JustPaste.it

تعليق على

إعلان افتتاح فرع للقاعدة في شبه القارة الهندية

 

بقلم د. هاني السباعي

hanisibu@hotmail.com

مدير مركز المقريزي للدراسات التاريخية

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعد.

يتساءل البعض عن سر توقيت إعلان الشيخ د. أيمن الظواهري عن فرع جديد لقاعدة الجهاد في شبه القارة الهندية! ولماذا لم يعلق الدكتور أيمن على إعلان تنظيم الدولة الخلافة! وأحدهم يسأل لماذا استنكرت قيادة القاعدة تمدد تنظيم الدولة في الشام وها هي ذي القاعدة تتمدد في شبه القارة الهندية؟!.

أقول وبالله التوفيق:

في البداية قبل الولوج في التعليق أود أن أؤكد على أنني لست منتمياً لأي تنظيم أو جماعة فلست منتميا للقاعدة ولا للنصرة ولا الدولة ولا لغيرهم؛ أقول ذلك حتى لا يفهم فاهم خطأ، ويحمل كلامي على محمل لا يحتمله! فأنا أوصف واقعاً ولست بصدد مدح أو قدح؛ إنما تعليقي على البيان مجرد اجتهاد شخصي يحتمل الصواب والخطأ.

ومن منطلق هذه التقدمة أستعرض تعليقي المختصر عبر النقاط التالية:

أولاً: أصدرت مؤسسة سحاب بتاريخ 7 ذي القعدة 1435هـ الموافق 3 سبتمبر 2014 م إصداراً خاصاً بمناسبة وحدة صفوف المجاهدين في شريط مرئي وصوتي عبر وسائل الإعلام بإعلان الدكتور أيمن الظواهري افتتاح فرع جديد في شبه القارة الهندية بكلمة مسجلة مرئية ومسموعة.

ثانياً: ضم الشريط كلمة للشيخ أسامة محمود المتحدث الرسمي لقاعدة الجهاد في شبه القارة الهندية.

ثالثاً: ضم الشريط آيضاً كلمة للشيخ عاصم عمر أمير جماعة قاعدة الجهاد في شبه القارة الهندية.

رابعاً: الإعلان عن هذا الكيان ليس وليد يوم وليلة؛ بل كان ثمرة جهد ونقاش ومشاورات وعمل متواصل منذ أكثر من سنتين لتشكيل مجموعاتٍ جهاديةٍ وصهرها في بوتقة جهادية واحدة؛ جماعات لها تاريخٌ طويلٌ في الجهادِ والقتال في شبه القارة الهندية؛ في بورما وبنجلاديش وآسام وكجرات وأحمد آباد وكشمير وباكستان وفيتام والفلبين وأندونسيا وغيرها، في كيان واحد كما صرح بذلك الدكتور أيمن في كلمته المذكورة.

أقول: وفي هذا رد على بعض المحللين الذين زعموا أن توقيت إعلان هذا الكيان خشية تغلغل تنظيم الدولة ومنافسته لقاعدة الجهاد في شبه القارة الهندية بل وفي أفغانستان!! وهذا زعم مخالف للواقع فالعمل على تشكيل هذا الكيان كان وتنظيم الدولة في ذلك الوقت لا يزال تابعاً وفرعاً لتنظيم القاعدة.

خامساً: هذا الكيان يعتبر أضخم وأكبر فرع لقاعدة الجهاد على مستوى العالم حيث صهرعدة جماعات وكيانات تعدادها بعشرات الآلاف في كيان واحد تحت قيادة واحدة بقيادة الدكتور أيمن كأمير تنظيم قاعدة الجهاد؛ وليس هذا وحسب بل إن هذا الكيان الضخم يعتبر نفسه من أجناد الإمارة الإسلامية للملا محمد عمر.

أقول: وهذا هو الفارق الكبير بين تمدد قاعدة الجهاد الذي تم بالمشاورة والمثابرة بين جماعات كبيرة وصغيرة متعددة في شبه القارة الهندية على مدار أكثر من سنتين حيث اتفقت طواعية مختارة وبإرادة حرة بدون إكراه وتهديد ووعيد! كما فعل تنظيم الدولة بوجوب البيعة وإلا رصاصة في الرأس أو طلقة سويداء القلب! حيث أعلن تنظيم الدولة تمدده، وسيطرته على العراق والشام بدون إذن أميره في القاعدة والدعوة لتوحيد الجماعات بالعراق والشام دون إرادتهم ومشورتهم، وإرهابهم وإكراههم على الانضواء تحت رايتهم وإجبارهم على بيعة تنظيم الدولة ولخلافتهم التي أعلنوها!. شتان بين الموقفين! موقف جماعات توحدت وانصهرت طائعة في كيان واحد!، وبين تنظيم متمرد متغطرس اغتر بقوته وسعى لتوحيد الجماعات بالمفخخات وقطع الرؤوس واغتيال القادة! لا وجه للمقارنة البتة!.

