JustPaste.it

http://s04.justpaste.it/files/justpaste/d239/a9624205/0027-small2.gif

logo-small_small.gif

حوار مع الشيخ أبي قتادة الفلسطيني من داخل السجون البريطانية -1429- هـ

هذا حوار قام به الشيخ عادل عبد المجيد مع الشيخ أبي قتادة المحتجزان في إحدى السجون البريطانية حيث تضمن هذا الحوار القضايا التالية:


- آراء الشيخ جرحا وتعديلا في:

  • الشيخ الألباني رحمه الله.

  • الشيخ بن باز رحمه الله.

  • الشيخ سفر الحوالي.

  • الشيخ سلمان العودة.

  • شيخ الأزهر سيد طنطاوي.

    • منهج الاخوان المسلمين و حماس.

      - ظاهرة التراجعات في الجماعات الإسلامية.

      - أحداث إختطاف الصحفي البريطاني ألن جونسون في غزة.

      - القضايا الساخنة في العالم الإسلامي (العراق، أفغانستان، الصومال، لبنان، مستقبل فلسطين).

      - الوجه الشرعي للانتخابات البرلمانية.

      - الحكم الشرعي في دخول شرطة و جيش البلاد الموالية للكفار.

      - دور المرأة في المعركة الإسلامية.

* * *


    • السؤال: الشيخ أبوقتادة، عودتنا على سعة صدرك على تساؤلاتي في الحوار معك، وأنا أغتنم هذه الفرصة لأبدأ هذا الحوار بسؤال ساخن:

      دأبت وسائل الإعلام في بريطانيا على وصفك بانك سفير بن لادن في أوروبا، فما حقيقة ذلك؟


      الجواب:

      الحقيقة أنك أولى بالشكر مني، فالفضل لك عليّ حين تسألني فتحسن بي الظن، ثم تعطيني فرصة لأشرح نفسي للناس، فأنت تعلم أن القيود على الدعوة إلى الله وأهلها شديدة وقاسية هذه الأيام، وما كوني في السجن هذه الأيام وانا أجري معك هذا الحوار إلا لمنع الكلمة المسلمة الصحيحة من أن تصل إلى الناس، ولأن المعركة في جوهرها معركة عقيدة، وأداة العقائد الاولى هي الكلمات، فمن هنا كانت الحرب ضد الكلمة قاسية وشرسة، وسؤالك الطيب هذا يكشف بعض جوانب هذه المعركة، ومن ذلك أن خصوم أمتنا المسلمة في الغرب وغيره معركتهم في حقيقتها ضد الإسلام في جوهره وضد المسلمين جميعاً وضد مصالح الامة المسلمة، وليس ضد فصيل أو تنظيم إسلامي، فكل من وقف ضد مشروعهم اليوم هو"قاعدة" وكل من التزم أحكام الشرع هو متشدد، وكل من دافع عن أمته هو إرهابي، هذه هي قواعدهم، وهذه هي مصطلحاتهم في إعلامهم، فمن هنا فأبوقتادة هو: سفير بن لادن في أوروبا، وهذا بعض أوصافهم ضدي، فانا حيناً "يده اليمنى في أوروبا" وفي مرة أنا: المسؤول الروحي للقاعدة في أوروبا، ودوائر الأمن تعرف أني لم أكن يوماً عضواً منتسباً للقاعدة، وقد حدثني بعض إخواني الذين اعتقلوا في غوانتنامو كالأخ جميل البنا "أبي أنس" أنهم عرضوا عليه الملايين ليشهد لهم أني عضو في القاعدة فلم يفعل، وقال: لو كان كذلك لأخبرتكم دون هذه العروض.

      هذا لا يعني أبداً أن أتخلى عن المجاهدين أو أتنزه من الإنتساب إليهم، أو أبرأ منهم لشر فيهم، معاذ الله، فأنا أحب المجاهدين وأدعو لهم وأتمنى الإنتساب إليهم، لكن هذا شيء وكوني منتسباً "للقاعدة" شيء آخر.

      وللعلم فالإعلام البريطاني يحاول التبرؤ من هذه الألقاب بقوله دائماً: هكذا تصفه دوائر المخابرات الفرنسية والأسبانية. والحق أنهم كلهم غرابيب سود.

* * *


    • السؤال: يعرف الكثير من الأخوة أنك نشرت سلسلة للجرح والتعديل في نشرة الأنصار، تكلمت فيها عن بعض الشيوخ والدعاة والمفكرين وكذلك التنظيمات، وأنا اليوم أود أن نتعرف على بعض آرائك بصراحة جرحاً وتعديلاً في بعض المشايخ، ولنبدأ بالشيخ الألباني رحمه الله، ماله وما عليه وبإنصاف؟


      الجواب:

      هذا النوع من الكتابة جرّ علي المشاكل أكثر من غيره، وفتح أبواباً من الغضب ضدي، لأنه نوع قاسٍ في التصنيف، والبيئة الدينية فيها أمراض مستوطنة أبرزها -قداسة القادة- و -عصمة المشايخ- وما أشبهها من الامراض، والمسألة لا ما يقولون ولكن ما يمارسون، ومن هنا ففتح هذا الباب في نقد الرجال والتنظيمات يحتاج إلى شروط قاسية أهمها: الإنصاف، والجرأة في الكشف، ومنها الإحاطة العلمية الواسعة، وكاتب هذا النوع لابدّ من أن يحضر نفسه للنقد والجرح والتعديل كذلك فالقاعدة التي تقول:" من غربل الناس نخلوه" قاعدة شعبية صحيحة، وعيون الغربال أوسع من عيون المنخل، ومع ما لقيت من كتيبي الذي ذكرت -نظرة جديدة في الجرح والتعديل- إلا أني أتمنى أن أشتغل في تاريخ الرجال الوقت الكثير من عمري، لأني بحق أؤمن نفع وفعالية هذا في التاريخ، ولو نظرت إلى التاريخ لوجدته تاريخ رجال، يذكر فيه ما لهم وما عليهم، وأنا أنتفع بكتب الرجال أكثر من غيرها ولذلك قد تعجب إن قلت لك أني قرأت كتاب: سير أعلام النبلاء أكثر من مرة ولما كتبت كتاب: تجريد أسماء الرواة الذين تكلم فيهم ابن حزم جرحاً وتعديلاً، احتجت أن أقرأ وقتها: تهذيب التهذيب لابن حجر، وميزان الإعتدال للذهبي، وقد قرأت البداية والنهاية قراءة متتالية مرتين غير المراجعات الكثيرة له. ولذلك أنا أرى فراغاً كبيراً في ترجمة الأعلام المعاصرين ولعلّ آخر ما كتب استقصاءً هو "الأعلام" لخير الدين الزركلي، وهو جوهرة بين الكتب ولا شك.

      عندما تأتي الاجيال القادمة ستشكوا فراغ المكتبة من تراجم المعاصرين، والترجمة هي مقدمة الدراسة التي تسمى علمياً بالجرح والتعديل.

      بالنسبة للشيخ محمد ناصر الدين الالباني رحمه الله، فهذا الرجل زاوية بل قلعة من قلاع النهضة العلمية المعاصرة وخاصة في علم الحديث، وكذا في صنع الحَرَاك الفقهي والمنهجي، وقد كتب الناس فيه كتباً مستقلة، وكذا فقرات في كتب عامة، ولما توفي الشيخ ألقيت محاضرتين فيه بينت فيهما خصال الشيخ؛ ماله وما عليه. وأنا لست من الجافين عنه، ولا من المقلدين له، وأقول فيه ما قال الذهبي في ابن حزم: وانا لي ميل إلى أبي محمد لمحبته حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أكفره ولا أضلله.

      والشيخ الألباني شخصية جامعة، جمهرة (أو كما يقولون اليوم موسوعي)، فيه من الجوانب التي يجب على كل طالب علم أن يتحلى بها كصبره في الطلب، وجده في القراءة، وتفرغه لما هو فيه، وبعده عن المناصب ووظائف الدول، وشجاعته في الدعوة لما يؤمن به، وكل واحدة من هذه الخصال تحتاج لورقات لشرحها، وهو رجل عصامي بنى اسمه بجهده وعرقه، ووضع نفسه في مصاف العلماء بل في مقدميهم دون دولة أو حزب أو تنظيم، وما على الناظر سوى أن يتأمل في كتبه ليرى أي جهد بذله الرجل ليصل إلى هذه المرتبة. ثمّ لو قرأت سيرة حياته لرأيت جلده وصبره في الدعوة وإيصالها للناس والشباب.

      كل هذا جعل الشيخ إماماً في هذا الباب أعني علم الحديث والدعوة إلى نبذ المذهبية. والعالم الإسلامي في مجمله مدين للشيخ في هذا الأمر، وسواء وافقه الناس في مسائل هاتين القضيتين أو خالفوه فهم يحومون حوله وينسجون على غرزه.

      أما ما يؤخذ على الشيخ "علمياً" فأمور أهمها ان الشيخ خاض في مسائل علمية خطيرة وشائكة ولم يكن من أهلها، ولم يستوعبها من مصادرها وأهمها مسمى "الإيمان"، فالشيخ كان يردد عبارات السلف؛ كالإيمان قول وعمل، ولكن لم يكن يفهم دقائقها الخطيرة، والتي يفترق فيها أهل السنة عن مرجئة الفقهاء، وهذا الأمر جعل الشيخ يطلق أحكاماً خطيرة لها آثارها على واقع المسلمين مثل مسائل الردة والحكم بما أنزل الله، وما يترتب عليهما من الجهاد وأحكامه، فالشيخ في هذه الأبواب لم يكن على غرز السلف، والشيخ كان ضعيفاً في الفقه إلا ما كان يخوض فيه من مسائل يناظر فيها المذهبين من أهل بلده، ولذلك فلا عجب أن يفتي في مسائل على خلاف الإجماع اليقيني وهو لا يشعر، وأما ضعف الشيخ في الأصول فواضح مما أوقعه في المتناقضات والغرائب في المسائل.

      ولعل أخطر ما وقع فيه الشيخ هو كلامه في النوازل العامة إذ أن ضعفه في الفقه وأصوله وعدم تمرسه فيهما جعل آراءه عرضة للإستنكار، وهي بحق لا يرى فيها الفقيه أو الأصولي سمات الصواب والتوفيق.

      حسبي هنا أن أسجل الجرح والتعديل في المنهج العلمي فحسب دون غيرهما من الجوانب الأخرى، سواء كانت تتعلق بأسلوب الدعوة أو الكتابة أوالسلوك الإجتماعي العام فهذه أمور تحتاج إلى كتاب خاص.

* * *


    • السؤال: فماذا تقول عن الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله؟


      الجواب:

      الحق أن للشيخ عبد العزيز بن باز تقديراً في قلبي لأثره وجهوده في نصرة الإسلام والمسلمين وأنا أردد دائماً بأنه لو قيل إن للشيخ يداً على كل طالب علم فلا أظن ان هذا يبعد عن الصواب.

      الشيخ عبد العزيز إمام في الفقه ولا شك وأظن أن لا أحد كان بمرتبته يوم أن كان حياً خاصة في مسائل المناسك، وهو الرجل الذي عاش وهمه أن يقدم يد العون لكل داعية بلا تفريق، ولكل جهاد، ولكل تجمع إسلامي، وللأسف إن بعض التنظيمات كانت تقتات منه وتسب عليه، وهو كان يعلم ذلك ويصله أخبار هؤلاء فلا يتردد، وإن من حسنات الشيخ المشهودة هو إنشاء الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة والتي عادت اليوم يباباً للأسف، لكنها كانت سبباً لرفد الدعوة الإسلامية بدعاة في كل البلاد. لكن سقطة الشيخ الكبرى هي دخوله في طاعة آل سعود وتلبسه لوظائفهم، وعدم بصيرته بسبيل المجرمين، مما أوقع الشيخ في مزالق تتعلق بالأمة أجمع.

      فضل الشيخ على الدعوة والدعاة علمياً ودعماً، وفضله على الكتاب الإسلامي، وكذا فضله على الجهاد في مواطن عدة لا ينكرها إلا جاهل أو حاسد، لكن دخوله في طاعة سلطان آل سعود الطاغوتي أفسد عليه الكثير من الحسنات، والرجل اليوم بين يدي كريم و له حسنات كالجبال تدافع عنه ولا يحتاج لدفاعنا، لكن العلم يأبى أن ننسى أن دخول أمثاله في طاعة الطواغيت جرّ على الامة الكثير من البلاء.

      غفر الله لمشايخنا ضعفهم بمسائل الجاهلية المعاصرة، وقلة بصرهم بسبيل المجرمين جعل أمتنا تدفع الكثير من الدماء والثروات، وضيع الكثير من دين الأمة حيث جعلها تابعة للشيطان وجنده والكثير منهم لا يشعرون.

* * *


    • السؤال: ماذا تقول عن الشيخ سفر الحوالي؟


      الجواب:

      ما أقوله عن الشيخ سفر الحوالي ربما يكون قليل الجدوى في الحكم عليه، لأن ماءً كثيراً جرى تحت الجسر بعد أحداث أيلول ضد أمريكا، وبعد غزو أمريكا لأفغانستان والعراق، وقد تغيرت الخارطة بعدوتيها الدنيا والقصوى، واختلطت الصفوف، وقد وصلني بعض ما يقوله في قضايا الجهاد ورجاله فرأيت فيه نكوصاً عن الخير وطائفة الحق، وقد رأيت لبعض الإخوان مقالات شديدة فيه تتعلق بسلوكه ضد المجاهدين مواطأة لطاغوت آل سعود في الجزيرة، ومع هذا كله فإني أتوقف عند ما أعلم وأتوثق، فالرجل أول معرفتي العلمية به من خلال كتابه العلمانية -وهو رسالة ماجستير- وجزء صغير في موقف الأشاعرة من مسائل الإعتقاد، والرجل فيهما أبان عن عقل كبير، ثم جاء كتابه الممتع -ظاهرة الإرجاء- فأكد ما عليه من تأهله ليكون من حملة الوعي في هذه الأمة، ثمّ ما قفز به مع من يقال لهم مشايخ الصحوة في الجزيرة خطوة متقدمة ضد طاغوت الجزيرة وخاصة بعد حرب الخليج الاولى عندما غزت أمريكا الخليج لطرد صدام حسين من الكويت، وقد سجن سفر لموقفه الإيماني هذا ووقف الشباب المجاهد معه، لكن الظاهر أن ذروة سنام الإسلام خطوة لم يستطعها فصار منه ما صار فوقف أو تراجع .

      أتمنى أن أجمع ما قال هو عن نوازل العصر وما قيل فيه لأطمئن أنا قبل غيري في الحكم عليه.

* * *


    • السؤال: فماذا عن الشيخ سلمان العودة؟


      الجواب:

      ما قلته عن الشيخ سفر في الجملة يصلح أن يقال عن الشيخ سلمان العودة، وإن كنت قد أطلعت على بعض لقاءاته التلفزيونية التي يفصح فيها عن نفسه فلم أحمد له ما قال بل أبان عن عرج فكري قصر به عن مقام لقب مشايخ الصحوة الذي حمله هو وغيره.

