سلسلة الدروس الأمنية بالسيرة النبوية
(الجزء الثاني)
يكتبها العبد الغريب
نديم بالوش
الدروس الأمنية بالسيرة النبوية (15)
كتاب المغــــــــازي (1) :
سنبدأ في هذا الفصل بسِيَر المغازي ..
وستكون على شكل سرد تاريخي ..
لتعمّ الفائدة لأن أغلبنا لايعرف في هذا الفصل إلا غزوة بدر وغزوة أحد ..
وماحضره بفلم "الرسالة" للأسف ..
وستكون الدروس الأمنية في خلال هذا السرد التاريخي ..
......
وتقصّدت في هذا الكتاب أن يكون السرد :
سرداً مفصلاً لكل الغزوات بعكس سردنا للواقع المكيّ ..
وذلك لأهمية الجهاد وعلومه بزماننا هذا ..
......
ملاحظة : لن أخوض هنا باختلافات أهل السير ..
بل سأضع الأقرب منها ..
فالأهم هي الفائدة من القصص وليس الخوض بالخلافات ..
....................
....................
1- غزوة الأبواء :
خرج بها النبي بنفسه وهي أول غزوة يخرج بها بنفسه ..
وذلك بعد 12 شهراً فقط من مكوثه بالمدينة ..
...
وكان هدفه بها بثّ الهيبة بمن حوله من القبائل ..
بحيث قصد جمعاً لقريش .. ومرّ بطريقه ببني "ضمرة" ..
فخافت منه بنو ضمرة ووادعته ..
....
وكانت هذه أول رسالة يبعثها لدول الجوار حوله ..
أنه يتحدى قريشاً بذاتها وقريش وقتها أقوى العرب !
فهو ضرب رأس الأفعى ليرهب منه الذنب ..
فمن الأذناب من سيوادعه ..
ومنهم من سيحالفه ضد قريش إن كان أيضاً يعادي قريش !
"كما سنرى لاحقاً ببني خزاعة"
..............
2- سرية عبيدة بن الحارث إلى ثنيّة المِرة :
كان أميرها قريباً له .. وكانت كلها من المهاجرين ..
وكان النبي بذلك الوقت لا يرسل إلا المهاجرين .
لأن الأنصار عاهدوه على الدفاع عنه إن ألمّ بالمدينة عدوّ ..
لا أن يخرجوا معه لقتال عدو خارج المدينة .. لذلك لم يرد أن يخرجهم .
وسنلاحظ في "بدر" كيف استشارهم ..
وأصرّ على أخذ مشورتهم قبل أن يُخرجهم للحرب !
....
كانت أيضاً رسائل برأيي لدول الجوار أكثر منها لقريش ..
حيث لقوا جمعاً عظيماً من رأس الأفعى "قريش" فناوشوهم بالنبل !
"عملية داخل العمق "
وكان أول رمي في الإسلام رماه سعد بن أبي وقاص .
................
3- سريّة العيص :
أيضاً كانت كلها من المهاجرين ..
وأيضاً كان الأمير من أقربائه (حمزة بن عبد المطلب) ..
سار بـ300 من المهاجرين حتى بلغ العيص ..
فلقي أباجهل ومعه 300 من المشركين ..
فحجز بينهم مجدي الجهني وكان موادعاً للطرفين ..
فرجعا دون قتال .
وكانت هذه برأيي من ضمن الرسائل أيضاً .
........
4- غزوة بواط :
خرج بها النبي بنفسه هذه المرة يريد عير قريش ..
(يعني يريد المال فقط !!
وانظر أهمية المال وانظر أساس العمل ..
بس عجيبة يعني ما كان ينتظر الداعمين )
...
وذلك في ربيع الأول : يعني بين الغزوة الأولى والثانية ..
حوالي خمسة أشهر فقط وكان معهما سريتيّن !!!
....
واستعمل على المدينة قريبه أبا سلمة ..
(زوج أم سلمة التي تزوجها النبي لاحقاً ..
وسنأتي على قصته لأن فيها فوائد)
فقعد بأبي هو وأمي يستعرض القوّة ويقيم الولائم على الطريق ..
ويصالح ويوادع بعضاً من "قبائل الجوار" الذين رَهِبُوه لحربه قريش !
"رأس الأفعى ! "
..........
الدروس الأمنية بالسيرة النبوية (16)
كتاب المغــــــــازي (2) :
5- غزوة بدر الأولى :
وهي غير غزوة بدر المعروفة "الكبرى" ..
بعد رجوع النبي من غزوة بواط ..
لم يقم عشر ليال حتى أغار على سرحه (المواشي) ..
كرز بن جابر الفهري .
فطلبه النبي حتى بلغ موقعاً يسمي بدر .. ولكنه لم يدركه !
.....
برأيي هنا تعلم النبي والصحابة أمراً وهو التنبه لهذه الغارات ..
ومع أن هذا لم يذكره أصحاب المغازي ..
لكن انظر كيف أنهم استدركوها فعلاً بغزوة ذات الرقاع !
(دائماً فتّح عقلك وصِل الأمور ببعضها ..
وعش السيرة والقرءان كأنك فيها ومعهم !)
.......
6- ثم أقام النبي ثلاثة أشهر إلى شعبان ..
بعث خلالها سعد بن أبي وقاص (كمان قريبه) ..
وأيضاً بثلّة من المهاجرين .. وكانت كمثل سرية حمزة وعبيدة .
....
7- سرية كنانة :
بعد هذه الغزوات والسرايا التي كانت متحديةً رأس الأفعى "قريش" ..
جاءت جهينة "وهي قبيلة ذو شأن" موادعةً لرسول الله !
قال .. فأرسل النبي سرية من 100 شخص ..
إلى بطن من كنانة .. مضاربه بقرب جهينة !
(انظروا الذكاء يضرب جيرانهم المشركين ليرهبهم هم ..
ولكي لايؤلبهم جيرانهم لنقض الموادعة .. والله أعلم )
...
وهنا يحدث بهذه الغزوة أخطاء ..
حيث أن السرية فشلت بالمهمة ..
حيث لم يتوقعوا عدد العدو بما يكفي وكان هجومهم خاطئاً ..
فلجأوا إلى حليفتهم الجديدة جهينة التي منعتهم !
...
وكان هذا بسبب القائد ..
حيث يتبين لنا أن النبي غضب كثيراً وبدل القائد بعد ذلك .
...
وهذا لتعلم كم هي أهمية القائد ..
ولتعلم أن القائد الفاشل :
يدمر جماعة كاملة ولو كان فيها أصدق الصادقين ..
ولو كان فيها الصحابة أنفسهم !!
فكيف إن كان القائد فاسداً خبيثاً أو عميلاً ؟!!!
وهذا الأمر عرفه أعداؤنا جيداً ..
فتركوا الجنود وعمدوا إلى اختراقنا بالأمراء والقيادات ..
....
نعود للقصة ..
وبسبب قلة حزم هذا القائد اختلف القوم ..
فقال بعضهم نرجع إلى النبي ..
وقال آخرون نقيم عند جهينة .. وقال آخرون بل نهاجم عير قريش !
...
فتفرقوا ..
فلما قدم من أتى إلى النبي .. احمرّ وجهه بأبي هو وأمي غضباً !
وقال : أذَهبتم من عندي جميعاً وأتيتم متفرقين !!
(ليتك عندنا يارسول الله لترى حالنا اليوم)
لأبعثن عليكم غداً رجلاً ليس بخيركم ولكنه أصبركم !
فبعث عليهم عبد الله بن جحش ..
...........
الدروس الأمنية بالسيرة النبوية (17)
كتاب المغــــــــازي (3) :
8- سريّة نخلــــــــــة :
كانت هذه السرية من أعظم السرايا ..
وفيها من العِبر والدروس والفوائد الكثير !
وكانت السبب "المباشر" لغزوة بدر الكبرى (يوم الفرقان) .
...
وحقيقةً سيتجلى الآن فيها واضحاً لماذا كان اختيار النبي ..
لعبد الله بن جحش الأسدي في السرية السابقة .
وسترون فيها سرعة بديهته وفطنته ..
وسرعته بالتفاعل والتأقلم مع الأمور ..
....
وستذهلون فيها من حِرص النبي الأمني المخابراتي !
ولعل بعضكم يعرف القصة من قبل ..
لكنه سيجد الآن أنه لا يعرفها حقيقةً ..
عندما يعيش بالقصة وكأنه جنديّ بالسرية ..
وكأنه كان معهم حتى وصلوا "نخلة" ورجعوا منها .
.....
_ كانت هذه السرية في رجب عندما عاد النبي من بدر الأولى .
الهدف من السرية :
التجسس والاختراق الأمني لقريش !!
....
ويتضح هذا من عدد أفراد السرية : 8 أشخاص فقط .
ومن نوع الأفراد :
1- كانوا مدربين بشكل جيّد ..
2- وكان منهم أشخاص حديثي عهد بالالتحاق بدولة الإسلام ..
ولم يعرف أكثر الناس بمكة بالتحاقهم بعد "كعتبة بن غزوان" ..
لأنهم هربوا من قريش أثناء سرية عبيدة بن الحارث إلى ثنيّة المِرة ..
والتحقوا بالسرية بشكل سريّ .
وانظر وتأمل كثيـــــــــــراً هذه النقطة .
وقارنها بزماننا هذا !!
.........
3- وكانوا كلهم قرشيين عاشوا بمكة "وكانوا يعرفون عادات قريش جيداً !
4- وكانوا من بيوتات قريش ..
5- وكانوا سريعي البديهة .. (سترى هذا لاحقاً)
(يعني ما أرسل ناس من الرقة ليضربوا بالعمق الأمني النصيري مثلاً ..
ينبغي يكونوا من الساحل ويعرفون عادات النصيرية ولغتهم وتقاليدهم )
....
....
والآن سترون سابقة في العمل الأمني العالمي ..
وسبقاً وابتكاراً أمنياً لم تعهده البشرية قبل هذا ..
ومازال إلى الآن يدرس كمبدأ في أعتى الكليات الأمنية المخابراتية .
....
هذا السبق والاختراع الأمني أيها الإخوة ..
كان من إنتاج المدرسة الأمنية النبوية لمحمد بن عبد الله :
راعي الغنم كما يصورونه ..
أو ذو القلب الطيب والعيون المكحلة الذي يتمسحون به بالموالد !!
أو من ظُلل الغمام "وهي رواية موضوعة!"
أو من قصر الثوب وأطال اللحية !!
أو من له أحاديث بفضل الشهادة والانغماس بالعدو وهذا هو الدين !!!!
...........
هذا الفعل الأمني كان سابقةً ودهاءً مبهراً في ذلك العصر ..
(عصر الخِيم والغَنم ..
وعصر لم يصل عقل الانسان وقتها ليخترع له مكان ليتغوط فيه !
عصرٌ كان يئدُ فيه الرجلَ ولدَه وهو يضحك !)
وكان هذا العمل الأمني المخابراتي أيضاً ..
في مجتمع هو أطهر المجتمعات ومع ناس هم أشرف الخلق !
ومع ذلك سترى شدة خشية وحرص النبي ..
من الاختراق الأمني المحتمل فيه !!!!
.......
وشبابنا اليوم يقدسون أناساً من عصرنا وإيماننا نحن !!
وينفون عنهم الاختراق !!
ثم يدّعون أنهم على منهج محمد ..
ومنهج محمد الحقيقي بالعمل منهم براء والله ..
........
نعم ..
فلما أرسل النبي هذه السرية ..
أمرهم بالتوجه بطريق منطقة مكانها بخلاف ..
مكان المنطقة التي سيتوجهون إليها ..
وذلك من أجل أن يوصل العملاء في المدينة لقريش ..
معلومات مغلوطة عن توجههم !
.....
ويا ليت هذا فحسب فهذا شيء بسيط مما سيأتي الآن ..
فالسبق الأمني كان أنه لم يخبر حتى أفراد السرية أنفسهم بوجهتهم !
والعجيب أن كلهم كان أقرباء له أو من المقربين جداً له !!
....
بل أرسل مع الأمير كتاباً ..
وأمره أن لا يفتحه إلا بعد مسير يومين ..
وأن لا يستكره أحداً من أصحابه على مافيه ..
فلما فتحه وجد أنه يأمره بالتوجه إلى نخلة ..
ليستطلع أخبار قريش وحركتهم وقوافلهم :
(متابعة أخبار العدو كما فعلت أخت موسى كما بينت لكم سابقاً ..
والتي لا نفقه منها شيئاً نحن !!)
.........
فالنبيّ أخفى الخبر حتى عن أفراد السرية نفسها رغم ثقته بهم !!
_ وهذا ماسنراه لاحقاً في فتح مكة ..
حيث لم يعرف حتى أبو بكر الصديق رضي الله عنه بوجهته ..
وأخذ يستفسر من ابنته وهي لم تجبه !!!!!
فتخيــــــــــــــل وتأمـــــــــــــــــل ..
وغير عقلك وحياتك وتفكيرك ياعبد الله ..
.............
_ وهذا إلى الآن يستعمله كل أجهزة الاستخبارات بالعالم ..
منعاً لأي اختراق .
وتستعمله كل الجيوش أيضاً حيث لا تخبر أفرادها بوجهتها ..
إلا قبل الوجهة بفترة وجيزة !
وهذا الفعل من اختراع :
المدرسة الأمنية النبوية بكل بساطة وفخر أيها الإخوة !
......
ونحن ندّعي اتباعنا لسيرته ..
وربي نحن لا نفقه شيئاً منها إلا من ندر ..
وأنا شخصياً ما مرّ علي أحد يفقهها بحقها أبداً إلا ما ندر !
.....
نعود للقصة :
فلما فتح الكتاب وأخبر أصحابه بالوجهة ..
مابقي أحدٌ منهم وكلهم توجهوا معه رغم أنه لم يستكرههم ..
.........
وهنا يأتي الدرس الثاني من هذه السريّة العظيمة العِبر .
الدروس الأمنية بالسيرة النبوية (18)
كتاب المغــــــــازي (4) :
8- سريّة نخلة 2 :
قال يقول النبيّ صلى الله عليه وسلّم :
فإذا فتحت كتابي هذا فامضِ حيث تكون نخلة ..
فترصّد لنا قريشاً وتعلّم لنا من أخبارهم !
(ونخلة بين مكة والطائف فلاحظ بُعدها إذاً عن المدينة ..
ولاحظ أن النبي لم يكن قد لبث في المدينة سوى أشهر ..
لاحظ كيف كان تفكيره ولأين كان هدفه وكيف كانت سعة تفكيره !) .
......
فوصلوا نخلة ..
وبينما كانوا هناك مرّت بهم عيرٌ لقريش تحمل تجارةً لهم ..
وفيها من أشرافهم .
وكان هذا طبعاً بعد أن جمعوا ما أرادوا من معلومات عن قريش ..
فهذا كان هدفهم الأكبر وإلا لما التفتوا لغيره ..
....
ويتضح لنا هذا الأمر (رغم أنه لم يُذكر بالقصة هذه)
لمّا كان بمقدور حذيفة بن اليمان مثلاً ..
قتل أبي سفيان زعيم قريش نفسه ..
لما أرسله النبي في اختراق مخابراتي أمني لصفوف قريش في معركة الخندق .
لكنه لم يقتله لأن أوامر النبي كانت جمع المعلومات ..
وأن لايُحدث فيهم أمراً !
.......
نعود للقصة :
فلمّا رأتهم القافلة خافوا منهم ..
فكان القرار الحكيم والحازم للسريّة بأن قاموا وحلقوا شعور رؤوسهم ..
ولكم أن تتخيلوا سرعة البديهة وخفّة الحركة الأمنية بهذا الفعل !
....
فلما رأتهم القافلة حالقي الرأس أمّنوهم ..
وقالوا هم معتمرين لا بأس عليكم منهم .. فأمِنوا منهم !
وهذا من أعظم مبادئ الحرب التي تدرَّس إلى الآن بأعظم الكليات العسكرية ..
وهو إشعار عدّوك بالأمان منك !
فعله جند محمّد قبل 1435 عام !!
..........
وتشاور الصحابة مع أميرهم ماذا يفعلون ..
هذا صيدٌ ثمين بالإضافة إلى صيدهم الذي كسبوه من ترصّد قريش .
لكن هم بالشهر الحرام .. !!
وكانت العرب تُعظّم القتال بالشهر الحرام ..
وكان الإسلام حديث عهد بالعرب !
إذاً مالعمل ؟!!
هل يضيّعون هذا المغنم لجهادهم ولنصرة دينهم وتقوية حالهم ..
من أجل أن هذا شهر حرام !!
...........
هنا حقيقةً ستتغير طريقة تفكيرك كلها ..
وستضمحل عندك الكثير من المبادئ والقيم ..
مادمت قد فهمت هذا الدين بحقيقته ..
ومادمت أيقنت أن هناك جنة ونار وفيهما خلـــــــــــــود !!
تقول لي : وما دخل الجنة والنار بكلامك هذا ؟!!
باختصار وهيك طش فش (من الآخر يعني) :
لا يعرف أهمية الجهاد وأولويته وخصوصيته ..
إلا من أيقن بأن الحياة الأبدية هي إما في جنة أو في نار !
...........
هذا مو خطبة جمعة .. وفكّر بها مظبوط بتفهم عليّ !
وهذه لن تقرأها بكتاب أو مُجلّد ..
لكنها مذكورة بالقرءان.. ألم ترَ أن الله سبحانه دائماً يذكر :
{يؤمن بالله واليوم الآخر} ..
ليش خصّ اليوم الآخر دون غيره من شروط الإيمان :
(الإيمان بالملائكة والكتب و ...)
...........
لأن الإيمان بالله أحياناً لن يكفيك .. فيكمّله بالإيمان باليوم الآخر !
انظر قول الله سبحانه : (وقالوا لاتنفروا في الحر) ..
لم يقل بالتكملة هذا أمر الله .. بل قال : (قل نار جهنم أشد حرّاً !)
..................
المهم ..
هؤلاء الصحابة لما عرفوا أهمية هذا الدين بحقه ..
وأن الحياة الحقيقة لهم وللناس هي ليست بهذه الدنيا أبداً ..
وأن الجهاد سينقــــــــذ الناس من أعظم كارثة ستحل بهم ..
( أكتر لسا بشوي من الاحتباس الحراري !! ..
الذي من أجله قد يدمّرون قوانين بأكملها ومصانع بأعمدتها !!
وهدّموا بالأمس بإستنبول بُرجين كلّفا مليارات الدولارات ..
من أجل منظر تاريخي !!)
...........
فقرر الصحابة الذين فهموا أهمية هذا الجهاد بحقه ..
أن سلب هذه الأموال أعظم من كل الأعراف والتقاليد ..
ومن كل كلام العرب الذي سيتكلمونه عن الدين ..
وحتى عن النبي نفسه (وقد تكلموا لاحقاً)
.....
وتكلمت العرب كلها على النبي ..
وشتموه وأخذوا هذا الأمر حجة لتنفير الناس ..
وتشويه صورة هذا الدين على أنه دين مجرم !!
وأنه يفرق الولد عن أبيه والأب عن ابنه ..
وأنه يدمّر العادات والتقاليد ويدوس عليها ..
وقالوا ألم نقل لكم أنه من ساحر أو كذاب أو مجنون ..
أو عاق لقومه وبلده أو ..
عميل !! : {إن هذا إلا إفك افتراه وأعانه عليه قوم آخرون !!}
...........
لم يسأل الصحابة عن كل هذا ..
وخرقوا حتى العادات والتربية التي تربّوا عليها حتى هم ..
كرمى لعيون هذا الدين وحرصاً على قيامه وحبّاً بتقوية هذا الجهاد ..
فأغاروا عليهم وقتلوا منهم من قتلوا وأسروا من أسروا وغنموا العير كلها !
.......
واشتد الأمر على النبي صلى لله عليه وسلم كثيراً وكَثُر كلام الناس عليه ..
ذلك الصابر الصامت المصابر العظيم بأبي هو وأمي ..
الذي شُقت قدماه وشُجَّ وجهه وفقد ولده ..
وفقد زوجه وعمه المناصر له (أبو طالب) ..
واستُهزئ به وتُكلم عليه وأُلقيت الأوساخ عليه ..
وفقد حبيبه ورفيقه وعمه (حمزة) و ... و ....
.......
وكانت هذه الحادثة حجةً لكل حاقد ..
ليُثبت كلامه الحاقد عن النبي أمام الناس ..
الذين عظّموا هذا الفعل من الصحابة لأنه مخالف لعاداتهم !
....
لم يأخذ النبي صلى الله عليه وسلم بدايةً الغنائم من السريّة ..
وقال لهم ما أمرتكم بقتال في الشهر الحرام ..
واشتدّ الأمر على أفراد السريّة أيضاً ..
.......
وهكـــــــــــــــــذا ...
إلى أن أتى فرج الله ..
بكلام لـــــــــــــــه سبحانه من فوق سبع سماوات !!
كلام العليم الخبير القوي المتين ..
مصدّقاً لفعلهم مقراً له .. بل ومـــــــــــــــــادحاً لهم ولفعلهم !
....
وقال الله سبحانه رادّاً على من تكلم عليهم :
{وصدّ عن سبيل الله والمسجد الحرام ..
وكفرٌ به وإخراج أهله منه أكبر عند الله} !
أي ماتفعلونه يا أنجاس أكبر من هذا الفعل !
........
قلت لكم :
لن يفهم كلامي هذا ويعرف أهميته :
إلا من عرف حقيقة هذا الدين ..
وإلا من أيقن يقيناً كاملاً بالجنة والنار وكأنه يراهما !!
وإلا من يعلم أن الجهاد هو أكبر سبب للنجاة من هذه النار ..
وهذا سبب فرض الجهاد أصلاً !
وما أدراك ما النار !
..........
هنا تنتهي الدروس المختصرة المستفادة من هذه السريّة العظيمة العِبر !
وبالله المستعان ..
.........
وكتبه الغريب 23/10/2014 ..
الدروس الأمنية بالسيرة النبوية (19)
كتاب المغــــــــازي (5) :
وفي هذه السنة (أي الأولى) حُوّلت القبلة وفُرض الصيام ..
وكان أول مافُرض الصوم كان إذا نام أحدهم بعد المغرب ..
لا يأكل ولايشرب ولايقرب النساء حتى مغرب اليوم الثاني !
وكان في هذا جهد لهم وعناء إلى أن خفف الله عنهم ..
وكان الصيام على النحو الذي نصومه اليوم !
.....
وكان فرض الصيام قبل غزوة بدر العُظمى بقليل !
.....
غزورة بدر الكبرى أو يوم الفرقان يوم التقى الجمعان !
**************************************
وقدر وردت حتى بالقرءان بغير ما موضع !
قال ابن إسحاق رحمه الله بعد ذكره لسرية ابن جحش :
بعد أن: ثم إن رسول الله سمع بقافلة لقريش يقودهم أبو سفيان ..
وفيها أربعون رجلاً فيهم مخرمة بن نوفل وعمرو بن العاص ..
وكان هذا بعد سرية نخلة بشهرين .
قال : وكان في العير ألف بعير تحمل أموال قريش بأسرها !!
....
انتهى .
قلت : (ثم إن رسول الله سمع بقافلة لقريش)
يعني كيف عرف فيها نزل عليه الوحي مثلاً ..
ولا دقولوا عالموبايل مثلاً ولا ... ولا ... ؟!!
....
وليس هذا فحسب ..
بل تحصّل على معلومات تفصيلية عن :
من يقود الرتل التجاري .. وكم شخص يحرسه ..
ومن معهم من الأشراف (الضباط) ..
وكم عدد الشاحنات (البعير) ومافيها !!
وليس هذا فحسب ..
بل عرف الأموال هذه لمن تعود ومن المشارك بالقافلة !!!
.......
بربك .. بربك !!
ونحن الآن في 2014 !!
لو عرضت هذه النتائج الاستخباراتية وهذا الاختراق الأمني ..
للنبي بقريش على ال CIA ..
ألن تفعل المستحيل للتعاقد مع هذا الرجل الأمني ..
الذي استطاع أن يعرف كل هذا عن عدوه ..
والأعجب أن عدّوه كان في غاية الحذر والحرص الأمني وقتها ..
"وهذا ماسنراه لاحقاً في الغزوة" .. ولم يكن غافلاً ساهياً !!
.......
هذه القدر الأمنية لمحمـــــــــــد ..
الذي تتمسحون به وتتمسحون بأنكم من أتباعه !!
كانت قبل 1500 عــــــــــــــــــــــام !!!
وكانت في أول عام فقط من حربه لقريش !!!
فكيف لو كان موجوداً الآن !!
......
كل هذا فقط في جملة واحدة تمرّ علينا مرور الكرام ..
وتدخل آذاننا ولكنها لاتدخل قلوبنا وعقولنا ..
لأننا لانعيش في السيرة النبوية كأننا كنا معهم !
......
