JustPaste.it

__________________________________small.



الموضوع : " من يبايع محمد
"

قلم : مصعب الخير

 بسم الله الرحمن الرحيم , والحمد لله رب العالمين القائل :
 
﴿
إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللهَ، يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ، فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ، وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللهَ فَسَيُؤْتِيهِ أجْراً عَظِيماً
الفتح: 10


لعلنا نجمل هذا المقال من سيرة رسول الله وبيعة أصحابه له يوم العقبة , ونسرد الحادثة عليكم ان شاء الله , ونعاهد الله بعد أن نقرأها ونعيي ما فيها من عبر أن نبايع رسول الله كبيعة الأصحاب, فحاجتنا إلى السيرة النبوية , كحاجة السائر في صحراء قاحلة إلى محطات وواحات من الماء والظل , يتزود منها ليواصل رحلته ، بل حاجتنا إلى هذه السيرة أشد من هذا المسافر ، لأن السيرة تحفظ لنا ديننا وعقيدتنا من الضياع , في حين أن هذه الواحات تحفظ لنا حياتنا ، وحفظ الدين مقدم على حفظ النفس في مقاصد شريعتنا
 

ومن أهم هذه الواحات التي من الممكن أن نقف عليها بيعة الأنصار لرسول الله صلى الله عليه وسلم عند العقبة ،  التي كانت في فترة عرفت فيها الدعوة حالة من الركود والجمود، وذلك بعدما طاف رسول الله على القبائل خارج مكة, وعلى الوفود القادمة إليها، فعرض عليهم الدعوة وطلب منهم النصرة, وكان الرفض والجفاء والاعتداء عليه هو الجواب، فأذن الله تعالى لهذه الدعوة أن تتنفس من جديد وتنطلق في الآفاق بعد هذه البيعة التي قلبت الكثير من الموازين داخل مكة وخارجها، وكانت إعلاناً جديداً ومنطلقاً لمرحلة الدولة الإسلامية، فكانت هذه الانطلاقة بمثابة منحة ربانية لهذه الجماعة، وهي في الوقت ذاته محنة نظراً لثقل التبعات التي تنتظرها في مستقبل الأيام


ذلك أن المرحلة القادمة ستعرف منعطفات جديدة, ومتطلبات ثقيلة، وستشتد الحرب بين فسطاطي الحق والباطل أكثر من ذي قبل، نظراً لتمايز الصفين, ولإعلان الفئة المؤمنة حربها على جموع الكفر لأول مرة منذ انطلاقها، حيث سُميت هذه البيعة ببيعة القتال والجهاد

والناظر إلى واقع المسلمين اليوم, وبخاصة إلى واقع مجاهديهم ودعاتهم الصادقين المخلصين، يجد أن التاريخ يعيد نفسه، حيث أن الظروف مماثلة والصورتين متطابقتان إلى أبعد حد، فأهل الحق محاربون من قبل قوى الكفر مجتمعة بمساعدة جيوب النفاق والردة، والدعوة أصبحت غريبة في البيئة التي من المفروض أن تؤويها وتنصرها، والقاعدة الصلبة التي تحمل منهج الدعوة والجهاد قليلة العدد, وبحاجة إلى أنصار وأعوان يحملون معها عبء هذا الدين

فلا يسعنا سوى الوقوف بتمعن أمام هذه البيعة العظيمة، نستقي منها ما يلزمنا من دروس وعبر، ونجعلها نبراساً لنا على الطريق الذي نمشي فيه, وهذا ما ينبغي أن يكون ولاسيما في مرحلة الصراع بين الحق  و الباطل
 والتي نشهدها الآن

سنقف أولاً عند بنود هذه البيعة بإختصار, ونسلط عليها الأضواء ونربطها بواقع المسلمين اليوم، وننظر بعدها هل نحن حقاً بحاجة الى بيعة محمدية جديدة أم لا ؟؟

فقبل البيعة كان رسول الله يطوف على القبائل خارج مكة وعلى الوفود القادمة إليها، فيعرض عليهم الإسلام ويطلب منهم النصرة وكان يقول لهم: من يأويني حتى أبلغ كلام ربي فإن قريشاً منعتني أن ابلغ كلام ربي, وكان الرفض والجفاء والاعتداء عليه وصده هو الجواب .

