JustPaste.it

 

بسم الله الرحمن الرحيم 

 

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على إمام المجاهدين وقائد الغر المحجلين محمد بن عبد الله أما بعد:

 

الحمد لله الذي جعل خلف راية الجهاد الشخصيات العظيمة والرموز المضحية من أجل إعلاء كلمة الحق، أولئك الصادقون المخلصون من أمة الإسلام الذين ما انقطع منهم عهد ولا خلا منهم زمان؛ وبعد:

 

فهذه بعض المظاهر والأخطاء التي يجب التنبه لها في المسيرة الجهادية كي يتجنبها المجاهد الذي يسعى ويجتهد لبسط حكم الله في أرضه وليس عيبا أو عارا أن يخطيء المجاهد ثم يرجع للحق والصواب؛ ولكن العيب أن يستمر في الخطأ ولا يستفيد منه ولهذا يكثر الإنسان من الدعاء: (اللهم أرنا الحق حقا، وارزقنا أتباعه وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه).

 

1- الحزبية المقيتة؛ التي انتقلت من الحركات الاسلامية الدعوية الى المشروع الجهادي وهي أخطر شيء بحيث يتحول الانتصار للأمة الإسلامية إلى انتصار للحزب والجماعة فينتج عنه التباغض والتحاسد والشح والتدابر وقد يصل إلى الظلم والكذب وإسقاط الرموز الجهادية المشهود لهم بالخير حتى يثبت أن فصيله هو الأفضل والقادر على قيادة الجهاد ولن يقف الأمر بهم إلا بسفك الدماء وخداع النفس باتباع الظن وباطل التأويل.

 

2-منظومة الرأي؛ الجهاد ما لم يقع أمره على تنظيم سليم لقيادة الرأي و على رأسهم العلماء والعارفون فيكون المجاهدون لهم تباعاً ويقدمون كلمتهم فلن يكون الجهاد رشيداً أبداً، فمن المهم الحفاظ على منظومة الرأي في الأمة والتيار الجهادي، وهذه الأمة مازال يقودها أئمة العلم المعرفون بالعلم والعدالة والمعرفة والوعي يأخذونها لصواب الرأي وسلامة النواة ولم يكن في تاريخها لأهل الجهل والجهالة أي منزلة فإن أعطي أهل الجهل والجهالة منزلة في الدين والعلم والقيادة والرأي كان هذا ازدراء لمنزلة النبوة وحطاً من مكانة الوحي، وقد علمت أمتنا أن قيادة الرأي هي أخطر منزلة والخلل فيها يسبب دماراً للتيار الجهادي ولذا فمن الضروري أن يكون العلماء والأئمة في المقدمة يستنير الناس بآرائهم ويجعل الناس تبع لهم امتثالاً لقوله تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) وقوله صلى الله عليه وسلم: (العلماء ورثة الأنبياء) فإن تسلط أهل الجهل والغوغاء على قيادة الرأي واستلموا خطامه وتملكوا زمامه يُقَيِمُونَ العلماء والمفكرين واهل السبق في الجهاد والهجرة يحطون من قدر هذا ويرفعون ذاك ويخطئون من عارضهم ويخططون و يُنَظِرُون حتى تمتليء الساحة بالفوضى الفكرية والعبث بالعقول والمدارك فتصبح الأمة بلا قيادة.

 

3-التجنيد العشوائي داخل التيار الجهادي؛ عبر التساهل في قبول المنتمين للمشروع الجهادي من غير شروط فكرية أو سلوكية ولا قطع مراحل تربوية، وهذا الداء يسري في الجهاد عندما تتساهل القيادة في النظام الأمني لأنها راغبة في الاستعجال في قطف الثمرة وتريد تكثير العدد في ساحة تتصاعد فيها المنافسة أو تريد البروز الإعلامي السريع وأخطر ما يحمله هذا الداء أنه يحول جبهة الجهاد الى مشروع مخترق يتنافس على استغلاله قوة خارجية كلٌ منها يريد أن يوجه مشروع الجهاد الى حيث هو ويحصد الثمرة فيه فتضيع دماء المخلصين فيه هدراً وتهدر معها أهداف الجهاد ومن ينظر لمسيرة الرسول -صلى الله عليه وسلم- يرى بجلاء كيف أقام هرم مشروعه على قواعد متينة من رجال هم القمم فباشر تربيتهم بنفسه (وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ).

