JustPaste.it

 

 

 

سلسلة الدروس الأمنية بالسيرة النبوية (58)

كتاب المغــــــــازي (44) :

سريّة أبي سلمة إلى (عين قَطَن) ..
ومقارنة شاملة لها بمعركة "الدولة" في (عين العرب) كوباني .

....

 

انتهت غزوة أحد في شوّال ..
وكان فيها من النتائج ماذكرنا من ضياع جزء كبير من الهيبة والحرب النفسية ..
التي صنعها النبيّ صلى الله عليه وسلم طوال هذه الفترة وعمل عليها كثيراً بعد قدومه يثرب .
والتي أسّسها على أساس الفهم الجيوستراتيجي والسيكيولوجي لما حوله ..

_ ماذا حدث وكيف انتكستْ هذه الهيبة وهذا العمل بعد أُحد ..
وماذا فعل النبي ليستدرك الأمر وكيف واجه هذه الانتكاسة ؟!

(وطبعاً سنتكلم بما وصَلَنَا من سيرته صلى الله عليه وسلم فقط ..
وليت شعري لو أنّي كنت مكان المؤرخين لأرّخت كل صغيرةٍ وحركة له صلى الله عليه وسلم ..
لأن كل حركة كان فيها ذكاءً وعبقرية) .

هذا ما سنبدأ بدراسته الان ..




 

 

توطئـــــــــــــــــــــــــة :


بعد ضياع جزء من هذه الهيبة .. تصل لمسامع الجهاز الأمني النبوي ..
أن شخصاً اسمه طليحة بن خويلد الأسدي يجمع له صلى الله عليه وسلم ومعه أخوه سلمة ..
وقد جمعا من أطاعهما من قومهما بني أسد لحرب النبيّ .

(ومعلوم أنه لولا ماحدث في أُحد .. لم يكن يتجرّأ هو ولاغيره على ذلك ..
وسترى في قادم الدروس كيف تجرّأ كثيرٌ من العرب على النبي بعد أحد)

_ فالســــــــــؤال الأهمّ هنا الذي يجب أن تطرحه على نفسك ..
ما الذي كان يمنعهم قبلها من التجرّؤ عليه ؟!

هل كانوا يحبونه قبل أحد يعني ؟!!!

الجواب ببساطة :
ما كان يمنعهم هي سياسته بأبي هو وأمي وحنكته وذكاءه ودهاءه ..
وحسن فهمه الاستراتيجي وحربه النفسية ..
التي أساسهما الحرب الاستخباراتية وفهم التوازنات واللعب الاستراتيجية حوله ..
وفهم الطبيعة السيكيولوجية (الاجتماعي) للقبائل حوله ..

...

فكان يعرف العدوّ .. ودرجات أولوياته ..
ويعرف أهميّته وإمكانياته وطبيعته ودرجة حقده عليه ودوافعه لحربه ..


وبالتالي سيعرف بعد معرفة هذه الأمور ..
أيُّ عدوّه هو الأولى بالحرب أولاً ..

وسيعرف أيضاً مايلزم لكلّ عدوّ منهم من طريقة بالحرب والدفع والهزيمة .. ثانياً !

...

وسأختصر الان بسردٍ سريع لبعضِ خططه مع الكيانات والمكوّنات التي كانت تحيط به ..
ويجب عليك أنت دراسة كل الدروس في هذه السلسلة لفهم كل سيرته وذكاءه بأبي هو وأمّي .


_ فمنهم من كان يتعامل معه بأن يكتفي بحرب نفسية ترهبه ..
(الأمثلة كثيرة) .

_ ومنهم من كان يحتاج أكثر من ذلك ..
من عمليات أمنية واستخباراتية داخل عمق العدوّ وخارجه :

بهدف زعزعة الاستقرار والتوازنات أوّلاً ..
(حلفه مع خزاعة ضد قريش لاخلال التوازنات في تلك المنطقة المحيطة بمكّة ..
ومحاولة إثارة المشاكل داخل مكّة ..
بإثارة الخلافات بين قياداتها وقيادات العرب المتخالفين معها كما حصل يوم الحديبية كما سنرى)
..

أو جمع المعلومات الاستخباراتية عن العدو عسكرياً واقتصادياً (القوافل و ..) ثانياً ..
(أمثلة كثيرة جدّاً ليس أوّلها اختراق جيوش الاحزاب عن طريق حذيفة بن اليمان يوم الخندق)

أو إشاعة الاشاعات ثالثاً ..
(كما فعل العبّاس في معركة خيبر داخل مكّة كما سنرى) ..

 _ ومنهم من يحتاج عمليات اغتيال لرؤوسه رابعاً ..
(سبق وتكلمنا بالتفصيل عن ابن الأشرف وسترى لاحقاً مع سفيان الهذلي وابن الحقيق و ...)

_ ومنهم من كان  يحتاج فقط إلى تهديد بتسيير سرية له ..
(كدرسنا اليوم وهو سريّة أبو سلمة إلى طليحة وعين قطن)
وهو يعلم صلّى الله عليه وسلّم أنه لن يحدث قتال .. خامساً ..

_ ومنهم من يحتاح إلى سرية تقاتل سادساً .. (القصص كثيرة) .

_ ومنهم من كان يحاربه اقتصادياً سابعاً ..
(قطع طريق القوافل وحصاره ومهاجمة من يمرّ به من قوافل ..
بهدفين : 1- جمع المال اللزم للدولة ..
2-أحد الأهداف أيضاً العقوبات الاقتصادية المتّبعة إلى اليوم من أمريكا) ..