{{ آآه وألف آآه , ما أكثر أمثال قريش اليوم, وما أكثر من يصدون عن سبيل الله ويمنعون إنتشاره ويضيقون على دعاته ومجاهديه }}

فمثلاً كان يدعو الناس في مواسم الحج في منى, وكان يستغل وفود العرب الى مكة فيذهب يدعوهم قبيلة قبيلة, وفرداً فرداً , وكان آخر رجل ينفض من ذاك المكان آملاً في أن يُسلِم على يديه نفرٌ قليل من العرب , وكان رأس الكفر أبو لهب عليه ما يستحق من الله  يجري وراء النبي في كل مكان ووراء كل قبيلة وكان يبلغ من العمر حينها 65 سنة, ويقول للذين يدعوهم رسول الله الى الاسلام: لا تصدقوه إنه ساحرٌ كذاب جاء بالبدعة والضلالة ويلبس على الناس الحق

{{ آآه وألف آآه , ما أكثر أمثال أبو لهب في زماننا ممن يصدون عن سبيل الله, ويمنعون إنتشاره ويلبسون على الناس الحق ويقلبوه لهم باطلاً }}

لماذا الرعب من الاسلام يا لهابيب الزمان ؟؟ بكل بساطة , لأن الاسلام إذا ظهر لن يبقي على أهل الباطل لحظةً ولن يذر .

لقد طاف الحبيب على -26-  قبيلة من القبائل العربية عدا قبائل مكة والطائف , فذهب مثلاً الى قبيلة كندا في أقصى جنوب الجزيرة العربية , وقبيلة بني حنيفة في أقصى شرق الجزيرة, ومن ثم الى قبيلة بني كلب في أقصى شمال الجزيرة , ومعظمهم كانوا موقنين ومصدقين له , لكن منعهم من ذلك إما الخوفٌ من عواقب البيعة أو الطمع في مغانم الدنيا ... وكم رجلٍ منا يعرف الاسلام الصحيح وأصحاب الاسلام الصحيح ويخشى إتباعهم واللحاق بهم إما خوف من العواقب وإما طمع في دنيا زائلة ؟؟ !!

وهنا ستعرض لكم بعض
مواقف القبائل من الدعوة ومن البيعة ...

قال له بني عامر : أرأيت يا محمد إن بايعناك ومن ثم أظهر الله على العرب , أتجعل لنا الأمر من بعدك ؟؟ فيقول لهم الحبيب : لا والله لا أفعل , إنما الأمر لله يضعه حيث يشاء , فيرد رئيسهم ساخراً : أنهدف نحورنا للعرب دونك , ثم إذا ظهرت يكون الأمر لغيرنا , قم  وألحق بقومك فلا حاجة لنا بك
نعم أحبتي : ما صدهم عن بيعته إلا لأنهم يريدون الثمن والأجر في الدنيا , ومن يريد أن يبايع رسول الله من أجل دنيا فالحبيب ليس بحاجةٍ له ولا لبيعته .

أما بنو شيبان : فقالوا له على لسان
المثنى بن الحارثة : يا محمد إن بايعناك سنحارب معك ضد العرب فحسب , أما الفرس والروم فلا طاقة لنا بهم ولا نحاربهم ولا نعينك ونقاتل معك ضدهم , فقال الحبيب : لا وربي , إن هذا الدين لن ينصره إلا من حاطه من جميع جوانبه .