      وقبل أن أفارق القول عن هذين الشيخين فأقول:

      إني ما زلت أرى أن المشايخ –إلامن رحم ربي- فيهم ضعف بطبيعة المعركة وأدواتها، وهم أقصى ما يفعلون أن يقرؤوا التصريحات، ويجمعون البيانات من الصحف العالمية، ثم يخرجون بالنتيجة التي يعرفها العوام قبل القادة: أن هناك مؤامرة على أمتنا. والفرق بينهم وبين عوام الأمة في هذا أنهم أثبتوا هذه المؤامرة من أقوال أصحابها، لكن السؤال الكبير: فماذا بعد؟ يقولون حكامنا عملاء وخونة، وأعداؤنا يكيدون الليل والنهار، وهذا جيد، لكن ما الحل؟! هؤلاء المشايخ في الحقيقة يجهلون الجهاد وحقيقته، هو مجرد شيء جمالي يصلح للشعر، ويصلح للخطب الناجحة، لكنهم لا يعرفونه على حقيقته، هم ربما مدحوه حين يكون بعيداً عنهم، فلا يحسون بوهجه ولا ناره ولا عنائه، إنما تصل إليهم منه الأخبار الجميلة؛ شهداء بكرامات، وشجاعة فتيان، وألم أعداء، لكن حين يصل إليهم فلا يرون فيه إلا الخراب، وكأن الجهاد في أفغانستان لم يحول البلد من قبل السوفيات وعملائهم إلى أرض يباب وبور، وكأن جهاد أهل فلسطين لم يفقدهم الأحبة ولم يسجن شبابهم ونساءهم وفتيانهم، فهم يريدون جهاداً جميلا ً؛ أي أخبار المجاهدين بعيداً عنهم، فإن اقترب منهم ردوه بدعوى المصلحة، أو كادوه بأن غيره أولى منه في رد عمالة حكامنا وبطش الشرق والغرب، وهذه النفسية أنا أفهمها تماماً فهي علة العلل في مشايخنا، فهم لا يريدون أن يتحولوا إلى قادة عسكريين لأنهم يعتقدون أن إنشاء مركز بحث لمتابعة تصريحات الخصوم أنهم متآمرون أجدى وأنفع. لكنني أكرر: ماذا بعد أيها الشيوخ الأفاضل؟! أخي الكريم: نحن بحق بحاجة إلى المسلم الصحابي المجاهد المقاتل، ومعاهد العلم وحلقات الدرس لا تهتم بهذا البناء إلا ما كان في أفغانستان.

* * *


    • السؤال: كيف ترى جماعة الإخوان المسلمين؟ طريقة العمل والمنهج وأثر ذلك على الواقع الإسلامي؟


      الجواب:

      يا أستاذي هذا سؤال كبير حقاً، ومهما أوتيت من البلاغة فلن أستطيع أن أوفي الكلام على هذه الجماعة والحكم عليها، وأنت قد رأيت أن الدكتور أيمن الظواهري في كتابه عنهم لم يستوف إلا أن تابع خطاً واحداً من نسج الجماعة، فالقول فيهم أكبر من هذه الورقات، لكن سأحاول أن أجمع بعض الشتات والخيوط، أقول بعضها وربما القليل منها:

      ابتداءً أيها الأخ الحبيب أنا مع عدوة الإسلام مهما كان بدعياً أو ناقصاً ضد عدوة الجاهلية، وأحمد في قلبي ولساني كل من وقف مع الإسلام ضد الكفر والجاهلية، وأنا في هذا أقتدي بالسلف حيث كانوا ينسبون لأهل الفضل فضلهم، ولكن لا يمنعهم هذا من جرح من به جرح أو بدعة أو فسق، فبالعدل قامت السموات والأرض، والإخوان المسلمون فيهم خير، وكلما كان المرء فيهم بعيداً عن القيادة وفي أسفل السلم كان أسلم وأقرب إلى الخير، والعكس صحيح، هذا في الجملة، ولكن فيهم انحراف وبدعة وجهل، والجماعات إنما يحكم عليها من خلال قياداتها، واتجاهاتها العامة، لا من خلال أفراد أو قواعد، ولذلك فهذه الجماعة تحولت مع الزمن إلى مؤسسة تحاول الاحتفاظ بمكاسبها التنظيمية. وهي مكاسب في الحقيقة لقيادتها، وارتبط الكثير من قواعدها بالجماعة من خلال المؤسسة لا من خلال الإعتقاد والأفكار فقط، ولذلك قد تجد من افرادها الذين فيهم نوع علم وإنصاف وعقل ينتقدون الجماعة أشد ممن هو من خارجها ولكنهم لا يستطيعون الإنفكاك من التنظيم، واتجاه الجماعة العام إنما هو سلوك سياسي يحوي ضعفاً في الجوانب التربوية والتعليمية، وحتى هذه الجوانب إنما تمارس من أجل خدمة تكريس التنظيم، والسلوك السياسي هو سلوك مبني على الرؤى الفكرية الخاصة للقادة ولا علاقة له بالشرع إلا في طوره الثاني أو الثالث، أي بعد أن تتبنى الفكرة الذاتية والذي هو "الرأي" بمفهوم السلف، يُذهب بعدها إلى البحث عن الدليل الشرعي، وفي مرات عدة يكون هذا الدليل مبني على الأذواق والرؤية الشخصية للرواية دون تحقيق فقهي يعرف بين العلماء، والجماعة قلما يوجد فيها العلماء المحققون بل هم مثقفون في أغلبهم، وإن وجد بعض العلماء فهم يؤمنون بقاعدة -كل مجتهد مصيب- والتي مآلاتها هي الضلال والإنحراف كما قال السلف .

      الجماعة بوصفها تياراً سياسياً تستطيع أن ترى تجلياتها الواضحة في الواقع، لأن بعض الأمراض والانحرافات لا يمكن معرفة درجة خطورتها إلا في أطوارها النهائية، وانحرافات الإخوان تجلت في أفغانستان والعراق وقبل ذلك في الجزائر.

      في أفغانستان وقف المجرم سياف عبد الرسول –وهو عضو في تنظيم الإخوان المسلمين الدولي- مع أمريكا ضد طالبان، لا لشيء إلا أن مدرسة طالبان ليست على طريقة الإخوان المسلمين، وكنت أتوقع أن يكون هذا العمل الكفري والردة الصريحة من سياف سبباً لبراءة الإخوان المسلمين منه، لكن الواقع كان مؤلماً فهم مازالوا وإلى اليوم يضعون توقيعه على بياناتهم العامة، وكذلك تجلت صورتهم في العراق من خلال ما يسمى -الحزب الإسلامي- فهم أعضاء في لجنة بريمر الامريكي، وهم وزراء في حكومة الجعفري ثم المالكي، وهي حكومة كافرة عميلة، وهم ضد المجاهدين في العراق، بل ضد الوطنية الصادقة، حتى أنهم يعادون كل من وقف ضد امريكا والحكومة المرتدة العميلة كالشيخ حارث الضاري حفظه الله، وأنت تستطيع أن ترى ميزانهم البدعي من خلال مظاهرة خرجت في الأردن للتنديد بحكومة المالكي، فجعل الناس يهتفون ضد رموزها حتى إذا وصلوا لطارق الهاشمي، وهو بمرتبة المالكي ولا فرق-استنكر قادة الإخوان في المظاهرة هذه الهتافات ضده وهجموا على مخالفيهم. هذه هي ممارساتهم الفكرية والسلوكية في اتجاههم السياسي.

      العالم الإسلامي راقب الإخوان المسلمين في الجزائر تحت قيادة محفوظ النحناح، وبالرغم أن الجبهة الإسلامية للإنقاذ سلكت الخط الإخواني في العمل السياسي بدخولهم كحزب سياسي ديمقراطي إلا أن الإخوان حاربوهم، ولما كان الخيار بين الحكومة العلمانية وجبهة الإنقاذ إنحاز النحناح للحكومة، ولما صار الخيار بين الحكومة والمجاهدين اختار الإخوان الحكومة، وتجربة الإخوان في الجزائر لطخة سوداء في جبينهم وهم لا يحبون فتح ملفاتها للأسف.

      هذه هي التجليات النهائية للسلوك والوعي السياسي لجماعة الإخوان، وأما أقصى ما يرجى منهم إن سمح لهم بالوصول إلى الحكم أن يكونوا كحزب العدالة والتنمية التركي؛ تحالف مع الغرب، وعلاقة وثيقة بإسرائيل، وبراغماتية خالية من أي قيم إسلامية أو إيمانية، وقد صرح أحدهم من قادتهم المصريين باستعدادهم لإقامة علاقة مع الدولة اليهودية.

      ماذا بقي إذاً في هذه الجماعة:

      أنا أحب الجماعة في وقت التضييق عليها ومنعها من العمل علانية، لأني رأيت ممارستهم حينئذ، فهم يهتمون بالتربية والتثقيف، ويتحدثون عن الجهاد، ويخرجون ملفات الحكم بغير ما أنزل الله وتقريراتها العلمية، لكن ما ان تفتح لهم أبواب مأذون لها من قبل الجاهلية حتى تتساقط هذه العباءات ويبدأ التحول إلى حزب سياسي يحمل صبغة دينية رقيقة.

      يكفيني في الكلام عن الإخوان المسلمين هذا الخيط الرفيع وإن كان هو الخط الرئيسي فيهم.

* * *


    • السؤال: بالنسبة لحماس؛ كيف تقرأ قرارها بعدم اعتبارها غزة إمارة إسلامية على غرار حركة طالبان؟


      الجواب:

      هذا الإنحراف العميق في داخل كل التنظيمات التي تنسج نفسها على طريقة الإخوان المسلمين أصاب حماس، وهي منهم، وقد قلت لك سابقاً أنا أحب الإخوان وقت التضييق عليهم لأنهم يوضعون أمام اختيار واحد وهوالإختيار الشرعي، وحماس أمام دولة يهود ليس لهم إلا خيار الجهاد، وللذكر فليس هذا اختصاصاً بحماس ، فكل التنظيمات الفلسطينية تبنت خيار المقاومة، والإسلامية تقول الجهاد، ولذلك لا فضل لحماس في هذا الإختيار، ولكن نحن نحب حماس وأحبتها الأمة لأنها جعلت المعركة إسلامية، لا كبقية التنظيمات العلمانية، ومع حماس الجهاد الإسلامي، ولكن السلوك السياسي للإخوان هو نفسه الذي تمارسه حماس، فهي للأسف قد ربطت نفسها بقوى غير إسلامية، وجعلت نفسها ضمن لعبة المصالح في المنطقة.وأنا أذكرك -بارك الله فيك- أن الجماعات يحكم عليها من خلال قادتها لا غيرهم، ومن خلال إتجاههم العام، والمراقب اليوم لحماس يراها في نفس السياق الإخواني، مع الإعتذار لكل الشهداء منها وكل الصادقين في دينهم وجهادهم فيها، لكن هذا هو الواقع، والكذب حرام ولا شك .

      حماس حرمت في البداية بفتوى شرعية الدخول في الانتخابات تحت سقف إتفاقية أوسلو الخيانية المجرمة، ثم دخلوا الانتخابات ونجحوا بإنشاء حكومة تحت هذا السقف الخبيث، وكأنما كان من ضياع جهودهم بعيداً عن الجهاد، والقصة معروفة، وكان ما كان من استيلائهم على غزة وهي فرصة ربانية أعطيت لهم لكن فشلوا فيها وخانوا أمانة الدين والشرع.

      قطاع غزة صار تحت أيديهم دون أي إلتزام دولي، ودون سقف أوسلو، ودون منّة من أحد وبلا إلتزام حزبي ضمن لعبة الديمقراطية الكافرة فماهو الواجب الشرعي حينئذ لو كانوا يعقلون؟ الجواب: هو الحكم بالشرع وإعلانها إمارة إسلامية، وغزة ولا شك أكبر من المدينة المنورة التي بدأت فيها دولة الإسلام الأولى، وبهذا الإعلان تحمِّل حماس الأمة الإسلامية في غزة نتائج وضريبة البراءة من الطاغوت، وهم حينئذ ولا شك سيحصل لهم بدر كما ستحصل لهم أحد، وستحصل لهم الخندق، بل ربما صاروا إلى الأخدود، ولكن ستكون معركة إيمانية صريحة يومذاك : ولكن حماس خانت دين الله، وخانت أمانة الله، وفرطت في دماء الشهداء، بل إن أحد قادتها قال: نحن لن نحكم غزة بالشرع بل بالقانون، وهم ما زالوا إلى الآن يعلنون إعترافهم بقيادة المجرم المرتد محمود عباس(( أبو مازن)). فهل هذا من الإسلام في شيء؟ الجواب: هذه جاهلية صريحة لا إسلام فيها، وكل عذر يأتون به يستطيع أي طاغوت معاصر أن يقوله اليوم ليعتذر به عن تركها لحكم بما أنزل الله وتركه الجهاد في سبيل الله.

      لقد كانت حماس ترتفع في عين الله – فيما أحسب -، وترتفع في أعين الناس بسبب الشهداء والتضحيات والصلابة في الحق، ولكن أقولها وملئي حزن أن حماس فشلت في معركة الإيمان الكبرى، ولم تتجاوزالعقبة، ولن يخرجوا من هذه المرحلة اليوم بانتصار ولا برفعة ولا بفخار، بل سيكون هذا الإمتحان دليلاً على أنهم لا يستحقون الخلافة في الأرض، ولا الإمامة التي وعدها الله بقوله(( وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون )).

      أنا أقول هذا الكلام وأنا محيط بمعاذيرهم وحججهم الواهية، ولكن أقول لكل مسلم صادق: إن ضريبة الجاهلية أشد وأشقى من ضريبة الموت في سبيل الله:(( قل لن ينفعكم الفرار إن فررتم من الموت أو القتل وإذاً لا تمتعون إلا قليلاً)) وإن المصالح التي تزعمون تحقيقها بترك الحكم بما أنزل الله وإعلان قطاع غزة إمارة إسلامية ستعود وبالاً عليكم وعلى المسلمين تحت إمرتكم والتاريخ سيشهد على ما أقوله هنا وهو الحكم بيننا وبين كل من يتخلى عن الحق مقابل الوهم الخادع.

      لقد اختارت طالبان طريق الشهادة، أعلنتها إمارة إسلامية، وتحملت التكاليف وأعذرت إلى الله، فهذا وسعنا، وهذه طاقتنا، وذهبت طالبان، لكنها ذهبت نقية في معركة إيمانية هي كحذو القذة بالقذة مع خبر الله تعالى في أهل الأخدود كما في سورة المعارج، وقال الملا عمر كلمته الإيمانية المجيدة: " هنا وعدان؛ وعد الله ووعد بوش، وأنا أثق بوعدالله" والأيام قادمة وسيرى الناس لمن العاقبة بين الفريقين.

* * *


    • السؤال: كيف ترى شيخ الأزهر سيد طنطاوي اليوم؟


      الجواب:

      رجل ساقط بكل المعايير الأخلاقية والإيمانية والعلمية، بل بمعايير الرجولة والشهامة، فهو رجل خسيس، ولا أجد في نفسي نشاطاً أن أقول فيه إلا ما قال الله تعالى في أمثاله : " إن الذين ارتدوا على أدبارهم من بعد ما تبين لهم الهدى الشيطان سول لهم وأملى لهم". وإن الأزهر الذي هو منارة العلم ومأوى العلماء ومأسدة الرجال على مر التاريخ ليعاني الظلم والقهر أن يسلطوا عليه هذا الرجل، لكن مشيخة الأزهر تعين من قبل الطاغوت المصري منذ قرار المجرم الهالك في جهنم جمال عبد الناصر، وها هنا أسجل واجباً إيمانياً على علماء الأزهر أن يعلنوا براءتهم من هذا الساقط الخسيس سيد طنطاوي وأن يوجدوا لأنفسهم كياناً بعيداً عنه وعن سلطته، وقد كانت جبهة علماء الأزهر وما زالت طريقاً لإعلان الأعذار إلى الله .

      أنا أتكلم هذا الحكم على هذا الرجل لظني أن المسلم الذي يتابع الفتاوى والتصرفات من قبل هذا الرجل لن يستغرب ما أقول لأن أدلة هذا الحكم لا يستوعبها مجلد واحد بل مجلدات من الكتب لكن لو افترضت أن هناك ثمة قارئ غير متابع فربما طلب مني بعض الأمثلة التي يمارسها هذا الذي يقال له شيخ الأزهر.

      فهو يعلن أكثرمن مرة أنه مجرد موظف في الحكومة المصرية، فهويتكلم بما تتبناه الحكومة لا ما يعلمه من دين الله تعالى، ثم إنّ الرجل أحلّ الربا المجمع عليه كشهادات الإستثمار، بل أحلّ الفائدة البنكية دون مواربة أو تأويل، وأما مواقفه من نوازل الأمة فهي تعبر عن حكمي عليه بالسقوط والخسة. فليراجع القارئ موقفه من قضايا الصور التي تسيئ إلى حبيب رب العالمين محمد صلى الله عليه وسلم، وكذا إستقباله لحاخامات اليهود الذي رفض رئيس الأقباط شنودة أن يستقبلهم لأنهم مجرمون مغتصبون لفلسطين، وكذا موقفه في تأييد حرب أمريكا ضد العراق بقيادة بوش الإبن وقبلها الأب، وغيرها الكثير مما تضيق به هذا الورقات في لقاء صحفي.