_ ومنهم من  كان يضّطره إلى التحالف معه صلى الله عليه وسلّم ثامناً ..
إما للحماية من هجماته أو ليحميه من هجمات غيره ..
(خزاعة دخلت بحلفه لخوفها من بني بكر عدوّتها مع أن كليهما كانا مشركين وقتها !)
أو كان يدخل في حلفه لحماية اقتصاده وقوافله من هجماته صلى الله عليه وسلم ..
(قريش تخلّت عن أحد أهم شروط الحديبية معه بسبب هجمات أبي بصير الاقتصادية عليها !!)

_ ومنهم من سلّم له حماية مساكنه التي لم تكن ذات أهمية استراتيجية له تاسعاً ..
(كيهود خيبر حيث أقرّهم على مسكنهم بخيبر التي لم تكن ذات اهمية استراتيجية له بحربه)
طبعاً أقرّهم بشرط الاذعان له ودفع المال .

_ ومنهم ...
من يحتاج إلى حرب حقيقة تُسخّر لها كل الامكانيات عاشراً ..
ويسخّر لها كل سياسته صلى الله عليه وسلم بما سبق .. لئلا يُشغل عنها !
ألا وهي حربه مع الرأس : قريش !

وقد تحدثت فيما سبق مطوّلاً عن هذا ..



وهذا كله ناتج من ذكاء النبي ودهاءه وجهده وتعبه عند بناءه الدولة وسعيه لتثبيتها ..
والتي نجح بتثبيتها أيّما نجاح بأبي هو وأمي .
رغم أنّنا قد عَلِمْنا في الدروس السابقة ..

أنّ ظروفه كانت أصعب من ظروفنا اليوم بآلاف المرات !

فكلّ هذه الأساليب استخدمها مع الكيانات والمكوّنات والدول التي حوله ..
لئلا تشغله عن الرأس .

فكان التوجه العام لسياسته العامة :
هو الحشد والتركيز على رأس أعداءه وأخطرهم ومعيار التوازنات والقوة في الجزيرة وقتها :
وهي قريش بالأمس .. "اسرائيل اليوم" .
(راجع الدروس السابقة ) .

 

 


 

فإذاً تتعلم من هذه السريّة .. ومن هذا الجمع الذي جمعه عليه طليحة الأسدي وأخوه سلمة ..
وممّا سيليه من غدرٍ وتجرّأٍ عليه صلى الله عليه وسلم من كل المكوّنات والدول التي حوله ..

تتعلّم منها كم كانت درجة الحقد عليه ..
وكم كانوا ينتظرونه على غفلةٍ واحدة وكم كانوا يخطّطون له .

_ وهذا ردٌّ على كل أحمق في زماننا يقول أن زمان النبي مختلف عن زماننا ..
وأنّ المكونات اليوم هي من تعادينا وتخطّط لنا وتريد الانقضاض علينا ..
فلذلك دخلنا بهذه الحروب معها !!


_ هذه المكوّنات والدول والطوائف ..
التي حرقت "الدولة" اليوم نفسها بحروب استنزافية
محارقَ معها ..
لافائدة منها إلا إهدارُ الطاقات وحرقُ خيرة شباب الأمة وأصدقهم وأشجعهم ؟!!

وسارت بالضبط كما هو تخطّط لها أجهزة الاستخبارات العالمية لها بذلك !!

ثمّ تقول أنها على منهجه وذلك بتطويل اللحى والرجم والصلب والذبح و .. و .. !!!
على أساس أنها تسير على منهجه بفعلها هذه الأمور !!

_ وذلك بحجّة أن هذه المكونات تبغضهم وتكرههم وتريد الانقضاض عليهم وتخطّط للقضاء عليهم ..

وأنّها هي مَن تمنعهم عن العدوّ الرأس الأهم لهم (على أساس) .. وهو اسرائيل !!

(والوصول اليوم لاسرائيل والعمل بها بطريقة تكلّمت عنها مفصّلاً بمقالي :
  حلول مقترحة للمخطّطات القادمة للمنطقة.
أسهل بمليون مرّة من العمل داخل مكّة .. التي يعرف أهلها بعضهم بعضاً بشكل كبير ..
ويعرفون كل وافدٍ إليهم وضيف من أين هو وماهو أصله وفصله وسيرته حتى !!!
وأكبر دليل على ذلك راجع لو أحببتْ : سرّية عمرو بن أميّة الضمري ..
الذي أرسله النبي لقتل أبي سفيان بمكّة وكيف كُشفَتْ !) .


_ فلماذا لم يدخل النبي بحروب استنزافية ومحارق ..
مع الكيانات التي حوله ومكونات المنطقة التي هو فيها ..

فلهم والله لأحقد على النبي ألف مرّة من حقد الأكراد اليوم على الدولة مثلاً ..
وهم والله لينتظرون النبي على "دقرة" لينقضوا عليه كما ترون وكما سترون !!
وهم والله يخططون له أكثر من تخطيط الأكراد والاشوريين والايزيدين والرافضة ..
(وكل مكونات المنطقة التي لم يبقى أحد إلا وعادته الدولة .. حتى مكونات أهل السنة !!) .
ومرّ معكم مثل كعب بن الاشرف وتخطيطه على النبي وهذا والله مثل بسيــــــــــط !

وهذا طليحة اليوم وغداً ترون الأكثر والأكثر والأكثر .

...

فظروف النبي وقتها أصعب من ظروف الدولة اليوم بألف مرة واللــــــــــــــــــــــه !
لكنه لم يكن غبيّاً او مخترقاً (حاشاه) ..
كما هي قيادة الجماعات الجهادية الكبيرة اليوم إلا من رحم الله !

...

نعم .
هذا ما أقوله لكم وأشرحه لكم دائماً وتكراراً ..
أنّ مرض الأمة اليوم الأكبر :
هو بعدها عن منهج نبيّها بحقّه .. وعن التعمّق بسيرته والعيش بها !!
وإنّ من لم ينتصر بعقل محمّدٍ متأسياً به !
فلن ينتصر بلحيةِ محمّد ولا برجمِ محمّد ولابجلد محمّد !

