عندما ينطق الرويبضة
رضوان محمود نموس (أبو فراس)
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «تَأْتِي عَلَى النَّاسِ سَنَوَاتٌ خَداعَاتٌ يُصَدَّقُ فِيهَا الْكَاذِبُ، وَيُكَذَّبُ فِيهَا الصَّادِقُ، وَيُؤْتَمَنُ فِيهَا الْخَائِنُ، وَيُخَوَّنُ فِيهَا الْأَمِينُ، وَيَنْطِقُ فِيهِمُ الرُّوَيْبِضَةُ» قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا الرُّوَيْبِضَةُ؟ قَالَ: «الرَّجُلُ التَّافِهُ يَتَكَلَّمُ فِي أَمْرِ الْعَامَّةِ» وفي رواية قَالَ: «السَّفِيهُ » قَالَ ابْنُ قُدَامَةَ: وَحَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ، عَنِ الْمَقْبُرِيِّ، قَالَ: «وَتَشِيعُ فِيهَا الْفَاحِشَةُ» هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ، وَلَمْ يُخْرِجَاهُ "([1]) قال في "النهاية": الرويبضة: تصغير الرابضة، وهو العاجز الذي ربض عن معالي الأمور، وقعد عن طلبها، وزيادة التاء للمبالغة، والتافه: الخسيس الحقير.
وهذا واقع مشاهد، فكثير ممن تكلم في أمور الأمة، هو على الناس وعلى نفسه غمة, وكثير ممن تصدى لمشاكل البلاد, لا يميز بين الفساد والسداد, ويدعو إلى الضلال, ويحارب الحق الزلال, ويصوِّب اتباع الكافرين, ويسفِّه اتباع قول رب العالمين, فكثرت الرويبضات والفواسق، وصفق لهم كل معاند ومنافق, والمستمعون والأتباع, مجاميع من الهمج والرعاع، كما قسمهم علي بن أبي طالب رضي الله عنه حيث قال: الناس على ثلاث: عالم رباني، ومتعلم على سبيل النجاة، وهمج رعاع أتباع كل ناعق.([2]).
والناعق: الرويبضة، والذين يتبعونه هم السَّفَهَةُ والهمل، والعوام الهوام الإمعات الذين يجري عليهم الدجل, ولا يميزون بين الحق والباطل, وبين الأخ والصائل, فقلبت الحقائق، واتبع كل مارق, وكُذِّب الصادق, وقدِّم الفَجَرَة, وقلدت مبادئ الكَفَرَة, حتى غدا المسلم يقول كما قالت الصدِّيقة:{يَالَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا}[مريم: 23] ويستذكر ما رواه أبو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ, يرفعه: [قال ليأتين على الناس زمان يذهب الرجل إلى قبر أخيه فيضع يده على قبره فيقول يا ليتني مكانك ولم أر ما أرى]([3]).
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ العَاصِ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ اللَّهَ لاَ يَقْبِضُ العِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنَ العِبَادِ، وَلَكِنْ يَقْبِضُ العِلْمَ بِقَبْضِ العُلَمَاءِ، حَتَّى إِذَا لَمْ يُبْقِ عَالِمًا اتَّخَذَ النَّاسُ رُءُوسًا جُهَّالًا، فَسُئِلُوا فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ، فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا»([4]).
فهذا يدل على أنه لا يؤتى النَّاسُ قَطُّ مِنْ قِبَلِ عُلَمَائِهِمْ، وإنما وسدت سدة العلم لغير أهلها, إما باغتصابها من قبل الطواغيت وتسليمها لعبيدهم, والذين يفتون بحسب أهوائهم, أو بتسلق الجهلة والرويبضات؛ مع عدم وجود الرادع, والأخذ على أيديهم, إذ لا يخون الأمين قط, إنما ائْتَمَنَ غير أَمِين فَخَانَ, ومَا ابْتَدَعَ عَالِمٌ قَطُّ، وَلَكِنَّهُ استفتي من ليس بعالم فضلّ وأضلّ ولايهزو العاقل قط, إنما تسلق وتصدر الرويبضات.