* * *


    • السؤال : منذ فترة ونحن نسمع عن المراجعات كمراجعات الجماعة الإسلامية في مصر، وكذا ما سمي بترشيد الجهاد للدكتور سيد إمام (فضل) وما شابه ذلك. كيف ترى هذه الظاهرة؟ وهل هي مراجعات من وجهة نظرك أم غير ذلك؟


      الجواب:

      إبتداءً أخي العزيز أريد أن أقرر مسألة، وهي أن الرأي يخطئ ويصيب، وذلك قال أبو حنيفة رحمه الله: ربما نقول اليوم قولاً نرجع عنه بعد غدٍ، فتحول المرء من رأي إلى غيره ليس معيباً في ذاته، بل هو ممدوح إن كان من الخطأ للصواب، وهو ممدوح لأنه يحمل معنى الإخلاص في طلب الحق، وكذا لأن فاعله شجاع ولا شك، هذا المدح لإعلان التراجع مفقود في الصورتين اللتين ذكرتهما، ولو بدأت بصنيع الجماعة الإسلامية المصرية لرأينا إنهياراً للقليل الذي عندهم من الحق، ولرأينا كذلك سقطة أخلاقية.

      بدأت الجماعة أمر التراجعات (لا المراجعات) بإعلان الهدنة، وهذا أمر ميداني لا علاقة له بالمنهج ولا بالفكر، ثم أبانوا عن الواقع بأنه تراجع تام عن المنهج الذي حملوه سابقاً، وهذا التمهيد هو أول سقوط أخلاقي، لأنهم أرادوا أن يخففوا الصدمة التي انتهوا إليها، وهذا فقدان لعامل الإخلاص في طلب الحق، وفقدان للشجاعة كذلك، ثمّ رأينا النهاية وهي البراءة من تاريخهم كله والتراجع عن المنهج كله، حتى انتهوا إلى أن قاتل السادات مخطئ معذور لتأوله، والمقتول مات مظلوماً بريئاً.

      عندما سمعت بأمر الأبحاث العلمية التي انتهوا إليها وأنها مراجعات قلت لنفسي –والله يشهد- سأقرأها بعناية، وظننت أنا ما سيكون فيها هو دخول في القضية التي تحملها جماعات الجهاد ضد الطواغيت من أبوابها الصحيحة لأن القوم هم أقرب الناس لهذه الجماعات؛ أقول أقرب، لأني منذ أن وعيت على هذا الطريق وآمنت به و أنا أعتبر الجماعة الإسلامية المصرية جماعة حسبة فحسب، وكان هذا الرأي يغضب الأصدقاء قبل غيرهم، ولما قرأت هذه المراجعات وإذا هي أبحاث لا تزيد عن مستوى طلبة الثانوية فقط، سواء بمستواها الأصولي أو البحثي، بل والمراجع التي اعتمدت عليها، وأنا لاأصدق أبداً- بل أكذب وبصراحة لأن هذه الكتيبات لا تجهد طالب علم شرعي في مستواه الأول شهراً كاملاً، والشهر كثير، وأما ما فيها من أحكام جديدة فهي تكريس لمفهوم الجماعة بأنهم جماعة حسبة، ولكن بالنكوص عن الحسبة كلياً ما دامت تصطدم بالحكومات.

      هذه هي خلاصة مراجعاتهم في كتبهم، أما واقعهم فإني لا أظن أن أحداً يحترم سلوكهم السياسي هذه الأيام، فإن نفاقهم لحاكم مصر صدم حتى الإخوان المسلمين أنفسهم، بل صدم بعض الكتبة الذين يرون أقسى ما تجابه به الدولة هو مقال في صحيفة، ومع ذلك لم يتحمل هؤلاء هذا النفاق للنظام، فقد جعلوا أنفسهم برسم الإيجار للأنظمة الطاغوتية،فلم يأنفوا بأن يعرضوا على نظام آل سعود أن يستأجرهم لضرب التيار الجهادي في الجزيرة، ونحن اليوم لا نرى لهم أي تصريح أو بيان إلا إذا كان ضد الجماعات الإسلامية ومع الأنظمة، ولذلك انتقدوا حماس في مناكفتها للسلطة الفلسطينية، وأما بياناتهم ضد الجماعات المجاهدة فهي الأكثر صراخاً في هذا، فهذه هي التراجعات، نهايتها فقدان العلم والأخلاق ورفع برقع الحياء فحسبنا الله ونعم الوكيل، وقد ذكرت مرة وأنا في خارج السجن أني شرعت في تقويم كتيباتهم التي سموها بالمراجعات ولكن سبقتني الحكومة الإنجليزية بالإعتقال والسجن. ولعلي لا أفشي سراّ أن أخبر المسلمين بهذا الخبر، وهو أن ضابطين من المخابرات الإنجليزية الداخلية(5MI) زاروني في السجن، وعلمت بعدها أنهم جاؤوا لتقييم أفكاري: هل أنا على ما كنت عليه أم أن لوثة المراجعات قد أصابتني، و في هذا اللقاء أحضر المسؤول الأمني كتيبات الجماعة هذه ووضعها بين يدي ليرى موقفي منها فلما نظرت إلى عناوينها رميتها إلى صدره وقلت له كلمة واحدة: الجهاد في سبيل الله تجاوز هذه السقطات.

      أما بالنسبة للترشيد المزعوم الذي قدّمه الدكتور سيد إمام، فالحق أني قرأت بعض فقراته لا كلها، لكن قرأت خلاصة أفكار الرجل ونواياه وأسلوبه في حواره مع جريدة الحياة الذي أجراه الصحفي المصري محمد صلاح، فهالني قلة أخلاق هذه الرجل وتبجحه، بل وكذبه الصريح حتى أنه تبرأ من قيادة جماعة الجهاد، وقد صدمت من رجل شمّ رائحة العلم ولو للحظات كيف ينزل رأيه منزلة الكتاب والسنة، وأن الرد عليه رد على الله ورسوله، يقول هذا ويذهب أبعد من ذلك حين يجعل ما فيه إخوانه السابقين من البلاء هو بسبب دعائه عليهم، تزكية للنفس لايستطعيها إلا رجل فقد العقل والرشد لا العلم فقط. أما موضوعها العلمي فالرجل لم يأت بجديد إنما اجترّ ما كان هو نفسه يرد عليه يوم أن كان من جماعة الجهاد.

      وها هنا أنا أسجل رأيي في كتاب عبد القادر بن عبد العزيز وهو الجامع في طلب العلم الشريف وهو رأي يعرفه إخواني مني قبل إنحرافاته الأخيرة، ذلك لأني كتبت عليه رداً طويلاً لا أدري الآن أين مستقره بعد هذه المحنة، وقد كنت شديداً عليه لما أرى من تبجحه العلمي حين يرد على كبار أهل العلم دون أن يفهم كلامهم، وكان الإخوة يومها ينصحوني بترقيق العبارة معه، ولم أكن لأفعل، وكنت أقول لهم : انظروا إلى الجزء الأول من الكتاب –وهو قسم العلم- هل ترونه إلا مسروقاً من كتاب العلم في إحياء علوم الدين، إذ أخذ الأبواب والفصول والمواضيع وما فيها إلا أنه زاد فيها ما قاله ابن تيمية و ابن القيم أو غيرهما، وهو يمر على السقطات الكبيرة من كلام الغزالي فلا يفهم وجهها، ويرد على بعض أهل العلم ما لا يفهمه، هذا رأيي يومها في الرجل من جهة علمية، وأما مقدمته في الجامع ضد جماعة الجهاد فقد أبانت عن شخصية مريضة تضع نفسها دوماً في مرتبة الحقيقة المطلقة.

      هذا واقع هذه المراجعات والترشيد من جهة علمية وأخلاقية، أما نتيجتها فالسؤال لهؤلاء الناكصين على أعقابهم : من تخدمون في هذه الجهالات ؟ هل تخدمون الإسلام والمجاهدين أم تخدمون أعداءهم؟.

      هب أن الشباب المسلم استمع لسيد إمام هذا وترك الجهاد في العراق وأفغانستان وفلسطين تحت دعوى عدم القدرة فما هي النتيجة يا هذا؟

      وهب أن الشباب المجاهد في فلسطين اقتنع أن الأمل في فلسطين مفقود من إقامة دولة إسلامية فيها – كما يقول هذا الجاهل- فمن سيرقص فرحاً بها يومذاك؟

      في الحقيقة هؤلاء مجرمون لا غير، ومن الخطأ أن نتعامل معهم كطلبة علم تغيرت أفكارهم كما يحلو لهم أن يطالبونا بذلك .

      إن صنائعهم أشد على أمتنا من مائة ألف جندي أمريكي أو يهودي، ولكن بحمد الله تعالى: هذا هو دين الله وهو حاميه وناصره والله يقول: " ومن يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين، أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم " – النساء- .

      وهؤلاء في الحقيقة أذلة على الكافرين فجرة على المجاهدين، فليهنؤوا إذاً بذلك إن كان في المعصية هناء، ولعل من غرابة هؤلاء أن الهداية لم تقع عليهم إلا في السجون وبسبب البلاء، فهلا كانوا كأبي ثمامة- الصحابي الجليل- الذي لم يسلم وهو في القيد لئلا يظن أن إسلامه جبناً وجزعاً، فلما أطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم أساره، ذهب فاغتسل وأسلم.

      واقع هؤلاء يدل ما قاله تعالى في سورة العنكبوت عن أمثالهم: جعلوا فتنة الناس كعذاب الله.

* * *


    • السؤال: بمناسبة ذكر الحكومة الإنجليزية، فما هي قصة إختطاف الصحفي الن جونسون في غزة، ومطالبة جماعة إسلامية هناك إطلاق سراحك مقابل الصحفي؟ وهل كان هناك مفاوضات من أجل ذلك؟


      الجواب:

      أولاً أنا أشكر كل من له يد علي من إخواني سواء بالدعاء لي أو الوقوف معي أو مع أهلي أو الدفاع عني،ولا شك أن المرء يزداد ثباتاً وصلابة حين يرى إخواناً له يذكرونه ويدافعون عنه، بل إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من لا يشكر الناس لا يشكر الله، فأنا أشكر كذلك بعض الكافرين لمناصرتهم لي، وأدعو لهم بالهداية لدين الحق. وأما قصة هذا الصحفي فأنا سمعت بها أولاً من خلال الأخبار ولم يخطر ببالي أن أكون محور هذه القضية حتى اتصلت يوماً بي المحامية غاريث بيرس، لتخبرني أنها ستزورني غداً من أجل أمر هام، وقالت بعبارة قصيرة: الأمر يتعلق بالصحفي الن جونسون، سألتها من كلفك بالأمر؟ ومن أخبرك بالقضية فأجابتني بإجابات قصيرة لا تشفي، ولما كان الغد جاءت وقالت لي التالي: أنه بعد أن خرجت البارحة من المحكمة تقدم إليها رجلان وأنهما من وزارة الخارجية البريطانية وطلبا منها أنا يقوم أحد زبائنها وهو أبو قتادة بعمل نداء إنساني لإطلاق الن جونسون، وها هنا كنت قد نسيت أمرا صغيراً، وهوأن هذه المحامية قد طلبت مني قبل أسبوع من هذه القصة أن أسجل نداءً إنسانياً بإطلاق الصحفي جونسون، وأن الـ BBC هي التي طلبت منها هذا الطلب، فوافقت على الفور، إذ لم يكن لدي مانع ابتداءً ضمن الشروط الشرعية التي سجلتها للأخوة في قضية داعية السلام المسيحي كمبر، ولكن لما طلبت مني المحامية هذا الطلب وأنه جاء من وزارة الخارجية البريطانية، وأنهم قالوا لها أن الأخوة في غزة يطالبون بي بديلاً عنه، حينها تغيرت المعادلة، فإن الحكومة البريطانية لو طلبت مني أن أخلع حذائي مقابل إطلاق سراحي فلن أقبل، ثمّ إن أي نداء للأخوة هو خذلان لهم بغض النظر عن صواب الفعل أوخطئه. فقلت لها: الأمر يختلف هنا ولابدّ أن أسمع كل الأطراف ، الـ BBC ووزارة الخارجية، وبالفعل جاءني مندوب الـ BBC وشرح وجهة نظره، فقلت له: الأمر بيد حكومتكم، وأنا لن أطلب طلباً خاصاً بي قط، فأحضر مسؤولين من وزارة الخارجية إذ عندي عرض لهم يضمن إطلاق الن جونسون، وجزمت له يومها: أن أي تصرف آخر مني لن يجدي نفعاً، بل سيفهم الأخوة في غزة أن أبا قتادة قد ضغط عليه، فإما يمدحوني بأن يقولوا: هذه مطالبنا ولن نتخلى عنها وإما يذموني بأن يطالبوا مطالب أخرى فالنتيجة ليست لمصلحتكم في الجهتين، والحل: أن تحضر حكومتكم، وأعرض عليها طريق الحل الوحيد، في اليوم التالي حضر شخصان من وزارة الخارجية فقلت لهم التالي: المسألة عندي ليس تسجيل نداء إنساني للأخوة في غزة، فهذا أمر قد وافقت عليه ابتداءً دون مقابل، ولكن لتحقيق هدفكم لابدّ أن تدفعوا الثمن، وهو التالي: إحضار الإخوة الذين لهم عائلات هنا من غوانتنامو إلى بريطانيا وعلى رأسهم جميل البنا( أبو أنس)، وبشر الراوي العراقي، وعمر الدغيس الليبي، وآخرون ، وأن توقفوا تسليم عادل عبد المجيد- وهو أنت يا أستاذي- وخالد الفواز إلى أمريكا وأن تحاكموهم هنا، وأن توقفوا تسليم المعتقلين من بلادكم إلى بلادهم. كان رد منوبي وزارة الخارجية أنهم لا يستطيعون الرد الآن ولكن سيرجعون إلى المركز للتشاور، وكان من كلامهم: أنك يا أبا قتادة رجل محترم، وصاحب مواقف أخلاقية وعاطفية فلماذا لا تقوم بالنداء الإنساني؟ رددت عليهم: أنا أحتقركم، وليس لمثلكم أن يتحدث عن الأخلاق ولا عن الإنسانية ولا عن العواطف، وإني أشهد الله أني أتقزز من كلامكم هذا، وكان حاضراً للقاء هذا محاميتي غاريث بيرس وواحد من عائلة أبي شمالة من غزة وهو مندوب البي بي سي هناك وكان يترجم لي يومها.

      كان ردهم في الغد: مطالبك يا أبا قتادة مرفوضة، وذلك عن طريق محاميتي.

      زارني بعدها مندوب الـ BBC الإنجليزي يحمل نداءً من والدي الن جونسون فقلت له: أصدقك أني الآن لا أستطيع أن أخدمك في طلبك، لأنه كان يلح أن أوجه النداء، وقد شرحت له ولغيره مراراً أن هذا النداء لن يغير من الواقع شيئاً كما قد قلت سابقاً.

      خلال هذه الفترة كانت ثمة حوارات جارية عن طريق الإنترنت في الـ BBC ومحاميتي وصلة ما مع الإخوة في جيش الإسلام في غزة، وكانت ترسل لي عن طريق المحامية غاريث بيرس،ومن أغرب ما وصلني أن شيخاً ما ( تسمى يومها باسم مستعار وأظن أني عرفته) قال لي كلاماً جاهلاً وفيه كذب، قال إن الـ BBC منصفة في تقاريرها، وإن هذا الفعل من جيش الإسلام يجعل هذه المحطة منحازة، ضحكت، ذلك لأن هذا الشيخ (وهو إمام مسجد مشهور) يظن أنه يتحدث مع رجل يعيش في الصحراء، ثم قال: إن المخرج الشرعي لإلزام جيش الإسلام في إطلاق الن جونسون أن تعلن أن هذا الصحفي في جواري ( عملاً بالآية في سورة التوبة)، فأضحكني أخرى؛ سجين يجير سجيناً، هذه سقطات الشيوخ وتلعبهم بدين الله حين تكون لهم المصالح والاهواء.

      في اليوم الثاني لرد وزارة الخارجية على طلباتي نصحني الأخ عادل عبد المجيد- ومرة أخرى هو أنت يا أستاذ- وأنت بحق تتقن التوريط أن أعلن في بيان أني على استعداد للذهاب إلى غزة مع وفد البي بي سي وإحضار الن جونسون ولم ترد الحكومة بشيء.

