JustPaste.it

 

 

 

أزمة منظري الخارج ... كلمة شعرية

للشيخ أبي قتادة حفظه الله

 

بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين


الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه.
هذه الكلمة المعبرة عن حالة جغرافية فقط، يكون فيها المتبني لها بعيداً عن مكان جهاد ضمن دائرة قطره السياسي الذي نشأ فيه وانتسب لجواز سفره - أكثر من بعد رجل خارج هذا القطر، وبسبب جواز سفره فقط أعطى لنفسه الحق أن يتحدث حديث المنظر للداخل لا للخارج، كما يحلو له أن يقذف غيره بهذه النقيصة أو الشرط ليسكت موقفه المخالف له، وكذلك فهو في حالة رقص قلبي حين يتكلم حامل جواز سفر بلاده وهو مقيم في بلاد الواق واق البعيدة الغور مسافة عن بلاده، ولا يجد في نفسه غضاضة في أن يبرأه من تهمة منظر الخارج، ذلك لأنه حقق شرطه النفسي لا العلمي ولا الشرعي ولا الواقعي كذلك.

يوجد عندنا قضية مسلمة، وهي أن الحكم فرع عن تصوره، وهذا لا ينتطح بها اثنان، وهذا التصور له منافذه وأساليبه، فمن حصلها فقد حصل التصور، ولنفرض أن بلداً كجزائر السبع المحكي أمرها في كتب طبقات الأولياء عند الصوفية، قام فيها جهاد، وكان هناك مدينة من مدنها في الشمال اسمها حالكة، يقيم فيها مجاهد يرسل أخباره لقائده المقيم في الجنوب منها وفي مدينة تسمى جالسة عن طريق الحمام الزاجل أو عن طريق التلبثة الصوفية وهي تبعد عنها مسافة تفوق ثلاثة اضعاف مسافة القصر، وفي هذا الشمال قرية خارج حدود الدولة كما قرر في خربشات العم تشرشل تبعد عن حالكة بضع كيلو مترات لا يحصل بها القصر عند من قال بأربعة برد أنها مسافة القصر، فهل ساكن هذه القرية التي تسمى ناحسة أبعد في التصور من ساكن تلك القرية التي تسمى جالسة!؟

أظن أن الجواب العلمي سيكون: هذا سؤال خطأ، فلا عبرة بالحدود لما أوجده العم تشرشل، ولا عبرة بطول المسافة، إنما العبرة بحصول التصور، فقط يخطئ الرجلان، وقد يصيبان، وقد يخطئ أحدهما ويصيب الآخر.
حقاً يحق لطالب علم أن يرمي كل هذا الكلام في الزبالة، والسبب أنه حديث بداهة عقول يدركها الطفل بلا بيان ولا دليل، لأنها مقتضى العقل ، لكن عذري أننا أمام صلف نفسي يمارسه قوم استمرؤوا الغلط حتى غطوا الشمس بغربال.

قبل أيام تكلم قوم تجمعهم مسافة الفيس بوك، أي أنهم على أرض واحدة هي عالم النت، وخلال حديثهم المشابه تماما لحديث المجتمعين على مصطبة أرضية من العالم الذي تدب عليه أرجلنا لا كلماتنا ولا أصواتنا، نسي هؤلاء هذا فجعلوا يصرخون: دعوا أهل البلد يتحدثون عن أنفسهم لأنهم يعلمون ما عليه أهل بلدهم، وليسكت القاذفون بالغيب من مكان بعيد!!!

نسي هؤلاء أن غيرهم يصنع صنيعهم من الأرض الالكترونية، ولكن هناك فرق بين سعار الغضب، وبين حديث العقل الذي لا يغيب تحت طرق شهوات النفس وغضبها المرسوم من قبل العم تشرشل.

خلال هذا الخطاب النفسي المخلوط بالجهل والتبجح والغرور لا يتكلم أبداً عن خطأ قول، ولا فساد فتوى، ولا ضلال اقتراح، إنما يبرز فوراً تقسيمات العم تشرشل فقط، وهي لوحة تحذير واسقاط تبرز لحملة جواز السفر المخالف فقط، مع أن الأمر أقرب من هذا في الرد والإبعاد: قولوا لهم، الأمر ليس كما قلتم، وهذه هي الأدلة، حينها سيسمع لكم الناس، ويعترفون أن هناك من الناس من تكلم بجهل ودعوى وفساد.


تبقى كلمة ( منظر) هذه التي تعني إن الرجل يصنع تنظيرات، ونظريات، يعني هو يتأمل ، ثم يتكلم، ومثل هؤلاء أصناف كثيرة لا تستحق منها القبول لواحد يسمع قولهم وهو يعيش واقعاً مختلفاً عما يحكم به هذا (المنظر)، إذ يكفي لسقوطه أن يسمع كلامه العاقل؛ أي عاقل فيرى أن هذا ( المنظر) يتكلم عن وجود سمك قرش أسود في بحر بلاد الواق واق، والمقيم فيها يرى ويبصر أن بلدته هذه لا بحر يحدها من أي جهة كانت، حينها سيقول له: توهمت فقلت.
هذا مع أن المسألة في كثير من جوانبها أن واحدا يرسل خبراً أو حالة ما يطلب فيها الرأي من هذا ( المنظر) فيجيب، فيصرخ الآخر : هذا خبر لا يصح، فيصرخ فيه الأول : بل صح، فهل الأزمة فيه ( أي المنظر كما تنعتونه) أم أن أهل بلاد الواق واق مختلفون في توصيف الواقع بينهم!؟


أما التفريق بين المنظر والمفتي والفقيه فتلك قضية أخرى.
في خضم هذا الواقع من شيطنة حملة جوازات السفر المخالفة لبلاد الواق واق تنشأ خصومات حقيقية قبل وجود ( الخارج) تدل على وجود معضلة تحتاج لعقلاء بين القوم أنفسهم، وأن مسألة تنظير الخارج هي صناعة تهمة فقط لإسقاط الخصم الداخلي في التصور والحل .


ثم من عجائب المقدور في أخبار ما نحن فيه أن بعض هؤلاء الغرباء من منظري الخارج ينصح أهل تلك البلاد أي الواق واق قائلاً: احذروا الغريب ودخوله بينكم، فلا تقبلوا منهم مالاً ، ولا نصحا، ولا تدخلوا في تحالفاتهم، ذلك لأننا نعرف هذا الخارج جيداً، وقد خبرناه وامتحناه، ولنا تاريخ غير مجيد معه، والتجارب قد أثبتت خسة هؤلاء وخيانتهم، وأن مالهم أنجس مال، وأن نصائحهم وسوسة شياطين، وأن وراء بسماتهم رجس ذئاب، فيأبى حملة جوازات الواق واق إلا إدخال يد هؤلاء ومالهم ومستشاريهم داخل حصنهم، ولكنهم يأبون دخول النصح لهم بلا تأشيرة من رجال حدود بلادهم.
أزمة منظري الخارج، كلمة مولودة من عقول لا تحترم نفسها، ولا تحترم التاريخ، ولا تحترم الحاضر، ولا تحترم الحقيقة، فأين ندخلها؟
( والشعراء يتبعهم الغاوون)
والحمد لله رب العالمين

 

اعتنى به وقام على نشره: أبو محمود الفلسطيني