JustPaste.it

       { بسم الله الرحمن الرحيم }

 

 

                    تفريغ 

|| وجوب إطلاق اللحية وحرمة حلقها || 

التي نشرت عبر إذاعة البيان في برنامج 

|| بدائع المختارات من المطويات والكتابات ||

 

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه ، أما بعد :

 

فقد قال الله تعالى :

{ وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} 

 

وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :

[[ ما نهيتكم عنه فاجتنبوه ، وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم ]] 

( متفق عليه )

 

وقد أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمراً صريحاً واضحاً بأن نطلق شعر اللحية ونقص شعر الشارب ، فمن أطاعه أفلح في الدنيا والآخرة ومن عصاه خاب وخسر في الدنيا والآخرة .

 

حكم إطلاق اللحية :

 

اللحية : هي الشعر النابت على الخدين والذقن والجمع اللحى واللُّحَى 

وإطلاق اللحية فرضُ عينٍ على كل رجل ، وقد جاء الأمر بإعفاء اللحية في عدد من الأحاديث الشريفة ، من ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم - :

[[ وفروا اللحى وأحفوا الشوارب ]] 

 

ووردت ألفاظ أخرى للحديث في روايات صحيحة ، منها : [ أوْفُوا ، أعْفُوا ، أرْخُوا ]وكلها تدل على ترك شعر اللحية على حاله دون حلقه .

والأمر المطلق في هذه الألفاظ يفيد الوجوب ، وليس هناك قرينة تَصرِف هذا الوجوب عن ظاهره ، وعليه يحرم حلقُ اللحى 

وبذلك قال أئمة السلف ، وهو الذي عليه المذاهب الأربعة 

 

قال ابنُ حزم :

" إتفَقوا [يقصد جميع العلماء ] أن حلق جميع اللحية مُثلة لا تجوز " .

 

وقال شيخ الإسلام :

"يحرم حلق اللحية " .

 

أدلة تحريم حلق اللحية :

 

أولا - في حلق اللحية مخالفة لنصوص الشرع القطعية الثبوت والدلالة ، ومعاندة لأمر الله تعالى ، وخروج عن طاعة الرسول - صلى الله عليه وسلم - لا يكابرُ في ذلك أحد

 

ثانيا - حلق اللحية تشبه بالكفار والمشركين 

قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -

[[ أعفوا اللحى وجزوا الشوارب وغيروا شيبكم ولا تشبهوا باليهود والنصارى ]] .

(رواه الإمام أحمد )

 

وقال - صلى الله عليه وسلم -

[[ خالفوا المشركين ، وفروا اللحى وأحفوا الشوارب ]] 

( متفق عليه)

 

قال العيني : 

"وإعفاء اللحية إرسالها وتوفيرها لأن بعض الأعاجم كان من زيهم قص اللحى وتوفير الشوارب فندب - عليه السلام - أمته إلى مخالفتهم "

 

وقال النووي :

" وكان من عادة الفرس قص اللحية فنهى الشرع عن ذلك " .

( شرح صحيح مسلم )

 

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية : 

" وقد دل الكتاب والسنة والإجماع على الأمر بمخالفة الكفار والنهي عن مشابهتهم في الجملة فمشابهتهم في الظاهر سبب لمشابهتهم في الأخلاق والأفعال المذمومة ".

 

ثالثا - حلق اللحية تخنث وتشبه بالنساء

 فباللحية يتميز الرجال عن النسوان والمردان ، وقد لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المخنثين والمتشبهين من الرجال بالنساء 

( رواه البخاري )

 

قال الإمام ابن القيم - رحمه الله - :

" وأما شعر اللحية ففيه منافع منها : الزينة والوقار والهيبة ولهذا لا يُرى على الصبيان والنساء من الهيبة والوقار ما يُرى على ذوي اللحى ، ومنها التمييز بين الرجال والنساء "

 

وقال ابن عابدين :

" الأخذ من اللحية دون القبضة ، كما يفعله بعض المغاربة ومخنثة الرجال لم يبحه أحد " .