      ثمّ تقدمت محاميتي للمحكمة العليا بطلب الإفراج عني بكفالة، لأن جيش الإسلام أعلن مدة نهائية لتحقيق مطالبهم، وقالت لعل هذا يطيل المدة، وقد كان، ولكن رفضت المحكمة طلب الإفراج هذا. ثم كان ما كان مما يعرفه الناس، وأما كواليس الإفراج عن الصحفي فقد سمعت الكثير وقرأت الكثير لكن لا أعرف من الأمر هذا إلا ما يعرفه الناس.

      هذه هي قصتي مع هذه القضية، وقبل أن أفارقها أسجل أمراً مهماً، وهو أي في مرات متعددة كنت أفكر بطريقة لرفع الحرج عن إخواني في جيش الإسلام، وقد يكون النداء الإنساني سبيلاً لهذا، لكن كان رأي الإخوة معي هنا في السجن على خلاف ذلك، وأنا رجل أخضع للنصيحة والحمد لله حتى لو كنت على خلافها.

      الأمر الذي هالني هو سقوط بعض قادة حماس في شتمي دون معرفتي، فرجل من مستشاري إسماعيل هنية أظن أن اسمه أحمد يوسف جاء في البي بي سي ليقول: إن جيش الإسلام يطالب بلصوص وقتلة، هكذا سمانا، وأنا أقول له (( ستكتب شهادتهم ويسألون)).

      لقد استفدت الكثير من الحادثة مع انها جرت عليّ بعض الإرهاق، وقد استخدمتها الحكومة البريطانية ضدي في المحكمة حين طالبت بالخروج من السجن بالكفالة بعد أن ردت محكمة النقض قرار المحكمة العليا تسليمي للأردن، وإني إرهابي وأحظى بدعم الإرهابيين. ولكن الحمد لله ففيها من الفوائد ما الله به عليم .

      أرجو أن لا يكون فاتني ما هو نافع مما أخبر به المسلمين في هذه الحادثة.

* * *


    • السؤال: أما وقد ذكرت أن ضباطاً للأمن الداخلي قد زاروك وتحدثوا معك، ثم ما جرى في حادثة الصحفي الن جونسون كما ذكرتها، فلو دعتك الحكومة البريطانية للحوار فهل تقبل ذلك؟


      الجواب:

      الحوار كلمة لها مدلولات متعددة في المفهوم السياسي، فإن البعض يستخدم كلمة الحوار من أجل التنازلات، أو من أجل الإعتراف بفرض الأمر الواقع الذي يفرضه الآخر، فمثل هؤلاء يقال عنهم معتدلون ومؤمنون بالحوار، وغير ذلك من المفاهيم الملغومة التي لا أستطيعها ولكني أؤمن بالكلمة طريقاً لحل الكثير من المشكلات، بل هي الأصل عندي لفك الإشتباك، فأنا على استعداد أن أسمع للآخر حتى نهاية حججه ومطالبه، وعندي الإستعداد أن أقدم للآخر حقوقه كاملة غير منقوصة، لكن أؤمن أن لي الحق أن أقول أعتقادي كاملاً بلا تقية او خداع للآخر، كما أني أؤمن أن من حقي أن أبين حقوقي كاملة التي يجب على الآخر أن يقرّ بها، ويستعد أن يقدمها. هذه مقدمات الحوار الحقيقية. بعد ذلك يأتي الواقع : يجب تفصيل الحقوق: هناك حق لله أقوله بلا غمغمة، ويبقى ثابتاً لا يمسّ، هناك حق للأمة وأنا لست مخولاً بالتنازل عنه ولا الحديث حوله إلا من جهة إثباته وتقريره، وهناك حق لي ولمن يوكلني بحقه، فهنا يأتي الإحسان والتقريب، ومما يعرفه عني القريب والبعيد أني ما دعيت يوماً لمناظرة وجلسة حوار إلا وذهبت إليها، بل إني في مرات متعددة أذهب من غير دعوة، وأطرق الباب وأدخل، وقد كان هذا في مرات

      سابقة مع الحكومة البريطانية، ففي وقت مبكر طلبني ضابط أمن رفيع من الأمن الداخلي في مبنى وزارة الدفاع وذهبت، وقلت له كل ما أؤمن به، حتى إنه طلب مني أن لا أحرض ضد الحكومة المغربية، لأن الحكومة المغربية شكت لهم أن لي تأثيراً على بعض المغاربة هنا وهي تخاف مني ومنهم، فقلت له : لو كان هناك قرود في المغرب لثاروا على ملكهم- وكان يومها الهالك الطاغية الحسن الثاني – فأنا آسف ليس هذا من مقدوري، وسألني هل تؤيد العمل المسلح للتنظيمات الجهادية في بريطانيا، فقلت: إن هناك شبه إتفاق بين كل الجماعات أن بريطانيا ليست أرضاً لهذا الفعل، ثم ذهب أكثر من هذا: وقال: هل يمكن أن تبلغنا عن أي عمل تعرفه إذا كان ضد بلدنا؟ فقلت له: ديني لا يسمح بهذا، وللذكرفقد كتب عني تقريراً بعد هذه الجلسات أني إنسان أحسن التفاهم والحوار، وهذا التقرير قدمته المخابرات ضدي في سجني الأول سنة 2001 ليثبتوا صلتي بالإرهاب كما يزعمون، مع أنه زعم يومها أن هذه جلسة سرية لا يطلع عليها من جهتهم، وطالبني بأن تكون سرية من جهتي كذلك فقلت له: وقعت على الرجل الخطأ، فأنا لي إخوان لن يبيتوا الليلة حتى يعرفوا كل ماحدث في هذه الجلسات، فالقصد أنا أحاور علناً وأحاور سراً، وليس للسر عندي فرق لما هو في العلن، وقد دعيت يوماً لجلسة مع العلمانيين والقوميين هنا في بريطانيا وفي أكسفورد في جلسة عمل حول رفضنا للديمقراطية ( أي رفض جماعات الجهاد) وقد ذهبت وقلت ما عندي بصراحة ووضوح، وكانت صراحتي صادمة لهم ولبعض قادة العمل الإسلامي الذين حضروا اللقاء كراشد الغنوشي، ولذلك في كل مرة جاءني ضباط الأمن لزيارتي في السجن أخرج إليهم وأتكلم لهم بكل ما أعتقده حتى أني قلت لهم مرة: بصراحة أمنيتي وأدعيتي أن لا يعود لكم جندياً إلى بلادكم من بلاد المسلمين في العراق وأفغانستان إلا في الكفن لأنكم مجرمون .

      مرة واحدة رفضت استقبال رجل للحوار وهو عضو في مجلس اللوردات –لورد- اسمه كارلايل وهو رجل ساقط خبيث كذاب، زارني مرة في سجن بلمارش، وكان معيّناً وقتها من قبل حكومة بلير لمراقبة تطبيق القانون الذي سمته جريدة الأوبزيرفر-قانون أبي قتادة- لأن وزير الداخلية يومها واسمه ديفيد بلانكيت قال لهم: هذا قانون خاص بأبي قتادة، جاءني في العام الأول فجلست معه وحدثته وأجبته عن أسئلته، فما أن خرج حتى كذب، وقال كلاماً ليس من صلاحياته، وأن موقف الحكومة بطريقة لا تُقبل في دينهم الديمقراطي نفسه، فجاءني في العام التالي، فقلت لأحد الأخوة أن يخبر المسؤول في السجن أني لن أستقبله ولن أتحدث معه، ولكن الرجل أصرّ على المجيء، وفتحت علي الزنزانة الصغيرة، فصرخت فيهم : في كارلايل ومسؤول القسم أن لا يدخلوا، لكن كارلايل هذا دخل وأنا لا أستطيع أن أمنعهم، فبقيت مستلقياً على فراشي وبيدي كتاب أقرأ فيه، فوقف على رأسي يرجوني أن أصافحه، فمددت له رجلي أهزها في وجهه غير آبه له، وبقي للحظات يطلق الرجاء أن أحدثه وأنا أهز قدمي في وجهه منصرفاً إلى الكتاب الذي بين يدي، فالقصد أيها الأخ الحبيب أن أقول: أنا لا أرفض الحوار، ولا أخافه، وأتحمل تبعاته، مع علمي أن بعض الإخوان لا يحبون ذلك، كما أن خصومنا من سدنة العلمانيين وأحذية الأنظمة الطاغوتية يحاولون إلباس هذه القضايا ألبسة قذرة، لأنهم كذلك لا يفهمون إلا العمالة، ولا يعرفون قيمة المبادئ، ولكن لأقول لك شيئاً إنني بفضل الله تجاوزت أن ألتفت إلى ما يقال عني، لأنه قد قيل عني الكثير، ولم يبق من خصلة يرموني بها إلا وقد فعلوا فلم يعد لهم سهام، كما أن جسدي لم يعد يأبه لهم كذلك، ولذلك لما قدمت ندائي لخاطفي داعية السلام المسيحي كمبر، سمعت الكثير عن ذلك، من خصوم ومحبين، ولما قال لي أحدهم: لقد آذيت نفسك، فقلت له: أنا لست أسيراً لأحد حتى أسير وراءه، ولست أسمع إلا للنصيحة إن كان لها وجهها، أما التعريض والإتهام فيكفيني أني حين أضع رأسي على الوسادة لأنام أكون حينها مستعداً لملاقاة ربي أني لم أخن أحداً ولم أكذب، ولم أتاجر في دين الله .

* * *


    • السؤال: لنتحول الآن إلى القضايا الساخنة في العالم الإسلامي سواء كانت في العراق أو أفغانستان أو الصومال أو لبنان؟

      لنبدأ من العراق، ولنتجاوز الحدود ونسألك السؤال التالي: لو تقدم رجل للزواج من ابنتك وهو ممن يطلق عليهم في العراق اسم "الصحوة" فهل تقبل به؟ وأيما كان الجواب فلماذا؟


      الجواب:

      أقول: غفر الله لي ولك، ووالله لرمي ابنتي بين فكي الأسد أو حجر أفعى قاتلة أحب إلي من أن تقترن بهؤلاء الأنجاس السفلة، وأنا لا أقبل لإبنتي متخلف أو قاعد فكيف سأقبل بمرتد وخائن وخسيس؟! هذا شيء عجيب.

      هؤلاء الذين يقال لهم- الصحوة- لا يستحقون ابتداءً هذا الاسم، فهؤلاء عملاء وعميان البصيرة،وحكمهم الشرعي هو الردة بلا مثنوية، لا يختلف في وصفهم هذا أحد من أهل العلم أو شمّ رائحة العلم، فإن مناصرة الكافرين على المسلمين لا شك أنه عمل ردة وكفر، وهؤلاء ينطبق عليهم قوله تعالى في سورة المائدة-" فترى الذين في قلبوهم مرض يسارعون فيهم يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده فيصبحوا على ما أسروا في أنفسهم نادمين" وقد قال حبر القرآن ابن عباس وكذا الإمام الشافعي: أن كل رجاء في القرآن بلفظ "عسى" هو متحقق الوقوع، والحمد لله، وهؤلاء كما ترى نسوا بأن بلدهم مستباح من قبل الأمريكان والإنجليز ومن معهم، وأن هؤلاء الأعداء قتلوا أبناءهم وفجروا في نسائهم، وانتهكوا الأعراض، وخربوا الديار، وأفسدوا الحرث والنسل، فبدل أن يثأروا لدينهم إن كانوا مسلمين، أو لأعراضهم وأموالهم إن كانوا عرب شرفاء ذهبوا ليكونوا عملاء أجراء لهم ضد المجاهدين بثمن بخس، فأي خسة أكبر من هذه؟! وأي دناءة تفوق ما هم فيه، ووالله إن خنازير الأرض أطهر منهم، إذ كيف لرجل تجري فيه دماء الشرف أو جرى على مسمعه آيات القرآن الكريم ثم يقبل أن يصافح من هدم المساجد وقتل الأطفال والنساء وانتهك الأعراض واستباح الحرمات على أرضه. إنا لله وإنا إليه راجعون.

      يا أخي انظر إلى الشيخ الفاضل حارث الضاري كيف يتحدث عن هؤلاء فتعرف حينها مشاعر كل مسلم صادق تجاه هؤلاء الأنذال السفلة الأنجاس.

      يزعم هؤلاء العملاء أنهم يريدون تطهير مناطقهم من"القاعدة"، ولست الآن أدافع عن أحد أو أتحقق من وجود أخطاء أم غير ذلك، لكن هب أن كل ما قالوه عن إخواننا في تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين هو صحيح، مع أني في قرارة نفسي لا أصدق كل هذا التهويل الذي يقوله خصومهم ضدهم، وأما شأن الأخطاء فليس هناك من أحد معصوم، لكن أقول هب أن كل ما قالوه صحيح، فهل يصح في الدين والعقل أن يصبحوا جنوداً أجراء للأمريكان ضد إخوانهم؟ أين دين هؤلاء؟ بل أين عقلهم؟

      في البداية كنت أرى بعض الأعراب كأبي ريشة وغيره يحملون كبر هذه الخيانات، وهؤلاء سفلة أمتنا خلال التاريخ كله، بل لم تسقط الخلافة الإسلامية العثمانية إلا بهؤلاء الأعراب الأجلاف، وكانوا على مدار التاريخ قطاع طرق على الحجيج لبيت الله تعالى، لكن المصيبة زادت عندما بدأت تنتشر، وزكاها في البداية الحزب الإسلامي (زعموا) وهو حزب مجرم بقيادة الخبيث طارق الهاشمي، وما الخلاف الآن بينهم إلا على النفود لا على المبادئ.

      إن أمريكا كانت في حالة اختناق قصوى في أرض الرافدين من أفعال المجاهدين وبطولاتهم حتى جاء هؤلاء الأنجاس فمدوا لها وقتاً أطول من النجاة، والفاقرة القاصمة هو تحول طوائف من المجاهدين بقيادتهم إلى مجالس العمالة هذه، والحجة هو الوقوف ضد إيران كما يصرحون أو ضد " القاعدة"، وكلها حجج ليس من الشرع في شيء ولا من السياسة والعقل في شيء، فالمسلم خياره مع الحق دائماً، وبحمد الله هذا الخيار في العراق واضح وموجود، ولكن لا يعني أن الحق لا يخطئ.

      وسأخبر هؤلاء بأمر وهو أنهم مجرد أحذية لأمريكا حتى إذا وصلت بهم لأهدافها رمتهم على المزبلة، وهم يعلمون أن ما يجمعهم هو ال "300" دولار التي تعطى لأفرادهم، حتى إذا انقطع الراتب ذابوا ككل باطل لا روح له "وأما الزبد فيذهب جفاءً".

      والحق أنه لا فرق بين مجالس الصحوة هذه وما يسمى بالحزب الإسلامي فهم سواء في الحكم والواقع.

