JustPaste.it

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد .

قال الله تعالى: ( ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض )

إن التدافع سنة كونية في تلك الحياة، ومنذ أن خلق الله الإنسان وهناك صراع دائر ومستعر بين الحق والباطل، حدوث هذا الصراع أمر فطري مسلّم به بين الخلائق، ومن الطبيعي أن يقتل كل من المتصارعين الآخر فهذا أمر من أمور الحرب المعتادة، وليس مستغرباً أن يستهدف كل فريق خصمه .

ففي ظل الحرب الدائرة في سيناء من البدهي أن يستهدف المجاهدون في سيناء عدوهم الذي يقاتلهم، فهم في حرب معلنة معه، وكل منهما يتربص بالآخر .

وقد رأينا التباكي والحزن المصطنع على الجندي –الغلبان- الذي قتل والذي بكت عليه أمه وافتقدته زوجته وتيتم أطفاله الصغار، وقد كان هذا الجندي حتى لحظة هلاكه يحمل سلاحة يتربص بالمجاهدين ليقتلهم وكانت أمهاتهم تبكي عليهم أيضاً وكانت زوجات تفتقدهم وكان لهم أطفال قد تيتموا، وهذا الجندي يفتخر بمشاركته في تلك الحرب ويصرح أنه لم يذهب إلى سيناء إلا لذلك .

ونحن هنا لا نتحدث عن مبررات قتل هؤلاء الجنود، ولسنا في محل الدفاع عن المجاهدين الأبطال وعن عمليتهم المباركة التي أبروا بها قسمهم وثأروا للدماء والأعراض، إنما نتحدث عن حالة الانتكاس التي زرعها الإعلام والتعليم في النفوس جعلتهم يتقبلون جرائم تلك الأجهزة الاجرامية وينكرون التصدي لها، بل حتى ضحيا تلك الأجهزة الاجرامية تجد في كثير منهم غضاضةً من أن تتم عملية رد على اعتداء الجيش والشرطة .

فكيف تمت تلك الانتكاسة عن الفطرة ؟

إن الحق يملك قوة ذاتية تمكنه من دفع الباطل ودحره والانتصار عليه في أي معركة بينه وبين الباطل وأهله، وذلك لما يتمتع به الحق وأهلُه من مقومات النصر ومن عقيدة تدفع صاحبها للتضحية والثبات ولما يصاحب ذلك من تأييد الله عز وجل .

وأهل الباطل مدركون لتلك الحقيقة، ويعلمون علم اليقين أن معركتهم مع الحق محسومة وأنهم مقهورون مغلوبون، وأن جندهم مدحورون مهزومون، فعزائمهم خائرة ومنطلقاتهم فاسدة ودوافعهم باطلة، ولن يصمدوا طويلاً أمام الحق وأهله .

لقد أدرك طواغيت الحكم تلك الحقيقة ورأوا كيف أن الشعوب حين تثور على باطلهم تسقطه وتزهقه، فعمدوا إلى الكيد والمكر، وعملوا على منع حدوث هذا الصراع لتكون الحرب من جهة واحدة، قيقتُلون ولا يُقتَلون ويحارِبون ولا يحارَبون .

وراج هذا الدجل على البعض حتى علت قهقهات الطاغوت وجنده فرحين مسرورين بأن المظلومين سيكتفون بالتنديد والاستنكار، ولسان حالهم يقول : ( سنغتصب ونَقتل، ونَنهب ونَسرق، ونهين الرجال ونستحل كرامة النساء، ولا نبالي بالحرمات فلا قصاص يطاردنا ولا ثأر يطلبنا ) .

 اعتمد الطاغوت وجنده على تلك النقطة وخوفوا كل مظلوم من السبيل الذي يردعهم وأرهبوهم بكل وسيلة من رد الظلم أو دفع العدوان، وأوهموهم أن الانتصار من الظاليمن ودفع عدوان المعتدين يضر ولا ينفع، وأن دم المعتدين حرام وأن جرح مشاعر ذويهم جريمة .

لقد زرع الطاغوت وإعلامه على مر عقود طويلة من التزييف والتحريف أن المجرم له الحق في القتل والخطف والنهب والاقتحام إذا ارتدى زياً موحداً وسمى نفسه "شرطي" أو "عسكري" .

ولأن هذا المجرم اسمه "شرطي" أو "عسكري" فله كل الحق في أن يستحل حرمات البيوت وله أن يداهمها في ظلمة الليل وله أن يقتل من شاء وأن يعتقل من شاء وأن يقتاد الرجال والنساء بالسلال والأغلال إلى السجون والمعتقلات، ثم له أن يعلقهم ويصعقهم ويتعرض لأعراضهم ويجبرهم على التنازل عن مبادئهم ويساومهم للتخلي عن عقائدهم ويفتنهم في دينهم ويجبرهم على الإيمان بالطاغوت والتسليم لحكمه، ثم يرمي بهم عقوداً من الزمن في أقبية السجون .

ورسخوا في الأذهان أن من دافع عن نفسه وأهله وتصدى للظلم وجنده فهو إرهابي ظالم وسفاح خاشم .