يقول ابن إسحاق :
وكان أبو سفيان يتحسس الأخبار ويسأل كلّ من مرّ به من الركبان !
_ هنا يظهر لكم شدة حذرهم وحرصهم الأمني ..
ومع ذلك حصّل النبي كل هذه المعلومات التفصيلية عنهم !
....
قال : وتنامى إليه من بعض الركبان أن النبي يستنفر لك ولأصحابك ..
_ وهنا نرى أن النبي كان بشراً وأخطأ بهذا ..
لكن كتحليل شخصي أقول :
أن النبي لم يكن بعد قد تمكّن بيثرب ..
وكان ضيفاً جديداً غريباً طرده قومه وسفههوه ظلماً !
"وهذا يورث بقلب الرجل حزناً وانكساراً"
وهؤلاء نصروه ..
.....
فلم يبدأ بهم بالتشدد الأمني المطلوب فوراً ..
فهو كان لايريد أن يثقل عليهم ..
_ ونرى ذلك واضحاً بأنه لم يكن يرسلهم بالسرايا ..
.....
ولتنتبه جيّداً لما أقول :
تجد أن هذا الخطأ الأمني ..
فيما بعد قد تمت معالجته معالجة تامّــــــــة ..
وبشكل حازم وعجيب إلى الآن مازال أعجوبة :
فنرى أنه في فتح مكة ..
لم تعرف قريش بقدومه مكة فاتحاً (رغم توقعهم الأكبر لقدومه) ..
إلا بعد أن وصل ..
رغم أنه كان معه 10 آلاف رجل من مناطق شتى من الجزيرة !!
_ بينما في بدر لم يكونوا إلا 300 رجل من منطقة واحدة !!
(وسنتحدث عن هذا مفصلاً في وقته إن شاء الله)
.......
فكيف لهذا أن يتمّ لولا أن النبي ..
بعد أن تمكن في المدينة وتمكن الإيمان بقلوب اليثربيين ..
وتمكن حب النبي بقلوبهم ورأوا نصر الله له في مواطن عديدة ..
اتخذ إجراءات أمنية حازمة شديدة مافيها مزاح ولاتهاون ؟!!!
وبذلك استدرك خطأ بدر ومعرفة أبي سفيان بتجهيز النبي له ..
وتحويله طريق القافلة بعد ذلك ..
......
فانتبه لهذه اللفتة المهمة والخطيرة ..
وسنأتي على تطور العمل الأمني عند النبي صلى الله عليه وسلم ..
خلال مسيرة حياته مفصلاً إن شاء الله ..
والذي كان بسبب التعلم من الأخطاء المرتكبة ..
وبسبب أهم وهو تمكن النبي أكثر وأكثر من قلوب من معه ..
وذلك لتمكن الإيمان في قلوبهم !
فاستطاع أن يتحرك بالأمور الأمنية بحزم وتنظيم ..
أدى إلى تحرك 10000 شخص من قبائل متفرقة مثلاً ..
صوب قريش المتوقعة لقدومهم !!
فلم تشعر بهم إلا بعد أن صاروا بضواحي مكة !!!!
فتأمــــــــــل !
......
يتبع إن شاء الله ..
الدروس الأمنية بالسيرة النبوية (20)
كتاب المغــــــــازي (6) :
يقول ابن إسحاق :
(وأرسل أبو سفيان بعد أن علم بخبر تجهيز النبي له ..
ضمضم بن عمرو الغفاري إلى قريش يستنفرهم على أموالهم !)
....
وتُحكى هاهنا قصة جميلة ..
حيث أن عاتكة عمة النبي رأت في الرؤيا أن منادٍ ينادي على قريش أن انفروا إلى مصارعكم بعد 3 ليال ..
وانتشرت الرؤيا بين قريش ..
_ (من مبدأ الثقة المعروف : حيث أن كل واحد يقول السرّ لثقة ..
وآخر ثقة تكون فرع فلسطين كما كنت أقول للإخوة في البلد
والعجيب أن أمر الثقة هذا منتشر بيننا الآن أيضاً !!
فهل إن كان الإنسان ثقة تسلمه سرّ ؟!!
فاعلم أنه كما أنت لديك ثقة .. فهو لديه ثقة !
والسرّ إذا جاوز الاثنين بالأكثر لم يعدّ سرّاً )
.......
فهنا تحدثت عاتكة للعباس فقال لها : اكتمي الرؤيا .
لكنه هو حدثها للوليد بن عتبة وكان ثقة عنده !!
والوليد حدثها لأبيه عتبة بن ربيعة وكان ثقة عنده !!
و .. هكذا حتى شاعت الرؤيا بقريش)
.....
ويلقى أبو جهلٍ العباسَ فيهزأ به ويقول له :
يابني هاشم ألم يكفكم أن تتنبأ رجالكم حتى تتنبأ نساؤكم !
(وكانت المرأة وقتئذ تُحتقر ولاتعدّ شيئاً)
فقال له سنتربص بكم ثلاثة أيام فإن حدثت رؤياها كان ..
وإن لم تحدث فسنكتب بكم كتاباً أنكم أكذب بيت بالعرب !
فأنكر العباس الرؤيا وتهرّب من أبي جهل ..
ولم يردّ عليه حتى بتعييره لنساء بني هاشم !!
.......
فلما كان الليل لم تبقى امرأة من بين هاشم ..
إلا عيّرت العباس بأنه لم يردّ عليه لتهجمه على نساء بني هاشم !
فتحمّس العباس وقال لأتعرضن له وأقع فيه ..
فغدا في اليوم الثالث للرؤيا إلى المسجد يريد أبا جهل ..
وهو متحمس غضبان يريد أن يتعرض لأبي جهل ليرجع ويقول له ما قال من قبل عن نساء بني هاشم .. فيقع فيه ويشتمه !
......
يقول العباس :
وكان (أي أبو جهل) خفيفاً حاد النظر وحاد اللسان حاد الوجه !
فوالله إني أمشي نحوه إذ به يخرج مُسرعاً من باب المسجد يشتد !
فقلت ماله لعنه الله أكل هذا خاف مني أن أشاتمه !!
_ وإذا هو كان قد سمع ما لم أسمع :
وهو صوت ضمضم بن عمرو الغفاري يصرخ بقريش في بطن الوادي .
قد جدع بعيره وحوّل رحله وشق قميصه ويصرخ ..
اللطيمة اللطيمة أموالكم مع أبي سفيان قد عرض لها محمد !
.....
فغضبت قريش وقالت أيظن محمدٌ أن تكون كعير الحضرمي ..
(الذي قُتل بسريّة نخلة) والله ليعلمن غير ذلك .
قال :
ولما تجهزوا تذكروا رؤيا عاتكة فخافوا وخرجوا على الصعب والذلول !
........
قلت :
وكانت هذه أول الرعب لهم ..
وأول الحرب النفسية (الربانيّة دون تدخل بشر) في بدر ..
(والمحمدية في غيرها من المعارك كما سنرى)
_ ويظهر في هذه القصة أهمية الإشاعة ..
ونجد أنه في زماننا يخصصون أفرع أمن خاصة ببث الإشاعة بين الناس !
فكانت هذه الرؤيا بمثابة الإشاعة بين قريش ..
وكانت أول هزيمتهم بالحرب النفسية ..
وسنتوسع بالحرب النفسية فيما سيأتي ..
ونلاحظ كيف طوّر النبي هذا المجال كثيراً ووسعه وبرع به ..
بل وأبدع فيه أموراً لم تعرفها البشرية قبلاً وليس في هذا أي مبالغة !
...
ونرى كذلك أثر الحرب النفسية في قصة أخرى في بدر ..
(وإن لم تكن مقصودة هنا ..
لكن سنرى لاحقاً كيف أن النبي قد جهز حرباً نفسية رهيبة بنفسه ..
وخطط لها هو لاحقاً)
فمن ذلك ماحدث لأمية بن خلف مع سعد بن معاذ ..
وذلك أن سعداً أراد مكة معتمراً ..
وكان أن تجمعت عليه قريش تريد ضربه بعد أن آوى النبي ..
فأجاره وقتها أمية وقال لقريش والله إن ضربتموه ..
سيقطع عليكم طريق تجارتكم للشام (لأنه يمر بيثرب) .
وكان مما تحاورا بعد ذلك أن قال سعد بن معاذ له :
دعنا منك يا أبا صفوان ..
فوالله إني سمعت النبي يقول بيثرب إنهم قاتلوك .
وكان كلامه هذا لايُمحى من بال أمية ..
فلم يرد الخروج وتهرب منه حتى ضغط عليه أبو جهل !
فقالت له امرأته والله إن محمداً لايكذب !!
(لاحظ تصديقه هو وزوجته للنبي لكن منعهم الهوى من الإيمان !!)
فاشترى أجود بعير بمكة (ليهرب بها إن حدث شيء ) ..
وكان يعقلها جيداً كل ما نزلو منزلاً إلى أن قتله الله ببدر !
قال : وكانوا بين رجلين إما مقاتل أو مجهز لمقاتل ..
قال وأوعبت قريش ولم يتخلف من أشرافها أحد إلا أبو لهب .
......
مررنا بهذا الدرس على مدخل للحرب النفسية في حروب النبي ..
للمعلومات : الحروب النفسية اليوم من أهم وأخطر الحروب المعتمدة !
....
وأول من استخدمها بين العرب هو محمد صلى الله عليه وسلم ..
نبيك !! (كما تدّعي) !!!
......
يتبع إن شاء الله ..
الدروس الأمنية بالسيرة النبوية (21)
كتاب المغــــــــازي (7) :
ثم يتحرك المشركون للمدينة أثناء تحرّك النبي لملاقاة العير !
وهاهنا تفاصيل لا تهمنا في هذه الدروس ..
_ قصة يستفاد منها في الأدب مع جهلة الناس وعوامهم !
ولو أساءوا مع أمرائنا وقادتنا !!
وذلك أنهم لما كانوا بعِرق الظبيّة جاءهم رجل من الأعراب ..
فقالوا له سلّم على رسول الله (مو الأمير فلان أو القائد علاّن) !
فقال أو فيكم رسول الله ؟!
_ فاستقبل النبي وقال إن كنت رسول الله كماتزعم ..
أخبرني عن مافي بطن ناقتي هذه ..
فقال له سلمة بن سلامة (صحابي) :
أنا أخبرك .. نزوت عليها وهي الآن تحمل منك سلخاً !
فزجره النبيّ وقال له : مه ! أفحشت على الرجل ..
وأعرض عن سلمة !
وياليتك بيننا يارسول الله لترى حالنا اليوم !!
.....
قال :
ولما بلغ رسول الله الصفراء بعث بسبس بن عمرو الجهني ..
وعديّ بن أبي الزغباء يتجسسان له أخبار أبي سفيان عند بدر !
_ ثم لما بلغ وادٍ يقال له (ذفران) أتاه خبر قريش وتجهيزها له ..
(اسأل نفسك كيف عرف بخبرهم) ..
فاستشار الناس ..
وهنا كلكم يعرف القصة وكيف قام أبو بكر ثم عمر ثم ... الخ
ثم أصرّ النبي ليأخذ رأي الأنصار لما شرحناه سابقاً ..
من تعاهده معهم على الدفاع عنه بالمدينة فقط !
وهذه القصص لن تهمنا كثيراً هنا ..
فنحن هنا ندرس الدروس الأمنية فقط !
......
قال :
فسار النبي بعد أن استشار القوم وسُرّ لما رأى منهم ..
وخصوصاً الأنصار (الذين لم يكونوا عاهدوه على هذا) ..
فقد قالوا له : والله لو سرت بنا البحر لخضناه معك ماتخلّف منا أحد !
.....
قال فوصل النبي إلى بدر ..
_ قال فلما وصل بدراً ..
ركب هو ورجلٌ من أصحابه (أبو بكر)
(عش القصة أخي لاتنسى !) ..
حتى أتى شيخاً كبيراً من العرب يعرفانه ولايعرفهما ..
فسأله النبي :
عن محمد الذي يزعم أنه نبي وعن من معه وعن قريش ..
(يريد يعرف مكان وصول جيش قريش ليجهز لهم..
فما بالك كان يفعل اليوم لو عنده تقنيات وأقمار صناعية ؟!!)
....
فقال لا أخبركما حتى تخبراني من أنتما ؟!
وكانت العرب تعرف بعضها بعضاً (كقبائل وعشائر) ..
وكان يريد أن يعرف إن كان النبي مع قريش أو مع محمد ؟!
....
فقال له النبيّ إذا أخبرتنا أخبرناك ..
(يريد أن يأخذ منه المعلومات بأي طريقة)
...
فقال الشيخ : بلغني أن محمداً وصحبه خرجوا من يثرب يوم كذا ..
فإن صدقني الذي أخبرني فهم بمكان كذا ..
(وأخبره بنفس المكان الذي فيه النبي بالضبط !!)
وإن قريشاً خرجت من مكة بيوم كذا ..
فإن صدقني الذي أخبرني فهم الآن بمكان كذا !
(وكان ذلك بالفعل مكان قريش)
....
فلما فرغ من خبره قال ممن أنتما ؟!!
فقال النبي وهو ينصرف عنه : مِن ماء !!
(بأبي وأمي ما أذكاك وما أفطنك وما أصدقك !!)
فورى عنه وموّه كي لايخبر قريشاً بوجود النبي في بدر ..
وبنفس الوقت لم يكذب عليه وهو النبي .. فالإنسان من ماء مهين !!
....
فقال الشيخ : ما من ماء (يعني لايوجد هكذا قبيلة) ..
أمن ماء العراق ؟!!
فانصرف النبي ولم يجبه !!
.......
حقيقة لا أعرف بماذا أُعلّق على هذه القصة ..
أبداً ما وجدت تعليقاً يليق بها ويكافئها !!
وخصوصاً بعد كل ما أخبرتكم به وشرحت لكم عن هذا النبي ..
وذكائه وفطنته .. وهو من 1500 عامّ !!
_ انظروا كل هذه الدروس الأمنية الرهيبة .. مع أنها من 1500 عام !!
(وهذا ما وصلنا منها فقط وماخفي كان أعظم !)
تعرفون بكل حرف حدثتكم به ..
عن أهمية الأمن والفطنة والذكاء بالدين !!
......
بأبي أنت وأمي يارسول الله كم أحبك وكم أفتخر بك والله !!
وكم بدلّنا دينك وكم غيرناه وكم حقرناه وكم شوهناه ..
وكم جعلناه دين الأغبياء الحمير المساقين المخدوعين !!!
وياليتك بيننا لترى كيف يسوقنا الغرب والشرق ..
ويضحكون علينا ويلعبون بنا ويستجحشوننا !!
ثم كلنا يدّعي أنه على منهجك وكلنا يدّعي أنه المتبع لك !!!
....
وكتبه الغريب !
الدروس الأمنية بالسيرة النبوية (22)
كتاب المغــــــــازي (8) :
قال ابن إسحاق :
ثم رجع النبي إلى أصحابه (يقصد من عند الشيخ) ..
فلما كان الليل بعث النبي علياً وسعداً والزبير ..
(الذين سيتقاتلان بعد هذا ب20 عام !)
في نفرٍ من أصحابه إلى الماء (ماء بدر) ليلتمسوا الخبر له !
.....
فأصابوا راويةً (سقاة) لقريش وهما غلامان ..
فأخذوهما (يدلّك على حسن تموضعهم وتمويههم).
فأتوا بهما النبي والنبي صلى الله عليه وسلم يصلّي ..
فبدأوا التحقيق معهما فقال الغلامان :
نحن سقاة لقريش أتينا إلى ماء بدر لنسقي للجيش !
....
فلم يُعجب كلامهما القوم (والنبي مازال يصلّي) ..
وذلك أنهم أحبوا أن يكونا لأبي سفيان .
_ وهنا فائدة في التحقيق ..
أن الإنسان المحقق يجب أن يتجرّد من عواطفه وميوله تماماً ..
أثناء التحقيق لئلا تضلله عواطفه !
....
قال :
فبدأوا بضربهما (وهما كانا يقولان الحقيقة !!) ..
فلما اشتدوا عليهما بالضرب : قالا نحن لأبي سفيان !
(كي يسكتوهم عنهما !!) فتركوهما ..
(وهنا دليل لجواز التعذيب للحصول على معلومة من العدو ..
لكن طبعاً بشرط أن لا يكون تعذيب للتشفي بدون فائدة !)
....
قال ومازال النبي يصلي حتى أنهى صلاته وقال :
إذا صدقاكما ضربتموهما وإن كذباكما تركتموهما ؟!!
صدقا والله إنهما لقريش .. أخبراني عن قريش !
....
وماذا أكتب هنا حقيقةً .. كذلك لا أدري !!
الآن سيقول لي أحدكم : إي هو نبي مشان هيك عرف (وحي) !
أقول لو كان الأمر هنا وحي لنُوّه عليه والقصص في ذلك كثيرة !
لكن هذه كانت هنا فراسة من النبي وأي فراسة !
........
ولن يفهم هذا الأمر إلا من سار بهدي النبي صلى الله عليه وسلم ..
فتراه يعرف الرجل بنظرة هل هو صادق أم كاذب !
طبعاً إن لم يكن غدّاراً محترفاً فهذا ينبغي له جهد أكبر ..
وخصوصاً إن كان قريباً لك أو ممن تثق بهم فخداعك بهؤلاء أسهل !
.........
فقال النبيّ : أخبراني عن قريش .. فقالا : هما وراء هذا الكثيب .
قال : كم عدد القــــــــــــــــــــوم ؟!!!
له له ما هذا يا رسول الله !!! ..
(ونعوذ بالله من هذا الكلام لكن هذا لسان حال الكثيـــــــــر!!)
أين إيمانك وعقيدتك وشجاعتك يارجل !!!!
معقولة تحسب : لعدد القوم ؟!!!!!
لك ليش ومين سئلان عنهم
وقاتلهم الله .. والله معنا .. وبس توكلوا على الله ..
وهبوووا .. وعليهم .. وقولوا الله يارجال .. وشو خايف منهم ..
والله يرحم أيام كنت تطحش عليهم وما تسأل و ... أختون
و ... و ... و ...
_ شو هي : كم عدد القوم ؟!!
وكل شوي بتسأل عن مكانهم بالضبط وكل فترة ؟!!
(لما سأل الأعرابي والآن لما سأل الغلامين ..
وطبعاً هذا ما وصلنا فقط وماخفي كان أعظم بكثيــــر حسب رأيي)
.......
فقال النبي لهما : كم عدد القوم ؟!!
قالا كثير قال : كم عدَّتهم ..
يعني شو معهم سلاح وعتاد وذخيرة و .. و .. و .. ؟!!
لك كيف هيك ليش مو نحن ننتصر بالإيمان وبالعقيدة ..
والله وعدنا بالنصر .. والله لن يخذل جنده و .. و .. و ...
هه ..
....
قالا : والله لاندري ..
لم يكتف بهذا وانظروا يا من تدّعون الاقتداء به ..
انظروا إلى فطنة نبيّكم وذكائه الرهيب ..
انظروا إلى هذا الرجل الذكي الرهيب الفطن الداهية ..
قال لهما : فكم ينحرون باليوم ؟!
قالوا : يوماً تسعاً ويوماً عشراً من الإبل ..
قال : القوم مابين التسعمائة للألف !!
لاتعليــــــــــق .. !!
......
قال : ثم سألهم بأبي هو وأمي من فيهم من أشراف قريش ..
قال فعدوا له كل أشراف قريش ..
فقال : هذه مكة ألقت إليكم بأفلاذ أكبادها !
....
اعذروني لعجلتي اليوم ..
..
أستودعكم الله ..
الدروس الأمنية بالسيرة النبوية (23)
كتاب المغــــــــازي (9) :
ولما وصل رجلا الاستخبارات اللذين أرسلهما رسول الله إلى ماء بدر (بسبس وعدي) .
أناخا إلى تلّ قريب من الماء ..
وأرادا أن يظهرا كراكبين عاديين يريدان أن يستقيا من الماء .
(اتخذا فكرةً جيدةً للتجسس ..
لكن سنرى أنهما وقعا بأخطاء ..
أدّت إلى أن تفلت القافلة من النبي وتهرب !
والسبب قلّة خبرتهما الأمنية ..
وذكاء أبي سفيان الذي غلب ذكاءهما هنا !
وهذا يدلّك على أنّ النبي كان بأفعاله الأمنية قد أتى ببدعةٍ وذكاء أمني باهر ..
لم تكن تتقنه العرب إلا قليلٌ منهم !)
........
فرآهما مجدي بن عمرو الجهني ..
وبينما هما يستقيان .. سمعا جاريتين تقول إحداهما للأخرى !
إنما تأتي العير اليوم أو غداً (تقصد قافلة أبو سفيان) ..
فأعمل لهم وأعطيك مالك .
قال فانطلق (عديّ وبسبس) بالخبر إلى رسول الله فوراً !
....
قال وأتى أبو سفيان بالقافلة حذَراً !
حتى أتى ماء بدر فقال لمجدي بن عمرو وكان على الماء ..
هل رأيت مايريبك ؟!
(انظروا الحسّ الأمني والذكاء لأبي سفيان أيضاً ..
وهذا يدلّك أن النبي كان يواجه عدّواً قيادته ذكيّة !
وهذا يؤكد أن انتصاره كان لشدة ذكائه عليهم بشكل رئيسي !
وليس فقط الملائكة وبعض الأمور التي تفهم بغير محلّها !!!)
....
فقال مجديّ لم أرَ إلا راكبين أناخا بعيرهما عند ذلك التلّ ..
قال فانطلق أبو سفيان للتلّ يبحث عن أثرٍ لهما ..
فوجد أبعار بعيرهما (براز البعير) ..
فأخذه وفتته فوجد فيه بقايا نوى تمر !
فقال هذا والله علاف يثرب (لكثرة التمر فيها) !
فحول مساره واتجه للبحر هرباً من النبي !
....
واقترب جيش قريش حتى نزل قريباً من الجحفة ..
ورأى أحد بني عبد المطلب "ممن كانوا مع قريش" ..
أيضاً رؤيا جديدة وفيها أن أسياد قريش سيقتلون ..
فكانت أيضاً سبباً في توهين قوتهم .. وقد تحدثنا عن هذا سابقاً .
وكالعادة كان من يستهزئ ويكذّب الخبر ..
هو أشد قريش عداوةً للنبي أبو جهل ..
فقال هذا نبيّ جديد من بني عبد المطلب أيضاً !
وهزأ به وقال ستعلم غداً من القاتل ومن المقتول !
........
قال ولما رأى أبو سفيان أنه أحرز عيره ونجت أموال قريش من النبيّ أرسل لهم أن ارجعوا فقد نجت أموالكم !
لكن غرورهم وحقدهم وبطرهم وريائهم دفعهم لمواصلة القتال وقالوا نقتل محمّداً وصحبه ونشرب ونأكل ثلاثاً ببدر ونطعم الناس فلا تزال العرب تهابنا أبداً !
...
قال وأقبلت قريش حتى نزلت بالعدوة الدنيا عند العقنقل !
...
ولما أخذ المسلمون كل الأسباب وأخذوا كل الاحتياطات ..
جاءهم بوادر التثبيت الرباني العلوي ..
وكان من أوائل التثبيت نزول المطر عليهم .
فأذهب عنهم رجز الشيطان وتخويفه لهم ..
فهم في لقاء عظيم مع سادة العرب وأعظمهم ..
ومن كانوا يعذبونهم أو كانوا عندهم عبيداً أو كانوا يؤذونهم ..
فرَبَط الله بماء المطر على قلوبهم (وهذا كثيراً ما حدث معنا) !
وثبّت المطرُ الأرض من تحتهم ..
بينما أصاب قريش منه ماء لم يقدروا أن يرتحلوا معه !
....
وكانت التثبيت الثاني هو النعاس فناموا كلهم ..
والنعاس سنة الغزوات !
وهو يعطيك سكينة عجيبة وهذا أيضاً حدث معنا !
....
وأنا أذكر لكم أنه حدث معنا لا من أجل "الشوفوني "
بل لكي لا تبقى هذه القصص لكم :
كقصص ليلى والذئب وقصص خيال وهدوك صحابة ونبي !
.......
يتبع إن شاء الله ..
الدروس الأمنية بالسيرة النبوية (24)
كتاب المغــــــــازي (10) :
قال ابن سحاق : فخرج رسول الله يبادرهم (أي يسبقهم) إلى الماء ..
حتى إذا جاء أدنى (أي أقرب) ماءٍ من بدر نزل به !
....
قال : فجاءه (أي للنبيّ مو للخليفة أو القائد أو الأمير العام !)
الحُباب بن المنذر بن الجموح ..
فقال يا رسول الله :
أمنزلٌ أنزلكه الله فيه .. مالنا أن نتأخر أو نتقدم عنه !
(انظروا التوحيد الحق ..
وتشغيلهم لعقولهم حتى ولو كان المخطط النبي نفسه ..
مو مخطّطين وقيادات الدولة أو النصرة أو القاعدة أو ... !!!)