ولكن لماذا رفـضـت يا رســول الله؟
ألم تكن فرصة بكل المقاييس، أن يرى المستضعفون من المسلمين أنصارًا لهم على أتم الاستعداد أن يدفعوا عنهم ظلم ظالميهم من العرب ؟؟, علمًا بأن المستضعفين لا يشغلهم أي شيء من أمر الفرس في الوقت الراهن على الأقل !!
أحبتي إن هذا الدين كلٌ متكامل لا يقبل الرق أو التفريق , ومن أسقط شيء منه فإنه أسقطه كله ولا يمكننا أن نقسم الدين الى قشورٍ وألباب

ولقد قال
د. راغب السرجاني في هذا السياق :
- إن هذا الدين لا أنصاف حلول في أصوله ؛ فالإسلام نظام شامل، لا يقوم إلا شاملاً، فمَن ينصره على العرب لا بُدّ أن ينصره على العجم، وإلاّ فلن ينتصر أبدًا
- إن الجهاد الصادق المتجرد، جزء لا يتجزأ من الإسلام، فكما لا يصح إسلام قوم تعاقدوا على صلاة الظهر دون العصر، فكذلك لا يصح إسلام قوم تعاهدوا على الجهاد في وجهٍ دون آخر .. فالصلاة وحدة واحدة لا تتجزأ، وكذلك الجهاد.
- أن الحصافة السديدة وبُعد النظر، يقتضيان رفض عرض بني شيبان، فلقد قالوا بصريح العبارة إنهم على استعداد أن يقفوا في وجه العرب لحمايتهم، بَيْد أنهم لا يستطيعون ذلك مع الفرس، فلعل الدائرة تدور، فينتقل المسلمون من جحيم العرب إلى جحيم الفرس، فيستغيث المسلم بالنار من الرمضاء .. فيجمع المسلمون على أنفسهم عدوَّيْن ، إذ كيف يكون الحال لو طلب كسرى من بني شيبان "تسليم محمد ؟؟

وإرجع أخي الموحد وأنتي أختي الموحدة أيضاً الى الواقع المعاصر ... هل حدثت قصص مشابهة , وسلمت شخصيات الى دول وكانت في حماية دول ؟؟ !!

{{ وهنا أيضاً
ننوه تنويهاً خطير : المثنى الذي هاب وخاف من الفرس , هو نفسه من زلزل عرش الفرس وفتح العراق وأخذها من يد كسرى وأصبح والياً عليها ... لكن متى , حدث ذلك بعدما ندم وبايع محمد بن عبد الله في عام الوفود ... آآه وألف آآه كم ندم المثنى على تأخير بيعته لرسول الله ... وسنندم }}

بعد هذا التعب , بعد هذه المشقة , تأتي المنحة الربانية , ويأتي بصيص الأمل , في السنة الحادية عشرة من البعثة يلتقي الحبيب بـرهط من الخزرج, وكانوا - 6 - ستة شبان في آخر يوم رمي الجمرات في منى , وكان اكبرهم عمره -26- سنة وهو 
أسعد بن زرارة , فجلس معهم الرسول ودعاهم الى دين الله عز وجل , فشرح الله قلوبهم وصدورهم فلم يقم أحد منهم إلا مسلمٌ مباااااايع للرسول على أن يشيل الدين كما هو من دون شروطٍ او تشرطات , دون نقص او نقوصات , ويسألونه بعدها : يا رسول الله تركنا قومنا وبينهم من العداوة والشر ما بينهم  , فعسى الله أن يجمعهم بك , فإن يجمعهم الله عليك فلا أرجل أعز عندهم بعدها منك .... وبالفعل أحبتي جمعهم ووحدهم وآخى بينهم

{{ فهل نكون مثلهم يوماً ؟؟ هل
سنبايع الحبيب على أن نأخذ الدين كما هو غير منقوص أو مقضوم ؟؟ أم سنظل نأخذ من الدين ما يخدم هوانا وسلاطيننا وحكامنا ؟؟ أم سنأخذ منه ما يناسب أمريكا وأوربا واليهود وعباد الصليب ؟؟
هل سنبايعه لكي نتوحد من جديد, ونغدو أخوة ونلقي بالعصبيات والقوميات والحدود المصطنعة وراء ظهورنا ؟؟ }}


