JustPaste.it

عبد الله بن الزبير:شيطان موقعة الجمل ، وشيطان الفتنة الكبرى الثانية

آحمد صبحي منصور في الخميس 17 مارس 2016

http://ahl-alquran.com/arabic/show_article.php?main_id=14541

أبوه الزبير، وأمه أسماء، وجده أبو بكر، وعمته خديجة، وجدته صفية بنت عبد المطلب،وخالته عائشة. وولد سنة 2 من الهجرة . واستبشر المسلمون بمولده إذ كان أول مولود للمهاجرين فى المدينة . ومات النبى وكان لابن الزبير 8 سنين واربعة اشهر . بعدها عايش الفتوحات ( أفظع جريمة للصحابة ) بل وشارك فيها ، فى اليرموك وفى غزو القسطنطينية والمغرب . ثم كان شيطان الفتنة الكبرى فى موقعة الجمل .

موقعة الجمل  عام 36 :عرضنا لها من قبل ، ونلتقط بعض ملامحها :

1 ـ كان التنافس واضحا بين القائدين ( الزبير وطلحة ) تقول الرواية : ( فكان معاذ بن عبيد الله يقول : والله لو ظفرنا لافتتنا ما خلى الزبير بين طلحة والأمر ولا خلى طلحة بين الزبيرو والأمر ) يعنى لو إنتصر الزبير وطلحة فى موقعة الجمل لتحاربا بعدها .

2 ـ كان المال هو سبب نكث الزبير وطلحة بيعتهما لعلى بن أبى طالب وخروجهما عليه . تقول الرواية : ( جاء رجل إلى طلحة والزبير وهما في المسجد بالبصرة فقال:" نشدتكما بالله في مسيركما : أعهد إليكما فيه رسول الله ؟ فقام طلحة ولم يجبه،فناشد الزبير، فقال: " لا ولكن بلغنا أن عندكم دراهم فجئنا نشارككم فيها "). هذا مع ان الزبير كان ( بليونيرا ) بمقياس عصرنا . وسنتعرض للثروة التى تركها فيما بعدُ . 

3 ـ كان الزبير و ( طلحة ) فى عماء وعدم وضوح . تقول الرواية : ( لما بايع أهل البصرة الزبير وطلحة ، قال الزبير: " ألا ألف فارس أسير بهم إلى (علي ) فإما بيتّه ( أى هجمت عليه ليلا ) وإما صبحته ( أى هجمت عليه صباحا ) لعلّي أقتله قبل أن يصل إلينا. ".!.  فلم يجبه أحد .  فقال : " إن هذه لهي الفتنة التي كنا نحدث عنها.! ".  فقال له مولاه : " أتسميها فتنة وتقاتل فيها ؟ ! قال : ( ويحك إنا نبصر ولا نبصر . ما كان أمر قط إلا علمت موضع قدمي فيه غير هذا الأمر. فإن لا أدري أمقبل أنا فيه أم مدبر.! )

4 ـ قبل الاشتباك الحربى قال (على ) للزبير : ( أتطلب مني دم عثمان وأنت قتلته ؟ سلط الله على أشدنا عليه اليوم ما يكره " ) وقال (علي ) لطلحة : ( يا طلحة جئت بعُرس ( أى زوجة ) رسول الله ( أى عائشة ) تقاتل بها وخبأت عرسك في البيت؟ أما بايعتني ؟  قال بايعتك وعلى عنقي اللج . )

5 ـ وقبيل الاشتبك الحربى أراد ( على ) أن يعظهم بالقرآن ، فأخرج لهم فتى شابا بالمصحف فقتلوه شر قتلة . تقول الرواية : فقال (علي ) لأصحابه : " أيكم يعرض عليهم هذا المصحف وما فيه فإن قطعت يده أخذه بيده الأخرى وإن قطعت أخذه بأسنانه ؟ " . قال فتى شاب : "أنا . " ، فقال له (علي ) : "اعرض عليهم هذا وقل هو بيننا وبينكم من أوله إلى آخره، والله في دمائنا ودمائكم . "،  فحُمل على الفتى  ( أى هوجم الفتى ) وفي يده المصحف فقطعت يداه ، فأخذه بأسنانه حتى قُتل . عندها أمر (على ) بقتالهم : ( فقال علي : " قد طاب لكم الضراب فقاتلوهم . " وانهزموا ، ولكن إستماتوا فى الدفاع عن ( جمل عائشة ) ، تقول الروايات : ( فقتل يومئذ سبعون رجلا كلهم يأخذ بخطام الجمل. )  ( أخذ الخطام يوم الجمل سبعون رجلا من قريش كلهم يُقتل وهو آخذ بالخطام )( وكان الرجل إذا حمل على الجمل ثم نجا لم يعد ).وقتل مروان بن الحكم ( طلحة ) إنتقاما لعثمان ، أما الزبير فهرب من المعركة راجلا نحو المدينة فأدركه ابن جرموز فقتله .

6 ـ أما عائشة ، فبعد قتل الجمل ومن يدافع عنه ، أرسل اليها (على ) أخاها محمد بن أبى بكرــ وكان من أعوانه ـ فضرب عليها فسطاطا ليحميها. وذهب لها (على ) وقال لها : ( "استفززت الناس وقد فزوا فألبت بينهم حتى قتل بعضهم بعضا.! ..فقالت عائشة :  يابن أبي طالب ملكت فأسجح .".فسرحها (أى أطلق سراحها ) ..وأرسل معها جماعة من رجال ونساء ، وجهزها ، وأمر لها باثني عشر ألفا من المال. )

ابن الزبير شيطان موقعة الجمل

1 ـ كانت الصداقة قوية بين (على) و (الزبير)، يدل عليها وقوف الزبير مع (على ) ضد صهره أبى أبو بكر عندما بويع أبو بكر بالخلافة . تغيرت الأحوال بعد الفتوحات وتكالب الصحابة على أموالها فى خلافة عثمان . وقتها كان عبد الله بن الزبير ـ وهو أكبر أبناء الزبير ـ صاحب نفوذ على أبيه ، ونجح فى إفساد الصداقة بين أبيه و (على ).وقد قال (على ) : ( ما زال الزبير يُعدُّ منا أهل البيت حتى نشأ عبد الله . ). ، وفى حوار سبق الاشتباك الحربى ، تقول الرواية : ( خرج (علي ) على فرسه، فدعا الزبير فتواقفا فقال (علي ) للزبير : " ما جاء بك؟ "  قال : " أنت، ولا أراك لهذا الأمر أهلا ولا أولى به منا . " فقال (علي ) : " لستُ له أهلا بعد عثمان؟ ) أى يشير الى أنه كان الأحق بالأمر من أبى بكر نفسه، ثم قال للزبير يذكره بموقفه السابق ضد بيعة ابى بكر : " قد كنا نعدك من بني عبدالمطلب حتى بلغ ابنك ابن السوء ففرّق بيننا وبينك ).أى إن عبد الله بن الزبير هو الذى فرّق بين ( على ) والزبير  .

2 ـ وبات معروفا أن عبد الله بن الزبير هو المحرض الخفى على الخروج على (على بن أبى طالب ). وقد قيل للأشتر النخعى أبرز قواد ( على ) :"قد كنت كارها لقتل عثمان، فما أخرجك بالبصرة ؟  قال إن هؤلاء بايعوه ثم نكثوا، وكان ابن الزبير هو الذي أكره عائشة على الخروج .! ) .

3 ـ وصحا ضمير الزبير بعد أن وعظه ( على ) ، فأقسم على الانسحاب ، ولكن إبنه ( عبد الله ) رماه بالجُبن والخوف من جيش (على ) وجعله ينكث يمينه . تقول الرواية : ( فانصرف عنه الزبير ، وقال : "  فإني لا أقاتلك. "  فرجع إلى ابنه عبدالله،  فقال : "  مالي في هذه الحرب بصيرة . " فقال له ابنه : "إنك قد خرجت على بصيرة ولكنك رأيت رايات ابن أبي طالب وعرفت أن تحتها الموت فجبنت.! " فأحفظه ( أى أغضبه ) حتى أرعد وغضب وقال : "ويحك إني قد حلفت له ألا أقاتله ." فقال له ابنه : "  كفّر عن يمينك بعتق غلامك سرجس "،  فأعتقه ، وقام في الصف معهم. )

4 ـ وكان ابن الزبير مرتبطا بخالته عائشة ومشاركا لها فى كراهيتها لبنى هاشم ، ولذا جعلته يصلى بالجيش الى أن قدم البصرة . وبعد الهزيمة إختبا ابن الزبير فى دار رجل من قبيلة الأزد وأرسله الى عائشة يعرفها بمكانه حتى تنقذه من (على بن أبى طالب ). وكان لا بد لعائشة من إستدعاء أخيها محمد بن أبى بكر ( وهو خال ابن الزبير ) لينقذ ابن الزبير . وهذا بالضبط ما كان يخشاه ابن الزبير لعلمه بإخلاص خاله محمد بن أبى بكر لعلى بن أبى طالب .  تقول الرواية : (  وأوى عبدالله بن الزبير إلى دار رجل من الأزد يدعى وزيرا ، وقال :" ائت أم المؤمنين فأعلمها بمكاني وإياك أن يطلع على هذا محمد بن أبي بكر."،  فأتى عائشة .. فأخبرها، فقالت : " عليّ بمحمد "  فقال : " يا أم المؤمنين إنه قد نهاني أن يعلم به محمد .! " فأرسلت إليه، فقالت ( لأخيها محمد ابن أبى بكر ): " اذهب مع هذا الرجل حتى تجيئني بابن أختك . " فانطلق ( محمد بن أبى بكر ) معه، فدخل بالأزدي على ابن الزبير قال ( الأزدى لابن الزبير ) : "جئتك والله بما كرهت وأبت أم المؤمنين إلا ذلك ". فخرج عبدالله( ابن الزبير ) ومحمد ( ابن أبى بكر ) وهما يتشاتمان . ).

ابن الزبير فى خلافة معاوية

1 ـ كان يتلقى فيها عطايا معاوية ويتسولها ، تقول الرواية عن الأصمعى : (‏ وفد الحسن وعبد الله بن الزبير على معاوية ، فقال للحسن‏:‏ مرحباً وأهلاً بابن رسول الله، وأمر له بثلاثمائة ألف‏.‏ وقال لابن الزبير‏:‏ مرحباً وأهلاً بابن عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأمر له بمائة ألف‏.‏ ).

وفى رواية أخرى أن معاوية أعطى ابن الزبير ثلثمائة ألف لأنه قال له ثلاثة أبيات شعر من أجمع ما قاله العرب . وتنتهى الرواية بقول الراوى : ( فدعا معاوية بثلاثين عبداً على عنق كل واحد منهم بدرة، وهيعشرة آلاف درهم، فمروا بين يدي ابن الزبير حتى انتهوا إلى داره‏.‏).

وكان ابن الزبير لا يدع فرصة إلا وينتهزها لأخذ المال من معاوية ، تقول الرواية أنه قال لمعاوية : ( لا والله لا أدعك حتى تعطيني مائة ألف‏.‏فأعطاه، فجاء مروان فقال‏:‏ والله يا أمير المؤمنين ما رأيت مثلك،جاءك رجل قد سمى بيت مال الديوان وبيت الخلافة، وبيت كذا، وبيت كذا، فأعطيته مائةألف‏.‏فقال له‏:‏ ويلك كيف أصنع بابن الزبير‏؟‏ ).!!

وكان يبتزّ معاوية ، تقول الرواية :( سأل ابن الزبير معاوية شيئاً فمنعه، فقال‏:‏ والله ما أجهل أن ألزم هذهالبنية فلا أشتم لك عرضاً ولا أقصم لك حسباً، ولكني أسدل عمامتي من بين يدي ذراعاً،ومن خلفي ذراعاً في طريق أهل الشام، وأذكر سيرة أبي بكر الصديق وعمر فيقول الناس‏:‏من هذا‏؟‏فيقولون‏:‏ ابن حوارّي رسول الله صلى الله عليه وسلم وابن بنتالصديق‏.‏فقال معاوية‏:‏ حسبك بهذا شرفاً‏.‏ثم قال‏:‏ هات حوائجك‏.‏).

