﷽
فصلٌ [ في فوائدِ غضِّ البصرِ ]
وفي غضِّ البصرِ عدَّةُ فوائد :
• أحدُها : تَخليصُ القلبِ من ألمِ الحَسرَةِ ، فإنَّ مَن أطلَقَ نظرَه دامَتْ حَسرَتُه ، فإنَّه يُريهِ ما يشتَدُّ طلبُه ولا صبرَ له عنهُ ولا وصولَ له إليه
وقال الشاعرُ :
سَمَـاعًا يا عِبادَ اللهِ مِنِّـي
وكُـفُّوا عن مُلاحظَـةِ المِـلاحِ
فإنَّ الحُـبَّ آخِـرُه المَــنايا
وأوَّلُـــه شَــبيــهٌ بالمُـــــزاحِ
وقال آخر :
أنا ما بيـنَ عدُوَّيْـــنِ هُــما : قلبــي وطَرفــي
ينظُرُ الطَّرْفُ ويَهْوى القلبُ والمَقصودُ حَتْفِي
• الفائدةُ الثانية : أنَّهُ يورِثُ القلبَ نورًا وإشراقًا يظهرُ في العينِ وفي الوجهِ وفي الجَوارِح
• الفائدةُ الثالثة : أنَّه يورِثُ صحَّة الفِراسة فإنَّها من النورِ ، وإذا اسْتَنارَ القلبُ صحَّتِ الفِراسةُ . والله سبحانه وتعالى يَجْزي العبدَ على عمَلِه بما هو من جِنسِه ، فمن غضَّ بصرَهُ عن المحارِم عوَّضَهُ الله سبحانَه وتعالى إطلاقَ نورَ بَصيرَتِه ، فلما حبسَ بصرهُ لله أطلقَ الله نورَ بصيرَتِه ، ومن أطلقَ بصرَه في المحارمِ حبسَ الله عنه بَصِيرَتَه
• الفائدة الرابعة : أنَّه يفتحُ له طُرق العلم وأبوابَه
• الفائدةُ الخامسة : أنَّه يُورِثُ قوَّةَ القلبِ وثباته وشجاعتَه
• الفائدةُ السادسة : أنَّه يورِثُ القلبَ سُرورًا وفرحةً وانشِراحًا أعظمَ من اللذةِ والسرورِ الحاصلِ بالنظرِ ، كما قال بعضُهم : واللهِ لَلَذَّةُ العِفَّةِ أعظمُ من لذَّةِ الذنبِ
• الفائدةُ السابعة : أنَّه يُخلِّصُ القلبَ من أسرِ الشَّهوة ، فإنَّ الأسيرَ هو أسيرُ شهوتِه وهواه
• الفائدةُ الثامنة : أنَّه يسُدُّ عنهُ بابًا من أبواب جهنم
• الفائدة التاسعة : أنَّه يُقَوِّي عقلَه ويزيده ويثبِّته ، فإن إطلاقَ البصرِ وإرسالَه لا يحصل إلا من خِفَّةِ العقلِ وطيْشِه وعدمِ ملاحظتِه للعواقبِ
• الفائدةُ العاشرة : أنَّه يُخلِّصُ القلبَ من سكرةِ العشقِ ، وسكرُ العشقِ أعظمُ من سكر الخمرِ ، فإنَّ سكران الخمر يفيقُ ، وسكران العشق قلَّما يفيقُ
وفوائدُ غضِّ البصرِ وآفاتُ إرسالِه أضعافُ أضعافِ ما ذكَرْنا ، وإنَّما نبَّهْنا عليه تنبيهًا ، والله الموَفِّقُ .
- بتصرُّف -
[ روضةُ المحبِّين || صـ ١٠٢ ← ١٠٨ ]
? واحةُ العلمِ