JustPaste.it

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

مقال بعنوان (( أنصار العقيدة قد توقفت دعوتهم ))

 

 

الحمد لله القوي المتين , رافع السماوات بغير عمد ترونها ومن له المشرق والمغرب وما بينهما وإليه يرجع الأمر كله سبحانه وتعالى عما يصف الظالمون علوا كبيراً , والصلاة والسلام على الضحوك القتال وعلى صحابته الأبرار ومن تبعهم بإحسان الى يوم الدين .

أما بعد :

قال تعالى (فلعلك تارك بعض ما يوحى إليك وضائق به صدرك أن يقولوا لولا أنزل عليه كنز أو جاء معه ملك إنما أنت نذير، والله على كل شيء وكيل ) 12 هود

وقال تعالى (وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين (114) واصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين (115 ) ) هود

 

سعدنا كثيرا نحن الأنصار ببرنامج الشيخ دار الأرقم وبفتح الله على يديه في برنامجه الذي يدلنا على العلاج الصحيح للبلاء الذي وقع وللسحر الذي عقد وجدد ومدد , فالطريق كما يوجه البرنامج هو القرآن وليس غيره  , يقول سيد قطب ((وهكذا يتجلى لنا الجانب الحركي في التوجيه القرآني؟ وهكذا نرى القرآن يواجه واقع الدعوة والحركة في كل مرحلة بالتوجيه المكافئ للموقف; وهكذا نجد القصص في القرآن يواجه مقتضيات الحركة والمعركة مع الجاهلية في مراحلها المختلفة مواجهة حية فاعلة  )), فالبرنامج جاهز ولكن بقي التعب والعناء والمجاهدة لتطبيقه وانتظار النتيجة !!!!!!!

والله إنها لحرب ومعركة من معارك الإيمان والكفر , فلم تقتصر المجاهدة على شهوة أو هوى أو ذنب أو تقصير أو وسوسه شيطان أو إيذاء مارد حقير .. بل بحمد الله شملت كلها ووقعت مجتمعة على عباد الله الأنصار ليس لأشخاصهم بل هو السبب نفسه الذي عودي رسولكم فيه .... إنه العقيدة الصافية والدعوة الصادقة إليها ...

ليس ذلك السحر إلا فضل .. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله إذا أحب قوماً ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط " الترمذي . وعَنْ سَعْد بن أبي وقاص رضي الله عنه قَالَ : ( قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ , أَيُّ النَّاسِ أَشَدُّ بَلاءً ؟ قَالَ : الأَنْبِيَاءُ , ثُمَّ الأَمْثَلُ فَالأَمْثَلُ , فَيُبْتَلَى الرَّجُلُ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ , فَإِنْ كَانَ دِينُهُ صُلْبًا اشْتَدَّ بَلاؤُهُ , وَإِنْ كَانَ فِي دِينِهِ رِقَّةٌ ابْتُلِيَ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ , فَمَا يَبْرَحُ الْبَلاءُ بِالْعَبْدِ حَتَّى يَتْرُكَهُ يَمْشِي عَلَى الأَرْضِ مَا عَلَيْهِ خَطِيئَةٌ ). الترمذي (2398).

 

فما وقع البلاء إلا لخير يعلمه الله وأظنه خير سيستعمل الله فيه عباده الأنصار , ومن يشك في هذا أقول له مستعيناً بالله .... وهل النصرة إلا خير واستعمال من القوي المتين لعباده الأنصار , فلزم لكل عبد ينوي نصرة الدين وصدق الله بها بأن ينقيه ربه ويربيه ويعلي راية التوحيد بجهوده التي هي أصلاً محض عطاء من خالقه ويتخذه من الشهداء إن شاء سبحانه ..

 

بين حقيقة البلاء واسبابه إلى الفرج القريب حدوثه , تنشط الشياطين ويجاهد الأنصار

 

وأعظم جهاد وأسوأ مصيبة وأشد جللاً هو ما أحدثه السحر من توقف للدعوة التي بدأ الأنصار بها وهي دعوة الخلق لعبادة خالقهم عبر تحكيم شرعه واخراجهم من عبادة غير الله إلى عبادة الرحمن وحده في كل الأمور , وأكاد أجزم ان هذه هي أكبر الهموم عند الأنصار ..... ومنها بإذن الله سيجد الأنصار همتهم ويجددوا طاقاتهم للمعركة ويشحذوا هممهم , فالهم يولد الهمة .....