* * *


    • السؤال: إذاً فما هو حكم الإشتراك في الحكومة العراقية الحالية (المالكي) أو الدخول في البرلمان العراقي؟


      الجواب:

      هذه حكومة ككل الحكومات المرتدة التي تحكم بلادنا، لكن هذه الحكومة تزيد عن بقية الحكومات أنها تتوجه من قبل إرادة المحتل الأمريكي توجهاً مباشراً وبالحذاء المركزي، أما بقية الحكومات فهي كذلك إلا أنهم يقادون بالحبال من رؤوسهم. هذا هو الفرق فقط. الوصف الشرعي لها ولغيرها أنها حكومات ردة، كفرت بالله وبرسوله، ووالت الكافرين وقتلت الموحدين والمجاهدين، والناس من الأحزاب والفرقاء يسارعون فيها من أجل السرقة والنهب والمصالح الشخصية، فهم برءاء حتى من الوطنية لبلدهم، وما البرلمان إلا لتمرير القوانين التي ستقيد العراق لأجيال طويلة بالتبعية والعمالة لأمريكا والغرب، وبيع ثرواته وأهمها النفط لهم مقابل امتيازات لهذه الشخصيات أو عائلاتها. ثمّ إن هذه الحكومة رافضية خبيثة همها الداخلي القضاء على أهل السنة وسحقهم حتى لا يكون لهم إلا لعق جراحهم ومداواة أمراضهم، فهذا في الواقع في العراق هو من أصعب الظروف التي يعيشها المسلمون السنة، وإن واقعهم هناك أشد من واقع أهل فلسطين تحت حكم اليهود، ولكن للأسف لا يوجد للمسلمين السنة كفاية من الوعي لإدارة هذه الأزمة والمحنة، نعم يوجد القليل من المجاهدين وأغلبهم من الشباب، وهم محاربون من كل الأطراف، وما صنيعهم إلا إعذاراً إلى الله تعالى ليبرؤوا من العهدة أمام الله يوم القيامة، ونعم ما يصنعون، وأما بعض المخلصين- والله حسيبهم – كهيئة علماء المسلمين وعلى رأسهم الشيخ حارث الضاري فهم في حالة عجز ومطاردة حتى من قبل الحزب الإسلامي الخبيث بقيادة طارق الهاشمي، وأنا أسجل هنا إحترامي وتقديري لهذا الرجل الصادق (أقصد الدكتور حارث الضاري)، وإن كنت أخالف بعض ما يقوم فيه، ولا أرى في العراق من يصلح أن يتفق عليه السنة لصدقه ولعلمه وثباته لقدمته هو، ما لو أخذت عليه بعض الشروط، وكشف له بعض ما هو جدير بالتنبيه عليه، وظني في الرجل الصدق والإخلاص- والله حسيبه-.

* * *


    • السؤال: لنتحدث الآن عن الصومال؟ هذا البلد الجريح، والجديد في جرحه باحتلال اثيوبيا له، وقيادة حركة جهادية هناك، كيف ترى الأمور وكيف تقيمها؟


      الجواب:

      سيدي العزيز الشيخ عادل عبد المجيد، من راقب تاريخنا المعاصر يرى بوضوح يد الله الرحيمة على هذه الأمة، ويرى صدق نبوءة الحبيب المصطفى بأن هذه الأمة مرحومة لا يدري خيرها في أولها أم في آخرها، وكذلك يرى وعد الله ببقاء الطائفة المنصورة المقاتلة المجاهدة، وما الصومال إلا شاهد على هذا الذي نقوله، كذا من قبله في العراق. فمن كان يحلم بأن تصبح العراق أرض رباط واستشهاد وأمل، ومن كان يظن أن يتحول الصومال أرض تجارة مع الله تعالى؟ هذه يد الله.

      الجهاد أخي الحبيب رحمة من الله تعالى يحبه المستضعفون والمؤمنون، ويكرهه الملأ المترف والمنافقون، فالملأ المترف يرى فيه خراباً لقصورهم وأموالهم، وإذهاباً لنعيمهم، وإقلاقاً لراحتهم، والجهاد يكشف المنافقين ويعري سوءاتهم وكفرهم وخبثهم، ولذلك كان من السر القرآني في سورة النساء أن يخبرنا أن المستضعفين يلعنون القاعدين والمتخلفين عن الجهاد فقال سبحانه " ومالكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها واجعل لنا من لدنك ولياً واجعل لنا من لدنك نصيراً" فالمستضفون يحبون الجهاد لا كما يظن الجهلة أن الجهاد تجارة الأقوياء ويضيع فيها الفقراء، نعم هذه حروب الكفار والفجار، وأما الجهاد في سبيل الله فهو نار على الظلمة والمستكبرين، ورحمة على الضعفاء والمساكين، الظلمة والمترفون والمستكبرون هم الذين يقولون للمجاهدين " وإن تصبهم حسنة يقولوا هذه من عند الله وإن تصبهم سيئة يقولوا هذه من عندك" فيجلدون المجاهدين أنهم سبب الخراب وتصبح الحياة جحيماً للضعفاء والمساكين، والواقع يشهد على هذا، فانظر إلى حال الدول التي يعيشون عيش البهائم على زبالة المترفين (الملأ كما سماهم الله تعالى)، ويعملون عمل البهائم ليل نهارليجد الواحد لقمة خبزه، ولا يجدها. هذا حال أمتنا في المغرب ومصر ودول الخلج وسوريا والأردن وليبيا، المستضعفون فيها لو أعطيت لهم فيزا (تأشيرة دخول) إلى بلاد أخرى لما بقي فيها إلا المترفون (أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها)، ولكن بالجهاد تتغير المعادلة، وينقلب الميزان الباطل، فيفر المترفون كما هو في العراق وأفغانستان والصومال ويعيش المستضعفون محنة الجهاد، ويكتوون بنارها، لكن إن صدقوا مع الله، وأخلصوا له كانت العاقبة لهم فما هي إلا سنين حتى تورق الأرض نعيماً وخيراً وبركة. هذه سنة الله تعالى، يعرفها من يعرفها ويجهلها من يجهلها .

      انظر إلى الأمة في فلسطين كيف تحولت النقمة في كثير من جوانبها إلى نعمة، وانظر إلى حال المهاجرين في أرض الله، فإن الكثير منهم يعيشون في ظروف أحسن بآلاف المرات ممن بقي في بلده، ولو قارنت بين أمتنا في فلسطين المحتلة من اليهود وبين أمتنا تحت حكم القذافي في ليبيا لما ترددت أن حال الأوائل أفضل مرات من حال الآخرين. ولا تغتر بما يقال في الإعلام والدعايات، فأرض الجهاد مع ما فيها من محنة هي في الحقيقة منحة إلهية، ولذلك فإن من نعمة الله على أهل العراق أن اختارها أرض جهاد، وإن حالهم اليوم مع كل هذا البلاء هو أفضل من حال كثير من بلاد المسلمين ، وسترى غداً من عاقبته خير، هؤلاء أم أولئك، نعم المرء لا يختار المحنة بل يختار السلامة لكن المحنة كالمرض ما أن يبرأ منه المرء حتى يعود إلى أحسن ما كان عليه. ولذلك فمن رحمة الله تعالى أن وقع الجهاد وأسبابه الصريحة الواضحة في الصومال، وهذا من نقمة الله على أمريكا كذلك، فإنها تعادي كل ماهو إسلامي حتى لو لم ينشغل بها وانشغل بهمومه الداخلية، فالمحاكم الإسلامية في الصومال لم يكن لها من هم سوى تحقيق الأمن والإطعام للصوماليين، وقاموا بجهود رائعة في ذلك، وأحبهم الناس، وشكروا لهم صنائعهم القائمة على الشريعة العادلة، ولكن هذا لم يعجب الطواغيت، لا أمريكا ولا طواغيت العرب كطاغية مصر واليمن ومعهم أثيوبيا، فجردوا عليها سيف القتل والإحتلال، وككل التجارب التي تقع على في بلاد المسلمين، يكون السقوط الأولي سريعاً لعدم تكافؤ القوى لكن تقوم سوق الجهاد، ويحصل الخير العظيم من اجتباء الشهداء وكشف المنافقين، وإنفاق الكافرين للأموال والرجال، ثم يهزمون، والعاقبة للمتقين فهذا وعد الله، فهذه ساحة الجهاد جديدة فتحها الله، أفغانستان ساحة وكذا العراق، وفلسطين والصومال والجزائر، وأنا أدعو الله تعالى أن يبارك ويزيد، ويا أستاذي عادل نحن لن نخسر شيئاً، فإن شبابنا يموتون في قوارب الموت في البحر المتوسط، وإن من يموت من المغاربة في هذه القوارب يفوق من يموت في فلسطين وأفغانستان والعراق، شهادة في سبيل الله، وقد سمعت قبل أيام لأحدهم يحصي عدد القتلى من حوادث الطرق في الأردن ويقارنها بعدد الشهداء في فلسطين فوجد أن قتلى الطرق أكثر من الشهداء، هذه هي القضية كما أراها، للجهاد ضريبة لكنها مع العزة ورضا الرحمن وهي أقل بكثير من ضريبة المعاصي والقعود والتخلف، فاللهم بارك لنا في صومالنا –آمين.

* * *


    • السؤال: الأمور كما ترى تتفاقم في لبنان، والأوراق فيها مختلطة ومتعددة، فكيف تصف الواقع، ثم ماهي توقعاتك المستقبلية؟


      الجواب:

      لبنان يا أخي تعبير حقيقي عن جهل أهل السنة وتخلفهم عن أسباب العزة، فلقد كانت حرب سموها أهلية وخرجت كل الطوائف رابحة منها قبل خروج سوريا وبعد خروجها إلا أهل السنة، والسبب في رأيي هي القيادة التي تسيرهم، فهم متفرقون، هناك من ربط مصيره بسوريا، وهناك من هو علماني أو من بقايا العائلات الإقطاعية، والآن الأكثر منهم مع الحريري الولد، والذي هو بيدق النظام السعودي، والنظام السعودي حذاء لأمريكا، فالشيعة يعملون لمصالحهم ومبادئهم وأسيادهم في إيران، والنصارى يحاربون لمصالحهم، والدروز كذلك، وأهل السنة بهذه القيادات أجراء لغيرهم. هذا هو الواقع.

      تفكر معي في هذه الصورة: عندما حدثت المواجهة الأخيرة بين الحزب الشيعي بقيادة حسن نصر الله وبين الدروز الذين يمثلهم وليد جنبلاط، فأين وقف الدرزي الخصم أرسلان؟ وقف مع طائفته الدرزية لكن من الذي قضى على فتح الإسلام (السني) في مخيم نهر البارد؟ هي الحكومة التي يقودها الحريري ورجله فؤاد السنيورة.

      الفلسطينيون في المخيمات هم سنة، وهم ردء لأهل السنة في لبنان في كل المعارك، ومع ذلك هذا هو صنيع هذه القيادات السنية فيهم، وأنا قبل أن أفارق هذا المثال أريد أن أنبه إلى قول الشيخ محمد سرور حين عرّض بفتح الإسلام وأنها متهمة بالعمالة فأقول لهذا الشيخ: ليتك تسكت وفقط، فإنك إن تسكت خير لك من أن تأتي يوم القيامة وأنت تشارك في دماء هؤلاء المظلومين.

      أعود فأقول : أهل السنة في لبنان تدور اللعبة عليهم، وتفرقهم كأجراء للأخرين لقتال الطوائف الأخرى لن يجري عليهم إلا المزيد من الدمار والخسارة، والمخرج هو الإعتصام بحبل الله تعالى ونبذ هذه القيادات المرتدة أو العميلة، أو المشيخات التي تشترى بثمن بخس. وبحمد الله يوجد في لبنان طائفة حق لكنها للأسف متفرقة وتختلف على أشياء صغيرة، ولم تستوعب أهمية المرحلة، وخطورة المعركة والتي تؤذن باندلاع بل قد بدأت فعلاً.

      هناك في لبنان من يحاول أن يضع أهل السنة بين خيارين: إما الحريري وحكومته المتمثلة بالسنيورة وإما حزب الله، وهذه ثنائية باطلة، فهناك خيار آخر هو خيار الحق وحبل الله وهو غير خاف ولا مجهول .

      المال السعودي النجس الذي يقدمه الحريري وعائلته لن ينفعكم، وواقعه أن تكونوا جنوداً لأمريكا في مخططاتها ضد أمتنا، والاصرار على هذا هو أن تصبحوا لقمة سائغة لحراب وبنادق الحزب الشيعي هناك، وإن جريمتكم يا أهل السنة بالوقوف مشجعين لحكومة السنيورة أو ساكتين حين قتلت اخوانكم في نهر البارد لن يغفرها الله لكم إلا بالتوبة والإصلاح والعودة لدينكم، والمعركة في لبنان قادمة، والله حق عادل، يجزي كل قوم بما يعملون، والأمر ليس بالأماني، وبالرغم أن الناظر إلى الخارطة اللبنانية يجد أن الخيوط متداخلة ومختلطة إلا أن الحق واضح لمن أراده، والبصيرة العظمى اليوم هي معرفة سبيل المجرمين والبراءة منه، ولا أكتمك أني لست مستبشراً بواقع أهل السنة في لبنان حسب ما أرى الوضع اليوم، وخاصة بعدما قتل إخوانهم في نهر البارد، وما وقع هذا إلا بغطاء منهم وبمشاركة فعالة ضدهم، لكن باب التوبة مفتوح-إلا الذين تابوا وأصلحوا وبينوا- هذا هو شرط النصر.

      أهل السنة في لبنان تحت مطارق عدة : النظام النصيري السوري وعملاؤه، والحزب الشيعي ومن ورائه إيران، والدروز، والموارنة، ومصالح أمريكا، وكيد دولة يهود، ويقابله ضياع الهدف والبوصلة من قيادتهم التي ارتضوها لتمثيلهم.

      إن المستقبل يحمل في أحشائه الكثير، ونحن رأينا خلال سنوات عدة ومنظورة قد حصلت أمور عظيمة لم يكن أكثر الحالمين توقعاً لها، وبالتالي ما هو آت أشد، وما أقوله عن أهلنا في لبنان هو عين قولي لأهلنا في سوريا والأردن وجزيرة العرب، فإن زلازل عسكرية واجتماعية واقتصادية تؤذن عن نفسها وأنها آتية. فماذا أعددنا لها يا عباد الله؟!

* * *


    • السؤال: لنختم الحديث عن واقع بلداننا المشتعلة بالحديث عن أفغانستان، فهل من كلمة فيه؟


      الجواب:

      أفغانستان - ياأخي- لا أخاف عليه، فالمجاهدون فيه لهم طبائع خاصة هي الصبر وطول النفس، ومعارك التحرير على الدوام لا تهزم المحتل بل ترهقه وتوهنه من جميع أجزائه، وأمريكا قد دب فيها الوهن والإنحلال، وهن إقتصادي بديون مثقلة، وتشقق إجتماعي وسياسي، وبقيادة تعيش نبوءات كاذبة، كل هذه عوامل السقوط والتراجع، وفوكوياما قال بنهاية التاريخ، أي أن أمريكا لها سنة خاصة، فلن تبيد ولن تهرم ولن تهزم، فهي الوارثة للتاريخ، هذا ما يقوله فوكوياما، والله يقول: أكفاركم خير من أولئكم أم لكم براءة في الزبر، أم يقولون نحن جميع منتصر، سيهزم الجمع ويولون الدبر، وهذه آيات من سورة القمر-اقتربت الساعة وانشق القمر- وهي آيات مكية، كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين يقرؤها في مكة يقول: أي جمع هذا سيهزم؟ حتى رأى بأم عينيه الجمع حين هزم في بدر. هذا هو الكيد الإلهي.

      المعركة في أفغنستان سلاحها الصبر، والغريب لا روح له، وأهل أفغانستان يقتلون الناس بالصبر، ولو علمت كيف خرج الملا محمد عمر من قندهار عندما دخلت القوات الامريكية لذهلت وربما كذبت الخبر، فأفغانستان أرض العجائب، وشعبها زاهد لا يخافون سقوط العمارات الزجاجية، ولا تراجع أسعار النفط، ولا نزول البورصة، ولا يجلسون الساعات الطوال أمام الـسي سي إن، بل إن قائدهم ملا محمد عمر قال كلمته ومشى: هناك وعدان، وعد الله ووعد بوش،وأنا أثق بوعد الله. فدع المكر الإلهي يعمل عمله، وسترى العجائب.

