JustPaste.it

http://s04.justpaste.it/files/justpaste/d245/a9807644/0027-small2.gif

logo-small_small.gif

نُخْبَةُ الإِعْلامِ الجِهَادِيِّ
قِسْمُ التَّفْرِيغِ وَالنَّشْرِ

يقدم
تفريغ الكلمة الصوتية

بَشَائِرُ النَّصْرِ فِي شَهْرِ الصَّبْرِ

للشيخ المجاهد/ جمال إبراهيم اشتيوي المصراتي – عطية الله (حفظه الله)

الصادرة عن مؤسسة السحاب للإنتاج الإعلامي
1 شوال 1432 هـ
30/8/ 2011 م

تحميل المادة

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله نبينا محمدٍ وآله وصحبه ومن والاه, أما بعد:
إلى إخواني وأحبابي المهاجرين المجاهدين في سبيل الله في أزمنة الغربة, النَّاصرين دين الله بالأنفس التي هي أغلى ما يملك الإنسان, السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أتوجَّه إليكم بهذه التذكرة بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك شهر الخير والبركات والجهاد والفتوحات وموسم الأفضال من الله والرحمات, وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه أحمد والنسائي والبيهقي, أنه كان يبشِّر أصحابه بقدومه ويقول: "أتاكم رمضان شهرٌ مبارك فرض الله عز وجل عليكم صيامه, تُفتَّح فيه أبواب السماء وتُغلَّق فيه أبواب الجحيم وتُغلَّ فيه مردة الشياطين, لله فيه ليلةٌ خيرٌ من ألف شهر من حُرِم خيرها فقد حُرِم".
وكان سلفنا الصالحون يترقَّبون مجيء شهر رمضان ويستبشرون به ويدعون الله أن يُبلِّغهم رمضان وأن يسلِّمهم لرمضان وأن يسلِّم رمضان لهم, لما استقر في علمهم وفقههم من أنه موسمٌ عظيمٌ للخيرات والباقيات الصالحات من أنواع العبادات مع الصوم من الصلاة والقيام وذكر الله تعالى وتلاوة القرآن والصدقات وصلة الأرحام وغيرها, وأنه تضاعف فيه الأجور, ولعلمهم بما جاء في حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا جاء رمضان فُتِّحت أبواب الجنة وغُلِّقت أبواب النار وصُفِّدت الشياطين" رواه مسلم.
وأما أهل الجهاد -المجاهدون- فإنهم مع اشتراكهم مع سائر المسلمين في ذلك يحِنُّون إلى رمضان ويرجون رحمة الله عليهم وبركاته فيه بالفتوحات والنصر، ولأجل ما يعلمون من فضله وفضل العمل الصالح فيه يحرصون على التزوُّد من معينه صبرًا وإصرارًا وثباتًا, فإنَّ رمضان شهر الصبر, بذا سمَّاه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ويندفعون إلى مزيدٍ من البذل في قتال أعداء الله عز وجل في رمضان، ويتقدَّمون للنكاية والإثخان في الكفرة ويتفنَّنون في ذلك ويتعرَّضون لنيل الشهادة فيه, إنَّ رمضان موسمٌ بحقٍ لا يُفوَّت.

أيها الإخوة, لقد منَّ الله علينا بنعمٍ كثيرةٍ جليلة تستدعي مزيد الشكر للمولى الجليل الكريم سبحانه, فهذا رمضان فرصةٌ أخرى بعد الفرصة لشكر الله على ما أولانا من نعمه السابغة الوافرة التي لا نستطيع أن نحصيها ولا أن نؤدي شكرها مهما عملنا, لكن الله يغفر ويعفو ويقبل من عبده المؤمن القليل ويزكِّيه ويربيه ويثيبه عليه من فضله ورحمته أعظم الثواب.
ومن خصوص نِعم الله علينا هذه النعمة بأن هدانا لطريق الجهاد في سبيله ولإقامة دينه وإعلاء كلمته في هذه الأزمان، واستعملنا في قتال أعدائه الكفرة المجرمين العاثين في الأرض بالفساد والعدوان والظلم والطغيان, وجمع لنا عز وجل بين عددٍ من الأعمال الصالحة الجليلة وأدخلنا من فضله ورحمته في دواوين كبيرة عالية القدر عنده: الهجرة, والغربة, والجهاد, والرباط, والصبر, والدعوة إلى الله تعالى, ونصر دينه والدفاع عنه.