 

فهذه السريّة وهذه السيرة ككلّ ..
كما أقول لك دائماً لا تسمعها على أنّها مجرّد قصة عابرة لتدميع العين ..
ولقشعريرة البدن فيها ببطولات الصحابة (فزت ورب الكعبة) فقط .
بل يجب أن تنتبه على كلّ حيثيّةٍ فيها وتعيشها ..

فلو فعلتَ هذا ..
ستنتبه لظهور هذا التجرّأ عليه ولظهور هذا الحقد الذي كان موجوداً في قلوبهم ولايظهروه ..

مجرّد أن تعرض النبيّ لانتكاسة في أُحُد .

_ هذا الحقد والتربّص كان من جميع الدول والفئات والطوائف والمكونات الموجودة حوله ..
فلم تكن هذه المكونات زمن النبي تحبه أبداً أو غافلة عنه ؟!
بل كانت تنتظر أيَّ فرصةٍ صغيرة للقضاء عليه وعلى دولته ..
و تنتظر غفلةً واحدةً منه بأبي هو وأمي أو ضعف صغير لتنقضّ عليه ..

فانظر أنه باللحظة التي انتهى فيها من أُحدٍ وخسر المعركة ..
وزال جزء من مخطّطه وتخطيطه الذي كان يمنعهم من أي حركة ضدّه ..
بدأوا يجتمعون عليه فوراً
وكلهم أراد حربه واستئصاله ..

بل واستمر الأمر حتى بعد موته .. فبمجرد موته صلى الله عليه وسلم ارتدّوا كلهم ..
يريدون أصابة غِرَّةٍ من دولته والقضاء عليها .

فهذا يعني أنّه كان لايضبط أكثر المكوّنات التي حوله بأنّه نبي فقط ..
بل كان مخطّطاً عظيماً رهيباً ..
استطاع فيه ضبط أشرس وأشدّ المكوّنات والكيانات (البدوية التي لاتنظبط بضابط ) حول دولته !

....

فالعيب بسياساتكم وغباءكم وليس العيب بظروفكم ياحمقى ..
فلو عقلتم سيرة نبيكم بحقها لعلمتم أن ظروفه كانت أصعب بألف مرة من ظروفنا اليوم مع تشابهها !
وشرحت هذا سابقاً كثيراً ..
لكن مع ذلك أستطاع ان يقيم هذه الدولة التي ثبتت بإذن الله أولاً .. ثم بحنكته وسياسته ثانياً !

رغم تعرض كل خططه وكل سياسته لزلازل عظيمة كزلزال أُحد ..
الذي أرجع الأمور له صلى الله عليه وسلم تقريباً إلى المربع الأول .

لكن مادامت سياسة على أسس سليمة وناجحة فإنها ستقوم على رجليها مرة أخرى ..
مهما تعرضت لصدمات وقواصم وزلازل ..


....

وهذا حكمة وتعليم لنا .. وفي هذا والله تتجلى عظمة هذا الدين وهذا النبي ..
الذي لم تكن نبوته إحياء الموتى كعيسى ولاعصا تنقلبُ حيّةً كموسى ..

بل هو دين عملي واقعي ..
وهو الدين الوحيد الذي يصلح للحياة على مدى العصور منذ ظهوره إلى أن تقوم الساعة .



فإذاً ..
قلنا أن النبي بسبب فهمه الاستراتيجي لعدوّه ..
وبسبب جهازه الأمني الرهيب الذي جمع له
(بأمره صلى الله عليه وسلم) ..
معلومات عن كل مكونات المنطقة ومدى قوتها ومدى حقدها عليه ودرجة عداوتها له ..
بسبب فهمه السيكولوجي والنفسي لكل مكوّن !

ومعلومات عن تحالفات المنطقة وتوازناتها ومحاورها ..
ونقاط ضعف المحاور ونقاط قوّتها و .. و ... و ...

 استطاع أن يتعامل مع أي محاولة لحربه بما يلزمها ..
بحيث لايهدر الطاقات ولايضيع الإمكانات .. التي يجب أن يختزنها لعدوّه الأكبر ولرأس أعداءه !
وبحيث لايُستدرج لمحارق ستشغله عن العدوّ الأكبر ..
ولايعادي كل مكونات المنطقة حوله بحروب استنزافية ستنهكه وتهدر قوّته وتذهب ريحه !

_ رغم أنّ إمكانياته كانت بسيطة جداً وطاقاته البشرية والمادية كانت متواضعة جداً ..
قياساً لعظم طاقات العرب وعلى رأسهم قريش الذين كلهم كانوا على عداوة معه ..

_ وهذا والله أساسُ النصر بالحرب ..
ومن لايعقله يدمّر أمته وشبابها وطاقاتها وأموالها ويضيع شبابها !

إنْ كان عن غباء وسفه وحمق .. أم كان عن عمالة واختراق فلا فرق كبير اليوم ..
فكلاهما ذو نتيجة واحدة !

ومثل هؤلاء يجب أن يؤخذوا بأشدِّ الأخذ .. ويضرب عليهم بيد حازمةٍ من حديد !
وأن لايَبقى منهم أحدٌ على إمارة أو مسؤولية ..

وإلا لن تقوم لمثل هكذا أمة قائمة أبداً أبداً .. سنّةُ الله في الأمم !