* * *


    • السؤال: أبا قتادة! مضى ستون عاماً على النكبة وسقوط فلسطين بيد اليهود، فشردوا أهلها وأقاموا دولتهم، كيف ترى الوضع بعد هذه السنين، وهل أنت متفائل بالمستقبل لا سيما وأنك فلسطيني تود العودة لبلدك؟


      الجواب:

      أخي كما قدمت لك في وضع الصومال وقلت: إن الله إذا رحم أهل بلد أقام فيهم سوق الجهاد وهيأ لهم أسبابه، وأهل فلسطين قد أكرمهم الله بذلك، فهذه منحة إلهية للمسلمين فيها، وأنا لا أرى هذا بلاءً بل هو كما قال تعالى" ولما رأى المؤمنون الأحزاب قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله ومازادهم إلا إيماناً وتسليماً" وكون فلسطين هي عقدة الصراع بين أهل الإسلام وخصومهم فهذه كرامة إلهية، فلولاها لم يكن جهاد في أفغانستان اليوم ولا في العراق، لأن أساس حركة أمريكا في بلادنا هو لحماية دولة يهود مع مصالح أخرى كالنفط والنفوذ، وقضية فلسطين تجعل الأزمة كل يوم تتصاعد بيننا وبين خصومنا، لأنها قضية إعتقاد من كل الجهات، والعقائد عند أصحابها لا تصلح للتفاوض ولا للتنازل، ولذلك هذه معركة كلما قلت عنها خبت إزدادت أواراً واشتعالاً، وبقاء هذه القضية يحقق قدر الله بوجود التدافع في الأرض، ويحقق وعد الله بوجود الطائفة المنصورة في الأرض، وأن هذه الأرض المباركة لن تخلو من وجود أفراد منها، والمسلمون في فلسطين هم أهل رباط إلى يوم القيامة بثباتهم في أرضهم، وصبرهم على هذا الثبات، وتقديم أفواج الشهداء تلو الأفواج ثمناً لهذا الثبات، ولذلك هم أعظم الناس أجراً في هذا الباب، كما أن لهم فضل الإمامة في تحريض الأمة ومنع موتها وسكونها، فإن الأحداث في فلسطين كانت وستبقى على الدوام عامل تحريض وإيقاظ لهمم الأمة المسلمة في أقطار الأرض، والمسلمون يقيسون صدق الناس من خلال معيار هذه القضية وهذا معيار صحيح، ولذلك على أمتنا في فلسطين أن لا تنسى هذا كله وتستحضره في جهادها وثباتها، وعليهم أن لا يهتموا بصنائع قياداتهم العلمانية والعميلة أو المتخاذلة، فهؤلاء نكوصهم على أنفسهم لا على هذه القضية الإيمانية، فإن الشعوب المسلمة لو رفع عنها قهر طواغيتها لرأيت أفواج المجاهدين تتدفق على بيت المقدس وأكنافه، والشيطان وجنده يعرفون هذا، ولذلك أحاطوا الأرض المباركة بأنظمة مرتدة خائنة عميلة، وعلى رأسها النظام الاردني، وهذا النظام ككيان سياسي هو في الأصل جزء من مؤامرة الغرب على الارض المباركة، أنشئ لاستيعاب المهاجرين وتحقيق التفريغ السكاني ليقدم إليها اليهود من كل بلاد الأرض، منذ أول يوم لهذا النظام بقيادة عبد الله جد هذه العائلة وهو يمثل ركناً مجرماً ضد المسلمين، ولذلك لما جاء الحاج أمين الحسيني إليه ليطلب سلاحاً لأهل فلسطين لمقاتلة العصابات اليهودية المتفقة على فلسطين فأجابه هذا الطاغوت: لن أعطيك ولا رصاصة واحدة، ولذلك صرح حفيده الهالك الحسين بن طلال وهو يوقع معاهدة الذل مع أوليائه اليهود في باحة البيت الأبيض في أمريكا أن جده هو أول من من آمن بحق اليهود في فلسطين، فهذه عائلة خبيثة، والكلام ليس على أمتنا في الأردن فهم أهل صدق وإيمان فيما نحسب لكن الكلام على هذا النظام ولذلك يجب الحذر منه فهو من أكابر المجرمين، ومثله اليوم النظام المغربي والسوري واللبناني، لكن النظام الاردني هو الأشد خبثاً، ولذلك هو أول من أعلن عن تخليه عن قضية اللاجئين متبنياً وجهة القول اليهودي، وإن كان بعد ذلك قد تراجع لما رأى شدة الرفض لها.

      انا أؤمن أخي الحبيب أن قضية فلسطين اليوم لن تحل إلا بجيش إسلامي من خارج فلسطين، لكن العامل الاكبر في الإنتصار هو ثبات الاهل في أرضهم، وثباتهم على المبادئ وأن فلسطين هي أرض إسلامية كلها لا حق لمغتصب فيها، وأن هذه المعاهدات لا تساوي ثمن الحبر الذي تكتب فيه، وتصوري لهذا الحل-وهو جيش فاتح- يعني أن قضية فلسطين قدرها أن لا تحل حتى تقام دولة الإسلام حولها وتسقط الأنظمة المرتدة، إن جيشاً مصرياً إسلامياً وجيشاً شامياً إسلامياً هو الذي يحقق الوعد الإلهي ولا شك.

      والمسألة ليس إنتظاراً بل هي إعداد وعمل، وحركات الجهاد بفضل الله تقترب إلى هذا الوعد، وما الذي يحدث في العراق فيما أتصور إلا إرهاصاً لهذا، ودولة يهود كما حكى الله عنهم لا تقوم بذاتها:*إلا بحبل من لله وحبل من الناس* كما في سورة آل عمران، ولذلك هم يتحالفون مع الأقوياء دوماً، فدولتهم قامت على السلاح الشرقي، والدعم السياسي الغرب، ثم تحالفوا مع أمريكا تحالفاً عضوياً، ولولا الدعم المتواصل لهذه الدولة لسقطت سقوطاً حراً-كما يقولون في الفيزياء- لأنها لا تملك عوامل الحياة، ثم إن وجود هذه الأنظمة المرتدة التي تحيط بها وتقتل وتسجن وتطارد كل من يفكر بإيذائها هو الذي يجعل فيها الحياة، وليس قوتها الذاتية، وهم يعلمون ذلك، ويعرفون أنهم جسم غريب سيسقط بذاته إن ترك المعالجات الخارجية، والنسل فيها اليوم ليسوا كالآباء المؤسسين الأوائل، وامرها كما قال ابن خلدون في نشوء الدول وسقوطها، فهي تعيش وهن داخلي، وفساد قاتل من قادتها، ولا يشعر إلا القلة بالإنتماء إلى الأرض المقدسة، واليهود في فلسطين هم أكثر شعوب الأرض كفراً بالأديان كلها حتى بالدين اليهودي نفسه كما تقول مصادر الإحصاء الغربية، والجيش هناك إلى الآن لم يخض حرباً حقيقية وكل تجاربه السابقة في الحروب دلت أنه لا يمكن له أن يحقق بعض مقاصده إلا بخيانة منا وبدعم الغرب والشرق له، ولذلك فالمبشرات كثيرة وبحمد الله، وأنا لا أخاف من الزمن حين يكون الصراع بين الحق والباطل، فالصليبيون مكثوا أكثر من مئة عام في بلاد الشام ثم ذابوا كأمس الذاهب بل تقدم الإسلام إلى الأناضول ودخل أوروبا وفتحت القسطنطينية، وهكذا هو الشأن مع هذا الزمن وهذه الأمة.

      ما دام أمثال أم فرحات تلد، وما دام أمثال المعوق في بدنه كله سوى عقله ولسانه وقلبه أمثال الشيخ أحمد ياسين يكون في أمتنا فلا نخاف، هذا الذي أقوله لك قاله بن غوريون المؤسس، فإنه أدرك أنه يحارب شعباً في أرضهم، ومن يحارب أمثال هؤلاء سيهزم ولا شك هم لا يحاربون إرهابيين كما يصفهم الإعلام المأجور الخبيث بل يحاربون الناس في أرضهم، ولذلك قال بن غوريون وبالنص(( نحن هنا لا نجابه إرهاباً وإنما حرباً، وهي حرب قومية أعلنها العرب علينا، هذه مقاومة فعالة من جانب الفلسطينيين لما يعتبرونه إغتصاباً لوطنهم من قبل اليهود)) ثم عقب بقوله((الشعب اليوم يحارب ضد إغتصاب أرضه لن ينال منه التعب سريعاً)). هذه هي المعادلة في حقيقتها، ولكن يوقع بيننا –للأسف- من يدعو إلى الإستسلام واللحوق ببعض الحقوق قبل ضياعها، والقبول بالأمر الواقع، ويزعم هؤلاء أن التعب قد حل بإرادة الأمة، ولم يعد لها الصبر على هذا الواقع، وكل هذا كذب، فهم الذين يبغضون الجهاد، ويبغضون الشهادة، ولا يريدون قيادة الأمة لأهدافها فهم ينشرون الخذلان بخبث ومكر شيطاني، فالأمة لم ينفذ صبرها، ولم تفقد الإرادة بل هي على استعداد أن تقدم أمواجاً لا أفواجاً من الشهداء من أجل فلسطين، وأنت ترى كلما فتح باب للجهاد طارت زرافات من الأمة إليه، إلى أفغانستان والشيشان والبوسنة والعراق مع كل ما يوضع عليهم من قيود، ويحاربون به من وسائل، لكنهم يتفلتون بكل السبل، فكيف لو فتح الباب إلى الأرض المباركة فلسطين؟!

      الخلاص للقضية الفلسطينية اليوم وعداً هو خلاص المسلمين في العالم أجمع من طواغيتهم، ولذلك فكل جهد يبذله المسلمون خارج فلسطين سيعود أثر هذا الجهد على فلسطين وما ذلك على الله ببعيد." ويقولون متى هو قل عسى أن يكون قريباً"

      أخي عادل: الحديث عن هذه القضية لا يمل، ولا يكفي مهما تكلمت، ولكن يكفيني أني أشرت لبعض النقاط إشارة عابرة لمن يفهم ويعي، وأنا لا أتمنى لحماس أن تزول قيادتها عن شعبنا هناك، لكن بعض الوقائع تدل على أن دخولهم في سبيل الأعداء سيفقدهم هذه القضايا، ولذلك على الصالحين من أهلها أن يخرجوا من آخر التنظيمات التي تعجز عن مواصلة القيادة، أو يصيبها الخذلان والوهن في وسط الطريق، وعليهم أن يبقوا دائماً على المبادئ الأولى دون تحريف أو تأويل أو تقاعس، فحينها يعلم أهل الإسلام أن المرتدين من القيادة الخائنة في التنظيمات العلمانية كعباس وأمثاله هم يهود من جهة أخرى، حكمهم سواء، وأن يقبل بالتحالف مع هؤلاء أو يدخل في لعبتهم هو مخذول في قلبه مرض سواء كان من قيادة حماس أوغيره، فليس للمسلم إلا انتماءً لدينه، وهذه التنظيمات هي رايات لخدمة الحق فإن تخلت عنه كان الواجب الإنحياز إلى الحق، وهكذا يكون دليل الصدق مع الله، فانتساب حماس إلى القيادة التي حملت الجهاد في بدايته، وإلى الشهداء الذين سقطوا من أبنائها ليس بأولى من انتساب طاغوت الأردن إلى آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن الأمر كما قال تعالى في سورة النساء" فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكاً عظيماً*فمنهم من آمن به ومنهم من صد عنه وكفى بجهنم سعيراً" وقال تعالى في سورة الحديد" ولقد أرسلنا نوحاً وإبراهيم وجعلنا في ذريتهما النبوة والكتاب فمنهم مهتد وكثير منهم فاسقون"، وهذه من الإبتلاءات التي يبتلي بها العاملين في داخل الجماعات ليرى الله سبحانه وتعالى هل يتبع هؤلاء الحق أم قادتهم وتنظيماتهم.

      بالنسية للعودة لفلسطين، فأنا أتمنى الموت غريباً حتى لو عادت فلسطين، وهي ستعود بإذن الله وسيدخلها المؤمنون الصادقون وستزول هذه الدولة الخبيثة، وستكون فلسطين أرض رباط لكل أهل الإسلام لا لأهل فلسطين فقط، وأما موتي غريباً فأنا أحب قول النبي صلى الله عليه و سلم : اللهم امض لأصحابي هجرتهم، والإقتداء بهؤلاء محبوب إلى الله تعالى .

* * *


    • السؤال: لندخل في مواضيع أخرى، وهي منازل النوازل الحادثة في الأمة، وهي تحتاج إلى إجابة شرعية، ولنبدأ في موضوع الديمقراطية والإنتخابات البرلمانية، فأنت تعلم أن الكثير من العلماء يجيزونها بل يرى بعضهم الوجوب للمصالح التي تحقها، وجماعات الجهاد هي الأبرز في وصف إنتخابات البرلمان بأنها عمل كفري، فما هو الوجه الشرعي لهذا الأمر؟


      الجواب:

      أخي الحبيب عادل، لأبدأ معك بقضايا مهمة للوصول إلى معرفة حكم الله تعالى في الإنتخابات البرلمانية حتى يكون كل مسلم على بينة منه وفيه، ولا يبقى أسيراً لتقليد شيخ أو جماعة بلا معرفة لدليل قائله.

      أولاً أخي أقول: إن الإسلام لا يعرف في الحق أكثرية وأقلية، فقد تخطئ الأكثرية ويصيب القليل، فالعبرة بالدليل، فقولك إن كثيراً من العلماء والتنظيمات تجيز هذا الفعل لا يجعله أقرب للحق من غيره، ولذلك على صاحب الدليل أن لا يرهب الكثرة بل يؤمن ويعلن ما هو صواب عنده بدليله.

      الأمر الثاني: أن المتحدثين عن هذه الحادثة يقفزون إلى باب المصالح والمفاسد دون النظر إلى توصيفها الشرعي، وماهو تكييفها، وبذلك هم يخطؤون خطأً أصولياً واضحاً وصريحاً، فإن أي حادثة تحتاج إلى تصور لها ثم الحكم عليها في أصل وضعها، ثم يقال ما فيها من استثناءات وما يدخل عليها من ضرر أو مصلحة، ليقال فيها حكم إستثنائي على خلاف الأصل، فهذه هي الطريقة العلمية التي يعرفها طلاب العلم.

      الأمر الثالث: إن المسائل الشرعية تقام على الدليل لا على((الوسطية)) المزعومة التي تتبناها بعض أعلام الفقه المعاصرين، إذ أن هؤلاء يبحثون عن قول الفقيه((ميَسّر)) كما يصفون من يأخذون به تحت دعوى التيسير الذي أمر الله تعالى به، وهذا كذب على الشريعة لا يفعله إلا من هو متلعب بدين الله، بل إن امثال هؤلاء وصفهم الأقدمون من الفقهاء بالزنادقة، ومسألتهم هذه مبينة على تصويب المجتهدين، وقد قال بعض الأئمة كابن تيمية في كتابه الصفدية((إن هذا هو أساس الزندقة في دين الله تعالى))، ولكن هؤلاء يعتبرون قاعدة عبد الوهاب الشعراني في كتابه "الميزان الكبرى" حيث يصوب كل المجتهدين (كما يقوله له بعض الجبرية) ثم يجعل الأقوال طرفين ووسط، فجاء هؤلاء المعاصرون وفتشوا على هذه الطريقة وأخذوا بالطرف الأسهل في كل المسائل حتى لو خالف الدليل، وهذا انحراف جلي عن هدي القرآن والسنة.

      معرفة حكم الله في أي مسألة يوجب تصورها- والحكم على الشيء فرع عن تصوره-فما هي حقيقة الإنتخابات البرلمانية إذاً؟

      حكم الإنتخابات البرلمانية ليس بحثاً في آليتها وهو التصويت، وليس معرفة رأي الأكثرين في باب من التصرفات السياسة وغيرها، فلذلك من الخطأ الصريح الكلام عن الأولوية وهي الإنتخابات من وجه أنها معرفة رأي الأكثرية بالتصويت، ولكن حقيقتها هي: إنتخابات مشرّعين، يحلّون ويحرمون، يحسنون ويقبحون، فالإنتخابات ليس لمعرفة من سيحكم ويقود في أصلها ولكن هي تأليه أشخاص للتشريع، والتشريع يعرّف بأنه التحسين والتقبيح، فحين تقول إن شرب الخمر جائز فقد شرعت لنفسك ولمن يأخذ بقولك حكماً، وحين تقول إن الإجهاض محرم فقد قبحت هذا الفعل وجعلته حراماً، فأنت شرعت شرعة لك ولمن يؤمن بقولك، والبرلمان أو ما كان من أسمائه الأخرى في حقيقته الأولى هو لتعيين هؤلاء الذين يحسنون ويقبحون الأفعال والأقوال والإعتقادات، ثم يستمدون منه الحكام والقادة وغير ذلك.

      هذا الوصف لا يختلف عليه الناس، مؤمنهم وكافرهم، ولكن يحلو للمسلمين من مجيزي العمل البرلماني الديمقراطي أن يختاروا من هذا العمل بعض أجزائه الملحقة به قبل تعيين الحكومة مثلاً وهذا تجاوز عن الحقيقة.