 

 

4- المؤامرة؛ عندما تسيطر نظرية المؤامرة وعلى موجبها يوسم كل من نقد أو أراد النصح للتيار الجهادي بأنه مؤامرة أو يعمل ضمن مؤامرة، وهذا المرض سببه الاعتزاز بالنفس وتضخيمها لمشروعها الجهادي فيتعامل مع مشروعه كأنه الأمل الوحيد المعصوم ومن أشنع آثار ذلك أن يغلق على نفسه ولا يقبل النصح والنقد والتوجيه ويتخيل أن الجميع في دائرة المؤامرة عليه ويترجم كل موقف يعارضه أنه مدفوع من قبل أعدائه، ويزيد استحكام المعضلة مع الزخم الإعلامي الذي يمدحه أو يتحدث عن خطره فحينها ستتراكم الأخطاء وتتعاظم حتى تقضي على المشروع الجهادي.

 

5-البيئه الحاضنة؛ كما هو معلوم أن المشروع الجهادي ليس مشروع تنفيس عنفي مجردا بلا غاية، ولا هو كذلك مجرد ردات فعل انتقامية، ولا استعراض عضلات ولا بطولات هشة سرعان ما تنقلب إلى حطام، ولا إبداء عنتريات لمجرد إظهار القوة؛ بل هو مشروع  أمة تريد النهوض وتحكيم شرع الله في أرضه فإن لم تتوفر البيئة الحاضنة فهذا المشروع ليس بناجح للتغير إلا أن يشاء الله؛ ولهذا لم تنجح مشاريع الصدام مع الحكومات المرتدة لأنها فقدت البيئة الحاضنة لها، بخلاف المشاريع المقاومة والمناهضة و المجاهدة للاحتلال فإنها تدوم إن شاء الله، ولو نظرنا لسيرة نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- الذي جند الله له ملائكة السماء ومعه الوعد الإلهي بالنصر وأنصاره في مكة أشجع الناس وأصبرهم وأمضاهم على الجهاد ومع كل ذلك أمر أصحابه بكف الأيدي والصبر حتى انتقل إلى بيئة تحتضن مشروعه فانطلق منها راشداً مستكملاً الرسالة عبر مراحلها لتصل إلى أهدافها.

وهذه النظرية القاصرة التي تنتشر ويروج لها ولا تهتم بالحاضنة الشعبية لمشروع الجهاد بحيث ينطلقون بحماسة عشوائية في غير بيئة تحتضنهم وسرعان ما يجدون أنفسهم في صدام مع المجتمع لا مع العدو الحقيقي وهو المحتل لبلاد الاسلام بينما يفترض بالمجاهد أنه استعد وأعد وخرج من أجل قتال العدو الغازي لبلاد الإسلام وليس لقتال أهل الإسلام وبهذا الحال يجد العدو الكافر -وهو يملك كل وسائل الإعلام والتأثير على المجتمع- فرصة لفرض وجهة المعركة وساحتها وطبيعتها وقد يتطور هذا الصدام بالمشروع إلى تخبط فكري مشوب بانكفاء نفسي مخيف لدى المشروع الجهادي وقد يتحول إلى غلو بشع ثم لنهاية مأساوية دموية أو تؤدي الصدمة إلى التراجع إلى الضد وترك الدين والجهاد، فيحرق هذا المشروع الخاطئ ما وضع من بذور وما غرس من فسائل كثيرة لو أنها وضعت في مشروع ناجح لأينعت ثمارها سريعاً، ومثال ذلك قصة الحسين رضي الله عنه فقد أشار أهل السابقة من الصحابة على الحسين رضي الله عنهم أن البيئة لا تصلح لما تريد، فلما مالت نفسه إلى الاستراحة والاطمئنان أن نصرهُ منوطٌ بكونه على الحق وثم بمكانته في الأمة فقط وعلو منزلته فرط في تدابير النجاح فَذُبِحَ الحسين وهو سبط النبي -صلى الله عليه وسلم- فكيف بغيره.

وبهذا نقول أن النصر لن ينزل على المجاهدين لأنهم مخلصون فحسب؛ فإذا استعدوا وحاربوا بيئتهم بسبب عجلتهم الجائشة وسهامهم الطائشة ولم يفهموا كيف يكون كسب الناس ولو بترك قتل من يستحق القتل ولو بدفع مفسدة أعظم، إذا لم يعوا كل ذلك؛ فسيذبحون ويذبح معهم مشروعهم.

