JustPaste.it

كليمة في التفريق بين من يؤسس وبين من يصرخ


بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى اله وصحبه ومن والاه
أما بعد
مما لا يدركه الكثيرون من نظار السياسة والمتابعين للصراع بين ضفتي المتوسط، وبين دين الله تعالى الذي طويت له الأرض عرضاً وبقي خصومه في مناطق الطول منها أن هذا الغرب يحب ويعشق اغلاق الملفات الخاصة بالخصوم، فهو يسعى دوماً لتحقيق حالة من الفرح الجنائزي حين يغلق ملفاً لعدو يسف فوقه التراب، ويقف على قبره متبجحاً أن قضيت عليه، وراقصاً بنشوة الثملان أنه حقق النصر على خصم جديد،فإغلاق الملفات بذهب الأعداء وموتهم وفنائهم مقصد استراتيجي يكمن في حس السياسي والعسكري والأمني الغربي، هذا لا يعني أبدا عنده أنه معني بإنهاء حالة الصراع ضد خصوم قادمين أو جدد، لأن من مهمات حياة السياسي الغربي أن ينتعش ويزدهر لوجود حالة الصراع والخصومة والعداء، بل إن السياسي ليتعبر نفسه محظوظاً حين تأتي في فترة وجوده أزمة ما تلتصق به أنه صاحبها وعالجها ، فدخوله تاريخ السياسيين العظماء في كتبهم أن يحيى حالة صراع ليتحقق مفهوم البطل عندهم.
المهم أن اغلاق الملفات بالأشخاص والتنظيمات مهمة استراتيجية ضرورية في الحس السياسي والعسكري والأمني، ولتحقيق هذا الأمر فإنه لا يأبه كثيرا بتعظيم الخصم ونفخه، بل قد يكون من عمله هو أن يقوم بهذا التعظيم وهذا النفخ، لأن هذا يحقق له بعد ذلك بعد الصيت، كما يعطيه شرعية الراع الذي يحقق له مقاصده كسياسي، وكذلك مقاصد مؤسسة المال والفكر التي ترعاه ، وهي مؤسسة ثابته مهما تنوع وتغير السياسي بفعل ألية الحكم لديهم.
ولذلك إن عجز هو عن اغلاق الملف وتدمير الخصم سعى إلى إيجاد هدف بديل أكبر من الموجود صورة ليعطيه شرعية الصراع بعيداً عن هذا الخصم الذي أعياه وطالت خصومته، ولذلك لا تعجب حين يكون القرع على لوائح الصفيح في مكان ، فيصدر الصوت العظيم سارقاً العيون والآذان، ويكون الفعل الحقيقي في مكان آخر.
هذه جزء يسير من عملية الأداء الغربي، وهي تبين لمن تأملها أن هناك ثمة صراع دائم حقيقي، هو الأخطر، وهو الذي يؤسس لدوام الصراع الذي لا يريده الخم الجاهلي الغربي، بل يسعى دوماً لتدميره، فإن عجز ذهب ليصنع أو يستغل صوراً جديدة تمثل حالة هيجان فقط ، لها عمر صغير كعمر القنبلة التي تقتل نفسها وتقتل غيرها لتمهد الطريق لهذا الجاهلي ضد الخصوم الحقيقيين.
لا تعجب اذا أنه كلما كان فعل حقيقي في ذروة صراع ما خرج هذا السياسي وإعلامه، ومعه قاصفو العقول ليصرخوا اصواتا نشازاً لتضخم الخصم الهوائي الجديد، والذي لا يشكل خطراً طويلاً ضدهم، بل هو من رغباتهم ليتحقق لهم دخول التاريخ كما تقدم.
تغييب الخصم القديم مع فاعليته وحضوره وأهميته في صناعة الوقائع القوية والثابتة على الأرض، وتضخيم خصم جديد آخر هو ضمن لعبة العداء الغربي من أجل وضع شواهد القبور على خصم حقيقي ، وقوي ومتصل شغلهم وأتعبهم أن طال شأنه وعمره فلا بد من تغييبه، ولا بد من بديل صناعي يحقق صورة قرع الصفيح، وبالتالي يسهل إزالته وإبادته ، لأنه بهذا يتحقق الحلم والاستراتيجية لحسهم أنهم نهاية التاريخ، وأنهم وراث البشرية.
الفرق بين الوعي القرآني ووعي الصغار والأطفال هو إعلانك دوماً أنك هو الذي مضى ، وأن اسمك اسمه، وأن طريقك طريقه، وما أنت إلا وارث له، وبهذا تغيظ العدى، وتحقق قوله تعالى( والذين من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم)، أما الصغار فهم لا يتحملون ضغوط الماضي ، ويسرق أعينهم الجديد حتى لو كان ورماً،ويظن ن أنهم خارج سنن الوجود بأن كل من. مشى فلا بد أنه سيصاب بالذنوب والأخطاء، وحسبه مؤمناً أن يستغفر منها، وأن يشكر له الكبار الوارثون أنه أوصل لهمهذا الحمل الثقيل في زمن البلاء والمحن.
لا يغرنك صراخ الجديد، فهذا شأن كل جديد، لكن انظر إلى مقدار عمقه في حياة المسلمين، وإلى نوع صنائعه التي ستكتب تاريخه،وإلى اهتمامه بتحميل الأمانة للأجيال التي سيورثها فعاله ومواقفه.
لقد ابتعدت عن التمثيل وهي أي الأمثال تملأ التاريخ والحاضر لمن تأمل، لكني تركتها احتراما للقاريء حتى لا أذهب عنه متعة النظر والتحري.
والحمد لله رب العالمين

الشيخ عمر محمود أبو عمر