      البرلمان سلطة الشعب، وأهم هذه السلطات هي السلطة التشريعية، ومنها يؤخذ بقية السلطات الأخرى كالتنفيذية والقضائية، وهذه السلطة يعبر عنها عندهم بقولهم: سلطة عليا لا سلطة فوقها.

      هذه السلطة في ديننا إن لم يجعلها المرء لله وحده فلا يكون مسلماً، لأن التشريع حق لله وحده وقال تعالى: ((أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله))((شرع لكم من الدين ما وصى به نوحاً والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى)) والآيتان في سورة الشورى، وإن القليل من التشريع كفر وردة كما قال تعالى في سورة المائدة((واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك)) ومطلق القاعدة في التشريع كفر"أي لو أطعت المشرع في القليل فإنه كفر" كما قال الله تعالى في سورة الأنفال((وإن أطعتموهم إنكم لمشركون)) وهذه من قواعد التوحيد ولا يصح إسلام المرء إلا بمعرفتها.

      فالإنتخابات البرلمانية هو أن يذهب المرء ليقول إنني أقبل بهذا الرجل مشرعاً يحل ويحرم لي، وأكرر أن هذا البرلماني له سلطات أخرى تتبع هذه الوظيفة، وهذا المرء البرلماني قبل أن يدخل في الإنتخابات مع غيره بأنه جاء لهذا المكان ليشرع للناس دينهم.

      بقيت هناك مسألة يستخدمها المسلمون في الدخول في هذه المصيبة، وهي قولهم: أنا أزكي مسلماً ليقول للناس حكم الله تعالى، وكذا يقول البرلماني: أنا جئت إلى هنا لأخبر الناس حكم الله تعالى. هذه هي أقوى حججهم، لكن لنرى التكييف الشرعي لهذه القضية.

      قال الله تعالى:" والله يحكم لا معقب لحكمه"ويقول"لا تقدموا بين يدي الله ورسوله" ولذلك فسلطة التشريع المطلقة يجب أن تكون لله تعالى، ولا يمكن أن يقال عن فعل ما إنه حكم الله تعالى حتى يأخذ صاحبه من مصدره الشرعي، وقبله لكونه جاء عن الله تعالى، فلو أن رجلاً قبح الخمر ومنعها كما حدث مرة في الولايات المتحدة الأمريكية فإنه لا يوجد مسلم عالم عاقل يقول إن هذا الفعل هو حكم الله تعالى، لأن الحكم الشرعي تعريفه : هو خطاب الله تعالى للمكلفين، فحكم الشرع له باعتبار مصدره كذلك، فحين يتبنى البرلمان حكماً يوافق الشريعة كتحريم الخمر فهذا لا يجعل هذا الحكم إسلامياً، لأنه لم يكتسب قوته من كونه صادراً عن الله تعالى بل لكون المشرعين(البرلمانيين) قد قبلوه ورضوه. ولذلك فانتخاب مسلم في البرلمان لا يغير الحقيقة الوصفية بأنه اتخاذ آلهة مشرعين من دون الله تعالى.

      الاحزاب الإسلامية ساوت بين حكم الله وأحكام البشر حين أخضعت الجميع لسلطة الطاغوت وهو الدستور والذي يعبر عنه بقولهم: هو سلطة عليا لا سلطة فوقه، وهي تقع في جريمة أخرى وهي أنها تعطي القوانين الكفرية مصدر قوة، ذلك لأن الديمقراطية في وضعها الأولي تقسم الفرقاء إلى أغلبية وأقلية، ووجودهما هو تحقيق لسلطة التشريع، فأي قانون يصدر باسم الجميع، أغلبية و أقلية، والأقلية تكسبه قوة بوجودها كما تكسبه الاكثرية سواء بسواء، لأن عدم وجود الأقلية هو فقدان لأركان الديمقراطية، والقوانين تصدر باسم الشعب وهو الإله في هذه الديانة التي تسمى بالديمقراطية.

      هذا هو تصورنا لحقيقة العملية الإنتخابية لما يقال له البرلمان، ومن أراد أن يخالف فليبدأ ها هنا قبل كل شيء آخر، أي قبل الحديث عن المصالح والمفاسد. ولكن للأسف هم يهربون من هذه القضية الأساس دوماً.

      نأتي الآن إلى بابهم وهو المصالح والمفاسد فنقول: إذا ثبت أن هذا العمل كفر وردة، وهو ناقض لإسلام الرجل، ومذهب لأصل إيمانه، فمتى يصح للمرء أن يفعله عالماً؟ وأنا أقول عالماً حتى يخرج الجاهل والمتأول والمخطئ، فإن هؤلاء معذورون لقوله تعالى:" ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ..." كما في سورة النساء، فشرط الرد على الله ورسوله ليقع العذاب هو العلم، ويبقى السؤال: متى يصح العمل الكفري للعالم به؟

      إن القرآن يجيب على هذا السؤال: فقط في حالة واحدة وهي الإكراه كما في قوله تعالى في سورة النحل "ومن كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ولكن من شرح بالكفر صدراً فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم".

      إذاً لا يجوز الحديث في باب الردة عن المصالح والمفاسد وغير ذلك، فهذه كلها لها دخل في أبواب أخرى في الفقه غير باب الكفر والردة، ولذلك أنا لا أدخل مع هؤلاء ولا أسمع لهم لما يقولونه من الفوائد التي تعود على المسلمين إن دخلوا البرلمان، أو ما هي المفاسد التي تقع بعدم دخولهم فيه، لأن هذا الباب لا دخل له في هذه المسألة. وهذا يعرفه صغار طلبة العلم قبل كبارهم، لكن هل يعني هذا أن ما يقوله هؤلاء المسلمون العاملون في البرلمان صحيح؟، وهل هي بحق مصالح للإسلام والسلمين؟ الجواب عندي بالقطع: أن كل هذه أوهام، وأن المفاسد أضعاف أضعاف ما يزعمون من مصالح .

      وقبل أن أترك هذه المسألة، وهي مسألة المصالح والمفاسد فإن في هذه القضية مسألة يجب على المهتمين بهذا الباب أن يعرفوها، فإنها تحتاج إلى أبحاث وأوراق كثيرة لكشف تلعب بعض من انتسب للفقه فيها، وهم يستندون على ما قاله الإمام الشاطبي في الموافقات، وعلى عبارة شهيرة لابن القيم في إعلام الموقعين" حيثما كانت المصلحة فثم وجه الله"، وهؤلاء يستندون على قاعدة المصالح والمفاسد في التحليل والتحريم هم بحق يتلعبون بدين الله تعالى، ويخوضون فيه بأهوائهم، ولو رجعت إلى الشروط التي وضعها الإمام الشاطبي في الموافقات للعمل بهذه القاعدة لرأيت كذب هؤلاء على الإمام الشاطبي، وأن ما يفعلونه من الفسق لا يمت إلى علم الفقه بصلة، وليس له استناد لقول فقيه من أمة محمد صلى الله عليه وسلم، أعني في قواعدهم الأصولية، وإن مما أدعو الله تعالى أن أحققه أن أتفرغ لهذه المسألة لأبين البون الشاسع بين هؤلاء المتلعبين وبين قواعد أهل العلم ومنهم الإمام الشاطبي، ولأضرب لك مثالاً واحداً هو ما يمكن أن يتسع له هذا اللقاء، فإن الإمام الشاطبي ذكر الإجماع في مقاصد الشريعة أن مصلحة الدين مقدمة على مصالح الدنيا، واحتج بأن الجهاد شرع للأمة بل هو واجب في بعض صوره مع ما فيه من إرهاق الأموال والانفس، ومفارقة الأهل والأرض. فلو تأملت هذه القاعدة وعرضت عليها صنائع هؤلاء لرأيت كيف أن هؤلاء يضيعون حق الله، حتى لو كان توحيده، مقابل مصالح شخصية أو لأفراد معينيين، لا تعود على الامة، ولو ذهبت أسوق لك الأمثلة لرأيت العجب العجاب من فتاويهم التي سماها أحد الإخوان بالفتاوي المتسيبة.

      حين نقول للناس هذا الكلام يرد علينا خصومنا أنتم متشددون، ونحن نقول: غفر الله لنا ولكم، والمسألة ليست أبداً بين متشدد ومتساهل وليتها كذلك لاخترنا السلامة واليسر، ولكن هذا هو دين الله نخضع له حيث ظهر لنا الدليل، ونقول: إن شرع الله أرحم وأيسر من كل شرائع الخلق حتى لو بدت في أعيننا سهلة ميسورة .

      ومع وضوح هذه المسألة وهو أن الإنتخابات البرلمانية عمل كفري يضاد الله في حقه في التشريع والحكم إلا أننا لا نكفر مخالفينا في هذه المسألة لأننا نعذر المتأولين الجاهلين، فهم عندنا جهلة، ولا يعرفون الحق، وشرط المشاقة كما تقدم من آية النساء-ومن يشاقق- هو التبيين، وهؤلاء جهلة، هذا في ظاهر الأمر عندنا، والله أعلم بالقلوب و النيات، وندعو لهم بالهداية والعودة للحق، لكن انظر إلى مخالفينا كيف يكذبون علينا ويطلقون علينا الأوصاف الكاذبة، فهم في واقعهم يتحالفون مع العلمانيين والمرتدين وإن جاء حديثهم إلينا كشروا عن أسنانهم ورمونا بأشد الأوصاف وأقساها، غفر الله لنا ولهم.

* * *


    • السؤال: ما هو الحكم الشرعي في دخول المسلم في جيش وشرطة البلاد التي تحكم بغير الشريعة أو المعروفة بموالاتها للكفار، وهل يجوز للمسلم أن يدخل في هذه الوظائف في الدول الغربية وأن يساهم في الحرب معهم كما أفتى البعض؟


      الجواب:

      يقول الله تعالى في سورة النساء" الذين آمنوا يقاتلون في سبيل الله والذين كفروا يقاتلون في سبيل الطاغوت " فهذه هي القاعدة القرآنية في حكم من يقاتل من أجل نصرة الطاغوت، والطاغوت هو كل ما عبد من دون الله تعالى من حجر أو بشر أو غيره، والذين يعبدون عيسى عليه السلام إنما يعبدون الشيطان ولا يعبدون عيسى عليه السلام، فمن قاتل لنصرة الطاغوت فهو كافر" الذين كفروا يقاتلون في سبيل الطاغوت" والقتال والنصرة باليد والسلاح هي من أعلى درجات الولاء، والله يقول" ومن يتولهم منكم فإنه منهم"، وإذا كان الجلوس مع الذين يستهزؤون بدين الله كفر وردة كما قال تعالى:" وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره، إنكم إذاً مثلهم، إن الله جامع الكافرين والمنافقين في جهنم جميعاً" النساء". فكيف من كان معهم يقاتل نصرة لهم ومدداً لقوتهم؟ فهذا لا شك في كفره وردته، وتصبح الردة مغلظة إذا قاتل تحت رايتهم ضد أهل الإسلام كمن يقاتل المسلمين في فلسطين أو العراق أو أفغانستان أو الشيشان أو الصومال، وهذه المسألة من الإجماع اليقيني الذي لا يسع المسلم مخالفته حين يعلمه، وهذه الأنظمة في بلادنا أنظمة ردة وكفر، وحكمهم هذا لم يعد يخفى إلا على جاهل أو منافق أو معاند، وشرطة وجيوش هذه الأنظمة ليس لها عمل في بلادنا إلا قتال المسلمين وملاحقتهم كما الحال في المغرب والجزائر وليبيا ومصر والأردن وسوريا والجزيرة، ولذلك لا يجوز للمسلم العمل في هذه الوظائف وإن مات وهو فيها فلا يصلى عليه لقوله تعالى في سورة براءة عمن هو أقل منهم في الفعل" ولا تصل على أحد منهم مات أبداً ولا تقم على قبره إنهم كفروا بالله ورسوله وماتوا وهم فاسقون" ولا يجوز لمسلم أن يزوجهم ابنته أو أخته، وعلى المرأة المسلمة أن تفارق هؤلاء إن كان أحدهم زوجها، هذا هو حكم الله، وهو قضية خطيرة لا يجوز للمسلم أن يتخذها هزواً أو يتساهل فيها.

      وأما ما سألت عنه من الدخول في جيوش الدول الكافرة الأصلية فهو لا يختلف في الحكم الذي تقول، وفتاوى العلماء السابقين في هذه النازلة قديمة، فقد قال علماء المغرب بهذا عندما كان الممثل الكافر يجند المسلمين هناك ليقاتلوا تحت رايته في بلاد أخرى، وفتاواهم في هذه المسائل فتاوى إجماع يقيني ليست من مسائل الإجتهاد أوالخلاف، أما ما ذكرت من بعض الفتاوى المعاصرة لبعضهم كما نسب للشيخ القرضاوي ومن معه كسليم العلواني وفهمي هويدي وطه جابر العلوي من جواز دخول المسلم مع الجيش الامريكي في قتال طالبان، وخففوا عليه بأن يسعى أن يكون ردءًا لا مباشراً، فابتداءً أنا لا أتصور مسلماً في قلبه ذرة إسلام أو إيمان يفتي بهذه الأقوال، لأن هذه الفتاوى ردة صريحة لا خلاف في ذلك، والقرضاوي وكذا جابر العلواني ولا أتصور أن يجهلا ذلك، وأما الآخران فيتصور فيهما الجهل إذ ليس من العلم في شيء،ولكن إن صحت هذه الفتوى عن المذكورين فلا ينجيهما إلا ما قال تعالى" إلا الذين تابوا وأصلحوا وبينوا" كما في سورة البقرة، والمسألة خطيرة، وهي تتعلق بدين المرء وعاقبته في الآخرة، فأن يكون المرء ذليلاً في الحق خيراً من أن يكون رأساً في الباطل، وليست العبرة في الخطأ ولكن في الإصرار عليه وعدم الإنابة إلى الله،وأنا قد سبق لي قبل السجن أن أطّلعت على شيء مما نسب إليهم، ورأيت فيما نسب إليهم كلاماً يبرأ عند الصغار لا العلماء، ولذلك فأرجو الله أن يكون هذا الكلام مكذوباً عليهم.

      وأصدقك أخي الكريم أني في صدمة من هذه الأسئلة، لأن الواجب على المسلمين جميعاً أن يكونوا مع المجاهدين، فينصرونهم ويدعون لهم، والمعصية الكبرى اليوم هو التخلف عنهم والقعود عن نصرتهم، فكيف يصبح السؤال عن جواز الدخول في صف أعدائهم وقتالهم؟! هذا لا يخطر ببال مسلم، بل إن دواب الأرض تأباه فكيف يقبله الإنسان بل أن يكون مسلماً؟! هذه قاصمة ولا شك تدل أن العلم قد ذهب وذهب أهله إلا قلة منهم.

* * *


    • السؤال: نعرف أن هناك على سبيل المثال كتيبة إماراتية تعمل في القوات الأجنبية في أفغانستان فما هو حكم هؤلاء؟


      الجواب:

      كون المرء عربياً أو عجمياً ليس يغير من الحكم الشرعي، فما تقدم من الحكم لا يتغير مع هؤلاء، ولكن حكم هؤلاء الردة بخلاف الامريكي أو البريطاني فهؤلاء كفار


        • السؤال: يوجد المسلمون اليوم في بلاد الغرب، وهنا تنتشر المحلات الكثيرة التي تبيع المحرمات كالخمور والميتة ولحم الخنزير، فهل يجوز للمسلم العمل في هذه المطاعم؟


          الجواب:

          لا يجهل الفقيه أن الله إذا حرم شيئاً حرم ثمنه، وقد أمر الله عباده بقوله"ولا تتعاونوا على الإثم والعدوان"، كما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن في الخمر عشرة، فبيع هذا محرم ولا شك في ذلك، وكذا حملها لمن يأكلها أو يشربها على وجه الإجارة أو الإحسان، كل ذلك محرم، وأما القول ان الأحكام الشرعية لا تسري في بلاد الكفر فإن هذا جهل في الشريعة، فإن الدار ليست وصفاً مؤثراً في هذه الأحكام، والإعتماد على فتاوى بعض أهل العلم هو تلعب كما قدمت لك سابقاً في قضية الدخول في الإنتخابات البرلمانية، فإن هذا تلفيق لا يقبله فقيه بدين الله تعالى، والغريب في هؤلاء الذين يفرقون بين الاحكام الشرعية بين دار الإسلام ودار الكفر، لا يقولون إن الغرب دار كفر، لأنهم يجبنون، فقط هم يقولون بهذا عندما يكون هذا الكلام خادماً لأهوائهم وفتاويهم، فيتخيرون من الكلام بعضه الذي يوافق أهواءهم كمن يقول"ويل للمصلين" ويقف، فيترك الصلاة، فنسأل الله العفو والعافية.

