسدة، منها:
أولاً: الغلو في التكفير، وعدم ضبط المفاهيم الشرعية ضبطاً صحيحاً. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا قال الرجل لأخيه يا كافر، فقد باء بها أحدهما". متفق عليه.


ثانياً: الجُرأة على الدماء التي حرَّم الله بمجرد الشبهة، وقد قال الله تعالى: ﴿وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا﴾[النساء:93]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "لاَ تَرْجِعُوا بَعْدِى كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ) متفق عليه.


ثالثاً: انتقاؤهم من نصوص الكتاب والسنة ما يوافق أهواءهم، وإغفالهم لغيرها. وقد قال الله تعالى: ﴿وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ . وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ﴾[النور: 48-49].
رابعاً: عدم الرجوع للعلماء الربانيين، والتشكيكُ فيهم، وسوءُ الظن بهم، وقد أمر الله سبحانه بالرجوع إليهم في النوازل فقال سبحانه: ﴿وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ﴾[النساء: 83].


خامساً: تفريق صفِّ المسلمين، وتنفير غيرهم من دعوتهم بعدم مراعاة المصالح والمفاسد، وتقدير مآلات أعمالهم، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ مِنْكُم منَفِّرِينَ" متفق عليه.


سادساً: التعصب لآرائهم، ومخالفتهم لعموم المسلمين في التمسك بجزئيات وفروع مختلف فيها بين أهل العلم، يمكن تجاوزها جمعاً للكلمة؛ فإنَّ جمع الكلمة من الأصول، ولا تحفظ الفروع بضياع الأصول.


سابعاً: عدم مراعاة واقع الأمة وضعفها، وعدم الحرص على هداية الضال منها بالحكمة والموعظة الحسنة، كما قال الله تبارك وتعالى: ﴿ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾ [النحل: 125]، وصحّ عن النبي صلى الله عليه وسلم قولُه في وصيته لأبي موسى ومعاذ رضي الله عنهما حينما أرسلهما دعاة إلى اليمن: "يَسِّرَا وَلَا تُعَسِّرَا وَبَشِّرَا وَلَا تُنَفِّرَا وَتَطَاوَعَا وَلَا تَخْتَلِفَا" متفق عليه.


ثامناً: تسخير أنفسهم -من حيث يشعرون أو لا يشعرون- ألعوبة بأيدي المخابرات العالمية، لتحقيق مآربهم في حرب الإسلام، واحتلال بلادهم، وتقسيم المقسَّم منها.
وإذ يحذِّر المجلس من هذا المسلك الغالي، ليذكر جميع الليبيين بأنْ يجمعوا كلمتهم، ويوحِّدوا صفهم، ويقفوا ضد كلِّ من يريد أن يتَّخذ ذلك ذريعةً لاستباحة حرمات بلادنا، كما يدعو المؤتمر الوطني وحكومة الإنقاذ إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية المواطنين والمقيمين على أرض ليبيا، وتوفيرِ الأمنِ لهم، وتحقيقِ سيادةِ الدولة على أراضيها، والتصدي لمن تُسوّل له نفسُه المساس بذلك.

صدر عن مجلس البحوث والدراسات الشرعية
بتاريخ 26 ربيع الثاني 1436هـ الموافق 16/ 2/ 2015م.

 

البيان مرئيًا:

 

Video thumb

 

صفحة دار الإفتاء الليبية:

 

https://www.facebook.com/IFTALibya