 

دعوة الأنبياء والرسل ...... لا إله إلا لله

فلأجل الحكم بما أنزل الله قامت السماوات والأرض , في السماء قام أمر الله (وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله) 84 الزخرف , وبقي الشطر الآخر ( في الأرض إله ) ثم أنزلت الكتب وأرسلت الرسل وقامت المدافعة بين معسكري الحق والباطل من أجل إن يكون الله في الأرض إله وليس سواه آلهه تعبد .

 

فمن ظن أن الدعوة كلمات تحكى وقصص تروى وموعظة يبكى عليها أو أدلة تلقى باللسان ولم يتبعها بعمل ويلقى في سبيلها ضيق الصدر والإيذاء والتكذيب فهو واهم ضائع في هواه لا يدري معنى قوله تعالى (فلعلك تارك بعض ما يوحى إليك وضائق به صدرك أن يقولوا لولا أنزل عليه كنز أو جاء معه ملك إنما أنت نذير، والله على كل شيء وكيل ) 12 هود .

 ومن ظن أن الدعوة تردد وريبة من منهج الرسل عند الإصطدام بالناس وأهوائهم فهو جاهل بحقيقتها ...

ومن ظن أن دعوة الرسل جاءت لتريح الناس وتعطيهم مرادهم كلهم كما يريدون ولم تأتي لتحول بينهم وبين أهوائهم وتحارب وتبغض لأجل حقيقتها التي أعميت أبصار بعضهم وصمت أسماعهم وران على قلوبهم ما يصدهم عنها ..فهو أبتر الفهم ليس يصدق فيه إلا قوله تعالى ( لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا )﴿١٧٩ الأعراف﴾ .

 فمن أراد الاستزادة بحقيقة شخص الداعية وانه يجب أن تهمه دعوته ولا اعتبار لضيق صدره أو شخصه فعليه أن يتفضل هنا 

https://justpaste.it/vr48

فيا أيها الأنصار أنتم أحق الناس بفقه الدين من غيركم , فأنتم تتصدرون ميدان الدعوة وتنذرون أوقاتكم له , وليس الكلام لتقصير فيكم أو خلل في فهمكم بل هو النصيحة لله ولرسوله وللمؤمنين ولعلها ذكرى يكتب الله بها إحياء قلوب سيطرت عليها وساوس الشيطان وأضنتها قيود اليأس من الشفاء , ولإن استجبتم لأمر الله فإنكم إذاً لغالبون .

 

فحتى تعلموا أن المقال مهم فهو بما يحويه من موقف حدث مع نبيكم نتطرق له ببعض الشرح لفوائد جمة أراها أمامي بحمد الله هي أنجع العلاج لإخواني وأخواتي الأنصار رحمهم الله وأعلى نزلهم وفتح على أيديهم قلوب المسلمين وأنكى بهم اعداء الدين , وكفى به موجعاً لعدوكم أنني تعبت حتى استطعت كتابته وكذلك أثناء الكتابة أصبت بآلام عديدة وتغشية على العيون فلم أعد أميز الكلمات كثيراً , ولله الحمد والمنة والفضل وإليه يرجع الأمر كله .

 

 

حتى نعينكم على تطبيق البرنامج القرآني ولتجدوا مخرجاً من البلاء لا بد من ذكر قصص أشد بلاءاً من أجل التسرية على نفوسكم , فبه نشحذ الهمم بعون الله وقوته , فمن ظلال القرآن في تفسير سورة هود اخترنا لكم ما يلي ,بحيث يكون العنوان يتكلم عن الأنصار والشرح من التفسير القرآني  :

 

 

شدة البلاء عند الأنصار تأتي في أحلك الظروف و كما أصبتم بتوقف الدعوة كذلك أصيب نبيكم بتوقف الدعوة  

لقد نزلت السورة بجملتها بعد يونس، ونزلت يونس بعد الإسراء. وهذا يحدد معالم الفترة التي نزلت فيها; وهي من أحرج الفترات وأشقها كما قلنا في تاريخ الدعوة بمكة. فقد سبقها موت أبي طالب وخديجة; وجرأة المشركين على ما لم يكونوا ليجرؤوا عليه في حياة أبي طالب - وخاصة بعد حادث الإسراء وغرابته، واستهزاء المشركين به، وارتداد بعض من كانوا أسلموا قبله - مع وحشة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من خديجة - رضي الله عنها - في الوقت الذي تجرأت فيه قريش عليه وعلى دعوته; وبلغت الحرب المعلنة عليه وعلى دعوته أقسى وأقصى مداها; وتجمدت حركة الدعوة حتى ما كاد يدخل في الإسلام أحد من مكة وما حولها.. وذلك قبيل أن يفتح الله على رسوله وعلى القلة المسلمة معه ببيعة العقبة الأولى ثم الثانية..