أم هو الرأي والمكيدة والحرب ؟!
...
قال (أي النبيّ نفسه !!) : بل هو الرأي والمكيدة والحرب ..
قال فما هذا بمنزلٍ يا رسول الله !!!!!
_ (فأتت دورة من "الأمنيين" شحطته ..
ثم عصابة من التويتريين خوّنته واتهمته ..
فمجموعة من "الشرعيين" حكمته ..
ثم مجموعة من الجنود ... قتلته !!)
...
قال : فما هذا بمنزلٍ يا رسول الله ..
فامضِ بالناس حتى تأتي أدنى ماء من القوم فننزله ..
ثم نغوّر ما وراءه من القُلُب (الآبار) ..
ثم نبني عليه حوضاً فنملأه ماءً ..
ثم نقاتل القوم فنشرب ولا يشربون !
....
_ (فقال له : تباً لك أين إيمانك ياهذا .. الله معنا وسينصر الله جنده !
ومفكّر حالك بتفهم أكثر من أمير المؤمنين ومخططيه ..
أو من الأمير العام ومعاونيه !!
وحاجتك تنظييير ..
دولتنا ما بحاجة تنظيراتك وبيعرفوا شو عم يساووا !)
....
لا .. بل قال له : لقد أشرت بالرأي !!!
بأبي أنت وأمي يا رسول الله !!
....
هذا يا إخوة ..
والنبي كان أذكى الخلق وأفطنهم ..
كما ترون من سيرته وخططه ومكره بعدّوه ..
لكن انظروا إلى التربية التي كان يربّي عليها جنوده !!
....
فمجرّد أن الجندي تجرّأ أن يعترض على مخطط النبي وفعله هنا ..
الذي رآه خاطئاً !!
رغم أن كبار صحابة النبي ومخططيه وافقوه عليه !!!
وبنفس الوقت كان ملتزماً بأدبه ويعرف قدر النبي وخبرته وتفوقه عليه ..
فهذه التربية (بجوانبها التي ذكرتها) .. شيء معدوم عندنا الآن !!!
....
فإما تمرّد واحتقار واستخفاف بالقائد .. أو تقديس وتسكير للعقل !
ودونكم مقال العبد الفقير على صفحتي الشخصية :
جهاديّات (6-7) http://justpaste.it/J6-7
جهاديّات (6) :https://www.facebook.com/rokayba/posts/458513970957717
جهاديّات (7) :https://www.facebook.com/rokayba/posts/458615024280945
ففيهما من الكلام المهم الخطير بهذا الخصوص الكثير !
....
وانظر إلى تربية النبي لأصحابه ..
وتربية حاشية الأمراء لجنودهم اليوم !
وكل هذا والله حبّاً منهم قبّحهم الله وحفاظاً على الكرسي والمنصب !
....
ومثل هذه القصة أيضاً ..
لما عجز كبار الصحابة عن معرفة سؤال بسيط ..
وعرفه غلام !! : (عبد الله بن عمر) ..
وهو سؤال الشجرة التي تشبه المؤمن .. والقصة معروفة !
....
....
ينقصنا الكثيــــــــــــــر .. أليس كذلك ؟!!
....
لن أكمل مع هذا الدرس شيء ..
وذلك لعظم قيمه ودروسه وعِبره !
هل كذبتُ عليك لما قلت أن لو تعرف السيرة النبوية بحقها وتعيش فيها :
سيتغير عقلك وفكرك وحياتك ؟!!
....
يتبع إن شاء الله
الدروس الأمنية بالسيرة النبوية (25)
كتاب المغــــــــازي (11) :
ثم يورد ابن إسحاق ما كان من أمرهم ببناء عريشٍ ..
للنبيّ صلى الله عليه وسلّم !
وفي هذا لفتةٌ لأهمية الحفاظ على أمير الجماعة وقائدها !
وتحدّثنا عن هذا سابقاً بقصة إسلام عمر !
حيث عرّض الصحابة أنفسهم وبعضهم للخطر مقابل سلامة النبيّ .
....
قال فلما كانت أول رؤية النبي لجموع قريش قادمة إليه !
رفع يديه للسماء وقال : اللهمّ .. ..
اللهمّ هذه قريش قد أقبلت بخيلائها وفخرها .. تحادّك وتكذّب رسولك .. اللهم فنصرك الذي وعدتني .. اللهم أحنهم الغداة !)
(ولايشعر بشعوره وقتها وحرقة قلبه بأبي هو وأمّي ..
إلا مَن كُذّب من أهله وقومه وخُوّن وطُرد وعُذّب وخُوّن ..
وهو صادقٌ حريصٌ عليهم .. وسيبكي عندما يقرأ هذا الدعاء !)
....
وهنا لفتةٌ مهمّة لا يمرّ عليها أصحاب السير إلا مروراً سريعاً !!
قال : فلما نزل الناس (الفريقان) .
أقبل نفرٌ من الناس فيهم حكيم بن حزام على الحوض الذي عمله رسول الله ليشربوا .. فقال لهم النبي دعوهم !
فما كان منهم أحدٌ إلا قتل إلا حكيم بن حزام !
...
فوائد :
1- لا تنسى أنّ هذا أول لقاء بين المسلمين :
(الذين كانوا مستضعفين مظلومين) ..
وبين الكفار قريش : (الذين استضعفوهم وكانوا يتجبرون عليهم) .
ففي هذا اللقاء حساسيّة كبيرة لا يعرفها إلا من جرّبها .
_ فرهبة هؤلاء الجبابرة لا تزال في قلوب المسلمين ..
وخصوصاً أنهم من صغرهم وهم يعرفون أبا جهل أو عتبة أو أميّة ..
وهم سادة العرب المتجبرين ..
عندهم الخدم وأمرهم مطاع وهيبتهم كبيرة !
فأمرٌ صعب جدّاً موقفك وأنت تثور وتتمرد عليهم !
بل وتلقاهم وجهاً لوجه ..
وخصوصاً أنك ضعيف مسكين لا عدد ولا عدّة ..
...
ووالله من يتأمل ويعيش !!!
(ركّز أني دائماً أطلب منك أن تعيش القصة ..
لا أن تقرأها وينمّل بدنك منها وتبكي فقط !!
بل تعيش وكأنك معهم تماماً ..
ولن تفهم دينك كله .. أكرّر : دينك كله ..
إلا بأن تعيش .. بالسيرة !)
فمن يتأمل ويعيش معركة بدر ..
يعلم لماذا قال الله لأهلها اعملوا ما شئتم فإني قد غفرت لكم !
فهو موقفٌ رهيب مخيف مرعب .
ما ثبت به إلا من ضحى بكل شيء إيماناً بمعتقدات هذا الدين ..
.....
ولا أظن (حسب ما أعلم) أحداً في هذا الزمان ..
يعرف معنى بدر ومعنى موقف أصحاب طالوت بحقه !
(اللذين كانا نفس القصة تماماً ونفس العدد حتى) .
إلا أهل صيدنايا الـ35 الذين بقوا وثبتوا في السجن !
....
وأذكر قول رجلٍ هناك بالسجن ..
يقول رأيت الأفغان ورأيت البوسنة ورأيت الشيشان ورأيت العراق ..
لكن ما رأيت كموطني هذا قط !
ومع ذلك نزل وسلّم نفسه مع أنه حاول جاهداً الثبات مع الـ 35 !
وأقول ولعلّ التاريخ سيأتي يوم ويخلّد فيه قصّة : 35 صيدنايا !
أقول برأيي : يوم الـ35 بصيدنايا برأيي كيوم بدرٍ !
(وماهمّهم أن لم يعرفهم الناس !)
.......
نعود لموضوعنا ..
فبعد أن تحاول أن تعيش موقف المسلمين (المستضعفين) ..
في مواجهة جلاّديهم وجهاً لوجه وهم لا عدد ولا عدّة حفاةً ضعافاً جوعى ..
يتناوبون الركب على البعير الواحد !!
....
فتأتي للفائدة الثانية في قصة حكيم بن حزام .
2- يجب أن تتخيل والحال كما شرحت لك بالفائدة الأولى ..
عظم رباطة جأش النبي بأبي هو وأمّي ..
فكيف لرجلٍ (والحال كما ذكرت ) يرى جنود هؤلاء الطغاة المتجبرين يقتربون منه ويقتربون ..
فيحافظ على جأشه ولا ينثار وراء عواطفه ..
ويتركهم يتقدمون ويتقدمون حتى يتمكن منهم ويحكم الكمين عليهم ؟!
تأمّل بها تعرف أن النصر لا يأتي بسهولة ..
وتعرف عظم نبيّك الذي لا نعرف منه إلا أن الله أنزل عليه الملائكة !!!!!
.....
3- كان هذا الكمين ذكاء منقطع النظير من النبيّ بأبي هو وأمي ..
فكان فيه فائدة عسكريّة رهيبة في الحرب النفسية !
فكان تكملةً للحرب النفسية التي بدأها الله سبحانه فيهم (بالرؤى) .
وكمّلها الصحابة (بفضل الله) بعد ذلك :
بمصرع عتبة وابنه وأخيه (سادة لقريش) بالمبارزة !!
....
فمقتل هؤلاء بالكمين ..
شجّع المسلمين كثيراً وثبّت قلوبهم وقوّى عزائمهم بإذن الله ..
وبالمقابل زاد في رعب قريش .. وعرفوا أن (الضرب مو ضرب صحاب)
وكانت حركة ذكية ورهيبة حقيقةً من النبي صلى الله عليه وسلم !
...
ومع ذلك يمرّ عليها الجميع هكذا مرور الكرام ..
ولا يعطونها إلا سطرين من كتاباتهم !
والسبب لأنهم لا يعيشون المعركة كأنهم معهم ..
ولأنهم ما مرّ عليهم جوّ وظروف كظروف معركة بدر !
والله سبحانه يقول : {وجعلنا منهم أئمةً يهدون بأمرنا .. لمّا صبروا} !
.........
آخراً ..
قارن فقط حال من يدّعي أنه ..
على منهج النبي وأنه المنهج الحق و .. و .. في الشام منذ 4 سنوات !
وحال النبيّ صلى الله عليه وسلم في معاركه ..
تعرف لماذا يخزيهم الله !
وكتبه الغريب !
الدروس الأمنية بالسيرة النبوية (26)
كتاب المغــــــــازي (12) :
قول الله سبحانه :
{إذ يريكهم الله في منامك قليلاً .. ولو أراكهم كثيراً لفشلتم وتنازعتم في الأمر ولكن ّ الله سلّم إنه عليمٌ بذات الصدور}
_ يقول ابن إسحاق : كان ذلك في منامه في العريش تلك الليلة .
(التي تلت مقتلة قريش عند الماء ..
وذلك قبل أن يتلاحم الجيشان وقبل المبارزة) .
وأمرهم أن لا يقاتلوا حتى يَأذن لهم .
وهذا أيضاً من تثبيت الله سبحانه ..
ولكن هاهنا لفتةٌ في موضوع المنامات والرؤى !
...
_ فبعض الناس تراهم لا سيرة لهم إلا الرؤى ..
ولا همّ لهم إلا ماذا رأى فلان وماذا فسّر فلان !
وخاصّــــــــــة بالسجون !!
وتقول له كذا وكذا يقول لك بس في رؤيا تقول غير كلامك !!
و ... و ...
وطبعاً بس تسألهم .. دائماً الجواب موجود :
الرؤيا جزء من أربعين جزء من النبوّة .. و ... الخ !!
....
سبحان الله وهذا حال مرضى القلوب دائماً :
يأخذون بعض الكتاب وينبذون بعضه وراء ظهورهم !
تراهم لما يحبّون شيئاً ويكون من هواهم !
ما عندهم إلا : يا أخي فيها حديث !!
ويكون قبّحه الله تارك آيات عظام وأحاديث عظام أخرى ..
أهمّ بألف مرّة من هذا الحديث الذي قد يكون نافلة !!
...
وهذا من أبواب الدين الجديد القديم ..
(لأنه كان دين بني إسرائيل قبلنا ولهذا كانت كل هذه الآيات عن بني إسرائيل !)
الدين الذي يشمل الآن عموم الأمة :
مجاهديها وتجارها وأساتذتها وأطباءها ومهندسيها و .. و ...
إلا من رحم الله :
ألا وهو دين الأهــــــــــــــــواء !
وأكثر ما أنبهكم إليه في ما أكتبه هو حرب هذا الدين البغيض !
.....
وصدق ربي حين أقسم 11 عشر قسماً ..
وجعل سورةً كاملة ليبيّن لنا خطر هذا الأمر ..
وحتى هذه السورة كلنا يحفظها وما أحد تفكّر بمعناها يوماً !!
(سورة الشمس)
وسبق وتحدّثت عن هذا في صفحتي الشخصيّة على الفيس ..
(رحمها الله)
...................
_ والبعض الآخر من الناس يهملون المنامات والرؤى ولا يعتبرونها ..
ويعتبرون مجرد الكلام فيها جنوناً وسُخفاً و ... الخ !
مع أنه يرى بعينه رؤىً ومنامات له تحققت ورآها كفلق الصبح !
.......
والقول الفصل بالرؤى أيها الإخوة :
أنّ الرؤيا الآن في زماننا يُستأنس بها ..
ولكن لا يُبنى عليها "مجرّدةً" شيء !
لا حكم شرعي ولا خطط ولا أفكار و لا ظنون !
والله سبحانه أعلم ..
...
طبعاً نستثني من ذلك رؤى الأنبياء فهي حق !
وقد نوّه الله سبحانه عليها في غير ما موضع !
(لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق ..
إذ يريكهم الله في منامك قليلاً ... الخ )
....
يتبع إن شاء الله
الدروس الأمنية بالسيرة النبوية (27)
كتاب المغــــــــازي (13) :
لفتــــة :
الآن هناك من قد يظنّ أن هناك تناقض في آيتين نزلتا بخصوص بدر !
الأولى :
(وإذ يريكموهم إذ التقيتم في أعينكم قليلاً ويقلّلكم في أعينهم)
الثانية :
(قد كان لكم آيةٌ في فئتين التقتا ..
فئة تقاتل في سبيل الله وأخرى كافرة يرونهم مثليهم رأي العين)
...
الجواب : أن الله سبحانه قبل بداية المعركة ..
قلّل كل فريق بعين الفريق الآخر ليقضي أمراً كان مفعولاً !
ولتقوم هذه المعركة التي أرادها سبحانه ليحق الحق بكلماته ..
ويقطع دابر الكافرين رغم أن الصحابة ودّوا العير أكثر من لقاء قريش ..
(وتودّون أنّ غير ذات الشوكة تكون لكم)
...
فقبل بداية المعركة قلّل الفريقين بأعين بعض ..
ليغري كل فريق بالوقوع بخصمه وقتاله ..
وعند بداية المعركة جعل الله الكافرين يرون المسلمين ..
أكثر منهم بمرتين !! والله يؤيد بنصره من يشاء !
.........
لفتــــــة :
يروي ابن إسحاق هنا أنّ حكيم بن حزام ..
مشى إلى عتبة بن ربيعة يستحثّه ويُشجعه لوقف القتال ..
قلت : هذا من نتائج كمين الحوض الذيت تحدثت عنه ..
وهذا يبيّن مدى نجاح النبي في الحرب النفسية في بدر ..
.....
ويروي أيضاً هنا قصّة عمير بن وهب الجمحي ..
الذي أرسلوه لما أطمأنوا (لما قلّل الله المسلمين بأعينهم)
ليرى كم عدد المسلمين : يعني استطلاع !
_ ويلاحظ هنا أمران :
1- ما الذي دفع قريش الآن للاستطلاع الآن ..
رغم أنها لم تفكّر به من وقت مسيرها لوصولها !
الجواب : هو نجاح الحرب النفسية التي بدأها الله سبحانه بالرؤى ..
وكمّلها النبي صلى الله عليه وسلم بمنع الماء عنهم وكمين الحوض و ... و ... الخ
وكمّلها بعده حمزة وعليّ وعبيدة بالمبارزة .
و ... و .. الخ
2- لاحظ استخفاف قريش بالنبيّ ..
لدرجة أنهم لم يستطلعوا حتى عدد من معه ..
حتى وصلوا بدر وبدأت الحرب النفسية للنبي تعمل فيهم عملها !
_ ولاحظ أن النتيجة كانت بعد ذلك بأن فنيت قريش وسادتها وسمعتها للأبد بعد هذه المعركة وأحد أهم الأسباب كان استخفافهم بخصمهم !
....
فبالعودة لقصّة عُمير نرى أنه زاد في خوفهم لما قال لهم :
رأيت البلايا تحمل المنايا قومٌ ليس لهم ملجأٌ إلا سيوفهم ..
فلا يُقتل منهم أحد حتى يقتل منكم رجلاً فما العيش بعد ذلك ؟!!
...
وهنا فوائد :
1- الفرق بين الفريقين :
أن الأول مفتوحةٌ عليه الدنيا والتجارة والمال ..
والثاني قوم لا منعة ولا ملجأ لهم إلا سيوفهم .
2- المقتلة في أهل يثرب لم تكن تُعدّ ..
لكن المقتلة في قريش كانت لها حسابها فقريش سيّدة العرب !
فلو قُتل من أهل يثرب 300 رجل ومن قريش نفس العدد .
تكون الخاسر هي قريش لأن 300 قتيل من قريش يهزّون قريشاً كلها ..
بل والعرب وسيصل خبرهم كسرى وهرقل !
وأما أهل يثرب فلم يكن لهم أهمية كبيرة !
والفائدتين هما نفس حالنا اليوم مع أمريكا وإسرائيل !
.....
ويروي ابن إسحاق هنا كيف انقسم هنا جيش قريش على نفسه ..
فمنهم من يريد الرجوع (وفعلاً رجع بعضهم كبني زهرة) ..
ومنهم من يريد البقاء بطراً وغروراً !
_ وكانت هذه بداية لقاصمة جيش قريش عملياً على الأرض ..
والنبي لم يحرّك سيفاً واحداً بعد !!!
ولاحظوا أن كلّ هذا حصل .. وما كان هذا ليحصل لولا الحرب النفسية !
.....
قد يسأل سائل : الحرب النفسية.. الحرب النفسية ..
لماذا أخذت كل هذا الحيّز من مغازي النبي ؟!!
الجواب :
حتى تطمئن أكثر ..
أنت لم ترى شيئــــــــــــــاً بعد من الحرب النفسية ..
التي أتّبعها النبيّ وستُذهل لاحقاً !
...
وهذا ردٌّ على كل خبيث استخفّ بمشروعنا الذي كنا نعمل عليه ..
والذي لو كُمّل لغير وجه الشام والمنطقة كلها بإذن الله ..
نصراً وعزاً لأهل السنة وأنا مسؤول عن كلامي بإذن الله ..
(نصراً مستمرّاً وثابتاً .. لا سحابة صيف !
فالنصر الآنيّ المرحليّ .. لا يسمى ولا يعتبر نصراً !!!
ينصركم ... ويثبّـــــــــــــــت أقدامكم !)
....
ووالله لو طُبقّت الحرب النفسية بالشام مع النصيرين ..
(بأصولها وبأناس يعرفون النصيرين فأهل مكّة أدرى بشعابها)..
لانتهت الأمـــــــــــور منذ زمن بعيد !
....
وهذا كان أساس مشروعنا الذي دمرّه خونة قومنا !
وحاولوا قتلنا وعذبونا وشرّدونا وطردونا كما فعل قوم النبي معه !
إلى أن آواه ونصره الغرباء (أهل يثرب) ودافعوا عنه من "قومه !!!!"
...
وسبق وقلت لكم دوروا ما شئتم وجرّبوا كل ما تريدون ..
فلا حلّ لكم إلا ما كنا نعمل به (كمبدأ للعمل) وأتحداكم ..
وستذكروووووووووون !!
...
وكان هذا المشروع ولله الحمد مستسقىً من السيرة النبوية ..
التي وعيناها وعشناها ما لم يعشه أحدٌ بفضل الله .. (إلا من رحم الله) .
(لا أقول هذا مدحاً بل تبييناً للحق وزهقاً للباطل)
...
وحتى انقسام قريش في بدرٍ هذا والنبي لم يضرب سيفاً واحداً بعد !!!
كنا نعمل عليه في مشروعنا الذي كانت أساسه الحرب النفسية ..
التي لم تروا أنتم من أهميتها بسيرة النبي شيء إلى الآن !!
وسترون لاحقاً أنها كانت الأساس بحروب النبي !
...
قلت هذا الكلام من قلب محروق جريح متأسف متأسي على حال أمته ..
وكيف يلعب بها الخبثاء الأنجاس الخونة .
والله غالبٌ على أمره .. ولكن أكثر الناس لا يعلمون ..
وكتبه الغريب ..
يتبع إن شاء الله ..
الدروس الأمنية بالسيرة النبوية (28)
كتاب المغــــــــازي (14) :
قال ابن إسحاق : وقد صفّ رسول الله أصحابه وعبّأهم أحسن تعبئة !
قال : وصفّهم ليلاً !
_ هذه الكلمتين الخفيفتين تمرّ علينا مرور الكرام ..
لكن لو عشنا معهم .. لعلمت مامعنى صفّهم ليلاً !!
أولاً انظروا الى شدة ذكاءه ومكره بعدّوه وتصرّفه الأمنيّ صلى الله عليه وسلّم فكان الصّف والتجهيز ليلاً ليحقق عنصر المفاجأة لعدّوه ..
فيصبحون وقدّ جهز الجيش لهم دون أن يعرفوا تحركاته وخططه !
وثانياً انظروا إلى شدة تصرّفه الأمني ..
لأن الليل ساترٌ يخفي تحركاتنا للعدو .
_ لكن لو تفكّرنا قليلاً فقط كيف استطاع صفّ 314 رجلاً ..
بل وعبّأهم أحسن تعبئة كما جاء في النّص !
وهم بحلكة ليلٍ مظلم (ليل الصحراء) ..
(مع أن الغزوة كانت بمنتصف الشهر والقمر أقرب للبدر ..
لكن مع ذلك لو نقارن بحالنا اليوم لعلمنا عظم هذا التجهيز بهذا الليل )
ولا كهرباء عندهم ولا بطّاريات ولا ضوء سيّارات ..
لعلمت من هو نبيّك ..
ولعلمت شدّة أمنه وذكاءه وحسن تدبيره وشدّة مكره بعدّوه ..
وأنت لا تعرف عنه إلا أنه المظلل بالغمام وأن الملائكة قاتلت معه ببدر !!
......
ويروي هاهنا ابن إسحاق قصّة سواد بن غَزيّة رضي الله عنه ..
وذلك أنّه عندما كان النبي يسوّي الصفوف وجده متقدماً عن الصف .
قال فضربه على بطنه بعصا بيده (ضرباً خفيفاً) ..
وقال له : استوِ ياسواد !
فقال: يا رسول الله لقد أوجعتني وقد بعثك الله بالحقّ والعدل ..
فأقدني منك !
...
قال فكشف رسول الله بأبي هو وأمّي ونفسي ومالي وأهلي وعرضي وكلّي عن بطنه الشريف وقال له : استقدّ يا ســــــــــــواد !
قال فلمّا كشف رسول الله عن بطنه ..
أقبل عليها يُقبّلها وقال يارسول الله :
ما أردتّ إلا أن يكون آخر عهدٍ لي بالدنيا أن يمّس جلدي جلدك !
.... ........... ........
حقيقةً نشف قلمي .. وجفّ حبري .. وتوقفت مداتي !
فكتب هاهنا بدلاً منه الدمع .. وجفاف الحلق ..
والانفصال عن هذه الدنيا للحظات !
...... يقدم على الموت بسبب نصره لمحمّد ..
ويحبّ أن يكون آخر عهده بالدنيا أن يمسّ جلده جلد محمّد !!!
لاتعليق ... وأي تعليق يليق بهذا !!
...
...
...
وسأختم هنا الدرس .. يتبع إن شاء الله ..
الدروس الأمنية بالسيرة النبوية (29)
كتاب المغــــــــازي (15) :
وهنا لفتة عن أهميّة الدعاء الذي نستخفّ به نحن !
ويورد أصحاب السير عن دعاء النبيّ بالعريش وشدّة مناجاته لربه !
قال وضجّت الصحابة بالدعاء !
....
وهاهنا الناس عندنا في زماننا هذا فريقان :
_ فريق ما عنده إلا أن يقول : ادعي الله و(توكّل) عليه و .. و ..
وهو يكون غبيّاً أحمقاً ملعوباً به مساقاً مخدوعاً همجيّاً تافهاً !
_ وفريق آخر يهمل الدعاء مطلقاً ولا يفهم من الدين إلا الأخذ بالأسباب .
فيكون قاسي القلب عصي الدمع .
وكلا الفريقين حمقٌ وضلال !
....
وديننا كما هو دائماً وسط بين هذا وذاك ..
فأظنّكم قد وعيتم ولو قليلاً من أهمية الأخذ بالأسباب ..