ومجمل أجواء الرويبضات زمانًا ومكانًا؛ هو اختلال الموازين, وانقلابها رأسًا على عقب, فيُصَدَّق الكاذب, ويُكَذَّب الصادق, ويؤتمن الخائن, ويخون الأمين, ويوسد الأمر إلى غير أهله, ويسود القبيلة منافقوها, ويُرفع العلم, ويظهر الجهل, ويُأمر بالمنكر, ويُنهى عن المعروف, والمجاهد يطالب بطرده من البلاد, والمتسكع في حانات فرنسا وبين عاهراتها يصبح ممثلًا للأمة والعباد, ويسجن العلماء والأخيار, ويقود الناس السفلة والأشرار, ويصبح كما يزورون نجوم المجتمع العاهرات والدواعر, ومجلس شورى الأمة الجهلة والمنافقون والمطبلون والأصاغر, ويستأسد الثعلب, ويستنسر البغاث، وينطق الرويبضة.[قَالَ الشَّعْبِيُّ: لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَصِيرَ الْعِلْمُ جَهْلًا، وَالْجَهْلُ عِلْمًا. وَهَذَا كُلُّهُ مِنِ انْقِلَابِ الْحَقَائِقِ فِي آخِرِ الزَّمَانِ وَانْعِكَاسِ الْأُمُورِ. وَفِي " صَحِيحِ الْحَاكِمِ " عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو مَرْفُوعًا: " «إِنَّ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ يُوضَعَ الْأَخْيَارُ، وَيُرْفَعَ الْأَشْرَارُ»]"([5]). إنه في زمن الرويبضات تنتكس الفطرة, وتنقلب المعايير, وتدمر القيم, عن حُذَيْفَةُ، قَالَ: حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنَّ الأَمَانَةَ نَزَلَتْ فِي جَذْرِ قُلُوبِ الرِّجَالِ، ثُمَّ عَلِمُوا مِنَ القُرْآنِ، ثُمَّ عَلِمُوا مِنَ السُّنَّةِ» وَحَدَّثَنَا عَنْ رَفْعِهَا قَالَ: " يَنَامُ الرَّجُلُ النَّوْمَةَ، فَتُقْبَضُ الأَمَانَةُ مِنْ قَلْبِهِ، فَيَظَلُّ أَثَرُهَا مِثْلَ أَثَرِ الوَكْتِ، ثُمَّ يَنَامُ النَّوْمَةَ فَتُقْبَضُ فَيَبْقَى أَثَرُهَا مِثْلَ المَجْلِ، كَجَمْرٍ دَحْرَجْتَهُ عَلَى رِجْلِكَ فَنَفِطَ، فَتَرَاهُ مُنْتَبِرًا وَلَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ، فَيُصْبِحُ النَّاسُ يَتَبَايَعُونَ، فَلاَ يَكَادُ أَحَدٌ يُؤَدِّي الأَمَانَةَ، فَيُقَالُ: إِنَّ فِي بَنِي فُلاَنٍ رَجُلًا أَمِينًا، وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ: مَا أَعْقَلَهُ وَمَا أَظْرَفَهُ وَمَا أَجْلَدَهُ، وَمَا فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةِ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ"([6]).
وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: لَا يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ مَا أَخَذُوا الْعِلْمَ مِنْ (أَكَابِرِهِمْ)، فَإِذَا أَخَذُوهُ عَنْ أَصَاغِرِهِمْ وَشِرَارِهِمْ هَلَكُوا([7]).
ولن أطيل في التأصيل النظري لأجواء الرويبضات, وسأنتقل إلى نماذج من أطروحاتهم؛ للتأمل في انتكاس الفطر, وضلال العقول, وفدن الرأي, وتبجح المتوسدين لأمر ليسوا من أهله, وهم السفلة الرويبضات؛ المتنطعون للكلام في شأن العامة؛ وأمر الأمة, والذي هو من خصوصيات الرجال, لا الرعاع والأنذال.
1- في الوقت الذي تشتد فيه الحرب على الإسلام والمسلمين, وتقوم جبهة النصرة بالتصدي للكافرين، ويشتد البلاء, ويقدم الشهداء, يخرج رويبضة ويقول:{الحل في حل جبهة النصرة}, فهذا الرويبضة المنكوس الفطرة والعقل والإنسانية, المشبع بالحقد والكراهية والأنانية, ومن عزف معه على أوتار إبليس, وأنغام الشياطين؛ ليرقص الحاقدون والمنافقون والماسون, على جراح المسلمين, ويتلمظون على آلام الأرامل والثكالى, أعماهم الحسد والضلال, واللؤم وسوء الخصال, عن جرائم النصيريين والمجوس, وجرائم أمريكا والروس, وجرائم الميليشيات الرافضية, وتحالف الدول الردِّية, والتآمر العالمي بقيادة يهود والماسونية, على المسلمين في الديار الشامية, ورأى الحل في الهجوم على المجاهدين, ومحاولة النيل من المؤمنين:
كناطح جبل يومًا ليوهنه *** فلم يضره وأدمى رأسه الجَحِشُ.