كان لبيعتهم فواتير باهظة جداً , كان يعلمون أنهم سيقفون بعدها بوجه اليهود والكفار والعرب والمنافقين والمجوس والصليبيين, وأمم الشرك والضلال في الدنيا أجمعها !! ومع ذلك أسلموا !! لأن بيعة المختار أحبتي تحتاج منا الى تضحيات, وتحتاج الى أن ندوس بعدها على جميع الاعتبارات العصبية , والقبلية, والعسكرية, والأمنية, والسياسية, والمخابراتية, والكفررررية جميعها .
فذهبوا هؤلاء الستة رضوان الله عليهم, ورجعوا في العام المقبل وأحضروا معهم ستةً آخرين , فقال لهم الحبيب : تعالوا بايعوني على أن :
لا تشركوا بالله شيئا
 
ولا تسرقوا ولا تزنوا
ولا تقتلوا أولادكم
ولا تأتوا
 ببهتان تفترونه بين أيديكم وأرجلكم
ولا تعصوني في معروف .

{{ دعوني أحبتي أشير إلى أهم نقطة في هذه البيعة ألا وهي : أن
التوحـــــيــد وعدم الشرك قضية أساسية ومحورية في الإسلام ، فعلى المبايع أن يعلم ويعي أن كلمة التوحيـــد قبل توحيــد الكلمة }}

ويرسل بعدها الحبيب سيدنا مصعب بن عمير ليعلمهم الاسلام والقرآن الكريم, ويرجع معهم في موسم العام التالي , ومعه جمعٌ كبير من مسلمي المدينة قد خرجوا مستخفين من حجاج قومهم المشركين .

فواعدوا الرسول والتقوا به
 في الشِعب عند العقبة، وكانوا ثلاثة وسبعون رجلاً، وامرأتان ، فاجتمعوا ينتظرون الرسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ حتى جاء، ومعه عمه العباس بن عبد المطلب وكان  يومئذ مازال مشركاً ، إلا أنه أحب أن يحضر مع الرسول  ويتوثق له، وكان أول من تكلم، فقال: يا معشر الخزرج إن محمدًا منا حيث قد علمتم، وقد منعناه من قومنا ممن هو على مثل رأينا فيه، فهو في عز من قومه ومنعة في بلده، وإنه قد أبَى إلا الانحياز إليكم واللحوق  بكم، فإن كنتم ترون أنكم وافون له بما دعوتموه إليه، ومانعوه ممن خالفه، فأنتم وما تحملتم من ذلك، وإن كنتم ترون أنكم مُسْلِمُوه وخاذلوه بعد الخروج به إليكم فمِن الآن دعوه، فإنه في عزٍ ومنعةٍ من قومه وبلده..

فقالوا له : قد سمعنا ما قلت، فتكلم يا رسول الله، فخذ لنفسك ولربك ما أحببت , فتكلم رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ، فتلا القرآن، ودعا إلى الله ورغب في الإسلام، ثم قال:
" أبايعكم على أن تمنعوني مما تمنعون منه نساءكم وأبناءكم "

فأخذ
 البراء بن معرور بيده ثم قال : نعم ، والذي بعثك بالحق نبيا لنمنعك مما نمنع منه أزُرَنا (نساءنا وأهلنا)، فنحن والله أبناء الحروب، ورثناها كابراً عن كابر ..  فاعترض القول والبراء يكلم رسول الله، أبو الهيثم بن التيهان ، فقال: يا رسول الله، إن بيننا وبين الرجال حبالاً، وإنا قاطعوها ـ يعني اليهودـ ،فهل عسيت إن نحن فعلنا ذلك، ثم أظهرك الله أن ترجع لقومك وتدعنا؟، فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم, ثم قال: بل الدم الدم، والهدم الهدم(أي ذمتي ذمتكم وحرمتي حرمتكم) ، أنا منكم وأنتم منى، أحارب من حاربتم، وأسالم من سالمتم .. ثم قال صلى الله عليه وسلم : أخرجوا إلي منكم اثني عشر نقيباً، ليكونوا على قومهم بما فيهم، فأخرجوا منهم اثني عشر نقيبا، تسعة من الخزرج، وثلاثة من الأوس ) (أحمد ).