سادساً: الهدف من هذا البيان كما ذكر الدكتور أيمن أنه كيان نشأ لنشر دعوة الشيخ أسامة بن لادن رحمه الله بدعوة الأمة للتوحد حول كلمة التوحيد لجهاد أعدائها وتحرير أراضيها واستعادة سيادتها وإحياء خلافتها. أقول: هذه إشارة صريحة إلى عدم اعتراف قيادة القاعدة بخلافة البغدادي.

سابعاً: بيان الكيان الجديد أشبه بميثاق جهاد وأخلاق وعمل وتطمين للشعوب الإسلامية بعظمة تطبيق الشريعة، والتركيز على نبذ الخلاف بين الحركات الإسلامية والالتحام بالحضانة الشعبية والتودد للجماهير، وحسن معاملتهم وأنهم خدم لهذه الشعوب.

اقول: وهي رسالة غير مباشر لأسلوب تنظيم الدولة المنفر للشعوب في العراق والشام.

ثامناً: هذا البيان من أفضل وأجمع وأحكم بيانات قاعدة الجهاد؛ حيث شدد على عدة قضايا هامة تتناغم وتنظيم القاعدة منذ نشأته؛ مثل التركيز على ديمومة الصراع مع قوى الاستكبار المحتلة للعالم الإسلامي، وإعلان راية الجهاد كحل وحيد لاستعادة كرامة المسلمين، والتأكيد على نبذ الديمقراطية وفشلها وفشل المشروع العلماني، ولأول مرة تذكر قضية كرامة المرأة وحقوقها بهذه الصراحة رغم أن تنظيم القاعدة كان يكتفي من قبل بذكر الشريعة الإسلامية التي تحمي الجميع الرجل والمرأة!. ولكن هذا التأكيد والتصرح على مكانة المرأة في خطاب القاعدة لكي يقطع الطريق على المشوهين للقاعدة بأنها عدو للمرأة فجاء ذكر المرأة في خطاب القادة ليقضي على هذه الوساوس العلمانية التي تتربص الدوائر بالخطاب الإسلامي ودعاة تحكيم الشريعة الإسلامية.

تاسعاً: وجه البيان خطاباً لليهود وتذكيرهم بأن الإسلام هو الذي حماهم، ودافع عنهم وآواهم من بطش أعدائهم في الأندلس وأوروبا وغيرها من البلدان التي فتحها المسلمون.

عاشراً: وجه البيان خطاباً للهندوس وللطوائف غير المسلمة بالهند باعتبار أن الفرع الجديد يخوض صراعاً معهم وتذكيرهم بمآثر الإسلام وفضله عليهم عبر الحقب التي حكم فيها المسلمون الهند.

حادي عشر: التركيز على الرحمة بالشعوب الإسلامية والتعامل معهم بالحسنى والدعوة لتعليمهم أمور دينهم بالتي هي أحسن والتلاحم معهم وعدم تنفيرهم من الشريعة.

أقول: وهذا ما يفتقده خطاب تنظيم الدولة وممارساتها على الأرض مع الشعوب الإسلامية في العراق والشام.

ثاني عشرً: البيان دعا إلى مد يد العون والإخلاص للجماعات الجهادية العاملة في شبه القارة الهندية كما جاء بالنص في البيان: "وبهذه المناسبةِ نمدُّ يدَ الإخلاصِ والتعاونِ على الخيرِ لكافةِ الحركاتِ الجهاديةِ المتواجدةِ في هذه الساحةِ، ونؤكدُ لهم أن عَلاقَتنا مبنيَّةٌ على المحبةِ والأخوةِ والتعاونِ على البرِ والتقوی، وستجدون إن شاء الله أن جماعة قاعدةِ الجهادِ بشبه القارة الهندیة سبب في تقويتِكم ونصرتکم بحولِ اللهِ تعالى" أقول: هذه بادرة طيبة لتجنب الأخطاء الفادحة التي وقع فيها تنظيم الدولة وحروبه مع الجماعات الإسلامية في العراق والشام.