 

قال ابن إسحاق: ثم إن خديجة بنت خويلد وأبا طالب هلكا في عام واحد، فتتابعت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المصائب بهلاك خديجة - وكانت له وزير صدق على الإسلام يشكو إليها - وبهلاك عمه أبي طالب - وكان له عضدا وحرزا في أمره، ومنعة وناصرا على قومه - وذلك قبل مهاجرته إلى المدينة بثلاث سنين. فلما هلك أبو طالب نالت قريش من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الأذى ما لم تكن تطمع به في حياة أبي طالب حتى اعترضه سفيه من سفهاء قريش، فنثر على رأسه ترابا.

قال ابن إسحاق: فحدثني هشام بن عروة، عن أبيه عروة بن الزبير، قال: لما نثر ذلك السفيه على رأس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذلك التراب، دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيته والتراب على رأسه، فقامت إليه إحدى بناته، فجعلت تغسل عنه التراب وهي تبكي. ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول لها: "لا تبكي يا بنية، فإن الله مانع أباك" قال: ويقول بين ذلك: "ما نالت مني قريش شيئا أكرهه حتى مات أبو طالب" .

وقال المقريزي في إمتاع الأسماع: فعظمت المصيبة على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بموتهما، وسماه "عام الحزن" وقال: "ما نالت قريش مني شيئا أكرهه حتى مات أبو طالب" لأنه لم يكن في عشيرته وأعمامه حاميا له ولا ذابا عنه غيره.

 

لا يضيقن صدركم يا أنصار من البلاء فضيق الصدر له علاقة بمقدار سعة صدركم في الدعوة فلم يضق صدر يونس عليه السلام من قومه حتى وضع في ضيق صدر أشد فعاد إلى ربه قائلاً ( لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين )  لكن العاقبة أن آمن قومه أجمعين وكلما اشتد عليكم الألم والتعب وضاقت صدوركم إليكم الأذى الذي لحق بالأنبياء .

 

ومن ذلك عرض مواقف الرسل - صلوات الله وسلامه عليهم - وهم يتلقون الإعراض والتكذيب، والسخرية والاستهزاء، والتهديد والإيذاء، بالصبر والثقة واليقين بما معهم من الحق، وفي نصر الله الذي لا شك آت; ثم تصديق العواقب في الدنيا - وفي الآخرة كذلك - لظن الرسل الكرام بوليهم القادر العظيم، بالتدمير على المكذبين، وبالنجاة للمؤمنين:

 

ففي قصة نوح نجد هذا المشهد: فقال الملأ الذين كفروا من قومه: ما نراك إلا بشرا مثلنا، وما نراك [ ص: 1842 ] اتبعك إلا الذين هم أراذلنا بادي الرأي، وما نرى لكم علينا من فضل، بل نظنكم كاذبين .. قال: يا قوم أرأيتم إن كنت على بينة من ربي وآتاني رحمة من عنده فعميت عليكم، أنلزمكموها وأنتم لها كارهون؟ ويا قوم لا أسألكم عليه مالا، إن أجري إلا على الله، وما أنا بطارد الذين آمنوا، إنهم ملاقو ربهم. ولكني أراكم قوما تجهلون. ويا قوم من ينصرني من الله إن طردتهم؟ أفلا تذكرون؟ ولا أقول لكم عندي خزائن الله، ولا أعلم الغيب، ولا أقول: إني ملك، ولا أقول للذين تزدري أعينكم: لن يؤتيهم الله خيرا، الله أعلم بما في أنفسهم، إني إذا لمن الظالمين. قالوا: يا نوح قد جادلتنا فأكثرت جدالنا، فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين. قال: إنما يأتيكم به الله - إن شاء - وما أنتم بمعجزين .. ثم يجيء مشهد الطوفان وهلاك المكذبين ونجاة المؤمنين.

 

وفي قصة هود نجد هذا المشهد: قالوا: يا هود ما جئتنا ببينة، وما نحن بتاركي آلهتنا عن قولك، وما نحن لك بمؤمنين. إن نقول: إلا اعتراك بعض آلهتنا بسوء.. قال: إني أشهد الله، واشهدوا أني بريء مما تشركون من دونه، فكيدوني جميعا ثم لا تنظرون. إني توكلت على الله ربي وربكم، ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها، إن ربي على صراط مستقيم، فإن تولوا فقد أبلغتكم ما أرسلت به إليكم، ويستخلف ربي قوما غيركم، ولا تضرونه شيئا، إن ربي على كل شيء حفيظ .. ثم تجيء العاقبة: ولما جاء أمرنا نجينا هودا والذين آمنوا معه برحمة منا ونجيناهم من عذاب غليظ. وتلك عاد جحدوا بآيات ربهم وعصوا رسله، واتبعوا أمر كل جبار عنيد. وأتبعوا في هذه الدنيا لعنة ويوم القيامة، ألا إن عادا كفروا ربهم، ألا بعدا لعاد قوم هود! .

