JustPaste.it

i_f4f1e277a41.gif

 

مُؤسَّسَة التَّحَايَا
قِسْمُ التَّفْرِيغِ وَالنَّشْرِ


تفريغ

الدرس السابع والعشرون
من شرح الشيخ عمر محمود أبو قتادة
لكتاب (الموافقات) للإمام الشاطبي -رحمه الله-

/files/justpaste/d238/a9607206/nrjksl.jpg

 

 

 

بسم الله، الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، والصلاة والسلام على أشرف الخلق سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، هذا هو الدرس السابع والعشرون من دروس شرح كتاب (الموافقات) للإمام أبي إسحاق الشاطبي -رحمه الله-، ونحن مع نهاية حديثه عن المقدمة التاسعة، وذلك في التفريق بين العلوم، بأن هناك ما هو من صلب العلم، وما هو من ملحه، وما هو لا من صلبه ولا من ملحه، وبعد أن تقدم كلامه -رحمه الله-؛ وصل إلى القسم الثالث، وكأنه يريد أن يقول بأن القسم الثالث هو قسم ليس من العلوم في شيء لأنه لا أصل له، وإنما هو من التمويهات، ومن سقط الكلام؛ كعلم الباطنية، كذلك علم المخرقات، والعلوم المحرمة مثل علوم السحر وغيرها. والناس يسألون عن السحر؛ هل هو علم شرعي؟ الجواب: السحر ليس من العلوم الشرعية، لا يجوز للمرء أن يتعلمه، وفي ذلك تفصيل ولكن هذا هو عنوان حكم السحر.

 

"فصل:

وقد يعرض للقسم الأول أن يُعد من الثاني، ويتصور ذلك في خلط بعض العلوم ببعض؛ كالفقيه يبني فقهه على مسألة نحوية مثلا، فيرجع إلى تقريرها مسألة -كما يقررها النحوي-لا مقدمة مسلمة، ثم يرد مسألته الفقهية إليها":

يقصد أن بعض المسائل الأصولية -التي هي أساس المسائل الفقهية- تكون مبنية على مسألة نحوية أو مسألة لغوية، فيأتي الشيخ فيتكلم عنها، وهذه طريقة معروفة عند بعضهم؛ فإنه يذهب إلى المسألة اللغوية النحوية ويبدأ بشرحها وذكر الخلاف فيها، وما ترتب عليها من الخلاف، وما هو أصلها، فيتكلم بتوسع، وذلك لارتباط المسألة الأصولية أو الفقهية بهذه المسألة النحوية؛ مثل أن يأتي إلى شرح آية من كتاب الله -عز وجل- فيها خلاف، والمسألة مبنية في الترجيح بين القولين على مسألة لغوية؛ فيستطرد هذا الرجل ويشرحها لا على طريقة الفقهاء ولا طريقة المفسرين ولا طريقة الأصوليين من أن يأخذ منها فقط الزبدة والحاجة، ولكنه يعود فيفصل هذه المسألة على طريقة أهلها، وهذا كثير.

وأما ما تقدم؛ فقد يسأل سائل: هل أصاب؟ وهذا يعرض عندما ذكر الشيخ -رحمه الله- حوار محمد بن الحسن الشيباني مع الكسائي في مسألة "أن خرجتي"، وذكر كذلك الصور الأولى أن التصغير لا يصغر، وقد أصاب، ولكن هذه الإصابة أراد الشيخ أبو إسحاق بيان أنها ليست مطردة، وأنها تذكر على سبيل الملح، وليست من قواعد العلم؛ فإنه من الخطأ أن يجاب على مسائل الفقه بمسائل النحو، وبعضهم قال: "لعشرين سنة وأنا أفتي بكتاب سيبويه"، وهو كتاب اللغة، وكتاب النحو، وكتاب الصرف، وكتاب البلاغة، وهذا كتاب عظيم قرأه كل عالم بعين نفسه؛ فأخرج منه علمه الخاص به، قرأه النحوي فأخرج منه النحو، ككتاب (الخصائص) لابن الجني، وقرأه الصرفي فأخرج منه علم الصرف، وقرأه البلاغي فأخرج منه علم البلاغة، كما فعل الجرجاني، وهو أول من أرسى قواعد علم البلاغة، وهكذا. وكما قرأتم في كتاب (رسالة في الطريق إلى ثقافتنا)؛ فهو علم الخليل، قال سيبويه للجهضمي: "تعال لنحيي علم الخليل"، فأثبت فيه علم الخليل، وهذا العلم كل عالم أخذ منه حاجته، وهذا الكتاب لا يجوز لفقيه أن يسمى عالِمًا بالنوازل والفتوى إلا بعد أن يقرأه ويعرف ما فيه، ولا يجوز لمفسر أن يكون بعيدًا عنه؛ كتاب سيبويه هو الذي أرسى علوم الآلة التي يحتاجها أصحاب كل فن: الشاعر، الأديب، المفسر، الفقيه، الأصولي، فالآلة لا يستطيع المرء أن يصنع بغيرها.