والتحضير المتقن والإعداد المذهل الذكي ..
والدهاء الرهيب للنبيّ صلى الله عليه وسلم !
لكن مع ذلك لما تسمع قصص دعائه ببدر وكيف كان يدعو الله ..
تقول : هذا ما حضّر شيئاً ..
....
والقول الفصل في ذلك أيها الإخوة :
أن تعدّ الأسباب كأنه لا يوجد توكّل .
ثم تتوكّل كأنك لم تعدّ أسباباً !
(ملاحظة : لما أقول لكم (القول الفصل) يعني هو :
"ككل ما يكتب لكم هنا" عصارة السنين وزبدة التجارب وصقالة المحن )
.....
قال وتقابل الفريقان .. وتواجهت الفئتان ..
فئةٌ تقاتل في سبيل الله وأُخرى كافرة .. وهما بين يديّ الرحمن !
واستغاث بربه سيّد الأنبياء.. وضجّت الصحابة بالدعاء إلى ربّ الأرض والسماء
سامع الدعاء وكاشف البلاء !
_ فكان أول من قُتل من المشركين :
الأسود بن عبد الأسد المخزومي وكان شرساً سيء الخلق .
فقال (والعطش أخذ منهم مبلغه بسبب خطة النبيّ صلى الله عليه وسلم ..
التي أشارها عليه الحباب بن المنذر)
أعاهد الله لأشربنّ من هذا الحوض أو لأهدمنّه أو لأموتنّ دونه !
...
قال فخرج إليه أسد الله ورسوله حمزة بن عبد المطلب ..
عمّ النبي وصاحبه وأخوه من الرضاعة .
فتى قريش وأشدهم عزيمةً وشكيمةً وقوة !
صيّاد الأسود ومجندل الشجعان !
_ قال فلمّا التقيا ضربه حمزة ضربة واحدة !
فقطع قدمه فوقع على ظهره وقدمه تشجب دماً نحو أصحابه ..
(مما زاد في رعبهم لما رأوا الدمّ)
لكن مع ذلك حبَا "لعنه الله" إلى الحوض ليبرّ بقسمه !!!
(انظر إلى صدقهم حتى بكفرهم وانظر إلى نفاقنا بإيماننا !!)
لكن أتبعه الأسد الهصور والهزبر السؤود حمزة !
فقتله قبل أن يبلغ الحوض ..
وكانت هذه القاصمة الثانية (عملياً على الأرض) ..
لقريش المتغطرسة الكافرة المغرورة !
وفصلاً جديداً من فصول الحرب النفسية على قريش !
....
قال فحميت قريش وحمى هاهنا عتبة بن ربيعة :
(الذي كان يدعوهم إلى الهدوء ..
وهذا يدلّك على تأثير الحرب النفسية عليهم فقد ثاروا وتلبكوا واضطربوا !)
قال وأراد أن يُظهر شجاعته !
فبرز بين ابنه الوليد وأخيه شيبة فتوسطوا بين الصفّين ..
ودعوا إلى البِراز !
وكانت هذه المبارزة من أهم مواقف بدر !
فلو فاز فيها عتبة وأهله لرفعت معنويات قريش كثيراً ..
ولأبطلت مفعول الكثير من حركات الحرب النفسية ..
التي دمرتهم بإذن الله ..
...
ولست هاهنا للسّرد القصصي ولو أردتُ لكتبت ما لم تسمعوا قبلاً ..
وأبكيت ونمّلت الأبدان وخضّلت اللحى !
ولصرت محبوباً بين الناس وموصوفاً بالتقى والورع والدين !!!
لكن هاهنا في هذه الدروس أطرح عليكم ..
الذي عندما تقرأون قصص السيرة بشكل عادي ..
يكون على قلوبكم أكنّة أن تفقهوه وفي آذانكم وقر !
.....
ومعروف قصّة المبارزة وما جرى فيها ..
ويُلفَت فيها كيف كان النبي يحترم عادات الحروب عند خصومه في المبارزة وذلك لما أرسل لهم أكفاءهم من قومهم !
وكيف قتل الله عتبة وولده وعمّه ..
وكانت هذه القاصمة الثالثة لقريش ..
ومن أهـــــــــــمّ فصول الحرب النفسيّة في هذه المعركة ..
التي أجهزت عليهم بفضل الله ..
....
وكان أكثر من أجهز في عتبة وأهله حمزة رضي الله عنه وأرضاه ..
وجمعنا وجمع أخي عمر والشيخ عصام الراعي رحمهما الله به وشهداءكم وشهداء الموحدّين :
(رجاءً لمن يستفيد فليقل من قلبه اللهم آمين !)
....
ولهذا كان حقد هند بنت عتبة على حمزة رضي الله عنه وغلّها المجنون ..
ويذكر ابن إسحاق هاهنا قولها (وكانت شاعرةً مفوّهةً بليغة) :
أعيناي جودي بدمع سَرِب .. على خير خِندِفَ لم ينقلب !
تداعى له رهطـــه غــدوةً .. بنو هاشــــمٍ وبنو المطّلب !
يذيقونه حـــدّ أسيــــافهم .. يَعُلّـــونه بعد ما قد عَطِــب !
الدروس الأمنية بالسيرة النبوية (30)
كتاب المغــــــــازي (16) :
وهنا يذكر ابن إسحاق ما ورد من أحاديث الملائكة ولن أفصّل فيها .
فشبابنا للأسف لا يعرفون غيرها !!
ولا يعرفون من بدرٍ إلا ملائكة المدد ..
ولا يعرفون من الهجرة إلا قصة العنكبوت (إن صحّت أصلاً) !!
_ والملائكة يعرفها كلّ من سار على درب الأنبياء ..
وكلّ من أخلص وصدق العمل وأحسن اتباعه لسيّد الأنبياء !
وقد رأيناها (كفعل وإحساس) في غير ما موطن في حياتنا !
وآخرها كان يوم إطلاق النار على العبد الفقير في محاولة اغتياله ..
فأحسست كأن هناك حولي شيء يشبه المغناطيس أثناء إطلاق النار ..
وجاءني وقتها إحساس أني لن أصاب بأي طلقة !!
(وطبعاً أذكر لكم هذا ..
لكي لا تظنّوا أنّ هذه القصص خيال وقصص ليلى والذئب !)
....
قال ثم يروي قصّة عُمير بن الحمام ..
وفيها من اللفتات أمورٌ عظام !
فروى كيف قام النبيّ يحرّض الصحابة ..
وقال: والذي نفسي بيده لا يقاتلنّهم اليوم رجلٌ ..
فيقتل صابراً محتسباً مُقبلاً غير مدبرٍ إلا أدخله الله الجنّة ..
_ فقال عمير وفي يده تمراتٍ يأكلهنّ :
بخٍ بخٍ أفما بيني وبين الجنّة إلا أن يقتلني هؤلاء !
وقال لئن أعيش لآكل هذه التمرات إنها لحياة طويلــــة !
فألقاهنّ وقاتل القوم حتى قتل رضي الله عنه .
....
فالآن عندما ستسمع هذه القصة سيقشعرّ بدنك وتدمع عينك ..
لكن ستبقى هذه القصّة خيالاً بالنسبة لك !
وعندما تأتي لتطبقها على نفسك ستجد أنّ هذا الرجل ..
(نازل من السماء) وأنك لا تستطيع مثله !
_ فإذاً كل هذه القصص تصلح لأن تكون قصص ما قبل النوم ..
أو لحكواتي المقاهي !
طيب أمن أجل ذلك سالت دماءهم وقُطّعت أشلاءهم وأزهقت أرواحهم ليوصلوا لنا هذه القصص وهذا الدين ؟!!
_ طيب وما قولنا بقصص القرءان ..
أهي كذلك قصص ما قبل النوم (كقصة ليلى والذئب ؟!)
إذاً ثمّة خطأٌ ما ..
وهذا الخطأ ما أتى بصدفة .. ولا وُجِد من العدم !
إنه .. خطأ مدروسٌ مخطط له تخطيطاً طويلاً كبيراً من أعدائنا !
خطأٌ يبدأ من تربيتنا .. ويكتمل في مدارسنا !
التي تكرّس فينا الإلحاد وتربّي فينا شرك الأسباب !
...
ستقول وما علاقة المدارس ؟!
أقول لك : من يدور حول من : الأرض أم الشمس ؟!
ستجيب متيقناً جازماً حازماً غير قابل للشكّ :
الأرض هي من تدور حول الشمس ..
طيب أنت ما تراه بعينك ؟!
الجواب : ترى الشمس هي من تدور !!!
_ سبحان الله هنا آمنت إيماناً راسخاً ثابتاً متيقناً كالجبال ..
لا يقبل الشكّ ولا الزيغ ..
بل وستتهم من يخالفك الرأي (الذي يقول ما تراه عينه) بالجنون والجهل والتخلّف والرجعيّة .
بشيء غيبي حتى عينك ترى عكسه !!!!!!!
_ لا إله إلا الله .. ما هذا الايمان وما هذا الإسلام ؟!!
((الاسلام هو التسليم :
(فلمّا أسلما وتلّه للجبين) .. أفكانا كافرين قبل ذلك ؟!! ))
إسلام يقينيّ حازم جازم لا يقبل حتى التشكيك ..
أو مجرد التفكير بغيره .. بأمورٍ حتى عيونك ترى عكسها !!
إنه إسلام نيوتن أيها السّادة .. والسبب فيه هو المدارس !
لأنّ المدارس تربّي الإنسان في أخطر مراحل حياته على الإطلاق ..
ووالله حتى الكثير من أمراض (الجهاديين) والمسلمين الآن ..
سببها تربية المنزل ويليها تربية المدارس !!!
...
ولذلك كان ولا يزال من أهمّ أسس مشروعنا الإسلاميّ :
روضة ومدرسة وقناة تلفزيونية للأطفال !!
طبعاً بمناهج نضعها نحن ونخلط فيها خيرنا بدسمنا ..
كما يخلطون هم سمهم بدسمهم ..
_ فمازلتَ إلى الآن تظن أخي الحبيب أن ابنك يتابع توم وجيري ..
على أساس أنها مجرد مغامرة بين قط وفأر تضحكه !
طيب أفما رأيت تَسمُّر ابنك وجموده وشخوص بصره ..
لدرجة أن تناديه فلا يسمعك ؟!!!
توم وجيري أيها السادة عبارة عن سمّ مدسوس :
بدسم مغامرات قطّ وفأر ..
وهذا أحدث وأخطر أسلوب بالتربية :
التربية غير المباشرة التي نراها في سيرة نبينا بغير ما موضع ..
(أحدها فقط لمّا علّم الحسن والحسين (نتاج تربية البيت النبوي) ..
علّما الرجل الوضوء بطريقة غير مباشرة)
....
فأنت ترى أن المدارس لما عظّمت من نيوتن وأمثاله ..
بعقل الطفل أصبح يقبل منهم أي شيء ولو كان غيبيّاً ..
بل لو رأى بعينه عكسه !!!
_ فمثلاً أنت في أمور الديّن تبقى في داخلك شك وريب :
أيعقل أن تصبح الجبال كالعهن المنفوش ؟!!
أيعقل أن يرجع الإنسان بعدما يصبح عظاماً وتراباً ؟!!
أيعقل أن تصبح السّماء كذا ؟!!
... الخ !
....
ومن أهم الأسباب هي ما تربينا عليه من الإلحاد :
(هبّت الريح ونزل المطر وطلع الزرع وطلعت الشمس و ... الخ)
ولاحظ حتى الله سبحانه في كتابه ماذا يقول ؟!! :
(أنزلنا .. أم نحن المنزلون .. يُجري الرياح ..
والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره ... الخ)
....
ومن إسلام نيوتن أيها السادة : مسألة وصولهم إلى القمر ..
انظر إلى يقينك الذي لا يقبل حتى النقاش ..
وتتهم من يخالفك الرأي حتى بالجهل وأنت لم تر شيئاً بعينك !!
وكل ما رأيته صورة رجل يلبس ثياب مهرج ..
وقالوا لك : أبّولو على سطح القمر !!!!
....
....
إنها صدمة لتفكيرك .. أليس كذلك ..؟!!
تحسّ كأن الدم يتدفق لرأسك وكأن الدنيا تدور بك ؟!!
نعم صُدمنا قبلك ودارت بنا الدنيا قبلك ..
...
(ملاحظة (1) :
ليس نقاشي هنا على وصولهم للقمر من عدمه ومن يدور حول من ..
نقاشي عنك أنت ..
وعن يقينك الحازم الصارم الجازم الذي لا يقبل حتى النقاش ..
بصورة يستطيع أي شخص أن يعملها !
أو بشيء ترى عينك عكسه )
(ملاحظة (2) :
الآن شبابنا الأذكياء ماذا يفهمون ؟!!
سيقوم بإخراج ابنه من المدرسة ويقول له التعليم حرام !!
لأنه يورث فيك الإلحاد !
وهذا تفكير شبابنا ونسائنا (الملتزمين ) للأسف إلا من رحم الله ..
عجبي !
أنا شخصياً أهتم بتعليم أبنائي كثيراً ..
وقلت لكم أن الروضة والمدرسة والقناة التلفزيونية هي :
من من "أهم !!!!" أسس مشروعنا لو كان لديّ مال !)
....
سيقول أحد المنظرين الحمقى :
الآن يحدثنا عن الروضة ..
والأمة الآن تحارب العدّو الصائل والرافضة و .. و ..
انظروا كم هو تافه ؟!!!
_ ستعلم غداً من التافه يا أحمق من حمار أهلك !
وهذا والله من تفكيرهم السقيم الذي لطالما حدّثتكم عنه ..
وعن حبّهم فقط لأنفسهم !
فيهمّه أن يحارب فيقتل فيدخل الجنة ويلعن أبو كل شي غيرو !!!
وسبق وحدثتكم عن هذا في سلسلة (جهاديّات) ..
على الصفحة الشخصية للعبد الفقير ..
وهي في هذا الرابط: https://justpaste.it/jehadiatn
...
ومن عرف الجهاد بحقه عرف أنه رسالة سامية ..
وأنه دعوة في قمة الإنسانية !
وهمّه الأول والأخير ليس القتل والذبح كما يصورونه لكم الآن ..
بل هو دعوة للناس ..
_ مالذي جاء بكم ؟!!
جئنا لنذبح المرتدين ونقطع رؤوس الكافرين ..
ونصلب المخالفين ونسحل المعارضين ..
ونجعل أطفالنا ونساءنا بلعبون بالرؤوس ونحن نصورهم من أجل الشوفوني ..
ونصور أنفسنا ونحن نذبح من أجل نورجيها لخطيبتي أو مرتي !!
لتُسرّ مني !!
....
قال : جئنا لنخرج الناس من عبادة العباد إلى عبادة رب العبّاد ..
ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام ..
ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة !
_ فمن عرف الجهاد بحقّه ورسالته ..
صرف ولا بدّ جزءاً من ماله وجهده وطاقاته لتعليم الجيل الجديد ..
وتربيته وتنشئته !
_ وإنّ من أعظم الطوام التي تعاني منها الأمة اليوم ..
رجلٌ يذهب للجهاد ويترك زوجه وولده لا معيل ولا موجِّه !
وهذا كنا من أكثر ما نفعله ..
لأنا قرأنا هذه الآية مجردة وما كنا نفقه سيرة نبينا بحقها .
(قل إن كان آباءكم وأزواجكم .. الخ !)
لكن لو كان هناك تفكير صحيح ..
لعلم أن من رسالة الجهاد أن تحفظ أهلك وولدك ..
(لا أتكلم عن الرعاية المالية هنا ) ..
ولا تتركهم للنطيحة والمتريدة من أخوالهم وأعمامهم يربّونهم !
_ فالحل أنه يجب أن تهيء الجماعة المقاتلة ..
من يتكفلهم ويربيهم ويحسن توجيههم !
......
قد عرفنا إذاً أنّ خطأ فهمنا لقصص القرءان والسيرة كقصص ما قبل النوم ..
هو خطأ مدروس مخطط له متعوب عليه .. من أعداء ديننا !
....................
نعود لقصتنا وقد ذكرنا لفتات مهمة وخطيرة جدّاً ..
_ يأكل تمرات فسمع قول صاحبٍ له يقول :
الذي يريد أن يجامع حبيبته الفلانية (ملكة جمال) ..
فدونه هذا الحقل فليقطعه ..
فهل تقعد وتأكل التمرات وتنتظر لتنهي أكلهن ؟!!
...
أو يفتح باب المنفردة عليك وأنت تأكل تمرات فيقول لك اُخرج ..
فهل تقول له انتظر عشر دقائق لأنهي أكل التمرات !!
_ فإنه اليقين أيها السادة ..
هؤلاء أسلموا إسلاماً لله .. لا إسلاماً لنيوتن !
فأصبح الغيب عندهم كالمعاينة !
الجنة !!!الجنة !!
_ لذلك قال له : أليس بيني وبين الجنة :
(حبيبتي الجميلة ذات النهود الرائعة والجسم الموزون والوجه الجميل والعيون الذباحتين .. أو الخروج من السجن) إلا أن يقتلني هؤلاء ؟!!
فلذلك رمى التمرات ولم يصبر ؟!!
....
أرأيتم كيف فهمتم الآن قصة عمير بن الحمام ..
وأصبح تصرفه طبيعي وعادي بعد أن كنتم ترونه ضرباً من الخيال ؟!!
....
سيسأل سائل ..
أنت كيف فهمت كل هذه المعاني ..؟!
ولا يوجد مثلها بكتاب أو بصفحات إنترنت ..
أقول هو قول الله سبحانه : وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا !
فالبحث عن الحق والصبر على الطريق والصدق في طلبه !
يفهِّمك دينك بحقّه !
....
وهذا الكلام ستكتبه الأمة يوماُ بماء الذهب ..
فاعقله وعه وانشره لعل الله يبعثك مقاماً محموداً ..
وكتبه الغريب !
الدروس الأمنية بالسيرة النبوية (31)
كتاب المغــــــــازي (17) :
قال ابن إسحاق وذكر قول الله سبحانه :
{يا أيّها الذين آمنوا إذا لقيتم فئةً فاثبتوا واذكروا الله كثيراً لعلّكم تُفلحون} !
_ قلتُ : لايعلم أهميّة الذكر عند لقاء العدّو أو السلطان إلا من جرّبها !
والذكر وتعلّق القلب بالله ..
ربّ السماوات وربّ الأرض وما فيهما وما بينهما !
شرط من شروط الثبات والنصر في أي لقاء !
لكن أكيد أنه لا يكفي لوحده كما يحاول أن يفكّر البعض !
_ وكان مما قال عتبة بن ربيعة لقريش واصفاً أصحاب النبي في بدر :
ألا ترونهم جُثياً على الركب يتلمظون كما تتلمظ الحيّات ..
(يعني صوت ذكرهم لله) .
...
فصل :
يقول ابن كثير :
وقد قاتل النبيّ صلى الله عليه وسلّم بنفسه قتالاً شديداً وكذا أبو بكر ..
(وهذا لمن يظنّ أن النبي اختبأ بالعريش واكتفى بالدعاء) !
فبعد أن أنهى دعاءه نزل وأبو بكر وحرضّا الناس ..
وحثاهما على القتال وقاتلا بنفسيها .
_ قال أحمد: قال عليّ رضي الله عنه :
لقد رأيتنا يوم بدر نلوذُ برسول الله !!
وهو أقربنا للعدو وكان من أشد الناس يومئذٍ بأساً ..
وكنا لما حمي البأس واشتدّ الوطيس احتمينا برسول الله !
قلتُ : لاحظ من يقول هذا الكلام :
عليّ الكرّار الذي حمل باب خيبر لوحده ولم يقدر على حمله سبعة رجال !!
والذي قتل أشرس العرب : عمرو بن ودّ العامري !
....
قال: وأقبل أبو جهل صارخاً بالناس ..
(قلتُ : فعلاً هو أبو جهل ! أوداهم لحتفهم وأوردهم الورد المورود !)
قال يا قوم : لا يهولنّكم خُذلان سراقة بن مالك لكم ..
فإنه كان بينه وبين محمّد موعداً !
(وكان الشيطان تمثّل به ثم فرّ لما رأى الملائكة) .
ولا قتل شيبة وعتبة والوليد فإنهم قد عجّلوا .
فواللات والعزى لا نرجع حتى نقرنّهم بالجبال .
فلا ألفين رجلاً منكم قتل اليوم رجلاً بل خذوهم أخذاً (أي ائسروهم !) ..
حتى تعرفوهم سوء صنيعتهم من مفارقتهم قومهم ورغبهم عن اللات والعزّى !
_ انظروا إلى أن قلبه كان متعلّق بالروحانيّات (اللات والعزّى) .
وكذا كل بني آدم عند المحن والبلاء تراهم يرجعون للروحانيّات !!
(في البحر وعند الغرق وعند المرض وعند الحوادث ..
وعند الحريق و .... الخ)
ثم ترى بعض الناس يقول : لا إله !!!
_ قال : ثم قال متمثلّاً :
ما تنقم الحرب الشموس منّي .. بازلُ عامين حديثٌ سِنّي ..
.. لأجل هذا ولدتني أمّي ! ..
(بازلُ عامين : تقال للإبل إذ قويت عودها وكمل شبابها
قلتُ : انظر لصدقهم بباطلهم وانظر لنفاقنا بحقّنا !)
.....
وهنا لم يذكر أصحاب السيَر كثيراً عن وقائع القتال ..
وكيف جرى وكيف كان التخطيط به .. والله أعلم به !
....
قال ابن إسحاق : ولما هزم الله قريشاً ..
صعد النبيّ إلى العريش ومعه أبو بكر قال ووقف سعد بن معاذ :
(سيّد الأنصار) ومن معه من الأنصار بسيوفهم يحمون العريش ..
خشية أن تكرّ قريشٌ على رسول الله !
_ قلت : وفي هذه حركة أمنيّة رهيبة ..
مازالت تدرّس بأرقى الدورات الأمنية إلى الآن ..
وهي أن الحفاظ على القائد يجب أن يستمرّ لآخر لحظة من المعركة ..
ولو بدا لنا انهزام العدّو !
فربما يقتل بسهم أو شظية عابرة فتنقلب موازين المعركة كلها !
وكم من معركة كادت تنتهي بنصر لطرف ..
ثم يقتل قائد الفريق المنتصر فتنقلب موازين المعركة كلها !
وما أُحد منكم ببعيد :
فكان من أحد أسباب هزيمة المسلمين وقتها شيع خبر قتل النبي !
...
وهذا إلى الآن يدرّس بدورات حماية الشخصياّت :
وهي أن الحارس أو المرافق (BODY GUARD) ..
يجب أن لا يتأثّر أبداً بأي شيء حوله مهما كان ومهما حصل ..
فكل تركيزه يجب أن يكون بحماية الشخصية :
فلا يهتم بخطاب للشخصيّة ولا بصلاة و ... الخ .
......
يتبع إن شاء الله ..
الدروس الأمنية بالسيرة النبوية (32)
كتاب المغــــــــازي (18) :
مقتل أبو جهل لعنه الله .. وفيه لفتات !
كما قدمنا أن أبا جهل تقدّم وهو يرتجز :
ما تنقم الحرب الشموس مني ... إلى آخر كلامه .
_ ففي الصحيحين عن عبد الرحمن بن عوف أنه قال :
إني لواقف يوم بدر في الصف ..
إذ أنا أتوسط غلامين من الأنصار حديثة أسنانهما !
فتمنيت أن أكون بين أضلع (أي أقوى) منهما !
قلتُ : انظروا إلى صدقهم وعدم ضحكهم على أنفسهم ..
فلو كان أحدنا الآن ..
ما قال أنه تمنى أن يكون بين قويين .
ولو أن أحدنا الآن شهد بدراً ما قصّ على الناس إلا شجاعته ،
ولكانت الناس عبدته من دون الله تقديساً وتمجيداً !!
_ ولا ننفي سابقة أهل بدر ومكانتهم ..
أفلا يكفي أن الله اطّلع عليهم في ذلك الموقف الرهيب :
(الذي شرحته لكم سابقاً) ..
وقال اعملوا ما شئتم فإني قد غفرت لكم ؟!
.....
نعود لحديث عبد الرحمن بن عوف ..
فقال لي أحدهما ياعمّ أتعرف من يكون أبو جهل ؟!
فقلت له متعجبّاً :
(لأن أبا جهل كان لا يستطيع أحد الوصول إليه ..
وكان يعتجر بحجرة لعنه الله من خبثه وقوته وشدته !)
فقلت له: وما شأنك به ؟
قال ياعمّ سمعت أنه يسب رسول الله !
والذي نفسي بيده لا يفارق سوادي سواده حتى يموت منا الأعجل !!
....
....
....
أي تربيةٍ هذه وأيّ جيل ؟!!
وبعض شباب الأمة الآن يتبارون بعرب أيدول أو سوبر ستار أو بمباراة الأهلي والزمالك أو الأهلي والنصر أو حطين وتشرين !