 

فبسبب معرفة النبي لهذه الأمور كلها ..
تجده يرسل لكل حالة مايلزمها : (أفراداً وعتاداً وسلاحاً وطريقةَ تعامل) .
وبسبب هذه المعرفة يعرف أيُّ أعداءه أولى بالحرب أوّلاً ..
وأيُّهم يحتاج حرب نفسية فقط .. وأيّهم يحتاج عمليات أمنية داخل العمق تهزه وتهده ..
وأيّهم يحتاج عمليات اغتيال لرؤوسه ..وأيّهم يحتاج إلى تهديد ..
وأيّهم يحتاج إلى تخويف بتسيير سريّة له يعلم هو بأبي هو وأمي أنّها لن تلقى قتالاً وسيخافون منها ..
وأيّهم يحتاج إلى سرية تقاتل قتالاً حقيقياً ..
وأيّهم يحتاج إلى حرب حقيقة تحشد لها كل الجهود وأكيد كانت سياسته بذلك الرأس : قريش .

_ ولم يكن يُشعل محارق مع كل مكونات المنطقة كلها ..

بحجة أنهم أعادء لنا ويريدون أن يستأصلونا !!
ويسير وراءهم القطيع !!
محارق مع الأكراد والشيعة والنصيرية والنصارى واليزيدين والاشوريين و .. و ..
وحتى مع كل فئات المنطقة المحسوبين على أهل السنة ..

ويهدّد الجميع ودول العالم كلها ويذبح أفرادها بحجة أنه يريد أن يوقف الحرب !!
(كما ذكرت ب :
رأيي في رسالة إلى أمريكا) و ...

_ وانظر فقط لأمر ..

انظر لكمية الطاقات الهائلة والأموالت التي أُهدرت وتُهدر ..
تصوّر عظم هذه الطاقات الموجودة عندهم وقوّتها ..
بحيث تمكّنهم من محاربة كل هذه الفئات دفعةً واحدة وبوقت واحد !!

فماذا لو فهموا سيرة نبيهم ووجّهوا الطاقات ولإمكانات والجهود كلها للرأس ؟!!!
ماذا لو تجاوزوا كل الاستدراجات والعداوات المحيطة بهم ..
(والتي خطة الرأس أن يغرقهم فيها لينشغلوا عنه)
ماذا لو تجاوزوها ووجهت كل هذه الطاقات والشهداء والدماء والأموال والسلاح للعدو الرأس :
(اسرائيل) .. ماذا كان سيحصل بالمنطقة ؟!!

_ والله كلّ ماتفعله ايران : باليمن والعراق وسوريا ولبنان و .. و ..
هو من أجل ان تواجه اسرائيل !

ليس حبّاً بالقدس وبفلسطين !
بل لأنّ اسرائيل هي سيّدة الشرق الأوسط ومفتاحها ومعيار توازناتها ..
وأنت حتى تثبت بالشرق الأوسط وتسوده وتسيطر عليه .. فلا بدّ لك من كسرها !

_ لكن هي ياعبد الله الاختراقات ..
نخرتْ الجماعات الجهادية نخراً وأكلتها أكلاً !

فهدرت طاقات الأمّة وأحرقتْ خيرة شبابها وأضاعت فرصاً ذهبيةً لها لنهوضها وعزّتها وسيادتها !

وسبب هذه الاختراقات الأوّل هو عدم تأسيس قاعدة أمنية مدروسة بالجماعات ..
والأهم عدم تأسيس قاعدة مالية ثابتة ومستمرة لهم ..
وعدم تأسيس قاعدة بشرية ترفدهم بالكفاءات اللازمة ..
و .. و ..
(راجع هنا لقاءي على يوتيوب :
رسالة في المنهج .. للعبد الفقير) .




 

بعد هذه التــوطئــــــة ..
ندخل بدرسنا اليوم وسريّتنا هذه :
سريّة أبي سلمة إلى (عين قَطَن) .. ومقارنتها بمعركة "الدولة" في (عين العرب) !

...

يقول ابن اسحاق :
أنّ النبي لما وصله خبر جمع طليحة بن خويلد وأخوه سلمة له ..
أمَرَ ابن عمّته أبو سلمة أن يذهب ومعه (150) مقاتل (فقط !) ..
إلى طليحة ومن معه من  بني أسد (وهم كانوا عددٌ كثير) ..

ويقول لك بالسرد : أنّ أبا سلمة كان جريح .. وكان يتداوى من جرحه حديثاً !!

ثم يقول ..
فقال له (أي النبيّ صلى الله عليه وسلّم) : سِرْ حتى تنزل أرض بني أسد ..

فأغِر عليهم قبل أن يتلاقى عليك جموعهم ..
(انظر أهميّة الوقت وهذا ما أعطى السبق بالمعركة وهذا السبق بالوقت سبّبه قوّة الجهاز الاستخباراتي النبوي) ..

فأغذَّ السير (أي أسرّ السير)  ونكّبْ (أي عدّل عن سَيف الطريق يعني سر بطرق خفية)
وسار بهم ليلاً ونهاراً ليستبق الأخبار (أي كي يبغتهم قبل وصول الأخبار إليهم) .

فانتهى إلى ماء من مياههم .. فأغار على سرحٍ لهم ..
وأسروا ثلاثة من الرعاة وأفلت سائرهم .

ففرّق أبو سلمة أصحابه ثلاث فرق :
فرقة بقيت معه .. وفرقتان أغارتا في طلب النَّعم والشاء والرجال .. فأصابوا إبلاً وشاء ولم يلقوا أحداً !
فانحدر أبو سلمة بذلك كله إلى المدينة .

(أنتهى سرد ابن إسحاق) .

....

_ لاحظ أنّ كل لون من الألوان السابقة هو درسٌ وبابٌ من أبواب الحرب وذكاءها ودهاءها لوحده ..
وهذا قبل 1400 عام .. يطبّقه بأبي هو وأمّي مع أُناس بدوٍ ..
فكيف لو كان بأبي هو وأمّي بزماننا زمن الاستخبارات والذكاء..
والحرب النفسية والملاحم الاستخباراتية .. زمن الدهاء الاستراتيجي والتخطيط الجيوسياسي !