ولكني أردت أن أقول هنا بأن هذه لا تجري المجرى التام، ونحن نقول أن حتى القواعد الفقهية لا يجوز أن يُقتصر عليها في الفتيا، وذكر هذا أئمة القواعد: هي لم تنشأ من أجل الفتيا لكن لضبطها، ولا بد من معرفة الكتاب والسنة والإجماع والقياس، لا بد من الكتاب: {فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ}، لا بد من الرد إلى الله ورسوله.

فالشيخ يقول أن بعضهم يخلط ما كان من صلب العلم بالقسم الثاني -وهو المسائل التي قلنا أنها من ملحه-. وهل هذه من ملح العلم في كل علم؟ لا، هي بالنسبة للفقيه من مُلح العلم، لكن بالنسبة للُّغوي هي من مهمات العلم، كل علم فيه أصول خاصة به وفيه ملح خاصة به، وقد تكون أصول علمٍ من مُلح علم آخر.

 

"والذي كان من شأنه أن يأتي بها على أنها مفروغ منها في علم النحو فيبني عليها، فلما لم يفعل ذلك، وأخذ يتكلم فيها، وفي تصحيحها، وضبطها، والاستدلال عليها، كما يفعله النحوي":

إذًا هو يتوسع في هذه المسألة على طريقة النحويين وهي ليست من النحو، وهذه قاعدة تكلمنا عنها، وهي قاعدة أنه يجب على طالب العلم، على القارئ، على المدرس، على المحقق للكتب، أن يحترم مقاصد ومهمات الكتب. مثل لَمَّا يأتي معلق ومحشي على كتاب فيطيل في شرح "أما بعد" وهو كتاب أصولي، فهو يتعبه بشرح "أما بعد"، وما هو إعرابها، وما هو أصلها؛ فيملأ الحواشي بصفحتين أو ثلاثة بهذا، وهذه المسألة لا علاقة لها بالأصول ولا علاقة لها بالنحو، ثم إذا جاء إلى مسألة الأصول؛ مر عليها كأنها لم تكن شيئًا؛ فهذا جهل وخروج عن مقاصد الكتب ومقاصد المؤلفين.

"صار الإتيان بذلك فضلا غير محتاج إليه":

إذًا صار الذهاب إلى شرح المسائل التي بنى عليها من الفضول الغير محتاج إليه.

 

"كذلك، إذا افتقر إلى مسألة عددية؛ فمن حقه أن يأتي بها مسلمة ليفرع عليها في علمه، فإن أخذ يبسط القول فيها كما يفعله العددي في علم العدد؛ كان فضلا معدودا من الملح إن عد منها، وهكذا سائر العلوم التي يخدم بعضها بعضا.

ويعرض أيضا للقسم الأول أن يصير من الثالث، ويتصور ذلك فيمن يتبجح بذكر المسائل العلمية لمن ليس من أهلها، أو ذكر كبار المسائل لمن لا يحتمل عقله إلا صغارها، على ضد التربية المشروعة":

ذكرنا أن من فوائد كتاب الشاطبي -رحمه الله- ذكر قواعد التربية السديدة، وطريقة التعليم والتربية هذا فن يتقنه أئمتنا، وتاريخ هذه الأمة شاهد على إتقان هذا العلم، وقد قال ابن عباس -رضي الله تعالى عنه- كما روى البخاري معلقًا: "الربانيون هم الذين يعلمون صغار العلم قبل كبارها": لا تأخذ الناس إلى معالي الأمور دون أن تبنيها بناءً قاعديًا سليمًا، وهذا من طرق التربية، والذين يريدون أن يقفزوا بالناس ويتحدثوا عن كبار العلم دون معرفة أصولها؛ هؤلاء يأتون بالمصائب، لا يفهمونها، ولا يفهمون كيف جاءت، ولا كيف بُنيت، كمن يتكلم عن الفقه وهو لا يعرف بناء الفقه في كتب أئمتنا؛ فيتكلم بالعمومات ويأتي بالمصائب والطامات لأنه لا يعرف.

لذلك قد يكون الرجل فقيهًا للعلم لا فقيها لفروعه، وهذا هو فقه العلم، وهو باب من الأبواب. وللأسف لم يؤلَّف مؤلفٌ خاص في فقه العلم، الذي يسمونه اليوم "...لوجيا"، وهو نظام المعرفة وكيفية بناء العلم. وليس الحديث عن الفروع هو المقصود (ما هي أحكام المياه، ما أحكام الطهارة، ما أحكام البيوع)؛ ولكنه الحديث عن فقه العلم، كيفية بناء هذا الفقه من جهة النظر إليه متكاملًا، وهذا موجود في كلام أئمتنا لكنه يحتاج إلى جمع، هو خفيٌّ يجب عليك أن تبحث فيه، وكتب فيه مجموعًا فقط ابن خلدون في مقدمته، فهو تكلم فيها عن فقه العلم: العلوم في المسألة، نشأتها، تاريخها، سيرورتها، وهكذا، هذا فقه العلم.