ليس الغريب أن يُقنع الطواغيت وأنصارهم أنفسهم بهذا المنطق العجيب، إنما الغريب العجيب أن تترسخ تلك القناعة عند عامة الناس، بل أن يصل هذا المنطق المنتكس إلى ضحايا تلك الأجهزة الإجرامية، فحتى وهم ينكرون على جرائم الأجهزة الاجرامية تجد انكاراً منمقاً جزئياً يعترض على تنفيذ تلك الجرائم بصورة غير شرعية ودون غطاء قانوني، وعند تأييدهم لعمليات الثأر والقصاص تجد أن نفوسهم فيها بعضاً من التأسف، ويطلبون أن يكون الانتقام ممن ثبت أن رصاصتهم أصابت المظلومين وقتلتهم،أما من يُحتمل أن رصاصته لم تقتل وأنه لم ينجح في التسديد فنتركه حتى يقتلنا .

إن نحقق النصر والتحرير مرهون بإبطال تلك التلبيسات الشيطانية ، إن علينا أن نصدع بالحق وأن ننشر الوعي بأهمية جهاد هؤلاء القوم وأن نصرح بجوب جهادهم دون حياء أو تنميق .

إن دفع العدو الصائل، ورد عادية القتلة والمجرمين ونصرة أهلنا، هو حق مجمع على مشروعيته في دين الإسلام ولا خلاف فيه البتة، بل هذا من الحقوق التي أقرتها كل الشرائع واتفق على مشروعيتها كل البشر من كل الأعراق ومن جميع الأجناس وعبر كل العصور، ولقد ظل القائمون بهذا الجهاد رمزاً للفخر في كل زمان ومكان، وأصبحوا علماً للبطولةً ونموذجاً للمجد يسجل التأريخ جهادهم بمداد من نور، وتسطر ملاحمهم لترفع همم الأجيال من بعدهم .

إن الجريمة التي ترتكب ممن يزعم أنه "شرطي"  أو "عسكري" لا تمنحه حصانة من المقاومة، ولا تجعله في مأمن من مطاردة المجاهدين ، بل هو أولى بالقتال من غيره، فهو جزء من نظام قائم على حرب الشعب بكل الوسائل، نظام يسعى بالقهر والجبروت لفرض سلطة أهل الباطل ويمتنع عن إقامة الدين ويقتات على حقوق المستضعفين، وإن تلك السلطة المتجبرة توصيفها الشرعي أنها طائفة ممتنعة يجب قتالها وتحرير البلاد من شرها .

إن الواجب المحتم على الجميع مواجهة الطاغوت ومجرميه بكل الوسائل، فمن الضروري فضح مخططاته والتعريف بجرائمه ونشر الوعي بين الشعب ليدرك خطر هذه الأنظمة على دينه وعلى مقدراته واقتصاده وعلى حياته ومعيشته وعلى مستقبله ومستقبل أولاده من بعده .

ورغم أهمية المواجهة بتلك الوسائل إلا أن علينا أن نعلم أن من تمام الوعي أن ندرك أن من أمحل المحال أن تكون تلك الوسائل بمفردها سبيلاً لإجبار الطاغوت على الاستسلام أو دافعاً لانهياره أو قهره واندحاره، بل إن الاستغراق في تلك الوسائل والتأخر عن العمل على دفع العدو الصائل وزر عظيم وضرر جسيم، ولن يتم الخلاص من سطوته ولن نرى التحرر من جبروته ما ترك الطاغوت وجنده يستعيدون قوتهم ويكتسبون الثقة في قدراتهم ويطورون وسائلهم، بينما الحق وأهله لا قوة لهم تحمي دعوتهم وتدفع عن نفسها الطاغوت وجنده وتشغلهم بأنفسهم وستنزفهم في حرب حقيقية .

إن أي طاغوت من طواغيت الحكم لا يمكن أن يتخلى عن جبروته وعمالته ويترك الشعب يتحرر من سطوته وينفك من أغلاله دون قوة تتصدى لقوته، ودون بأس وشدة ودون توازن في الرعب، لذا فإن المواجهة المسلحة لتلك القوة الغاشمة هي الأقوى تأثيراً عليه وهي الفعل المباشر الذي يقلب أوراقه ويُفشل مخططاته ويحوله من مهاجم إلى مدافع، فالبطش الذي تمارسه تلك الأنظمة الطاغوتية سيستمر ولن يتراجع إلا إذا شعر الطاغوت وجنده بخطر على حياتهم ورأوا قوة تواجه قوتهم وعبوة تواجه رصاصهم ومفخخة تدك معاقلهم، حينها فقط يدركون أنهم إن قَتلوا سيُقتلون وإذا أصابوا سيصَابون، حينها ستتحول دفة الصراع وسنشرع في محاولة تحقيق توازن الرعب وسنبدأ في مرحلة جديدة تمكننا من الانطلاق بخطىً ثابتة لنقيم الدولة التي نحلم بها ويسعد بها شعبنا، بعد أن نتحرر من قيود الطاغوت فلا نخاف إلا من خالقنا ولا نسلم إلا لحكمه ولا ننقاد إلا لشرعه دون أي حكم طاغوتي يرهبنا، فننمي بلدنا كما يستحق أن ينمو ونحقق الكرامة لشعبنا كما يجدر به أن يعيش كريماً حراً من قيود البشر ونحصل على مكانتنا التي نحن أهل لها بين كل الأمم .

نسأل الله أن يستخدمنا لما يحب ويرضى

والحمد لله رب العالمين

كتبه / محمد بلال القاهري

مسؤول العلاقات العامة لأجناد مصر