إخواني, إنَّ طريق الجهاد طويلٌ وشاقٌّ, ولكنه حلوٌ لمن ذاق حلاوة الإيمان، ونحسبكم إن شاء الله كذلك ذقتم حلاوته وعرفتم لذته.
وفي هذا الطريق غالب أنواع الأحوال التي يمكن أن يمرَّ بها الإنسان في الدنيا ولهذا يكبر الإنسان فيه في عقله وتجربته ما لا يكبر في غيره, وهو متضمنٌ للأسفار والاغتراب اللذين حثَّ الحكماء عليهما لتعلم الحكمة ونيل التجربة والحنكة, ومتضمنٌ للسياسات ومعاناة القيادة وأحوال أهل الملك والسيادة, ومتضمنٌ لأحوال الشدة واللين والرحمة والقسوة والحلو والمر والفرح والترح, وفيه من لذائذ الروح وكمالاتها ما لا يوجد في غيره, جمع الله فيه لأهله استخراج العبودية له سبحانه من عبده والإخلاص له، إذ دواعي الإخلاص في الجهاد أوفر لمن رُزِق التوفيق لقرب الإنسان من الموت على الدوام مع حظوظ النفس بتكميل فضائلها وقوتها ولذَّاتها من الحرية والكرامة والعزة والطمأنينة وراحة البال وغير ذلك, فما أجمله من حظٍ وافق حقًا.

وإنَّ من شكرنا لله عز وجل أن نقرَّ ونعترف له سبحانه بهذا الفضل وهذه النعمة، ونعرف أنها من محض منِّه علينا وحده لا شريك له, وننسبها إليه ونثني عليه بألسنتنا ونحمده, وأن نستمر على طريق الجهاد ونبذل فيه وسعنا ونجتهد في طاعة الله تعالى وتطبيق شريعته عز وجل على أنفسنا وعلى من تحت مسؤوليتنا حسب الإمكان, فإنَّ من جاهد بنفسه عن الدين أحق الناس بالتزام أحكام الدين, ولهذا أيضًا أمرنا الله تعالى بالصبر والمصابرة وبالثبات وبمداومة الجهاد ما استطعنا, قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}, وقال عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُواْ وَاذْكُرُواْ اللهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}.
ونهانا عن الفرار من الزحف كما هو معلوم, وقال: {وَلاَ تَهِنُواْ فِي ابْتِغَاء الْقَوْمِ}... الآية, وقال: {وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ}.

وإنَّ هذا الجهاد -أيُّها الإخوة- لا يتم ولا يقوم على ساقه ولا يؤتي ثمرته إلا باجتماع المجاهدين وألفتهم وإلا بالجماعة، ولا جماعة إلا بسمعٍ وطاعةٍ وانتظامٍ وانضباطٍ بالأصول الشرعية والآداب المرعيَّة والحكم التي دلت عليها الشرائع والعقول والتجارب من آداب وفقه العمل الجماعي المنظَّم, فإنه بذلك يكون المؤمنون المجاهدون في سبيل الله صفًا كأنهم بنيانٌ مرصوص, كما يحب الله, كما قال تعالى: {إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُم بُنْيَانٌ مَّرْصُوصٌ}.
وإننا -أيها الإخوة- في هذه الأوقات في مرحلةٍ من مراحل حربنا مع العدو تتطلب مزيد الانضباط، ويعظم فيها خطر المعصية والتصرفات الفردية.