_ لكن ولله الحمد ضرب شباب أمتنا أيضاً في هذا الزمان ..
مثالاً للشجاعة والفداء وحبهم بدينهم .
لكن يحرقهم قادة عملاء خبثاء أو أمراء أغبياء والله المستعان !
....
يحرقون شباب الأمة ويهدرون طاقاتها حتى لا تقوم لها قائمة !
والسبب أن أعداءنا عرفوا نقطة ضعف فينا ..
يقدرون فيها تدميرنا ألا وهي قادتنا وأمراؤنا .
_ فالقائد والأمير في الجماعة يختزل أمة ..
فإن أفسدوا القائد أفسدوا الأمة ..
وهذه كانت خطتهم لعنهم الله ..
ساعدهم بذلك علماء خبثاء وكانت مطاياهم المتصهودة :
(مختصر للجهادية المتصوفة .. انظر مقالات العبد الفقير !)
....
وقال له معوّذ نفس الكلام ..
فلمّا رأى أبا جهل دلّهم عليه ..
فاجتمعا عليه وناوشاه فقطعا رجله ..
وقطع ابنه عكرمة يد واحد منها ..
ثم تركاه صريعاً يشحط بدمه وهو ينزف لعنه الله .
....
ويروي هنا ابن إسحاق أن يد معاذ (التي قطعها عكرمة ابنه)
آذته بالقتال (لأنها كانت عالقة بجلدة !!)
فقاتل وهو يسحبها خلفه عامّة يومه ..
فلما آذته وضع عليها قدمه قم تمطى عليها حتى قطعها !!!
....
قلتُ : وماذا أقول ؟!! لا تعليق ما عندي كلام ..
أخرسني هذا الغلام وأشخص بصري وأنشف حلقي .
....
نعود إلى أبي جهل لعنه الله فرعون هذه الأمة :
الذي أودى قومه إلى الهاوية كما فعل فرعون .
وهو يتخبط بدمه ينزف ويتألم .
_ قال ولمّا هزم الله قريشاً ..
سأل رسول الله أفي القتلى أبو جهل ؟!!
قلتُ انظر كم آذى رسولَ الله لعنه الله ..
لدرجة أن يسأل عن هلاكه النبيّ خصّيصاً !
_ قال : ثم أرسل من يلتمسه بالقتلى ..
رجاء تحقيق موعود الله له بقتله هو وعدد من رؤوس المشركين .
(وكان قد أخبر الصحابة بمواضع قتلهم قبل المعركة)
_ ودلّهم عليه بعلامة بينة فرآه ابن مسعود وهو يئن ويشخط بدمه .
فقال: هل أخزاك الله ياعدو الله ؟!
فقال: وبماذا أخزاني أعمد من رجل قتله قومه !!
أخبرني لمن الغلبة اليوم : قال لله ورسوله ..
هنا أمران :
الأول صدقه وإخلاصه بكفره !!
الثاني : أنه حتى أبا جهل وهو يشحط بدمه مخزيّاً منكوساً معكوساً !
برّر هذا لنفسه ..
بل وجعل هذا لمذمّة خصمه .. (أنهم قتلوا ابن قومهم) !!!
وهذا أيضاً دين الأهواء الذي أحدّثكم عنه !!
_ وكذا نفعل اليوم نحن .. فنحن لا نخطئ أبداً !!!
وكل شيء عندنا له مبرّر !!! ونسوق الأيات والأحاديث عليه !!
والعجيب أن أبا جهل كان قد قال أول المعركة :
اللهم انصر أحبّ الرجلين إليك ..
لكنه نسي كلامه هذا يبدو !!!!
وكذا الجهليّين من هذا الزمان !
...
وأما قوله : (لقد ارتقيت مرتقى يا رويعي الغنم) .
فيذكّرني بقول صدّام حسين : لا إله إلا الله !
الآن أنا لا أحكم بهذا الرجل ..
لكن أن يقال أنه شـــــــــهيد ..
بل وبطل للسنة بأنه قال لا إله إلا الله قبل مقتله !!
فما منع أن يكون قالها حميّة لما قالوا له مقتدى مقتدى ؟!!
فالتوبة من كفره البعثيّ أيها الإخوة ..
لا تكفي أن يقول لا إله إلا الله فقط ..
وهو كان يستطيع أن يعلن أثناء محاكماته :
كفره بالبعث وبالطاغوت الذي كان يمثله !
(طبعاً هذا الكلام لنا كبشر نحكم بالظاهر .. أما توبته الله أعلم بها)
...
كان يجب عليه أن يكفر بالبعث علناً جهاراً نهاراً ..
ويكفر بالحكم بغير ما أنزل الله الذي كان هو طاغوته ..
أفنحكم بتوبة طاغوت بقوله لا إله إلا الله فقط .. قبل موته ؟!!
وخصوصاً أنه قال بظروف إغاظةٍ له ..
أفدين الله سبحانه لعبةً ؟!!!!
_ قد يقبلها ربه سبحانه ويرفعه بها أعلى الدرجات ..
لكن نحن كبشر لا يكفي هذه الكلمة فقط لأن يتوب ..
لأنه لم يكفر بالحكم بغير ما أنزل الله وبالبعث قبل إعدامه .
وما قدّسه هؤلاء الكلاب (العلماء) ..
إلا ليستغلّوا إعدامه من أجل مصلحة أسيادهم آل سلول ..
في حرب نوري المالكي (الشيعي) .
...
وفرعون قال قبل موته : آمنت بالذي آمنت به بنو إسرائيل .
ورجل فعل الأفاعيل بالمشركين بأحد ..
قال عنه النبيّ أنه في النار. ولما سألوه :
قال: ماقاتلت إلا حميّة عن قومي الأنصار ..
دين الله أيها الإخوة ليس لعبةً وخصوصاً بالعقائد .
وخصوصاً بالقتال وبالشهادة ..
فليس كل من قتل شـــــــــهيد !
والأحاديث في ذلك كثيرة وسنفصّل بهذا لاحقاً إن شاء الله ..
واعذروني لعجلتي وتعبي اليوم .
السلام عليكم ..
الدروس الأمنية بالسيرة النبوية (33)
كتاب المغــــــــازي (19) :
يقول ابن إسحاق :
ولما طرح رسول الله رؤوس الكفر في القليب قال لهم :
يا أهل القليب بئس عشيرة النبي كنتم .
كذبتموني وصدّقني الناس ..
وأخرجتموني وأواني الناس ..
وقاتلتموني ونصرني الناس ..
هل وجدتم ما وعدكم ربكم حقاً فإني وجدت ما وعدني ربي حقاً !
_ وحقيقةً ما عندي تعليق على هذا الكلام ..
وكم من غريب كذّبه وأخرجه قومه وقتلوه .. وصدّقه الغرباء !
...
فصل :
واختلف الصحابة فيما بينهم بالمغانم (الغنائم) .
وكانوا قد افترقوا لثلاث فرق في المعركة :
فريق ساق وراء المشركين يقتل منهم ويأسر ..
وفريق جمع الغنائم في متفرقات الأماكن ..
وفريق حرس رسول الله خوفاً من أن يرتد عليه المشركون كما أسلفنا .
_ فادّعى كل واحد من هؤلاء أحقيته بالغنائم ..
وفي هاهنا حكمةٌ كبيرة لنا ..
فأولاً هم بشر !!! لمن يقول : يا أخي هدوك صحابة !!!
_ مثلنا لهم شهواتهم وشياطينيهم وحظوظ أنفسهم ..
لكن الفرق بيننا وبينهم :
أنهم زكّوا أنفسهم كثيراً وحاربوها واجهدوا في حربها.. ونحن !!!
....
قال فلمّا اختلفوا !!
نزعه الله من بين أيديهم وجعلها لرسوله نفلاً ..
فقسمها عليهم جميعاً على سواء ..
واختلفوا هل خمّسها في بدر أم لم يخمّسها.
_ لكن ثبت أنه صلى الله عليه وسلم نفل سيفه ذو الفقار ..
وأحببت أن أذكر هذا الخبر لأن المعروف عند عوام السنة :
أن السيف لعليّ والصحيح أنه كان لرسول الله من نفل بدر .
(لم أكن أعرف أنه من نفل بدر من شان ما بيّن عالم
الآن قرأتها لكن كنت أعلم أن السيف للنبيّ وليس لعليّ ، وقلت هذا الكلام كي لاألبّس على الناس العلم بأمر لم أكن أعلمه !!)
_ ونفل النبيّ صلى الله عليه وسلّم ..
جملاً لأبي بكر في أنفه برّه من فضة .
ولهذا الجمل قصّة ستأتي يوم الحديبية إن شاء الله ..
.....
سندخل الآن في موضوع الأسارى وفيه من اللفتات والحكم مافيه ..
وفيه قوله سبحانه :
{ماكان لنبيّ أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض تريدون عرض الدنيا والله يريد الآخرة والله عزيزٌ حكيم .. لولا كتاب من الله سبق لمسّكم فيما أفضتم عذاب عظيم فكلوا مما غنمتم حلالاً طيباً..}
_ وقد اختلف الصحابة رضوان الله عليهم ..
في موضوع الأسارى أيقتلونهم أم يفدونهم !
وكان قول عمر رضي الله عنه أن يقتلوا ..
بل : كل يقتل قريبه يا رسول الله !
_ قال أحمد : واستشار النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه بالأسرى !
قلتُ : استشارهم بالأسرى !!
نبيّ مرسل يوحى إليه ويستشير أصحابه !!!!
يبدو أن أصحابنا في هذا الزمان أعظم منزلة منه (وحاشى) .
_ فقال عمر : يا رسول الله اقتلهم .
قال فأعرض عنه النبي ثم عاد واستشارهم ..
(مع أن المشورة الأولى لم تعجبه وكان يستطيع أن يقول لهم افعلوا فسيفعلون دون تفكير حتى لأنه أمر رسول الله .. أي رجلٍ هذا ؟!!)
وقال : يا أيها الناس إن الله أمكنكم منهم وإنما هم إخوانكم بالأمس .
فقام عمر مرة أخرى وقال يا رسول الله اضرب أعناقهم .
_ ثم عاد النبي فقال للناس مثل ما قال آنفاً ..
فقام أبو بكر الصديق رضي الله عنه وقال :
نرى أن تعفو عنهم وتقبل منهم الفداء .
فذهب عن وجه رسول الله ما كان فيه من الغمّ ..
فعفا عنهم وقبل منهم الفداء .
......
وطبعاً جاءت الآيات بعد ذلك بقول عمر رضي الله عنه ..
ماكان لنبيّ أن يكون له أسرى .
ومرّ بالنبي وأبي بكر فرآهما يبكيان فقال ما يبكيما :
قالا لونزل عذاب مانجا إلا عمر .
وهاهنا لفتات مهمّة جدّاً :
1- هل كان ياترى عمر أكمل إيماناً من النبي صلى الله عليه وسلم ؟!!
الجواب وانتبهوا جيّداً وقارنوا ..
_ هذا النبيّ الحبيب بأبي هو وأمي وكلي وعائلتي وأهلي وروحي ودمي .. هو النبيّ الرحيم ..
هو نبيّ الرحمة ونبيّ الإنسانية ..
و والله ما أحب القتل يوماً بغرض القتل !
وشرحت لكم كثيراً بسلسلة جهاديّات ..
http://justpaste.it/Jehadiatn
كيف أنه حتى الجهاد والقتل الذي فيه ..
لم يكن بقصد القتل والذبح والصلب والسحل ..
( أكثر ما يميزنا الآن كجماعات جهادية للأسف !!!
وأكثر مايركز عليه إعلامنا !!)
_ وحتى الجهاد والقتل الذي فيه كان قمة الإنسانية والله ..
وحبًّا وخوفاً لبني البشر من عذاب قريب لابد وقوعه يوم القيامة ..
وشرحت هذا مفصلّاً !
....
هذا النبي تجلّى كنبيّ بالموضع الذي يجب أن يتجلّى فيه .
قلتُ : ولو أنه هو من طلب قتلهم ..
والصحابة من طلب العفو عنهم :
لكان هذا مخالف لقبول النفس وفكرتها عن النبي !
نبيّ رحيمٌ حريص على قومه ..
لاينتصر لنفسه :
(ولعل هذا أهم مافي الموضوع كلّه !)
وهذا كان واضحاً جليّاً في قوله :
(وقد أمكنكم الله منهم وكانوا إخوانكم بالأمس !)
....
ستقول : لكن الله خطّأ فعله هذا !
أقول لك وهل خطأه إلا بوحي ؟!!
خطأه صلى الله عليه وسلم ليعلمنا ..
وبنفس الوقت ليظهر للبشرية أنه ليس بطالب دم ..
ولا طالب ثأر ولا منتصر لنفسه !
إنه بكل بساطة رســـــــــــــــول من رب العالمين للعالمين !
إنه أعلى وأسمى من أن ينتصر لنفسه ..
ويطلب دم العالمين الذين خلقهم الله ..
وربي هذا قول الله فيه : وما أرسلناك إلا رحمةً للعالمين !
.........
يتبع إن شاء الله ..
الدروس الأمنية بالسيرة النبوية (34)
كتاب المغــــــــازي (20) :
_ لكن خطّأه ليعلّمنا أولاً أنه بشر ..
وليعلّمنا ثانيّاً أهمية الولاء والبراء !
وأنك عندما تقتل ستقتل لله وليس لنفسك ..
ولو قتلهم بدون هذا الموقف منه ..
لقالت الناس قتلهم ثأراً منهم وانتصاراً لنفسه ..
وحاشاه صلى الله عليه وسلّم .
2- قول الله في الآية تريدون عرض الدنيا :
مع أنهم ما طلبوا إلا مالاً ليقوّوا دولتهم ..
وتعليم أولاد المسلمين وهذه الأمور مهمّة جدّاً ..
بل وإن كل غزوات النبيّ وسراياه إلى الآن "
وجدنا أن كلّها كانت من أجل المال ..
وحتى معركة بدر أصلها من أجل المال .
_ لكن أراد الله سبحانه تثبيت الولاء والبراء في قلوبهم ..
فرغم أهميّة هذه الأمور إلا أنها لاتكون شيئاً أمام تثبيت الولاء والبراء في قلوب هذه الفئة التي يهيئها الله لنصره ولاستخلافها بالأرض !
_ ومعرفة الولاء والبراء ودراسته بالكتب شيء أيها الإخوة ..
وتثبيته في القلوب شيء آخر .
....
وهنا أقول أمراً مهمّاً وخطيراً ..
وبسببه حدث الكثير من المشاكل وكثير من تفرق الجماعات ..
وكثير من ضلالها وزيغها ..
أقول : لا يجوز لأي جماعة أو فرد :
تطبيق السياسة الشرعية إلا بعد تثبيت الولاء والبراء في قلوبهم .
.......
ماهو تثبيت الولاء والبراء وكيف يتثبت ؟!!
هل يتثبّت بقراءة الكتب وحفظها ؟!
بلعام بن باعوراء شهد الله بنفسه سبحانه له بالعلم ..
{واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا } .
لكنه اتبع هواه !!!
(وهذا هديّة صغيرة .. لكل من يستخفّ باتباع الهوى !!!!
كان يعلم اسم الله الأعظم وغلب عليه هواه .. فكيف تقدّسون اليوم بشراً من زماننا وتنفون عنهم أنهم ممكن أن يغلب هواهم عليهم ؟!!)
_ المهم أن بلعام بن باعوراء لديه من العلم ما لديه ..
فهل كفاه علمه ؟!!
فتثبيت الولاء والبراء بالقلوب أيها الإخوة لا يكون بعلم فقط ..
بل يكون بمثل : كلٌّ يقتل قريبه يارسول الله .
....
وأعجب لجماعة تطبق السياسة الشرعية:
(خوفهم من غير الله وجبنهم ورجسهم وندالتهم وخبث قلوبهم المغطى والمبرر بحجة شرعية وهي : السياسة الشرعية !!!!) .
وهي لم تطبق الولاء والبراء ولم يتثبّت ..
أقول يتثبّت في قلوب أفرادها !
بل وحتى لا يعرف أفرادها ماهو الولاء والبراء وماهي أهميته بالدين .
....
الولاء والبراء أيها الإخوة !
هو من أعظم ركائز الدين ولعلّه في زماننا الأهم على الإطلاق !
_ فمثلاً العبد الفقير حتى تثبت الولاء والبراء عندي (نوعاً ما) :
بذلت الكثيير من الجهد والكثير من التعذيب ..
وكلّفني أن أواجه أفرع الأمن وأنا داخلهم :
بالأذان والجهر بالعقيدة حتى تثبّت الولاء والبراء نوعاً ما في قلبي.
_ ولعل السوريين يعرفون ما معنى أن تواجه عناصر الفرع وأنت مسجون عندهم ..
بأن يخفضوا صوت الأغاني أو تقاتلهم من أجل عدم شتم الله سبحانه أو تؤذن داخل الفرع أو تثبّت المساجين وهم يضربونهم أو .. أو .. أو ..
....
وهذا والله بدأت به ويداي ترعشان أول مرة دققت فيه باب المنفردة .
لكن أردت تطبيق ملة إبراهيم عليهم :
{وبدا بيننا وبينكم العداوة البغضاء !}
....
وفي موطن آخر لما نقلوني لعدرا المركزي بعد سنوات من الولاء والبراء في الأفرع تحولت فترة لحمل وديع ..
لأدخل الموبايل عن طريق أهلي ..
لئلا يشعروا وليخففوا المراقبة عليّ التي كانت مشددة ..
وقد حصل هذا ولله الحمد .
_ نعم بششت في وجوه من أذقتهم الويلات ولله الحمد بالأفرع ..
بعد أن تثبّت في قلبي الولاء والبراء ولله الحمد .
والذي كلّفني منفردات أطول ..
وعذاب وشتم ومنع من الباحة والماء الساخن
( الذي كنت أرفضهم ولا آخذهم ..
وأذكر أني مابدلت ثيابي لسنة و3 أشهر ..
وأني مااستحممت إلا جنابة لتسعة أشهر متتالية ..
لأني كنت أرفض آخذ منهم الصابون والماء الساخن وبدل الثياب
حتى أجبروني وثبتوني على الحمام وتبديل ثيابي )
....
وهنا فقط يحق لك تطبيق السياسة الشرعية ..
ولو بششت في وجوههم قبل هذا (كما فعل أولاد دعوتي)
لذهب ديني والله إلى اليوم .
_ وانظروا إليهم اليوم أحدهم قاعد والآخر مع الأحرار والآخر ذهب للعسكرية بجيش النظام !!!
وهم أولاد دعوتي !!
وهذا من فضل الله وتثبيته لي أولاً وآخراً ولاحول ولا قوة لي إلا بالله ..
....
وكم اختلفنا مع أقربائنا وتشاجرنا وهجرنا ..
وكم نمنا على سطوح البنايات وقرب المجارير وفي الحدائق
ونحن تاركين بيوتنا بسبب تشاجرنا مع أهلينا ..
ونحن نحاول أن نتمسك بعقيدتنا ..
التي كانت شيئاً غريباً وقتها عن المجتمع وكان المجتمع كله يحاربنا !!
_ (وطبعاً لا أقول للشاب اعمل عملنا الآن..
لكن كان مجتمعنا يخاف كثيراً من النظام ..
ووالله لو أمرهم حافظ الأسد بعدم الأكل ثلاثة أيام :
لفعلوا من خوفهم ورعبهم )
(طبعاً هلأ صاروا أبطال وثورجية بل وينظرون علينا )
_ ونحن أخطأنا ببعض الأمور وخاصة بالأمور الأمنية ..
ولم يكن هناك من يوجهنا ويفهمنا ..
....
فأنتم تأتيكم هذه الكلمات وهي عصارة تجارب وسنون ومخاضات ..
وعندكم من يوجهكم ويفهمكم !!
ومع ذلك لا يعجبكم !!!! إلا من رحم الله فيكم !
_ وضربت لكم هذا المثل عن العبد الفقير ..
لأشرح لكم مثالاً واقعيّاً عن تثبيت الولاء والبراء في القلب من زماننا هذا لكي تعلموا أن الأمر ليس بالشي السهل البسيط !!
....
وهذا تماماً ما أراده الله سبحانه بقصة الأسرى ..
وبتربية هذه الجماعة المؤمنة التي سيستخلفها بالأرض ..
وذلك لاينفي أبداً أهمية المال والتعليم بديننا ..
لكن ليس كمثل الولاء والبراء شيء !
الدروس الأمنية بالسيرة النبوية (35)
كتاب المغــــــــازي (21) :
ذكر رجوعه من بدر صلى الله عليه وسلّم :
قال ابن إسحاق وكان النبيّ إن أظهره الله في موطن أقام بالعَرَصة (ساحة المعركة) ثلاثة أيام .
فأقام ببدرٍ ثلاث وكان رحيله من بدرٍ يوم الاثنين وذهب للمدينة ومعه الأسارى والغنائم الكثيرة ..
_ وكان قد أرسل بين يديه زيداً وبن رواحة مبشرين لمن بقي في المدينة .. فمن بقي في المدينة ما ظنّ أنه سيكون قتال فالنبيّ خرج أول ما خرج يطلب العير لا قتال قريش كما أسلفنا !
....
قال حتى إذا كان بالصفّراء قسّم النفل بين المسلمين ..
_ قال وقتل هنالك النضر بن الحارث ..
ولما بلغ عِرق الظبيّة قتل عقبة بن أبي معيط ..
وكان شديداً بقتله رغم توسله .
وكانا من أشد الناس عداوةً للإسلام وأهله وأشدهما إيذاءً للصحابة وأكثرهم كفراً وعناداً وحسداً وبغياً .
....
قلتُ : قتلهما لسببين والله أعلم :
1- قد علم رسول الله صلى الله عليه وسلم بفطنته وفراسته وخبرته بالرجال أن هؤلاء لا يسلمان أبداً "إلا أن يشاء الله" ..
وذلك من صفاتهما المذكورة آنفاً ..
_ فأمر بقتلهما لعظيم إفسادهما المقبل ولعظيم ما سيفعلانه من تحشيد الناس على رسول الله لو أطلقهما فداءً ..
فأحدهما هو من كان يرمي السلى عليه صلى الله عليه وسلم وهو يصلّي بالكعبة وفاطمة تبكي وتغسله عن رأسه صلى الله عليه وسلم .
وهو من وضع رجله الخبيثة مرة على رقبة رسول الله صلى الله عليه وسلم الطاهرة وهو ساجد يصلي وشدّ رجله على رقبة رسول الله حتى ظن أن عيناه الشريفتان ستخرجان من مكانهما لشدة دوسه عليه صلى الله عليه وسلم !!!
....
2- لو أن النبي لم يقتلهما وهما بهذه الصفات كلها وكل هذه الأفعال معه صلى الله عليه وسلم ..
لظنّت الناس أن فيه ضعفاً وخوراً وتطاولت عليه ..
ولم يستطع أن يقتل غيرهما من كبار المجرمين :
لأن الناس ستقول ترك مجرمي قومه وقتل مجرمينا ..
_ ومن ذلك قول المنافقين عنه صلى الله عليه وسلم أنه أُذُن
(أي كلمة تأخذه وكلمة تجيبه) ..
_ ومن ذلك قوله لأحد من فكّ أسره في بدر عندما استرحمه على أولاده وعاد وأسره ب "أحد" فعاد واستصرخه فقال له صلى الله عليه وسلم :
لا أتركك تمسح عارضيك بالكعبة وتقول خدعت محمداً مرتين .. فقتله .
...
فصفحه عن الأسرى كان لحكمة ..
وقتله لهؤلاء من بينهم كان لحكمة أيضاً .
_ وهنا روى ابن هشام شعراً لأخت النضر ..
تعاتب فيه رسول الله وتصفه بالرحمة والكرم والعفو ..
تعاتبه عتاباً مؤدباً على قتله للنضر وهو بهذه الصفات الكريمة ..
وأنه لو اطلقه ماضره فقال لو سمعت هذا قبل قتله لعفوت عنه !
قلتُ : وفي هذا حكمة أيضاً ويبين أنه صلى الله عليه وسلم ..
ماقتلهما ثأراً وانتصاراً لنفسه بل للحكمتين الذين ذكرتهما سابقاً .
قلتُ : وهذا دليلٌ على جواز قتل بعض الأسارى أيضاً ..
(طبعاً قبل الإثخان بالعدو الحكم الشرعي العام بقتلهم جميعاً وطبعاً هناك استثناءات حسب الحالات لذلك قلت حكم عام)
.....
قال وقبل النبي بطريقه هدايا من المسلمين وتهانيهم بالنصر ..
وأقبل قبل الأسارى بيوم ..
ثم وزعهم بين أصحابهم وأمر أن يستوصوا بهم خيراً .
....
وها هنا قصّة عظيمة تعدّ باباً عظيماً بالولاء والبراء إلى يوم الدين ..
رائدها وبطلها مصعب بن عمير رضي الله عنه وأرضاه ..