إذًا، الحديث عن طريقة تربية العلم مهمة، ولذلك كانوا يقولون عن ابن حزم: "هو عالم بلا سياسة"، وعند ترجمته يقولون: "أخذ العلم ولم يتقن سياسته"؛ فللعلم سياسة في طريقة أخذه: كيف يبث هذا العلم، كيف يبدأ به، والعلماء في هذا عظماء، ألفوا كتبًا للمبتدئين، وألفوا كتبًا للمتوسطين، والعالم الواحد يؤلف كتابًا للمبتدئين، وكتابًا للمتوسطين وكتابًا للمجتهدين؛ يسمونها (بداية المجتهد ونهاية المقتصد)، ويؤلفون كتبًا للصغار بسبب ضرورات؛ فكتاب (الرسالة) لأبي زيد القيرواني ألفه من أجل أن يحفظه الصغار في المغرب الإسلامي كي لا يتأثروا بالباطنية الزنادقة الإسماعيلية، وهذا يعلمك كيف تستفيد من الكتاب، إذا فقهت العلم؛ فقهت سيرورته، وفقهت كتبه، وفقهت علماءه، حينئذ تستطيع أن تعرف مقصد الكتاب؛ فلا تأخذه في غير بابه. وكذلك في "الجمهوريات الإسلامية" يعلمون أبناءهم في السراديب، واليوم يكتشفون في كثير من البيوت غرفًا خفية كانوا يدخلون فيها الأولاد يعلمونهم القرآن.

مثلًا من فقه العلم أن تعلم لماذا ألف ابن الصلاح مقدمته، إذا علمت هذه المسألة لم تخرج الكتاب عن حده، وابن الصلاح كان مدرسا يعلم المبتدئين، فطلبوا منه أن يكتب لهم كتابًا في مصطلح الحديث يكون سريعًا للمبتدئين الذين ليس لهم باع في هذا العلم، فكتبه للمبتدئين، وصار الآن علمًا للمجتهدين!

لماذا ألف الذهبي تعليقه على (المستدرك)؟ ليتمرن.

فهذا شيء يسير من فقه العلم: لماذا ينشأ العلم، ولماذا يقوم، من الذي يتحدث به، من هم رجاله؟ ومن هنا نشأ فقه جديد بدأ ناس يكتبون فيه، وهو المدخل إلى المذاهب، كما كانوا يكتبون قديمًا "المدخل إلى الكتب"؛ فالإمام البيهقي ألف (السنن الكبرى)، ثم ألف كتابًا سماه (المدخل إلى السنن)، هو يريد أن يعرفك بالعلم وطرائق النظر، كيفية الدخول، المفتاح، وألفوا (المدخل إلى مذهب أحمد بن حنبل)، وفقه أحمد بناء عظيم كل غرفة فيه وكل طاقة فيه لها مفتاح خاص، وإذا لم تملك المفتاح؛ لن تستطيع أن تفهمها، سواء في مصطلحاتها، سواء في بنائها، في تاريخها، في كيفية ترجيح الأقوال فيها، في أصولها، هذا هو فقه العلم.

وأمتنا من أعظم الأمم في هذا الباب (كيفية التربية): هذا العلم كيف يُعطى، هذا كيف يُبنى عليه، هذا العلم كيف يقدم، هذا العلم متى يؤخر، هذا العلم يعطى لمن ولا يعطى لمن، وهكذا، فالعالم عندما يبلغ العشرين أو الخامس والعشرين تراه قد اكتمل، ارتوى، فبدأ إنتاجه وهو في هذا المقتبل من العمر، لأنه أُخذ من صغره وبُني بناءً سليمًا لا شذوذ فيه.

واليوم في دروس الفقه يبدؤون بالصغير ويقولون: عليك بالاجتهاد! اذهب إلى كتب الاجتهاد! وهذا من الجهل، فهم يعيبون كتب المتون ويسقذرونها، وبعد ذلك يخرج المرء بلا شيء حائرًا، ولا يُبنى بناءً علميًا صحيحًا. فعلماؤنا يبنون العلم، فالعلم بناء، له قواعد، له أركان، له سقف، له مزينات، محسنات، وكلها توضع في موضعها الصحيح.