ولو أنه كان بوذيًا أو سيخيًا أو نصيريًا لم نعتب عليه؛ لأنه عدو؛ والشر لا يستنكر من معدنه, ولكن هذا الرويبضة, يتكلم في أمر العامة, ويعد نفسه من المهتمين بأمر الشام, فليعتبر جبهة النصرة غير موجودة, ويرينا قوته وبأسه ويرد عاديات المعتدين, وهجوم الكافرين, حتى نكون له من الشاكرين, ونعوض عليه الجعالة التي كان يأخذها من المخابرات الإقليمية والعالمية لقاء تغريداته ومكائه وتصديته , هذه هي الجبهات مفتوحة, فليتفضل ويخوض المعارك, في أي منطقة شاء, ويرينا حسن البلاء, ونكون بذلك من السعداء, ويرينا طحينًا لا جعجعة ومكاء, ولا يطلب النصرة عند مداهمة الأعداء, ناحبًا لاطمًا بكَّاء, ولا يكون كمن وصفهم الله تعالى: {وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ} وهؤلاء لا أجسامهم الكرتونية تعجب, ولا أشكالهم الممسوخة تعجب, ولا كلامهم الهجين يعجب, ولا أساليبهم الملتوية تعجب, ولا عمالتهم للأعداء تعجب, ولا بيع أنفسهم للمخابرات يعجب, وألسنتهم تفح كفحيح الأفاعي, فهاهم لا يجاهدون, ولا للكفر يقارعون, ولا يصمتون فيريحون ويستريحون, بل المجاهدين الصابرين المحتسبين يهجمون, فممن هم؟! نحن نعلم من هم, إنهم الطابور الخامس, العميل للموساد, المتآمر على العباد والبلاد, نعم هم الطابور الخامس عرفوا أم جهلوا, ولا أظنهم يجهلون.
2- رويبضة قضى حياته في خدمة الطاغوت, ثم اختاره مؤتمر الخيانة في الرياض؛ ليمثلهم في التفاوض, يدعو لإخراج المجاهدين غير السوريين من البلاد, وجمع الجهود لقتال تنظيم الدولة وأهل الجهاد, وكأن المسلمين في الشام قاموا لتحقيق رغبات أمريكا والحلف الأطلسي, وروسيا والتحالف الشيعي, وكأن الجهاد قام ليتقاتل المسلمون بينهم؛ مع وجود ألف كفر وكفر, وكأنه لا يوجد نصيرية, ولا روس, ولا مجوس, ولا يهود, ولا ميلشيات رافضية كافرة, ولا أنظمة ردة مجاهرة, ولا طوائف زندقة فاجرة, طبعًا هو لا يراهم كفرة لأنه منهم, ولأنهم أسياده, ولأن الذي اختاروه رويبضات خونة عملاء, ومهمته خدمة الكفر كما كان من قبل.
3- ورويبضات ...., تطالب بالاجتماع مع العملاء, وجنود الموك والموساد والأشقياء, ولو كان الناتج دولة علمانية, نعم هكذا يصرحون والله؛ ولو دولة علمانية, تحكم بالأنظمة الكفرية, وتقول هذه الرويبضات: النصرة جاءت لنصرة الشعب, وليس لتطبيق مبادئها, وهذا النوع هو من الرويبضات المتطورة معدلة جينيًا وبروتينيًا, فالنصرة لم تأت من الخارج وإيران, كما جاءت ميليشيات الروافض والمجوس, والزعانف والروس, أيها الرويبضات المتطورة, حتى لو جاءت النصرة من الخارج تنزلًا وفرضًا, فدعوى هؤلاء الرويبضات جاهلية منتنة, ولكن مع هذا فهؤلاء الرويبضات يعلمون أن أمير جبهة النصرة شامي سوري ونائبه شامي سوري وقيادات الجبهة من سوريا الشام, فالجبهة لم تأت ولكنها قامت, وجاء لنصرتها مجاهدون أخيار من بلاد الإسلام, يترفَّعون عن الرد على هذا الركام والحطام من أصحاب المنتنة, وقامت لنصرة دين الله, وليس لنصرة زنادقة وعلمانية سوريا وسفهائها ورويبضاتها, قامت لِتُعَلِّمَ هؤلاء الرويبضات دينهم, لتعلمهم توحيد الله, والطهارة والصلاة والصيام, والأدب والاحتشام, وحسن الخلق وطيب الكلام, وحق الله عليهم, بعد أن كانوا رعاع, في صياع وضياع, كالهوام الشاردة, وليس لنصرة أصحاب مؤتمر الخيانة في الرياض, الذين يطالبون بالديمقراطية والدولة المدنية, وليس لنصرة صبيان المخابرات الإقليمية ومن ورائهم, إن أقوال هذه الفئة من الرويبضات ردة صريحة عن الإسلام, فليتوبوا ويعودوا إلى الله قبل فوات الأوان, والنصرة تريد تطبيق شرع الله الذي يلزم المسلمين جميعًا؛ إن كانت هذه الرويبضات تعتبر نفسها من المسلمين, ولا تدعو النصرة لتطبيق أهوائها, أو أهداف وضعية حزبية أرضية؛ لإرضاء الغرب الكافر؛ التي تسعى هذه الرويبضات لإرضائه, وإن كانت هذه الرويبضات هلكت وتساقطت ووجدت الكلفة كبيرة, فلتنسحب من النزال, وتتركه للرجال.