ثالث عشر: التأكيد على احترام علماء الأمة وأنهم خدم لهؤلاء العلماء والإشادة بهم وبمن استشهد منهم تحت راية التوحيد والجهاد. جاء في البيان: "و بهذه المناسبةِ نؤكدُ لعلمائِنا الكرامِ ودعاةِ دينِنا الحنیف أننا أبناؤكم وتلامذتكم"أهـ .. ويقول عن العلماء أيضاً: "الدفاعُ عنكم ونصرتکم من أولی واجباتِنا، وخدمتُكم سعادةٌ لنا، وإعادةُ سیادة علومِ الشرعِ على المجتمعِ أُولَى الخطواتِ لتصحيحِ المسارِ في اعتقادِنا. نحن في حاجةٍ لتوجيهاتِكم"أهـ.

أقول: هذه رسالة إعادة الاعتبار للعلماء بعد أن أهدرها وأهانها تنظيم الدولة.

لماذا يذكر الدكتور أيمن خلافة البغدادي في بيانه:

رابع عاشر: أما لماذا لم يذكر الدكتور أيمن وقائدا فرع القاعدة في شبه القارة الهندية على إعلان تنظيم الدولة الخلافة بقيادة البغدادي!

أقول: أعتقد أنهم ردوا ردا عملياً قاطعاً الشك باليقين؛ لقد ذكروا أنهم يسعون لإعادة الخلافة على منهاج النبوة! ومعنى ذلك عدم اعترافهم بخلافة البغدادي وتجاهلهم لها! وأنها خلافة باطلة! بل إن القائدين؛ أسامة محمود، وعاصم عمر؛ جددا بيعتهما للشيخين الدكتور أيمن والملا عمر؛ حيث ذكر المتحدث باسم قاعدة الجهاد في شبه القارة الهندية أسامة محمود:

"وبهذه المناسبةِ، يجددُ مجاهدِو "جماعةِ قاعدةِ الجهادِ في شبه القارة الهندية" بيعتهم لأميرِهم الکریم الشيخِ أيمنٍ الظواهري حفظه الله، وعن طریقه یجددون بیعتهم لأميرِ المؤمنين الملا محمد عمر مجاهد نصره الله، وهنا نؤكد لأميرِنا أمیر المؤمنين أننا نعتقدُ أن الدفاعَ عن الإمارةِ الإسلاميةِ في أفغانستانَ من أولى واجباتنِا، وبحولِ اللهِ لن نتهاونَ في التضحيةِ من أجلِ الحفاظِ عليها ودعمِها بكلِ ما نملك"أهـ.

أقول: فهذا قول قاطع بتجاهل خلافة البغدادي وعدم شرعيتها.

وفي نفس السياق يؤكد الشيخ عاصم عمر أمير قاعدة الجهاد بشبه القارة الهندية: "وبهذه المناسبة نجدد البيعة لأمير جماعة قاعدة الجهاد الشيخ أيمن الظواهري حفظه الله، وبواسطته نجدد البيعة كذلك لأمير المؤمنين الملا محمد عمر مجاهد حفظه الله بأننا على السمع والطاعة في كل معروف، وأننا سنحافظ علی أسرار المسلمين، وأننا ماضؤن على درب القتال في سبيل الله لإحياء الخلافة الاسلامية علي منهاج النبوة"أهـ.

أقول: نلاحظ التأكيد في بيان قيادة القاعدة على عبارات تجديد البيعة للدكتور أيمن والملا عمر؛ ومعنى هذا أنهم لا يعترفون بخلافة البغدادي وبيعته! .. وعبارة "الجهادُ لأجلِ إحياءِ الخلافةِ على منهاجِ النبوةِ" ثم عبارة: "خلافةٍ تضُّمُ بين جناحَيْها الأمةَ بأسرِها"، وعبارة: "خلافةٍ تصونُ أنفسَ المسلمين وأموالَهم وأعراضَهم"، وفي هذا إشارة لإسراف تنظيم الدولة في دماء المسلمين!.. وعبارة: "خلافةٍ يعتز فيها الأمراءُ بقربهم من العلماءِ الصادقین ويسيرون وِفقَ توجیهاتهم"،..

أقول: هذه الجمل ليست خبط عشواء! بل اختيرت بعناية بغية إعادة الاعتبار لمقام الجهاد والخلافة؛ فالخلافة رحمة وجنة للأمة بأسرها!.