_ وحقيقةً عندما تبدأ بالتكلم عن مصعب بن عمير ..
ينخفض صوتك ويطأطئ رأسك ..
ويحمر خداك خجلاً من هذا الجبل الأشم العظيم ..
مصعب بن عمير أيها السادة مدرسة لوحده ..
مصعب بن عمير أيها الإخوة لعلّه من الصحابة الذين لا نعرف عنهم الكثير ومع ذلك أعتبره من أعظم الصحابة شأناً وإيماناً وتضحيةً ..
وسأفرد هنا بحثاً كاملاً عن مصعب ..
والذي أكثرنا يتسمى باسمه ولا نعرف إلا القليل عنه
الدروس الأمنية بالسيرة النبوية (36)
كتاب المغــــــــازي (22) :
مصــــــــــــــــــعب بن عمير :
بالبداية .. أرجو أن تجلّسوا قعداتكم وتفتحوا عيونكم ..
فهذه ليست قصّة ليلى والذئب .. ولا قصّة حكواتي المقهى !
هذه قصّة أناس مثلنا تماماً ..
رأينا أنّ لهم شياطينهم وشهواتهم وحظوظ أنفسهم ..
(لكنهم تغلّبوا عليها وزكّوها)
فلتركزّوا ولتضعوا أنفسكم مكانه ولتعيشوا القصّة كأنكم معه .
...
مصعب بن عمير أيها الأخوة كان شابّاً "على الموضة" ..
شاب لا ينقصه شيء ..
شاب إن مرّ بشارع شم رائحة عطره الشارع الآخر ..
"وهذا يدلك أن عطره لم يكن بمكة مثله وعلى الغالب مستورد !"
_ من عائلة شريفة غنيّة ..
فيها من الأمور الارستقراطية وأرقى العادات المجتمعية وقتها ..
(كما سيأتي بقصّة أمه) (يعني من كبار الأكابر كما نقول اليوم)
_ وكان شابّاً جميلاً وسيماً رقيقاً ..
حسن الأدب دمث الأخلاق رقيق الصفات .
ذكيّاً حاد الذكاء حسن التعامل مع الناس ..
_ عنده صفات قيادية ويعرف يتعامل مع الأمور ..
ويمتص المشاكل ويتعامل مع الظروف :
_ (ألم تر أنه أرسله النبي مبعوثاً له إلى يثرب وحده وحده !!!
فخلال شهور قليلة روّض أغلب المدينة للنبي بإذن الله ..
وجعل أهلها يسلمون (بأمر الله) رغم كل المشاكل التي واجهته وقتها ..
_ فكّر فيها :
يؤمن من مدينة كاملة حوالي 80 شخصاً فقط ..
فخلال أشهر قليلة يجعل المدينة كلها تؤمن بالنبي
(الذي يكذبه أهله ويتكلمون عليه ..
ويتهمه حتى أقرباؤه بالكذب والسحر والجنون ؟!!!)
....
لو عشت القصة كما أطلب منك ..
لعلمت أن كل ماذكرته لك من الصفات شيءٌ بسيط جداً من صفاته رضي الله عنه وأرضاه .
_ كان ديناميكيّاً وبراتيكالياً ..
يعرف من أين تؤكل الكتف .. وعنده قدرة قوية على إثبات نفسه وعقيدته والمواجهة والإقناع وجذب الناس ..
_ وأجزم أن وجهه الجميل وعاداته الراقية وأخلاقه الدمثة وذكاءه المبهر ساهما جدّاً في جذب الناس له أيضاً .
وهذا وكلّه شاب في أول الثلاثين !
_ عرف كيف يمتص العداوات ..
وكيف لايهاجم القيادات وكيف يعطي لكل ذي حق حقه .
باختصار أيها السّادة :
برأيي كانت هذه أهم مهمة لشخص بعد النبي في الإسلام ..
لأن نجاحها كان هو سبب بقاء الإسلام (بأمر الله) إلى الآن ..
وسبب كل الفتوحات و .. و .. و ..
....
ملاحظتان :
1- لو كان أحد شبابنا اليوم أو شرعيينا أو أمرائنا ..
هو مبعوث النبي إلى يثرب ماذا كانت النتيجة ؟!!
قد جئناكم بالذبح ولعنكم الله يامرتدين وسنسحلكم يامخالفين ويقول لمن يؤمن معه اقتلوا كل المخالفين والكفار والنبي باق ويتمدد رغم أنوفكم ونحن أحق بالبيعة من جماعة فلان ولازم تبايعونا نحن والطرف الآخر بيقول لا أنتو مبايعين للقاعدة ولازم تبايعوا القاعدة و.. و .. و ..
2 – كل هذه الصفات كانت متوفرة بمصعب نعم ..
لكن برأيك من هو أذكى منه وفيه من الصفات أكثر مما ذكرنا .. ؟!
أليس من اختاره لهذه المهمّة الخطيرة .. فعرف من يختار ولماذا ؟!!
وقد حدث مثل هذا بعد هذا بسنوات ..
عندما اختار عثمان مرسالاً لقريش قبل صلح الحديبية .
...
بأبي أنت وأمي يارسول الله ..
ما أذكاك وما أدهاك وكم شغّلت عقلك وكم تعبت في التفكير والدهاء والتخطيط والفطنة والحذر والأمن ..
لتمكر بعدوّك ولتنصر هذا الدين وليصل لنا ..
لننجو من نار تلظى لابد أننا سنراها يقيناً عياناً جهاراً ..
_ ثم نأتي نحن الآن ونحن (نتدشى) ونسمع كم أنشودة وحاملين بارودة ومربين لحيتنا ..
ونظن أن هذا هو الاقتداء بك بل وننسب أنفسنا لك ولسيرتك وسنتك ومنهجك ونحن بعيدين كل البعد عنها !!!
....
_ مصعب بن عمير لما أسلم ..
والله أعلم كيف أسلم وكيف اقتنع ..
وحسب رأيي الشخصي وفراستي بالناس كان شاباً لايحب عادات قريش وثائراً عليها ..
لأنه كان منفتحاً مثقفاً واعياً ..
فما هذه العادات البالية وماهذه الحجر التي يعبدونها ويذبحون عندها وماهذه الأزلام التي يضربونها وهي قداح تدور تمنع أحدهم من السفر أو تسمح له !!
_ وأظن أنه كان متعلّماً مثقفاً ..
وهذا طبيعي لشاب من عائلته ومستوى عائلته ..
وشاب يضع عطراً مستورداً تعرفه مكة منه !
...
وإلا فما يدفع مثل هذا الشاب بتلك الأخلاق وهذه الصفات !
للدخول بهذا الدين المستضعف (الظاهر بأنه خاسر)
فمثل هكذا شاب لا يدخل لعبة خاسرة ولا يدخل ديناً فاشلاً ..
_ هو ليس عبداً مستضعفاً رأى بهذا الدين مايخلصه من ذله ويجعله يتساوى مع سيده (كلكم من آدم وآدم من تراب) ..
وليس قريباً أو صاحباً للنبي و .. و ..
_ برأيي هو وجد في هذا الدين كل ما يفكر به ..
وكل المسائل التي لا يجد لها جواباً ..
متى تنتهي الدنيا ؟!!
هل يعقل أننا خلقنا هكذا ليأكلنا الدود؟!!
لم تقبل نفسه الشريفة الواثقة المثقفة هذا !
هل يعقل أن نعبد أحجاراً ... الخ
_ وبرأيي وجد بهذا الدين ضالته ..
ومثل هؤلاء القوم عندما يدخلون الدين:
يدخلونه بقوة وصدق عجيبين أيها السادة ..
لأنهم آمنوا به يقيناً وأحبوه ودخل عقولهم ..
وأُشرب في قلوبهم فلا يزيغهم عنه فتنة شدة أو فتنة رخاء ..
ولا يتركونه لسجن أو لأموال !
_ وهذا حال الكثير من شباب العائلات الراقية في يومنا هذا الذين يسلكون طريق النبي ومنهجه صلى الله عليه وسلم ..
....
مصعب بن عمير أيها الإخوة ..
لما أسلم أضربت أمه عن الطعام والشراب حتى يعود لدين آبائه ..
(وهذا يدلك على رقي هذه العائلة وتصرفاتها الذي أخبرتكم به آنفاً .. فلم تضربه ولم تعنّفه ولم تشتمه ولم تحبسه كما فعل غيرها من عائلات قريش المعروفة والغنية بأولادهم) .
_ كان تصرفها معه أنها لم تأكل أو تشرب حتى يعود ابنها ..
وهذا اليوم تفعله أرقى العائلات مع أولادها ..
ليرق قلب الولد ويعود لأمه ..
...
لكن ماذا كان ردّة فعله وجوابه رضي الله عنه وأرضاه :
قال لها ... يا أمُّ .. !
كلي أو لا تأكلي .. اشربي أولا تشربي ..
فوالذي نفسي بيده لو أن لك تسعاً وتسعين نفساً ..
تخرج نفساً نفساً أمام عيني ماتركت دين محمّد !!
..... ..... ...... !!
أي إيمان هذا وأي يقين وأي قناعة وأي اقتناع ؟!!
....
ومثله ماكان في قصتنا اليوم .. والتي تسببت بالحديث عنه ..
وهي أنه لما رأى أخاه لأمه وأبيه بالأسر ..
قال للصحابي (أخيه الحقيقي) الذي يأسره :
اشدد وثاقـــــــــــــــــــه فإن أمه غنية !!!
_ أيُّ ولاء وبراء هذا ؟!!!
أعرفتم لماذا قلت لكم ستطأطَأ رؤوسكم وتخرس ألسنتكم وتحمرّ خدودكم خجلاً من مصعب بن عمير؟!!!
...
وبالأخير أتعرفون كيف قتل وماذا حدث عندما أرادوا دفنه ..
_ أما كيف قتل فيحتاج درساً كاملاً سنقوله في وقته عندما نصل للكلام عن معركة أحد بإذن الله ..
_ وأما ماذا حدث عندما دفنوه ..
فإنهم عندما أتوا ليدفنوه لم يجدوا مايكفنونه به !!
إلا سعفاً من النخل إن غطوا قدميه بان وجهه ..
وإن غطوا وجهه بانت قدماه ..
...
نعم أيها السادة ..
هذا كان آخر عهد ذلك الفتى الوسيم الجميل المترف الراقي المثقف الذكي صاحب العطور "الباريسية" المستودرة ..
الذي تركها لا عن فقر ولا عن حاجة .. بل نصرةً لما اعتقده ورآه حقاً ..
ورحم الله بن لادن ..
واللهم لاعيش إلا عيش الآخرة !
الدروس الأمنية بالسيرة النبوية (37)
كتاب المغــــــــازي (23) :
فصل في بعض العبر المستفادة من فداء الأسرى :
1- ومنه قصّة أبي وداعة وابنه فقد كان أول من فُديَ من الأسرى ..
والملفت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للصحابة عنه :
إن له ابناً تاجراً كيّساً ذو تجارة ومال .. (كيّساً أي فطناً ذكيّاً) .
وكأنكم به قد جاء في طلب أبيه .
_ فلما قالت قريش لا تعجلوا بطلب أسراكم لا يأرب عليكم محمد وصحبه .
فقال ابنه هذا : نعم لا تعجلوا ..
فلما كان الليل انسلّ من مكّة خفيةً وأتى المدينة وفكّ أباه ب4 آلاف .
...
قلتُ : قد يتوهم البعض أن الأمر مجرد وحي من الله سبحانه لنبيه .
والغالب عندي والراجح ..
أنّ هذا من فطنة النبي وشدة ذكاءه وفراسته ومعرفته بالرجال .
فلما قال : كيّساً واتبعها بالتجارة .. فيعني أن ذكاءه بتجارته .
_ والتاجر الذكي يسبق غيره لئلا يزيد عليه الدفع .. فكثرة الطلب ترفع ثمن البضاعة .
هذا والله سبحانه أعلم .
...
2- قصّة سهيل بن عمرو ، وفيها من العبرة عدة أمور :
1- أن لا تستعجل الحكم على الناس ولا الحكم على الأمور من نظرة واحدة .
فنظرتك قاصرة وعسى أن تحب شيء وهو شرٌّ لك ..
وعسى أن تكره شيء وهو خير لك !
_ فسهيل كان خطيباً مفوهاً وكان يخطب ضد النبي وصحبه ..
فلما وقع في الأسر ..
قال عمر دعني أقطع لسانه يا رسول الله لا يقوم خطيباً علينا بعد ذلك .
فقال النبي لا أمثّل به وعسى أن يقوم مقاماً بعده لا تذمّه .
وكان فعلاً أنه لما ارتدت الناس بعد وفاة النبي وارتدت أكثر جزيرة العرب ..
قام سهيل خطيباً بقومه قريش ..
وقال لهم يامعشر قريش لا تكونوا آخر الناس إيماناً وأولهم ردةً ..
إلى آخر كلامه وثبّت قومه وكان موقفاً جيّداً منه رضي الله عنه .
2 - تستفيد منها أيضاً أنك إن ظننت ولو للحظة ..
أن عمر كان أكمل إايماناً وعقلاً من النبي في حكم الأسرى (وحاشى)
فهاهو عمر الآن يتسرّع ويعطي حكماً بنفس الغزوة ..
وتبيّن أن الرأي الأكمل والأحكم كان للنبي صلى الله عليه وسلم ..
وهذا يؤيد ما قلته لكم عن سبب موقف النبي في الأسرى .
.......
.......
قلتُ : ويمرّ على الإنسان مواقف كثيرة بحياته ..
يظن نفسه أنه الحق المفرد وأن رأيه هو الرأي الصائب المطلق .
ثم تدور عليه الدنيا فيرى أن موقفه ونظرته ورأيه كان خاطئاً .
فليذكّر نفسه دائماً بما حصل له ..
لأنه إن صحي اليوم من خطئه ذلك .. فقد يخطئ خطأً آخراً قد لا يصحو منه !
....
فلذلك وأنت تناقش الناس :
افرض دائماً أن مناقشك ومخالفك ولو 1% على حق !!
واسمعه بأذن الباحث عن الحق أينما وجد (ولو من الشيطان) ..
_ لكن كل أمتنا وهذا الجيل خصوصاً عندما يناقش ..
يناقـــــــــــــــش ليغلب وليُثبِت رأيه وليفوز على خصمه !!!!!!!
لايناقش ليبحث عن الحق ..
لذلك تجده أثناء النقاش ..
يلفّ ويدور ويبلعط ويقطّع ويوصّل ويكذّب ويلف ويكوّع ويشفّط ويفحّط !
...
ومثل هؤلاء لايمكن النقاش معهم أبداً ..
لأنهم سيلفون ويدورون ويبلعطون ..
ويحلف بالله أنه ما قال هذا وكان قصدو هيك وأنت مافهمت عليّ .
و ... و....
_ فإياك ثم إياك أن تناقشهم ..
وإذا رأيتهم فابعد عنهم بعد المشرقين فبئس القرين هم ..
_ وإياك أن تستدرج لما سيقولون عنك :
(تهرَّب من النقاش !! حجتك ضعيفة .. خائف منا ... الخ !!!)
فهؤلاء حياتهم الجدال والمراء واللغو والكلام ..
وهم ميتو القلب ضائعو العمر ..
فيريدون الكلّ مثلهم .. كالمدخن يتمنى أن يكون كل الناس حوله مدخنون !
فسيضيع عمرك ووقتك وحياتك وسيموت قلبك ويقسى ..
وبالأخير ستخرج خسران لكل شيء ..
_ وسيأتي الشيطان يسوّل لك :
ناقشهم لعل الله يهديهم !!!
ونقاشهم واجب لتذب عن دينك وعقيدتك وإخوانك !!!!!
وهذا والله من تلبيس اللعين ..
وقد يضيّعون الصلوات عن وقتها ويضيّعون قيام الليل والأذكار و ....
بهذه الحجة الإبليسية ..
....
ألم تسمع لقوله سبحانه :
فلعلك باخعٌ نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفاً .
فذرهم يخوضوا ويلعبوا .. فذرهم ومايفترون . فأعرض عنهم وتوكل على الله ..
_ وفرضاً ولو اضطررت اضطراراً مجبراً لنقاشهم ..
فعليك بالورق والقلم واشترط أن تسجّل كلامك وكلامهم ..
فوقتها سيولّون ولهم ضراط !
وبالغالب سينهون النقاش بصُراخ أو (خناقة) أو ....
وهذا فعل الفأر عندما يحشك بالزاوية .
....
فمما تعلمنا ..
أنّ الإنسان لما يناقش ويكون عنده رأي ..
فلا يتشبّث برأيه مطلقاً وكأنه يوحى إليه !!
وهذا التشبّث هو مما يودي أهل النار في نارهم ..
فهم إلى قبل أن يموتوا يظنون أنفسهم على الحق !!
وكذا كل الديانات حتى الرافضة والنصيرية .. وحتى أبناء ملتنا !
وانظر إلى حال جماعتنا ومجاهدينا اليوم (مجاهدين 2015 )
كلهم الحق المطلق وكلهم المنهج الصحيح .
وكلهم يدعي وصلاً بليلى .. وهم لايعرفون ليلى أصلاً !
....
يتبع إن شاء الله ..
الدروس الأمنية بالسيرة النبوية (37)
كتاب المغــــــــازي (23) :
تابع للدرس السابق :
_ أما من يبحث عن الحق (وهذا يظهر لك من أول نقاش ) ..
فهذا ضيِّعْ عمرك من أجله (ولن يتطلب منك هذا) فلا بأس .
ولو سهرت معه الليالي لتشرح له وتبيّن فلا خسارة بذلك ..
بالعكس هو واجب عليك (مالم يكن لديك ما هو أهم وأولى) ..
وهذا منهج العبد الفقير مع هؤلاء ..
..........
الآن قد تقول لي ..
وهل يعني كلامك أن نبقى متشككين في عقائدنا وديينا ومترددين ..
لا يا عبد الله .. فكلامي شيء وهذا شيء آخر .
خذها قاعدة : (هلأ بيزعلوا شباب الدولة )
اعلم أنه من يكون من الصنف الذي يبحث عن الحق ..
لابدّ وأن يصل لمرحلة الحق المطلق :
(عقائدياً وليس عملاً ..
فبالعمل البراتيكالي العسكري أو التنظيمي أو الأمني أو ... الخ
الخطأ وارد حتى تموت) ..
_ فمن يكون من الصنف الذي يبحث عن الحق ..
لابدّ وأن يصل لمرحلة الحق المطلق ..
لأنه عندما يكون من هذا الصنف ..
ولا يقدّس أحداً أو يسّكر عقله ويتشبّث برأيه مطلقاً ..
فإنه سيرى الخطأ والصواب ..
لأنه فرض أصلاً أن كلام محاوره المخالف على حق ولو 1% ..
وهكذا سيصل خلال حياته للحق المطلق !
ولابد أن يهديه الله لأناس صادقين بحثوا عن الحق قبله فيهتدي بهم ويقتدي ..
....
فترى إذاً أنك مهما كنت ذكيّاً .. فالعمر هو من سيعلّمك ..
لأنك لن تصل إلى الحق المطلق إلا بعد أن تمضي في عمرك .
_ وحتى أولئك الذين بحثوا قبلك ..
هم قد يوفرون عليك عشرة سنين .. لكن يجب أن تكمل مسيرتهم أنت .
وهكذا تتطور الجماعات ويتطور العمل للإسلام !
....
أما جماعاتنا الحمقاء ..
فلاحظ أن الخطأ الذي وقع به من قبلهم بأربعين عام يعيدونه هم نفسه !!!!!
_ بينما لو تعلموا من تجربته من 40 عام .. وفروا أربعين عام من حياتهم !!
وعندما يصلون لعمر هذا الرجل بعد 40 عام ..
فبرأيكم أين سيكونون وأين ستكون خبرتهم ؟!
....
يعني من يتعلم الآن من العبد الفقير مثلاً ..
ولازمه من عام إلى الآن عرف منهجه وعرف دعوته التي يدعو إليها ..
(والتي تختلف عن كل الجماعات الأخرى والدعوات الأخرى).
_ فلو كان باحثاً عن الحق ..
لعرف أن الكثير من كلام العبد الفقير هو الحق المطلق ..
لأن العبد الفقير كلفّه ما يعلمك إياه الآن :
14 عام من التجارب والمحن والسجون والمنفردات والتعذيب و ...
_ فلو تأخذ ماعنده وتتعلم
(وشرط التعلم التواضع وعدم ظنك بنفسك أنك تفهم كل شيء !!!!!)
ستكتسب من خبرة الـ14 عام الكثير ..
(مؤكد لن تكسبها كلها وكل سيكسب حسب فطنته وذكائه واجتهاده).
فبعد 14 عام كيف ستكون خبرتك وكيف سيكون منهجك ؟!!!!!!
....
وهذا ما أسعى إليه بتعليمك ..
وهذا ماتفتقده كل الجماعات الجهادية على الإطلاق .
وقالوا قديماً السعيد من اتعظ بغيره .. فكيف بمن لا يتعظ حتى بنفسه !!
وانظر إليهم الآن .. يقعون بالمطب خمسين مرة ..
لأنهم أصبحوا كالأنعام بل هم أضل ..
لأنه حتى الحمار لا يقع بالمطب أكثر من مرة !!!
....
وقلت لكم سابقاً أن أكثر ما كنت وما زلت أفعله ..
أن أتعلم من تجربة غيري ومن قصصهم ..
هذا وأنا صاحب تجربة طويلة مليئة بالأمور العظام .
_ ووالله ما زلت إلى الآن أتعلم ..
بينما وأحدكم يتعلم كلمتين من العبد الفقير فيقعد ينظر عليه بعد يومين !!!!!!
....
بينما الباحث عن الحق يكون مؤدباً محسناً الظن بمن يعلمه أن يفتّح عقله ..
ويفرض دائماً أنه قد يكون الصواب وأقول أنه يعلم أكثر مما أعلم بكثير ..
لكن لايعني هذا أن لاتنبه لما تراه أنت خطأً عنده ..
وإلا ستكون متصهوداً له !!
_ لكــــــــــــــــــن ..
هناك طريقة وهناك أسلوب لتنبيهه على ماتراه أنت خطأً ..
من أهم أموره الأدب مع الذي علمك أن تفتح عقلك ..
وترجيح تحسين الظن به .
وإلا فأنت خبيث مريض القلب حسود لئيم .
....
فأنت كنت قبل أن يعلّمك ويفتّح عقلك أحمقاً مخدوعاً مساقاً إمعة .
ولولا هيأه الله لك لكنت الآن مسجوناً أو مقتولاً ببلاش أو مفتوناً أو ضالّاً .
ورحم الله زماناً كنا نقبّل يد من يعلمنا ..
....
فكل هذه العبر تتعلمها من قصة سهيل بن عمرو، وموضوع يجرّ لموضوع آخر .
.................
3- ومن الفوائد أيضاً ..
أنّ أبا سفيان لم يرض أن يفدي قريباً له من غيظه ..
بل اتبع معهم سياسة المثل ..
فخطف أحد الأنصار مع أنه كان معتمراً ..
وأمّن لقريش أنه كان عهد قريش ألا يتعرضوا لمعتمر !
(وهذا من الوثوق بالكفار والتأمين لهم وهذا خطأ).
فبادله النبي بقريبه المأسور وحقق أبو سفيان ما أراد !
....
4- ومنها قصة أبي عزّة الشاعر وكنا قد ذكرناها سابقاً ..
وهو الرجل الذي ترجّى النبي لأنه كان محتاجاً ذو بنات ..
فتذلل للنبي أن يطلقه منّاً دون فداء !
ففعل صلى الله عليه وسلم لكن عهد عليه أن لا يدخل في أي عمل ضده ..
وأن لا يظاهر على النبي أحداً .
_ ثم إن أبا عزة هذا نكث عهده ولعب المشركون بعقله يوم أحد فعاد وأُسر ..
فترجى النبي مرة أخرى وعاهده .
فقال له النبي : لا أتركك تمسح عارضيك بمكة وتقول خدعت محمداً مرتين !
وعندها قال : لا يلدغ مؤمن من جحر مرتين !!!!!!!
وهذا من الأمثال التي لم تسمع إلا منه صلى الله عليه وسلم .
ثم أمر به فضربت عنقه .
...
وكتبه الغريب ..
الدروس الأمنية بالسيرة النبوية (38)
كتاب المغــــــــازي (24) :
الجزء الأول :
( هذا الدرس سيكون عدّة دروس متتالية بنفس الموضوع .
لذلك جزأته أجزاء )
.....
_ قال فيقول أبو عزيز (أخ مصعب بن عمير) :
فكانوا إذا قدّموا طعامهم خصّونا بالخبر وأكلوا التمر هم .
(الخبز عندهم وقتها أثمن من التمر) .
_ وذلك لوصية رسول الله لهم بالأسرى .
ما تقع في يد رجل واحد منهم كسرة خبز إلا أعطانا إياها ..