 

6- يجب أن يكون لمشروع الجهاد وزن وقيمة؛ فسيرة نبينا -صلى الله عليه وسلم- فيها مواقف كثيرة تتجلى فيها هذه الناحية فمن ذلك أنه سمع أشنع كلمة وأقبحها ومن رأس المنافقين عبدالله ابن أبي: (يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ) فقال عمر -رضى الله عنه- دعني أضرب عنق هذا الخبيث فقال: -صلى الله عليه وسلم: (دعه لا يتحدث الناس أن محمداً يقتل أصحابه) فإذا كان النبي- صلى الله عليه وسلم- تحمل هذه الإساءة البالغة وترك من قال هذه الكلمات التي وصفها الله بقوله: ( ... وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلَامِهِمْ) لأجل الحفاظ على سمعة المشروع من أن تشوه بالإشاعات والدعايات، هذا وهو رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- فكيف بنا نحن؟

لقد كان يعفو عمن هم بقتله ليستفيد بذلك حسن الدعاية له ولرسالته وقد جاء في كتب الحديث والسيرة عن جابر رضى الله عنه قال: (غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم غزوة فجاء رجل منهم يقال له غورث بن الحارث حتى قام على رسول الله بالسيف وقال: (من يمنعك مني؟) قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (الله) فسقط السيف من يده فأخذه النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (من يمنعك مني؟) فقال: (كن خير آخذ) فقال رسول الله: (فاشهد أنه لا إله إلا الله) قال الأعرابي: (لا غير أني أعاهدك ألا أقاتلك ولا أكون مع قوم يقاتلونك) فخلى سبيله. وفي رواية قال عندما رجع لأصحابه جئتكم من عند خير الناس.

ولهذا كانت عناوين الإسلام العامة تلقي في نفوس الناس الاطمئنان والراحة والاستبشار فالإسلام من السلم والإيمان من الأمن والإحسان أعلى منازل الدين كما أن الرحمة شعاره -صلى الله عليه وآله وسلم- قال الله تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ) والخيرية منارة قال تعالى: ( كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ...) وكذلك قال الله تعالى: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا...) فالوسطية هي الخيرية حتى تتقبلها نفوس البشر ولهذا كان الجهاد ذا أهداف ترجع إلى تحقيق هذه المعاني فحسب ولم يكن القتل فيه مقصودا لذاته ومن هنا لم يعرف التاريخ حروبا كانت أكثر انضباطا من حروب المسلمين ولا أزكى أثرا على الناس، ويستفاد هنا أن  ظهور المشروع الجهادي على وسائل الإعلام يجب أن يكون الانطباع العام فيه والأشد وضوحاً عليه هو إبراز رسالة الإسلام السامية وإن احتيج لإرهاب العدو أحياناً فليكن ولكن؛ لا تطغى هذه الصورة على الإطار العام الذي ذكر سابقا.

إن الجهاد هو مشروع إصلاحي ورحمة وخير وهو مشروع أمة تدافع عن حقها وأراضيها المغتصبة من اليهود والنصارى ولهذا جعل الله سبحانه الخيرية في هذه الأمة معياراً فما شاع عند خواص الأمة وعلمائها من استحسان وقبول فهو علامة على الخير و العكس بالعكس وقال عبدالله بن مسعود: (فما رآه المسلمون حسناً فهو عند الله حسن) وجعل رسولنا -صلى الله عليه وسلم- عاجل بشرى المؤمن شكر الأمة لعمله ويجعل الله في قلوب عبادة قبولاً لمن يحبه ولا يمكن لمشروع أن ينجح بالقوة وحدها متجاهلا قبول الناس وحسن استقبالهم له وأثر سمعته الطيبة في نفوسهم، فكيف إذا كان هذا المشروع مشروع أمة الخير والرحمة والإحسان، وقد روي في الحديث عن صلاة من أم قوماً وهم له كارهون أن صلاته محجوبة! وشر الحكام من يلعن الناس و يلعنونه، ومعلوم أن الطغاة مهما حاولوا تشويه سمعة أهل الجهاد يفشلون  ما داموا يكذبون دفاعاً عن باطلهم وإرضاء لأعداء الأمة وستبقى الأمة إلا الذين في قلوبهم مرض وكذلك الغوغاء في ريب مما يقوله الطغاة وأن التعاطف مع القائم بالحق على الطغيان مركون في نفوس الناس معقود في فطرهم حتى يقع في المشروع الجهادي الخلل فيضع بيد أعدائنا أعظم سلاح وهو إزالة غطاء القبول والتأييد له في الأمة ومعلوم أن من يلغي جهود الأمة ويتهجم على مشاريع الخير  فيها ويحتقر ما يفعله أهل الخير غيره ويشعر نفسه أنه الأمل الوحيد الرفيع والنهج الفريد المنيع معلوم أن هذا عاقبته الفشل ونهايته الخطر ومن قال هلك الناس فهو أهلكهم.

