JustPaste.it

                 تفريغ

|| أدلة وجوب ستر وجه المرأة ||

الذي نشر عبر إذاعة البيان في برنامج

|| بدائع المختارات من المطويات والكتابات||

 

 

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله ، وصحبه ومن والاه وبعد :

 

فإن الحجاب الإسلامي الكامل للمرأة المسلمة أن تقر في منزلها ، لا ترى الرجال الأجانب ولا يرونها والأجنبي هو كل من يحل للمرأة في النكاح ، لقوله تعالى :

 

{ وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَىٰ ۖ  }

 

فأمرت المرأة بالقرار في البيت وعدم الخروج إلا لضرورة ، وإذا احتاجت للخروج والبروز أمام الرجال نهيت عن التبرج .

 

والتبرج المنهي عنه هو إبداء شيء من البدن كالوجه أو اليد أو القدم أو غيرها ، فعلى الأخت المسلمة أن تستر بدنها كله بثياب سميكة ساترة واسعة .

والذي يجب أن يعرفه كل مسلم أن ستر وجه المرأة أمام الرجال الأجانب واجب ،وأدلة الوجوب كثيرة منها :

 

الأول

 صريح الأمر الوارد في قوله تعالى :

{ وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ ]

 

قالت السيدة عائشة - رضي الله عنها - :

" يرحم الله نساء المهاجرات الأول ، لما أنزل الله {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ } شققن مروطهن فاختمرن بها "

(رواه البخاري )

 

قال ابن حجر في شرحه للحديث : 

قولها " فاختمرن" أي غطين وجوههن ، وصفة ذلك أن تضع الخمار على رأسها وترميه من الجانب الأيمن على العاتق الأيسر ، وهو التقنع 

(فتح الباري) 

 

وقال الشنقيطي معلقاً على حديث عائشة السابق :

وهذا الحديث الصحيح صريح في أن النساء الصحابيات المذكورات فيه فهمنا أن معنى قوله تعالى {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ } يقتدي ستر وجوههن .

وبهذا يتحقق المنصف : أن احتجاب المرأة عن الرجال وسترها وجهها عنهم ثابت في السنة الصحيحة المفسرة لكتاب الله تعالى .

 

الدليل الثاني

 صريح الأمر الوارد في قوله تعالى :

{ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ }

 

قال ابن كثير :

 " عن إبن عباس أمر الله نساء المؤمنين إذا خرجن من بيوتهن في حاجة أن يغطين وجوههن من فوق رؤوسهن بالجلابيب ويبدين عيناً واحدة " .

 

وقال شيخ الإسلام : 

"وكانوا قبل أن تنزل آية الحجاب كان النساء يخرجن بلا جلباب يرى الرجل وجهها ويديها ، وكان إذ ذاك يجوز لها أن تظهر الوجه والكفين ،وكان حينئذ يجوز النظر إليها لأنه يجوز لها إظهاره ، ثم لما أنزل الله عز وجل آية الحجاب حجبت النساء عن الرجال .

فإذا كنا مأمورات بالجلباب لئلا يعرفن وهو ستر الوجه ، أو ستر الوجه بالنقاب كان الوجه واليدان من الزينة التي أمرت بألا تظهرها للإجانب فما بقي يحل للأجانب ، النظر إلا إلى الثياب الظاهرة .

 

الدليل الثالت

ما روته أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - في قصة حادثة الإفك ، قالت :

" خرجت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد ما نزل الحجاب (ثم ذكرت قصة تخلفها عن الجيش عند رجوعه ) إلى أن قالت : " فبينما أنا جالسة في منزلي غلبتني عيني فنمت ، وكان صفوان من وراء الجيش ، فأدلج ، فأصبح عند منزلي فرأى سواد إنسان نائم ، فأتاني فعرفني حين رآني ، وكان يراني قبل الحجاب ، فاستيقظتُ باسترجاعه حين عرفني ، فخمرت وجهي بجلبابي "

(رواه البخاري ).