والتصرفات الفردية -أيها الإخوة- نوعان: أعمالٌ جهاديةٌ فردية مندرجةٌ تحت الخطة العامة للمجاهدين تخدمها وتقويها وتنسجم معها, مأذونٌ فيها إذنًا عامًا أو خاصًا وتؤدي دورًا لا يمكن للجماعة أن تؤديه فتسد ثغرًا وتحقق نصرًا, فهذه أعمالٌ جهاديةٌ شرعية ندعو إليها ونعتقد أنَّ الله يحبها ويرضاها ويأمر بها.
والنوع الآخر: أعمالٌ فرديةٌ ليست مندرجةً تحت خطة المجاهدين ولا تخدمها ولا تقوِّيها ولا تنسجم معها، بل تضعفها وتتعارض معها، وينشأ عنها فسادٌ أكثر مما يمكن أن ينشأ عنها من نفع, من التفرق والتنازع وغيره, فهذه التي ننهى عنها ونظن أنها لا ترضي الله, فعلامتها واضحة, والفرق بين الاثنين بينٌ والحمد لله.

وأعود فأقول: إنَّ المرحلة التي نحن فيها تتطلب منا جميعًا أكبر قدر من الطاعة والانضباط والصبر، وأن نتحاشى جهدنا عن المعاصي سواءٌ منها ما كان معصية لله تعالى محضة أو ما كان معصيةً للأمير وهي بذلك معصيةٌ لله عز وجل؛ فإن شؤم معصية المجاهدين لأمرائهم خطيرٌ ومبير، ويكفي فيه ما ذكره الله عز وجل لنا في القرآن في قصة أحد وجعله قرآنًا يُتلى إلى يوم القيامة تذكرةً للمتقين وتحذيرًا للعابدين, ذكر الله عز وجل ذلك في سورةٍ من أعظم سور القرآن -سورة آل عمران- في سياق حكاية قصة أحد وبيان ما حصل من معصية بعض المسلمين، وهي معصية الرماة أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي أمرهم بأن يلزموا أماكنهم ولا يبرحوها, قال: "ولو رأيتمونا تخطَّفنا الطير" فلما رأوا بعض ما ظنُّوا أنَّ المعركة انتهت به لصالح المسلمين، وأنَّ المشركين قد ولَّوا منهزمين، اجتهدوا اجتهادًا على خلاف النص، وتأوَّلوا في ترك تطبيق الأمر الواضح، وتركوا أماكنهم ونزلوا على رغم مناشدة أميرهم لهم بعدم النزول وإباء الأمير وبعضٍ من إخوانهم النزول, فأنزل الله في ذلك هذه الآيات وسمَّى فعلهم معصية ونسبه لجماعة المسلمين وأخبر أنها كانت سبب ما نال المسلمين من الكسرة يومئذٍ ولله الأمر من قبل ومن بعد {وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُم بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الأَمْرِ وَعَصَيْتُم مِّن بَعْدِ مَا أَرَاكُم مَّا تُحِبُّونَ مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ الآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنكُمْ وَاللهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ * إِذْ تُصْعِدُونَ وَلاَ تَلْوُونَ عَلَى أحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ فَأَثَابَكُمْ غُمًّا بِغَمٍّ لِّكَيْلاَ تَحْزَنُواْ عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلاَ مَا أَصَابَكُمْ وَاللهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ}... الآيات, قال الإمام ابن القيم -رحمه الله- في الفوائد المستفادة من قصة أحد: "فمنها تعريفهم سوء عاقبة المعصية والفشل والتنازع, وأنَّ الذي أصابهم إنما هو بشؤم ذلك، كما قال تعالى {وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللهُ وَعْدَهُ}... الآية, فلما ذاقوا عاقبة معصيتهم للرسول وتنازعهم وفشلهم كانوا بعد ذلك أشد حذرًا ويقظةً وتحرُّزًا من أسباب الخذلان", قال: "ومنها أنه إذا امتحنهم بالغلبة والكسرة والهزيمة ذلوا وانكسروا وخضعوا، فاستوجبوا منه العز والنصر؛ فإن خُلعة النصر إنما تكون مع ولاية الذل والانكسار, قال تعالى: {وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللّهُ بِبَدْرٍ وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌ}, وقال: {وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئًا} فهو سبحانه إذا أراد أن يعزَّ عبده ويجبره وينصره كَسَرَه أولاً, ويكون جبره له ونصره على مقدار ذله وانكساره" انتهى كلامه رحمه الله.