ولقد مرّ بنا في كل باب من هذه الألوان أمثله كثيراً فيما سبق .. فلن أتوسّع به الآن ..

وماذا أقول أكثر مما قلت لكم فيما سبق .. ؟!
أنت الان بعد هذه المرحلة يجب أن تكون أصبحت ترى سيرة الحبيب وهي التي تحكي عن نفسها ..
تراها ..
وهي تتزيّن كأجمل عروس في ليلة زفافها : عقلاً وحنكةً ودهاءً وذكاءً وأمناً وخططاً واستراتيجيا !
بدل أن كانت عندك من قبلُ للموالد .. ولتنميل الجسد دقائق عند خطبة عن وفاة النبي ..
أو دمعة عين عند حضورك فيلم الرسالة !!

...


الذي يهمّني بهذه السريّة الان :
هو نتيجة هذه السريّة .

فكانت نتيجتها أنْ فرَّ طليحة ومن معه في رؤوس الجبال وتركوا سرحهم ..
مع أن المشهور عن طليحة هو عِظَم شجاعته حتى وصفه عمر (لاحقاً) أنه جيشٌ وحده !

فرَّ ومن معه إلى أعالي الجبال فأخذ أبو سلمة متاعهم وأبلهم وغنمهم ..
وأقام ثلاث أيام عندهم (للهيبة وإرجاع الحرب النفسية) .. ثم رجع إلى المدينة بدون قتال ..
لكنه مات على الطريق لأنه نكأ عليه جره وانتفض عليه الذي كان جُرح به في أحد ..
...

طيب ماذا تفهم من هذا ؟!!
لسان حالنا اليوم ونحن أمّة هوشة العرب نقول :
الحمد لله أنو طليحة هرب والله كان "حظهم" حلو !! وإلا كان عددهم قليل وكانوا قتلوهم كلهم ..
وخصوصاً أنو أميرهم وقائدهم ماكان قادر يقاتل أبداً .. فهو من سفر نفض جرحه عليه ومات !!
وأكيد الله "سترها مع النبي" أنو هربوا لأنو كانوا قُتلوا كلهم ..

_ طيب مادام الله سترها معو هون ..
ليش ما"سترها" (بمفهومكم الأحمق) معو بسرية بعدها بكم شهر بس ..
وقتل كل أصحابه فيها في بئر معونة ؟!!!

معناها برأيكم هل الأمر : شلفة و"سترة من الله" وصدفة وحظ ؟!!
أم الأمر أمر محسوب بدقة ..
فأصاب ونجح هنا بأبي هو وأمّي بالتقدير (وكانت هذه الصفة الغالبة لكل تقديراته : النجاح والصواب) .
وأخطأ وخُدع هناك ..

وهذا دليل أمر صحّي وليس دليل منهجٍ سقيم ..
فمن لايُخطأ أبداً هو شخص وحيد : شخص قاعد وحاطط رجل على رجل ولايعمل !
(هلأ بنبسطوا الشباب وبيتركوا كل دروس السيرة ال58 وكل مافيها من تبيّين للأخطاء ..
وبيقولوا نديم بالوش يقول معلش الواحد يخطأ .. وعادي ولو ومنيح منّا !!!)

...

والأمر الثاني الذي يجب أن تنتبه له .. أنّ صحة أبي سلمة لم تكن تسمح له بقتال !

ومعلوم أنّ قلبَ الجندِ أميرُهم وقائدهم .
إن صلح وأقدم وقاتل بالصفّ الأول صلح جنده وأقدموا وتسابقوا إلى الموت والصفوف الأولى ..
وإن فسد أو قُتل أو سَقِم فسد جنده وجبنوا وتفرّقوا .

فهل كان يرسل ابن عمّته إلى الموت يعني ..
ويضحّي بال150 الذين معه الذين سيصيبهم الوهن عندما يقتل قائدهم الجريح ؟!

واضـــــــــــــــــحٌ وجليٌ إذاً من كلّ هذه المناقشة العقلية ..
لمن يعيش بسيرة هذا العبقري المفكّر الداهية المذهل : محمّد !
أن النبي كان يعلم تماماً كل العلوم التي شرحتها لكم بالتوطئة أوّل الدرس ..
فعلم من هذه المعرفة أنّ أبا سلمةَ لن يلقى قتالاً .

وكل ماحدث بالمعركة رسمه هو في عقله قبلاً ..
ففكّر صلّى الله عليه وسلّم وقدّر .. فأفلح كيف قدّر .

لذلك لم يرسل لطليحة عليّ ابن عمّه مثلاً .. وهو الأسد المقدام .
ويفرّغ المدينة من خيرة فرسانه وجنده المتبقين عنده بعد أن فقَدَ الكثير منهم بأحد ..

فكان الأخطر عنده والأهم هو عدوّه الرأس ..
ويعلم أنّه لو اُستدرِج لمحارقَ جانبيّة فسيُستَنزَف ويضعف ويتشتت ويذهب ريحه وقوّته ..
وهذا تماماً ماتريده وتتمناه وتحلم به قريش لتنقضّ عليه وتقضي عليه !!

وهذا تمام ما قلته لكم بالتوطئة بداية الدرس .. حيث قلت :
(فكان يعرف العدوّ .. ودرجات أولوياته ..
ويعرف أهميّته وإمكانياته وطبيعته ودرجة حقده عليه ودوافعه لحربه ..

وبالتالي سيعرف بعد معرفة هذه الأمور ..
أيُّ عدوّه هو الأولى بالحرب أولاً ..

وسيعرف أيضاً مايلزم لكلّ عدوّ منهم من طريقة بالحرب والدفع والهزيمة .. ثانياً !)

