الشرع الحكيم لا يأمركم بذلة نفوسكم ولا بمهانة كرامتكم ..
الشرع الحكيم لا يطالبكم بالإبقاء على علاقات مؤذية مستنزفة، لم تر حياتكم الخير إلا يوم ابتعدتم عن أصحابها !
أولئك الذين آذوكم وظلموكم، تعمدا وإصرارا وترصدا، وما زالوا .. لا تجب عليكم مسامحتهم؛ إن أردتم أن تؤجل القضية لمحكمة القيامة !
الشرع لا يناقض الفطرة، ولا يحمل أتباعه فوق طاقتهم البشرية ..
القرآن أمر أبا بكر -رضي الله عنه- بالعفو صراحة عن مسطح !
أليس كذلك ؟!
هل يعقل أن القرآن كان سيأمر بهذا العفو إن كان ما زال مصرا على افترائه على الصديقة بنت الصديق ؟!
أم كان هذا بعد أن تاب لله ورسوله .. بل وأقيم عليه حد القذف ؟!
العفو العام هو الدرجة الأعلى والأكمل بلا شك .. لكن لا يلزم به كل الناس .. كالرضا والصبر مثلا.
من لم يطقه (خاصة مع استمرار الظلم والإصرار عليه) = فمن التقول على شرع الله أن نطالبه به.
ثم المسامحة أصلا لا تعني دوما عودة العلاقات كما كانت .. مؤذية مستنزفة من جديد ..
سامحتك وأحب لك الخير .. لكن من بعيد.
إنما الشأن في العفو عمن اعتذر وطلب عفوكم .. عمن أخطأ ثم اعترف بحقكم .. هذا في العفو عنه الأجر والقربى، ولو بقيت مرارة الأذى !
راجين بذلك عفو الله .. كما نخطئ في حقه، ونعود معتذرين ..
فعاملوا إخوانكم بما تحبون أن يعاملكم الله به.
فرقوا بين من يستحق العفو، ولو لوجه الله فقط .. وبين من يجب البعد عنه ومفارقته، بل والاحتفاظ بحق القصاص .. بلا هوان ولا شطط.
والمهم في كل ذلك ألا تحبسوا قلوبكم في رغبة الانتقام .. ميزان الله عدل لا يظلم، والدنيا ليست دار استيفاء؛ الدنيا دار ابتلاء ..
لا تنشغلوا بعاقبة الظالمين .. قدر انشغالكم برجاء صلاح حالكم، وعوض رب العالمين.
اللهم عفوك وعافيتك .. آمين.
قطوف من الأسك