 

"فمثل هذا يوقع في مصائب، ومن أجلها قال علي -رضي الله عنه-: "حدثوا الناس بما يفهمون، أتحبون أن يكذب الله ورسوله؟":

هذه قاعدة: هناك حق يبطل لأن وسيلته باطلة، فإذا أردت للحق أن يثبت؛ عليك بوسيلة حق له، الحق لا بد له من أرجل، إذا أردت للحق أن يثبت؛ فلا بد أن تُعمله وأن تعمل له بوسيلة حق، وإلا بطل. ولذلك دائمًا في كتاب ربنا لما يذكر فضله وكرامته وعطاءه للأنبياء؛ يذكر أنه أعطاهم الكتاب والحكمة، فالكتاب هو الحق في أُفُقه التام والمطلق، والحكمة هي إعمال الحق في عالم الواقع، قد يقال: أليس الكتاب هو الحكمة؟ الجواب: نعم، الكتاب هو الحكمة، ولكن لما اقترن الكتاب مع الحكمة؛ دلَّ على أن الحكمة هي الجانب العملي في إعمال الحق والكتاب، ولذلك لما قال الله -عز وجل-: {وَكَفَىٰ بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا}؛ ف{هاديًا}: هذا الحق، و{نصيرًا}: أنه يعمل هذا الحق في أرض الواقع، ومن لم يفهم هذا لا يكفيه أن يكون عالِمًا بالحق. ولذلك الغزالي له كلمة رائعة في (الإحياء) ينبغي أن نفهمها، يقول أن كثيرًا من الحق قد ذهب بين الناس ولم يجد له قبولًا، وذلك لأن أصحابه استعلوا به على الناس. فإذا حمل الحق قبيح؛ الناس لا يقبلون عليه، ولذلك كان من رحمة الله -سبحانه وتعالى- للبشر أن حمل هذا الحق أعظم الناس وهم الأنبياء؛ حتى لا يصاب الناس بكره لهذا الحق، لو حمله كاذب ولو كان حقًا؛ لما قبله الناس، لو حمله رجل فيه تهمة لما قبله الناس: {إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ}، فالحق لا بد أن يُحمل بوسيلة حق، وهذا حقّ حتى هذا في المذاهب المادية: لماذا يقولون مثلًا الماركسية اللينينية؟ ماركس لما وضع نظريته؛ تكلم كلامًا قليلًا في كيفية إيجادها على الأرض، لكن ما الذي ركب لها الأرجل، من الذي وضع لهذه النظرية الطريقة العملية في تطبيقها على طريقته؟ جاء "ماو" مثلًا وقال: "لا، ليست هذه الطريقة"، ولذلك يسمون: الماركسية اللينينية، الماركسية الماوية، وهكذا.

فهذا الدين جاء به رسول الله بالحق، وجاء رسولنا من البشر، لأن هذا من مهمات البشرية، من أجل أن يقول لنا عن كيفية إعمال هذا الحق في الوجود، كيفية المقاربة، كيفية الخروج من مداخل ومضايق هذه الحياة، هذا لا بد منه، العلم لا يكفي، لا بد من وسيلته، لا بد من أسلوبه، لا بد من بنائه بناءً صحيحًا، هذه الجمل من مشايخنا يجب أن تُعلم وتحفظ وتعرف وتنشر بين الناس.

ولذلك قال علي: "حدثوا الناس بما يفهمون"، وهي على وجهين؛ الوجه الأول: ابدؤوا بما يمكن أن يفهم، فهناك أشياء الصغير لا يفهمها فتُؤجل، الوجه الثاني: أي بلغتهم، أي لا تستخدم المصطلحات الصعبة الشاقة، انزل إلى مرتبتهم وعلِّمهم، وهذا فن وعطاء إلهي؛ أن ينزل المرء بالعلم الشامخ العظيم فيجعله في متناول الصبيان ومتناول العوام، هذا شيء عظيم، وذكرنا أن هذا لا يتقنه الناس الآن، لما يتحدث الرجل عن البلاغة، البلاغة في القرآن؛ تجد أن إمام هذا الفن هو الشيخ الشعراوي، قولوا عنه ما تقولون لكنني لا أعرف رجلًا في العصر الحديث بلغ هذا المبلغ أن يجلس مع العلماء والعوام والمثقفين، وكلهم يسمعون له بلاغة القرآن وجماله فيستمتعون، العالم يأخذ حاجته، والعامي يأخذ متعته، والمثقف يأخذ ثقافته وهكذا، هذا شيء عظيم، ولذلك حدثوا الناس بما يفهمون، بلغتهم وبمستواهم الذي يستوعبونه، لأنكم إذا حدثتم عن الله ورسوله بما لا يعلمون كذب الناس هذا.

"وقد يصير ذلك فتنة على بعض السامعين، حسبما هو مذكور في موضعه من هذا الكتاب":

كما حدث أنس الحجاج المغير بحديث العرنيين، أنه سمل أعينهم إلى آخره؛ فجرأ الحجاج على القتل، والحجاج على العالم أن يحدثه أحاديث الرجاء، أحاديث العفو، لا يحدثه حديث الشدة والقتل.