 

وفي قصة صالح نجد هذا المشهد: قالوا: يا صالح قد كنت فينا مرجوا قبل هذا، أتنهانا أن نعبد ما يعبد آباؤنا؟ وإننا لفي شك مما تدعونا إليه مريب. قال: يا قوم أرأيتم إن كنت على بينة من ربي وآتاني منه رحمة، فمن ينصرني من الله إن عصيته؟ فما تزيدونني غير تخسير .. ثم تجيء العاقبة بعد عقر الناقة والتكذيب: فلما جاء أمرنا نجينا صالحا والذين آمنوا معه برحمة منا ومن خزي يومئذ، إن ربك هو القوي العزيز ، وأخذ الذين ظلموا الصيحة فأصبحوا في ديارهم جاثمين . كأن لم يغنوا فيها، ألا إن ثمودا كفروا ربهم، ألا بعدا لثمود!

 

..

 

وفي قصة شعيب نجد هذا المشهد: قالوا: يا شعيب أصلاتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء؟ إنك لأنت الحليم الرشيد! قال: يا قوم أرأيتم إن كنت على بينة من ربي ورزقني منه رزقا حسنا؟ وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه، إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا بالله، عليه توكلت وإليه أنيب. ويا قوم لا يجرمنكم شقاقي أن يصيبكم مثل ما أصاب قوم نوح أو قوم هود أو قوم صالح، وما قوم لوط منكم ببعيد. واستغفروا ربكم ثم توبوا إليه، إن ربي رحيم ودود. قالوا: يا شعيب ما نفقه كثيرا مما تقول، وإنا لنراك فينا ضعيفا، ولولا رهطك لرجمناك، وما أنت علينا بعزيز. قال: يا قوم أرهطي أعز عليكم من الله واتخذتموه وراءكم ظهريا؟ إن ربي بما تعملون محيط. ويا قوم اعملوا على مكانتكم إني عامل، سوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه ومن هو كاذب، وارتقبوا إني معكم رقيب .. ثم تجيء الخاتمة: ولما جاء أمرنا نجينا شعيبا والذين آمنوا معه برحمة منا، وأخذت الذين ظلموا الصيحة، فأصبحوا في ديارهم جاثمين. كأن لم يغنوا فيها، ألا بعدا لمدين كما بعدت ثمود! ..

 

ومن ذلك التعقيب على هذا القصص بتوجيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى دلالته: والتسرية [ ص: 1843 ] عنه بما أصاب إخوانه الكرام قبله; وبما أولاهم الله من رعايته ونصره; وتوجيهه - صلى الله عليه وسلم - إلى مفاصلة المكذبين من قومه كما فاصل الرسل الكرام أقوامهم على الحق الذي أرسلوا به.. وذلك إلى التنويه بدلالة هذا القصص ذاته على صدق دعواه في الوحي والرسالة.

 

الهدف من سحر الأنصار ليست دعوتهم بل صدق العقيدة والمنهج الذي يدعون اليه فاثبتوا

وواضح أن قطاعات السورة بجملتها تتعاون وتتناسق في تقرير الحقائق الاعتقادية الأساسية التي يستهدفها سياق السورة كله; وأن كل قطاع منها يقرر هذه الحقائق وفق طبيعته وطريقة تناوله لهذه الحقائق. وهي تختلف بين التقرير والقصص والتوجيه.

وهذه الحقائق الأساسية التي تستهدف السورة تقريرها هي:

أن ما جاء به النبي - صلى الله عليه وسلم - وما جاء به الرسل من قبله حقيقة واحدة موحى بها من الله - سبحانه - وهي تقوم على الدينونة لله وحده بلا شريك. والتلقي في هذه الدينونة عن رسل الله وحدهم كذلك. والمفاصلة بين الناس على أساس هذه الحقيقة:

ففي مقدمة السورة تجيء هذه الآيات عن حقيقة دعوة رسول الله - صلى الله عليه وسلم:

الر. كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير. ألا تعبدوا إلا الله، إنني لكم منه نذير وبشير ..

