JustPaste.it

( التوق إلى الفراق )

 
في صحيح مسلم أن الشيطان وضع عرشه على البحر ويبعث جنوده وأحظى جنوده عنده من يفرّق بين زوجين .. ما يجري على ألسنة بعض المتزوجين من ذم الزواج ومشقة مسؤولياته هو أداء دور الشيطان وتحقيق لهدفه من حيث لا يشعر إن لم يكن من أجراها على لسانه .
 
الزواج ميثاق غليظ يحب الله وجوده ولذلك تجد الشيطان يمارس سحر التزيين للمحرّم ويبغّض الحلال في قلبه وعينه وكلما كان الشيطان قويا على الشخص كان تزيينه أشد وتبغيضه للحلال أمكن .
 
هذا الرباط رباط الزوجية أصبح اليوم أكثر ما يكون مهددا للقطع لكثرة الشياطين وقوة تأثيرها فيريد أن يحرمك السكن النفسي والقرار الروحي بأي سبيل ممكن ومن أكبر أسباب الطلاق حضور ( الأنا ) وقيام مبدأ الأنانية التي هي وجه من وجوه التخلي عن المسؤولية .
 
( سحر التزيين ) لمظهر الرجل والمرأة أطاح بالنفسية التواقة للزواج لوجود المقارنات .. فتجد الرجل أو المرأة لا يغضان البصر ويعبثان في أجساد كل من دب ودرج فيضعف عنصر الشوق للزوجية لوجود الفوارق .
 
وأيضا وجود ( حب الذات المسرف = الأنا ) واكتفاء كل فرد بنفسه وخصوصيته التافهة في تملكه لجهاز النقال وحساب في تويتر وكوب قهوة خاص به وكل شيء خاص به ولّد أنانية حادّة يستطيع أن يضحي في سبيلها رباط الزوجية ( أهم شيء أرتاح وأعيش حياتي ) .
 
الزواج له ماهيّة جميلة جدا واستقرار رائق وبلسم راحة مفعم بالهدوء والسكينة واللذة النفسية والجسدية وجميع مشاكله لا تتجاوز ١٠ بالمئة إذا كان الزوجان متفاهمين وبينهما مبادىء زوجية راسخة .
 
لذلك جعل الله من نعيم الجنة الزواج ( وزوجناهم بحور عين ) لأن عين الزوجة وقلبها لك لا لغيرك بخلاف العلاقات المحرمة العابرة التي تعتبر قضاء لحظي لشهوة متجددة خاوية المشاعر ومتصحرة من الأنفاس الحانية والقلب المحب .
 
وعامة العلاقات ( المعاكسات ) هي تزيين شيطاني ينفخ في بؤبؤ عينك جمالا هو في زوجتك أصلا ولكن لذّة الحرمان والفقد تجعلك ترى غير الحقيقة فإذا حزتها طارت هالة الجمال وخبت شرارة الشهوة وما ذاك إلا من الشيطان الرجيم .
 
والسؤال لماذا يتساهل الكثير في الطلاق إذا كانت المشاكل لا تؤهل للفراق ..؟!
أحد الأسباب الرئيسة هو ( الإشباع الوهمي ) لعدم الحاجة للطرف الآخر ..
نسمع كثيرا ( ماني في حاجته / مغنيني الله / متوظفة / ألف وحدة غيرها ) وهكذا ..
هذا التشبع الوهمي ناتج من النظر الخاطىء ..
 
والنظر الخاطىء هنا ظن أحد الطرفين أن الحاجة الجامعة بينهما هو ( الجنس ) فقط وهذا يستطيع قضاءه بأمور أخرى ..
هذه النظرة السطحية القاصرة للزواج سرّعت لتفاقم نسب الطلاق .. الزواج حياة فيها أبناء ورسوخ خط واحد وحاجة الطرفين لبعضهما كحاجة الرجل للبحث عن مصدر رزق وكحاجة المرأة عن أمان
 
وأكبر الجرائم الحاصلة اليوم هو هشاشة دور الأسرة في تقديم وجبة تربوية مناسبة للبنت أو الإبن .. بعضهم يظن أن تغذية الجسد وتوفير الضرورة المعيشية من التربية وهذا انحراف خطير في المجتمع .. التربية على مبادىء الحياة الزوجية مهم جدا ينبغي توصيله للمقبلين على الزواج .
 
أحيانا يتعلم المرء من دروس الحياة لكن التربية تُؤخذ بالتلقي والمباشرة والحياة تُعلّم ولا تُربّي .. بعض الأُسر تكل الابن أو البنت لقارعة ويقول ( الحياة تُعلّمه ) وقصده تُربّيه ولا يعلم أن الحياة صامتة تعطي دروسها لمن اصطدم بها لكن لا تزرع في أحيائها مشاعر الرحمة وأخلاق الأدب .
 
كتبه : عبدالله المهيلان