 

قال ابن حجر في شرح الحديث : 

" قوله بعدما نزل الحجاب أي بعدما نزل الأمر بالحجاب ، والمراد حجاب النساء عن رؤية الرجال لهن "

(فتح الباري) .

 

الدليل الرابع 

ما رواه مسلم في قصة خروج النبي - صلى الله عليه وسلم - من عند عائشة إلى البقيع وخروجها على أثره وفيه قالت عائشة - رضي الله عنها - :

"وفتح الباب فخرج ثم أجافه رويدا ، فجعلت درعي في رأسي واختمرت وتقنعت إزاري ثم انطلقت على إثره حتى جاء البقيع " .

 

الدليل الخامس 

وهو قوله - صلى الله عليه وسلم - "لا تنتقب المرأة المُحرِمة ولا تلبس القفازين "

ويدل هذا الحديث بمفهوم المخالفة على أن غير المحرمة تنتقب وتلبس القفازين ، أي تغطي وجهها وكفيها ،ولكن جمهور الفقهاء ، يرون أن هذا الحديث لا يدل بمنطوقه على أمر المُحرِمة بكشف وجهها وإنما يدل على نهيها عن لبس النقاب والقفازين لا غير ،ثم إن لها أن تستر وجهها بعد ذلك بما شاءت من الثياب ، ودليلهم قول عائشة -رضي الله عنها -

"كان الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مُحرمات فإذا حاذوا بنا سدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها فإذا جاوزونا كشفناه "

(رواه الإمام أحمد وأبو داود )

 

الدليل السادس 

قوله تعالى : { وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَن يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ ۖ وَأَن يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَّهُنَّ ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ }

قيل : أن القاعدة هي من قعدت عن الحيض والتزوج

وقيل : هي العاجز التي لا يرغبها الرجال

أما من كانت فيها بقية من جمال وهي محل شهوة للرجال فلا تدخل في هذه الاية مطلقاً، ووجه الدلالة من الآية أنها دلت بمنطوقها على أن الله تعالى رخص للعجوز التي لا تطمع ولا يُطمع بها أن تضع ثياباً فلا تلقي عليها جلباباً ولا تحتجب لزوال المفسدة الموجودة في غيرها 

ولكن إذا تسترت كالشابات فهو أفضل لها .

وهذه الآية دليل على أن الحجاب واجب

 فما معنى { أَن يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ } ؟

هل أَذِنَ الله تعالى لكبيرات السن أي يضعن ثيابهن الأُخر ؟!

الجواب لا يمكن أبداً فإذا لا محل للذي يُوضع إلا الحجاب الذي على الوجه، ولا شك أن كل منصف تتبّع نصوص الكتاب والسنة يظهر له ذلك .

هذه بعض الأدلة التي تبيّن وجوب ستر وجه المرأة أمام غير المحارم، وعلى هذا جرى العمل بين نساء المسلمين 

 وقد أشار إلى هذا الأمر الشيخ محمد إبن إبراهيم مفتى الحجاز ،فقال - رحمه الله - : 

"الحمد لله لا يخفى أن عمل المسلمين ونساء النبي - صلى الله عليه وسلم - ونساء الصحابة في عهده -صلى الله عليه وسلم -وعهد خلفائه الراشدين والسلف الصالح - رضوان الله عليهم - أن المرأة لا تخرج سافرة ،والنصوص الشرعية من الكتاب والسنة وأقوال سلف الأمة ومن بعدهم على هذا كثيرة معروفة ، وقد أمر الله نساء المؤمنين أن

{ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ }

 

وفسره إبن عباس وغيره من السلف بتغطية الوجه عن الرجال الأجانب .

وقال - صلى الله عليه وسلم - " المرأة عورة " 

والعورة يجب سترها كلها ولا يجوز كشف شيء منها

 

وحكى ابن المنذر الإجماع على أن المرأة المُحرِمة تغطي رأسها وتستر شعرها وتسدل الثوب على وجهها سدلاً خفيفاً تستتر به عن نظر الرجال الأجانب

 

وحكى ابن رسلان 

اتفاق المسلمين على منع النساء أن يخرجن سافرات الوجوه .

