JustPaste.it

 { قصة شهيد }

طايع الصيعري -تقبّله الله-.

img_20170112_221324.jpg


من بلاد الحرمين، ومهبط الوحي، بزغ نجم فارسنا الغيور وبطالنا المغوار، وسطعت شمس بطولته في علياء السماء، ليكون من المُصطفين الآخيار لتيك القناديل والتي جُلّ ساكنوها هم عمالقة الجهاد، الشهداء الأبرار .

وإن أردت أن تعلم أي بطلاً كان صاحبنا انظر؛ أين سطر أمجادهُ في أي حالٍ، وتحت أي ظرف، ولم يُبالي بمخالفة وخذلان غُثاء السيل، القابعين تحت الذُل، الخاذلين لللثكالى واليتامى والأيامى، المتخلفين عن الجهاد ..

الضيغم؛
{ طايع سالم الصيعري }

فحسبك بهيبة الأسم ..
والذي إن ذُكر بين ظَهرَانِيّ آل سلول ومن تبعهم
انتفضوا، وابتلعوا ريقهم جزعا ..

منَّ الله على بطلنا، وأكرمهُ بذلك الفضل ومن أوسع أبوابه، فقذف في قلبه حب الجهاد والسعي الحثيث للشهادة ..

فاصطفاهُ، وانتشلهُ من قيعان القعود والتي ضلَّ فيها كثيراً من المسلمين، والشباب، وأصحاب اللِّحى؛ المُدَّعون زوراً العلم، المتحدثون بأسم الأمَّة، قبل غيرهم.

وكما سُميّ " طايع " أطاع ربه، حين طرق العتاب الرباني قلبهُ قبل مسامعه! { ومالكم لا تقاتلون في سبيل الله؟ }

ضج قلبه .. أهتزَّ ضميره، وتجلجل الإيمان في صدره .. ولم يكتفي بتقريع نفسه، فقد أراد أن يرتقي سُلم الصادقين .. 

فأبىَ؛ حين تجلت له الحقيقة إلا أن يسلك سبيل من قيل فيهم؛ { يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ۚ ذَٰلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشاء }

فقعد الهمّة، والعزيمة، وحمل أمانة الدفاع عن بيضة الإسلام ومضى يتخطى حدود الذُل وأسوار المهانة ..

ولكن؛ هل بلغكم كيف بدأ مسيرة جهاده، وكم من التضحيات قدم، لعجز البيان إجلالاً وخجلاً، لكتابة سيرتة في أسطر، وهو البطل الذي لا توفيه المُجلدات ..

كان -تقبله الله-.مبتعثا في نيوزلندا لدراسة الهندسة الكهربائية، حيث برع فيها وفاق اقرانه، ذكاءاً وتفوقاً، و حاز درجة الامتياز في تخصصه!

وحينها لم يكن شاباً مستقيم -ذو إلتزام- .. ولكن الصدق باب من أبواب الإصطفاء والهداية، وبالصدق وحده تُرفع الدرجات، وبه تُحاز آعالي الجنات، ونحسب " طايع " قد لامس الصدق قلبه ..

كان على إطلاع بأخبار المسلمين في الشام، ولم تقرَّ له عين ويُغمض له جفن، تأبى رجولته ومروءته أن يُغضَّ طرفه عن جرائم بشار من حرقٍ، وتقتيل، وتدمير، وتنكيل، وهتك ستر عفيفات قد قض مضاجع أصحاب المروءات، فكيف بطايعٍ وهو للمروءة والغيرة أهل!

فلم يقر له قرار ..
ولم ينم على ضيم!
وكيف ينم وهو الرجل الشهم، وقسورة الشجاع!
قرر حينها النَّفير، ولم يكن يعرف أحداً من المجاهدين!
فبحث عن طريقٍ للدخول، حاول جاهداً عدة مرات واليقين قد غمر قلبه .. لم يُبالي بالعمل المرموق والمكانة الشاغرة التي قد يحوز عليها اثناء تخرجه .. لم يُبالي إلا بِحُلُمهِ الخالد والحقيقي والذي مابعده إلا أن يضحك ربهُ له، فركل الدنيا حينها ..

سبحان الله!
طلب النَّفِير بصدق
وسعى له!
ولم يقعد وينتظر ..
فيسر له الله ذلك ..

انضم بفضل الله للدولة الاسلامية في الشام وتنقل ما بينها وبين العراق، وقارع أعداء الله هناك، من نصيرية ورافضة وصحوات ..

وكان خبير متفجرات، وظف قدراته لخدمة الإسلام وأهله، فاثخن بالمرتدين أيّما إثخان واذاقهم والله ما يكرهون، من تفخيخٍ وتفجيرٍ ونسفٍ وتقطيع ..