وفي رواية جابر ـ رضي الله عنه ـ قال :
( قلنا يا رسول الله علام نبايعك؟، قال: على السمع والطاعة في النشاط والكسل، وعلى النفقة في العسر واليسر، وعلى أن تقولوا في الله لا تأخذكم في الله لومة لائم، وعلى أن تنصروني إذا قدمت إليكم، وتمنعوني مما تمنعون منه أنفسكم وأزواجكم وأبناءكم، ولكم الجنة )
( أحمد ). 

{{ لقد كان الجهاد بالنفس والمال، جوهر هذه البيعة الكبرى العظيمة، فلا قوام لبيعة ودولة دون تضحية بالنفس والمال , فلا تحسبوا أنفسكم إذا بايعتم رسول الله أنكم بمفازة من العذاب أو التضحية , بل إن  مهرها بذل النفس في سبيله ... وما أحلاها من موتة في سبيل بيعة رسول الله , هي موتة واحدة فتلكن في سبيل الله وفي سبيل رسوله }}

وإذا ما أردت البيعة فأعلم أن عليك السمع والطاعة لأوامر الرسول ، في السلم والحرب، في الحضر والسفر، في العسر واليسر:
قال رسول الله ( تبايعوني على السمع والطاعة في النشاط والكسلِ ) .. وهذا أصل في نجاح أي عمل، وبغير السمع والطاعة لله ورسوله، تذهب الريح، وتفتر القوة، ويضيع العمل، ويأتي الشقاء والفشل، قال تعالى :

﴿ وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ  الأنفال: 46


وأن تنفق  في سبيل الله وتجاهد بأموالك في المواطن التي يرضها الله ورسوله ،فقال ـ صلى الله عليه وسلم : ( والنفقة في العسر واليسر ) ،
قال تعالى : 
﴿ وَأَنفِقُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوَاْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ  البقرة:195


وأن تقول الحق لا تخاف فيها لومة لائم كلمة , لا من جور حاكم , او سلطان ظالم , ولا من أمم الكفر والصليب, ولا يغرنك عتادهم وسلطانهم وأسلحتهم , يقول الله :
﴿ لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ (196)مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ ۚ وَبِئْسَ الْمِهَادُ   آل عمران: 197
و إن أي قومٍ ضاعت فيهم كلمة الحق، لحريٌ أن يزول أثرهم، فكم أهلك الله مِن أُناس ضاعت بينهم كلمة الحق .

     

وأن تقاتل في سبيل الله دفاعاً عن دين الله ومنهج رسوله صلى الله عليه وسلم ، وذلك بنصره والذود عنه مثلما تدافع عن أنفسك وزوجتك وأبنائك ، قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ :
(
 وعلى أن  تنصروني  فتمنعوني إذا قدمت عليكم، مما تمنعون منه أنفسكم وأزواجكم وأبناءكم )
 
ولا تظنوا أن الاسلام وقوته سترجع من دون قتال وجهاد وسلاح , ومن دون عدة وعتاد , من يظن هذا فإما أنه ساذج, أو أنه يتغابى خوفاً من العواقب كما ذكرنا , أو طمعاً في دنيا , فقوام هذا الدين كتابٌ يهدي وسيف وينصر , والكتاب من دون السيف سيكون عديم الجدوى والفائدة , قال الشاعر :
أبتاه ألا من عودةٍ ماجدةٍ أبية
فرفعت صوتي قائلاً أمران فاصغي يا ابنتي ..
أمراااان مفتاح القضية
إسلامنـا | و | البندقيـة

إن هذه البيعة لا تصلح إلا للذين تجردوا لله، وأخلصوا أنفسهم لنيل رضوانه .

وإن الأنصار حينما بايعوا أضيء لهم الطريق، ووضحت لهم الغاية، وصور لهم الجزاء الأخروي رأي العين ، لقد صدقوا عهدهم ، وساهموا في قيام الدين ورفعته ، بمثل هذه النماذج ، قامت دولة الإسلام الكبرى .. تلكم النماذج التي تعطي ولا تأخذ ، والتي تقدم كل شيء ، ولا تطلب إلا الجنة...