إن أمر النقاب أعظم من أنه ستر لوجه المرأة ، إنه أمر صيانة أخلاق الأمة بأسرها بسد ذرائع الفساد وإتباع الشهوات .

 

قال الشاعر :

مبدأ الافات كلها من النظر ....ومعظم النار من مستصغر الشرر

 

وإن المرأة كلها عورة ،وإذا خرجت استشرفها الشيطان يزين النظر إليها 

فكيف بالوجه ، وهو مجمع الحسن !!

إن ستر وجه المرأة لو لم يكن ديناً وشريعة لكان في عُرف العقلاء حسناً

 

كما قال ابن حجر - رحمه الله - :

ومن المعلوم أن العاقل يشتد عليه أن الأجنبي يرى وجه زوجته وابنته .

 

هذا ، واعلم أخي المسلم ، أختي المسلمة أن الحجاب الكامل في الإسلام عقيدة وخُلق إسلامي ، فهو سلوك أمة ونظام دولة ، فينبغي أن يقوم كل فرد بواجبه في هذا الشأن ، المرأة في ذات نفسها ، والرجل يُلزم به رعيته من النساء ، فيلزمهن بالحجاب وعدم الإختلاط بالأجانب في البيوت وفي خارجها ،ولا يخرجن من البيوت لغير حاجة أو ضرورة

وينبغي أن يستر كل إنسان مسكنه حتى لا يطّلع عليه أحدا بخارجه ، وحتى لا يطّلع هو على عورات الآخرين ،وأما الدولة فينبغي أن تلزم المحتسبين  "رجال الحسبة " بردع المتبرجات وزجر أوليائهن من الرجال أو تعزير من يَلزم تعزيره لذلك .

وقد سد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذرائع اختلاط الرجال بالنساء حتى أنه رَغَّب النساء في الصلاة في بيوتهن لكي لا يحضرن الجماعة في المسجد لِما في ذلك من مظنّة الإختلاط ، وذم النبي - صلى الله عليه وسلم - آخر صفوف الرجال وأول صفوف النساء في الصلاة لقربهما ،وكان - صلى الله عليه وسلم - يؤخر خروج الرجال من المسجد حتى تنصرف النساء ، وأمر النساء ألاّ يَسرِن في وسط

الطريق بل يتركنه للرجال ويسرن بحافات الطريق ، ومنه نهيه - صلى الله عليه وسلم - عن الخلوة بامرأة ليس معها مَحرَم ، ونهاها عن السفر بغير محرم  إلخ

وكل هذا لسد ذرائع الإختلاط ، وقد صحّت الأحاديث في هذا كله ،ولعل ذلك هو الذي دعا خليفة المسلمين عمر ابن الخطاب - رضي الله عنه - لِئن يمنع سكنى العزاب بين المتأهّلين ، زيادةً في الإحتياط ودفع الريب .

أما من جهة ستر البيوت فإنه ينبغي أن لا يُشرف أحد على عورات أحد ، ومن الناحية الشرعية فإن السترة واجبة على صاحب البناء الأعلى حتى لا ينظر إلى الأسفل ، فإن استويا في الإرتفاع فالسترة عليهما 

ولإجل مراعاة المسلمين لستر البيوت وما بداخلها على مر العصور اختصّت العمارة الإسلامية بخصائص واضحة تميزها عن نمط العِمارة الإفرنجية التي غزت بلاد المسلمين في الوقت الحاضر ، ويمكن تلخيص الفرق بين النوعين في جملة واحدة ،وهي 

أن البيت الإسلامي مفتوح للداخل والبيت الغربي مفتوح للخارج .

 

اللهم اهدِ نساءَ المسلمين للحشمة والعفاف 

ورجال المسلمين للغيرِة والعفّة 

وصلِ اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .