" ما حكم قول باقية ل #الدولة_الإسلامية من غير تقييد لها ب إن شاء الله "
كتبها / أحمد بوادي ــ أبو داود السافري ــ
بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله
أما بعد :
استنكر البعض قول باقية للدولة الإسلامية أعزها الله ، من غير تقييد لها ب " إن شاء الله
أقول :
أولا : هل قول إن شاء الله للوجوب أم الاستحباب
لا أعلم دليلا على وجوبها ولا أعلم مِن أهل العلم من قال بوجوب ذلك ، وأن من ترك قولها أصبح آثما ، فعلى المعترض اثبات صحة قوله ، وقول من ذهب من أهل العلم على وجوب ذلك ودليلهم ، وإلا فلا دليل على صحة كلامه أو اعتراضه ، وممن ذكر الاستحباب النووي رحمه الله في شرح مسلم ، قال رحمه الله : " يستحب للإنسان إذا قال سأفعل كذا أن يقول: إن شاء الله تعالى على جهة التبرك والامتثال " لقول الله تعالى : " ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله " .
ثانيا : هل كل قول يستحب تقييده بقول " إن شاء الله" أم أن من الأقوال ما يخرج من هذا القيد
جاء النهي عن النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم عن قول إن شاء الله في الدعاء عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ : اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي إِنْ شِئْتَ ، اللَّهُمَّ ارْحَمْنِي إِنْ شِئْتَ ، لِيَعْزِمْ فِي الدُّعَاءِ فَإِنَّ اللَّهَ صَانِعٌ مَا شَاءَ لَا مُكْرِهَ لَهُ . رواه البخاري
كما أن قول إن شاء الله في أمر مضى وتحقق لا يصح القول فيه إن شاء الله كأن تقول اشتريت كتابا بالأمس إن شاء الله ، فقد تحقق شراؤك للكتاب ولم يكن إلا بمشيئة الله ، ومن أراد المزيد والتفصيل فعليه بمظانها فليس هذا محله
ثالثا : قول المرء إن شاء الله فيما يخبرعن نيته
قال صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم : " لأعطين الراية غدا رجلا يحبه الله ورسوله " ولم يقل صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم إن شاء الله . قال ابن عثيمين رحمه الله : " في هذا الحديث دليل على أن الإنسان له أن يقول سأفعل كذا إخبارا عما في نفسه لا جزما بأن يفعل لأن المستقبل له الله لكن إذا أخبرت عما في نفسك فلا حرج " وأكتفي بهذا المثال
رابعا : ما كان اخبارا عن وعد الله هل يقول فيه إن شاء الله
قال تعالى : " وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ "
قال ابن كثير في تفسيره : " هذا وعد من اللّه تعالى لرسوله صلوات اللّه وسلامه عليه بأنه سيجعل أمته خلفاء الأرض، أي أئمة الناس والولاة عليهم، وبهم تصلح البلاد، وتخضع لهم العباد، وليبدلنهم من بعد خوفهم من الناس أمناً وحكماً فيهم " انتهى كلامه
ويقول صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم : " إن اللّه زوى لي الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها، وسيبلغ ملك أمتي ما زوي لي منها " ولم يقل صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم إن شاء الله لأن هذا من وعد الله لعباده والله تعالى يقول : " وَمَنْ أَوْفَىٰ بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ " وقال تعالى : " ومن أصدق من اللّه حديثا " وقال تعالى : " ومن أصدق من اللّه قيلا "
فإن الله قد قضى لعباده بنصرتهم والتمكين لهم وبقائهم ما أقاموا دين الله عز وجل ونصروه قال الله تعالى : " ولينصرن الله من ينصره "
قال الإمام أحمد عن أبي بن كعب قال، قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: " بشِّرْ هذه الأمة بالسنا والرفعة والدين والنصر والتمكين في الأرض، فمن عمل منهم عمل الآخرة للدنيا لم يكن له في الآخرة نصيب "
وقد قيل " ماكان لله يبقى " فمتى كان الإخلاص وصحة العمل كان البقاء والتمكين بوعد الله لعباده المؤمنين ،
وإن الدولة الإسلامية ما قامت إلا لنصرة المستضعفين ، ومناصرة المؤمنين ، وإقامة الدين ، ومعادة المشركين ، وعقد ولاء والبراء لرب العالمين ، فما قامت الدولة الإسلامية إلا على اشلاء المجاهدين من الأنصار والمهاجرين الذي ما خرجوا ولا قاتلوا إلا من أجل اعلاء الدين ، ولا نقول هذا إلا ظنا منا واعتقادا بما رأيناه من أقوالها وأفعالها ، التي نصرت الدين وحاربت الروافض والمشركين ، فما كان من أعدائها إلا محاربتها والعمل على تشويه صورتها، ورميها عن قوس واحده ، وتوظيف عملاء السلاطين وأشباههم للهجوم عليها وبث الشبهات حولها
ولو نظرنا إلى من يحاربها ويكيد لها ، ويثير حولها الشبهات ، ويؤلب عليها ، ويبذل قصارى جهده لشق صفها وكسر شوكتها وتحريض الجماعات الأخرى ضدها ، لا يحاربها لشيء إلا لصفاء ونقاء وصحة منهجها ، ولذلك لا تجد هذا العداء من ملة الكفر ومن والاهم لغيرها من الجماعات كما هو لها ، كما أن الناظر لغيرها من الجماعات يرى أن منهجهم مشوب بأجندات وإملاءات وتبعات مشبوهة لا ترتقي لصفاء منهجها وعقيدتها التي تنهله من منبعها الأصلي بما كان عليه سلف الأمة في قرونها الخيرية
فبقاؤها ليس بقول أحد من الناس وإنما بوعد الله لعباده المؤمنين ، الذين يقيمون دينه ، ونحن ما علمنا عن دولة الإسلام إلا أنها تقاتل من أجل دين الله وإقامة شرعه لذلك فإن قولنا :
بااااقية ، بااااقية ، بااااقية
لا يلزم اقترانها بقولنا " إن شاء الله " لأننا نرى ونعتقد فيها أنها ماقامت إلا من أجل الله ، وماكان لله يبقى ، ولله الأمر من قبل ومن بعد .
خامسا : إن قلنا باستحباب قول إن شاء الله واقترانها بقولنا بااااقية :
فهل يلزم القائل ب " إن شاء الله " أن يرفع صوته بها حتى يسمع غيره
أو أن كاتبها يلزمه كتابتها حتى يقرأها غيره
كل هذا لا يلزم ولا وجه للمعترض الزام قائلها برفع صوته ليسمعها أو يكتبها ، ولو قالها على سبيل الخفية أو الهمس من غير أن يسمع فكل ذلك معتبر وأقول :
بااااقية ، بااااقية ، بااااقية