"وإذا عرض للقسم الأول أن يعد من الثالث؛ فأولى أن يعرض للثاني أن يعد من الثالث":

إذا كان القسم الأول الذي هو من صلب العلم قد يمزج مع الثالث الذي لا هو من صلب العلم ولا من ملحه؛ فأحرى أن يمزج بين الثاني والثالث لقربهما.

"لأنه أقرب إليه من الأول":

هذا الذي يسمى عند علمائنا بقياس الأولى، ويسميه الشافعي -رحمه الله- في (الرسالة) بقياس الدليل، أو يسميه الدليل، وهو أن يكون الفرع العلة فيه أوضح من الأصل، كقوله -عز وجل-: {وَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ}، فمن قياس الأولى الضرب.

"فلا يصح للعالم في التربية العلمية":

احفظوا أن علماءنا قالوا هذه الكلمات: التربية العلمية، هذا عنوان.

"فلا يصح للعالم في التربية العلمية إلا المحافظة على هذه المعاني وإلا لم يكن مربيًا واحتاج هو إلى عالم يربيه":

هذه احفظوها، هذه قاعدة.

"ومن هنا لا يسمح للناظر في هذا الكتاب أن ينظر فيه نظر مفيد أو مستفيد حتى يكون ريان من علم الشريعة":

هذه الجملة كنت أبحث عنها لما قلت لكم بأن هذا الكتاب لا يصلح للمقلد ولا يصلح لجاهل.

"حتى يكون ريان من علم الشريعة":

والشيء لا يكون ريان حتى يتوقف أخذه، الريان هو الذي يتوقف أخذه للماء، الأرض لما تروى تضع فيها الماء، فبعد أن ترتوي لا تأخذ، وهذا الرجل يكون ريان من علم الشريعة.

"أصولها وفروعها، منقولها ومعقولها":

انتىبهوا إلى هذا الكلام، وسنأتي إليه.

"غير مخلد إلى التقليد والتعصب للمذهب، فإنه إن كان هكذا؛ خيف عليه أن ينقلب عليه ما أودع فيه فتنة بالعرَض، وإن كان حكمة بالذات، والله الموفق للصواب":

هذه جملة من درر الكلام ومن درر العلم، هو يتحدث عن كتابه وهو ويعرف ماذا كتب، وهذه لا يقولها إلا رجلان:

  • إما مدعٍّ أن الكتاب كتابه، وهذا لا يتصور في علمائنا، لأنه لو كان مدعيًا؛ فإن بيئة العلم تنبذه وتضحك عليه وتشهر به ويصبح فضيحة للناس، والشاطبي ليس كذلك.
  • وإما أن يكون صاحب ثقة بما يكتب، فإذا خرج لبراز الأقران وقتالهم؛ يكون يستحق هذا المركز وهو صاحب المعركة وإمامها.

والشاطبي من النوع الثاني ولا شك، انظروا إليه كيف يتكلم؛ وكأنه يقول: هذا كتابي كله من النوع الأول (من صلب العلم)!

"ومن هنا لا يسمح للناظر في الكتاب أن ينظر فيه نظر مفيد أو مستفيد":

كيف ينظر المرء في الكتاب نظر مفيد؟ عندما يأخذ العالم كتابًا فيشرحه، هذا أخذُ مفيدٍ له، أو يأخذه من أجل أن يقرأه ليُعلِّم، ومنهج علمائنا أنهم كانوا لا يخرجون كتبهم حتى يعرضونها على أئمتهم وأقرانهم، كما فعل الإمام مسلم، والإمام البخاري وغيرهم، كانوا قبل أن يخرجوا كتبهم إلى الوراقين ويسمعوها لتلاميذهم؛ يعرضونها على الأئمة، فيأخذونها ويقرؤونها قراءة المفيد لهذا الكتاب، وقد يكون شارحًا له فهو مفيد لهذا الكتاب، قد يكون مبينًا لمشكلاته، فهذا مفيد للكتاب، وأما "مستفيد" فأنتم تعرفونها.

قال: "حتى يكون ريانًا من علم الشريعة؛ أصولها وفروعها":

الشريعة لها أصول ولها فروع، وكل علم في ديننا كذلك؛ التفسير له أصول وفروع، الحديث له أصول وفروع، الفقه له أصول وفروع، وهكذا.