_ فعَلِمَ من هذا أنّ الأهم هي المدينة (يثرب) ..
والأخطر هو رأسُ أعداءه ومعيار توازنات المنطقة كلها : قريش !

_ وعَلِمَ أنّ المدينة في وضع خطيـــــــــــر ..
ووجود دولته كلها على المحكّ بعد أُحد وانتكاستها وذهاب الكثير من الهيبة التي بناها طوال عامين !
(من وقت وصوله للمدينة) .

_ وحتى في وضع مناصريه وجنوده فالوضع خطير ومتزعزع نوعاً ما ..
وهناك خوف على متانة الجبهة الداخلية وخصوصاً من جهة الأنصار ..
فهذا كان أول بلاء يصيب الأنصار بهذا الحجم وقد قتل منهم خلقٌ كثير في المعركة ..
وتكلّمنا سابقاً عن التزعزع وغباشة الصورة التي وقعت بهم بعد أُحد مباشرةً .

وهذه البيئة وهذا الوضع .. هو دائماً مناسب جيّداً لنمو بكتيريا المنافقين والمرجفين ..
حيث سينمو بكتيريا كلامهم الخبيث من قبيل : (شو كان بدنا بهالوجع الراس - لو كانوا عندنا ماماتوا وماقُتلو -
كنا عايشين ومبسوطين مع قبائل العرب) ... الخ .

فمثل هذا الكلام ينمو في مثل هذا الجوّ كثيراً ..
ويأخذ مجده بين مرضى القلوب أو حتى من الصادقين الذين أصابهم ضعفٌ ووهن بتلك اللحظات ..
وطبعاً كيف لو كانمن يروّج لمثل هذا الكلام : خبيثٌ حاقدٌ لئيمٌ كابن سلول وهو سيّدٌ فيهم !


_ وزادَ الأمر خطورةً مقتل هذين الرجلين بالذات (من المهاجرين) :

1- الشخص الأوّل : مصعب بن عمير .. وكان تأثيره نفسياً ومعنوياً كبير على الأنصار ..
(وانتبه جيّداً لهذه الملاحظة التي لن تعرفها إلا إن عشتَ مع النبي كأنك جنبه على يمينه)

فمصعب اعتاد عليه أبناء المدينة وهو برأيي كان يمثّل لهم الكثير نفسياً ومعنوياً ..
فهو من جَمعهم بعد طول عداء وحرب .. وكان سبب هدايتهم .. خلال فترة قصيرة مبهرة !
فطبيعي أنهم تعلقوا بكاريزما شخصيّته المتميّزة كثيراً .
فهذه الكاريزما والصفات الخاصّة بمصعب .. هي التي سبّبت هذا النجاح الباهر بفترة قصيرة !
(وقد تحدّثت عنها بدرس كامل سابقاً فيما سبق)

وغيابه سيسبّب لهم فراغاً كبيراً ووحشةً أكبر ..
وخصوصاً أن غيابه اتى في مثل هذا الجوّ الكئيب والعصيب .

وحتى تفهم تماماً ما أقصد ..
انظر لو أنّ مصعباً لم يُقتل .. كم سيكون له تأثير كبير فيهم بالتثبيت والثبات ..

الجواب : بالتأكيد تأثير كبير جدّاً ..
فهو أثّر بهم وجمعهم وكان سبب هدايتهم وغيّر عقولهم كلها ودينهم ..
بظرفٍ أصعب من هذا الظرف بكثير !

لكن هو من حكمة الله سبحانه أن لاتقف هذه الدولة وهذا الدين على رجل وعلى شخص مهما كان ..
(ولو كان محمّداً كما سيأتي) ..
وبرأيي كانت أصعب صدمتين للأنصار بطول حياتهم : صدمة النبي نعم ..
لكن كذلك صدمة فقدان مصعب .

_ ولن يفهم هذا الكلام إلا من سار كمصعب بين قوم وكان سبب هدايتهم وتعلقوا به وبشخصيته وبكاريزماه .
ثم فقدوه في ظرف صعب وعصيب ..
حيث رؤوس النفاق والإرجاف التي كانت تحارب هذا الشخص قد أينعت وأخذت مجدها بقولهم :
أنْ رأيتم أنّ كلامنا كان صحيحاً ؟!!

2- الشخص الثاني : هو فارسه وأسده وقائد جيشه العسكري ..
رئيس أركان جيوشه ومخطِّطَ حربه .. الجنرال العتيق القديم الذكي الفطن الشجاع المقدام ..
الاسم المرعب الرهيب للعدوّ مجرّد وجوده .. مجندل الفرسان ومجلجل الكتائب :
حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه وأرضاه !

وكان لغيابه تأثيراً كبيراً على الأنصار وحتى على المهاجرين بل وعلى عدوّه كلّه .
فحمزة هو الجنرال قائد الجيوش رئيس الأركان العتيق الخبير القديم .
وغيابه من المفترض أن يُربك النبيّ عسكرياً ويضعف جنده نفسياً .. ويقوّي أعداءه معنويّاً !

(أسأل نفسك هنا كيف لم يرتبك النبيّ ولم ينهار جيشه بعد مقتل شخص كحمزة كعادة الجيوش ؟!
الجواب هو ببساطة واختصار : وجود عبقري أقوى من حمزة نفسه عسكرياً : وهو محمّد !!)

...

فما سبق يُبيّنُ ويّأكِّدُ عندك ..
أنّ إرسال أبو سلمة وهو جريح ومعه فقط 150 شخص مسافات بعيدة جدّاً (نسبةً لذلك الزمان) ..
وبعيدة عن مركز الدولة التي كانت على محكّ وقتها ..