4- رويبضة يقول: إن الجبهة والقاعدة تستعدي الأمم بجهادها, وتقول جئنا لنصرتكم!!! شيء طبيعي أن يقول هذا القول من نكست فطرته واتبع هواه فتردى, ولم يفهم القرآن والهدى, ولم يقدر الله حق قدره {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ} [الزمر: 67] هذا الرويبضة وأمثاله من أصحاب هذه الدعوات الموسادية؛ يصح فيهم قوله تعالى: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ * وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ * سَاءَ مَثَلًا الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَأَنْفُسَهُمْ كَانُوا يَظْلِمُونَ}[الأعراف: 175 - 177] فهل قرأ هذا الرويبضة القرآن؛ وعلم أن الأمم الكافرة هي عدوة لنا قبل القاعدة والنصرة, وقبل الجهاد وبعده, قال الله تعالى: {إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِينًا}[النساء: 101] هل يعلم هذا الرويبضة أن هذه الأمم التي استعدتها الجبهة هي عدوة لله {فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ}[البقرة: 98] فإذا كان يصدِّق الله؛ فهم أعداؤنا قبل القاعدة والجبهة, وعليه أن يتوب ويعود إلى الحق, وإن كان يُكَذّب الله, ويصدّق جون كيري ودي مستورا والأمم المتحدة, فيا ويل أمه, ولتبك عليه البواكي؛ لكونه خرج من العصمة, وأباح دمه وماله, ومثواه النار إن لم يحدث توبة, وإذا كان يريد ألا يعاديهم بل يواليهم فليذهب ويأخذ حكمهم {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}[المائدة: 51] فلو علم هذا الرويبضة معنى كلام نفسه, وكان به ذرة من حياء؛ لتوارى عن عيون الناس من سوء مقاله, وتفاهة حاله, حتى لا يرون جريمة كلامه وتساقطه, وفدن رأيه وتهاويه مع زمرة أولياء الكافرين.
5- ورويبضة يقول:{ لو أردتم نصرتنا لقاتلتم تحت رايتنا} وكأننا مرتزقة, وهم أهل البلاد!!! نحن أهل البلاد, وبلادنا بلاد الإسلام والمسلمين, كل المسلمين, قمنا لنصرة دين الله, وهو الواجب المتحتم على جميع المسلمين, وليس لاستبدال طاغوت بطاغوت, ونصيرية بعلمانية, وليس لنصرة عملاء (الموك), ولا لنصرة عملاء الموساد وال (CIA), سيستنكر بعض الناس مثل هذا الكلام, نعم هناك جماعات مرتبطة بأجهزة أمن إقليمية, وهذا يعرفه سائر العقلاء, وأنصاف العقلاء, وأجهزة الأمن الإقليمية هذه نهايتها الموساد وال CIA, أفنقاتل تحت رايتكم؟!! وهل لكم راية؟!!! أم أنتم أبواق لراية عميّة مختلطة غلبت عليها الجاهلية. أيرضى الدين بهذا !!!, أيرضى المسلمون بهذا؟!, أيرضى العقلاء بهذا؟!.
كم تطلبون لنا عيبا فيعجزكم … ويكره الله ما تأتون والكرم.
وما انتفاع أخي الدنيا بناظره ... إذا استوت عنده الأنوار والظلم
وجاهل مده في جهله ضحكي ... حتى أتته يد فراسة وفم
إذا رأيت نيوب الليث بارزة ... فلا تظننّ أن الليث يبتسم
بل تعالوا جميعًا إن كنتم صادقين وما إخالكم, لنجاهد وفق الكتاب والسنة وتحت راية {لا إله إلا الله}, ونعلنها إسلامية صريحة مدوية ودون مواربة, أن نستمر في الجهاد وفق قوله تعالى:{وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ }[الأنفال: 39] ولا لقاء مع أنظمة الردة, ولا خضوع للكفر العالمي ولا وصاية له, ولنترك دهاليزه وبرامجه, ونكون جنودًا لله فقط, حتى ينصرنا الله {وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ} ولا أستبعد أن تكون الرويبضات التي تدعوا للقتال تحت هذه الرايات الجاهلية العميّة؛ هي من أتباع أجهزة أمن الردة ومشتقاتها ومن ورائها.
6- ورويبضة بلحية ودشداش, يتسكع في أزقة باريس, وحارات بودلير, ويسمر مع سهير الأتاسي البعثية, ونغم الغادري العلمانية, وبسمة قضماني عاشقة يهود, وبقية الكاسيات العاريات, وهو جزء من ائتلاف الردة يقول: (يا جبهة النصرة طفح الكيل سحبتم معظم رجالكم من الساحل),!!! وأنت يا رويبضة ما دخلك في رجالنا وخطط عملياتهم وإستراتيجيتهم وكيف يجاهدون؟!, وما دخلك في أعمال المجاهدين والرجال, إبق حيث أنت مع ربات الحجال, إبق حيث أنت في باريس, في بلاد الخنا والدعارة, في ائتلاف العمالة والخيانة, مع المرتدين والزنادقة, ومكانك في الصف الأخير, يتقدمك ميشيل وجورج والنصيريون والدروز والصبايا. وتقف على أصابع قدميك تطاولًا لتظهر بالصورة.