أيها الإخوة, والذي يتضح من كلام علمائنا أنَّ معصية الرماة هنا للنبي صلى الله عليه وسلم كانت معصيةً له باعتباره قائدًا وأميرًا وإمامًا, فإن تصرفات النبي صلى الله عليه وسلم -بأبي هو وأمي- لها عدة اعتبارات, فهو صلى الله عليه وسلم يتصرف باعتباره نبيًا رسولاً مبلِّغًا عن الله عز وجل شرعه, ويتصرف باعتباره إمامًا وقائدًا للمسلمين, ويتصرف باعتباره قاضيًا... وهكذا.
والمقصود أنَّ معصية من نزل من الرماة في أحدٍ كانت من نوع معصية أمر الأمير وقد عفى الله عز وجل عنهم رضي الله عنهم وأرضاهم, فهذا يبين لنا عظم خطر معصية أوامر الأمير.
وقال الله تعالى: {إِنَّ اللهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ} فبقدر إيماننا وكماله وقوته تكون مدافعة الله عنَّا, والله يحب المؤمنين ويحب المتقين ويحب المحسنين وهو معهم بنصره وتأييده وإمداده, فبقدر حسن الطاعة والاستقامة والإيمان والتقوى والعمل الصالح يكون نصر الله تعالى لنا, ولعله -والله أعلم- أن يكون تذييل الآية بقوله: {إِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ} إيماءً إلى أن الخيانة والكفر -ومنه كفر النعمة والكفر الأصغر وهي المعاصي- تنافي وتناقض موجبات دفع الله تعالى ومدافعته عن عبده, ففيهما تحذيرٌ من المعاصي فإنها تعرِّض المؤمن إلى أن يخسر دفاع الله عنه؛ لأنه إذا كان الله لا يحب كل خوانٍ كفور ومن أجل ذلك يدفع عن الذين آمنوا وينصرهم فإن في هذا تنبيهًا للمؤمن أن يجانب صفة الخوَّان الكفور ولا يقاربها, وهكذا في الشهادة فإن الظلم والمعاصي قد تمنع منها والله أعلم, كما قال الله تعالى: {إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاء وَاللهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ}.
وإنَّ مما يُطاع فيه الأمير ما يتعلق بالأمور الجامعة التي تمسُّ شأن الجهاد والمجاهدين بوصفهم الاجتماعي كالأوامر المتعلقة بالحركة والاتصالات وغيرها، كل هذا مما يدخل دخولاً واضحًا لا إشكال فيه فيما يجب أن يُطاع فيه الأمير، والمعصية فيه معصية، والله يعاقب على المعصية وقد يتخلف النصر ويُبطئ الفرج بسببها, فلتنتقِ الله جميعًا ولنجعل من رمضان فرصةً لتجديد الطاعات كلها والاجتهاد فيها والتوبة لله جل وعلا.

أيها الإخوة والأخوات المؤمنون المجاهدون, إنَّ بشائر نصر الله تعالى لهذه الأمة ولمجاهديها كثيرة تُفرح القلوب وتدعو إلى مزيد الثبات ومزيد العطاء, ففي أفغانستان بدأ أعداء الله الغزاة المعتدون -الأمريكان والأوربيون- بدأوا ينسحبون رويدًا خائبين خاسرين، وإنما زوَّروا على الناس وزوَّقوا انسحابهم بخططٍ تدريجية وجداول زمنية -زعموا- وبرامج وترتيباتٍ فاشلة مع عملائهم المرتدين ليخفوا فشلهم وهزيمتهم والحمد لله رب العالمين، فإن انسحابهم فرصةٌ لمجاهدي الإمارة الإسلامية للتقدم ومزيد الفتوح بإذن الله, وانسحابهم هو بدايةٌ فعليةٌ لانفراط عقد تحالفهم الكافر وتشتُّت شملهم بإذن الله, والدعم الشعبي والمدد الجهادي من الشعب الأفغاني للمجاهدين متواصلٌ متدفقٌ بحمد الله بل ومتزايد, وأعداء الله يعانون أشدَّ المعاناة في أفغانستان كما يعاني وكلاؤهم, ونكايات المجاهدين فيهم تتضاعف وتقوى، وهم يُعتِّمون على الأخبار ويجتهدون في إخفاء خسائرهم حتى وصل بهم الأمر إلى استصدار قوانين في ذلك خوفًا من انتشار أخبار عمليات المجاهدين، وحرصًا أن لا يسمع الناس بما يذيقهم المجاهدون كل يوم من كؤوس المنايا وعذاب الجراح ومرارات الثكل.
وكم من العمليات النوعية الناجحة للمجاهدين أخفاها أعداء الله وأبواقهم وكتموها وزوَّروا الأخبار حولها, هل سمعتم بعملية (ميدان وردك) في هذا الشهر شعبان؟
كما أنَّ أعداء الله يعانون ويُقاسون مما يُسلِّطه الله عليهم من جنوده التي لا يعلمها إلا هو، ولله جنود السماوات والأرض, ومن أهمها مشاكلهم الاقتصادية والمالية, فهم في خساراتٍ وانهياراتٍ دائمة بسبب كفرهم وفجورهم واستكبارهم وتمرُّدهم على الله وأخذهم الأموال بغير حقٍ من غير حلِّها، وإهلاكها في الباطل وفي نصر الكفر وعداوة الله تعالى ورسوله ودينه وأوليائه.