 

7-حرق المراحل و استعجال قطف الثمرة؛ فالله سبحانه وتعالى خلق الدنيا في ستة أيام والله نقل خاتم النبين عبر التمكين التام الذي مر بمراحل معلومة، فكان خطاب كل مرحلة يناسبها، ومضت الحكمة القائلة: (من استعجل شيئاً قبل أوانه عوقب بحرمانه) والجهاد لا يمكنه تحقيق هدفه من التمكين إلا بمروره عبر مراحل التمكين ولن يحقق شيء بالقفز على المراحل سوى السقوط الكبير، ففي كل مرحلة نحتاج لصياغة خطاب سياسي يناسبها من غير تنازل عن الحق ولا مداهنة لجهل الجاهلين فكذلك كانت سيرة النبي -صلى الله عليه وسلم- ومن الأمثلة صلح الحديبية فقد وضع هذه الوثيقة عليه الصلاة والسلام بحيث بدأ ظاهرها عند أحسن الناس فهما أنها مجحفة للطرف الإسلامي وكانت في حقيقتها فتحاً مبيناً وكان خطابها قد اقتضى أن يؤجل الصدام مع أشد الناس عداوة له وأن يدخل في حلف مع من لا يؤمن برسالته فقد دخلت خزاعة في حلفه واستغل هذه المرحلة ليخضع من حول دولته من الأعراب والقبائل ثم بعد فتح مكة انتقل لمرحلة ما وراء جزيرة العرب وهكذا كانت سيرته ولا يستفيد الذين يقفزون إلى اسم التمكين دون مسماه وإلى شعاره دون حقيقة سوى خداع النفس وإلهائها بالأماني، فإذا قالوا نحن نريد استباق الصراع الداخلي؛ فإن هذا ليس هو الحل لما يتوقع من الصراع الداخلي بل هو استجلاب له فلا يمنع من الصراع على ثمرات الجهاد إلا ائتلاف الكلمة وتصافي القلوب ووحدة الأهداف وتقارب الرؤى وتلك مهمة قيادات من ذوي الرأي والحلم و العلم فهذه هي التي تجلب العواقب الرشيدة وليس السلاح والدماء بين أهل الجهاد فهي لا تجلب إلا مزيداً من الخراب وهذا ما عرفه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وابنه الحسن رضى الله عنهما فتركا الاحتكام إلى السلاح في عاقبة أمرهما وآثرا العصمة من الدماء رغم أنهما في قتال هما فيه على الحق لكن كانت عاقبة المفسدة أعظم من المصلحة فكيف بقتالٍ غير قتالهما وجيلٍ غير جيلهما.

 

8-الأخلاق؛ فالله سبحانه وصف نبيه أنه على خلق عظيم ووصف رسالته بقوله: (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق) ولهذا جاءت بعد آيات التوحيد  آيات الإحسان لليتم وإكرام الضيف وإغاثة الملهوف وإنقاذ الموؤدة وإطعام المسكين وكان -صلى الله عليه وسلم- يعين على نوائب الحق وأنه الصادق الأمين وأخذ أول قرار له بعد التمكين فكان العفو عن أعدائه حتى تلك التي أكلت كبد عمه، وإنما يسود الناس بمكارم الأخلاق وإن ذهبت أخلاقهم ذهبوا ولئن تولى زمام الأمة قوم قلوبهم غليظة لا أحلام لهم ولا يكرمون كريماً ولا ينزلون الناس منازلهم ولا يعرفون لذوي الحقوق حقوقهم ولا لذوي الهيئات مكانتهم في المجتمع فإنها ستضيع مصالح الأمة نتيجة عبث هؤلاء،

وإن من حكمة الله أن يسخر لنصرة دينه ولإعلاء كلمته من جمع الدين والخلق ولهذا انظروا في الناس فمن رأيتموهم زينهم الله تعالى بمكارم الأخلاق وحلاهم بحليتها فاعلموا أنه سيسودهم بدينه ويمكنهم به لا محالة ومن رأيتموهم خلاف ذلك فسيضمحلون لا محالة .