وإرساله إلى رجل شجاع قوي (طليحة) ومعه قومه جميعاً ..
ثم فرار طليحة ولم يلقى أبو سلمة قتالاً يُذكر ..
ثم إرجاع أبو سلمة (وهو جريح بهذا العدد القليل) الهيبة إلى تلك المنطقة وضبطها ..
دون انجرار النبي لحرب استنزافية معهم ودون تفريغ المدينة من قوّتها ومن رجالها ..
والحفاظ على الطاقات والرجال والامكانيات للعدو الأخطر والأهم بالمنطقة ومعيارها ومعيار توازناتها ..
الذي إن فرط ستفرط جزيرة العرب كلها (كما حدث فعلاً بعد ذلك) : قريش .

كل هذا :
لم يكن "شلفة" منه صلى الله عليه وسلم أو "الله سترها معو والله" أو "حظو حلو" أو "نقشت معو" !!!

بل وجدنا يقيناً أنّه رسمه هو في عقله قبلاً ..
ففكّر صلّى الله عليه وسلّم وقدّر .. فأفلح كيف قدّر .

...

وعجبتُ لكتّابنا وفقهائنا ..
يمدحون ويمدحون بأبي بكر وعبقريته العسكرية وبالحرب النفسية و .. و ..
وحفاظه على كيان الدولة الذي هُدّد بالزوال بعد وفاة النبي .. (وهي عبقرية معتبرة ومحمودة) .

_ لكن لا ترى أحداً منهم يمجّد بعبقرية النبي بهذه الفترة الحرجة الخطيرة جداً (بعد خسارة أُحد) ..
والتي هي الأخطر على وجود دولة الاسلام كلّه ..
وأخطر حتى بألف مرة من ظروف أبي بكر وقتها ..
(على الأقل قريش كانت وقتها مع أبو بكر بينما النبي رمته العرب جميعها وقتها عن قوس واحدة) ..

 

لماذا ؟!!
لأنّا أخذنا النبي بصورتنا وذهننا كما يريد اعداءنا بالضبط :
إمّا أنه صاحب الوجه الأنور والجبين الأطهر كحيل العينين أحمر الخديّن .. .. !
أو أخذناه بأنْ إن جامع الرجل مرتين هل عيه غسل أو غسلين !
وألفوا بذلك ومثله ومازالو يؤلّفون مئات آلاف المجلّدات والكتب ويصرفون لها مئات القنوات والمحاضرات والدروس ويجندون لها مليارات الأموال ومواقع ضخمة ومكتبة شاملة !!!

أو أخذناه كشخص عادي (ومتلنا متلو ولاتعملنا ياها صوفية .. .. الخ) .
وفهمنا من سيرته : جئتكم بالذبح - القتّال - الذي ذبح بني قريظة !!

ألا تباً لكم وتعساً وخزياً والله ..
ألا عجبت لأمّةٍ عندها مثلُ هذا الكنز العبقري ثم هي لم تفهم من سيرته إلا هذا !!!

 


 

 لم يكن النبي ليذهب أكثر طاقاته وخيرة شبابه على مناطق مهملة استرتيجياً له ..
أو مناطق مهمّة له ككيان دولة
! (راجع مقال : مخططات 7 الجزء الثالث) .

_ فماذا تفيد (كوباني) في المعادلات الاستراتيجيّة وماذا تفيد (جسر الشغور) وحتى (إدلب) كلها ؟!!
وماهي هذه الأهميّة الرهيبة لها حتى نضيع عليها آلاف الشهداء من خيرة شباب الأمة ..
وكل هذا الكم الهائل من الأموال والطاقات والسلاح والامكانيات ؟!!!!

هذا كله نتيجة بعدنا الســـــــــــــــحيق عن سيرة نبينا بحقها والله ..

وتطبيق عدوّنا لها بالحرف !!

...

نعم يطبّقونها هم الان بالحـــــــــــــــــــــرف !
فتجد كما شرحت لكم بمقال
مخططات 7 الجزء الثالث ..
أنّ الحزب والنظام وإيران لم يُستدرجا لسحب قواتهما للحرب بإدلب
(الغير مهمة لهما استراتيجياً الان وإنما فقط أهميتها معنوياً) ..

_ فحتى يواجهوا الموضوع ويحلّوه استراتيجياً كانت خطتهم مختصراً مايلي :
(وقد نبّهت عليها الفصائل وحذّرتهم لكن ... !) .
- أرسلوا فقط مايردّ عدوّهم المهاجم ..
ويوقفه عن التوسّع والتوغّل في المناطق التي هي أخطر للنظام استراتيجياً من ادلب نوعاً ما ..
كالغاب وحماة واللاذقية ..
- مع استدراج المقاتلين لكمين محكم وفخّ ذكيّ ..
بتضيّيع قوتهم وكثافتهم العددية والنارية : بسهل برمودا (الغاب) (راجع مقال مخططات 7 تفهم الكمين) .

- بالاضافة للضغوط على محركيهم وداعميهم ومالكي حتى "بسكوتهم" (حتى بسكوتهم تركي :) ) ..

_ وليواجهوا الموضوع ويحلّوه معنوياً كانت خطّتهم مايلي :
خرج بشار ونصر اللات وراء بعضهما ليرفعوا معنوايات فريقهم ..
ففريقهم عنده ثقة بكلام نصر اللات ووعوده ..
وذكر بشار جسر الشغور بالاسم !! ليُثبّت المقاتلين فيها ..
فهم سيثبتون حتى آخر رمق بسبب ذكرهم من أكبر رأس بالدولة بالاسم ..
ولأن لهم قدوة في رفاقهم في سجن حلب الذين مُجّدوا بالبلد كلّها ..

...