والآن نحن في نعمة الله علينا نتابع ونترقَّب وشك عذاب الله لهم بأزمة الديون الأمريكية والأزمات المالية في اليونان ودولٍ أوروبيةٍ أخرى وما قد ينشأ عن هذا وهذا من قوارع تصيبهم بإذن الله وحوله وقوته، كما قال تعالى: {وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَن يُصِيبَكُمُ اللهُ بِعَذَابٍ مِّنْ عِندِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا}, وقال تعالى: {وَلاَ يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُواْ تُصِيبُهُم بِمَا صَنَعُواْ قَارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيبًا مِّن دَارِهِمْ حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللهِ إِنَّ اللهَ لاَ يُخْلِفُ الْمِيعَادَ}.
مع ما يُفتح على أمريكا من أبواب شرٍ في كل اتجاه ومن جبهات حربٍ وعداوة في كل ناحية فلنجتهد في الدعاء عليهم في هذا الشهر وفي كل وقت، ولنتحين للدعاء أوقات الإجابة وأحوال الصفاء ولحظات الخشوع، ولنوصِ به المستضعفين من النساء والولدان والضعفة من المسلمين.

وفتوحات الله على المسلمين في ساحاتٍ متعددة في العراق واليمن والصومال والمغرب الإسلامي وغيرها كثيرةٌ مبشرةٌ بحمد الله وهي تُراكِم المصائبَ على أعداء الله وتعجِّل بانكسارهم بعون الله, فأعداء الله في تراجعٍ ويحيط بهم غضب الله, وأمة الإسلام ومجاهدوها في تقدمٍ وازديادٍ ترعاهم عناية الله ولطفه ويحدوهم وعد الله.

وهذه الانتفاضات الشعبية العربية إذ كسرت الشعوب العربية المسلمة حاجز الخوف بحمد الله وفضله ثم بجهاد المجاهدين وصبر الصابرين، فهي نعمةٌ كبيرة وفيها خيرٌ كثير وإن لم تكن صورتها الحالية هي الشيء المطلوب المأمول بلا شك، لكن فيها خير وهي مرحلةٌ وخطوةٌ وفرصةٌ ومعونةٌ من الله الكريم، نرجو الله أن يجعل عاقبتها خيرًا للإسلام وأهله، وأن يصلح شباب الأمة ويأخذ بأيديهم إلى الخير.
فأبشروا بنصر الله القريب, فحاشا لدماء الشهداء وصدق الصادقين وإخلاص المخلصين المخبتين المنكسرين لله أن تذهب هباءً, وحاشا لدعاء المستضعفين في أنحاء الأرض أن يُردَّ, وإنما لكل أجلٍ كتاب ولله الحكمة التامة والحجة البالغة على خلقه وهو الحكيم العليم.