دع المعالي لا ترحل لبغيتها *** واجلس فإنك أنت الطاعم الكاسي
ما بين مؤتمر تلهو ومؤتمر *** مع الكوافر أهل الطاس والكاس
نحن نجاهد حيث يتطلب الجهاد, وعلى الرويبضات إلا يتكلموا في شأن العامة, ولا يحق لهم أن ينبسوا ببنت شفة عن الجهاد, حلفاء الزنادقة وأهل الردة, اعرفوا حجمكم الحقيقي, ولا تتجاوزوا قدركم, فلتأت أنت وجماعتك المتعلمنة للجهاد, تفضلوا وأرونا بأسكم.
أليست جماعتك الرويبضية قررت إلقاء السلاح وتبرأت منه على تاريخها واختارت المعارضة الكلامية المدجَّنة؟؟!! إذا اختار ربعك درب الكلام, وترك الجهاد طريق الكرام, فهلا تقولون قولًا صحيحًا, يميط عن الحق بعض اللثام!!
أليست جماعتك الرويبضية قررت التحاكم وبشكل نهائي لربها الصندوق ؟؟!!
أليست جماعتك الرويبضية قررت قبول رئاسة وولاية الكافر والمرتد والزنديق والنسوان وصرح بهذا قادتها؟؟!!
أليست جماعتك الرويبضية تطالب بدولة ديمقراطية مدنية حديثة تعددية تداولية مواطنية الحكم فيها للشعب؟؟!!
أليست جماعتك ألغت رابطة العقيدة وقررت رابطة المواطنة؟؟!!!
أليست جماعتك الرويبضية تحالفت مع كل زنادقة الشام وآخرهم خدام النصيرية؟؟!!
ماذا أقول عن جماعتك الرويبضية التي لا تستوعب مخازيها وضلالاتها المجلدات؟؟!!
فغضوا الطرف إنكم نذالة *** نشأتم في السفاهة والرذالة
شعاركم التمــــلق للأعادي *** قيادتكم أحط من الحثالة
مناهجكم تفوح بريح كفر *** تعشش بالتزندق والضلالة
7- ورويبضة يلطم ويشتم, ويصيح ويستريح, علم الثورة ديس, ومختص بنقد الجبهة بالزور والبهتان, والإفك والعدوان, متطوع في خدمة الشيطان, والدفاع عن أنظمة الردة والكفران, ويمتهن الحكواتية, التي ربما ورثها منقوصة عن بعض الصالحين, دأبه شتم المجاهدين, أكل الحقد قلبه, ودمر الحسد كبده, وحطمت الكراهية كلاه, لا أقال الله عثرته, لا يفرق بين دين وتين, كله عنده يباع ويشرى, ينظر للمبادئ والعقائد بعين التاجر الفاشل, وإذا كان يعتد بعلم الفرنسيين الذي جعله الطغام لثورتهم, لماذا لم يرفعه أصحابه؟!, ولم يتبناه أحبابه؟!, واتخذوا لهم راية غيره, إذا كنتم صادقين فالغوا رايتكم وارفعوا العلم الذي تدافع الرويبضات وتبكي عليه, أم أنه نقيق الضفادع وفحيح الأفاعي فقط, {قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ}.
8- ورويبضة يقول إجماع أهل الشام, أن تخرج جبهة النصرة من الشام, وهذا الرويبضة التائه, لا يدري ما الإجماع, وعلى أي شيء يكون, ومن هم أهل الإجماع, ولا كيف يجمعون, سمع كلامًا فسدده , كالببغاء ردده, ولا يدري هذا التائه أن الزنادقة وعملاء الموساد ليسوا من المسلمين؛ فضلاً أن يكونوا من أهل الإجماع, والرويبضات والحوش والدهماء, والإمعات والسقط والغوغاء, ليسوا من أهل الرأي والإجماع, قصارى شأنهم إمعات تبع لمن يموّل, فكيف يكونون من المجمعين, وهو مع هذا كذاب أشر؛ فلقد رأينا وفي مناسبات عديدة موقف المسلمين في الشام من جبهة النصرة ومن جماعات الرويبضات, أهل الإسلام في الشام نزلوا مرارًا إلى الشوارع؛ رغم القصف والطائرات, ليهتفوا لجبهة النصرة, ويقولوا: كلنا جبهة النصرة, فليخنس الرويبضات ويختفون في جحورهم, أقول لهؤلاء الرويبضات: هذه الشام فنافحوا عنها إن كنتم من الرجال, ولا تلوذوا بجبهة النصرة ترجونها عند النزال, جبهة النصرة رأس حربة الإسلام, وجهادها للإسلام؛ وليست من الرويبضات, ولاعملها لمشاريع المخابرات, جبهة النصرة تنصر دين الله؛ وليس دين أمريكا الذي يدعو إليه الرويبضات, جبهة النصرة قامت لتقيم دين الله وتعلي كلمته؛ وليس لقيام مناهج الكفر وإعلاء رايته, جبهة النصرة قامت وأعلنت الكفر بالطواغيت, وليس لاستبدال طاغوت بطاغوت, نحن نعلم أن كثيرًا من الرويبضات جمعوا شرورًا إلى شرور؛ فغير التروبض هناك فئام من الرويبضات أضافت إلى التروبض العمالة والخيانة, والائتمار بأمر أعداء الإسلام من أجهزة الأمن الإقليمية والعالمية, ولن يهمنا كيدهم وكيد طواغيتهم, فثقتنا بالله تعالى أكبر منهم ومن طواغيتهم ومن الدنيا أجمع, فالله مولانا والطاغوت مولاهم.
