الكلام ام الصمت خيانة؟

حازم عبد العظيم

بعيدا عن الهري والسب والقذف الذي اتعرض له يوميا على منابر إعلامية مسموعة ومرئية ومكتوبة وعن اعلام اللي "عايز السح مايقولشي الصح" وسيأتي الحديث عن ذلك في سياق آخر ! وقد كان قراري سليما برفض أي ظهور اعلامي  في هذا التوقيت بعد شهادتي في 1 يناير 2016 هناك نقطة حساسة واخلاقية اود ان أشارك فيها كل من قرأ الشهادة ولم يكن متاحا ان اناقش هذه النقطة باستفاضة في متن الشهادة والتي كانت طويلة لحرصي على ذكر اهم الوقائع والاحداث ... القضية هنا هل الصمت خيانة ام الكلام خيانة ولمن ؟

 فترة الصراع النفسي التي عايشتها كانت مدتها حوالي 55 يوما بالتحديد وهى الفترة مابين الاجتماع التأسيسي للقائمة في المخابرات في 3 فبراير 2015 الى لحظة اتخاذ القرار في 28 مارس 2015 حضرت وقتها اجتماع آخر في مقر القائمة في التجمع الخامس يعني كله على بعضه اجتماعين . هذه هي فترة التردد بين الاستمرار ام الخروج من رحم النظام نهائيا ! الاستمرار معناه عضويتي المضمونة في مجلس النواب ثم رئاسة لجنة الشباب في المجلس وان أكون استنساخ من د. عبد الحميد حسن امين لجنة الشباب في الاتحاد الاشتراكي والشباب الطليعي . وخلاص كدة بقيت احد رجال النظام وطبعا لا كلام عن الإرادة والكرامة وبالطبع سأكون تحت امرهم فيما يطلب مني  وفي النهاية منصب برلماني مرموق !واذا فكرت في الخروج عن الصف  فنظرة واحدة من نوعية  "احنا اللي جايبينك " ستكفي بدون كلام ،  أو القرار ألآخر هو فطامي من رحم النظام تماما والخروج منه وان أبقى حرا لا يملكني احد وهل قرار الخروج سيكون صامت ام سأتكلم ؟ وهل أتكلم قبل خروج الجنين ام بعده ! بعد الاجتماع والاعلان عن القائمة في سونستا ثاني يوم مباشرة اتصلت بالمسئول في رئاسة الجمهورية الذي دعاني للاجتماع في حوار مطول على الهاتف وابلغته استيائي الشديد من الموضوع برمته ومن المهم ان أقول ان علاقاتي برجال الرئاسة كانت ودية جدا وكنت على قناعة انهم يعملون لصالح الرئيس والوطن ولازلت ..ولكن كانت المشكلة هي اذا افترضنا ان الغاية نبيلة فهل تبرر الوسيلة الغير دستورية وغير محايدة؟. ..وقلت له سأنسحب ..فكان ضغطا رهيبا منه اني هاعمل مشكلة كبيرة لهم وللقائمة وله هو شخصيا واحنا في ظروف استثنائية وفي حالة حرب والحالة كلها استثنائية واقتنعت بكلامه مثل ربما ملايين على فكرة من مؤيدي السيسي حاليا وفيهم ناس أصدقاء باحترمهم  يقولوا وليه لأ تساعد الرئيس نتيجة لظروف البلد وقصص سوريا والعراق وليبيا والحرب ضد الإرهاب ولا يوجد بديل ومهما كانت ليك انتقادات للرئيس فيكفي انه خلصنا من الأخوان ففي هذه الفترة بوصلتي السياسية لم تكن تماما ضد النظام ..كانت لي انتقادات عبرت عنها في عدة مقالات لكن لم اصل للدرجة والتي أعلنت عنها بعد 5 شهور في ال 70 تغريدة ومعارضتي الصريحة لنظام الحكم ! والذي يتابع تسلسل الاحداث على توتير سيجد اتساق تام مع ما أقوله هنا ! بعد الاجتماع الثانى والأخير في التجمع الخامس ونزول الزعيم المناضل مصطفى بكري علينا بالبراشوت ثم بعد ردي على احد الإعلاميين  وكذبي ونفاقي عندما سئلت هل الأجهزة تتدخل في القائمة؟ وأجبت  بالنفي بمنتهى الثقة  كانت هنا كان بداية  القشة ..بعد هذا اللقاء .. الشعور بالحقارة والدونية ..اتكلم عن نفسي ولا ازايد على أحد ... فقد كنت اعلم ان الإفصاح عن الحقيقة كارثي  وكانت لحظة الكذب والنفاق والمرارة التي شعرت بها هي الفارقة .. فكان القرار بالخروج يوم 28 مارس 2015 ! الآن ماذا فعلت : لقد خرجت من رحم النظام وأكيد سيكونوا مترقبين لردود افعالي هل سأتكلم ام أكون رجل دولجي والتزم الصمت ! كان لازم اطمنهم وفعلا انكرت تدخل الأجهزة في حوار تليفزيوني في صدى البلد مع دينا رامز  بعد انسحابي باسبوع لأرسل لهم رسالة اطمئنان ! كان يجب الا ابدا أي حرب مبكرا ولا اريد ان أبدأها أساسا فلا قبل لي بها !! ! فالطرف الآخر جهاز مخابرات  فالموضوع مش هزار ..! وما يعني ذلك من خطورة وقررت أن آخذ وقتي للتفكير فيما سأفعله وأحسب تبعاته ! وكان هناك شيئين يمنعانني من الكلام مباشرة بعدها : اولا الخوف بكل تأكيد لو كنت حرا والأمر بيدي شخصيا لكنت تكلمت ولكن لدي أسرة في عنقى وثانيا : كان عليا ان أفصل  بيني وبين نفسي في شق أخلاقي هو : هل اعلاني عما حدث يعتبر خيانة للأمانة لشخصيات وضعت فيا ثقتها ! فكنت في حيرة شديدة هل الصمت خيانة ام الكلام خيانة ! هل ما اؤتمنت عليه شأن عام أم خاص ؟! لو كان خاصا كان القرار سهلا ومباشرة وهو حفظ الأمانة والكتمان أيا كان الثمن ..ولكن اذا كان شأن عام مرتبط بإرادة الشعب ! هل الصمت خيانة لهم ؟ هل الصمت خيانة لروح التغيير الذي نزلنا من أجلها في يناير الى يونيو ! هل الصمت خيانة للخمس سنوات السابقة راح فيها اللي راح ومات فيها اللي مات من أجل وطن قائم على العدل واحترام إرادة الشعوب ؟ثم سألت نفسي سؤال شخصي : لماذا انقلبت على نظام مبارك في 2010 وانا من داخله ؟ ولماذا  شاركت في ثورة يناير من اساسه ؟ هل الصمت خيانة لمن ماتوا بجوارنا في جمعة الغضب ؟ هل الصمت خيانة لمن أصيبوا بجواري في احداث مجلس الوزراء ؟ هل الصمت خيانة لمن ماتوا واصيبوا في احداث محمد محمود ؟ هل الصمت خيانة لمن ماتوا وتم تعذيبهم في الاتحادية ؟ هل الصمت خيانة للكثير من الشباب صدقني في وقت من الأوقات ووثق في؟ لا يعنيني المتطرفين والنرجسيين والمقاميص والمنظراتية بتوع معسكر ينايرولا مجاذيب السيسي من معسكر يونيو ! بصراحة لا يهمني هؤلاء ولكن الناس العادية والشباب العاديين اللي كانوا بينزلوا معانا وصدقوني في وقت من الأوقات ! هل الصمت خيانة لشباب في السجون للأسف انشغلت عنهم في وقت ما بعد 30 يونيو دفاعا عن الدولة وتضامنا حادا مع الجيش والشرطة ضد الأرهاب ولم أكن أرى امامي غير ذلك وأهاجم بضراوة كل من كان ينتقد الأجهزة ؟ هل الصمت خيانة لهؤلاء؟ .. آسف الكفة مالت لصالحهم وتخلصت من متلازمة الخوف اللعين وكان قراري بالإعلان عن شهادتي ..وهي بمثابة ابراء للذمة ..