{{ هل علمتم ماذا ستجنون إن بايعتم محمد بن عبد الله ؟ سنجني العزة والنصر والظهور على جميع  أمم الدنيا , والجنة ورفقة الحبيب في الآخرة .... ياااااه ما أجملها من جائزة وما أعظمها من جناية وغنيمة }}

هم بايعوا رسولهم, وعرفوا طريقهم, ورسموا دربهم وحققوا أهدافهم, وبنو دولتهم وكسروا بها أنوف أعاديهم, وأعزوا دين ربهم وتحولوا من رعاةٍ للإبل والغنم إلى سادة للأمم في فترة لا تساوي من حساب الزمن شيء على الاطلاق ... كم من أناس من المسلمين ولدوا وماتوا  ولم يعرفوا لماذا ولدوا ؟؟ ولسان حالهم يقول ::
جئت، لا أعلم من أين، ولكنّي أتيت
ولقد أبصرت قدّامي طريقا فمشيت
وسأبقى ماشياً إن شئت هذا أم أبيت
كيف جئت؟ كيف أبصرت طريقي؟
لست أدري!

فهم كالبهائم والانعام , وقد وصفهم الله تعالى في كتابه العزيز فقال ::
﴿ وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ  لَهُمْ قُلُوبٌ لَّا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَّا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَّا يَسْمَعُونَ بِهَا  أُولَٰئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَٰئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ  الأعراف: 179

بل صدقوني إن البهائم والأنعام تسبح وتسجد لربها وتعبده حق عبادته ولا تشرك به شيئاً , قال تعالى :
﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِّنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَن يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاء  سورة الحـج: 18  

بعد هذا الكلام وبعد هذه الدروس والعبر والعظات, راجعوا أنفسكم واسألوها ...
هل يا ترى يحتاج الأمر منا بيعة لرسول الله من جديد ؟؟
يا ترى من فينا سيبايع الرسول على أن يعيش حياته ليعيد الاسلام الصحيح ؟؟
يا ترى من فينا  سيبايعه أن يذود عن دينه ويبعد عنه الشبهات ويكون حرساً لحدوده ؟؟
يا ترى من فينا سيبايعه أن يذود عن جنوده الذين يرابطون على الثغور ؟؟
يا ترى من فينا سيبايعه أن يحمي المستضعفين من المسلمين في مشارق الارض ومغاربها ؟؟
يا ترى من فينا سيبايع رسول الله أنه سيكون يوماً جندياً على ثغر من ثغور الاسلام ؟؟
يا ترى من فينا سيبايع رسول الله أنه سيموت شهيداً في ساحات الوغى والجهاد ؟؟
من ستبايع رسول الله أنها ستنشئ وتربي جيلاً كالصحابة الذين بايعوه في العقبة ويوم بدر ؟؟  

آآآآه يا مسلـمــــــون  متنــــا قرونًا      والمحاق الأعمى يليه محــاق
أي شيء في عالم الغاب نحــــــــــن     آدميون أم نعاج نســــــــــــاق
نحن لحم للوحش والطـــــــــــــــــــير   منا الجثث الحمر والدم الدفـاق
وعلى المحصنات تبكي البواكــــــــي    يا لِ عرض الإسلام كـيف يـراق
قد هوينا لما هوت وأعــــــــــــــــدوا    وأعــدوا من الرجا تريــــــــــاق

واقتلعنا الإيمان فاسودت الدنيا علـينا    واسودت الأعمــــــــــــــــــــاق
وإذا الجـــذر مات في باطــــن الأرض   تموت الأغصـــــــان والأوراق


أحبتي في الختام, وبعد هذا الكلام إنما أود الوصول إلى أمر واحد, ولا تقبلوا مني بعدها سواه :
إن الأمة اليوم في كرب وفي مهلكة وفي سجن قاتل , والأمم تتداعى علينا شيء فشيئاً , ونحن ما زلنا مُصريين أن نبقى في هذا السجن, مع أن مفتاحه في حوزتنا آلا وهو تجديد العهد , تجديد الولاء لرسول الله وتجديد البيعة والاخلاص فيها  ... عندها  صدقوني سنخرج من سجن الهوان إلى رياض العزة والكرامة .

أخوكم ومحبكم : مصعب الخير