 

9-الواقع ومعادلة الصراع؛ يجب على المجاهدين خاصة معرفة الواقع ومعادلة الصراع ومشاريع الأعداء ووعيها الوعي المطلوب فالله سبحانه قد وضع للحياة سنناً وجعل لها أسباباً تثمر مسبباتها فمن أخذ بأسباب النجاح أثمرت له ثمارها ومن فرط فيها تشتت عليه شمله وضاع عليه هدفه، حتى الأنبياء أمروا في صراعهم مع أعدائهم أن يأخذوا بهذه الأسباب ولهذا لما حصل التقصير فيها في معسكرهم حبس عنهم النصر  كما في قصة غزوة أحد حتى نزل قوله تعالى: (أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ).

 

وإن من أعظم ما يفرح الطغاة ويستفيدون منه مشروع جهادي جاهل بواقع الحياة يضاف إليها غفلة تامة بمعادلة الصراع في بيئة ساذجة سياسيا لا يدري عن مشاريع الأعداء وطرق مكرهم وكيدهم فينظر العدو إلى هذا المشروع على أنه مادة خام لتكريس طغيانهم أو لحرق المشروع الجهادي واستغلاله في إيجاد توازنات يحتاجها العدو أو تغيير توازنات موجودة إلى حيث يستفيد من هذا التغيير أو يحرق المشروع الجهادي في صراع آخر فيقف بعد ذلك على حطامهم محققاً أهدافاً طاغوتية لم يكن يحلم بتحقيقها لولا سذاجة القائمين على المشروع الجهادي ولهذا يمكن توظيف الجهاد للقوى المعادية للإسلام و هذا أمر يمكن حصوله بل هو واقعٌ اليوم في بعض الصور.

 

 ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا **** ويأتيك بالأنباء من لم تزودِ

 

ولهذا فإن المشروع الجهادي إن لم يكن واعياً بكل تداخلات وتجاذبات الواقع الذي تتصارع فيه القوى الدولية والإقليمية في ساعة وجودها فهو مفرط في أعظم أسباب النجاح؛ لأن معرفة العدو أعظم قوة، ولن يجني المشروع الجهادي إذا فرط بهذه المعرفة إلا على نفسه، ثم إن أمة الإسلام هي أمة العلم والوعي والمعرفة، وليس المسلم مطالباً بأن يسلك مشاريع جاهلة وأن يؤيد من يفرط فيما أمر به الله سبحانه من الإعداد فيجني ثمار تفريطه على نفسه وعلى الأمة، إنما يطالب المرء بسلوك المشاريع التي يرى أنها استكملت أسبابها الرشيدة. 

 

                                   _______*****______

 

وهنا لو نظرنا وعشنا واقعنا لوجدنا أغلب هذه النقاط والأخطاء التي ذكرتها سابقاً هي التي يقع فيها بعض المجاهدين، ثم جاءت دولة العراق وغلت وتنطعت وتشعبت فيها أكثر حتى قسمت أمة الإسلام إلى فسطاطين إما معنا أو ضدنا، فإن كنت معهم كنت أنت الناجي وإن كنت ضدهم فأنت حلال الدم والمال وهذا من قول العدناني عندما قال: (من أراد شق صفكم فأفلقوا رأسه وأخرجوا ما فيه) ثم جاء قول البغدادي ونفي التوحيد عن أهل اليمن وأبطل الجماعات المجاهدة، وهذه نتيجة المرض الفكري المتصاعد معهم؛ بدأ بتحليل الدماء بحجة قتل المصلحة ثم بتكفير المسلمين وقتلهم وأخذ أموالهم وبيوتهم .. الخ.

ولو سلمنا أن البغدادي خلفية للمسلمين أو لقطر من الأقطار وعنده السلطان والقوة والشوكة واتفق عليه أهل الحل والعقد وأهل هذا القطر بايعوه واعتبروه إماما لهم ويسمعون له ويطيعون فهل إن خرج من يعارض الإمام جاز له تكفيرهم وقتلهم وأخذ أموالهم والاجهاز على جريحهم ويقتل الأسير وقبلها يعذبه؟!