 

وقال الشيخ عبد الله ابن سليمان  : 

" اعلموا أن اللحية زينة الرجال ، وشرف الرجال ، وميزة الرجال ، وأن حلقها نوع من التخنث ولا يرضى بحلقها إلا من سَفِه نفسه ،  وعميت بصيرته ، وأضاع شرفه ،وخالف هدي نبيه فأهل الفضل جاهليةً وإسلاماً يحتفظون ويفتخرون بلحاهم ، ويعدونها شرفاً لهم "

 

رابعا - حلق اللحية تغيير لخلق الله ومخالفة لسنن الفطرة 

فاللحية من تمام الخلقة التي ارتضاها الله تعالى للذكور ، وجعلها سبحانه علامةً فارقة بين النساء والرجال قال تعالى :

 { فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ }

 

 والفطرة : هي السنة القديمة التي اختارها الأنبياء واتفقت عليها الشرائع وكأنها أمر جبلي فطروا عليه

ومن أظهر سنن الفطرة وأولها قص الشارب ، وإعفاء اللحية كما في قوله - صلى الله عليه وسلم -

 عشر من الفطرة وذكر منها قص الشارب وإعفاء اللحية 

( رواه مسلم ) 

 

لكن الشيطان اللعين تحدى ابن آدم بتغيير فطرته وأصل خلقته كما في قوله تعالى :

{ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ } 

فتبعه في ذلك خلق من بني آدم لعنهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -

منهم 

[[ الواشمات والمستوشمات والمتنمصات والمتفلجات للحسن المغيرات لخلق الله ]] 

(متفق عليه )

 

ولا شك أن لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -

المغيرات خلق الله للحسن يدخل في معناه حلق اللحية للحسن من باب التزين لأن الرجل مأمور بعدم حلق اللحية مثل المرأة المأمورة بعدم نمص الحواحب .

 

خامسا - حلق اللحية من كُفران نعم الله تعالى 

 

قال الشيخ عبد الله بن سليمان :

" ومن المنكرات الظاهرة التي ابتُلي بها بعض الناس حلق اللحى ، وحلقها كفرٌ لهذه النعمة ، فإن الله سبحانه وتعالى تفضل بها على الرجال جمالاً لهم ، وكانت عائشة - رضي الله عنها - كثيراً ما تقسم : 

" لا والذي جمل الرجال باللحى " 

ولا يعرف هذه النعمة إلا من فقدها ، فقد كان الصحابي قيس بن سعد بن عبادة - رضي الله عنه - رجلاً أمردا لا لحية له ، وكان سيد قومه الأنصار وكان قومه يتمنون أن يكون لسيدهم لحية 

 

قال الحافظ ابن حجر العسقلاني 

 وذكر الزبير أن قيس بن سعد كان سناطا ليس في وجهه شعرة ، فقال : إن الأنصار كانوا يقولون :

وددنا أن نشتري لقيس بن سعد لحية بأموالنا  

وهذا التابعي الأحنف بن قيس - رحمه الله - مضرب المثل في الحِلم عند العرب كان أمرداً لا لحية له ، وكان سيد قومه فقال قومُه :

وددنا أن نشتري للأحنف لحيةً ولو بعشرين ألفاً 

وقال شريح القاضي وددت أن لي لحية ولو بعشرة آلاف 

 

صفة لحية النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - :

 

بالرجوع إلى الأحاديث الواردة في وصف لحيته - عليه الصلاة والسلام - نجد أنها تصفُ لحيته الشريفة بأوصاف ، منها : 

أنها كثيرة الشعر ، وأنها ضخمة عظيمة ، وأنها حسنة جميلة الهيئة من جهة خلقها ومن جهة عنايته بها 

 

فعن جابر بن سمرة - رضي الله عنه - قال :

" كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كثير شعر اللحية " 

( رواه مسلم )

 

وعن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - قال :

" كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عظيم اللحية "

( رواه الإمام أحمد )

 

وسُئلَ خباب بن الأرت - رضي الله عنه - 

" أكان النبي يقرأ في الظهر والعصر ؟ قال : نعم  قيل بأي شيء كنتم تعلمون قراءته ؟ قال : باضطراب لحيته "

( رواه البخاري )

 

فيا من حلقت لحيتك وتدعي حب النبي محمد  - صلى الله عليه وسلم - لِمَ لا تتأسى به وهل الحب إلا الاتباع