2 ـ وقبيل موته عام 60 هجرية، أوصى معاوية ابنه يزيد بأن يأخذ ابن الزبير بالشدة . ولدينا روايتان تختلفان فى بعض التفاصيل ، وتتفقان فيما يخص ابن الزبير ، تقول الأولى : ( أن معاوية لما مرض مرضته التي هلك فيها، دعا ابنه يزيد فقال‏:‏ يا بني إني قد كفيتك الرحلة والرجال‏.‏ ووطأت لك الأشياء، ودللت لك الأعزاء، وأخضعت لك أعناق العرب، وإني لا أتخوف أن ينازعك هذا الأمر الذي أسسته إلا أربعة نفر‏:‏ الحسين بن علي، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن الزبير، وعبد الرحمن بن أبي بكر‏...فأما ابن عمر فهو رجل ثقة قد وقدته العبادة، وإذا لم يبق أحد غيره بايعك‏.‏ وأما الحسين فإن أهل العراق خلفه لا يدعونه حتى يخرجونه عليك، فإن خرج فظفرت به فاصفح عنه، فإن له رحماً ماسة، وحقاً عظيماً‏.‏ وأما ابن أبي بكر فهو رجل إن رأى أصحابه صنعوا شيئاً صنع مثله، ليست له همة إلا في النساء واللهو‏.‏ وأما الذي يجثم لك جثوم الأسد، ويراوغك روغان الثعلب، وإذا أمكنته فرصة وثب، فذاك ابن الزبير، فإن هو فعلها بك فقدرت عليه فقطعه إرباً إرباً‏.‏ ) وفى رواية أخرى (..ولست أخاف عليه من قريش سوى ثلاثة‏:‏ الحسين، وابن عمر، وابن الزبير‏.‏.. فأما ابن عمر فقد وقدته العبادة، وأما الحسين فرجل ضعيف، وأرجو أن يكفيكه الله تعالى بمن قتل أباه وخذل أخاه، وإن له رحماً ماسة، وحقاً عظيماً‏.‏  وقرابة من محمد صلى الله عليه وسلم، ولا أظن أهل العراق تاركيه حتى يخرجوه، فإن قدرت عليه فافصح عنه فإني لو صاحبته عفوت عنه‏.‏ وأما ابن الزبير‏:‏ فإنه خب ضب فإن شخص لك فانبذ إليه إلا أن يلتمس منك صلحاً، فإن فعل فاقبل منه، واصفح عن دماء قومك ما استطعت‏.‏  )

ابن الزبير فى خلافة يزيد بن معاوية

1 ـ كتب يزيد الى واليه على المدينة ( الوليد بن عتبة ) يأمره بإرغام الحسين وابن الزبير على البيعة ، وماطل ابن الزبير فى الذهاب للوالى برغم الالحاح عليه ، ثم تسلل هاربا من المدينة ليلا الى مكة ،. تقول الروايات : ( لما خرج الحسين من المدينة إلى مكة  .. فأقبل حتى نزل مكة وأهلها مختلفون إليه ويأتونه ومن بها منالمعتمرين وأهل الآفاق ، وابن الزبير بها قد لزم جانب الكعبة فهو قائم يصلي عندهاعامة النهار ويطوف ، ويأتي الحسين فيمن يأتيه ولا يزال يشير عليه بالرأي ، وهو أثقل خلقالله على ابن الزبير لأن أهل الحجاز لا يبايعونه ما دام الحسين باقيًا بالبلد‏.‏)

2 ـ بعد مقتل الحسين أعلن ابن الزبير نفسه خليفة وشعاره :(أنا عائذ بالبيت )   وبويع من أهل مكة ، ومنع ابن الزبير عامل يزيد فى مكة من الصلاة بالناس ، فأمر يزيد واليه على مكة (عمرو بن سعيد الأشدق ) أن يرسل جيشا الى مكة ليعتقل ابن الزبير ويوثقه مقيدا . وبدأ عمرو بن سعيد الأشدق بضرب أنصار ابن الزبير بالمدينة ، وأرسل جيشا يقوده عمرو بن الزبير لاعتقال عبد الله بن الزبير ، وكان عمرو بن الزبير يكره اخاه عبد الله بن الزبير وقد قال للأشدق : (لا توجه إليه رجلا أبدا أنكأ له مني ). وتصدى أهل مكة للجيش الأموى فهزموه ، واستجار عمرو بن الزبير بأخيه عبيدة بن الزبير فأجاره ، وذهب به الى عبد الله بن الزبير فأمر عبد الله بن الزبير بضربه بالسياط حتى مات .