فأستحي فأردّها له ، فيردّها لنا ولايمسّها !!
....
قلتُ :
أي أخلاق هذه وأي تزكيةٍ لنفوسهم ..
طيب أليسوا هم الكفار ؟!!
أليسوا هم المرتدون ؟!!
أليسوا هم .... الخ .
....
أرأيتم لو أن الأمر كان هو قتلهم لكفرهم :
لكان على الأقل لم يطعموهم إلا ما يبقيهم أحياءً !
ولو كان الأمر بأننا نقتلهم بجهادنا لأنهم كفار (هكذا فقط) ..
فلماذا نستعهد الذميين (النصارى واليهود) ؟!!
ولماذا نعرض الجزية ؟!!
....
وسبق وتكلمت لكم عن هذا في عدّة مواطن .
فأعداء الإسلام يصوّرونه : دين ذبح وقتلٍ فينفرون الناس منه !
_ ويساعدهم بهذا جماعات حمقى .. وولدان سذّج :
صبيان الجهاد والإسلام وغلمانه .
....
ووالله لو علمت وعقلت .. لعلمت :
أن ديننا لايقتل الناس لأنهم كفار !!
بل يقاتل من يمنع وصول الدين إلى الناس جميعاً ..
_ ووصول هذا الدين وانتشاره وسهولة دخول الناس به ..
(حتى هذه من أجل الناس وليس من أجلك أنت ..
أيها المجاهد الذي تريد أن تكون من الطائفة المنصورة) .
لا يكون إلا بعلوّ سلطانه ..
فلا يخاف من يعتنقه من فتنة حاكم أو سجن سلطان ..
أو عذاب رئيس أو ملك .
_ فكلام ربك واضح جليّ :
(وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة .. ويكون الدين كلّه لله !) .
....
وطبعاً عند علو سلطان هذا الدين ..
لا يُجبر أحداً على الدخول فيه أبداً .
وهكذا تفهم قوله سبحانه : (لا إكراه في الدين) .
الذين يلبسون عليك أنه متناقض مع قوله ويكون الدين كلّه لله .
_ فكون الدين كلّه لله يعني .. أن يكون الدين عالٍ قوي :
لا يخاف من دخوله أحد ولا يخشى فتنة (سجن قتل .. الخ).
_ لكن عندما يتم حكم الدين .. لا يجبر أحداً على الدخول فيه .
فيعاهد اليهود والنصارى وحتى المجوس ويقيمون شعائرهم .
ورحم الله الأستاذ سيّد فإنه والله باختصار :
سيّدٌ عاش بظلال القرآن !
....
وحتى لما قال ربك أيها المجاهد (عن يدٍ وهم صاغرون) :
ليس لأنه يريد أن يذلّهم لكفرهم أبداً والله ..
فهو سبحانه من يعاقبهم لكفرهم .. وقد يرحمهم !
أفما سمعت أنه حتى إبليس ..
يشرئبُّ بعنقه يوم القيامة لعله تناله رحمة الله سبحانه !!!
_ لكن كان هذا الصَّغار لهم والشروط العمرية :
(يجانبون الطريق يخالفون المسلمين في اللباس ... الخ) .
لعلهم يعودون لرشدهم ويتبعون هذا الدين ..
(دين الله على فكرة مو دين أبوك ودين جماعة اللي خلفك :) )
وبدخولهم بهذا الدين سينجون ويدخلون الجنة .
..
فبالمحصلة ذُلُّهم من أجلهم هم ..
(كعقوبة الوالد لولده فيها شدة لكن من أجل الولد ومصلحته) ..
_ ليس من أجل أن تفرِّغ (وانتبهوا جيّداً) :
ضرب أبوك لك في صغرك ..
أو تهميشك من مجتمعك في مراهقتك ..
أو عدم سماع أحد لك وتحقيرك من عائلتك ..
أو فشلك بدراستك وجامعتك ..
أو ضرب وإهانة معلمك بالشغل لك ..
أو قلة يدك وفقرك وبالتالي حسدك للناس ..
أو فشلك في جذب النساء ..
أو .... أو ....
(وهؤلاء والله من دمّر الجهاد)
فليس من أجل أن تفرغ ماسبق في هؤلاء البشر !
وطبعاً الحجة موجودة دائماً : كفار ومرتدون وصحوات ومفسدون !
........
ثمّ انتبـــــــــــــــــــــه يا عبد الله :
أنك تضطر للقتل في المعارك وغيرها ..
(كالحدود الشرعية وسيأتي الكلام عنها بعد قليل إن شاء الله) .
من أجل أن تقاتل من يمنع وصول هذا الدين للناس ..
ووصول الدين للناس يحتاج ..
إلى أن تكون كلمة الله هي العليا أي يحكّم شرع بأرضه بين عباده ..
_ وهذا الدين هو نجاة الناس من نارٍ تلظى في الآخرة ..
ومن فساد وتسلّط وظلم في الدنيا ..
_ يعني كأن تقاتل من يمنع وصول دواء للناس مثلاً ..
من مرض خطير معدٍ سيصيب الناس كلهم وسيميتهم ..
فقتالك من أجل الناس ..
وليس من أجل تحكم أنت كشخص بالناس !
على أساس أنك خليفة الله في أرضه !!
وعلى أساس العزة لله ولرسوله وللمؤمنين !!
وأن جندنا لهم الغالبون و ... الخ .
من فهمك المغلوط المنكوس المعكوس لكثير من آيات الله وكلامه ..
ثم تزعم أنك صاحب وعد الله بالنصر !!!!
والله لن ترى النصر جماعةٌ أو تشتم رائحته :
ما لم تعقل كلامي هذا كأحد أسباب النصر وأعمدته .
ولا يغرنكم ما تروه من سحابة صيف ستزول ..
......
لا تقاتل من يمنع وصولك أنت :
( كممثل لهذا الدين عأساس) ..
وفرق بين الحالتين في نفس المجاهد كبيــــــــر !
_ ووالله لن تنتصر الجماعات كلها ..
إلا لو عقلت هذا الكلام وأتحدّاكم ..
ولا يغرنكم ما ترونه من سحابات صيف ستزول وستذكرون !!
_ ولن تكون الطائفة المنصورة إلا بمثل هؤلاء الجند ..
هؤلاء الجند الذين نحن بعيدون جدّاً عنهم !
ولو يعقل الجنود ما أقوله لهم هنا وما أعلّمهم ..
لزال كل ماترونه من خلافات وبلاءات وطوام واقتتال .
.....
فالأصل هي النفوس ..
وتزكيتها وتعليمها وتربيتها وترويضها والأمثلة في ديننا كثيرة جداً .
...
يتبع إن شاء الله ..
الجزء الثاني :
....
فالأصل هي النفوس ..
وتزكيتها وتعليمها وتربيتها وترويضها والأمثلة في ديننا كثيرة جداً .
_ أما سألت نفسك مثلاً لماذا بقي القتال 13 عام ممنوعاً ..
رغم تعذيبهم من قريش الشديد .. ورغم تسلّط قريش عنهم ؟!!
أما سألت نفسك مثلاً لماذا بقي النبي يربيهم 13 عام ..
ولم تفرض عليهم الصلاة بهذه الأعوام الـ13 إلا في أواخرها !!!
حتى الصلاة التي هي ما ندندن به نحن الآن !!!
_ إذاً ماذا كانوا يفعلون ب 13 عام ..
من عمْر خير خلق الله قاطبةً الذي يوحى إليه من الله ..
أكانوا يفصفصون بذر يعني أو يتسلون ؟!!!
حاشى لهم ..
_ كان النبي يربيهم ويزكّي نفوسهم ويروضّها ..
بـ 13 عــــــــــــــــــــــــــــــــام !!
ولم تُفرض كل شرائع الدين وكل هذه الفتوحات والحوادث ..
إلا بـ 10 أعوام بعدها !!!!!
يعني أكثر من نصف حياته وبعثته تزكية وترويضاً للنفس وهواها !!!!
الذي تستخفون بوجوده (أي الهوى) أنتم الآن ..
وتعتبرون تزكية النفس شيئاً كماليّاً أو يختص بالأولياء !!!!!
أو أحدكم يظن نفسه زكّى نفسه وروضها هكذا بسهولة !!
....
وسبق وقلت لكم أني والله كنت أمرّغ رأسي : (بجورة التواليت) .
أمرغ رأسي وشعري بها لأروض نفسي الخبيثة ..
وكم وكم روضنا أنفسنا وزكيناها وعلمناها ..
أن لا تنتصر لنفسها ولا تتعصب لجماعة وتتجرد للحق ..
ولانلف وندور .. ونعترف بخطئنا وخطأ جماعتنا (وآخرون اعترفوا بذنوبهم)
ولا نقدّس أحداً ..
ونقول الحق ولو على أنفسنا أو الوالدين والأقربين و .. و ... و ... .
_ ومع ذلك إلى الآن تلعب علينا نفوسنا ..
وواحدكم حتى بهذا الأمر (تزكية النفس) ..
يظن نفسه زكى نفسه بكم بوست قرأه !!!
.....
ووالله لن تنتصر هذه الأمة :
إلا لما تبدأ كما بدأ نبيّها بتزكية النفس وعدم اتباع الهوى !
وأنتم تعلمون أن أكثر ما أعلمكم إياه من عام ونصف إلى الآن ..
هو حرب هذا الدين البغيض المقيت : دين الأهواء !!
والتحذير منه والتبيين لكم أنه رأس المشاكل ..
بين الإسلاميين والمجاهدين بل والناس أجمعين .
....
ووالله لو أعدد لكم الآيات والأحاديث عن ذلك لا أنتهي .
فقط مايحضرني الآن (ونبهوني على الخطأ) :
- وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى .
- كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين .
- ولايجرمنكم شنئان قوم على أن لاتعدلوا .
- آتيناه آياتنا فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين .
- أرأيت من اتخذ إلهه هواه !!
أفأنت تكون عليه وكيلاً .. أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلاً
- قصة قابيل وهابيل .
- وقالوا لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعا .
أو تكون لك جنة من نخيل وعنب فتفجر الأنهار خلالها تفجيرا .
أو تسقط السماء كما زعمت علينا كسفا أو تأتي بالله والملائكة قبيلا .
أو يكون لك بيت من زخرف أو ترقى في السماء ولن نؤمن لرقيك حتى تنزل علينا كتاباً نقرؤه قل سبحان ربي هل كنت إلا بشراًَ رسولاً !
- قالوا ما أنت الابشر مثلنا ومانراك اتبعك إلا الذين هم أراذلنا بادي الرأي .
- إن النفس لأمارة بالسوء .
- قصة بلعام بن باعوراء .
- قالوا إنا نراك في سفاهة وإنا لنظنك من الكاذبين .
- قالوا يا شعيب لا نفقه كثيراً مما تقول وإنا لنراك فينا ضعيفاً .
- قالوا يا صالح قد كنت فينا مرجواً قبل هذا !
أتنهانا أن نعبد ما يعبد آباؤنا .
- الحديث :
قال ماتقولون بابن سلام ؟!
قالوا خيرنا وابن خيرنا .. ثم صار شرنا وابن شرنا .
- وقالوا لولا أنزل هذا القرءان على رجل من القريتين عظيم .
- الحديث : ما ذئبان جائعان أرسلا في غنم ..
و ... و ... و ... و ...
وكل هذه الآيات (ووالله ماذكرت إلا ربعها) بكوم ..
وسورة الشمس التي كلكم يحفظها ..
ولم يفكر بها أحدكم بمعناها يوماً !!!! بكوم آخر :
(والشمس وضحاها . والقمر إذا تلاها . والنهار إذا جلاها . والليل إذا يغشاها . والسماء وما بناها . والأرض وما طحاها . ونفس وما سواها . فألهمها فجورها وتقواها .... :
قد أفلح من زكاها .. وقد خاب من دساها)
_ كل هذه الأقسام و(الحلفانات ) فقط ليقول لك :
قد أفلح من زكاها وقد خاب من دسّاها !
وصدق الله وصدق الله ..
والله قد أفلح ت (الفرد والجماعات) من زكاها وقد خاب ت من دساها .
ماذا أقول بعد كل هذه الآيات .......... ......... .......
أ بعد كل ما شرحته لكم وما شرحت إلا القليل كلام ..
....
فاعلم رحمك الله أن لا أهم أبداً أبداً على المسلم ..
من توحيد ربه والجهاد في سبيله وتزكية نفسه .. وهما متلازمان !
_ ووالله إن تزكية النفس الركن الأعظم والأهم بهذا الدين كله .
فهل عرفت لماذا 13 عام من عمر خير خلق الله عليه ؟!
وأصلاً وجد هذا الدين لتزكية النفس .
....
والناس أصبحت بزماننا قسمين !
فمنهم من ظنّ أنه يوحّد ربه وحمل السلاح :
فظن نفسه موحداً مجاهداً .
وهو من بيئة اجتماعية (والبيئة مهمة جداً بالإنسان) .
فيها الغش والهوى واللف والكذب والدوران و ...
ثم يتأمّر على الناس ويملك رقابهم ودماءهم وأعراضهم وأموالهم ..
باسم الله !!!!!!!!!!!!!!!!!
ويبدأ بالتكفير وإعطاء أحكام التفسيق والردة والزندقة و .. و ..
وأصل 90% من أحكامه هوى لبسه بشرع !
وهوىً متّبع (صدق رسول الله) .
_ وقسم آخر ..
ترك الجهاد والتوحيد وقعد (زعم) يزكّي نفسه :
بالحضرات والخلوات و ... الخ .
وهذا ذلٌّ مذموم للنفس ..
(لا ذلٌّ محمود كذلّ ترويض النفس مع الجهاد وعزّته) ..
ورهبانية مبتدعة وصوفية خرقاء ، لا تزكية .
فالمسلم عزيز على الكافرين ذليلٌ للمؤمنين .
وإن كانت هناك آيةٌ نضعها كباب في هذا الكلام :
أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين .
....
لكن والله لخطر الأول أخطر بكثيـــــــــــــــــــــــــر من خطر الثاني
(رغم خطره) فالثاني خطره على نفسه غالباً .
أما الأول فيستبيح الدماء والأعراض والأموال باسم الله !!
ويحكم الناس باسم الله ..
ويخرج من يشاء ويدخل من يشاء بالدين باسم الله !!!
....
قد تسألني كيف برأيك أستطيع أن أبدأ بتزكية نفسي ؟!
يتبع إن شاء الله ..
الجزء الثالث :
.....
قد تسألني كيف برأيك أستطيع أن أبدأ بتزكية نفسي ؟!
الجواب صعبٌ وطويل ولا أستطيع أحصره !
فالموضوع أخذ منا سنين وما نزال إلى الآن نعاني !!
_ لكن سأحاول أن أضع لك بعض رؤوس الأقلام ..
أنت قس عليها وعممها على باقي حياتك ..
أكرر لا تكتفي بها .. بل اجعلها قياساً لحياتك .
1- إياك ثم إياك أن تغضب لأمر يخصّ نفسك ..
ولو كان تعدّياً عليك بالبداية لتصل لتزكيتها .
(طبعاً ممن حولك من أهلك والمسلمين وليس الكفّار كالصوفية )
2- إياك ثم إياك من الكذب بهذه المرحلة حتى ولو كان مباحاً .
3- إياك ثم إياك من تقديس أحداً .
4- إياك ثم إياك أن تظن نفسك حق مطلق في هذه المرحلة .
5- إياك ثم إياك أن تتأمّر على أحد ولو كانت زوجتك، في هذه المرحلة اقض أغراضك بنفسك .
6- حاول أن تتذلل لأحد يصعب على نفسك الذلّ له :
(شخص أضعف منك زوجتك ابنك بنتك ..
ولو وصل الأمر لتقبل رجلهم (لم أذكر أمك وأبوك فتقبيل قدمهم عزّ لك وطبيعي .. وحتى الزوجة المؤدبة المحترِمة لزوجها الشبه مقدِّسة له ، تقبيل قدمها ولو مرة بحياتك ما أرى فيه شيء بالعكس عمل محمود)
7- في حال حدث خطأ ما ..
عصّبت أو انثرت أو انغظت ، اكظم غضبك وعصبيتك وغيظك فوراً .
8- في حال لم تكظم غضبك وغضبت ..
بوشك عجورة التواليت
وإياك أن تنظفها قبل .. بل امرغ رأسك بها ولو تلوث نجس ..
مرغ رأسك حتى تقضي عليها ستشعر بأنها تذوب تذوب والله .
ثم تحمم ونظف نفسك (من شان المتفلسفين ذكرتها :) )
9- الأهم على الإطلاق : البكاء !
البكاء في الخلوات وفي قيام الليل .
10- الشكر لله الكثير باللسان وبسجود الشكر ... الخ .
11- تقوى الله في الغيب .
(ستغلط كثيراً بهذه النقطة وستعصي الله كثيراً .
لكن إياك أن تيأس فهذا مدخل للشيطان فخير عباد الله الأوّابون)
12- تواضع لمن يعلمك و إياك ثم إياك أن ترى نفسك أفهم منه :
(ولو كنت هكذا فعلاً، فربّ تلميذ فاق أستاذه).
13- الزم من يعلمك أن تزكّي نفسك .. وركّز بكل حرف يقوله لك .
14- إن حدث معك أي مشكلة مهما كانت ..
إياك أن تتجرد إلا للحق لا لقرابة ولا لصحبة .
15- لاتخف من قول الحق أبداً وإلا لن تفيدك كل هذه البنود .
16- إياك والعجب بنفسك وسيحدث معك كثيراً .
17- أحياناً لأمنع العجب أو الوسوسة أقوم بأمور غريبة ..
سأعطيك إياها لتعرف أن الموضوع ليس بالسهولة التي تظن :
فأشد أحياناً على نفسي عند الوسوسة والعجب بدون شعور حتى ينقطع نَفَسي ..
أو أهزّ رأسي .. أو أستغفر الله .. أو أغيّر قعدتي .. أو ....
18- هنا يفيدني أحياناً أيضاً الحديث : (فليزدها طولاً)
فأقول لشيطاني أي أنا عم أتكبر وعم رائي أنت كول (.....) !
19- كثيراً جداً ما أراجع كلامي مع أحدهم ..
إن كان سيفهم منه مدحاً لنفسي مبطّناً .. فأوضح الأمر له لكي لا يكون هناك لبس :
وكمَثَل لتفهم ..
لما قلت لكم عن قصة سيف (ذو الفقار) إذا تذكرون ..
قلت لكم أنا كنت كمان ما بعرفها لأني شعرت بنفسي شيئاً !
....
هذا ما يحضرني الآن ..
الآن سنتكلم عن أمرين مكمّلين للموضوع ..
وهما موضوع الحدود الشرعية كباب من أبواب القتل للنفس البشرية وذلها .. وتزكية النفس بها .
_ وسنتكلم عن سبب عدم فرض القتال خلال 13 عام ..
وماعلاقته بتزكية النفس ..
وهل يعقل أن يؤخّر أعظم فرض في الإسلام وذروة سنامه ..
وحتى دفع العدو الصائل (الفطريّ دفعه) .. من أجل تزكية نفس ؟!!
يتبع إن شاء الله ..
الجزء الرابع :
....
وحتى الحدود الشرعية ..
نعم ..
ظاهرها إنسان يقتل إنسان أو إنسان يجلد إنسان أو .. الخ .
لكن بالأصل دعنا نبحث متى تطبق هذه الحدود ..
وهذا الكلام كنت سأكتبه في رأيي بالفيديو الذي نسب للدولة الإسلامية :
برجم فتاة (والدولة لم تتبنّه) .
ولكن لم يتسنّ لي والآن سبحان الله أتت مناسبة للكلام فيه .
...
دعنا نبحث بالرجم مثلاً .
السؤال الأول :
هل فُرض الرجم برأيك من أجل الزنى بحدّ ذاته أم من أجل شيء آخر ؟!
جوابكم سيكون : هل جُننت .. الرجم للزاني المُحصن .
_ أقول لك لا ، الرجم ليس من أجل الزنى بحد ذاته ..
ولعلّي لست أنا من جننت !
ولعلك قد تكون أنت الجاهل لدينك العظيم السامي .. فتعلمه .
- ولقد آتينا إبراهيم رشده من قبل وكنّا به عالمين ..
(لأنهم كانوا يرونه مجنوناً)
- إن نقول إلا اعتراك بعض آلهتنا بسوء (يعني جنيت بسبب سبك آلهتنا)
- إن هو إلا رجل به جنة فتربصوا به حتى حين
- أم يقولون به جِنّة ..
بل جاءهم بالحق وأكثرهم للحق كارهون !
فانتبه لهذه الآيات جيّداً .. ولا تكن مثلهم !
....
لو أنّ الرجم فُرض من أجل الزنى بحدّ ذاته مجرّداً ..
لكفي له شاهدٌ واحد أو شاهدين .
ألم ترَ أي عبد الله ..
أنّ شاهداً واحداً يصوّم أمة .. وشاهدان يفطّرانها ..
وهذا في صوم رمضان (أحد أركان الإسلام) .
فلإبطال أحد أركان الإسلام كفى شاهدين !!
فلماذا في الزنى (وهو أمر فرديّ ولا يتعلّق بأمّة كاملة كإفطار رمضان) ..
يجب أربع شهود .. وليت أربعاً فقط !
بل أربع شهود يرون دخول القضيب في المهبل ..
كما يدخل الميل في المكحلة !!
...
وقصة عمر بن الخطاب رضي الله عنه مع المغيرة بن شعبة معروفة :
حيث شهد ثلاثةٌ كالميل في المكحلة والرابع قال :
رأيته جالساً بين رجلي امرأة فرأيت قدمين مخضوبتين تخفقان ..
وأستين (المؤخرة) مكشوفين وسمعت حفزاناً شديداً .
(صوت الرجل عند الجماع)
_ وهذه القصّة بتفاصيلها ..
(وهي صحيحة الأسانيد ..
رغم أنف كل من "يبلعط" فيها ويحاول "يرقّع" و"يسكّج" ..
ليرضي دينه هو الذي علّمه إياه مجتمعه النتن البغيض .. لا دين الله سبحانه !)
قال .. فبدأ عمر بأبي بكرة فشهد عليه أنه رآه بين رجلي أم جميل ...
وهو يدخله ويخرجه كالميل في المكحلة.
قال : كيف رأيتهما؟
قال : مستدبرهما.
قال : فكيف استبنت رأسها؟
قال : تحاملت.
ثم دعا شبل بن معبد فشهد بمثل ذلك.
فقال : استقبلتهما أم استدبرتهما؟
قال : استقبلتهما.
وشهد نافع بمثل شهادة أبي بكرة ولم يشهد زياد بمثل شهادتهم
قال : رأيته جالساً بين رجلي امرأة فرأيت قدمين مخضوبتين يخفقان وأستين مكشوفتين وسمعت حفزانا شديداً
قال : هل رأيت كالميل في المكحلة ؟!
قال : لا .
قال : فهل تعرف المرأة ؟
قال : لا ولكن أشبهها .
قال : فتنح .
وروي : أن عمر رضي الله عنه كبر عند ذلك، ثم أمر بثلاث فجلدوا الحد، وهو يقرأ قوله تعالى:َ فإذ لم يأتوا بالشهداء فأولئك عند الله هم الكاذبون .
فقال المغيرة : اشفني من الأعبد (أي العبيد) .
قال : اسكت أسكت الله فاك ..
والله لو تمت الشهادة لرجمناك بأحجارك.
...
وهم الآن يبلعطون بالقصة قاتلهم الله ..
كما يفعلون في تفسير سبب نزول قوله سبحانه :
وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفاً من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات !
...
والموضوع يطوووول ..
وكنت قد بدأت به بمقالي صرخة :
http://justpaste.it/sarkhah-n
الذي لم أكمله بسبب بدء الحرب القاصمة الحالقة المحرقة لأهل السنة جميعاً التي حدثت بين الدولة والفصائل الأخرى ..
فتفرغت لها من وقتها .
...
نعود لموضوعنا :
فكّر بعقلك أيا عبد الله ..
ثلاثة رأوه يدخل قضيبه ويخرجه كالميل في المكحلة ..
والرابع رآه بين رجلي امرأة ورأى قدمين مخضوبتين
(قدما المرأة المخضوبتين بالحنّة) تخفقان .
وأستين (مؤخرتين) مكشوفتين وحفزاناً شديداً (صوتهما عند الجماع) .
قال له أرأيت في الميل في المكحلة ؟! قال لا : فجلد الثلاثة !!!!!!!
_ ماذا أقول ؟!!!
أأقول ما يقول الرافضة عليهم لعائن الله تترى ..
أن عمر لم يجلده لأنه كان صاحبه ولعب على الشرع ..
_ وهذا ما يقوله كلابنا (العلماء !!! ) لعنهم الله لعنةً لا تحول ولا تزول ..
على قدر ما أضلوا الناس وحرّفوا هذا الدين .. بلسان حالهم !!
_ و والله لو تعلمون الحكمة من هذا الفعل لذهلتم ..
وكأني أرى همّةً لأكمل لكم مقال صرخة !!
ووقتها ستفهمون كل الموضوع الجنسي في دينكم ..
بشيء لم تسمعوه من قبل وستذهلون منه والله ..
وستعشقون دينكم وستحبّون نبيكم .
....
فيا إخوة صار واضــــــــــــــح لكم أن الحدّ لم يكن للزنى بحدّ ذاته ..
فالولد الصغير يعلم أن المغيرة كان في وضعية جماع .
الحدّ كان على أن رجلاً أو أمرأةً تزني وتترك أربعاً يرونه يدخله كالميل في المكحلة !!
فهذا لعنة الله عليه .. فقد ضلّ ويريد أن يضلّ .
وهذا فســـــــــــــادٌ عريض للمجتمع كلّه ياعباد الله ..
_ وإلى الآن حتى ..
كل دول العهر والعري تمنع هذا في أماكن العموم ..
أو في الشارع أو الحدائق بقوانينها !!!
.....
الحدّ يا إخوة ليس للزنى أبداً بحد ذاته ..
وإلا لكفى شاهدٌ واحدٌ كما أسلفنا !
الحدّ للإفساد المترتب على المجتمع البشري من الزنى شبه العلني .
(أربع يرون ولوج القضيب كالميل في المكحلة) .
فإذاً الحد كان من أجل مصلحة الناس ..
لا من أجل عقوبة الزنى بحدّ ذاتها مجردّة .
.....
وحتى حدّ القتل ..
ويا سبحانك يا رب و والله ما كنت حاطط الآية ببالي ..
لكن لما فكّرت به فوراً خطر ببالي قول الله سبحانه ..
مكمّلاً لفهمي لهذا الدين ومحبباً لي فيه أكثر ..
(وهذا يحدث معي دائماً ..
أفكر بالأمر قبل أن أتذكر أن هناك آية فيه أو حديث ..
ثم يكون فيه آية أو حديث موافقة غالباً لتفكيري)
وحتى حدّ القتل ..
كان من أجل حياة الناس وليس من أجل موت الناس !! :
ولكم في القصاص (والقصاص كان هنا القتل بالنفس فالآية بعد آيات القتل بالنفس) حيـــــــــــــــاةٌ يا .. أولي الألباب !
....
فكما قلت بالجزء الأول من هذا الدرس :
(فقتالك من أجل الناس ..
وليس من أجل تحكم أنت كشخص بالناس !)
فهذه الحدود الشرعية من أجل الناس ..
لا من أجل أن تقتصّ لنفسك من الناس بحجّة تطبيق الحدّ !!!
_ فأنت وأنت تطبٌق الحدّ .. طبّقه من أجل هذا .. وبهذه النّية .
وهذا لن يستطيعه إلا المزَكّون !
....
وأعيد وأقول :
والله لن ترى النصر جماعةٌ أو تشتم رائحته :
ما لم تعقل كلامي هذا كأحد أسباب النصر وأعمدته .
ولا يغرنكم ما تروه من سحابة صيف ستزول ..
وبهذه التربية ستكون جنود الطائفة المنصورة ..
...
الآن لماذا برأيكم تأخّر أعظم فرض وذروة سنام الإسلام 13 عام ؟!
يتبع إن شاء الله ..
الجزء الخامس والأخير :
.....
فرأينا أن العقوبة في الحدّ كانت للإفساد في المجتمع البشري ..
وليس للزنى بحدّ ذاته !
والأمر واضحٌ لمن فتح الله بصيرته ( ومـــــــــــــــــــا أقلّهم !!)
فكيف يغفر ذنبٌ عقوبته (بزعمهم أن الحدّ للزنى بحدّ ذاته لا للإفساد)
الموت رجماً بالحجارة .. بسُقيا كلب شربة ماء ؟!!!!
(راجع حديث بغي بني إسرائيل بصحيح البخاري إن أردت)
.......
الآن ..
لماذا أخّر الله سبحانه ..
ما جعله بعد هذا التأخير أعظم الفرائض وذروة سنام الإسلام .
وجعل فيه آلاف الآيات والأحاديث في فضله والحثّ عليه ..
بل وأنزل سوراً كاملةً من مئات الآيات عنه (التوبة والأنفال) ..
وحذّر من عظيم إثم تاركه والمتخلف عنه والقاعد عنه .
_ ولو أصلاً لم تكن كل هذه الآيات والأحاديث ..
فدفع العدوّ الصائل طبيعي فطري لا يحتاج لمحرّض ..
إذاً ..
من أجل ماذا أُخّـــــــــــــــــــر هذا الأمر العظيـــــــــــــم ؟!!!
...
هنا سأترك أستاذي السيد قطب رحمه الله يقول لكم ..
ما بين قوسين يكون كلام العبد الفقير :
مقتبس من الظلال الجزء الثاني الصفحة 715 :
«أ» ربما كان ذلك لأن الفترة المكية ..
كانت فترة تربية وإعداد في بيئة معينة (البيئة العربية القبلية) .
ومن أهداف التربية والإعداد في مثل هذه البيئة بالذات :
تربية نفس الفرد العربي على الصبر على ما لا يصبر عليه عادة من الضيم أن يقع عليه أو على من يلوذون به .
(عدم الانتصار للنفس !!)
فيقول السيّد رحمه الله :
ليخلص من شخصه .. ويتجرد من ذاته ..
(تزكية النفس وعدم الانتصار إلا لله ) .
ولا تعود ذاته ولا من يلوذون به محوراً لحياته ..
ودافع الحركة في حياته بل أمر الله سبحانه ..
(تزكية النفس لتصل إلى :
قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين) ..
_ ولتربيته كذلك على ضبط أعصابه فلا يندفع لأول مؤثر ..
كما هي طبيعة الفرد العربي القبلي ولا يهتاج لأول مهيج ..
ليتم الاعتدال في طبيعته وحركته ..
وتربيته على أن يتبع مجتمعاً منظماً ..
له قيادة يرجع إليها في كل أمر من أمور حياته ..
(أمر غريب على البدوي القبلي وقتها) .
ولا يتصرف إلا وفق ما تأمره القيادة النبوية ..
مهما يكن مخالفاً لمألوفه وعادته ..
وقد كان هذا هو حجر الأساس في إعداد شخصية العربي القبلي البدوي .. لإنشاء «المجتمع المسلم»
(هذا المجتمع الذي قاد الدنيا لقرون طويلة فيما بعد) .
لمجتمع المسلم الخاضع لقيادة موجهة ..
المترقي المتحضر غير الهمجي أو القبلي .
(رهيب السيد قطب رحمه الله في فهمه)
.....
«ب» وربما كان ذلك أيضاً ..
لأن الدعوة السلمية أشد أثراً وأنفذ في مثل بيئة قريش ..
ذات العنجهية والشرف ..
والتي قد يدفعها القتال معها في مثل هذه الفترة ..
إلى زيادة العناد وإلى نشأة ثارات دموية جديدة ..
كثارات العرب المعروفة التي أثارت حرب داحس والغبراء وحرب البسوس أعواماً طويلة تفانت فيها قبائل برمتها .
_ وتكون هذه الثارات الجديدة ..
مرتبطة في أذهانهم وذكرياتهم بالإسلام ، فلا تهدأ بعد ذلك أبداً ..
ويتحول الإسلام من دعوة ورسالة سامية للبشرية كلها ..
إلى ثارات وأحقاد !
.....
«ج» وربما كان ذلك أيضاً ..
اجتناباً لإنشاء معركة ومقتلة في داخل كل بيت وقتها .
فلم تكن هناك سلطة نظامية عامة هي التي تعذب المؤمنين وتفتنهم (كأفرع المخابرات اليوم مثلاً) ..
إنما كان ذلك موكولاً إلى أولياء كل فرد يعذبونه هم ويفتنونه و «يؤدبونه» !
_ ومعنى الإذن بالقتال (وقتها في مثل هذه البيئة) ..
أن تقع معركة ومقتلة في كل بيت ..
ثم يقال: هذا هو الإسلام (لأنه كان ديناً جديداً على الناس والآن طبعاً هناك فرق كبير لأنه لم يعد ديناً جديداً بل ديناً مهجوراً متروكاً مرتدة عنه كثير من الناس .. فتختلف الأحكام كثيراً) !
_ ولقد قيلت حتى والإسلام يأمر بالكف عن القتال !
فقد كانت دعاية قريش في الموسم ..
في أوساط العرب القادمين للحج والتجارة :
إن محمداً يفرق بين الوالد وولده فوق تفريقه لقومه وعشيرته !
فكيف لو كان كذلك يأمر الولد بقتل الوالد والمولى بقتل الولي ..
في كل بيت وكل محلة ؟
......
انتهى كلامه رحمه الله ..
_ تصوّر أنّ من الأسباب التي نظنّها لتأخير هذا الفرض العظيم :
هي ترويض النفس وتزكيتها ..
لتعلم هذه النفوس أن القتال يكون فقط لله ولأمره ..
ولو تعدى أحدٌ علينا !
_ يعني بالمختصـــــــــــــــــــر :
تأخر أعظم فرض في الإسلام وذروة سنامه وما ذكرت لكم من فضله وأهميته ..
من أجل أن تروض نفوس الصحابة 13 عـــــــــــــــــــــــــــــام ..
فقط لعدم الانتصار للنفس .. بل لله سبحانه !!!!!!
......
......
......
حقيقةً بعد كل هذه الكلام ما أدري ما أقول ..
جفت الأقلام ورفعت الصحف !
_ ثم يأتي شبابنا و"مجاهدين 2015 !!" ويظنون أن الأمر لعبة ..
أو أنهم زكّوا أنفسهم :
بيوم أو يومين أو شهر أو شهرين أو بقراءة بوست أو بوستين ..
.....
آخراً أعود لما بدأت به ..
والله تزكية النفس لعدم الانتصار لها وتزكيتها وتجردها للحق وعدم تقديسها لجماعة أو شخص أو ...
و ... و ...
هو برأيي الفريضة الغائبة اليوم ..
وهي سبب كل بلاءنا وفرقتنا وخلافاتنا .. وسبب تدمير الجهاد !
وتدمير الفرصة التي هيأها الله لنا بالجهاد الشامي ..
وأعيد وأقول لكم لا تغرنكم سحابات الصيف فهي .. زائلة .
وستذكرون وتقولون قال العبد الغريب .
....
انتهى الدرس (38) من دروس السيرة وكان 5 أجزاء ..
والله المستعان وهو المقصد وعليه التكلان ..
وكتبه الغريب ..
الدروس الأمنية بالسيرة النبوية (39)
كتاب المغــــــــازي (25) :
قال وكان في الأسارى أبو العاص بن الربيع ..
صهر رسول الله زوج ابنته زينب .. وكان رجلاً أميناً شريفاً ذو مال ..
وهو قريب خديجة بنت خويلد (ابن أختها) ..
وخديجة رضي الله عنها هي من طلبت من النبي تزويجه لزينب وذلك قبل الوحي .. وكان لا يخالفها صلى الله عليه وسلم .
_ وكان أبو العاص قد رفض تطليق زينب ..
لما ضغطت عليه قريش ليضغطوا على النبي لما بدأت الدعوة .
فقال لا والله ما أفارق صاحبتي أبداً ..
وما أحب أن لي بها أي أمرأة أخرى من قريش ..
...
قال ولما فُتح باب الفداء أرسلت زينب تفدي زوجها بقلادة ..
كانت لخديجة رضي الله عنها أدخلتها بها عليه في ليلة عرسهما ..
قال .. فرقّ لها النبيّ صلى الله عليه وسلم رقّةً شديدة !!
_ ثم قال بأبي هو وأمي ونفسي وأهلي ..
إن رأيتم !!! أن تطلقوا لها أسيرها وتردّوا عليها الذي لها فافعلوا ..
قالوا نعم يا رسول الله .. فأطلقوه وردّوا القلادة ..
_ وكان قد أخذ عليه النبي أن يرسل له بزينب لتهاجر إلى المدينة .. ففعل ووفّى عهده ..
ثم أسلم لاحقاً كما سيأتي في صلح الحديبية .
....
قلتُ : (كان لايخالف لها طلباً) مادون الوحي والدين والشرع طبعاً ..
و (فرقّ لها رقّةً شديدة) !
_ نحن الآن لا نتحدث عن ..
دون جوان أو عن براد بيت أو نيكولاس كيج أو مهند !! ...
(من زرعوا بذهننا صورتهم عند الحديث عن الحبّ !!)
نحن نتحدّث عن نبيّ لقوم وأي قوم وأي نبيّ ؟!
لقوم بدو غلاظ جلاف يئدون بناتهم ويقولون :
كنا لا نعدّ للنساء شيئاً حتى أنزل الله فيهنّ قرءاناً !!
(القول لعمر رضي الله عنه) .. و
كانوا يعدّون المرأة للخدمة والمتعة فقط !! ..
_ ونبيّ لدين الذبح والقتل والسيف
(كما يصورونه فقط .. ويساعدهم كما ذكرنا أناس من ملتنا :
ولدان جهاد حفظوا آيتين وحديثين وبدأوا ينظّرون !! )
...
نعم هذا النبيّ الشجاع الذي كان يلوذ به شجعان الصحابة عندما يحمى الوطيس ..
الحازم القتول الذي ذبح من بني قريظة في يوم واحد مئات !!
(وهذا جانبٌ واحد صغير ونادرٌ من حياته ..
وله أسبابه وفوائده وسنفصّل لاحقاً إن شاء الله بهذا)
_ نعم هذا النبيّ صاحب الرسالة للبشريّة كلها ..
التي ستنقذها من نارٍ تلظّى ومن يوم مهول عظيم ..
ترى الناس فيه سكارى وما هم بسكارى ويكون فيه الولدان شيباً .
_ كان لا يخالف لزوجته طلباً (نكرّر ما لم يكن في وحي أو دين أو عمل) ..
_ والأهم : لما رأى قلادة زوجته المتوفاة عنه من أعوام !!
(لازم يكون نسيها يعني وخصوصاً في ذلك الجو القبلي).
رقّ لها رقّة شديدة .. !!
وهو قبل ساعات كان قد طرح رؤوس المشركين في القليب ؟!!!
...
أي معانٍ هذه وأي سموّ ؟!
بل وأي دين هذا الذي تنتسبون إليه وأنتم لاتعرفون شيئاً عنه .
تباً لنا من قوم مثّلوا دين محمد والله ..
_ وحقيقةً هذه القصة تدمع العين وتطلق عنان التفكير ..
بعيداً بعيداً بعظم هذا الدين وعظم هذه الشخصيّة :
التي قلت لك في أول البحث :
أنك سترفع رأسك بها عالياً حبّاً وافتخاراً واعتقاداً ..
_ وأين دعاة "حقوق" المرأة ..
المفترون الكذّابون الذين يريدون قلب الفطرة وتدمير الحياة الاجتماعية للبشر ..
بزعمهم باطلاً وزوراً أنهم يريدون حقوق المرأة .
قولوا لهم هذه القصص (ومثل هؤلاء لا نفع للكلام معهم كذلك) .
بل قولوا لهم أنّ النبيّ كان يشكو أحياناً لزوجاته همومه الكبار ..
بل ويأخذ برأيهنّ فيها إن كان سديداً !!
واسألوا أم سلمة وموقف الحديبية إن أردتم تخبركم .
...
نعم هذا الحبّ ..
نعم كان يحبّ زوجته حبّاً شديداً ..
_ لكن لتسأل نساؤنا ..
قبل أن تذكر هذه القصص لأزواجها على سبيل (العدّ والصفّ) !!
لماذا كان النبي يحبّ زوجته هكذا ؟!!
الجواب طويل .. وسأختصر به إن شاء الله :
خديجة فيها من الذكاء .. والحكمة .. والمواقف الصادقة مع زوجها .
والخبرة الزوجية .. والتذلّل ..
وقوة الشخصية مع الغير (ملازماً للتذلّل لزوجها !)
_ وفيها من الصبر وعدم التأفّف وسموّ الأخلاق ..
(لم تعبه يوماً أنت سبب بلائنا .. !!
ثم تردف مستدركةً : مو قصدي عدينك .. قصدي عأخطاءك !!! )
_ خديجة أيها السادة .. امرأةٌ من زمن ليس زمن قريش .
أظنّ أنها خلقت من أجل حكمة ..
وهي أن تكون العضد الأكبر للنبي (بشريّاً) في تلك المرحلة ..
فالنساء موطن الحنان ..
وموطن تفريغ الرجل لهمومه إن كنّ أهلاً لذلك ..
وهنّ أكثر ما يمكن أن يثبّت الرجل ..
فالرجل بطبيعته كرجل يحب الحنو على صدر امرأة !!
فصدر المرأة الذي حنى عليه صغيراً وأرضعه ..
يحن إلى الركون إليه لو صار عمره مئة عام ..
_ وأظنّ أن موتها في تلك الفترة لحكمة ..
(قبل الهجرة وبناء الدولة بعام واحد) وأظنّ :
لكي لا يقول الناس محمّد يسمع ويتقوّى بالنساء !!!
_ خديجة أيها السادة قدّمت مثلاً عن أن المرأة يمكن لها أن تصل لأسمى الدرجات إطلاقاً ..
كما أن باستطاعتها أن تصل لأسفلها !!
_ خديجة أيها السادة قدّمت مثلاً لمكانة المرأة في هذا الدين ولسماعها وسماع كلمتها (بشروط) .. ولإمكانية إنتاجها في المجتمع .
وسنأتي على هذا مفصّلاً في حينه إن شاء الله ..
...
ألا وبشّر خديجة يامحمّد ببيت في الجنّة من قصب ..
لا لغوٌ فيه ولانصب !
اللهم اجعل نساءنا كلّها كخديجة ..
...
والحديث يطووول .. وليس هنا موضعه ..
ولعلّي أفصّل فيه بمقالي : (صرخة) ..
الموضوع الجنسي في الإسلام . إن شاء الله ..
الدروس الأمنية بالسيرة النبوية (40)
كتاب المغــــــــازي (26) :
ثم إن أبا العاص لما عاد من المدينة بعد إطلاقه ..
أذن لزوجته زينب لتتجهز وتذهب إلى أبيها إيفاءً منه بعهده مع النبي .
_ قال وبينا هي تتجهز إذ مرّت بها هند بنت عتبة (التي قتل أبوها وأخوها وعمّها والتي لاكت كبد حمزة من حقدها عليه في أُحد)
فقالت يابنت محمّد ألم يبلغني أنك تريدين اللحاق بأبيك ..
قال فأنكرت زينب ذلك خوفاً منها ..
فقالت لها أي ابنة عم إن أردت حاجةً من متاعٍ مما يرفق بك في سفرك أو تحتاجين مالاً تتبلغين به إلى أبيك فإن عندي حاجتك فلا تستحي مني فإنه لا يدخل بين النساء ما بين الرجال .
قالت (أي زينب) والله ما أراها قالت ذلك إلا لتفعل لكني خفتها ..
....
قلتُ ذكرت هذه القصّة فقط لأري من يشبّه ضباط البعث السابقين الذين يقولون أنهم تابوا بمن أسلم من الصحابة من كفار قريش !!
فوالله لشسع نعل كافر من كفّار قريش :
أمانة وصدقاً ورجولةً وشهامةً ..
خير من حزب البعث كله بأفراده وضباطه :
ندالةً وخسّة ووضاعةً ونجاسةً ودياثة .
_ وكلامي واضح بهؤلاء :
مهما تابوا لا يولّون مناطق حسّاسة بالجماعة أبداً ..
فضباط البعث لا يعرفهم إلا أهل الشام وما أدراك ما ضباط البعث ..
والله لشسع نعل مسيلمة والمختار وطلحة الأسدي (المرتدون) ..
خيرٌ منهم (لما كانوا ببعثهم) .
ومعروف حكم الصحابة بمن تاب ممن ارتد أنهم لايولّون ..
_ فكيف بضباط البعث .. بل كيف بتولّيهم مناطق حسّاسة بالجماعة ..
كما هو الحال بالدولة الإسلامية !
(أحد الضباط مستلم الجهاز الأمني كله
(وهو أخطر جهاز بأي جماعة !!!! وهو الأنباري ..
والآخر مستلم المجلس العسكري كله وهو التركماني !!!
و .... و ... الخ) .
...
فمثل هؤلاء لايولّون أبداً ..
إلا اللهم خبرات عسكرية يستفاد منها على الأرض وليس للتخطيط !!
ورحم الله أبو عمر البغدادي وأبو حمزة المهاجر ..
كانا بنفق تحت الأرض عرف مكانهم الطيران الأمريكي .. كيف ؟!!!
....
ثم يذكر ابن إسحاق أيضاً ..
قصة دفاع حموها (المشرك) عنها من كفار قريش !!
(بينما ضباط البعث مثلاً ..
كانوا يهددونا بنسائنا ويفعلون تهديدهم وهذا مثل بسيط جداً عنهم !)
...
ثم يذكر ابن إسحاق هذه القصّة ..
واسمعوا هذه القصّة أيضاً واحكموا أنتم !
قال فلما تجهزت قدم إليها أخو زوجها واسمه كنانة بن الربيع ..
وأركبها بعيراً وأخذ قوسه وكنانته ثم خرج بها نهاراً وهي في هودج لها أمام قريش ..
_ فتحدث بذلك رجال من قريش موتورون من النبي بسبب قتلاهم في بدر..
(وتعلمون كم كان الثأر عندهم وقتها عظيماً) ..
قال فأدركوها فروّعوها بالرمح ..
قال فبرك حموها كنانة ونثر كنانته ..
ثم قال والله لا يدنو مني رجل إلا وضعت فيه سهماً .. قال فتراجع الناس عنه .
_ ثم أتى أبو سفيان في جِلّةٍ من قريش ..
فقال له أيها الرجل كفّ عنا نبلك لنكلمك فكف .
فأقبل أبو سفيان حتى وقف عليه فقال إنك لم تصب !
خرجت بالمرأة على رؤوس الناس علانيةً ..
وقد عرفت مصيبتنا ونكبنا وما دخل علينا من محمد ..
فيظن الناس إذ خرجت بابنته إليه علانيةً على رؤوس الناس ..
أن ذلك عن ذلٍّ أصابنا وأن ذلك منا ضعف ووهن ..
_ ولعمري مالنا بحبسها عن أبيها حاجة !!!!
ومالنا من ثؤرة (أي ثأر) !!
ولكن ارجع بالمرأة حتى إذا هدأت الأصوات وتحدّث الناس أن قد رددناها ..
فسلَّها سرّاً وألحقها بأبيها .. قال ففعل .
_ فقالت هند بن عتبة تعيّر من لحق بزينب لما رجعوا إلى مكّة :
أفي السلم أعيارٌ جَفاءً وغلظةً ... وفي الحرب أشباه النساء العوارك !
....
و لاتعليــــــــق !!! وقلت سأترك الحكم لكم !
قال : ضبّاط البعث ككفار قريش !!!!!
.......
.......
قال فأقامت ليالي حتى إذا هدأت الأصوات خرج بها ليلاً ..
_ وهنا درس من دروس الأمن ..
مازال يدرّس في أرقى الكليات الأمنية إلى يومنا هذا (كمبدأ) .
وهو بكل فخر : من اختراع مدرسة محمد بن عبد الله الأمنية !!
_ حيث أن النبي كان قد أرسل زيداً (وهو حب رسول الله وابنه بالتبني سابقاً أي موضع ثقة كبير له) فأرسله وأعطاه خاتمه لتعرفه زينب ..
_ وانظروا إلى الذكاء الأمني الآن ..
قال فتلطف زيد وغيّر من شكله وأتى ظاهر مكة ..
وأعطاه لراعي من مكة ليعطيه لزينب :
(أظن أنه اخترع قصة حب له أو ماشابه بينه وبينها ) ..
فأعطى الراعي الخاتم لزينب فلما رأته عرفته ..
وقالت من أعطاك إياه قال رجل بظاهر مكة !
_ ففهمت زينب الإشارة (مؤكد فهي من مدرسة محمد ومن بيته)
فخرجت من ليلتها هذه والتقت بزيد (الذي كان أخوها فتعرفه جيداً) .
.....
وكذلك لا تعليق ..
وأعود وأذكركم أن هذه الحركات الأمنية تدرس إلى الآن !!
........
........
........
وهنا ننتهي ولله الحمد من غزوة بدرٍ العظمى ..
والحمد لله الذي أعاننا على إنهائها ..
وله الحمد ومنه الحول وعليه التكلان وهو المقصد .
...
وكتبه الغريب ..
هذه السلسلة تنشر دروسها على الصفحة التالية
صفحة خاصة تهتم بكتابات ومقالات الأخ نديم بالوش حفظه الله
وهذه الصفحة البديلة في حال إغلاقها
مين نديم؟؟
************************
هنا
الجزء الأول من سلسلة الدروس الأمنية في السيرة النبوية