ولا يغرَّنَّكم تقلب الأعداء في البلاد، وما وصلوا إليه من أدوات ووسائل الدمار والخراب، وما يرتكبون من فظائع وبشاعات، ولا يوهننَّ من عزائمنا كثرة ما وقع ويقع من القتل في صفوف المسلمين من المجاهدين وغيرهم فإنها شهادة والشهادة خيرٌ وبركة, وكلما تمرَّد أعداء الله وطغوا وتفرعنوا وعتوا فإنَّ ذلك مؤذنٌ بقرب هلاكهم وإدالة الله عباده المؤمنين عليهم؛ فإن الله سبحانه إذا أراد أن يهلك أعداءه ويمحقهم قيَّض لهم الأسباب التي يستوجبون بها هلاكهم ومحقهم ومن أعظمها بعد كفرهم بغيهم وطغيانهم ومبالغتهم في أذى أوليائه ومحاربتهم وقتالهم والتسلط عليهم, فيتمحَّص بذلك أولياؤه من ذنوبهم وعيوبهم، ويزداد بذلك أعداؤه من أسباب محقهم وهلاكم.

إنَّ دم الشيخ أسامة -رحمه الله- ودماء الشهداء الصالحين في أنحاء الأرض شرقًا وغربًا وشمالاً وجنوبًا -رحمهم الله جميعًا وتقبلهم- لهي سقيا لشجرة الجهاد وفألٌ بقرب النصر بإذن الله عز وجل، والله سبحانه يبارك عليها ويرى الناس بعد حينٍ آثار بركة الله ورحماته.

أيها الإخوة, كيف يمكن أن ينتصر أعداء الله الكفرة الملحدون الفجرة الفسقة أهل الرجس والنجاسة والقذارة ورذائل الأخلاق، أهل البخل والحسد والكبر والشرك وسائر ما يُتصور من أمراض القلوب ومفاسد النفوس، كيف يمكن أن ينتصروا على أهل التوحيد لله عز وجل، أهل الإخلاص والنية الحسنة وإرادة الخير الساعين في محاب الله والطالبين رضوانه، أهل الوضوء والطهارة والعفة والتقوى وصلة الأرحام، أهل العبادة لله جل وعلا والانكسار إليه والتوبة والإنابة والشكر والصبر والخوف والرجاء والمحبة والطاعة باطنًا وظاهرًا, هذا لا يكون بإذن الله.
كيف يمكن أن ينتصر من يريدون العلو في الأرض والفساد، ويبغون رفع راية الكفر والصليب والأوثان، وينشرون الرذيلة والفجور ويعبِّدون الناس للشهوات والدنيا والشيطان ويخرجونهم من النور إلى الظلمات, كيف يمكن أن ينتصروا على الذين قال الله فيهم {الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ}, {الَّذِينَ آمَنُواْ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُواْ أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا}, {اللهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّوُرِ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ أَوْلِيَآؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}, {وَيَا قَوْمِ مَا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ * تَدْعُونَنِي لِأَكْفُرَ بِاللَّهِ وَأُشْرِكَ بِهِ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَأَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَى الْعَزِيزِ الْغَفَّارِ * لَا جَرَمَ أَنَّمَا تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي الدُّنْيَا وَلَا فِي الْآخِرَةِ وَأَنَّ مَرَدَّنَا إِلَى اللهِ وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ * فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللهِ إِنَّ اللهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ * فَوَقَاهُ اللهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ}.
فإن رأينا للكفار غلبةً وظهورًا فهو شيءٌ مؤقتٌ زائل اقتضته حكمة العزيز الحكيم اللطيف الخبير في مداولة الأيام بين الناس, ولكن العاقبة في الدنيا والآخرة للمؤمنين بلا ريب, والنصر الحقيقي هو انتصار المؤمن التقي سواءٌ كان انتصارًا دنيويًا وأخرويًا أو أخرويًا محضًا {إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ}.