فهل البغاة كفار؟ حتى يتم التعامل معهم مثل معاملة الكافر!

وهناك مراحل في التعامل مع البغاة هل عندهم شوكة أو لا؟ أم هم مجرد معارضين يستطيع الخليفة البغدادي أن يطردهم أو يفرقهم أو يسجنهم وليس الحل أن يقتل كل من خالفه، وبهذا يتبين أن دولة العراق ترى أن كل من خالفهم وقاتلهم مرتد كافر. 

وإلا لماذا تطبق احكام قتال الكفرة والمرتدين على المسلمين ؟!

ومن خلال خطابات الدولة وكذلك جلوسي معهم تبين لي أنهم أهل كذب وخبث ومكر وحيلة وخيانة وهذه كلها من موانع الهداية فنسأل الله العافية والسلامة، فلم يصدقوا بوعد ولا عهد وقد أقسم البغدادي بالله العظيم أمامي وبحضور العدناني ونائبه أبو علي الأنباري وغيرهم من شورى الدولة فقال: (أقسم بالله العظيم لو جاء قرار الدكتور أيمن أن أرجع للعراق أسمع وأطيع وأرجع للعراق وهو مثل الجبل من الهم على صدري وأسلم لهم قيادة الشام يقصد لجبهة النصرة) ثم قال: (لكن الشام ليس بأيدي أمينة يقصد جماعة الجولاني لأنه يسميهم شرذمة الجولاني)

وفي جلسة ثانيه سألت البغدادي هل أنت مبايع للدكتور أيمن؟ 

قال: (نعم) ثم ذكر لي نص حديث البيعة كما جاءت في حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، واعلم وأنتم تعلمون أن الفتنة عمت وطمت والآن الجيل الثالث من المجاهدين متأثرون بفكر الدولة وهذا يرجع لعدة أسباب منها قوة إعلام الدولة وسبب آخر يرجع لسكوت قيادات تنظيم القاعدة فظهر التنظيم أنه ضعيف والدولة صوتها الأعلى بخطابات العدناني العنترية فسكوت قيادات تنظيم القاعدة وعدم تبيان خطأ منهجية الدولة جعل شباب الأمة يتجه لهم فهنا ضاعت الأمانة بالصمت القاتل للتيار الجهادي ثم سبب آخر جعل من الدولة قوة هو شراء الناس بالأموال التي يملكونها إن كانت غنائم أو أموال النفط أو أموال المسلمين المسروقة بحجة أنهم مرتدون فجعل الدولة تملك أموال وتشتري ذمم المجاهدين والمسلمين بالأموال وخاصة إن كان الطرف المقابل بحاجة ماسة للأموال وبهذا السبب يعملون دعاية ضد تنظيم القاعدة أنه انتهى ولا يساعد جنوده وأفراده وأنه أصبح ضعيفاً ولكن ربك بالمرصاد لأنهم من قبل كانوا كذلك لا يملكون الأموال فمن الله عليهم وزادهم من فضله ثم بغوا في الأرض وعاثوا فيها الفساد ولم يجعلوا الأموال التي تنفق خالصة لله من أجل نصرة الدين والمستضعفين من المسلمين بل جعلوها من أجل تفريق صف المسلمين والتصدي والصد لكل من خالف مشروعهم.

 

إخواني الكرام؛ لو أسترسل في الحديث وأكتب لكم وأنقل ما يقع من إجرام بحق المسلمين المغلوب على أمرهم فلن أنتهي، فقد هربوا من طغيان الرافضة والنصيرية فوقعوا في طغيان الدولة فلم ترحمهم ولم تـنصرهم لأنهم يتبعون أهوائهم ويريدون تحقيق أهدافهم الوهمية المزعومة كما قال العدناني فنحن نعلن الخلافة ولو بقيت يوماً أو يومين أي أنه لا يهمه كيف تكون العاقبة ولكن المهم عندهم أن يسجل التاريخ تم اعلان خلافة موهومة في وقتهم.

 

وواقع الدولة اليوم أنهم ينقسمون إلى أربعة أقسام:

1. قسم استخباراتي يقوم بتمرير ما يريده من خلال دخوله على التيار الجهادي فينفذ ثلاث خطوات مهمه:

أ‌.  تنفير المسلمين من المجاهدين بسبب الإجرام الممنهج الذي يمارس ضد المسلمين وبهذا تجد عوام المسلمين يرون الطغاة أرحم لهم من المجاهدين بحكم أنهم وجهان لعلمه واحدة. 

ب‌.  تفريق صف الأمه الإسلامية وخاصة المجاهدين وتدمير التيار الجهادي من داخله بعدما عجزوا أن يدمروه من الخارج

ج‌.  تعطيل الشريعة الإسلامية بحيث تظهر أنها لا تصلح للواقع المعاصر بسبب الدعاية التي ينشرونها من خلال وسائل إعلامهم أن الشريعة هي قطع الرؤوس والمقابر الجماعية التي تظهر عشرات القتلى من المسلمين. 

 

-2- قسم منهم هم أهل غلو وتنطع وجهل فيقتلون من يريدون ولو بالشبهة والظنون والشكوك والاحتمالات وهم الخوارج الذين قال عنهم شيخ الإسلام: (لا يصلح معهم لا دين ولا دنيا)

-3- قسم منهم المنتفعين فانضموا للدولة إما من أجل مال أو منصب أو سلاح أو هربا من ثارات من خصوم لهم فلجأوا لدولة لتحميهم من الثأر.

-4- قسم منهم مجاهدون صادقون وهم من يزج بهم في الاقتحامات وصفوف القتال حتى لا يشغلون القسم الأول والقسم الثاني بالإنكار عليهم وتصحيح أخطائهم فيتم التخلص منهم بالاقتحامات وإشغالهم بالقتال. 

 

وبهذا يتبين لنا إن لم نتدارك الواقع وخطورة المرحلة التي تمر بالمجاهدين خاصة ثم بأهل السنة عامة أننا سندفع ثمناً باهضاً وغالياً، فعندما ينكشف زيف الدولة ومن خلفها كما كان الجهاد في الجزائر فسوف تقع الصدمات والارتداد لطرف الضد بسبب الفخ الذي وقع فيه المجاهدون الصادقون، أما أهل الغلو والخوارج والاستخبارات الذين يدمرون ويفرقون ويقتلون المسلمين فهؤلاء غير مأسوف عليهم ونسأل الله أن يريح البلاد والعباد منهم عاجلاً غير آجل.

 

فيا أخواني وأحبابي في الله؛ إن المسلمين يقتلون اليوم في الشام بسيف اسمه الشريعة والخلافة التي ليست على منهاج النبوة، وغداً تجدونها في اليمن ومصر والجزائر وليبيا وتونس والقوقاز والله المستعان، فإن لم نتجرد لله ونخاف الله في الأمانة التي حملناها ونبين عوار الدولة ومنهجهم الفاسد المفسد في الأرض فو الله أننا سوف نندم ولن تثق بنا أمة الإسلام بعدها أبدا إلا أن يشاء الله. 

 

فرحم الله أمرئ ذب الغيبة عن نفسه وجزاكم الله خيراً على نشر بيان الشيخ حارث النظاري فقد وضح وبين أحكام كثيرة لكن لسان حال الواقع يقول للأسف جاء الخطاب بعدما وصلت الضربة للعظم، ولماذا ما تكلموا من قبل وبينوا أحكام خلافة البغدادي المزيفة ولهذا يجب أن نرجع ثقة شباب الأمة العاقل الواعي الواثق بقيادة الجهاد بحيث لا نؤجل الخطاب عن وقته من أجل مسك العصا من الوسط فهذه السياسة لم تعد تجدي نفعاً أمام سلوكيات وحماقة الدولة فأحياناً يجب أن يرد على الحمق لأنه يثير الشبهات وكذلك ربما يلج للقوة معه كما فعل عمر بن الخطاب رضى الله عنه في الرجل الذي يلقي بالشبه من المتشابه من القرآن فضربه ضرباً بالدرة فعندما جاءت فتنة الخوارج قالوا له: (أخرج الآن وتكلم) فقال: (لا)؛ لأنه مازال يتذكر ضرب عمر له بالدرة.