أكمل نصف دينه فتزوج في الشام ورزقه الله بشبلٍ سماه على أسم أبيه "سالم" ..

كان يؤرقه حال الجزيرة الاسيرة، وتفرّد الطواغيت بالمسلمين، وأسرهم، وتعذيبهم للصالحين والصالحات فكان دائم التحريض، يُشعل الهمم للعمل الداخلي في بلاد الحرمين، حتى صدق اقواله بأفعاله ..


ولازال الرجل الصادق -نحسبه-. تُضرب بهِ الأمثال بالتضحيات، والبذل، فانطلق للهجرة الثانية ميمّمًا وجهُ شطر بلاد الحرمين، تاركاً زوجهُ وطفله .. والفتح والتمكين في الشام، حاملاً معهُ أشواقهُ وآماني الشهادة .. 

فهب كالأسد الثائر، لنصرة اخوانه الأسرى، واخواته العفيفات، فتجاوز دول الطواغيت رغم أنوفهم، وأنف كبيرهم الذي علمهم السحر -ابن نايف- عليه اللَّعنة.
ورغم استخبارتهم، وقدراتهم!

فشمّر عن ساعد الجد وبدأ العمل ..
فأحرق الروافض وجنود الشيطان بلهيب الأحزمة الناسف، والعبوات اللاصقة، فأحرقهم واثخن بهم ونكل ..

وحتى دنا موعد الإصطفاء، والساعة الفاصلة بين الخلود وبين الفانيّة، واللَّحظة التي يتمنّاها المُحبين، قطفت يد الشهادة روح البطل، ولسان حاله:

وذلك في ذات الإله وإن يشأ ** يبارك على أوصال شلو ممزع


ولست أبالي حين أقتل مسلما ** على أي جنب كان في الله مصرعي

طارَ الأسد شهيداً قد صدق ماعاهد الله عليه -نحسبه-.، ونال ماكان يرنو ويتمنّى، نال التي قطع لأجلها المسافات، وفارق الأهل والخلان، وخاض غِمار الموت .. الشهادة العالية .. والتي كُتبَ عليه أن ينالها بعد هجرتين .. وفي جزيرة محمد صلى الله عليه وسلم.

ولم تنتهي قصة البطل .. فلا نهاية للأبطال .. فطالما وجد الطواغيت وجد من يغرس الرعب في قلوبهم وحتى قيام الساعة ..

ولكن؛ ماذا أنت فاعل أخي القاعد ..
لا عذر لك بعد ماصنعهُ الرجال أمثال أسود الجزيرة المقرن والدندني وعلى من سار على خُطاهم المجماج والصاعدي وغيرهم ..

لم يثنيهم الأسر ولا سوارة تافهه ظنَّ الطواغيت أنهم يُقيّدون بها أسدٌ غاضبة .. نزعوها غير مُبالين ولا مُكترثين بتهديدِ الفراعنة وعبيدهم المرتدين ..

فمابال البيوت اليوم كثر فيها القاعدين، وقلَّ فيها أمثال "طايع" وصحبه؟

مابال الأسود حين فكّ قيّدها قد ربضت .. وركنت للدنيا وزخرفها؟ ووالله ليس هذا بلائقٍ في عزتها وكرامتها ..

يا أخي ..
ألهذا أُسرت وعُذبت ..

بالله؛ ماعذرك؟
وماحجتك!
من فقد ساقاه، لم يجد له عُذر ..
ومن فقد بصره، يتقدم الصف ..

فاتقِ الله ..
والله لم أجد لك عذر ..

وحسبنا الله؛ على كل قادرٍ على نصرة دين الله، ونصرة اخوانه، والثأر للحرائر العفيفات، وقعد وتعذر بأعذارٍ واهية!

أهذا الذي تعلمته من القرآن، أهذا الذي غرسه فيك الشهداء، أن تركنَ وتَقعُد وتجبن؟
أم ..
فقاتل في سبيل الله لا تكلف إلا نفسك؟
ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين؟
إلا تنفروا يعذبكم عذاباً أليما؟

ماذا سيكون جوابك حين تُعرض صحائفك وقد اثقلها ذنب قعودك .. ماحجتك، ماعذرك، ماجوابك، حين يتشبث بك اخيك المسلم يقول: ربِّ فلان قعد وخذلني ولم ينصرني حين استنصرته .. 

مالذي أعجزك ..

لم أجد لك عذر ..

أو جواب سوى ذنب قعودك، ونفسك الضعيفة، والتي آثرت نعيم الدنيا على نعيم الآخرة، ومهانة الطواغيت، على عزة الجهاد ..

لا تبرر لنفسك ..

كفى بطايع وطلال .. حجة عليك ..