3 ـ وباختصار فقد بويع ابن الزبير بالخلافة أياميزيد بن معاوية.  ولما مات معاوية بن يزيد، إنضمت اليه الحجاز، واليمن، والعراق،ومصر، وخراسان، وسائر بلاد الشام إلا دمشق، . ثم تمكن مروان بن الحكم من استرجاع الشام ومصر من نواب ابن الزبير‏.‏ثم جهز السرايا إلى العراق، ومات . وتولى بعده عبد الملك بن مروانفقتل مصعب بن الزبير بالعراق وأخذها‏.‏ثم بعث إلى الحجاج فحاصر ابن الزبير بمكة قريباً من سبعة أشهر حتىظفر به في يوم الثلاثاء سابع عشر جمادى الأولى سنة ثلاث وسبعين‏.‏

صفات ابن الزبير الشخصية

 قال على بن زيد الجدعانى عن ابن الزبير : ( إنه كانت فيه خلال لا تصلح معها الخلافة ، لأنه كان بخيلا ضيق العطاء ، سىء الخلق ، حسودا ، كثير الخلاف . ).

بخل ابن الزبير

1 ـ والبخل أبرز صفات ابن الزبير ، ومن أساب فشله ، فقد كان بنو أمية يشترون الأنصار بالأموال ، وهم أنداد وأكفاء للهاشميين ، وكان الزبير وآله اقل مكانة ، وبالتالى كان على ( ابن الزبير ) أن يعالج هذه الفجوة بين نسبه ونسب الأمويين بأن يكون أكثر كرما منهم فى العطاء يكتسب به الأنصار ، ولكنه لم يفعل ، مع ثرائه الفاحش .

2 ـوكان ابن الزبير يبخل بالأموال التى يحصل عليها من معاوية بينما يتنافس غيره فى إنفاقها. تقول الرواية ‏:‏ ( بعث معاوية إلى الحسن بن علي بمائة ألف فقسمها على جلسائه، وكانوا عشرة، فأصاب كل واحد عشرة آلاف‏.‏ وبعث إلى عبد الله بن جعفر بمائة ألف فاستوهبتها منه امرأته فاطمة فأطلقها لها، وبعث إلى مروان بن الحكم بمائة ألف فقسم منها خمسين ألفاً وحبس خمسين ألفاً، وبعث إلى ابن عمر بمائة ألف ففرق منها تسعين واستبقى عشرة آلاف‏.‏ وبعث إلى عبد الله بن الزبير بمائة ألف فقال للرسول‏:‏ لم جئت بها بالنهار‏؟‏ هلا جئت بها بالليل‏؟‏ ثم حبسها عنده ولم يعط منها أحداً شيئاً‏.‏ فقال معاوية‏:‏ إنه لخب ضبّ، كأنك به قد رفع ذنبه وقطع حبله‏.‏ ) .

3 ـ  وبالاضافة الى ما حصل عليه ابن الزبير من معاوية فقد ورث من أبيه حظّا من الثروة . وكان الزبير ( بليونيرا ) بمقياس عصرنا . ونقل ابن سعد فى الطبقات روايات عن تركة الزبير ، ونعرف منها أن الزبير اشترى بستانا كبيرا (الغابة ) بسبعين ومائة ألف فباعها عبد الله بن الزبير بألف ألف وستمائة ألف. وكان للزبير أربع نسوة فأصاب كل امرأة ألف ألف ومائة ألف. ( فجميع ماله خمسة وثلاثون ألف ألف ومائتا ألف ) ،( اقتسم ميراث الزبير على أربعين ألف ألف ) ( كانت قيمة ما ترك الزبير أحدا وخمسين أو اثنين وخمسين ألف ألف  ) ( كان للزبير بمصر خطط وبالإسكندرية خطط وبالكوفة خطط وبالبصرة دور وكانت له غلات تقدم عليه من أعراض المدينة ‏.‏ )

4 ـ وبخل ابن الزبير كان يصحبه فى حياته ومواقفه ، قبيل موقعة الجمل دخلوا البصرة وأسروا واليها عثمان بن حنيف ، واهانوه وعذبوه بلا جريمة إرتكبها ، وكاوا يقتلونه لولا مخافة أهله من الأنصار . نرى لابن الزبير موقفين يعبران عن بخله : فقد جاء حكيم بن جبلة لانقاذ عثمان بن حنيف واسترجاع المؤن الغذائية المخصصة لقومه وقد استولى عليها أصحاب الجمل ، فرفض ابن الزبير وقال له : (" لا نرزقكم من هذا الطعام ولا نخلي سبيل عثمان بن حنيف حتى يخلع عليا. " قال حكيم : "اللهم إنك حكم عدل فاشهد. "  وقال لأصحابه : " إني لست في شك من قتال هؤلاء فمن كان في شك فلينصرف . " وقاتلهم فاقتتلوا قتالا شديدا. ).  وأكثر من هذا ، تقول الرواية : ( وأراد الزبير أن يعطي الناس أرزاقهم ويقسم ما في بيت المال، فقال عبدالله ابنه : إن ارتزق الناس تفرقوا ).