ولأجل ذلك أوصي نفسي وإخواني جميعًا بأن نحسن الظن بالله سبحانه، وأن نعظِّم رجاءنا فيه عز وجل، ولنجتهد في الذكر والدعاء والعبادة، ونجتهد في تحصيل شروط النصر والأخذ بأسبابه، وجماعها أن نكون أنصارًا لله تعالى وذلك بالإيمان والتقوى والعمل الصالح والاجتهاد في الحذر عن المعاصي بكل أشكالها: الفردية والاجتماعية الظاهرة والخفية الصغيرة والكبيرة، كما قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ}.
أحذِّركم ونفسي من الاستهانة بالمعاصي أيها الإخوة أو احتقار صغارها، فإيَّاكم ومحقرات الذنوب فإنها تؤدي إلى هتك أستار الخشية والمراقبة وتجرُّ إلى كبارها، ثم إنَّ الإصرار عليها قد ينزِّلها منزلة الكبار منها.
أُوصي نفسي وإخواني بحفظ اللسان والاجتناب عن آفات اللسان -وما أكثرها-, وأن نقرأ في هذا ونتفقه ونكثر من المذاكرة فيه, وأن نجتهد أن تكون لنا عباداتٌ في السر من صلاةٍ وصدقةٍ وصلةٍ وغيرها، وأن نحافظ على اجتماع المسلمين وألفتهم ووحدتهم ونقوِّيها ونحذر من الفرقة والاختلاف فإنها شؤمٌ ومن الأسباب القوية لتخلف النصر.

وإلى إخواني في المواجهات حيث كانوا -وكل المجاهدين في المواجهة-, توَّكلوا على الله واعتصموا به {وَمَن يَعْتَصِم بِاللهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ}, وأشعروا قلوبكم الجرأة فإنها من أسباب الظفر كما قال بعض شجعان المتقدمين, وأكثروا ذكر الضغائن -يعني ما يثير الحقد والضغينة على العدو- فإنها تبعث على الإقدام, فتذكَّروا ما يفعل أعداء الله من الكفر ومحاربة الله تعالى ودينه والاستهزاء برسوله صلى الله عليه وسلم ومن الطغيان والفساد في الأرض ومن الظلم والعدوان على إخواننا المسلمين في كل مكان, وتذكروا إخواننا وأخواتنا الأسرى المعذبين, ثم استعينوا بالله وخذوا بأسباب الاحتياط من قصف العدو فإنَّ أعداء الله ليس لهم سلاحٌ ينتفشون به على المسلمين إلا هذه القصوف بالطائرات والصواريخ وبإنفاقهم الأموال على أوليائهم الجواسيس، فاحترسوا منهم معتمدين على الله واثقين بنصره، وخذوا حذركم وانتشروا بما يناسب، واجتنبوا كثرة الظهور والبروز، ولا تعطوا العدو الفرصة من أنفسكم فإنَّ الله ممتحنكم بذلك وسائلكم عن ذلك، ولكل إنسانٍ من عباد الله تكليفه وابتلاؤه الذي قسمه الله له, واصبروا فإنها معركة الصبر والله معكم.

وأختم بذكر وصية سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه لأجناده, فقد روي في السِّيَر أنه كتب إلى سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه: "أما بعد, فإني آمرك ومن معك من الأجناد بتقوى الله على كل حال؛ فإن تقوى الله أفضل العدة على العدو وأقوى المكيدة في الحرب, وآمرك ومن معك أن تكونوا أشدَّ احتراسًا من المعاصي منكم من عدوكم، فإنَّ ذنوب الجيش أخوف عليهم من عدوهم، وإنما يُنصر المسلمون بمعصية عدوهم لله ولولا ذلك لم تكن لنا بهم قوة لأنَّ عددنا ليس كعددهم ولا عدتنا كعدتهم، فإن استوينا في المعصية كان لهم الفضل علينا في القوة وإلا نُنصَر عليهم بفضلنا لم نغلبهم بقوتنا، واعلموا أنَّ عليكم في سيركم حفظةً من الله يعلمون ما تفعلون فاستحيوا منهم ولا تعملوا بمعاصي الله وأنتم في سبيل الله، ولا تقولوا إنَّ عدونا شرٌ منا فلن يُسلَّط علينا، فرب قومٍ سُلِّط عليهم شرٌ منهم كما سُلِّط على بني إسرائيل لما عملوا بالمعاصي كفار المجوس فجاسوا خلال الديار وكان وعدًا مفعولاً، واسألوا الله العون على أنفسكم كما تسألونه النصر على عدوكم أسأل الله تعالى ذلك لي ولكم", انتهى.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

tealscrollroses_small.gif

لاتنسونا من صالح دعائكم جزاكم الله خير الجزاء 

 جمع وتنسيق النخبة للإعلام الحساب الرئيسي (تويتر)

وهنا حسابنا الإحتياطي (تويتر )