الخلافة حفظ للأنفس وصيانة للدماء والأعراض! وليست خلافة لترويع المؤمنين وإرهابهم كما في بيان إعلان خلافة البغدادي في 1 رمضان 1435هـ! كما نلاحظ أنه لا يوجد في بيان قاعدة الجهاد عبارات توزيع الطلقات في الرأس والصدر والتهديد والوعيد والويل والثبور لمن بايع وانشق أو من لم يبايع!.

خلافة يعتز فيها الأمراء مهما كانت قوتهم بقربهم من العلماء الصادقين والسير وفق توجهاتهم!.. فهذه كلمات نسجت بإحكام لحفظ مقام العلم والعلماء الصادقين، وصواعق مرسلة على بيانات ومماراسات تنظيم الدولة واستخفافهم بمقام العلماء من أهل السنة خاصة الذين لم يغيروا ولم يبدلوا.

خامس عشر: الغرض من إعلان هذا الكيان الدعوة لإنشاء "مجتمعٍ إسلاميٍّ يؤخذُ فيه على يدِ الظالمِ، ويُنصرُ فیه المظلومُ وإن كان كافرا"أهـ.

أقول: الدعوة لإعلان مجمتع إسلامي متكامل، يحكم بالعدل وينصر المظلوم وإن كان كافراً! وليست هذه العبارة بدعاً من القول بل إنها إعادة تأكيد حقيقة جوهر الإسلام الذي جاء بالعدل، ورفع الظلم ونصر المظلومين وأنصفهم ولو كانوا كافرين.

سادس عشر: "مجتمعٍ تحظى فيه المرأةُ بالاحترامِ والتقديرِ، مجتمعٍ يَخفضُ فيها الأولادُ أجنحةَ الذلِ لآبائِهم، مجتمعٍ تَنعمُ فيه البيوت والأسر بالطمأنينةِ والراحةِ.

أقول: لأول مرة تفرد جماعة جهادية العناية بالمرأة والأسرة والأولاد بهذا الوضوح، والتفصيل مع العلم أن الدكتور أيمن في حواراته المطولة مع مؤسسة سحاب أسهب في التأكيد على مكانة المرأة والأسرة عند ذكره لمحاسن الشريعة لكن نظراً لأن هذه حوارات مطولة قد لايلتفت إليها إلا البعض وربما يمر عليها الكثير مرور الكرام! لكن أن يذكر موضوع احترام المرأة في مثل هذا البيان الذي يتكلم عن قواعد عامة فيعني أن قاعدة الجهاد تقدم نفسها كمشروع إسلامي متكامل قابل للتطبيق لا خوف على مكانة المرأة والأسرة بأسرها من الحكم بالشريعة الإسلامية.

صفوة القول

البيان طرح مشروعه وقدم كيانه الجديد في شبه القارة الهندية بعبارات محكمة سهلة تقطر رحمة وعزة وكرامة وتواضعاً؛ مع شعوبهم، والتعاون مع الجماعات الإسلامية العاملة في العالم الإسلامي، ووالدعوة إلى نبذ الخلاف، وشمولية الطرح مع سهولة فهم قضية الإسلام للشعوب الإسلامية وللعالم بأسره؛ فتحرير بلاد المسلمين كعنوان رئيس؛ قضية سهلة يفهمها عموم المسلمين، وكذلك قضية تحكيم الشريعة في كافة المناحي الحياتية وهي العمود الفقري لكل الجماعات الإسلامية، ولاسيما الجهادية منذ نشأتها ودعوتها. وتسليط الضوء على فشل المنظومة الديمقراطية وضياع العالم الإسلامي تحت نير الديمقراطية العلمانية. فالبيان رغم أنه صيع بعبارات موجزة إلا أن مفاده أنه لا كرامة للمسلمين إلا بعودة شريعتهم حاكمة بلادهم، ولا عودة للشريعة وتحرير بلاد الإسلام إلا بالجهاد، أما الحلول الأخرى فحديث خرافة!!.. أحسب هكذا يفكر قادة تنظيم القاعدة، وهكذا يقدمون أنفسهم ودعوتهم ورسالتهم للأمة!!.

وفي الختام كل ما سبق كان مجرد قراءة عاجلة حول إعلان إنشاء فرع جديد لجماعة قاعدة الجهاد في شبة القارة الهندية.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

مركز المقريزي للدراسات التاريخية

13 ذو القعدة 1435هـ الموافق 8 سبتمبر 2014

 http://www.almaqreze.net/ar/news.php?readmore=2517