      صليون، والردة أغلظ كفراً من الكفر الأصلي كما هو مقرر في الفقه الإسلامي.

* * *

* * *


    • السؤال: انتشر بين المسلمين في الغرب جواز الربا، فأخذ الناس يقبلون على شراء البيوت وغيرها عن طريق ما يقال" المورتج"، فما حكم هذا؟


      الجواب:

      الرد على هؤلاء يحتاج إلى تفصيل لا تتسع له هذه المقابلة، والمشكلة ليست مع هؤلاء في الدين لكن في منهج الإفتاء والقول على الله والتوقيع عنه، وأنا ليس عندي أكثر مما قاله الشافعي في الرد على أبي حنيفة رحمهما الله في جواز الربا في دار الحرب فليرجع إليه، لكن هؤلاء ليسوا مع أبي حنيفة لأنهم لم يصححوا دليله واقتنعوا به، فقد قلت لك أنهم لا يقولون بأن الغرب دار حرب، بل يسمون تسميات مبتدعة معاصرة، بل إن بعضهم ينفي هذا التقسيم كله ويعتبرونه أقوال الفقهاء لا دليل لهم فيه -زعموا-، ثمّ إن هؤلاء كذلك يأخذون بزلات العلماء وسقطاتهم، والقدماء قالوا: من أخذ بزلة كل عالم تجمع فيه الشر كله، وفي قول لهم : فقد تزندق، وحجتهم الوحيدة هي التيسير، والتيسر بهذا المفهوم قول مكذوب لا يمت إلى الشريعة الربانية بصلة، فالدين هوالدليل، وما عليه الدليل هو التيسير، والسلف قالوا: إن التشدد يتقنه كل أحد، والفقه هو الآخذ بالرخص عن دليل، فالرخصة الشرعية هي التي معها الدليل، والعلماء يخطؤون، فليس كل قول تساهل فيه فقيه معه دليل معتبر، وهذا الأمر يعرفه صغار الطلبة، والأمر كله يرجع إلى تقوى الله ومراقبته في السر والعلن، وهذا أمر عبادة ودين وحساب يوم القيامة، فليراجع المرء نفسه.

      الربا حرام ملعون فاعله في دار الإسلام كما في دار الحرب هذا هو الحق الذي عليه الدليل، وقد أخبرني أحد الأخوان أن بعض الجهلة ممن يتزيا بالعلم وأهله أنه صحح حديث جواز الربا في دار الحرب، وهو حديث ضعيف باتفاق أهل الحديث، حتى محدثي الأحناف يردونه من جهة سنده، ولما طلبت منه أن يطلعني على ما كتبه هذا الرجل قال لي أنه لا يسمح لأحد أن يقرأه إلا في بيته، ولا يأذن بنشره، وهذا أول الضلال، فإن هذا الدين لا يصح فيه هذا الستر، لكن لما كان هذا الرجل يعرف نفسه -بل الإنسان على نفسه بصيرة- فخاف الفضيحة فحاول منع نشرها إلا على خاصته.

      ثمّ إني سمعت أحدهم وهو زكي بدوي في لقاء تلفزيوني يتحدث عن فتوى أخذ المورتيج، فرأيته يعلل عللاً لا يقول بها الصبية في المكاتب، كقوله: إن من يستأجر يدفع إجارة تفوق القسط الربوي، وفي النهاية لا تنتهي الإجارة بتملك والبيع الربوي ينتهي بتملك، والمصلحة تقتضي الثاني، فانظر إلى هذه الجهالات الغريبة، فهل زاد هذا الرجل عن قول من قال: إنما البيع مثل الربا، بل إن هذا جعل الربا خيراً من الإجارة، وبقاعدته هذا تبطل الإجارة عقلاً ويصح بيع الربا للمصلحة. فهذه هي عاقبة هؤلاء القوم.

      ليتق المسلم ربه وليقرأ عقوبة آكل الربا في الدنيا والآخرة، وليتذكر لقاءه لربه يوم القيامة وكيف سيدافع عن نفسه. هذا ما أنصح به السلمين الذين يذكرون الله والدار الآخرة، وأما أهل الفسق وأهل الهوى فلست عليهم بمصيطر.

* * *


    • السؤال: الواقع الإجتماعي في بلادنا الإسلامية يتردى، وخاصة ما كان متعلقاً بالمرأة فماذا تقول للفتاة المسلمة والمرأة المسلمة؟


      الجواب:

      أخي الكريم لو راجعت أولى القضايا التي حاربت عليها جبهة الكفر ضد أمتنا تراه في اتجاهين، الاول: هو المرأة، والثاني: هو الجهاد.

      المرأة في الحصن الداخلي والجهاد هو الحصن الخارجي، ولذلك منذ طلائع المعركة الأولى والشعار الكبير: تحرير المرأة، واليوم فمؤتمرات السكان الدولية التي تعقد في المشرق والمغرب.

      إنه ليس من الصدفة أن يحدثنا القرآن في سورة القصص عن معركة موسى ضد فرعون، والقرآن مراده بهذه المعركة بقوله: ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين. فتكون بداية هذا التحول في ميزان القوى من المرأة حيث يقول الله تعالى " وأوحينا إلى أم موسى أن أرضعيه فإذا خفت عليه فألقيه في اليم ولا تخافي ولا تحزني" فالمرأة هي أساس معركتنا مع خصومنا، ومعيار النصر والهزيمة يكون من خلالها، وهذا الكلام ليس للخطب والشعر بل هو الحقيقة التي يجب أن نلتفت لها، فأنت ترى الآن خيار الأمة من الرجال أين هم، إما في السجون والمعتقلات وإما مطاردون ومشغولون بالجهاد، فمن الذي يحمي الأسرة ويربي الأولاد ويعاني الامور الحياتية؟ إنها المرأة. وبحمد الله تعالى فإن الدعوة الإسلامية قد كسبت في معركة المرأة وإلى الآن، مع وجود بعض الإختراقات اليسيرة في تهوكها وإفسادها واتخاذها تجارة في سبيل إفساد.

      المعركة بدأت –أخي- أن أوضاع المرأة في أمتنا لم تكن إسلامية خالصة، فإن كثيراً من القيود الإجتماعية حول المرأة هي على الضد من شريعة الرحمن، مثل عدم تعليمها، وحرمانها من حقها في التملك، والنظرة المحتقرة لها، وانتشار الأمثال الجاهلية ضدها، هذا الوضع جعل للجاهلية الإباحية المعاصرة سبيلاً لبعض القبول من بعض المساكين، مع وجود أخباث شياطين قصدهم تعهير المرأة وتحولها إلى مومس وبضاعة، ولذلك علينا في هذه الدعوة أن نبرأ من هاتين الجاهليتين؛ الجاهلية الأولى والجاهلية الثانية، جاهلية القيوم الفاسدة، وجاهلية الإباحة والتفلت، والحق مع الإسلام، وهو احترام المرأة وتقديرها وحماية حقوقها في العلم والعمل الشرعي بضوابطه ومعه التملك والميراث وغير ذلك، وإن من الامور التي يجب محاربتها للتضييق على الشيطان سبله ودعوته هو تيسير المهور للزواج ورفع الشعار الإسلامي الرائع: أقلكن مهراً أكثركن بركة، فإن العنوسة شر مستطير يدمر كل المحاسن والخيرات، فتيسير المهور يقضي على العنوسة ولا شك، ثمّ تحطيم القيود الجاهلية الخبيثة كشرط الكفاءة في النسب، فهذا شرط باطل، فزينب بنت جحش القرشية تزوجها زيد بن حارثة المولى، ولذلك من الجرائم المعاصرة هو منع بعض الحكومات بنات جنسهم من الزواج من الأجنبي (زعموا فهكذا يطلقون على المسلم من غير بلدهم لجهلهم وعصبيتهم القبيحة) مع أن هذه البلاد وعلى الخصوص دول الخليج تنتشر فيها العنوسة كالنار في الهشيم، ويسيطر عليها الأجانب حقاً كالهنود المشركين، وإن حصل أن تزوجت مسلمة من تلك البلاد من مسلم في بلد آخر حرموا أولادها من الجنسية، وهذا مضاد لقوله صلى الله عليه وسلم:"ابن بنت القوم منهم" فألحق النبي صلى الله عليه وسلم الرجل بأخواله، فهذه قيود جاهلية، وقد رأينا من يرضى لابنته العنوسة ولا يزوجها لمسلم من غير بلده او قبيلته، وهؤلاء في الحق وصفهم الشرعي-أولياء معضلون- أي ظالمون، تسقط ولايتهم لظلمهم وسوء تصرفهم وسفاهتهم.

      المرأة هي مادة أمتنا وأي اختراق من جهتها هو هزيمة حقاً، ولذلك علينا أن نرعى هذا الجانب ونوليه اهتمامنا، قد نرى سقوطاً لبعض الرجال في هذا الطريق لكن لم نر إلى الآن سقوطاً لأخواتنا، بل رأينا الصبر والثبات والإيمان والعزيمة الصادقة، فأخواتنا وأمهاتنا في فلسطين آية من آيات الله في هذا كله، وإن بعضهم لا يعدلهن مئات الرجال المجاهدين في جهادهن وصبرهن وثباتهن، كما رأيت في أخواتنا في دول الخليج وعياً بين النساء أشد مما هو بين الرجال وطهارة قلب في نصرة المجاهدين ودعمهم مالم نر مثله بين الرجال، فالحمد لله رب العالمين، وأما في الغرب فإن نساء الإخوة العجم فيهن إسلام و إيمان ووعي قلما تجده بين الرجال، وأما نساء المهاجرين العرب فعلى الجملة هن أفضل وأطهر من رجالهن، وقد سمعت شكاوى كثيرمن النساء المسلمات في ضعف أزواجهن من جهة الدين، فهن ينتقدن رجالهن في هذا مما يدل على رفعة أخواتنا هنا أنهن بفضل الله خير من الرجال.

      إن الحق الذي يكنّه الشيطان وجنده للمرأة الملتزمة بدينها وحجابها يظهر لنا أهمية هذه المعركة، ولذلك فليس غريباً أن تقوم فرنسا بقضها وقضيضها لمحاربة الحجاب، وتسن القوانين لمنعه، ثم تتبعها الكثير من الدول الأوروبية في هذا المسلك الشيطاني، وكذا لو راقبت مؤتمرات الإسكان ومقدار ما يبذل لها من جهد لتدمير الأسرة والمرأة ستعرف أن هذه القلعة لها من الأهمية بمكان، فهذه معركة لا يجوز لنا أن نغفل عنها.

      يجب علينا أن نعلم المرأة لأن العلم هو الذي يحميها من السقوط، فإن المرأة الجاهلية عدوة لنفسها وزوجها وبيتها ومجتمعها، ويجب علينا أن ندافع عن حقوقها، وعلى الدعاة والعلماء والمشايخ والمتدينون أن يفرقوا بين عاداتهم الإجتماعية الجاهلية وبين الإسلام الصحيح، فإن باطل العادات الإجتماعية هو سلاح الجاهلية المعاصرة في معركة المرأة، فلماذا نسمع اليوم بزواج المسيار؟! وأنا لا أناقش حكمه هنا بل أتكلم عنه كظاهرة إجتماعية غير سوية لأن الأصل في الزواج الإعلان والإظهار،إن أسبابه هو الإنحراف الإجتماعي من غلاء المهور واشتراط الكفاءة في النسب، فانصرف الشباب عن الزواج وانتشرت العنوسة، وبالتالي كان رد الفعل هو هذا الزواج الأعرج المريض، وهذا زواج أعرج للمرأة حين تتقي ربها ولكن إن كانت الأخرى فالنتيجة جريمة كبرى ولا شك، ولذلك رأينا من بنات الملوك وعلية القوم من هربت مع كافر إلى بلده للزواج منه، والذين يتحملون كبر هذه المعاصي هم الآباء وأولياء الأمور.

      أنا أقولها بصدق: إن فشلنا في معركة المرأة فقد فشلنا في كل شيء، فابن الزنا لن يقوى على الصعود على المنبر، ولن يقوى على الجهاد، وزوج الزانية وكذا أخوها وأبوها لن يقوى على أي فضيلة مهما صغرت –فلا يدخل الجنة ديوث-.

      لأمهاتنا وأخواتنا وبناتنا المؤمنات كل الحب والإحترام والتقدير، وكذا لزوجاتنا الصابرات كل الحب والدعاء والشكر فلولاهن لن نكون شيئاً، ولن يكون لأبنائنا أي مستقبل قط.

      هذا هو فهمي لهذه القضية الخطيرة.

* * *


  • خـتـامــــــاً

    بعد تلك الإجابات والموضوعات التي تعرضنا لها من خلال حوارنا مع الشيخ أبي قتادة عمر محمود أبو عمر بقي أن أقول لقد كان عملاً صعباً لولا تيسير المولى عز وجل لما كان إنجاره. وقد يظن بعض الأخوة الكرام أن الوقت الذي نقضيه مع بعضنا البعض في السجن كثير والحقيقة أن الأمر ليس كذلك فكل من الأخوة الأفاضل عنده أعمال مختلفة فمنهم من يذهب للعمل بالورش ومنهم من يذهب للدراسة ومنهم من يعمل ويدرس والفترة التي نقضيها معاً ليست كثيرة فمنذ أن يغلق علينا في الساعة السابعة والعشر دقائق مساءً (وكلنا في زنازين إنفرادية) إلى الثامنة صباح اليوم التالي ثم يفتح علينا من الثامنة صباحاً حتى التاسعة وهي فترة للشاي والقهوة والفطور السريع ثم يذهب كل منا إلى برنامجه-العمل- الدراسة- الرياضة- الزيارة...إلخ ومن التاسعة إلى الحادية عشرة والنصف ثمّ نعود إلى العنبر الذي تقيم فيه حيث الغداء إلى الثانية عشرة والربع حيث يغلق علينا كل بمفرده إلى الساعة الثانية حيث يفتح علينا لنصلي جماعة ثم يذهب كل منا إلى عمله مرة أخرى من الثانية إلى الخامسة حيث نرجع ونصلي حسب التوقيت ثم يكون العشاء. وهذه الفترة يكون فيها الأخوة مجتمعين حتى السابعة والربع حيث ميعاد الغالق-ماعدا السبت والأحد فهي أيام عطلة وهكذا .

    حتى تعلموا كيف يعيش إخوانكم في سجنهم فالحمد لله الذي يوفقنا لمثل هذه الأعمال كي نقدم ما نستطيع أو نظن أنه قد ينفع أمتنا وإخواننا ونكون قد أدينا ما علينا من واجب في نصح المسلمين في قضايا قلّ من يتكلم فيها أو عنها .

    ولا يفوتنا التنبيه أن هذا الحوار قد ترجم إلى اللغة الإنجليزية من طرقنا وقد قام بهذا الجهد حسبة لله بعض الأخوة الكرام نسأل الله تعالى أن يجزيهم خيراً فقد واصل أحدهم الليل بالنهار لينتهوا من الترجمة والتي تعدت مائة صفحة من الورق الكبير (4A) بخط اليد وذلك ليستفيد منها إخواننا وأحبابنا الذين لا يتكلمون بالعربية.

    وللعلم فإن هذا الحوار هو الأول مع الشيخ أبوقتادة في السجن نسأل الله تعالى أن يكون الأخير ويفرج كربه قريباً.

    كما أنني أبشر الأخوة والأخوات بأن هناك حوارات أخرى على شرائط كاسيت أجريتها مع أبي قتادة تحوي سيرته الذاتية للتعرف عليه وعن مراحل حياته المختلفة حتى دخوله السجن.

    فاللهم انصر المجاهدين و فك أسر المأسورين وأعل كلمة الحق والدين وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

    الخميس جمادى الثاني 1429 للهجرة

    الموافق الخامس من يونيو 2008

tealscrollroses_small.gif

جمع وتنسيق النخبة للإعلام (تويتر)