"منقولها ومعقولها":

كما قال شيخ الإسلام بن تيمية -رحمة الله-: لا يوجد دليل عقلي ودليل شرعي، هذه ثنائية يرفضها أئمتنا، فما ثبت بالعقل صحته فهو دليل شرعي، كما أن ابن القيم -رحمه الله- في (الطرق الحكمية) وفي (إعلام الموقعين) أنه لا يوجد حكم سياسة وحكم شريعة، وكان الناس في زمانه يفرقون -مثل ابن عقيل-، فمثلًا القاتل قتل شبه عمد يحكمون عليه بحكم الشرع، ثم يجلدونه تعزيرًا، فيقولون: هذا حكم الشرع وهذا حكم السياسة، يقول ابن القيم: هذه قسمة ثنائية باطلة، فإذا كانت السياسة على الوجه الصحيح فهي حكم الشرع، وإذا كانت سياسة باطلة فليست من الشرع في شيء.

إذًا لا يوجد عقل ونقل، ما ثبت بالعقل صحته فهو دليلٌ نقلي، الشرع يثبته، وإذا كان الحكم صحيحًا فإن الشرع يثبته، وكذلك يتكلم في (الطرق الحكمية) عن الأدلة، أن كل دليل يوصل إلى الحق فهو دليل شرعي، ولا يُقتصر فيه على ما هو منصوص عليه من الإقرار والرؤية إلى آخره، بل كما حكم: {إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ}، {فَصَدَقَتْ}، هذا دليل لم يره، لكنه حكم بالقرائن، فلما كانت القرائن موصلة إلى الحقيقة؛ كانت أدلة شرعية، والشرع قتل باللوث -وهي الأيمان-، والأيمان هي مجرد حكم باللوَّث (بالقرائن)، ولما كانت القرائن موصلة للحقيقة؛ كانت دليلاً شرعيًا، فلا يقتصر على ما هو منصوص عليه، بل كل دليل يوصل إلى الحقيقة فهو دليل شرعي. إذن هذه ثنائية غير مقبولة، والألفاظ والأسماء لعبة قديمة وإبليسية.

قال: "غير مخلد إلى التقليد":

هذا الشرط الأول، الذي يقرأ مثل هذه الكتب لا ينفعه أن يكون مغلق ذهنه.

قال: "غير مخلد إلى التقليد والتعصب للمذهب":

التعصب للمذهب باطل من كل وجه، والفرق بين التعصب والتقليد هو أن التعصب مذموم من كل وجه، والتقليد مرتبة من مراتب التعبد يحتاج إليها الناس ولا يمكن أن يلغيها لاغٍ، حتى ابن حزم الذي يحرم التقليد يصير في المرتبة التي يطالب بها العوام إلى معنى التقليد لزومًا؛ فالتقليد مرتبة من مراتب التعبد، أما التعصب فلا يجوز، وخاصة للمقلد.

قال: "فإنه إن كان هكذا":

أي كان غير ريان من علم الشريعة وأصولها وفروعها منقولها ومعقولها، أو مخلد للتقليد أو التعصب.

"خيف عليه أن ينقلب عليه ما أُودِع فيه فتنة":

مثل ما قال علي -رضي الله تعالى عنه-: "حدثوا الناس بما يفهمون"، فإذا حدثهم بغير ما يفهمون قد يكون حديثًا وقد تكون آية، ولكنهم لا يفهمون هذا الوجه، ولا يفهمونها على الوجه الصحيح، وهذا يؤدي إلى تكذيب الله. فأحاديث النبي والآيات القرآنية كلها حق، لكن قد يضعها المرء غير مواضعها وتصبح فتنة للناس.

قال: "خيف عليه أن ينقلب عليه ما أُودِع فيه فتنة بالعرض":

ما هو العرض وما هو الجوهر؟ كل شيء في الوجود فيه عرض وفيه جوهر، والعرض من الاعتراض: "رجل يعرض له"، يعني يثبت ولا يدوم؛ اللون يثبت ولا يدوم، الطول يثبت ولا يدوم، الرائحة، الطول، العرض، فالعرض هو ما كان صفة ليست لازمة على الدوام، أما الذات أو الجوهر فهو صفة ثابتة لا تتغير. فالشيء في ذاته قد يكون حقًا، لكن يعرض له من العوارض ما يجعله باطلًا ليس لأنه باطل في ذاته؛ لكن لأنه وضع في غير موضعه، وهذا يشرحه حديث النبي ﷺ: (أيأتي الخير بالشر؟)، سكت رسول الله طويلًا ثم قال: (أين السائل؟)، قال الرجل: أنا، فقال له ﷺ: (لا يأتي الخير إلا بالخير)، لكن كيف الدنيا وهي نعمة تحدث فتنة؟ فذكر النبي مثالًا عظيمًا وقف فيه العلماء حتى أن بعضهم من أهل اللغة قال: هذا مثال لا يفهم إلا بالكل، فذكر شأن آكلة الخضر، أنها أكلت حتى انتفخت خاصرتاها ثم جلست في عين الشمس فثلطت أو بالت، فقال: هذا شأن الدنيا. فهذا خير في ذاته مطلق، ولكن ما الذي أصاب هذا الخير ليكون شرًا؟

أولًّا: أخذه أكثر من حاجته، والشيء لا بد أن يؤخذ بمقداره، فمن أخذ أكثر من اللازم يمرض، ومن أخذ أقل من اللازم لا يبرأ، كالرجل الذي قال له ﷺ: (اسقه عسلًا)، المشكلة في عدم الكفاية، قال ابن القيم: "وهذا دليل على أن ليس مطلق الدواء يحصل به الشفاء"، وهذا ذكرناه في قضية الدعاء؛ لما دعى ففتح لهم قسم لم يستطيعوا الخروج منه لكن فتح، ثم دعا الثاني ففتح، وهكذا. فلا بد أولًّا من أن يأخذه بكفايته.

وثانيًا: لا بد أن يعمل فيه السنة، أي إزالة الباطل منه بسبب اختلاطه بغيره: "ثلطت أو بالت" فخرج منها شرها، أين الشر في المال؟ في إخراج زكاته، الصدقة، إنفاقه في حله، فالمال خير، لكن لو أبقاه لأهلكه، وهكذا.

وهذا حديث للأسف بحثت في كلام سلفنا فلم أجد من يفسره على هذا الوجه القدري، هم وضعوه تحت باب التحذير من زهرة الدنيا وزينتها، وهو يحمل هذا المعنى وهو من أول معانيه، ولكن هناك معنى أجلّ منه؛ النبي انتهى قوله من التحذير من زهرة الدنيا وزينتها، لكن الرجل سأل في قضية عظيمة، وهي كيفية حصول الشر من الخير، وهذه مسألة قدرية، فجاء الحديث ليفسر هذه المسألة التي تتعلق بقدر الخير في الوجود: كيف يحصل من الخير الشر.

الجهاد خير لأن الله أمر به، هل يمكن أن يحصل به الشر؟ نعم، ليس لذاته ولكن لعرضه، ولذلك هذه مسألة ينبغي أن تُعلمنا معرفة قدر الأشياء، فلا يكفي أن تعرف شرعها، لا يكفي أن تعرف الحكم أن هذا واجب أو مستحب أو حرام أو مكروه أو مباح؛ بل لا بد أن تعرف قدره.

ولذلك حديث القرآن مع الأنبياء هو حديث عن أقدارهم، ولم يتكلم أحد كثيرًا عن هذا. ورحم الله الشيخ رفاعي سررور، فكتاب (قدر الدعوة) كتاب صعب، قرأته وعلمتُ كم أرهق الشيخ نفسه لصعوبة هذا الباب، هو تكلم عن قدر الدعوة إلى الله: ما هو قدرها، كيف يمكن أن يرسم وجودها وأحوالها؟ وكما ذكر الشيخ شاكر: إذا بدأ المرء في هذه الأمور وبدأ في إرساء معالمها؛ لا يستطيع أن يقدمها تقديمًا كاملًا، وكتاب (قدر الدعوة) مرهق، أنا كنت وأنا أقرأ فيه أحس بالحزن على كاتبه، لأنه كلام عن قدر الدعوة، كما أن حديث النبي في الخير والشر هو حديث عن قدر الخير؛ عن الخير كيف يصبح شرًا، وكيف يحقق الخير لازمه من الخير.ف هذا لا بد أن نتعلمه، وهو جزء من قضية فقه العلم.

فالشيخ يقول أن الشيء قد يكون حقًا في ذاته باطلًا في عرضه، والذين يريدون تغيير المناهج لعدم إصابتها هم ضلال مخطئون؛ المنهج صحيح، الخطأ فيهم. كما يريد أن يفعل الناس مع الدعوة، ومع الجهاد، ومع حركة الإسلام في الوجود لتحقيق نصر الله: إذا عملوا عملًا وفشل؛ يطلبون تغيير الطريق، إذا رأوا أن قراءة الفقه لا تصنع عالِمًا ولا قائدًا؛ قالوا: إذًا الفقه لا ينفع، إذا رأوا رجلًا سلك طريقًا من طرق الحق، فبطل؛ أبطلوا الطريق، مع أن الأصل قراءة ما أدخله هذا الرجل من أقدار باطلة في هذا الطريق، فالحق يجب أن نمكث فيه، وإن حصل مع الحق شيء من الغلط وشيء من الباطل؛ فلا يوجب ولا يجيز هذا تغيير الحق، المشكلة أنك زدت ونقصت وأدخلت عليه ما ليس فيه، هذا واحد.

الشيء الثاني: يجب أن تعرف قدر الشيء، فلما مات أصحاب الأخدود؛ هل انتصروا أم انهزموا؟ مفهوم النصر والهزيمة عند الناس مفهوم باطل، وهذا يجب أن نفهمه لأنه من قدر الحق؛ من قدر الحق أن يموت العالم تحت السياط، من قدر العالم أن يشنق، فلا يغير ويبدل من أجل هذا، هذا لا يعرف أقدار الحق، فتعلم قدر الشيء يجب أن يكون ملازمًا لمعرفتك للشيء.

 

المقدمة العاشرة:

"إذا تعاضد النقل والعقل على المسائل الشرعية؛ فعلى شرط أن يتقدم النقل فيكون متبوعا، ويتأخر العقل فيكون تابعا، فلا يسرح العقل في مجال النظر إلا بقدر ما يسرحه النقل":

هذه كلمة من الشيخ عظيمة، لكن نجد أن بعض المعلقين الجهال أول ما تفزع نفوسهم للتعليق على هذه الكلمة؛ ينقلون كلام العلماء في علاقة العقل مع النقل مما يقال في مسائل التوحيد من أن العقل الصريح هو ملتقٍ مع النقل الصريح -قاعدة شيخ الإسلام (درء تعارض العقل والنقل)-، والشيخ لا يتحدث هنا عن هذه المسألة، بل يتحدث عن الفقه، وفي الفقه العقل دوره أن يفهم، لا أن يُنشئ.

فالشيخ يقول هنا أنه في علاقة العقل مع النقل في الفقه؛ يكون النقل هو الأول، فلا يمكن أن يعرفك أحد بما يحب أحد آخر إلا بأن يحدثك هذا الآخر عن نفسه، وما هو الفقه؟ هو حديث الله عما يحب وعما يبغض، ولا يمكن أن نعرف ماذا يحب الله وماذا يبغض إلا بأن يحدثنا هو -جل في علاه- عنه، فإذا أردنا أن نوافق الرب -سبحانه وتعالى- فيما يحب وما يبغض؛ فعلينا أن نأخذ منه، ودور عقولنا إذن هو أن نفهم هذا الخطاب الذي يحمل حب الله وبغضه.

لما يصير المرء متضلعا وريانا وعالمًا بأصول ما يحب الله وما يبغض؛ يمكن -إذا اشتبه الأمر- أن يجتهد في معرفة ما يحب الله وما يبغض، وهذا لدقته ولخفائه، والذي يستطيع أن يعرف هذا هو من عاش مع الحب الواضح، ومن ابتعد عن البغض الواضح، فحينئذ يستطيع أن يتحدث حديث المكتشف.

ولذلك القياس يخطئ، والقياس ليس دليلًا شرعيًا، بل هو كاشف عن الدليل، هو لا ينشئ حكمًا، ولكن لما غابت معرفة النص؛ أردنا أن نقارب ما يحب الله وما يبغض، فاحتجنا للقياس ليكشف لنا الدليل، فهو يكشف لنا عن الحكم الذي خفي عنا، إذًا تعاضد النقل والعقل على المسائل الشرعية، تعاضدا أي اتفقا وتقاويا.

"فعلى شرط أن يتقدم النقل فيكون متبوعا، ويتأخر العقل فيكون تابعا":

لعلمائنا كلام رائع، قالوا أن العقل دلنا على صحة النقل، فلما أسلمنا إليه استقام. طبعًا لا نريد أن نخوض في التحسين والتقبيح العقلي.

قال: "فلا يسرح العقل في مجال النظر إلا بقدر ما يسرحه النقل":

النقل هو الذي سمح لنا بالقياس، فلا نذهب إلى العقل لأن هذا القياس أمر عقلي، فما الذي سمح لنا أن نعمله؟ فلا يسرح العقل في مجال النظر إلا بقدر ما يسرحه النقل هو من سمح له.

"والدليل على ذلك أمور:

الأول: أنه لو جاز للعقل تخطي مأخذ النقل؛ لم يكن للحد الذي حده النقل فائدة":

هذا ما يسمى بالدور، يقول لو جاز للعقل تخطي ما حده النقل؛ لم يكن للحد الذي حده النقل فائدة، لأن النقل هو الذي حد لنا مساحة العقل، فلو أنه تجاوزه؛ لصار الفرع حاكمًا على الأصل وهذا لا يجوز.

"لأن الفرض أنه حد له حدًا":

يقول لأننا افترضنا بأن النقل هو الذي حد مجال العقل.

"فإذا جاز تعديه صار الحد غير مفيد، وذلك في الشريعة باطل وما أدى إليه مثله":

أي ما أدى إلى الباطل باطل.

"والثاني ما تبين في علم الكلام والأصول من أن العقل لا يحسن ولا يقبح، ولو فرضناه متعديًا لما حده الشرع؛ لكان محسنا ومقبحا، هذا خلف":

هذه جملة سنشرحها بما قاله المحققون فيه.

جزاكم الله خيرًا وبارك الله فيكم والحمد لله رب العالمين، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.