5 ـ وعيّن عبد الله بن الزبير أخاه مصعب بن الزبير للكوفة وكان فارسا كريما من فتيان قريش ، وهو الذى قتل المختار وسيطر على العراق و ملك البصرة   ووجه المهلب على الموصل والجزيرة وأذربيجان وأرمينية . وارسل مصعب وفدا من أهل العراق لأخيه عبد الله ليعطيهم ويستميلهم فمنعهم ابن الزبير العطاء وأهانهم  . ولم يلبث ابن الزبير أن عزل أخاه مصعب عن العراق وولى مكانه أبنه حمزة حتى لا يأكل مصعب خير العراق وخراسان وحده . وظهر من الوالى الجديد حمق فطلب الأحنف بن قيس زعيم بنى تميم من ابن الزبير عزل ابنه فعزله ، وأعاد مصعب لولاية العراق، وكان ذلك عام 68  .

6 ـ ولم يفارق البخل ابن الزبير وهو تحت الحصار قبيل مقتله . تقول الرواية ( وقدم عليهقوم من الأعراب فقالوا: قدمنا للقتال معك، فنظر فإذا مع كل امرئ منهم سيف كأنه شفرةوقد خرج من غمده، فقال: يا معشر الأعراب لا قربكم الله! فوالله إن سلاحكم لرث، وإنحديثكم لغث؛ وإنكم لقتال في الجدب، أعداء في لخصب. فتفرقوا .) أى طردهم لأنهم جاءوا يقاتلون معه مرتزقة طامعين فى عطائه ، وهو يريد أن يقاتل الناس من أجله بلا أجر !.

7 ـ أكثر من هذا أنه وقت الحصار إشتد الغلاء فى مكة ، ولدى ابن الزبير مخازن الطعام ويبخل بها عن عسكره ، تقول الرواية : ( ولم يزل القتال بينهمدائماً، فغلت الأسعار عند ابن الزبير وأصاب الناس مجاعة شديدة حتى ذبح فرسه وقسملحمها في أصحابه، وبيعت الدجاجة بعشرة دراهم، والمد الذرة بعشرين درهماً، وإن بيوتابن الزبير لمملوءة قمحاً وشعيراً وذرة وتمراً، وكان أهل الشام ينتظرون فناء ماعنده، وكان يحفظ ذلك ولا ينفق منه إلا ما يمسك الرمق، ويقول: أنفس أصحابي قوية مالم يفن.) . لذا تفرق عنه أصحابه مللا منه ، تستمر الرواية تقول : ( فلما كان قبيل مقتله تفرق الناس عنه وخرجوا إلى الحجاج بالأمان، خرج منعنده نحو عشرة آلاف، وكان ممن فارقه ابناه حمزة وخبيب، وأخذا لأنفسهما أماناً. )   

