JustPaste.it

 

بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين
كلمة في حق الأمة في اختيار حكامها وما ينفعها من المباحات حين تتنازع

ولكن أصل مسألة انتخاب عثمان انه دخل فيها عدة أمور :

أولها : التعيين المجمل من قبل الفاروق ،
ثم التراضي من أهل الحل والعقد الخاصين للمسألة ،
ثم جواز جعل الأمر لواحد منهم لسبب مرجح فيه ، وهو تنازله عنها كما فعل عبد الرحمن بن عوف ،
ثم ترجيح أحد الطرفين بمعرفة اختيار الناس ، فقال ابن عوف مقالته وأنه استشار الناس فلم ير أحدا يعدل عليا بعثمان ،

فاحدى وجوه الترجيح إذا استوى الطرفان هو الأكثر عند المتقين ، ولا يقال هنا : ( وأكثرهم الكافرون )، ولا قوله ( وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين ) ،

ولكن يقال كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بكر وعمر : لو اجتمعتما على أمر ما خالفتكما ، وللناس حق في ابواب عديدة كمسائل العرف ، فما وضعها الناس بينهم الا لمصلحتهم ،

وأصل المسير وراء اختيار الناس في المباح هو شورى النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه ،

فإن هذا معناه أن لا يحمل الناس على غير رضاهم فيما يخص منافعهم وقادتهم ،
فإنه إن وقع هذا كان إفتآت عليهم ، وسرقة حقهم وظلمهم ، فلا يجوز تعيين امير على قوم وهم كارهون ، بل مقاصد الإمامة والقيادة لا تقع إلا بالرضى

فإن قيل : هذا الصديق وضع الفاروق أميرا مع كراهتهم له !

نقول : نعوذ بالله من هذا القول ، فالناس يذكرون المخالف لقلته وندرته ، ولا يذكرون الموافق لكثرته

فالذين يعرفون قدر عمر ويحبون إمامته هم من بايعه بعد موت الفاروق ، وهم الناس عالمهم وعوامهم ، وما علم في الناس بكاء كبكائهم يوم قتل ، حتى بكته النساء في بيوتهن وخدورهن ، فهل بيعته كانت بإكراه ؟!

لا والله

ولكن علموا أنه أتقاهم وخافوا شدته ،
فلما قارنوا فضله في الإمامة بشيء من الرهق لشدتهم كان دينهم دافعا لبيعته وقبول امامته ، وهكذا كان الشأن في عثمان ، وابي بكر ، فما بويع إلابالرضى ، والرضى معناه ابتداءً أخذ رأيهم

ولو قيل : هذا رأي اهل الحل والعقد ، لقيل لا ، وهذه لا صحيحة

فقد رأينا الثوار في قتلهم لعثمان كانوا من العامة ، وكان الحكماء أقلية ، فقتل برأي الكثيرين من الفجرة الثوار

وهكذا ، فرأي الأكثرية ملزم في باب الإمارة ، وإلا لم يحصل مقصودها ، وهذا تجدونه في عموم التاريخ الاسلامي

فلا يقال : أين هذا من إمامة معاوية ؟!

فمعاوية في الشام حيث المنعة كان حب الناس له أشد من حبهم لعمر لما صنع لهم من الخير

حتى قال ابن عمر- أي عبد الله - : هو انفع لكم من عمر ، ولو رفضه الناس وقاموا عليه لكان شأنه كشأن عثمان في القتل
وهكذا

وأنتم رأيتم لما قام الناس في الربيع العربي وأظهروا ما هم عليه غيروا حكامهم ، والشرع في هذا لا يخالف القدر
فالقدر يقول : إن الامامة لمن غلب ، والشرع يقول هذا

وتفسير الغلبة في الشرع : هو أن يقبل به اهل الإيمان والحكمة ، ومن ينفعه في دفع الشر وتطبيق الأحكام والجهاد ، وهم المجاهدون وأهل القوة ،

وأما في غير الشرع أي في القدر ، فكل واحد يفسر الغلبة واقعا لا لفظا بحسبه
كالسيسي يرى أن الغلبة للجيش الكافر الذي يحميه ولا يهمه راي الناس وهكذا

فمن نزع حق الأمة في إختيار ما يحقق لها النفع من شرائع اباحها الله ، أو قيادة ترى فيها مصلحتها فقد افترى على الشرع
وافترى على صاحب الحق وهو الأمة

واذا كان الشرع يرفض إكراه البائع و إكراه الزواج ، فكيف يقبل الإكراه في ما هو أعظم منه ، هذا هو ديننا

وانما ينازع الناس في هذا لما يرون من أن الكفر يقول ببعض هذه الاصول أعمالا لكفره على غير وفق الشرع الذي ندين بهوانا احكي لكم قصة ، لما بدات المسيرات في الأردن والاعتصامات موافقة للربيع العربي ، قال الطحاوي للناس : المسيرات والاعتصامات كفر ، لانها من الديمقراطية ، والديمقراطية كفر

ثم لما جاءت فتوى أبي محمد حفظه الله وما أرسلته لهم : قال : ليست كفرا ، بل هي جائزة

ووالله لولا سماعي هذه القصة مرات ، ومن عدة رجال ومن محبين له ما صدقتها ،
وكذلك لما اجتمعوا من أجل اختيار ممثلين لهم وقاموا بالإقتراع ، قال بعضهم لانه لم ينجح أو ينجح من يريده : هذه ديمقراطية ، وهكذا الجهل يصنع بأصحابه

وجزاكم الله خيرا

الشيخ عمر محمود أبو عمر