JustPaste.it

مقاصد الفتن بين أهل الإسلام

يجري الله من الفتن بين أهل الإسلام في  ابتلاء بعضهم بعضاً لمقاصد عظيمة، كما حصل من فتنة اللفظية بعد فتنة خلق القرآن، وأرجو من الإخوان قراءة كتاب الإختلاف في اللفظ لخطيب أهل السنة ابن قتيبة لتروا أثر هذه الفتنة على أهل السنة ،وما أحدثت من الفتن بينهم، وكذلك ما صار من قتال الصحابة بعد انتصار الإسلام وبسطه سلطته على الجزيرة والشام والعراق وفارس، وهذه الفتن لها حكمتها، وهي على غير نوع الفتنة من المشركين، ففتنة المؤمن من المشركين فيها حكم معروفة المقاصد تجد بعضها في كتابي حكمة الإبتلاء،لكن ابتلاء المسلم بالسلم في مثل فتنة الخوارج في زماننا لها مقاصد مهمة

منها وهو أهمها: بيان درجة علم المرء، فمع الخطوط العامة إن بان الحق كما في فتنة خلق القرآن يكون بعدها ابتلاء العلم في هذه المسآلة ومقدار فهمه فقد بان الحق أن القرآن كلام الله، فجاء بيان التفريق بين الناس في هذا الباب،ونحن هنا كذلك،فقد بان كفر الطواغيت ووجوب قتالهم،فجاءت هذه الفتنة لتبين مقدار علم الناس في تفصيلها، فهناك من لم يفهم إلا صورة البراءة، ولم يفهم الولاء فيه إلا على وجه واحد، فجاءت فتنة الخوارج لتبين مراتب الناس في هذا العلم، فأنت تجد الغلاة يبرؤون من المسلم كما يبرؤن من الكافر تماماً،هذا إن لم يكفروا المسلم أصلا، بل إن لم يكفروا علماءهم الذين علموهم البراءة من الطواغيت،بل إن لم يستحلواقتلهم وسبي نسائهم وغنيمة أموالهم،وكل هذا ليظهر دين الله ومقدارالفهم له في قلوب هؤلاء الذين خلصوا من موالاة الكفر،وليبتلي هذا الخلوص هل قوم على سوق الحق والعلم أم على سوق الهوى والخصومة والرفعة على الخلق، فقد رأى الناس كيف صار من يحفظ كلمة واحدة وهي البراءة من الطواغيت، ويعلم وجوب قتالهم كيف يستعلي على الناس جميعاً، ويحتقر جموع الدعاة والجماعات، ولا يعرف للناس سابقتهم، ولا يقيم شأنالأي علم من علوم الدين مما يقوم به طلبة العلم والدعاة،فجاءت هذه الفتنة لتبين هذا كله،ولتكشف بوضوح أن هناك دخن النفس، وقلة العلم وجهل مراتب الشريعة ،ويجمعها أن هؤلاء صارت تقودهم نفوسهم لا العلم ولا حب الخير للناس،ولا طلب تعليم الآخرين، إنما هو رفعة النفس، مع جهل عجيب١٣

‏كيف هي مراتب الناس في هذه الأبواب،إذ وضعوا الكل في كفة واحدة ما دام أنه خالفهم في كلمة واحدة منا يرددونه كالببغاوات،وظن الجاهل فيهم أنه في مرتبة العالم سواء بسواء، فهو يستطيع أن يقول بقوله،ويستدل بأدلته،مع أنه أخذها من عالمها، لكنها الفتنة، فجاءت هذه الفتنة من الغلاة فكشفت هذا فأرت الناس مراتبهم في علم الولاء ىالبراء، وعلمتهم كيف هم في باب الجهاد، أهناك تفريق بين الناس،أم أن الجهاد ضد العالم اجمع، حتى ضد المسلمين بل ضد علمائهم، ومن رحمة الله أن أكبر حجة على هؤلاء أنهم كفروا من علمهم التوحيد،وقاتلوا من علمهم الجهاد،وسبوا مع التبديع والتفسيق والتكفير من ساقهم لطريق الحق والجهاد، فعلم كل منصف أنهم خوارج هذا العصر، وضلال هذا الزمان، وهم مع جمعهم البدعة فقد جمعوا سوء الخلق، ولم يبرؤوا من الطواغيت وجنودهم وأعوانهم فقط،بل تبرؤوا من المسلمين،فهم كالكلاب المسعورة،ويظنون لجهلهم أنهم يقيمون الدين،فليصبر الناس لنراهم كما رأينا الجامية والمداخلة،حيث نشطوا نفس النشاط تحت باب تبرئة المنهج، وكشف أهل البدع، وتصفية الدعوة،فآل بهم الأمر إلى عداوة بعضهم بعضا،وكل يعض الكل وها انت تجد الآن كيف تفرقهم،وكيف سبهم لبعضهم بعضاً، فها هم من يسمون تلاميذ الألباني فرقهم الهوى وحب الدينار والطعن بالنيات والمقاصد والدين ولو رجعت إلى ما كانوا عليه وقد اجتمعوا على سيد قطب والجماعات الإسلامية الأخرى، ثم كيف صار شغلهم الشاغل سبهم لبعض لعلمت الحال الذي سيصيرعلاة اليوم، وكيف سيقتل بعضهم بعضاً، إذ سيرتد شرهم عليهم في قابل ، والأيام بيننا، والذي يفرق بين حال الناس قديماً والحال اليوم، أنه كان في زمن فتنة اللفظية علم وتقوى، وفي زمن الصحابة قبلهم أكثر من هذا، لكن اليوم لا نرى إلا جهلا وهوى، وما رأيتموه من افتراق المداخلة في اللسان والسب والطعن والإفتراءوالبهت والفضائح، ستجدون ما يقابله عند الغلاة من الخوارج مثل هذا،لكنه بالقتل والتكفير والدماء.

هي فتنة كشفت طريق الحق ومن فيه، ومن هم معه على علم وبصيرة ، أم من سار فيه بظلم وجهل وقلة دين وسوء خلق.

لا تعجبوا من سقوط البعض،فهو ساقط قبل هذه الفتنة كشفته.

الشيخ أبو قتادة