 قال تعالى :

 

{ قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ }

 

فبالله عليك أكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحلق لحيته ؟ 

أم أن الصليبيين والعلمانيين والديموقراطيين وغيرهم من الكفار والمرتدين والمنافقين هم الذين يحلقون لحاهم اليوم ؟

أتزعم حب المصطفى وتقلد غيره  

 

تعصي الإله وأنت تزعم حبه ... هذا وربي في القياس شنيع 

لو كان حبك صادقا لأطعته ... إن المحب لمن يحب مطيع 

 

عقوبة حالق اللحية : 

 

ليس حلق اللحية معصية فحسب بل هو مجاهرة بالمعصية أيضاً ، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - عن المجاهرين بالمعاصي 

[[ كل أمتي معافى إلا المجاهرين ]] 

(متفق عليه )

 

فعلى ولي الأمر وخاصة رجال الحسبة نهي حالقي اللحى عن منكرهم ،وردعهم عن معصيتهم ، فإذا أصروا وعاندوا عزروا وعوقبوا فإن في الجهر بالمعصية استخفافاً بحق الله ورسوله وبصالحي المؤمنين وفيه ضرب من العناد لهم ولا يأمن حالق اللحية أن يجره الشيطان لمعاصٍ أخرى وفتن أعظم قال تعالى :

{ فَلْيَحْذَرْ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }

 

قال ابن كثير في تفسيره : 

{ فَلْيَحْذَرْ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ }

أي أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو  سبيله ومنهاجه وطريقته وسنته وشريعته

 

حكم إطالة الشارب :

الشارب : ما سال على الفم من الشعر وما طال من ناحية السبلة

والسبلة : هي ما أسبل من شعر الشارب ، أي أطراف الشوارب .

وكما أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بتوفير  اللحى أمر كذلك بقص الشوارب ، فقال : 

[[ وفروا اللحى وأحفوا الشوارب ]] 

(متفق عليه )

وقد وردت ألفاظ أخرى للحديث وروايات متعددة كلها صحيحة ، منها :( انهكوا ، جزوا ، قصوا ) وكلها تدل على الأمر بقص الشارب وعدم تركه يطول .

 

قال ابن دقيق العيد :

في قص الشوارب وإحفائها وجهان : 

أحدهما :مخالفة زي الأعاجم 

والثاني : أن زوالها عن مدخل الطعام والشراب أبلغ في النظافة ، وأنزه من درن الطعام 

فمن زي الأعاجم وخاصةً الفرس المجوس إطالة الشارب فأمرنا الشرع بمخالفتهم ، فمن شابههم في صفتهم هذه وقع في الإثم 

 

قال - صلى الله عليه وسلم -

[[ من لم يأخذ من شاربه فليس منا ]] 

( رواه الإمام أحمد وصححه الترمذي )

 

حكم المستهزِئ باللحية :

 

الاستهزاء بالله أو بآياته أو برسوله أو بشعيرة من من شعائر الإسلام ردة وخروج عن الدين بالكلية ، سواء كان المستهزئ جاداً أم مازحاً 

قال تعالى : 

{ وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِؤُونَ لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ }

 

 واللحية ليست مجرد شعيرات تنبت في الوجه فحسب بل هي شعيرة من شعائر الإسلام الظاهرة وفرض من الفروض الثابتة وسنة من سنن المصطفى التي اتبع فيها الأنبياء من قبله - صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين - وكل من نال من اللحية واستهزأ بها وسخر منها فقد ارتد عن الدين وخلع رِبقة الإسلام من عنقه .

 

حكم أخذ الأجرة على حلق اللحى :

 

إن ما يفعله بعض أصحاب صالونات الحلاقة اليوم من حلقهم وقصهم لِلحى الرجال هو من قبيل التعاون على الإثم والعدوان ، والإعانة على المعصية ، وأي مالٍ يُستحصل من ذلك فهو حرام وسُحت 

 

اللهم زين وجوهَ المسلمينَ باللحى ، واهدِ الحالقينَ لإطلاقِ لِحَاهم

وصلى اللهم على نبينا محمد ، وعلى آله وصحبه أجمعين