9- ورويبضة الرويبضات, يقول: هذه ثورتنا, ونحن أصحاب القرار, ويغمز من النصرة بوجوب تبعيتها له, وهذا الرويبضة التائه المسكين؛ من أخذ الثورة منه؟! من أراد أن ينافسه على ثورجيته؟!, ومن أخذ قراره منه؟! وهل القرار يؤخذ من أصحابه إلا أن يكونوا زعانف؟! هذا الثورجي لا يجرؤ أن يلفظ كلمة جهاد؛ فيغضب عليه أولياء نعمته, فادعى الثورجية, على الطريقة البعثية والشيوعية, يبدل أسماء الإسلام وتعابيره بمصطلحات العلمانيين والثورجيين؛ حتى يصنف مع (التقدميين) (الانفتاحيين المنفتحين), (المستنورين) وليعلم هذا المسكين, أنه لو شلح جلده ونزع لسانه؛ لن ترضى عنه أمريكا, يجهد هذا التائه وينصب ويتعب ليرضي من لا يرضى إلا بكفره {وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ} [البقرة: 120] ولكن هؤلاء الرويبضات وأمثالهم لا يفقهون كلام الله, ويسعى ويتخبط, ويهرف بما لا يعرف, ويخلط ويخبط, حتى لا تغضب عليه أجهزة الأمن الإقليمية والعالمية, وتحجب دعمها الذي يتقوت به؛ يريد طرد المجاهدين المهاجرين, ولا يجيد إلا العويل والنحيب على مصالح أوليائه؛ وحتى لو خربت بلاده, وهو يقول نحن أصحاب القرار!! ومن أنت؟! ومن يعرفك ويدري بك؟, وبأي تلسكوب يمكن رؤيتك؟, وعن أي قرار يتكلم هذا الرويبضة؟, عن قرارات مؤتمر الخيانة والذل والعار في الرياض, عن قرارات بيع البلاد والناس والأعراض, عن قرارات تبني الديمقراطية والمواطنة والدولة المدنية, عن قرارات حماية الزنادقة والاستعداد لقتال المجاهدين, عن قرارات إقامة دولة العدل والنظام والقانون, عن قرارات التعاون مع قيادة الكفر ووكلائهم الإقليميين, عن قرارات حصر ما يسميه وصحبه بالثورة على التراب السوري طمأنة ليهود, عن أي قرارات مسلوبة يتكلم هذا الكائن. هذه ساحات الوغى خذوا قراركم وأرونا بأسكم.
إن هؤلاء الرويبضات ألِفَهم الذل وألفوه, وذاقوا طعم الخنوع واستطيبوه, ما ذاقوا يومًا طعم العبودية الحقة لله؛ ليأنفوا من العبودية للمخلوقين المهازيل, كانوا عبيدًا للحكم النصيري؛ فلما بدأت نسائم الحرية بالهبوب نكصوا على أعقابهم, وطالبوا بأن يكونوا عبيدًا للغرب؛ لأن نفوسهم ألفت الذلة والمهانة, فلا يستطيعون إلا أن يكونوا عبيدًا للأهواء والطواغيت, ذهب طاغوتهم القديم فيبحثون عن جديد, يطالبون بالديمقراطية والدولة المدنية, وبعضهم يقول نرضى بالعلمانية يا حسرتاه! نعم يرضون بالعلمانية, ليعودوا عبيدًا عند الطواغيت كما كانوا, فقط يتغير اسم الطاغوت, فهم يهربون من الحياة الإسلامية العزيزة؛ لأنهم ألفوا النفاق وعاشوه, وتمرسوا على الخنوع حتى أدمنوه, فترى في نفوسهم حاجة ملحة وطلب شديد للطواغيت, فقط يريدون استبدال الطاغوت, ولا يفهمون معنى الحياة الإسلامية والجهاد, ويريدون أن يرتدوا على أعقابهم عبيدًا عند الطواغيت كالذي استهوته الشياطين{قُلْ أَنَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُنَا وَلَا يَضُرُّنَا وَنُرَدُّ عَلَى أَعْقَابِنَا بَعْدَ إِذْ هَدَانَا اللَّهُ كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ فِي الْأَرْضِ حَيْرَانَ لَهُ أَصْحَابٌ يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى ائْتِنَا قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} [الأنعام: 71]
وسنبقى ندعوهم إلى الهدى ونؤطرهم عليه إطرًا, مهما تمردوا وكانوا شموسًا هذرًا.