 

وأنتم تعلمون وضع إخوانكم وأمرائكم في خراسان فهم يمرون بوضع أمني صعب فنسأل الله أن يحفظهم وإياكم بحفظه فالأمة تنظر لكم أنتم يا أهل اليمن يا أهل الإيمان والحكمة أنتم الآن صمام أمان الجهاد نحسبكم كذلك والله حسيبكم فأنتم بيضتم وجه جهاد الأمة فحافظوا عليها، وقفوا وقفة حق ترضي الرحمن وتغيظ الشيطان بقول كلمة حق تنصر المظلوم وتأخذ على يد الظالم إن كانت بالقول اللين معهم أو القوة والشدة فهو دين الله لا محاباة فيه ولا مداهنة ولا مساومة، ونسأل الله أن يسددكم ويرشدكم لكل خير وصلاح وصواب. 

 

فهذه جملة من الانتقادات إذا أخذنا بعلاجها استطعنا أن نرشد الجهاد الإسلامي بإذن الله ولكن في النهاية نقول ونعيد ونكرر أن الجهاد في سبيل الله هو ذروة سنام الإسلام وأنه باق إلى يوم القيامة وأن المجاهدين في سبيل الله الصادقين المخلصين هم صفوة هذه الأمة وأن الأمة تتشرف بهذا المشروع وأنهم سيبقون في ذاكرة الأمة وهم خيارها ولن يذكر أحد ويكتب فوق النجوم إلا أهل الجهاد الصادقين المقاومين لأعداء الله سبحانه.

 

وصلى الله وسلم على سيدنا محمد بن عبدالله وآله وصحبه.

 

- ملاحظة:

 

مرفق مع الرسالة رسالة الشيخ أبي خالد السوري -تقبله الله- وهي التي أرسالها للدكتور أيمن أول أيام الفتنة، وكذلك تقرير عن أقوال وادعاء كل من الجبهة والدولة وكذلك قد أرسلت من قبل للدكتور ايمن -حفظه الله- وكذلك رسالة صوتية بصوت الجولاني تبين أسباب المشكلة وكذلك شهادة صوتية مسجلة بصوت (......) وأبو عبد العزيز القطري وللعلم ارسلتها من جديد لكم رغم اني ارسلتها من قبل عن طريق(......)-نائب أمير مركز الفجر- وأكرر إرسالها من باب التأكيد أنها وصلت لكم، فربما لم تصل لكم صورة الواقع الشامي بالشكل المطلوب والله المستعان.

ولقد كان لي تواصل من قبل مع الأخ (......) ولكن قطع التواصل وقيل لنا أنه قتل ثم أخ آخر تواصل معنا اسمه (......) ولكن انقطع عنا كذلك، وسلام الله على الإخوة الأحباب كلهم وكم فرحت عندما رأيت الأخ أبا الحارث العراقي معكم الحمد لله أنه بخير وسلامة فآخر عهد لنا به هو في الانسحاب من قندهار العز، نسأل الله أن يعز جنده المجاهدين وأن يعلي كلمته وهو على كل شيء قدير سبحانه.

 

ولقد كان لي مع الأخ الحبيب ابو سفيان الشهري تقبله الله تواصل معكم خاصة عندما كنت في(.........) وقدر الله بعد مقتله أن انقطعت التواصلات معكم.

وإن احتجتم أي شيء نحن نخدمكم بإذن الله وإن كان هناك جواب الله يكرمكم ويرفع قدركم على نفس طريق الأخ (.....) الذي أرسل لكم هذه الرسالة وجزاكم الله خير.

 

اخوكم .....

11-3-1436

1-1-2015

 

-هذه الرسالة من قائد خرساني مهاجر في الشام إلى الشيخ ناصر الوحيشي أمير قاعدة الجهاد في جزيرة العرب..

 

-المرفقات والشهادات التي أرسلها كاتب الرسالة مع بداية فتنة الدولة عن طويق مركز الفجر لم تصل للشيخ أبي بصير ولم تصل إلا مع هذه الرسالة..

 

-أنبه الجميع إلى توخي الحذر في التعامل مع مركز الفجر فقد ثبت لنا عمالة أحد أعضائه السابقين وقد هلك ولله الحمد وهناك تعاملات مشبوهة ومخيفة ولم تصدر من أعضاء جدد بل صدرت من أعضاء كبار في المركز والله المستعان..

 

-نشرت هذه الرسالة بعد إذن كاتبها حفظه الله.

 

أخوكم أبوعمر رفيق الأوفياء

@Alaofiea

 

لا تنسوا إخوانكم المجاهدين من الدعاء