فكذا واجهوا الموضوع استراتيجياً ومعنوياً بذكاء ..
ولم يُستدرجوا كما يريد عدوّهم ويسحبوا قوّاتهم ويخلو المعركة الأخطر لهم استراتيجياً :
وهي معركة القلمون (شرحت السبب بالمقال نفسه) !
التي يصرفون الان عليها الامكانيات والطاقات والدماء بدون أن يلقوا بالاً ..
وطبعاً يعتمدون بشكل كبير على الحرب الاعلامية والنفسية (كما فعل النبي بفتح مكّة بحربه مع الرأس) .

_ لأن القلمون هي الأخطر الان لهم من ناحية العبور بين لبنان وسوريا الذي هو رئة للطرفين ..
ولإحاطتهم بالهدف الاستراتيجي الكبير لهم ورأس عدوّهم ومعيار المنطقة كلّها : اسرائيل !!

(كتبتُ هذا الكلام قبل بداية معركة القلمون ..

والان ترون أنّهم قضموا القلمون وسيطروا على أهم نقاطه بسرعة عجيبة وبخطط محكمة ..
وبلغوا جبال عاتية ارتفاعها أكثر من 2500 م !!!
وكانوا بهذه القوة بيرجعوا الجسر ب5 ساعات لو بدهم !!! فتفكّر !)

فتباً لأمة تركت نهج نبيها بالحرب والمغازي .. وطبّقه هؤلاء المشركون المجوس !!

...

أمّا شبابنا ..
فيحشدون الان 20 ألف مقاتل بأحدث الاسلحة والنجهيزات ..
مع خطوط إمداد مفتوحة لبلد كبير جداً بالمنطقة (ماينقص إلا أن يرفع راية العقاب !!) ( تركيا) ..
ليذهبوا لجسر الشغور وإدلب !!!!!
ويتركوا أخطر النقاط على الاطلاق استراتيجيّاً !!!

_ شبابنا وخليفتنا !!!
أضاع خيرة شبابه وإمكانياته وطاقاته على قرية صغيرة تافهة (استراتيجياً) ككوباني ..
مشان مايطلع بالخجلة و"سخام الوش" .. :) !!!
فهو قد سمّاها : (عين الاسلام) وقال بإصداراته أن سيطر عليها ومابقي منها إلا القليل جدّاً ..
وخرج الصحفي الأمريكي بأمره وقال أنو المعركة انتهت بكوباني !!

رغم أنّه يرى أن كوباني أصبحت مصيدةً له ولجنده ..
وصار التحالف يتسلّى بقصفهم وكانت ك"الدبق" الذي يوضع للعصافير !!
فلماذا ألاحقهم على طول آلاف كيلو المترات ؟! خلص بحطلهم (كوباني) وبفوّشهم فيها ..
فهم يأتون إليها طواعيةً :) !! ثم أنا بتصيدهم فيها !!!
لك الولد الصغير عرف هذا .. بس شبابنا خلص مابيتراجعوا !!

(والأجمل أنه تراجع بعد ذلك بعد أن قُصمت ظهر إمكانياته وحرق خيرة شباب الأمة ..
والمتصهودة لاتحسّ منهم من أحدٍ ولاتسمع لهم رِكْزاً ..
عااادي وكأنو ماصااااااار شي .. واللهم أحفظ مولانا أمير المؤمنين !!)


_ وياليتهم اتّعظوا ..
بل بدأوا كالعادة ب "العرعرة" والتبرير أن كوباني أخطر منطقة بالشرق الأوسط  كله :) ..
وتمنع الدولة الكردية !!! و ... و ...
(وهذا عين مايحصل الان بجسر الشغور .. التي شوي تاني بتصير عاصمة الأقليم والمنطقة :) !!
وهي من 4 اعوام بحكم الساقطة عسكرياً أصلاً !!
وخطورتها الوحيدة أنّها ممكن ان تزعج النظام بالساحل أقول تُزعج ولا أقول تقضي أو تهدّد !!)

...

هذا طبعاً بتحسين الظنّ !!!

أما إن أسأنا الظنّ نقول : أنّ ماحدث بكوباني ومايحدث بجسر الشغور وسهل الغاب الان ..
وقبله بسجن حلب وقبله بكسب ومعركة أحفاد عائشة ومعركة قادموون ومعركة طالعون ونازلون ..
وزئير الأحرار و .. و ... و. .. و... و ... و ... و ... و ... و ...

كلّ ماحدث ويحدث من 4 سنوات تقريباً في الشام ..

هو عين ماتريده قيادات جماعاتنا بالضبط (إلا من رحم الله فيهم) ..
استجابةً لأسيادهم باستعمالهم كمحارم تمخيط وحجر شطرنج لمشاريعهم .. ثم يرمونهم بعد الاستعمال !
وبنفس الوقت لحرق شباب الأمة وهدر طاقاتها وإفناء مقدّراتها كي لاتقوم لها قائمة !

_ وسبق ونوّهت إن كان هذا الأمر : عمالة أو غباء .. فالنتيجة سواء !!!




أُنهي الدرس هنا وبعض من شرح عِبَره ..


مع ملاحظة أخيرة :) :
أنه هو نفس الدرس الذي لما شرحه لك فقهائنا وكتبوا فيه ..
كان أهم ماهمّهم فيه وأثار اهتمامهم وتفصيلهم وشروحهم وانتباههم :
هو حادثة تزويج عمر ابن أبو سلمة لأمه سلمة على النبي بعد وفاة أبيه !!

فكتبوا فيه والله عشرات المجلّدات والمؤلّفات ..
وتنازعوا واختلفوا وردّوا على بعضهم .. وبوّبوها في باب : تزويج الابن لأمّه !!
(لأنّ النبي تزوج أم سلمة بعد وفاة زوجها وخطبها من ابنها
فأُلّفت آلاف المجلّدات لذلك وعن جواز ذلك وظروف وحيثياته .. !)


لاتعليــــــــــــــــق .

...

السلام عليكم ورحمة الله .