أم يقولون: افتراه؟ قل: فأتوا بعشر سور مثله مفتريات وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين. فإلم يستجيبوا لكم فاعلموا أنما أنزل بعلم الله، وأن لا إله إلا هو، فهل أنتم مسلمون؟ .

وفي قصص الرسل يرد عن حقيقة دعوتهم; و عن المفاصلة بينهم وبين قومهم وأهلهم على أساس العقيدة:

ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه، إني لكم نذير مبين. أن لا تعبدوا إلا الله، إني أخاف عليكم عذاب يوم أليم .

قال: يا قوم أرأيتم إن كنت على بينة من ربي وآتاني رحمة من عنده فعميت عليكم، أنلزمكموها وأنتم لها كارهون؟ ..

ونادى نوح ربه فقال: رب إن ابني من أهلي وإن وعدك الحق وأنت أحكم الحاكمين. قال: يا نوح [ ص: 1845 ] إنه ليس من أهلك، إنه عمل غير صالح، فلا تسألني ما ليس لك به علم، إني أعظك أن تكون من الجاهلين .

وإلى عاد أخاهم هودا قال: يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره إن أنتم إلا مفترون ..

وإلى ثمود أخاهم صالحا، قال: يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره، هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها فاستغفروه ثم توبوا إليه إن ربي قريب مجيب ..

قال: يا قوم أرأيتم إن كنت على بينة من ربي وآتاني منه رحمة، فمن ينصرني من الله إن عصيته؟ فما تزيدونني غير تخسير ..

وإلى مدين أخاهم شعيبا، قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره ... .

قال: يا قوم أرأيتم إن كنت على بينة من ربي ورزقني منه رزقا حسنا ... .

 

دعوة الانصار دعوة مفاصلة بينهم وبين الناس ليعبّدوا الناس لخالقهم

 

وفي التعقيب ترد هذه الآيات عن حقيقة الدعوة وعن المفاصلة بين الناس على أساسها:

ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار وما لكم من دون الله من أولياء، ثم لا تنصرون ..

ولله غيب السماوات والأرض وإليه يرجع الأمر كله، فاعبده وتوكل عليه، وما ربك بغافل عما تعملون .

وهكذا تلتقي قطاعات السورة الثلاثة على تقرير هذه الحقيقة.

ولكي يدين الناس لله وحده بالربوبية، فإن السورة تتولى تعريفهم به سبحانه، وتقرر كذلك أنهم في قبضته في هذه الدنيا; وأنهم راجعون إليه يوم القيامة ليجزيهم الجزاء الأخير.. وتتوافى مقاطع السورة الثلاثة في تقريرهذه الحقيقة كذلك.

 

 

 

 

اصبروا على السحر فالعاقبة للمتقين

 

 

فبعد نهاية قصة نوح نجد هذا التعقيب: تلك من أنباء الغيب نوحيها إليك، ما كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا، فاصبر، إن العاقبة للمتقين .

 

وفي نهاية القصص الوارد في السورة نجد هذا التعقيب الطويل إلى ختام السورة: ذلك من أنباء القرى نقصه عليك منها قائم وحصيد. وما ظلمناهم ولكن ظلموا أنفسهم، فما أغنت عنهم آلهتهم التي يدعون من دون الله من شيء لما جاء أمر ربك، وما زادوهم غير تتبيب. وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة، إن أخذه أليم شديد .. ولقد آتينا موسى الكتاب فاختلف فيه ولولا كلمة سبقت من ربك لقضي بينهم، وإنهم لفي شك منه مريب. وإن كلا لما ليوفينهم ربك أعمالهم، إنه بما يعملون خبير. فاستقم كما أمرت ومن تاب معك، ولا تطغوا، إنه بما تعملون بصير. ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار، وما لكم من دون الله من أولياء، ثم لا تنصرون. وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل، إن الحسنات يذهبن السيئات، ذلك ذكرى للذاكرين. واصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين ... وكلا نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك، وجاءك في هذه الحق، وموعظة وذكرى للمؤمنين. وقل للذين لا يؤمنون: اعملوا على مكانتكم إنا عاملون. وانتظروا إنا منتظرون. ولله غيب السماوات والأرض، وإليه يرجع الأمر كله، فاعبده، وتوكل عليه، وما ربك بغافل عما تعملون ..

 

 وكتبه أخوكم الراجي فرج ربه والشفاء العاجل له ولكم

 

 أبو حمزة الفقير 

 

لا تنسونا من صالح دعاءكم