JustPaste.it

   

هذا نص الرسالة :  

 

     ( الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، أما بعد،
جئت إلى المطار مبكرا ، ووقفت في (سرا) لأطلب قهوتي ، فما فجأني إلا ورجل عليه سيما الصلاح يُخرِج من حقيبته مطوية باللغة الانجليزية ويدفعها إلي قائلا: أعطها لهذا الفلبيني الذي أمامك !
تعجبتُ كيف يطلب مني أمرا بإمكانه أن يفعله ، فلما رأى تعجبي قال: أعطها له لنشترك أنا وإياك في الأجر!
أسعدني هذا منه وراق لي حبُّه للخير ، ثم أخذ يحدثني عن الدعوة وضرورتها وتقصيرنا حيال العاملين عندنا من غير المسلمين ، وقال: لا ريب أن الناس فيهم خير ويحبون فعل الخير، ولكن الانهماك في أعمالهم وتفاصيل الحياة ربما أنساهم هذا الواجب، وتابع قائلا بكلامٍ مُسدّد : أنا أتفهّم أن هذه فتوحات من الله ، فمن الناس من يُفتح له في الدعوة، ومنهم من يفتح له في العلم، ومنهم من يُفتح له في نفع الناس ...الخ، ولكن لا مانع من أن تكون الدعوة إلى الله أحدٓ الأبواب التي نلزمها ، يكفي للقيام بهذا الدور أن تقول عندما تطلب كوبك المفضّل من القهوة (Islami is very good) أو تعطيه مطوية وتبتسم في وجهه ، كم نسبة دعوة هؤلاء إلى الله ؟ هناك أناس يعملون عندنا بالسنوات ويرجعون إلى بلادهم ولا يدعوهم أحد إلى الله ! والله إني أخشى أن يتعلقوا في رقابنا يوم القيامة ، وكثير منهم لا يحتاج الى جهد كبير ، مجرد ابتسامة أو كلمة أو مطوية قد تكون سببا في هدايته
اعتذرٓ عن تأخيري بأسلوب لطيف ، وودعني ، شكرتُه ودعوتُ له
أخذت قهوتي وقَعَدت ، فما كدتُ أحتسي الرشفة الأولى حتى رأيته قد قدم إلي وقال وقد بدت عليه العجلة : أريدك تأتي معي قليلا ! فقمت معه وقال : الآن أريك نموذجا لقرب هؤلاء العاملين من الإسلام ، في هذا الكشك الذي أمامك أعطيتُ هذا العامل مطوية ومضيت ؛ لأَنِّي رأيته مشغولا ، فاستوقفٓني وقال: أريد أن أسلم ! قلتُ: ما الذي يمنعك ؟ قال : الانشغال والتسويف ، فقلت له : لحظة وأتيتُ إليك لتلقنه الشهادة وتكسب أجره !

فلما اقبلنا اليه تحدث معه بلغة انجليزية مكسّرة وبقلب سليم أحسبه كذلك ، ولقّنتُه الشهادة ، فقالها فرحا مسرورا.
أصدقكم القول هذا أول رجل ألقّنه الشهادة ! لا أذكر أنه أسلم أحدٌ على يديّ!
نعم، عقود مضت من عمري ولم يسلم على يديّ أحد ، وأنت ؟
كم أسلم على يديك ، كم اهتدى بسببك ؟
قلتُ له: نتركه هكذا ونمضي ؟ ألا نشرح له معنى لا إله إلا الله ونعلمه الوضوء والصلاة وأصول الدين؟! قال : لا ، هذا يكفي ! أخذتُ رقم جواله وأرسلته للداعية الذي يعمل في مكتب الدعوة وهو يتواصل معه ويتولى كل ذلك

الحقيقة أثّر فيّ هذا الموقف ، أأعجب من حرص هذا الأخ المبارك على الدعوة إلى الله ، أم أعجب من حبّه الخير لإخوانه المسلمين ، أم من شفقته على دخول الناس إلى الإسلام ، أم من سرعة الاستجابة في الدخول إلى الإسلام عند هذا العامل ، أم من تقصيرنا في إيصال ما ( نستطيع ) من نور وهدى للعالمين
رجعت إلى قهوتي واحتسيتها بعد أن أضحت دافئة لكن لا بأس
( لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم ) و (بلّغوا عنّي ولو آية)
والسلام )

 

انتهت رسالة صاحبي ..

١٨ / ٣ / ١٤٣٨ هـ