جُبن ابن الزبير

1 ـ يتجلى جبنه أكثر فى خوفه من الخروج للعراق أو للشام للتصدى للأمويين والخوارج . أرسل قادته يحاربون عنه ، وهو متعلق بالبيت الحرام ليأمن على حياته ، وليضع الأمويين فى مأزق : إما أن يتركوه خوفا على حُرمة البيت الحرام ، وإما أن يهاجموه فيقعوا فى جريمة إنتهاك الحرم . ونؤكد مجددا على أن ابن الزبير هو الذى بدأ بانتهاك البيت الحرام حين جعله مركزه الحربى ، ولا بد للمركز الحربى من أن يكون ميدانا للحرب والقصف . إن رب العزة هو الذى أمر أن يكون البيت الحرام مثابة للناس وأمنا ( البقرة 125 ) فعصى الزبير أمر الرحمن وجعل بيت الرحمن قلعة حربية تتعرض للحصار والضرب بالمنجنيق مما سبب حرق الكعبة . ولم يعرف ابن الزبير للكعبة إحتراما ، فحين إنهزم فى مكة إنسحب الى ساحة البيت الحرام ثم الى الكعبة نفسها تقول الرواية  : ( حضرت قتل ابن الزبير ، جعلت الجيوش تدخل عليه من أبواب المسجد فكلما دخل قوم من باب حمل عليهم حتى يخرجهم فبينما هو على تلك الحال إذ جاءته شرفة من شرفات المسجد فوقعت على رأسه فصرعته.)، وإستعمل سقف الكعبة فى الدفاع عن حياته ، تقول الرواية : ( كان على ظهر المسجد جماعة من أعوانه يرمونأعداءه بالآجر فأصابته آجرة من أعوانه من غير قصد من مفرق رأسه ففلقت رأسه ) . أى قُتل من حجر أصابه خطأ من أحد جنوده الذين إعتلوا سطح الكعبة  وانتهك ابن الزبير جوف الكعبة ، تقول الرواية عن عدد القتلى : ( وقتل معه مائتان واربعون رجلا ، منهم من سال دمه فى جوف الكعبة . ).

2 ـ جُبن ابن الزبير يتجلى قبل هذا فى موقعة الجمل التى كان شيطانها . حين أصابته جراحة خفيفة ألقى بين نفسه بين الجرحى وهو يعرف أن جنود ( على ) لا يقتلون الجرحى ، تقول إحدى الروايات عنه  : (.. فجُرح فألقى نفسه في الجرحى فاستُخرج ، فبرأ من جراحته ). كان ابن الزبير ساعتها يمسك بخطام جمل خالته عائشة . نفس الموقف وقف فيه سبعون رجلا من قريش غيره ، كلهم ظل فى موقعه تتكاثر عليه السهام حتى قُتل. أما ابن الزبير فعندما جُرح ألقى بنفسه بين الجرحى لينجو بحياته تاركا خالته عائشة .!!

3 ـ وحين إنفض عنه أبناؤه وأخوته ولم يبق سواه ذهب لأمّه يستشيرها ، هل يسلّم نفسه أم يقاتل ويعرض نفسه للقتل . كان وقتها قد تعدى السبعين وليس طفلا مراهقا ، وكان وقتها قد إرتكب كل الشنائع فى سبيل السلطان ، وبسببه ضاعت حياة عشرات الألوف ، ولعله الوحيد ـ فيما نعرف ـ الذى بعد هذا كله وفى هذا العُمر يقف أمام أمه لتحميه من جُبنه . يكفى أن نتعقل هذه الرواية المشهورة عنه ، ونضعها فى سياقها فى تاريخ ابن الزبير وختام طموحه وحياته : ( فدخل على أمه فقال: يا أماهقد خذلني الناس حتى ولدي وأهلي ولم يبق معي إلا اليسير ومن ليس عنده أكثر من صبرساعة، والقوم يعطونني ما أردت من الدنيا، فما رأيك؟ فقالت: أنت أعلم بنفسك، إن كنتتعلم أنك على حق وإليه تدعو فامض له فقد قتل عليه أصحابك ولا تمكن من رقبتك يتلعببها غلمان بني أمية، وإن كنت إنما أردت الدنيا فبئس العبد أنت أهلكت نفسك ومن قتلمعك، وإن قلت كنت على حق فلما وهن أصحابي ضعفت فهذا ليس فعل الأحرار ولا أهل الدين،كم خلودك في الدنيا! القتل أحسن! فقال: يا أماه أخاف إن قتلني أهل الشام أن يمثلوابي ويصلبوني. قالت: يا بني إن الشاة لا تتألم بالسلخ إذا ذبحت، فامض على بصيرتكواستعن بالله.).

4 ـ وقبل أن يتفرق عنه أبناؤه وأتباعه كان يرفض كل محاولات التسوية ، والتى كان مبعثها الحرص على حُرمة البيت الحرام . ( وقد أرسل عبد الملك رسالة الى الحجاج يقول له فيه : إعط ابن الزبير الأمان على هدر هذه الدماء وحكمه فى الولاية ، فعرضوا ذلك عليه فشاور أصحابه فأشاروا عليه بأن يفعل فقال : لا أخلعها إلا بالموت . ).   

5 ـ ومع هذا فقد وضع السنيون السلفيون أكاذيب فى تمجيد هذا المخلوق الحقير !.