بيئة نمو الرويبضات:
إن البيئة التي تفرخ الرويبضات, هي بيئة الرعاع والإمعات, بيئة الدهماء والهمل, واختلاط الأمور والدجل, بيئة الجهل واتباع الهوى والتدليس, بيئة الخداع والتلبيس, عن عبد الله بن عمرو، قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: "... فإن الشيطانَ بين الرَّغْوَةِ والصَّرِيحِ"([8]). فعلى تخوم الحق وحدود الباطل يبدأ التلبيس والتدليس قال الله تعالى: {وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ * وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [البقرة: 41، 42] فالله تعالى يعلم أن هناك أناس سيتاجرون بالدين ويلبسون على الناس كالسحرة يخلطوا كلمة حق بمائة كلمة باطل, عن أبي هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: إِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " إِذَا قَضَى اللَّهُ الأَمْرَ فِي السَّمَاءِ، ضَرَبَتِ المَلاَئِكَةُ بِأَجْنِحَتِهَا خُضْعَانًا لِقَوْلِهِ، كَأَنَّهُ سِلْسِلَةٌ عَلَى صَفْوَانٍ، فَإِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا: مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ؟ قَالُوا لِلَّذِي قَالَ: الحَقَّ، وَهُوَ العَلِيُّ الكَبِيرُ، فَيَسْمَعُهَا مُسْتَرِقُ السَّمْعِ، وَمُسْتَرِقُ السَّمْعِ هَكَذَا بَعْضُهُ فَوْقَ بَعْضٍ - وَوَصَفَ سُفْيَانُ بِكَفِّهِ فَحَرَفَهَا، وَبَدَّدَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ - فَيَسْمَعُ الكَلِمَةَ فَيُلْقِيهَا إِلَى مَنْ تَحْتَهُ، ثُمَّ يُلْقِيهَا الآخَرُ إِلَى مَنْ تَحْتَهُ، حَتَّى يُلْقِيَهَا عَلَى لِسَانِ السَّاحِرِ أَوِ الكَاهِنِ، فَرُبَّمَا أَدْرَكَ الشِّهَابُ قَبْلَ أَنْ يُلْقِيَهَا، وَرُبَّمَا أَلْقَاهَا قَبْلَ أَنْ يُدْرِكَهُ، فَيَكْذِبُ مَعَهَا مِائَةَ كَذْبَةٍ، فَيُقَالُ: أَلَيْسَ قَدْ قَالَ لَنَا يَوْمَ كَذَا وَكَذَا: كَذَا وَكَذَا، فَيُصَدَّقُ بِتِلْكَ الكَلِمَةِ الَّتِي سَمِعَ مِنَ السَّمَاءِ "([9]).
وكذلك الرويبضات يتكلمون كلمة يتوهمها البعض أنها من الحق ويكذبون معها مائة كذبة لتنطلي على الرعاع والدهماء, {شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ} [الأنعام: 112]
وما ذلك إلا بسبب التباس الحق بالباطل, والجهل بالعلم, فتعاونوا في الدجل والبهتان, وكانوا جنودًا للشيطان, فزخرفوا الأقوال, وقدموها بإكبار وإجلال, وجُمَل من القول خادعات، وزوروا الأسماء والمسميات, فَضَلّ بسبب ذلك خلق كثير, وحل بالأمة شر مستطير, وبررت المواقف الضالة, وحل الهوى مكان الاتِّباع, وسيطرت الشهوات على المتبوعين والأتباع, وامتطوا صهوة التأويل المذموم المردود, ليتجاوزوا الشرع والحدود, وتأثر بأولئك الملبسين, فئام من المـُضَلَّلِين, فصاروا يرددون ما يقولون, وصدق عليهم وصف (السماعون), وعندما ينادي دعاة الحق بضرورة الالتزام بمقررات القرآن, والسير وفق هدى الرحمن, والتمسك, بالسنن للنجاة من المحن, يجتمع كيد الرويبضات والعملاء, والغوغاء والدهماء, والسفلة والأشقياء, ويجيِّشون معهم جحافل الإعلام العميل, والأجير والدخيل, ليصرفوا الناس عن طريق الجهاد, ويأخذوهم إلى مهاوي الخيانة والفساد. ويجلبون بخيلهم ورجلهم مستعينين بالدهاة, ليسكتوا داعي الخير والنجاة.
فأصل الفتن وسريانها قديمًا وحديثًا هو اتباع الهوى, ولا يمكن للهوى أن يتبع إلا عندما يكون هناك جهل وخلل في العقائد والأفكار, وعدم تكوين المواقف بناءً على الكتاب والسنة, فينجرف أصحاب الأهواء خلف الأهواء, ويدغدغ هؤلاء عواطف الناس بالشعارات الرنانة, والصيحات البراقة الطنانة, بعيدًا عن الدين والمنطق والبدهيات والعقل.
لكن من جعل مرجع حُكمه على الأشياء والأفعال, والشخصيات والأقوال, والجهات والهيئات, الكتاب والسنة؛ فسيصِل بإذن الله للحكم الرشيد, والرأي السديد, والموقف المصيب، وسيتجنب الزلل, ويكون بعيدًا عن مرديات الخطل.
ولم يرج باطل الرويبضات, إلا لوجود عاهات وطامات, أذكر منها العناوين, والله على كيدهم معين.
1- الجهل المركب والبسيط.
2- الخلل في العقيدة.
3- حجم وقوة إعلام الرويبضات الملبسين والمدلسين.
4- سكوت إعلام المجاهدين على تضليل الرويبضات؛ لمصالح متوهمة, وجهالات متراكمة, وحسابات خاطئة,
5- تغافل العلماء عن كشف الأدعياء,
6- عدم إدراك العاملين لخطورة هؤلاء الضالين المضلين, وعدم إزاحة الباطل عن سبيل المؤمنين.
7- عدم الأخذ بقوله تعالى: {وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ} [الأنعام: 55]
8- الضعف في تقدير الموقف وأن هؤلاء رسل الزنادقة والمرتدين, والأولى قمعهم, قبل استفحال أمرهم.
8- الغفلة في التسامح وعدم الأخذ بقول عمر رضي الله عنه {ما كنت بالخب وما كان الخب يخدعني}.
9- منهج التبرير؛ الأعمى عن الحق المساير للخلق.
10- عدم التصدي بقوة لتحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين، الذين عقدوا ألوية البدع، وأطلقوا عقال الفتن فهم مختلفون في الكتاب، مخالفون للكتاب، مجمعون على مفارقة الكتاب، يقولون على الله، وفي الله، وفي كتاب الله ودينه بغير علم
11- تقديم الأهواء تحت مسمى العقل والمصلحة، وتقديمهما على النصوص الجلية من الكتاب والسنة النبوية، وهو تيار ظاهر له منظروه ومدارسه التطويرية, وقادته ومنهزموه الذين اعتنقوا العصرانية.
وصمام الأمان، لصحة المسير, على السمت المستنير, العلماء الربانيون المجاهدون, الذين لا يطمسون الحقائق, ولا يسكتون على المنكرات, ولا يبررون للقيادات, وشأن الدين في أنفسهم عظيم, وكل عمل جهادي أو دعوي ليس للعلماء فيه شأن فهو يباب, ومآله إلى الخراب, ولا بد من خريطة لطريق الإصلاح وكشف الملمات, والحد من ظهور الرويبضات والإمعات, وأختصر الخطوات الواجبات فأقول:
1- ترسيخ العقيدة الصحيحة, ومعرفة الله حق المعرفة, وتوحيده حق التوحد والالتقاء على عقيدة ومبادئ وفكر أهل السنة والجماعة.
2- معرفة شرائط الإيمان وتوضيح الدين كما كان الأمر في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة رضي الله عنهم.
3 - تحديد مصادر التلقي بالكتاب وصحيح السنة وإجماع الصحابة.
4 - إحياء عقيدة الولاء والبراء.
5 - إعلان أن الحكم لله {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُون} [المائدة: 44]
6 - الحل والأسلوب هو الجهاد لإعلاء كلمة الله وليس لاستبدال طاغوت بطاغوت في سراديب السياسة الدولية.
7- استنهاض الهمم وحشد الأمة.
8- استشعار الأزمة ومواجهتها.
9- الأمر بالمعروف وإنكار المنكر.
10- الصبر والثقة بنصر الله ووعده.
11- عدم خلط الحق بالباطل أو مزج الدين بالمواضعات الأرضية.
12- الإعلان بالدين وعدم الغمغمات وتمييع الحق.
13- الأخذ على أيدي المفسدين والرويبضات.
14- عدم تأخير البيان عن وقته حتى لا يرسخ الباطل ولا يتكاثر الشر.
15- رفض كل ما يمت إلى الأنظمة الوضعية الكافرة ومن يروج لها مثل الديمقراطية ومشتقاتها والعلمانية وأخواتها والدولة المدنية وصديقاتها وكل ما يمت بصلة إلى هذا الكفر.
------------------------------------------------
[1] - المستدرك على الصحيحين للحاكم (4/ 512) 8439 [التعليق - من تلخيص الذهبي] 8439 - صحيح
[2] - . شرح أصول اعتقاد أهل السنة للالكائي (37/ 11 )
[3] - مسند البزار = البحر الزخار (17/ 183) 9809
[4] - متفق عليه صحيح البخاري (1/ 31) 100 وصحيح مسلم (4/ 2058) 13 - (2673)
[5] - جامع العلوم والحكم ت الأرنؤوط (1/ 140)
[6] - متفق عليه صحيح البخاري (8/ 104) 6497 وصحيح مسلم (1/ 126) 230 - (143)
[7] - أخرجه معمر بن راشد في جامعه المطبوع مع مصنف عبد الرزاق (11/ 246) برقم (20446)، وابن المبارك في الزهد (815)،
[8] - مسند أحمد ت شاكر (6/ 197) (6640) إسناده صحيح، وهو في مجمع الزوائد 8: 105.
[9] - صحيح البخاري (6/ 122) 4800