JustPaste.it

﷽  

القواعِدُ الأربعةُ

اعلَم أرشدَك الله لطاعته أنَّ الحنيفية ملةُ إبراهيم أن تعبد الله وحدَه مُخلِصًا له الدين ، كما قال تعالى : ﴿ ومَا خلَقتُ الجنَّ والإنسَ إلا ليَعبُدون ﴾ ، فإذا عرفتَ أنَّ الله خلقك لعبادته فاعلم أنَّ العبادة لا تسمى عبادةً إلا مع التوحيد ، فإذا دخلَ الشركُ في العبادةِ فسدت كالحدَثِ إذا دخلَ في الطهارةِ ، فإذا عرفت أنَّ الشركَ إذا خالط العبادة أفسدَها وأحبطَ العمل عرفتَ أنَّ أهم ما عليك معرفة ذلك ، لعل الله يُخلصك من الشرك به الذي قال فيه : ﴿ إنَّ الله لا يَغفِرُ أن يُشرَك بهِ ويغفِرُ ما دونَ ذلك لِمَن يشاءُ ﴾ وذلك بمعرفةِ أربع قواعد ذكرها الله تعالى في كتابه .

● القاعِدةُ الأولى :

أن تعلَمَ أنَّ الكفَّارَ الَّذينَ قاتلَهُم رسولُ الله ﷺ مُقِرُّونَ بأنَّ الله تعالى هو الخالِقُ المُدَبِّر وأنَّ ذلك لم يُدخِلهمْ في الإسلامِ .

والدليلُ قولُه تعالى : ﴿ قُلْ مَن يَرزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ والأرْضِ أمَّنْ يَملِكُ السَّمْعَ والأَبْصٰرَ وَمَن يُخرِجُ الحيَّ من الميِّتِ ويُخرجُ الميِّتَ مِنَ الحيِّ ومَن يُدبِّرُ الأمرَ فسَيَقولون اللهُ فقُلْ أفلا تتَّقُون ﴾.

● القاعِدةُ الثَّانيةُ :

أنَّهم يقولون : ما دعَوْناهُم وتوجَّهْنا إليهم إلا لطلبِ القُربةِ والشَّفاعة .

فدليل القُربة : قوله تعالى : ﴿ والَّذينَ اتَّخَذُوا مِن دونِه أولِياءَ ما نَعبُدُهم إلا لِيُقَرِّبُونا إلى الله زُلْفَى ﴾

ودليلُ الشَّفاعةِ : قوله تعالى : ﴿ ويَعبُدونَ من دونِ الله ما لا يضُرُّهم ولا ينفعُهم ويقولون هؤلاءِ شُفَعاؤُنا عندَ الله ﴾

والشَّفاعةُ شَفاعَتانِ :

١- شفاعةٌ منفيَّةٌ : وهي ما كانت تُطلَبُ من غير الله فيما لا يقدِرُ عليه إلا الله . ودليلُها : ﴿ يا أيُّها الذينَ ءامَنوا أنفِقُوا مما رزقناكُم من قبلِ أن يأتِيَ يومٌ لا بيعٌ فيه ولا خُلَّةٌ ولا شَفاعَة ﴾

٢- شفاعةٌ مُثبَتَة : وهي التي تُطلَبُ من الله ، والشَّافِعُ مُكْرَم بالشفاعة ، والمَشفوعُ له من رضي الله قولَه وعملَه بعدَ الإذنِ ، كما قال تعالى : ﴿ مَن ذا الذي يشفَعُ عِندَهُ إلا بإذنِه ﴾.

● القاعِدةُ الثالثةُ :

أنَّ النبي ﷺ ظهرَ على أناسٍ متفرِّقينَ في عباداتِهم : منهم من يعبد الملائكة ، ومنهم من يعبد الأنبياء والصالحين ، ومنهم من يعبد الأشجار والأحجار ، ومنهم من يعبد الشمس والقمر .
وقاتَلهم رسول الله ﷺ ولم يفرِّق بينهم .

والدليلُ قولُه تعالى : ﴿ وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّىٰ لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِله ﴾

* دليلُ الشمسِ والقمر قولُه تعالى : ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ ۚ لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ ﴾

* ودليلُ الملائكة قوله تعالى : ﴿ وَلَا يَأْمُرَكُمْ أَن تَتَّخِذُوا الْمَلَائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا ﴾

* ودليلُ الأنبياءِ قوله تعالى : ﴿ وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَٰهَيْنِ مِن دُونِ اللَّهِ ۖ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ ۚ إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ ۚ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ ۚ إِنَّكَ أَنتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ ﴾

* ودليلُ الصالحينَ قولُه تعالى : ﴿ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَىٰ رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ ﴾

* ودليلُ الأشجارِ والأحجارِ قوله تعالى : ﴿ أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّىٰ * وَمَنَاةَ الثالثةَ الأُخرى ﴾.

● القاعِدةُ الرابعةُ :

أنَّ مُشرِكي زماننا أغلَظُ شركًا من الأوَّلين ، لأنَّ الأوَّلينَ يُشرِكُونَ في الرَّخاءِ ويخلصون في الشِّدة ، ومشركو زماننا شركهم دائمٌ في الرخاءِ والشدة .

والدليلُ قولُه تعالى : ﴿ فإذا رَكِبُوا في الفُلْكِ دعَوُا الله مُخلِصينَ لهُ الدِّينَ فلمَّا نجَّٰهُمْ إلى البَرِّ إذا هم يُشرِكُون ﴾.

تمَّتْ ، وصلى الله على محمد وآله وصحبِه وسلَّم .


واحةُ العلمِ ?