نبذة عن كتاب ميلاد فكر
فاتحة الكتاب
يولد الإنسان على الفطرة ..«لا يعلم شيئاً ,,
قال تعالى : وَاللَّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا ..الآية
وفي الحديث : ما من مولود إلا يولد على الفطرة ..إلى آخره (صحيح البخاري).
وهذه المعلومة في أبياتها وبديهياتها في حياة الإنسان؛ ستكون منطلقاً للعلم في أصله وجذراً للمعرفة من مولده.
فالإنسان كائن فطري النشأة حسن الخلقة ناطق وعاقل..«وفي مولده يكون عارياً وجائعا يحتاج إلى غذاء يُقيم صلبه» وكساء يستر جسده ومن تلك اللحظة نعرف أن (القيمة) الإنسانية في جمعها (قيم) تدور حول الغذاء (كمقوم مادي) والكساء (كدافع أخلاقي).
ومن هنا تنشأ العلوم والمعارف الإنسانية في معطياتها المعرفية حول الدوافع العاطفية والمقومات المادية التي تمثل جل حياة الإنسان؛ في إحساسه وشعوره وتفكيره، وما يدور حوله ويؤثر في حياته فيكون الإنسان بين الحقوق والمعاملة (قيمة تستمد منها القيم) أي في فهمها والتعامل معها ..
فالإنسان قيمة تستمد منها القيم ..
ومن هذا المنطلق المعرفي في مبتدأ بديهياته : نتعرف على مكونات النفس البشرية في تفاعلها بين الروح والعقل والجسد وتدافع وظائفها : الحسية والمعنوية والعضوية.
فالدوافع الأخلاقية (التي تعبر عن الكساء) هي مكمن الروح في بواعثها العاطفية وما يدور في فلكها .والمقومات المادية ( التي تمثل الغذاء ) هي مدار الجسد في احتياجاته المادية وما يتصل بها.
وهنا نفهم أن العلم في جوامعه وشمول معارفه (علمين) لا ثالث لهما :
علم أدبي : ويشمل في دوافعه الأخلاقية ومعارفه الإنسانية اللغة في منطوقها ورسم حرفها وكل ما يتصل بالموروثات الدينية والعادات الاجتماعية والفنون والآداب والمعارف المكتسبة من نظريات ومفاهيم ومركبات تمثل الثقافة العامة في جل سماتها وعلامات رموزها.
وعلم مادي : ويجمع كل ما يتصل بالمقومات المادية من علوم ومعارف واكتشافات ونظم واعمال ونظريات ومقدرات مالية وصناعية ( في المأكل والملبس ) وتجارية و زراعية وكل ما يتصل بالمقومات المادية الحديثة والقديمة .
ولكي يقوم العقل في مهامه العليا ودوره الرئيس؛ للتوازن بين الدوافع الأخلاقية والمقومات المادية في حياة الإنسان ( كمركز للمعلومة والفهم والاستيعاب والإنتاج والإرادة والإدارة ) فإنه بحاجة إلى معطيات معرفية معتبرة، تقوم في توافقها الأدبي ومنطلقاتها العلمية الجامعة بين علم المنقول والمكتسب ..«على أساس فكر إنساني متوازن يرتكز على الإنسان في مداره من خلال علم مكونات النفس البشرية في تفاعلها وتدافع وظائفها الحسية والمعنوية والعضوية .
فأتى الدافع الأخلاقي لمبعث تعريف نظرية الفطرة الإنسانية في وصفها لعلم مكونات النفس البشرية:
فالفطرة: هي الطبيعة السوية باستقامة ذاتية تتوازن فيها مكونات النفس البشرية في تفاعلها وتدافع وظائفها . فما بين الروح والعقل والجسد علاقة وجدانية وتفاعل غريزي , تدور في فلكها التوجيهات الربانية لتنمية الفطرة الإنسانية التي ولد عليها.
وما بني عليه هذا التعريف في منطلقاته العلمية التي يمكن لها أن توائم بين أصل المنقول في قصده وحقيقة المكتسب في نتائجه «بتوافق أدبي يمتد في نتاج معارفه إلى شتى مجالات الحياة» والذي يعد وصف لعلم مكونات النفس البشرية في تفاعلها وتدافع وظائفها الحسية والمعنوية والعضوية .. كعلم معتبر وأصل ثابت؛ يفهم من خلاله التشريعات الأخلاقية في توجيهاتها من المنقول والمكتسب (الموروث والحديث) بالنتيجة العلمية أو الضرورة الحتمية، التي تتعامل مع واقع الحياة في متغيرات علومها وضروريات معيشتها . ما يؤكد على أن علم مكونات النفس البشرية في تفاعلها وتدافع وظائفها أصل ثابت وجذر ماكن في كل ما يتعلق بالإنسان، ويؤثر ويتأثر به في جميع شئون حياته القولية والفعلية العلمية والعملية .
ليكون تعريف نظرية الفطرة الإنسانية في جذور معطياتها، وامتداد معارفها الجامعة للمبادئ الإنسانية والقيم الأخلاقية